لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

الأخوة الإيمانية Empty الأخوة الإيمانية {الأحد 28 أغسطس - 9:16}

إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ , ونستغفرهُ , ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا , منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ , ومنْ يُضلل فلا هاديَ له ، وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله .( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ]آل عمران:102[ .( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ] النساء:1[.( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) ]الأحزاب:70-71[.

أما بعد : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها , وكلَّ محدثةٍ بدعة , وكلَّ بدعةٍ ضلالة , وكلَّ ضلالةٍ في النار ..

أما بعدُ ، أيها المسلمون :

فإنَّ ما نراهُ في واقعنِا الاجتماعيِ اليوم ,من تسلطِ الأقوياءِ على الضعفاء ,واستغلالِ المترفينَ لطبقةِ الكادحين , وما نراهُ من الغلِّ والحسدِ ، والبغيِ والظلم ,وبخسِ الناسِ أشياءَهم ,إلى آخرِ القائمةِ الطويلةِ من الأورامِ الاجتماعية, والتجاوزاتِ الأخلاقية , فإنَّ ذلك كلَّهُ نتيجةٌ طبيعية , ناتجةٌ عن غيابِ مفهومِ الأُخوةِ الإيمانية , وغيابِ مفهومِ الجسدِ الواحد ,عن واقعِ المسلمين, وحياتِهمُ اليومية ,وستظلُ الأورامُ الاجتماعيةُ آخذةً في الاستفحالِ, يوماً بعد آخر , وستظلُ سلسلةُ التجاوزاتِ الأخلاقيةِ آخذةً في الاتساعِ ، شيئاً فشيئاً , ما دام ذلكَ المفهومُ هامشياً في دورهِ , متباطئاً في حضورهِ ولا تسلْ بعد ذلك ,عن حجم التصدعاتِ والتشققاتِ ، في بنيةِ المجتمعِ وكيانه .

أيها المسلمون ,لقد عُني النبيُ صلى الله عليه وسلم عنايةً خاصة ,بإقامةِ الرابطةِ الأَخويةِ الإيمانية ، بين أبناءِ مجتمعهِ الأول. فكان على رأسِ سُلَّمِ أولوياتهِ عليه الصلاة والسلام, وهو يشقُ خطواتهِ الأُولى فوق أرضِ المهجرِ, كان على رأسِ أولوياتهِ, إقامةُ جسورِ المحبةِ ,والاحترامِ المتبادل ,وعقدُ رباطٍ متينٍ من المؤاخاةِ بين الفئتينِ الكبيرتينِ المهاجرينَ والأنصار , وما ذلكَ إلا لإيمانهِ الراسخ ، بأهميةِ التآخي بين عناصرِ المجتمعِ الإسلامي , وأنه أحدُ عواملِ استقرارِ الدولة ، لا سيما في أيامِ نشأتِها الأولى ، ولقد ساهمَ عاملُ المؤاخاة ،بين عناصرِ المجتمعِ الإسلاميِ الأول ، ساهمَ بفعاليةٍ مُدهشة في نجاحِ الدولةِ الإسلاميةِ في المدينة ، وقيامِها بأعبائِها الكثيرة ,وواجباتِها المتعددةِ ,وتجاوزِها لمعضلاتِها الصعبة ، وكان عاملُ المؤاخاة ، سبباً رئيساً ,في تحقيقِ الاستقرارِ الداخليِ للدولةِ آنذاك ، وسلامتِها من الاضطرابِ والقلاقل ,ومن ثمَّ انتقائها إلى مرحلةِ تصديرِ الدعوةِ إلى خارجِ الحدودِ ، وإحياءِ فريضةِ الجهادِ المقدس . لذا يُخطئُ من يظنُ أنَّ بإمكانِ أي دولةٍ في الوجود, أن تحققَ استقراراً ثابتاً في الداخل أو انطلاقةً مأمونةَ العواقبِ في الخارجِ ، ما لم تتحققْ الأخوةُ الإيمانيةُ الكاملةُ بين أبنائِها . وأنَّه مهما يكن من استقرارٍ ,أو نجاحٍ بدون تلكَ الرابطةِ الأَخوية ,فإنما هو استقرارٌ مؤقت ، ونجاحٌ مبتور ,ووضعٌ متأزم ، قابلٌ للانفجار في ساعةٍ من ليلٍ أو نهار .

أيها المسلمون ، وفي غمرةِ انقلابِ الموازين ، وانتكاسِ المفاهيم ، ظنَّ الكثيرون ، أنَّ الأُخوةَ التي يُحبُ من أجلِها, ويُبغضُ ,ويُوالى من أجلِها ويُعادى ، هي أُخوة النسب ، أو اللغةِ أو المنشأِ ,والوطن ، حتى وإنْ تباينتْ العقائد ، أو حدثَ الانفصامُ النكد ، في المبادئِ, والتوجهات. ولذا وجدنَا القرآنَ الكريم , ينزلُ مصححاً, ومصوباً لذلكَ الفهمِ المنكوس , وفي الوقتِ ذاتهِ, محذراً, ومتوعداً من مغبةِ ذلكَ التوجهِ المنحرف .

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [ (التوبة:23) إنَّه خطابٌ مُخيف ، تَلمسُ فيه نبرةَ التهديدِ, والوعيدِ ، قويةً مُدوية .إذ لا قيمةَ للأبوةِ ,ولا للأُخوة ، عندما يُطلُ الكُفر بوجههِ البشعِ البغيضِ !!ومثلُه ، أو أشدُّ منه ، قوله تعالى : ] لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [ ولا يفوتنَّك أخي المسلم ، وأنتَ ترى القرآنَ الكريم ، يُلغي كلَّ علامةِ مودة بين المسلمِ, والآخرين ، وإن كانوا أقربَ قريب, ما دامَ الإيمانُ غائباً ,والعقيدةُ ملوثة ..لا يفوتنَّك أن تلحظَ أن التهديدَ موجهٌ لمن يتخذونَ قرابةَ النسبِ أولياءَ, وأحباباً ، فكيف بمن يتخذون شياطينَ الإنسِ والجن ، من كفرةٍ, ومنافقينَ, وزنادقةٍ, وملحدين كيف بمن يتخذُ هؤلاء إخواناً, وأحباباً, وأشقاء ؟

أيها المسلمون ، واشتراطُ القرآنِ الكريمِ ,لعلاقةِ المؤاخاة ، أن تكونَ إيمانيةً جملة, وتفصيلاً ليس ناتجاً عن فراغٍ ، ولكنْ للجزمِ اليقيني ، أنَّ أيَّ علاقةٍ تنشأُ بين فردٍ, وآخر ، أو بينَ جماعةٍ, وأخرى ، فهي عرضةٌ للشقاقِ والانفصام ، متى كانَ الدافعُ في نشأتِها ، هو المصلحةَ الدنيوية, أو المنفعةَ الأرضية ,وحتى أُخوةُ الدمِ ,والنسب ، ليست بمنأى عن التعرضِ للانهيار ، متى غابَ الإيمانُ ، أو اختلَّ توازنه . خذْ الحادثةَ الشهيرة ، التي سجلَ القرآنُ الكريمُ وقائعَها, وملابساتِها ، كشاهدٍ قوي ، لما سبقَ تقريرُه !!

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

تُرى ما الذي دفعَ ذلكَ المجرم ، إلى سفكِ دمِ أخيه ، ما الذي جرَّأه على ارتكابِِ أولِ جريمةِ قتلٍ ، وأولِ حادثةِ إراقةِ دمٍ بلا مبرر ؟!ألم يكنْ القاتلُ أخاً للمقتول ؟!ألمْ تكنْ علاقةُ الأخوةِ قائمةً بين الطرفين ؟! بلى . بلى ولكنها لم تكنْ أخوةً إيمانية ، فقد كان هناك نقصٌ شديدٌ في الإيمان وانحسارٌ عجيبٌ في التقوى !

وهؤلاء إخوةُ يوسف عليه السلام . ما الذي جرَّأهم على تغييبِ أخيهم , في ظُلمةِ البئر, وغياهبِ الجب , وإحراقِ دمِ أبيهم ,وإسخانِ دمعتهِ قُرابةَ أربعينَ عاماً ؟ ما الذي جرَّأهم على ذلك , مع أنهم إخوةٌ لأب ؟ ويعيشونَ تحتَ سقفِ بيتٍ واحد .إذاً فأخوةُ النسب, أو المنشأِ, أو الوطنَ ليست سياجاً واقياً ,وليست إطاراً مأموناً يحمي العلائقَ بين النَّاس ,من التصدعِ والانهيار ، أو الكراهيةِ والبغضاء ، أو العداوةِ والخصومةِ .

وهاكَ أخي المسلم مثالاً آخر ، يتبّينُ من خلاله ، أيَّ بشاعةٍ يتصفُ بها الإنسان ، وأيَّ انحدارٍ في إنسانيته ، يَنزلقُ إليه ، حين يخبو داعي الإيمانِ في القلب ، وينعدمُ الإحساسُ بحقوقِ الآخرين, وتتغلبُ الأَثرةُ على الإيثار ؟! )وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاط * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [!!أيُ أنانيةٍ هذه , أيُ أَثرةٍ هذه !! يمتلكُ تسعاً وتسعين نعجة ، وبدلاً من أن يتنازلَ لأخيه ، عن بعضِ نِعاجه ، ليؤنّسَ وحشةَ نعجتهِ اليتيمة ، إذا به يسألُ أخاهُ وحيدَته من النِعاج, ليمتلكَ كلَّ شيء ويفقدَ أخوهُ كلَّ شيء ! أيُ أخوةٍ هذهِ. إذاً التي تحرمُ الأخُ من امتلاكِ ما يسدُ الرمق ، ويخفف شدَّة الظمأ .وفي مقابلِ هذهِ النماذجَ المتهالكة ، تطالعُك تلكَ القُمم الساقمة والقدواتُ النادرة ، تُطالعك المثالية ، وقد أصبحتْ واقعاً ملموساً في تعاملِ الأنصارِ مع إخوانِهم المهاجرين وستظلُ تعجبُ, وتعجب ، ولا ينقضي عجبُك ، وأنت تقرأُ في سيرِهم ,وتتساءلُ بدهشة . أيُ إيثارٍ هذا الذي قدَّموه ؟!وأي معروفٍ هذا الذي صنعوه ؟!وأي إحسانٍ هذا الذي بذلوه ؟!حين قامَ قائمُ المؤاخاة ، على تقوى من اللهِ ورضوان .أخرجَ البخاريُ في صحيحه من حديثِ أنسٍ t قال: « قَدِمَ علينا عبدُ الرحمنِ بنُ عوف وآخى النبيُ صلى الله عليه وسلم بينَه وبينَ سعدِ بنِ الرَّبيع ، فقال سعدٌ قد علمتْ الأنصار أنِّي من أكثرِها مالاً , سأقسمُ مالي بيني وبينكَ شطرين !!ولي امرأتان فانظرْ أعجبهما إليك فأطلقُها حتى إذا حلتْ تزوجتَها ، فقال عبدُ الرحمن ، باركَ اللهُ لك في أهلِك, ومالك ، أين سوقُكم ,دلُّوني على السوق ([1]).انظرْ يرحمُك الله , إلى أيِ حدٍ وصلتْ أخلاقياتُ القوم ! وإلى أي مدىً بلغهُ إيثارُهم لإخوانِهم !يعرضُ سعدٌ ,نصفَ مالهِ ,نصفَ ثروته ,التي جمعَها بكدِّه وعرقه ,ولمْ يجمعْها بوسيلةٍ أخرى , ويعرضُ إحدى زوجتيه ليطلقَها, ويتزوجَها أخُوه الأعزب ,بكلِّ طيبةِ نفس , وبكلِّ استعلاءٍ على شهوةِ التملك , وتقديسِ الذات . ابتغاءَ ما عندَ اللهِ من الأجر والمثوبة !!

أولئك آبائي فجئني بمثلهم **** إذا جمعتنا يا جرير المجامع

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى .. , وبعد

أيُّها الأخُ الحبيب , وقدْ تذكرت الآن , أهميةَ الرابطةِ الأخويةِ الإيمانية بينك وبين إخوانك في العقيدة ,فتذكرْ أنَّ لإخوانك عليك حقاً ,فأرخِ السمعَ غيرَ مأمور ,واستحضرِ القلبَ غير مجبور ،فأولُ واجباتِك تُجاه أخيك ، بذلُ النصحِ له ,وتسديدُه, وتقويمُه ,والصدقُ له في الرأيِ والمشورة ,عندَ البخاري من حديثِ عونِ بنِ أبيِ جُحيفة عن أبيهِ قال : آخى النبيُ صلى الله عليه وسلم بين سلمانَ وأبي الدر داء ، فزارَ سلمانُ أبا الدر داء ، زيارةً لله وفي ذات الله – فرأى أمَّ الدر داء متبذلةً فقال : ما شأنُك ؟ قالتْ أخوكَ أبو الدر داء ليس لـه حاجةٌ في الدنيا ، فجاء أبو الدر داء فصنعَ له طعاماً فقالَ له سلمان : كلْ معي يا أبا الدر داء . قال : إنِّي صائم .قال سلمان : ما أنا بآكلٍ حتى تأكلْ , فأكلَ ، فلما كانَ الليل ، ذهبَ أبو الدر داء ، يقومُ ليصلي صلاةَ التهجد ، فقال له أخُوه الناصحُ الأمين سلمان : نمْ يا أبا الدر داء ، فنام ، ثم ذهبَ أبو الدر داء ليقوم ، فقال لـه سلمانْ : نمْ يا أبا الدر داء فنامْ ، فلما كانَ من آخرِ الليل قال سلمانْ ، قمْ الآن يا أبا الدر داء ؟فقاما معاً فصليا ، فقال له سلمان لأبي الدر داء إنَّ لأهلك حقاً, ولنفسك عليك حقاً ., فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ,صَدَقَ سلمان [2] . أرأيت أخي المسلم كيف تكون الأخوة في الله ؟ وكيف تكون النصيحة للأخ في الله ؟

ومن الواجبات كذلك ما جاء في الحديث الصحيح : « حقُّ المسلم على المسلم ست قيل ما هن يا رسول الله قال إذا لقيته فسلم عليه, وإذا دعاك فأجبه, وإذا استنصحك فانصح لـه, وإذا عطس فحمد الله فشمته, وإذا مرض فعده, وإذا مات فاتبعه » [3] رواه مسلم وغيره .

وحبسنا مّما ذكرنا هذه الإشارات ففيها تذكرة لكل عبد منيب, والله المسوؤل أن يصلح أحوال المسلمين, ويجعلهم جسداً واحداً, متحابين في جلاله . متنعمين برحمته, ورضوانه ، متغييئين جميل كرمه, ونعمائه .

اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا ، وتلم بها شعثنا ، وتذهب بها الفتنة عنّا .

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين, وقاعدين, وراقدين, ولا تشمت بنا العداء الحاسدين, برحمتك يا أرحم الراحمين .

[1] ـ رواه البخاري ورقمه (1944) .
[2] ـ رواه البخاري (5788) .
[3] - رواه مسلم (2162) .


الأخوة الإيمانية

الدكتور رياض بن محمد المسيميري
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى