حبيبه الرحمن
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ / عبد الله بن محمد البصري
فضل بلاد الشام وكفر النصيرية الطغام
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَاتَّقُوا اللهَ [وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ]
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الأُمَّةُ الإِسلامِيَّةُ اليَومَ جَسَدٌ مُثخَنٌ بِالجِرَاحِ ، تَوَالَت عَلَيهِ الطَّعَنَاتُ مِنَ الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ ، وَتَتَابَعَت عَلَيهِ النَّكََبَاتُ مِن قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ ، وَبَينَمَا يَشتَكِي بَعضُ أَجزَائِهِ عَدَاوَةَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالمُلحِدِينَ ، تَتَحَمَّلُ أَجزَاءٌ أُخرَى مَا تَتَحَمَّلُ مِن غَدرِ البَّاطِنِيَّةِ والمُنَافِقِينَ . وَإِنَّ لِبِلادِ الشَّامِ مِن ذَلِكَ نَصِيبًا كَبِيرًا ، إِذْ مَا زَالَت تَشكُو إِلى اللهِ يَهُودًا في فِلِسطِينَ يُدَنِّسُونَ مَسرَى رَسُولِهِ ، وَرَافِضَةً وَنُصَيرِيَّةً وَدُرُوزًا في سُورِيَّةَ وَلُبنَانَ يُحَارِبُونَ أَولِيَاءَهُ ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِم يَتَرَبَّصُونَ بِالمُسلِمِينَ الدَّوَائِرَ وَيَبغُونَهُمُ الفِتنَةَ لا يَعلَمُهُم إِلاَّ اللهُ ، وَبَينَ هَذَا وَفي ثَنَايَاهُ ممَّا يَزِيدُ الأَمرَ سُوءًا ، تَنَازُلُ بَعضِ الشَّامِيِّينَ عَن مَبَادِئِهِم ، وَغَفلَتُهُم عَن مَصدَرِ عِزِّهِم ، وَاشتِغَالُهُم بِالشَّهَوَاتِ عَلَى اختِلافِ أَنوَاعِهَا ، في أُمُورٍ قَد تَقذِفُ بِاليَأسِ في قُلُوبِ بَعضِ المُؤمِنِينَ ، فَيَظُنُّونَ أَنَّ دَولَةَ البَاطِلِ في تِلكَ البِلادِ سَتَظَلُّ أَمَدًا طَوَيلاً ، في حِينِ أَنَّ العَكسَ مِن ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ بِإِذنِ اللهِ ، إِذْ صَحَّتِ الأَحَادِيثُ وَالآثَارُ في فَضلِ الشَّامِ وَأَهلِهِ ، بما يَدفَعُ المُؤمِنِينَ لِلتَّفَاؤُلِ وَيَزِيدُهُم ثِقَةً بِنَصرِ اللهِ ، فَالشَّامُ أَرضٌ مُبَارَكَةٌ ، وَفِيهَا أَجزَاءٌ مُقَدَّسَةٌ ، وَصَفَهَا بِذَلِكَ اللهُ الَّذِي يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ ، وَدَعَا لَهَا بِالبَرَكَةِ مُحَمَّدٌ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ ، وَأَخبَرَ أَنَّ فِيهَا صَفوَةَ بِلادِ اللهِ وَمُهَاجَرَ خِيرَةِ عِبَادِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ عَلَى لِسَانِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : [يَا قَومِ ادخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ الَّتي كَتَبَ اللهُ لَكُم] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ عن إِبرَاهِيمَ وَلُوطٍ ـ عَلَيهِمَا السَّلامُ ـ [وَنَجَّينَاهُ وَلُوطًا إِلى الأَرضِ الَّتي بَارَكنَا فِيهَا لِلعَالمِينَ] وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : [وَلِسُلَيمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجرِي بِأَمرِهِ إِلى الأَرضِ الَّتي بَارَكنَا فِيهَا] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : [سُبحَانَ الَّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ لَيلاً مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ إِلى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذِي بَارَكنَا حَولَهُ] وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ : «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَامِنَا» وَعَن وَاثِلَةَ بنِ الأَسقَعِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : «عَلَيكُم بِالشَّامِ ؛ فَإِنَّهَا صَفوَةُ بِلادِ اللهِ ، يُسكِنُهَا خِيرَتَهُ مِن خَلقِهِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي الشَّامِ خَيرُ جُندِ اللهِ ، صَحَّ بِذَلِكَ الخَبَرُ عَن عَبدِاللهِ بنِ حَوَالَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «سَتُجَنَّدُونَ أَجنَادًا ، جُندًا بِالشَّامِ وَجُندًا بِالعِرَاقِ وَجُندًا بِاليَمَنِ» قَالَ عَبدُاللهِ : فَقُمتُ فَقُلتُ : خِرْ لي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ : «عَلَيكُم بِالشَّامِ ، فَمَن أَبى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَليَسْقِ مِن غُدُرِهِ ، فَإِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَد تَكَفَّلَ لي بِالشَّامِ وَأَهلِهِ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي الشَّامِ العِلمُ وَالإِيمَانُ ، فَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «إِنِّي رَأَيتُ كَأَنَّ عَمُودَ الكِتَابِ انتُزِعَ مِن تَحتِ وِسَادَتي ، فَأَتبَعتُهُ بَصَرِي فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلى الشَّامِ ، أَلا وَإِنَّ الإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الفِتَنُ بِالشَّامِ» أَخرَجَهُ الطَّبَرَانيُّ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : «وَعُقرُ دَارِ المُؤمِنِينَ الشَّامُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ في حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَالشَّامُ أَرضُ غَنِيمَةٍ وَرِزقٍ ، فَعَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : «إِنَّ اللهَ استَقبَلَ بِيَ الشَّامَ وَوَلىَّ ظَهرِيَ اليَمَنَ ، وَقَالَ لي : يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي جَعَلتُ لَكَ مَا تُجَاهَكَ غَنِيمَةً وَرِزقًا ، وَمَا خَلفَ ظَهرِكَ مَدَدًا» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي الشَّامِ تَكُونُ قَاعِدَةُ المُسلِمِينَ في زَمَنِ المَلاحِمِ ، وَفِيهَا يَكُونُ نُزُولُ عِيسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ في آخِرِ الزَّمَانِ وَمَهلِكُ الدَّجَّالِ ، الَّذِي مَا وُجِدَت وَلَن تُوجَدَ عَلَى الأَرضِ فِتنَةٌ هِيَ أَشَدُّ مِنَ فِتنَتِهِ ، فَعَن أَبي الدَّردَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : «فُسطَاطُ المُسلِمِينَ يَومَ المَلحَمَةِ بِالغُوطَةِ ، إِلى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشقُ ، مِن خَيرِ مَدَائِنِ الشَّامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحمَدُ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «يَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ عِندَ المَنَارَةِ البَيضَاءِ شَرقِيَّ دِمَشقَ» رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرُّومُ بِالأَعمَاقِ أَو بِدَابِقَ ، فَيَخرُجُ إِلَيهِم جَيشٌ مِنَ المَدِينَةِ مِن خِيَارِ أَهلِ الأَرضِ يَومَئِذٍ ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ : خَلُّوا بَينَنَا وَبَينَ الَّذِينَ سَبَوا مِنَّا نُقَاتِلْهُم ، فَيَقُولُ المُسلِمُونَ : لا وَاللهِ ، لا نُخَلِّي بَينَكُم وَبَينَ إِخوَانِنَا ، فَيُقَاتِلُونَهُم ، فَيَنهَزِمُ ثُلُثٌ لا يَتُوبُ اللهُ عَلَيهِم أَبَدًا ، وَيُقتَلُ ثُلُثٌ هُم أَفضَلُ الشُّهَدَاءِ عِندَ اللهِ ، وَيَفتَتِحُ الثُّلُثُ ، لا يُفتَنُونَ أَبَدًا ، فَيَفتَتِحُونَ قُسطَنطِينِيَّةَ ، فَبَينَمَا هُم يَقتَسِمُونَ الغَنَائِمَ قَد عَلَّقُوا سُيُوفَهُم بِالزَّيتُونِ ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيطَانُ : إِنَّ المَسِيحَ قَد خَلَفَكُم في أَهلِيكُم ، فَيَخرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَإِذَا جَاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ ، فَبَينَمَا هُم يُعِدُّونَ لِلقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ ، فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ فَأَمَّهُم ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ في المَاءِ ، فَلَو تَرَكَهُ لانذَابَ حَتَّى يَهلِكَ ، وَلَكِنْ يَقتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ ، فَيُرِيهِم دَمَهُ في حَربَتِهِ» رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «يَأتي المَسِيحُ مِن قِبَلِ المَشرِقِ هِمَّتُهُ المَدِينَةُ ، حَتَّى يَنزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ ، ثُمَّ تَصرِفُ المَلاَئِكَةُ وَجهَهُ قِبَلَ الشَّامِ وَهُنَالِكَ يَهلِكُ» رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَالشَّامُ ـ كَمَا لا يَجهَلُ أَيُّ مُسلِمٍ ـ هِيَ أَرضُ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ ، فَعَن أَبي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «الشَّامُ أَرضُ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّهُ وَإِنْ تَكُنِ الشَّامُ في أَعقَابِ الزَّمَنِ وَمُتَأَخِّرِ السَّنَوَاتِ قَد نَالَهَا مِنَ الفَسَادِ مَا نَالَ غَيرَهَا ، إِلاَّ أَنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَد مَدَحَهَا بِخَيرِ مَا يُمدَحُ بِهِ حَيثُ قَالَ : «طُوبى لِلشَّامِ» قِيلَ : وَلِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : «إِنَّ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ بَاسِطَةٌ أَجنِحَتَهَا عَلَيهَا» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَد يَسأَلُ سَائِلٌ فَيَقُولُ : إِذَا كَانَت كُلُّ هَذِهِ الفَضَائِلِ لِلشَّامِ ، فَأَينَ كَانَتِ الشَّامُ طِيلَةَ العُقُودِ المَاضِيَةِ ؟ وَلِمَاذَا نَامَ أَهلُهَا ؟ وَكَيفَ لم يَنصُرُوا قَضَايَاهُم وَيَطرُدُوا العَدُوَّ مِن دِيَارِهِم ؟! وَالجَوَابُ أَنَّ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَطَقَ بِهِ حَقَّ لا شَكَّ فِيهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِن فَضَائِلِ الشَّامِ وَأَهلِهَا صِدقٌ لا مِريَةَ فِيهِ ، نُؤمِنُ بِهِ تَمَامَ الإِيمَانِ ، كَمَا نُؤمِنُ أَنَّ مِن سُنَنِ الحَقِّ الَّتي تُفَسِّرُ وَاقِعَ أَهلِ الشَّامِ وَغَيرِهِم مِنَ المُسلِمِينَ مِمَّن ضَعُفُوا اليَومَ وَاستَكَانُوا ، مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ حَيثُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : [ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : [أَوَلَمَّا أَصَابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أَنىَّ هَذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ] نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ لَمَّا عَدَلَتِ الشَّامُ عَن عَقِيدَةِ الإِسلامِ الصَّافِيَةِ ، وَاختَارَتِ الشِّعَارَاتِ الجَاهِلِيَّةَ الكُفرِيَّةَ بَعثِيَّةً وَاشتِرَاكِيَّةً ، وَجَعَلَت مَكَانَ الهُوِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ قَومِيَّاتٍ مُتَعَصِّبَةً وَحِزبِيَّاتٍ ضَيِّقَةً ، واستَبدَلَت بِرَايَةِ الجِهَادِ المُقَاومَاتِ الوَطَنِيَّةَ ، وَاشتَغَلَ أَهلُهَا بِالدُّنيَا وَانهَمَكُوا في الشَّهَوَاتِ كَغَيرِهِم ، إِذْ ذَاكَ ضَعُفَت كَمَا ضَعُفَ غَيرُهَا ، وَكَانَ الجَزَاءُ أَنْ سَلَبَ اللهُ ـ تَعَالى ـ ذَلِكَ الجِيلَ الخَيرِيَّةَ ، وَسَلَّطَ عَلَيهِ شَرَّ البَرِيَّةِ ، مِن يَهُودٍ وَنَصَارَى وَرَافِضَةٍ وَنُصَيرِيَّةٍ ، فَذَاقُوا بَعدَ العِزَّةِ ذُلاًّ وَمَهَانَةً ، مِصدَاقًا لِقَولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «إِذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالعِينَةِ ، وَتَبِعُوا أَذنَابَ البَقَرِ وَتَرَكُوا الجِهَادَ في سَبِيلِ اللهِ ، أَدخَلَ اللهُ ـ تَعَالى ـ عَلَيهِم ذُلاًّ لا يَرفَعُهُ عَنهُم حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُم» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . ثُمَّ إِنَّ مَا جَاءَ مِن فَضَائِلَ لِلشَّامِ وَأَهلِهَا لَيسَت قَطعًا لِلقَومِيِّينَ وَلا لِلبَعثِيِّينَ وَلا الاشتِرَاكِيِّينَ ، وَلا لِلبَاطِنِيَّةِ النُصَيرِيَّةِ وَلا لِلرَّافِضَةِ وَالدُّرُوزِ ، بَل هِيَ لأَولِيَاءِ اللهِ الصَّالِحِينَ وَأَهلِ الإِيمَانِ الخَالِصِ ، مِنَ المُقِيمِي الصَّلاةِ المُؤتِينَ الزَّكَاةَ ، المُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ ، المُنَاصِرِينَ لِلحَقِّ القَائِمِينَ بِهِ ، الذَّابِّينَ عَن حِيَاضِ الدِّينِ ، الَّذِينَ لا يَبتَغُونَ العِزَّةَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ وَلا يَرضَونَ رَبًّا سِوَاهُ ، وَمَا أَكثَرَهُم في الشَّامِ الآنَ ، يَعلَمُ بِذَلِكَ مَن زَارَهَا وَاطَّلَعَ عَلَى حَالِ أَهلِهَا ! وَإِنَّ أَرضًا عَاشَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ ، وَثُغُورًا رَابَطَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الأَبطَالِ وَالمُجَاهِدِينَ ، وَمُدُنًا أَخرَجَت أَفذَاذًا من العُلَمَاءِ وَالمُصلِحِينَ ، كَابنِ تَيمِيَّةَ وَابنِ القَيِّمِ وَابنِ كَثِيرٍ ، وَبِلادًا عَاشَ فِيهَا كِبَارٌ كَالأَوزَاعِيِّ وَابنِ قُدَامَةَ والذَّهَبيِّ ، وَاحتَوَت مَا لا يُحصَى مِن أَربِطَةِ العُلَمَاءِ وَأَوقَافِ المُحسِنِينَ ، وَازدَهَرَت بها مَكتَبَاتُ العِلمِ وَحُفِظَت فِيهَا المَخطُوطَاتُ ، إِنَّهَا لَن تَعجَزَ أَن تَلِدَ رِجَالاً يُعِيدُونَ لها سَابِقَ مَجدِهَا وَغَابِرَ عِزِّهَا ، والأَحَادِيثُ تُبَشِّرُ بِزَوَالِ البَاطِلِ وَظُهُورِ الحَقِّ ، وَالأَيَّامُ دُوَلٌ [وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ]
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد تَاهَ أَهلُ الشَّامِ في أَرضِهِم أَربَعَةَ عُقُودٍ بَينَ القَومِيَّةِ وَالبَعثِيَّةِ وَالوَطَنِيَّةِ وَالاشتِرَاكِيَّةِ ، تَجلِدُ ظُهُورَهُم سِيَاطُ النُصَيرِيَّةِ البَاطِنِيَّةِ ، تِلكَ الشِّرذِمَةُ القَلِيلَةُ مِن أَهلِ الكُفرِ وَالضَّلالِ ، الَّذِينَ رَكِبُوا ظُهُورَ أَهلِ الشَّامِ في وَقتِ غَفلَةٍ ، وَمَا زَالُوا إِلى اليَومِ يَسُومُونَ أَهلَ السُّنَّةِ العَذَابَ ، يُقَتِّلُونَ رِجَالَهُم وَيَزُجُّونَ بهم في السُّجُونِ ، وَيَعِيثُونَ فَسَادًا في أَرضِهِم وَيَستَضعِفُونَ نِساءَهُم ، وَلِسَائِلٍ أَن يَتَسَاءَلَ : وَمَنِ النُّصَيرِيَّةُ ؟!
وَمَا مُعتَقَدُهُم ؟ فَيُقَالُ : إِنَّهَا فِرقَةٍ بَاطِنِيَّةٌ خَبِيثَةٌ ، ظَهَرَت في القَرنِ الثَّالِثِ عَلى يَدِ رَجُلٍ يُدعَى مُحَمَّدَ بنَ نُصَيرٍ البَصرِيِّ النُّمَيرِيِّ ، ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَأَلَّهَ عَلَيَّ بنَ أَبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَغلا في الأَئِمَّةِ فَنَسَبَهُم إِلى مَقَامِ الأُلُوهِيَّةِ . وَالنُصَيرِيَّةُ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ يَقُولُونَ بِأَنَّ ظُهُورَ عَلَيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ الرُّوحَانيَّ بِالجَسَدِ الجِسمَانيِّ الفَاني ، كَظُهُورِ جِبرِيلَ في صُورَةِ بَعضِ الأَشخَاصِ ، وَأَنَّ ظُهُورَهُ في صُورَةِ النَّاسُوتِ لم يَكُنْ إِلاَّ إِينَاسًا لِخَلقِهِ وَعَبِيدِهِ ، وَلِذَلِكَ فَهُم يُحِبُّونَ عَبدَالرَّحمَنِ بنَ مُلجِمٍ قَاتِلَ الإِمَامِ عَلَيٍّ وَيَتَرَضَّونَ عَنهُ لِزَعمِهِم أَنَّهُ خَلَّصَ اللاَّهُوتَ مِنَ النَّاسُوتِ ، وَيَعتَقِدُ بَعضُهُم أَنَّ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ يَسكُنُ السَّحَابَ بَعدَ تَخَلُّصِهِ مِنَ الجَسَدِ الَّذِي كَانَ يُقَيِّدُهُ ، وَإِذَا مَرَّ بِهِمُ السَّحَابُ قَالُوا : السَّلامُ عَلَيكَ يَا أَبَا الحَسَنِ ، وَيَقُولُونَ : إِنَّ الرَّعدَ صَوتُهُ وَالبَرقَ سَوطُهُ ، وَيَعتَقِدُونَ أَنَّ عَلِيًّا خَلَقَ مُحَمَّدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَنَّ مُحَمَّدًا خَلَقَ سَلمَانَ الفَارِسِيَّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَأَنَّ سَلمَانَ قَد خَلَقَ الأَيتَامَ الخَمسَةَ الَّذِينَ هُم : المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ ، وَيَعُدُّونَه رَبَّ النَّاسِ وَخَالِقَهُم وَالمُوَكَّلَ بِالرُّعُودِ . وَأَبُو ذَرٍّ الغِفَارِيُّ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ عِندَهُم بِدَوَرَانِ الكَواكِبِ وَالنُّجُومِ . وَعَبدُاللهِ بنُ رَوَاحَةَ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ في زَعمِهِم بِالرِّيَاحِ وَقَبضِ أَروَاحِ البَشَرِ ، وَعُثمَانُ بنُ مَظعُونٍ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ في خُزَعبِلاتِهِم بِالمَعِدَةِ وَحَرَارَةِ الجَسَدِ وَأَمرَاضِ الإِنسَانِ . وَقَنبَرُ بنُ كَادَانَ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ في كَذِبِهِم بِنَفخِ الأَروَاحِ في الأَجسَامِ . وَالنُّصَيرِيَّةُ يُبغِضُونَ الصَّحَابَةَ بُغضًا شَدِيدًا ، وَيَلعَنُونَ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعِينَ ـ ، وَيُحَرِّمُونَ زِيَارَةَ قَبرِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لأَنَّ في جِوَارِهِ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ ، وَيَزعُمُونَ أَنَّ لِلعَقِيدَةِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَأَنَّهُم وَحدَهُم العَالِمُونَ بِبَوَاطِنِ الأَسرَارِ ، وَلَهُم أَعيَادٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلى مُجمَلِ عَقِيدَتِهِم ، الَّتي هِيَ خَلِيطٌ مِن عَقَائِدِ الفُرسِ المَجُوسِ وَالنَّصَارَى وَالوَثَنِيَّةِ القَدِيمَةِ ، وَقَد تَأَثَّرُوا بِالأَفلاطُونِيَّةِ الحَدِيثَةِ وَنَقَلُوا عَنِ الهِندُوسِيَّةِ البُوذِيَّةِ فِكرَةَ التَّنَاسُخِ وَالحُلُولِ . وَلِهَؤُلاءِ الفَجَرَةِ لَيلَةٌ يَختَلِطُ فِيهَا الحَابِلُ بِالنَّابِلِ ، وَهُم يُعَظِّمُونَ الخَمرَ وَيَحتَسُونَهَا ، وَلا يَتَمَسَّكُونَ بِطَهَارَةٍ وَلا يَتَرَفَّعُونَ عَن جَنَابَةٍ ، وَيُصَلُّونَ صَلاةً تَختَلِفُ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ ، وَلا تَشتَمِلُ عَلَى سُجُودٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَوعٌ مِن رُكُوعٍ أَحيَانًا ، وَلا يُصَلُّونَ الجُمُعَةَ وَلَيسَ لَهُم مَسَاجِدُ عَامَّةٌ ، بَل يُصَلُّونَ في بُيُوتِهِم صَلاةً مَصحُوبَةً بِتِلاوَةِ الخُرَافَاتِ ، وَلا يَعتَرِفُونَ بِالزَّكَاةِ الشَّرعِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يَدفَعُونَ ضَرِيبَةً إِلى مَشَايِخِهِم زَاعِمِينَ بِأَنَّ مِقدَارَهَا خُمسُ مَا يَملِكُونَ ، وَالصِّيَامُ لَدَيهِم هُوَ الامتِنَاعُ عَن مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ طِيلَةَ شَهرِ رَمَضَانَ ، وَلا يَعتَرِفُونَ بِالحَجِّ ، بَلْ يَعُدُّونَهُ كُفرًا وَعِبَادَةَ أَصنَامٍ .
وَقَد سُئِلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ عَنِ الدُّرزِيَّةِ وَالنُّصَيرِيَّةِ : مَاحُكمُهُم ؟ فَأَجَابَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : هَؤُلاءِ الدُّرزِيَّةُ وَالنُصَيرِيَّةُ كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ المُسلِمِينَ ، لا يَحِلُّ أَكلُ ذَبَائِحِهِم وَلا نِكَاحُ نِسَائِهِم ، بَلْ وَلا يُقَرُّونَ بِالجِزيَةِ ؛ فَإِنَّهُم مُرتَدُّونَ عَن دِينِ الإِسلامِ ، لَيسُوا مُسلِمِينَ وَلا يَهُودًا وَلا نَصَارَى ، لا يُقِرُّونَ بِوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ ، وَلا وُجُوبِ صَومِ رَمَضَانَ ، وَلا وُجُوبِ الحَجِّ ، وَلا تَحرِيمِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنَ المَيتَةِ وَالخَمرِ وَغَيرِهِمَا . وَإِن أَظهَرُوا الشَّهَادَتَينِ مَعَ هَذِهِ العَقَائِدِ ، فَهُم كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ المُسلِمِينَ . وَقَالَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : هَؤُلاءِ القَومُ المُسَمَّونَ بِالنُصَيرِيَّةِ هُم وَسَائِرُ أَصنَافِ القَرَامِطَةِ البَاطِنِيَّةِ أَكفَرُ مِن اليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، بَل وَأَكفَرُ مِن كَثِيرٍ مِنَ المُشرِكِينَ ، وَضَرَرُهُم عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَعظَمُ مِن ضَرَرِ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ ، مِثلِ كُفَّارِ التَّتَارِ وَالفِرِنجِ وَغَيرِهِم ؛ فَإِنَّ هَؤُلاءِ يَتَظَاهَرُونَ عِندَ جُهَّالِ المُسلِمِينَ بِالتَّشَيُّعِ وَمُوَالاةِ أَهلِ البَيتِ ، وَهُم في الحَقِيقَةِ لا يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِرَسُولِهِ وَلا بِكِتَابِهِ ، وَلا بِأَمرٍ وَلا نَهيٍ ، وَلا ثَوَابٍ وَلا عِقَابٍ وَلا جَنَّةٍ وَلا نَارٍ ، وَلا بِأَحَدٍ مِنَ المُرسَلِينَ قَبلَ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَلا بِمِلَّةٍ مِنَ المِلَلِ السَّالِفَةِ ، بَل يَأخُذُونَ كَلامَ اللهِ وَرَسُولِهِ المَعرُوفَ عِندَ عُلَمَاءِ المُسلِمِينَ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى أُمُورٍ يَفتَرُونَهَا ، يَدَّعُونَ أَنَّهَا عِلمُ البَاطِنِ ..." اِنتَهَى كَلامُهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ وَهُوَ الكَلامُ الفَصلُ الجَزلُ ، الَّذِي حُصِرَت بِهِ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الخَبِيثَةُ في مَكَانٍ ضَيِّقٍ في بِلادِ الشَّامِ عِدَّةَ قُرُونٍ ، لا يُمَكَّنُونَ مِنَ الوَظَائِفِ وَلا مِنَ التَّعلِيمِ ، حَتَّى احتَلَّت فَرَنسَا بِلادَ الشَّامِ ، فَأَخرَجَتهُم وَأَبرَزَتهُم ولَمَّعَتهُم ، وَلَقَّبَتهُم بِالعَلَوِيِّينَ وَمَكَّنَتهُم مِنَ المَنَاصِبِ المُهِمَّةِ في الدَّولَةِ ... هَذِهِ هِيَ النُصَيرِيَّةُ الكَافِرَةُ المُرتَدَّةُ ، الَّتي سُلِّطَت عَلَى أَهلِ الشَّامِ لَمَّا زَاغُوا عَنِ الحَقِّ وَاتَّبَعُوا نَاعِقَ القَومِيَّةِ ، وَأَرخُوا السَّمعَ لَنَابِحِ الوَطَنِيَّةِ ، وَطَأطَؤُوا الرُّؤُوسَ لِكُفرِ البَعثِيَّةِ وَسَفَاهَةِ الاشتِرَاكِيَّةِ ، وَتَرَكُوا المَنهَجَ القَوِيمَ وَحَادُوا عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ، وَلَن تَرجِعَ لَهُم عِزَّتُهُم وَلَن يَنَالُوا الفَضلَ الَّذِي جَاءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِم إِلاَّ بِالرُّجُوعِ إِلى دِينِهِمُ الحَقِّ وَتَمَسُّكِهِم بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَنَسأَلُ اللهَ أَن يُهَيِّئَ لَهُم مِن أَمرِهِم رَشَدًا ، وَأَن يَحقِنَ دِمَاءَهُم وَيَحفَظَ رِجَالَهُم وَنِسَاءَهُم .
فضل بلاد الشام وكفر النصيرية الطغام
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَاتَّقُوا اللهَ [وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ]
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الأُمَّةُ الإِسلامِيَّةُ اليَومَ جَسَدٌ مُثخَنٌ بِالجِرَاحِ ، تَوَالَت عَلَيهِ الطَّعَنَاتُ مِنَ الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ ، وَتَتَابَعَت عَلَيهِ النَّكََبَاتُ مِن قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ ، وَبَينَمَا يَشتَكِي بَعضُ أَجزَائِهِ عَدَاوَةَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالمُلحِدِينَ ، تَتَحَمَّلُ أَجزَاءٌ أُخرَى مَا تَتَحَمَّلُ مِن غَدرِ البَّاطِنِيَّةِ والمُنَافِقِينَ . وَإِنَّ لِبِلادِ الشَّامِ مِن ذَلِكَ نَصِيبًا كَبِيرًا ، إِذْ مَا زَالَت تَشكُو إِلى اللهِ يَهُودًا في فِلِسطِينَ يُدَنِّسُونَ مَسرَى رَسُولِهِ ، وَرَافِضَةً وَنُصَيرِيَّةً وَدُرُوزًا في سُورِيَّةَ وَلُبنَانَ يُحَارِبُونَ أَولِيَاءَهُ ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِم يَتَرَبَّصُونَ بِالمُسلِمِينَ الدَّوَائِرَ وَيَبغُونَهُمُ الفِتنَةَ لا يَعلَمُهُم إِلاَّ اللهُ ، وَبَينَ هَذَا وَفي ثَنَايَاهُ ممَّا يَزِيدُ الأَمرَ سُوءًا ، تَنَازُلُ بَعضِ الشَّامِيِّينَ عَن مَبَادِئِهِم ، وَغَفلَتُهُم عَن مَصدَرِ عِزِّهِم ، وَاشتِغَالُهُم بِالشَّهَوَاتِ عَلَى اختِلافِ أَنوَاعِهَا ، في أُمُورٍ قَد تَقذِفُ بِاليَأسِ في قُلُوبِ بَعضِ المُؤمِنِينَ ، فَيَظُنُّونَ أَنَّ دَولَةَ البَاطِلِ في تِلكَ البِلادِ سَتَظَلُّ أَمَدًا طَوَيلاً ، في حِينِ أَنَّ العَكسَ مِن ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ بِإِذنِ اللهِ ، إِذْ صَحَّتِ الأَحَادِيثُ وَالآثَارُ في فَضلِ الشَّامِ وَأَهلِهِ ، بما يَدفَعُ المُؤمِنِينَ لِلتَّفَاؤُلِ وَيَزِيدُهُم ثِقَةً بِنَصرِ اللهِ ، فَالشَّامُ أَرضٌ مُبَارَكَةٌ ، وَفِيهَا أَجزَاءٌ مُقَدَّسَةٌ ، وَصَفَهَا بِذَلِكَ اللهُ الَّذِي يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَارُ ، وَدَعَا لَهَا بِالبَرَكَةِ مُحَمَّدٌ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ ، وَأَخبَرَ أَنَّ فِيهَا صَفوَةَ بِلادِ اللهِ وَمُهَاجَرَ خِيرَةِ عِبَادِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ عَلَى لِسَانِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ : [يَا قَومِ ادخُلُوا الأَرضَ المُقَدَّسَةَ الَّتي كَتَبَ اللهُ لَكُم] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ عن إِبرَاهِيمَ وَلُوطٍ ـ عَلَيهِمَا السَّلامُ ـ [وَنَجَّينَاهُ وَلُوطًا إِلى الأَرضِ الَّتي بَارَكنَا فِيهَا لِلعَالمِينَ] وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : [وَلِسُلَيمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجرِي بِأَمرِهِ إِلى الأَرضِ الَّتي بَارَكنَا فِيهَا] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : [سُبحَانَ الَّذِي أَسرَى بِعَبدِهِ لَيلاً مِنَ المَسجِدِ الحَرَامِ إِلى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذِي بَارَكنَا حَولَهُ] وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ : «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في شَامِنَا» وَعَن وَاثِلَةَ بنِ الأَسقَعِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : «عَلَيكُم بِالشَّامِ ؛ فَإِنَّهَا صَفوَةُ بِلادِ اللهِ ، يُسكِنُهَا خِيرَتَهُ مِن خَلقِهِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي الشَّامِ خَيرُ جُندِ اللهِ ، صَحَّ بِذَلِكَ الخَبَرُ عَن عَبدِاللهِ بنِ حَوَالَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «سَتُجَنَّدُونَ أَجنَادًا ، جُندًا بِالشَّامِ وَجُندًا بِالعِرَاقِ وَجُندًا بِاليَمَنِ» قَالَ عَبدُاللهِ : فَقُمتُ فَقُلتُ : خِرْ لي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ : «عَلَيكُم بِالشَّامِ ، فَمَن أَبى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ وَليَسْقِ مِن غُدُرِهِ ، فَإِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ قَد تَكَفَّلَ لي بِالشَّامِ وَأَهلِهِ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي الشَّامِ العِلمُ وَالإِيمَانُ ، فَعَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «إِنِّي رَأَيتُ كَأَنَّ عَمُودَ الكِتَابِ انتُزِعَ مِن تَحتِ وِسَادَتي ، فَأَتبَعتُهُ بَصَرِي فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلى الشَّامِ ، أَلا وَإِنَّ الإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الفِتَنُ بِالشَّامِ» أَخرَجَهُ الطَّبَرَانيُّ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : «وَعُقرُ دَارِ المُؤمِنِينَ الشَّامُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ في حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَالشَّامُ أَرضُ غَنِيمَةٍ وَرِزقٍ ، فَعَن أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : «إِنَّ اللهَ استَقبَلَ بِيَ الشَّامَ وَوَلىَّ ظَهرِيَ اليَمَنَ ، وَقَالَ لي : يَا مُحَمَّدُ ، إِنِّي جَعَلتُ لَكَ مَا تُجَاهَكَ غَنِيمَةً وَرِزقًا ، وَمَا خَلفَ ظَهرِكَ مَدَدًا» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَفي الشَّامِ تَكُونُ قَاعِدَةُ المُسلِمِينَ في زَمَنِ المَلاحِمِ ، وَفِيهَا يَكُونُ نُزُولُ عِيسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ في آخِرِ الزَّمَانِ وَمَهلِكُ الدَّجَّالِ ، الَّذِي مَا وُجِدَت وَلَن تُوجَدَ عَلَى الأَرضِ فِتنَةٌ هِيَ أَشَدُّ مِنَ فِتنَتِهِ ، فَعَن أَبي الدَّردَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : «فُسطَاطُ المُسلِمِينَ يَومَ المَلحَمَةِ بِالغُوطَةِ ، إِلى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشقُ ، مِن خَيرِ مَدَائِنِ الشَّامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحمَدُ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «يَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ عِندَ المَنَارَةِ البَيضَاءِ شَرقِيَّ دِمَشقَ» رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنزِلَ الرُّومُ بِالأَعمَاقِ أَو بِدَابِقَ ، فَيَخرُجُ إِلَيهِم جَيشٌ مِنَ المَدِينَةِ مِن خِيَارِ أَهلِ الأَرضِ يَومَئِذٍ ، فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ : خَلُّوا بَينَنَا وَبَينَ الَّذِينَ سَبَوا مِنَّا نُقَاتِلْهُم ، فَيَقُولُ المُسلِمُونَ : لا وَاللهِ ، لا نُخَلِّي بَينَكُم وَبَينَ إِخوَانِنَا ، فَيُقَاتِلُونَهُم ، فَيَنهَزِمُ ثُلُثٌ لا يَتُوبُ اللهُ عَلَيهِم أَبَدًا ، وَيُقتَلُ ثُلُثٌ هُم أَفضَلُ الشُّهَدَاءِ عِندَ اللهِ ، وَيَفتَتِحُ الثُّلُثُ ، لا يُفتَنُونَ أَبَدًا ، فَيَفتَتِحُونَ قُسطَنطِينِيَّةَ ، فَبَينَمَا هُم يَقتَسِمُونَ الغَنَائِمَ قَد عَلَّقُوا سُيُوفَهُم بِالزَّيتُونِ ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيطَانُ : إِنَّ المَسِيحَ قَد خَلَفَكُم في أَهلِيكُم ، فَيَخرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَإِذَا جَاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ ، فَبَينَمَا هُم يُعِدُّونَ لِلقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ ، فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ فَأَمَّهُم ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ في المَاءِ ، فَلَو تَرَكَهُ لانذَابَ حَتَّى يَهلِكَ ، وَلَكِنْ يَقتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ ، فَيُرِيهِم دَمَهُ في حَربَتِهِ» رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «يَأتي المَسِيحُ مِن قِبَلِ المَشرِقِ هِمَّتُهُ المَدِينَةُ ، حَتَّى يَنزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ ، ثُمَّ تَصرِفُ المَلاَئِكَةُ وَجهَهُ قِبَلَ الشَّامِ وَهُنَالِكَ يَهلِكُ» رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَالشَّامُ ـ كَمَا لا يَجهَلُ أَيُّ مُسلِمٍ ـ هِيَ أَرضُ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ ، فَعَن أَبي ذَرٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «الشَّامُ أَرضُ المَحشَرِ وَالمَنشَرِ» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّهُ وَإِنْ تَكُنِ الشَّامُ في أَعقَابِ الزَّمَنِ وَمُتَأَخِّرِ السَّنَوَاتِ قَد نَالَهَا مِنَ الفَسَادِ مَا نَالَ غَيرَهَا ، إِلاَّ أَنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَد مَدَحَهَا بِخَيرِ مَا يُمدَحُ بِهِ حَيثُ قَالَ : «طُوبى لِلشَّامِ» قِيلَ : وَلِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : «إِنَّ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ بَاسِطَةٌ أَجنِحَتَهَا عَلَيهَا» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَد يَسأَلُ سَائِلٌ فَيَقُولُ : إِذَا كَانَت كُلُّ هَذِهِ الفَضَائِلِ لِلشَّامِ ، فَأَينَ كَانَتِ الشَّامُ طِيلَةَ العُقُودِ المَاضِيَةِ ؟ وَلِمَاذَا نَامَ أَهلُهَا ؟ وَكَيفَ لم يَنصُرُوا قَضَايَاهُم وَيَطرُدُوا العَدُوَّ مِن دِيَارِهِم ؟! وَالجَوَابُ أَنَّ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَطَقَ بِهِ حَقَّ لا شَكَّ فِيهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِن فَضَائِلِ الشَّامِ وَأَهلِهَا صِدقٌ لا مِريَةَ فِيهِ ، نُؤمِنُ بِهِ تَمَامَ الإِيمَانِ ، كَمَا نُؤمِنُ أَنَّ مِن سُنَنِ الحَقِّ الَّتي تُفَسِّرُ وَاقِعَ أَهلِ الشَّامِ وَغَيرِهِم مِنَ المُسلِمِينَ مِمَّن ضَعُفُوا اليَومَ وَاستَكَانُوا ، مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلا ـ حَيثُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : [ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : [أَوَلَمَّا أَصَابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أَنىَّ هَذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ] نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ لَمَّا عَدَلَتِ الشَّامُ عَن عَقِيدَةِ الإِسلامِ الصَّافِيَةِ ، وَاختَارَتِ الشِّعَارَاتِ الجَاهِلِيَّةَ الكُفرِيَّةَ بَعثِيَّةً وَاشتِرَاكِيَّةً ، وَجَعَلَت مَكَانَ الهُوِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ قَومِيَّاتٍ مُتَعَصِّبَةً وَحِزبِيَّاتٍ ضَيِّقَةً ، واستَبدَلَت بِرَايَةِ الجِهَادِ المُقَاومَاتِ الوَطَنِيَّةَ ، وَاشتَغَلَ أَهلُهَا بِالدُّنيَا وَانهَمَكُوا في الشَّهَوَاتِ كَغَيرِهِم ، إِذْ ذَاكَ ضَعُفَت كَمَا ضَعُفَ غَيرُهَا ، وَكَانَ الجَزَاءُ أَنْ سَلَبَ اللهُ ـ تَعَالى ـ ذَلِكَ الجِيلَ الخَيرِيَّةَ ، وَسَلَّطَ عَلَيهِ شَرَّ البَرِيَّةِ ، مِن يَهُودٍ وَنَصَارَى وَرَافِضَةٍ وَنُصَيرِيَّةٍ ، فَذَاقُوا بَعدَ العِزَّةِ ذُلاًّ وَمَهَانَةً ، مِصدَاقًا لِقَولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : «إِذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالعِينَةِ ، وَتَبِعُوا أَذنَابَ البَقَرِ وَتَرَكُوا الجِهَادَ في سَبِيلِ اللهِ ، أَدخَلَ اللهُ ـ تَعَالى ـ عَلَيهِم ذُلاًّ لا يَرفَعُهُ عَنهُم حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُم» رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . ثُمَّ إِنَّ مَا جَاءَ مِن فَضَائِلَ لِلشَّامِ وَأَهلِهَا لَيسَت قَطعًا لِلقَومِيِّينَ وَلا لِلبَعثِيِّينَ وَلا الاشتِرَاكِيِّينَ ، وَلا لِلبَاطِنِيَّةِ النُصَيرِيَّةِ وَلا لِلرَّافِضَةِ وَالدُّرُوزِ ، بَل هِيَ لأَولِيَاءِ اللهِ الصَّالِحِينَ وَأَهلِ الإِيمَانِ الخَالِصِ ، مِنَ المُقِيمِي الصَّلاةِ المُؤتِينَ الزَّكَاةَ ، المُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللهِ ، المُنَاصِرِينَ لِلحَقِّ القَائِمِينَ بِهِ ، الذَّابِّينَ عَن حِيَاضِ الدِّينِ ، الَّذِينَ لا يَبتَغُونَ العِزَّةَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ وَلا يَرضَونَ رَبًّا سِوَاهُ ، وَمَا أَكثَرَهُم في الشَّامِ الآنَ ، يَعلَمُ بِذَلِكَ مَن زَارَهَا وَاطَّلَعَ عَلَى حَالِ أَهلِهَا ! وَإِنَّ أَرضًا عَاشَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ ، وَثُغُورًا رَابَطَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الأَبطَالِ وَالمُجَاهِدِينَ ، وَمُدُنًا أَخرَجَت أَفذَاذًا من العُلَمَاءِ وَالمُصلِحِينَ ، كَابنِ تَيمِيَّةَ وَابنِ القَيِّمِ وَابنِ كَثِيرٍ ، وَبِلادًا عَاشَ فِيهَا كِبَارٌ كَالأَوزَاعِيِّ وَابنِ قُدَامَةَ والذَّهَبيِّ ، وَاحتَوَت مَا لا يُحصَى مِن أَربِطَةِ العُلَمَاءِ وَأَوقَافِ المُحسِنِينَ ، وَازدَهَرَت بها مَكتَبَاتُ العِلمِ وَحُفِظَت فِيهَا المَخطُوطَاتُ ، إِنَّهَا لَن تَعجَزَ أَن تَلِدَ رِجَالاً يُعِيدُونَ لها سَابِقَ مَجدِهَا وَغَابِرَ عِزِّهَا ، والأَحَادِيثُ تُبَشِّرُ بِزَوَالِ البَاطِلِ وَظُهُورِ الحَقِّ ، وَالأَيَّامُ دُوَلٌ [وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُم في الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ]
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد تَاهَ أَهلُ الشَّامِ في أَرضِهِم أَربَعَةَ عُقُودٍ بَينَ القَومِيَّةِ وَالبَعثِيَّةِ وَالوَطَنِيَّةِ وَالاشتِرَاكِيَّةِ ، تَجلِدُ ظُهُورَهُم سِيَاطُ النُصَيرِيَّةِ البَاطِنِيَّةِ ، تِلكَ الشِّرذِمَةُ القَلِيلَةُ مِن أَهلِ الكُفرِ وَالضَّلالِ ، الَّذِينَ رَكِبُوا ظُهُورَ أَهلِ الشَّامِ في وَقتِ غَفلَةٍ ، وَمَا زَالُوا إِلى اليَومِ يَسُومُونَ أَهلَ السُّنَّةِ العَذَابَ ، يُقَتِّلُونَ رِجَالَهُم وَيَزُجُّونَ بهم في السُّجُونِ ، وَيَعِيثُونَ فَسَادًا في أَرضِهِم وَيَستَضعِفُونَ نِساءَهُم ، وَلِسَائِلٍ أَن يَتَسَاءَلَ : وَمَنِ النُّصَيرِيَّةُ ؟!
وَمَا مُعتَقَدُهُم ؟ فَيُقَالُ : إِنَّهَا فِرقَةٍ بَاطِنِيَّةٌ خَبِيثَةٌ ، ظَهَرَت في القَرنِ الثَّالِثِ عَلى يَدِ رَجُلٍ يُدعَى مُحَمَّدَ بنَ نُصَيرٍ البَصرِيِّ النُّمَيرِيِّ ، ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَأَلَّهَ عَلَيَّ بنَ أَبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَغلا في الأَئِمَّةِ فَنَسَبَهُم إِلى مَقَامِ الأُلُوهِيَّةِ . وَالنُصَيرِيَّةُ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ يَقُولُونَ بِأَنَّ ظُهُورَ عَلَيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ الرُّوحَانيَّ بِالجَسَدِ الجِسمَانيِّ الفَاني ، كَظُهُورِ جِبرِيلَ في صُورَةِ بَعضِ الأَشخَاصِ ، وَأَنَّ ظُهُورَهُ في صُورَةِ النَّاسُوتِ لم يَكُنْ إِلاَّ إِينَاسًا لِخَلقِهِ وَعَبِيدِهِ ، وَلِذَلِكَ فَهُم يُحِبُّونَ عَبدَالرَّحمَنِ بنَ مُلجِمٍ قَاتِلَ الإِمَامِ عَلَيٍّ وَيَتَرَضَّونَ عَنهُ لِزَعمِهِم أَنَّهُ خَلَّصَ اللاَّهُوتَ مِنَ النَّاسُوتِ ، وَيَعتَقِدُ بَعضُهُم أَنَّ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ يَسكُنُ السَّحَابَ بَعدَ تَخَلُّصِهِ مِنَ الجَسَدِ الَّذِي كَانَ يُقَيِّدُهُ ، وَإِذَا مَرَّ بِهِمُ السَّحَابُ قَالُوا : السَّلامُ عَلَيكَ يَا أَبَا الحَسَنِ ، وَيَقُولُونَ : إِنَّ الرَّعدَ صَوتُهُ وَالبَرقَ سَوطُهُ ، وَيَعتَقِدُونَ أَنَّ عَلِيًّا خَلَقَ مُحَمَّدًا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَنَّ مُحَمَّدًا خَلَقَ سَلمَانَ الفَارِسِيَّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ وَأَنَّ سَلمَانَ قَد خَلَقَ الأَيتَامَ الخَمسَةَ الَّذِينَ هُم : المِقدَادُ بنُ الأَسوَدِ ، وَيَعُدُّونَه رَبَّ النَّاسِ وَخَالِقَهُم وَالمُوَكَّلَ بِالرُّعُودِ . وَأَبُو ذَرٍّ الغِفَارِيُّ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ عِندَهُم بِدَوَرَانِ الكَواكِبِ وَالنُّجُومِ . وَعَبدُاللهِ بنُ رَوَاحَةَ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ في زَعمِهِم بِالرِّيَاحِ وَقَبضِ أَروَاحِ البَشَرِ ، وَعُثمَانُ بنُ مَظعُونٍ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ في خُزَعبِلاتِهِم بِالمَعِدَةِ وَحَرَارَةِ الجَسَدِ وَأَمرَاضِ الإِنسَانِ . وَقَنبَرُ بنُ كَادَانَ ، وَهُوَ المُوَكَّلُ في كَذِبِهِم بِنَفخِ الأَروَاحِ في الأَجسَامِ . وَالنُّصَيرِيَّةُ يُبغِضُونَ الصَّحَابَةَ بُغضًا شَدِيدًا ، وَيَلعَنُونَ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعِينَ ـ ، وَيُحَرِّمُونَ زِيَارَةَ قَبرِ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لأَنَّ في جِوَارِهِ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ ، وَيَزعُمُونَ أَنَّ لِلعَقِيدَةِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَأَنَّهُم وَحدَهُم العَالِمُونَ بِبَوَاطِنِ الأَسرَارِ ، وَلَهُم أَعيَادٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلى مُجمَلِ عَقِيدَتِهِم ، الَّتي هِيَ خَلِيطٌ مِن عَقَائِدِ الفُرسِ المَجُوسِ وَالنَّصَارَى وَالوَثَنِيَّةِ القَدِيمَةِ ، وَقَد تَأَثَّرُوا بِالأَفلاطُونِيَّةِ الحَدِيثَةِ وَنَقَلُوا عَنِ الهِندُوسِيَّةِ البُوذِيَّةِ فِكرَةَ التَّنَاسُخِ وَالحُلُولِ . وَلِهَؤُلاءِ الفَجَرَةِ لَيلَةٌ يَختَلِطُ فِيهَا الحَابِلُ بِالنَّابِلِ ، وَهُم يُعَظِّمُونَ الخَمرَ وَيَحتَسُونَهَا ، وَلا يَتَمَسَّكُونَ بِطَهَارَةٍ وَلا يَتَرَفَّعُونَ عَن جَنَابَةٍ ، وَيُصَلُّونَ صَلاةً تَختَلِفُ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ ، وَلا تَشتَمِلُ عَلَى سُجُودٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَوعٌ مِن رُكُوعٍ أَحيَانًا ، وَلا يُصَلُّونَ الجُمُعَةَ وَلَيسَ لَهُم مَسَاجِدُ عَامَّةٌ ، بَل يُصَلُّونَ في بُيُوتِهِم صَلاةً مَصحُوبَةً بِتِلاوَةِ الخُرَافَاتِ ، وَلا يَعتَرِفُونَ بِالزَّكَاةِ الشَّرعِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يَدفَعُونَ ضَرِيبَةً إِلى مَشَايِخِهِم زَاعِمِينَ بِأَنَّ مِقدَارَهَا خُمسُ مَا يَملِكُونَ ، وَالصِّيَامُ لَدَيهِم هُوَ الامتِنَاعُ عَن مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ طِيلَةَ شَهرِ رَمَضَانَ ، وَلا يَعتَرِفُونَ بِالحَجِّ ، بَلْ يَعُدُّونَهُ كُفرًا وَعِبَادَةَ أَصنَامٍ .
وَقَد سُئِلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيَّةَ عَنِ الدُّرزِيَّةِ وَالنُّصَيرِيَّةِ : مَاحُكمُهُم ؟ فَأَجَابَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : هَؤُلاءِ الدُّرزِيَّةُ وَالنُصَيرِيَّةُ كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ المُسلِمِينَ ، لا يَحِلُّ أَكلُ ذَبَائِحِهِم وَلا نِكَاحُ نِسَائِهِم ، بَلْ وَلا يُقَرُّونَ بِالجِزيَةِ ؛ فَإِنَّهُم مُرتَدُّونَ عَن دِينِ الإِسلامِ ، لَيسُوا مُسلِمِينَ وَلا يَهُودًا وَلا نَصَارَى ، لا يُقِرُّونَ بِوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ ، وَلا وُجُوبِ صَومِ رَمَضَانَ ، وَلا وُجُوبِ الحَجِّ ، وَلا تَحرِيمِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنَ المَيتَةِ وَالخَمرِ وَغَيرِهِمَا . وَإِن أَظهَرُوا الشَّهَادَتَينِ مَعَ هَذِهِ العَقَائِدِ ، فَهُم كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ المُسلِمِينَ . وَقَالَ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ : هَؤُلاءِ القَومُ المُسَمَّونَ بِالنُصَيرِيَّةِ هُم وَسَائِرُ أَصنَافِ القَرَامِطَةِ البَاطِنِيَّةِ أَكفَرُ مِن اليَهُودِ وَالنَّصَارَى ، بَل وَأَكفَرُ مِن كَثِيرٍ مِنَ المُشرِكِينَ ، وَضَرَرُهُم عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَعظَمُ مِن ضَرَرِ الكُفَّارِ المُحَارِبِينَ ، مِثلِ كُفَّارِ التَّتَارِ وَالفِرِنجِ وَغَيرِهِم ؛ فَإِنَّ هَؤُلاءِ يَتَظَاهَرُونَ عِندَ جُهَّالِ المُسلِمِينَ بِالتَّشَيُّعِ وَمُوَالاةِ أَهلِ البَيتِ ، وَهُم في الحَقِيقَةِ لا يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِرَسُولِهِ وَلا بِكِتَابِهِ ، وَلا بِأَمرٍ وَلا نَهيٍ ، وَلا ثَوَابٍ وَلا عِقَابٍ وَلا جَنَّةٍ وَلا نَارٍ ، وَلا بِأَحَدٍ مِنَ المُرسَلِينَ قَبلَ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَلا بِمِلَّةٍ مِنَ المِلَلِ السَّالِفَةِ ، بَل يَأخُذُونَ كَلامَ اللهِ وَرَسُولِهِ المَعرُوفَ عِندَ عُلَمَاءِ المُسلِمِينَ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى أُمُورٍ يَفتَرُونَهَا ، يَدَّعُونَ أَنَّهَا عِلمُ البَاطِنِ ..." اِنتَهَى كَلامُهُ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ وَهُوَ الكَلامُ الفَصلُ الجَزلُ ، الَّذِي حُصِرَت بِهِ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الخَبِيثَةُ في مَكَانٍ ضَيِّقٍ في بِلادِ الشَّامِ عِدَّةَ قُرُونٍ ، لا يُمَكَّنُونَ مِنَ الوَظَائِفِ وَلا مِنَ التَّعلِيمِ ، حَتَّى احتَلَّت فَرَنسَا بِلادَ الشَّامِ ، فَأَخرَجَتهُم وَأَبرَزَتهُم ولَمَّعَتهُم ، وَلَقَّبَتهُم بِالعَلَوِيِّينَ وَمَكَّنَتهُم مِنَ المَنَاصِبِ المُهِمَّةِ في الدَّولَةِ ... هَذِهِ هِيَ النُصَيرِيَّةُ الكَافِرَةُ المُرتَدَّةُ ، الَّتي سُلِّطَت عَلَى أَهلِ الشَّامِ لَمَّا زَاغُوا عَنِ الحَقِّ وَاتَّبَعُوا نَاعِقَ القَومِيَّةِ ، وَأَرخُوا السَّمعَ لَنَابِحِ الوَطَنِيَّةِ ، وَطَأطَؤُوا الرُّؤُوسَ لِكُفرِ البَعثِيَّةِ وَسَفَاهَةِ الاشتِرَاكِيَّةِ ، وَتَرَكُوا المَنهَجَ القَوِيمَ وَحَادُوا عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ ، وَلَن تَرجِعَ لَهُم عِزَّتُهُم وَلَن يَنَالُوا الفَضلَ الَّذِي جَاءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِم إِلاَّ بِالرُّجُوعِ إِلى دِينِهِمُ الحَقِّ وَتَمَسُّكِهِم بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَنَسأَلُ اللهَ أَن يُهَيِّئَ لَهُم مِن أَمرِهِم رَشَدًا ، وَأَن يَحقِنَ دِمَاءَهُم وَيَحفَظَ رِجَالَهُم وَنِسَاءَهُم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى