عبير الروح
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
عبد الرحمن بن عبد الخالق
الإيمان حمد وتسبيح:
الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - يشتمل على أمرين: الحمد والتسبيح، فالحمد هو الثناء على الله - سبحانه وتعالى - بما هو أهله. والتسبيح هو تنزيه الله - جل وعلا - عما لا يليق به، ولا هو من صفته وفعله - جل وعلا -، وإن شئت فقل الإيمان نفي وإثبات: فالنفي معناه تنزيه الله عما لا يليق به، والإثبات هو الثناء على الله - جل وعلا - بما يتصف به من الصفات والأفعال والذات.
لا يحيط بالله علماً إلا الله:
فأما محامد الله - سبحانه وتعالى - فإنه لا يحيط بها إلا الله، لأنه لا يعلم من هو الله على الحقيقة إلا الله، وأما الخلق من الملائكة والجن والإنس فإن عقولهم لا يتسع علمها للإحاطة بالله علماً، قال - جل وعلا - عن ملائكته: {يعلم ما بين أيديهم ما خلفهم ولا يحيطون به علماً}.
فالملائكة المقربون بالله - جل وعلا - لا يحيطون علماً بالله، فالله - سبحانه وتعالى - أجل وأعظم وأكبر من أن يحيط أحداً علماً به، وأما هو - سبحانه وتعالى - فقد وسع كل شيء علماً فما من ذرة فما فوقها خلقها الله في السموات والأرض إلا وهو يعلمها منذ برأها، ويعلم كل ما يجري عليها من التصريف والتحويل لحظة بلحظة...قال - تعالى -: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}، بل وما لم يخلقه الله قد أحاط الله علماً به إذا كان كيف يكون.
وهذه الصفة وحدها من صفات الله كافية لإعلام العباد أن الله - سبحانه وتعالى - لا يمكن لخلقه أن يحيطوا علماً به، إذ كيف يمكن تصور علم الله للموجودات، وهذه الموجودات هي من الاتساع والكثرة، وتقلب الأحوال ما لا يمكن لعقل حدة أو معرفة مقداره، وهل يتسع عقل في السماوات والأرض أن يحيط علماً بهذا الكون الفسيح الذي لا يعلم البشر لليوم له نهاية وحدّاً... فإذا كانت عقول البشر لا تسع أن تعلم الموجود، فكيف تسع من وسع علمه كل الوجود {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير}. وقال - تعالى -: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه}. وقال - تعالى -: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً}، وقال - تعالى -: {وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه - سبحانه وتعالى - عما يشركون} فكيف يمكن للمخلوق الصغير الضعيف أن يحيط علماً بالإله العلي الكبير الذي مثل السموات والأرض في كفه - سبحانه - كخردلة في كف إنسان (ولله المثل الأعلى).
والذي قال عن نفسه: {يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين}.
قال الإمام البخاري - رحمه الله - في قوله - تعالى -{وما قدروا الله حق قدره} حدثنا آدم حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السموات على أصبع والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع فيقول: أنا الملك. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة}.
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر أبسط من هذا السياق وأطول فقال حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه - سبحانه وتعالى - عما يشركون} ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر [يمجد الرب نفسه أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم] فرجف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر حتى قلنا ليخرن به.
وقد رواه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث عبد العزيز بن أبي حازم زاد مسلم عن عبيد الله بن مقسم في هذا الحديث أنه نظر إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كيف يحكى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يأخذ الله- تبارك وتعالى - سمواته وأرضه بيده ويقول: أنا الملك ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
لا يبلغ أحدٌ ثناءاً على الله كما أثنى الله على نفسه:
فمن كانت هذه صفته أنى للعباد أن يحيطوا علماً به.. بل لا يعلمون من صفاته إلا ما أعلمهم، وما تستوعبه عقولهم، والله بعد ذلك أكبر وأجل وأعظم من أن يحيط أحد علماً به علي الصفة التي هو عليها - سبحانه وتعالى -، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أثنى على الله بما علمه الله - سبحانه وتعالى - يقول بعد ذلك: [سبحانك لا أحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك].
فإن العباد مهما قالوا من المدح والثناء على الله فإنهم لا يبلغون حقيقة ما يتصف به الله.
ويوم القيامة عندما يقوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للشفاعة بين يدي ربه- تبارك وتعالى -يلهمه الله من تحميده والثناء عليه شيئاً لم يكن يعلمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا.
والخلاصة أن معنى الحمد هو الثناء على الله بما هو أهله، وقد أنزل الله في الكتاب وعلى لسان الرسول من صفاته وأفعاله، ما عرفنا به - سبحانه وتعالى - عن نفسه من أنه الله الرب الرحمن الرحيم الملك القدوس البارئ المصور، من له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والمثل الأعلى.
والشهادة لله بما شهد لنفسه، وبما يشهد له به ملائكته ورسله، وأهل العلم من خلقه هو الإيمان، وهو معنى الحمد. قال - تعالى -: {شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم}.
هذا فيما يتعلق بالحمد ذكرناه على وجه الإجمال.
التسبيح هو الوجه الآخر للحمد:
وأما التسبيح فإنه الوجه الآخر للحمد، إذ معناه نفس كل صفات النقص عن الله تبارك وتعالى، وتنزيه الله عما لا يليق به - جل وعلا -، وما ليس من صفته وفعله وما يتنزه - سبحانه وتعالى - عنه، فكل صفة ثابتة لله - سبحانه وتعالى - فالله منزه عن ضدها من صفات النقص والعيب، فالله واحد منزه أن يكون له شبيه أو نظير.
كونه الرحمن الرحيم لا ينافي كونه شديد العقاب:
وهو الرحمن الرحيم منزه عن الظلم، وأما كونه - سبحانه وتعالى - شديد العقاب فهو لا ينافي ولا يضاد كونه - سبحانه وتعالى - رحماناً رحيماً، لأن لا يعاقب إلا من هو أهل للعقاب، ويضع - سبحانه وتعالى - رحمته فيمن يستحقها. قال - تعالى -: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم}.
فمغفرته - سبحانه وتعالى - للتائبين من عبادته ورحمته لأهل طاعته. قال - تعالى -: {عذابي أصيب به من أشاء، ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}.
الحي الذي لا يموت والقيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم:
والله - سبحانه وتعالى - هو الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم والعلي العظيم، الذي لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والغني الذي لا يفتقر إلى سواه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه فليس له من عبادة معين، ولا وزير، ولا وكيل، بل جميع خلقه في حاجة إليه وهو - سبحانه وتعالى - لا يحتاج أحداً من خلقه، وهو - سبحانه وتعالى - الجبار المتكبر الذي ذل له كل خلقه، وقهر كل ما سواه، والذي لا يقهره أحداً، ولا يكرهه أحد، ولا يجبره أحد - تعالى -الله أن يكون له من عباده مكره.
1- الألوهية أعظم صفات الحمد ونفي أضدادها أعظم معاني التسبيح:
الشهادة لله - سبحانه وتعالى - بأنه الإله وحده مقدمة علي جميع الصفات لأن كل الصفات راجعة إلى هذه الصفة، فإن الإله بمعنى المعبود لا يكون إلهاً حقاً إلا إذا كان يملك معبوده خلقاً وتصريفاً، وإحساناً وتربية ورزقاً، ولا يملك هذه إلا الله وحده... وأما غيره ممن ادعيت له الألوهية كالملائكة والرسل، والكواكب والجن والحجر، والشجر والحيوان، فإنها بذاتها مخلوقات لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً فضلاً أن تملكه لغيرها. ولذلك فمن عبدها من البشر فهو ظالم لأنه وضع العبادة في غير محلها {إن الشرك لظلم عظيم}، فمن عبد الملائكة مثلاً مهما ادعى فيهم فهو كافر مشرك لأن الملائكة خلق محتاج مربوب، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا يملكون لغيرهم نفعاً ولا ضراً إلا بإذن مولاهم، خالقهم. قال - تعالى -: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً - سبحانه -، بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}.
فمن عبد الملائكة ظاناً أنهم أولاد الله فهو مفتر كذاب قائل بالظن والتخبيط، ثم إن هؤلاء الملائكة هم عباد الله لا يتكلمون إلا بما يأذن الله لهم أن يتكلموا به، وهذا من كمال عبوديتهم لله {لا يسبقونه بالقول}، ثم هم مطيعون لأمره {وهم بأمره يعملون}، ثم إن ربهم وخالقهم يحيط علماً بكل عملهم وهم لا يحيطون علماً بالله. قال - تعالى -: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون
الإيمان حمد وتسبيح:
الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - يشتمل على أمرين: الحمد والتسبيح، فالحمد هو الثناء على الله - سبحانه وتعالى - بما هو أهله. والتسبيح هو تنزيه الله - جل وعلا - عما لا يليق به، ولا هو من صفته وفعله - جل وعلا -، وإن شئت فقل الإيمان نفي وإثبات: فالنفي معناه تنزيه الله عما لا يليق به، والإثبات هو الثناء على الله - جل وعلا - بما يتصف به من الصفات والأفعال والذات.
لا يحيط بالله علماً إلا الله:
فأما محامد الله - سبحانه وتعالى - فإنه لا يحيط بها إلا الله، لأنه لا يعلم من هو الله على الحقيقة إلا الله، وأما الخلق من الملائكة والجن والإنس فإن عقولهم لا يتسع علمها للإحاطة بالله علماً، قال - جل وعلا - عن ملائكته: {يعلم ما بين أيديهم ما خلفهم ولا يحيطون به علماً}.
فالملائكة المقربون بالله - جل وعلا - لا يحيطون علماً بالله، فالله - سبحانه وتعالى - أجل وأعظم وأكبر من أن يحيط أحداً علماً به، وأما هو - سبحانه وتعالى - فقد وسع كل شيء علماً فما من ذرة فما فوقها خلقها الله في السموات والأرض إلا وهو يعلمها منذ برأها، ويعلم كل ما يجري عليها من التصريف والتحويل لحظة بلحظة...قال - تعالى -: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}، بل وما لم يخلقه الله قد أحاط الله علماً به إذا كان كيف يكون.
وهذه الصفة وحدها من صفات الله كافية لإعلام العباد أن الله - سبحانه وتعالى - لا يمكن لخلقه أن يحيطوا علماً به، إذ كيف يمكن تصور علم الله للموجودات، وهذه الموجودات هي من الاتساع والكثرة، وتقلب الأحوال ما لا يمكن لعقل حدة أو معرفة مقداره، وهل يتسع عقل في السماوات والأرض أن يحيط علماً بهذا الكون الفسيح الذي لا يعلم البشر لليوم له نهاية وحدّاً... فإذا كانت عقول البشر لا تسع أن تعلم الموجود، فكيف تسع من وسع علمه كل الوجود {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير}. وقال - تعالى -: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه}. وقال - تعالى -: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً}، وقال - تعالى -: {وما قدروا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه - سبحانه وتعالى - عما يشركون} فكيف يمكن للمخلوق الصغير الضعيف أن يحيط علماً بالإله العلي الكبير الذي مثل السموات والأرض في كفه - سبحانه - كخردلة في كف إنسان (ولله المثل الأعلى).
والذي قال عن نفسه: {يوم نطوى السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين}.
قال الإمام البخاري - رحمه الله - في قوله - تعالى -{وما قدروا الله حق قدره} حدثنا آدم حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السموات على أصبع والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع فيقول: أنا الملك. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة}.
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر أبسط من هذا السياق وأطول فقال حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه - سبحانه وتعالى - عما يشركون} ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر [يمجد الرب نفسه أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم] فرجف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر حتى قلنا ليخرن به.
وقد رواه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث عبد العزيز بن أبي حازم زاد مسلم عن عبيد الله بن مقسم في هذا الحديث أنه نظر إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كيف يحكى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يأخذ الله- تبارك وتعالى - سمواته وأرضه بيده ويقول: أنا الملك ويقبض أصابعه ويبسطها أنا الملك حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
لا يبلغ أحدٌ ثناءاً على الله كما أثنى الله على نفسه:
فمن كانت هذه صفته أنى للعباد أن يحيطوا علماً به.. بل لا يعلمون من صفاته إلا ما أعلمهم، وما تستوعبه عقولهم، والله بعد ذلك أكبر وأجل وأعظم من أن يحيط أحد علماً به علي الصفة التي هو عليها - سبحانه وتعالى -، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أثنى على الله بما علمه الله - سبحانه وتعالى - يقول بعد ذلك: [سبحانك لا أحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك].
فإن العباد مهما قالوا من المدح والثناء على الله فإنهم لا يبلغون حقيقة ما يتصف به الله.
ويوم القيامة عندما يقوم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للشفاعة بين يدي ربه- تبارك وتعالى -يلهمه الله من تحميده والثناء عليه شيئاً لم يكن يعلمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا.
والخلاصة أن معنى الحمد هو الثناء على الله بما هو أهله، وقد أنزل الله في الكتاب وعلى لسان الرسول من صفاته وأفعاله، ما عرفنا به - سبحانه وتعالى - عن نفسه من أنه الله الرب الرحمن الرحيم الملك القدوس البارئ المصور، من له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والمثل الأعلى.
والشهادة لله بما شهد لنفسه، وبما يشهد له به ملائكته ورسله، وأهل العلم من خلقه هو الإيمان، وهو معنى الحمد. قال - تعالى -: {شهد الله أنه لا إله إلا هو، والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم}.
هذا فيما يتعلق بالحمد ذكرناه على وجه الإجمال.
التسبيح هو الوجه الآخر للحمد:
وأما التسبيح فإنه الوجه الآخر للحمد، إذ معناه نفس كل صفات النقص عن الله تبارك وتعالى، وتنزيه الله عما لا يليق به - جل وعلا -، وما ليس من صفته وفعله وما يتنزه - سبحانه وتعالى - عنه، فكل صفة ثابتة لله - سبحانه وتعالى - فالله منزه عن ضدها من صفات النقص والعيب، فالله واحد منزه أن يكون له شبيه أو نظير.
كونه الرحمن الرحيم لا ينافي كونه شديد العقاب:
وهو الرحمن الرحيم منزه عن الظلم، وأما كونه - سبحانه وتعالى - شديد العقاب فهو لا ينافي ولا يضاد كونه - سبحانه وتعالى - رحماناً رحيماً، لأن لا يعاقب إلا من هو أهل للعقاب، ويضع - سبحانه وتعالى - رحمته فيمن يستحقها. قال - تعالى -: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، وأن عذابي هو العذاب الأليم}.
فمغفرته - سبحانه وتعالى - للتائبين من عبادته ورحمته لأهل طاعته. قال - تعالى -: {عذابي أصيب به من أشاء، ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}.
الحي الذي لا يموت والقيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم:
والله - سبحانه وتعالى - هو الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم والعلي العظيم، الذي لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والغني الذي لا يفتقر إلى سواه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه فليس له من عبادة معين، ولا وزير، ولا وكيل، بل جميع خلقه في حاجة إليه وهو - سبحانه وتعالى - لا يحتاج أحداً من خلقه، وهو - سبحانه وتعالى - الجبار المتكبر الذي ذل له كل خلقه، وقهر كل ما سواه، والذي لا يقهره أحداً، ولا يكرهه أحد، ولا يجبره أحد - تعالى -الله أن يكون له من عباده مكره.
1- الألوهية أعظم صفات الحمد ونفي أضدادها أعظم معاني التسبيح:
الشهادة لله - سبحانه وتعالى - بأنه الإله وحده مقدمة علي جميع الصفات لأن كل الصفات راجعة إلى هذه الصفة، فإن الإله بمعنى المعبود لا يكون إلهاً حقاً إلا إذا كان يملك معبوده خلقاً وتصريفاً، وإحساناً وتربية ورزقاً، ولا يملك هذه إلا الله وحده... وأما غيره ممن ادعيت له الألوهية كالملائكة والرسل، والكواكب والجن والحجر، والشجر والحيوان، فإنها بذاتها مخلوقات لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً فضلاً أن تملكه لغيرها. ولذلك فمن عبدها من البشر فهو ظالم لأنه وضع العبادة في غير محلها {إن الشرك لظلم عظيم}، فمن عبد الملائكة مثلاً مهما ادعى فيهم فهو كافر مشرك لأن الملائكة خلق محتاج مربوب، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا يملكون لغيرهم نفعاً ولا ضراً إلا بإذن مولاهم، خالقهم. قال - تعالى -: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً - سبحانه -، بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}.
فمن عبد الملائكة ظاناً أنهم أولاد الله فهو مفتر كذاب قائل بالظن والتخبيط، ثم إن هؤلاء الملائكة هم عباد الله لا يتكلمون إلا بما يأذن الله لهم أن يتكلموا به، وهذا من كمال عبوديتهم لله {لا يسبقونه بالقول}، ثم هم مطيعون لأمره {وهم بأمره يعملون}، ثم إن ربهم وخالقهم يحيط علماً بكل عملهم وهم لا يحيطون علماً بالله. قال - تعالى -: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون
- مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه جل وعلا
- احمد الله جل وعلا والهج بذكره وشكره
- المعنى السياسي في العيد
- من فتاوى الشيخ (الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ) اسكنه الله فسيح جناته
- الخلود الأبدي لأصحاب الجنة والنار 02/05/2009 عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا ؟..
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى