مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ/ إبراهيم بن صالح العجلان
الحرية الصحفية والجرأة على الثوابت
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون :
الإسلام لا يكفر اليهود والنصارى ، المتشددون المتنطعون هم الذين صوروا
لنا أن الإسلام يكفر كل من خالفه .
هذه سفاهة صحفية !
السلفية لديها القابلية الفائقة للإرهاب ، السلفية التقليدية بطبعها أحادية الرأي
تسفه من خالفها وتبدعه وتضلله
وهذه سخافة أخرى !.
حروب الردة التي خاضها أبو بكر الصديق هي أول واقعة أخرجت فكر التكفير
إلى الوجود ، وهو أول ميلاد للتكفير.
وهذه سفاهة أعظم وأشنع !.
وسفاهة أخرى تقول :
الروحانية ليست في السجود وقراءة القرآن فقط ، الروحانية أيضا تكون
في الجمال , وفي الموسيقى الهادئة في أوقات السحر .
وسفاهة أخرى تصف حجاب المرأة بأنه حرية شخصية ، وعادة اجتماعية ،
وليست ربانية ، ثم دعا بكل جرأة وتواقح إلى نزع الحجاب؛ لأنه يصادم
إنسانية المرأة .
هذه الكتابات وغيرها كثير وكثير ، لم تكتب في صحف نصرانية على الإسلام
حاقدة ، ولم تسطر في دول عربية تحكمها القوانين الوضعية , والأنظمة العلمانية.
وإنما كتبت ونشرت في بلدنا هنا الذي يحكم فيه بالشريعة , وينص دستوره الإعلامي على مرجعية الكتاب والسنة وفهم السلف لهما .
هذه العفونات الفكرية ما تسللت إلى صحفنا , وتجرأت على هذا الطرح الفج إلا تحت شعار حرية الرأي وحرية التعبير زعموا .
وكأن هذا المصطلح أعطي من القداسة ما جعله حقا لا يمس , حتى أصبح هذا الشعار قنطرة ليقول فيه مَن شاء ما شاء , دون ضابط شرعي , أو قيد اجتماعي .
إخوة الإيمان :
إن مصطلح حرية الرأي من الألفاظ المحدثة لم تعرفه قواميس أهل الإسلام ولم يستخدمه أئمة الإسلام في العصور الفاضلة وما بعدها , وإنما نشأ هذا المصطلح يوم نشأ في بلاد أوروبا النصرانية . وظهر كردة فعل من تسلط الكنيسة على أفكار الناس.
ومع هذا كله لا يمنعنا ذلك من الوقوف مع دلالات هذا المصطلح، وأن يبين الموقف الشرعي منه , فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني .
عباد الله :
دين الإسلام العدل الذي رضيه الله للبشرية , هو دين الرحمة والحرية والدعوة إلى الخير ,, دين الكلمة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين ، دين دعا إلى إبداء الرأي الحسن الذي يبني ولا يهدم , ويصلح ولا يفسد ، ويقوِّم ولا يُقوِّض .
فمن حرية الرأي قوله صلى الله عليه وسلم عن الأعرابي الذي جاء يناشد حقا من حقوقه : (( دعوه فإن لصاحب الحق مقالا )) .
وما ترسيخ الإسلام لمبدأ الشورى , والحث على النصيحة , والحض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لونا من ألوان حرية الرأي .
إن المتأمل في نصوص الوحيين يمكن أن يستلهم قواعد عامة تجلي الموقف من حرية الرأي , ومساحتها المسوح بها والممنوع منها :
أولا: إن الإسلام عظّم من مكانة الرأي، وأعلى من شأنه سواء أكان هذا الرأي كلمة منطوقة أم مكتوبة.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء }إبراهيم24 {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }إبراهيم26
وفي الحديث الصحيح :
" إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها رضوانه إلى يوم القيامة . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة" رواه الإمام أحمد في مسنده.
ثانيا : إن هذا الرأي ليس بضع كلمات يلقيها الإنسان ثم يلتفت من تبعها , كلا , بل هي حرية تصاحبها مسؤولية ومحاسبة .
قال تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18
ويقول سيد البشر صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم .
ثالثا: إن الإسلام أمر بالرأي الحسن، والقول المؤدب {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً }البقرة83
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}الإسراء53وفي الحديث الصحيح :
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يصمت "
وفي المقابل نهى عن إبداء الرأي السيئ والمجاهرة به {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }النساء148
رابعا : إن الإسلام جاء بحفظ ضرورات خمسة , منها حماية الأعراض ,
ومن هذا الباب حرّمت الشريعة جملة من الآفات التي فيها ضرر على الآخرين كالقذف والغيبة والبهتان والتنابز بالألقاب ونحوها.
فلا يجوز الولوغ في أعراض المسلمين أو التهكم بهيئاتهم تحت شعار حرية الرأي.
خامسا : إن الإسلام نهى عن إبداء الرأي بلا علم , قال تعالى : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36 .
فلا يسوغ عقلا وشرعا لمن لم يكن مختصا في فن أن يتكلم به.
ولذا ذكـر الفقهاء رحمهـم الله أن يشرع الحجر على الطبيب الجاهل لأن ضرره متعد .
ومن هذا الباب فإنه لا يجوز إبداء الرأي في القضايا الإسلامية , والمسائل الشرعية إلا لمن كان يتمتع بالأهلية العلمية , ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه , فتكلم فيما يحسن، وترك ما لا يحسنه لأهل الاختصاص .
سادسا : إن القضايا العامة، والنوازل المتعلقة بحياة الناس ومصالحهم لا بد من ردها إلى الكتاب والسنة , قال سبحانه :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الحجرات1قال علي وابن عباس رضي الله عنهم : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة .
وأعلم الناس بمراد الله، وفهم روح الشرع هم أهل العلم الراسخون.
فلا بد من أخذ رأيهم في كل معضلة أو نازلة كما قال سبحانه{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
سابعا :إن حرية الرأي يجب أن لا تطال المقدسات الدينية , والثوابت الشرعية كأصول الاعتقاد، والنصوص القطعية الثابتة .
فليس من الحرية أن يُجاهر بالفسوق ، ويستعلن بالفجور , ولا مرحبا بحرية تصادم الدين وتعاكس الشريعة , ولن يستقيم شأن المجتمع ويحفظ للدين سطوته إلا بالأخذ على أيدي السفهاء وأطرهم على الحق أطرا .
فها هو الفاروق رضي الله عنه يؤتي إليه برجل جعل يثير الشبهات بين الناس، ويضرب النصوص بعضها ببعض، فأمر بجلده حتى تأدب وتاب.
إخوة الإيمان :
الكلمة سواء أكانت مكتوبة أم منطوقة هي سلاح ذو حدين , وقوة ذات شطرين ورب كلمة هدأت خواطر , وأخرى سببت قلاقل
وقديما قال نصر بن سيار :
فإن النار بالعود تذكى وإن الحرب مبدؤها كلام
إن من علامة الخير والصلاح في الأمة أن يتولى التعبير عنها في صحفها الأيادي الأمينة , والأقلام الناصحة الصادقة .
أقلام تعرف للكلمة حقها وسطوتها ، ودقتها وقوتها , أقلام تسعى لترسيخ العقيدة، وإشاعة الفضيلة , ورفع المظالم ، وغرس التفاؤل، وتضميد الجراحات , ودلالة الناس إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم .
هذه الأقلام التي تحمل همَّ الأمة وهمومها يوثق بها ، وتستقرأ كتاباتهم وينتظر طلتها بكل شوق وشغف .
ويعظم مصاب الأمة , وتزداد وجعا إلى مواجعها , حينما يحمل القلم من ليس أهلا للكتابة فيَضل ويُضل ...تزداد مآسي الأمة حينما يتولى التعبير عنها : أقلام مسمومة مخذلة مفسدة.
أقلام تخدش الشعائر , وتجرح المشاعر , أقلام تحركها رياح الشهوات , وأعاصير الشبهات
فهم متميزون ..... ولكن في الانتهازية واستغلال كل حدث لتمرير أفكارهم المأفونة , ومشاريعهم المدفونة
مبدعون .... ولكن في سرقة الأفكار، وترجيع الصدى لما يطرح في الصحف الأجنبية .
بارعون.... ولكن في الاستفزاز وتصنيف من خالفهم بالتشدد والآحادية ، والإقصائية والماضوية.
ناهيكم عن أقلام الضرر ومقالات السوء التي تنادي إلى إلغاء فهم السلف الصالح في تفسير النصوص الشرعية , داعية إلى الاستقلالية في قراءة النصوص بزعم مواكبة روح العصر، والدعوة إلى الإسلام المستنير.
إسلام لا ولاء فيه ولا براء, لأن هذه العقيدة تصنع لنا ثقافة الكراهية .
إسلام لا جهاد فيه ، وإذا ذكر ففي دائرة ضيقة وعلى استحياء .
إسلام لا نهي فيه عن المنكر لأن هذا يصادم الحرية الشخصية ، ويتطفل على
خصوصيات الآخرين .
هذه الأقلام بُلينا بها ردحا من الزمن ....ولا يزال الإعلام يفتح لها أبوابه .
ولا تزال تلقى الترحيب والتصفيق من بعض الصحف .. ولا تزال مقالاتهم هي المنتقاة حينما تنقل لنا بعض القنوات حديث الصحافة .
وكأنها هي المجددة والمنقذة للفكر الإسلامي .
هذه الكتابات ليست بدعا في تاريخ الأمة الإسلامية ، وستبقى وربِّ العزة مقالات مطموسة ، وكلمات مطمورة وسيضرب عليها الزمان غباره ، ولن تذكر بعد ذلك في قبيل ولا دبير.
كم من كتابات السوء ، ومقالات الضرار طواها التاريخ , وكفانها الزمان هم وأصحابهم ، هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ذكرا .
وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا .
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين ، وأستغفر
الله العظيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اجتبى
أما بعد
فيا إخوة الإيمان :
ويبلغ التلبيس مداه , وتصل الانهزامية غايتها , حينما يزعم فريق ممن تسلق أعمدة الصحف بأن من اليهود والنصارى مؤمنون ، وأن الإسلام لا يكفر كل من خالفه !
وإن تعجب فليس عجب من جرأة هؤلاء وجهالاتهم !
وإنما العجب الذي لا ينقضي أن يمكنوا من صحفنا , لينفثوا فيها ضلالاتهم وسمومهم دون محاسبة أو محاكمة !!!
ما كنا نتصور أو نصدق أن يوجد في بلد التوحيد من يصحح عقائد الكفرة أو يتوقف ويشكك في كفرهم ......... ولكنها الغربة , والفتن يرقق بعضها بعضا .
عباد الله :
إن كفر من لم يؤمن بدين الإسلام من مسلمات الشريعة ، وقواطع الملة ، ومما هو
معلوم من الدين بالضرورة , والتشكيك في ذلك أو إنكاره ردّة صريحة ومروق من الدين بالكلية .
ونصوص الوحيين فاصلة قاطعة في هذه القضية ودلالاتها صريحة لا تحتمل
التأويل أو تعدد التفسير.
قال تعالى : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}آل عمران19
وقال سبحانه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
وهل كانت بعثة النبي صلى اله عليه وسلم إلا للبشرية جميعا وللثقلين كافة .
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}الأعراف158{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }سبأ28 {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }الفرقان1
فمن بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن بها فهو كافر في الدنيا ، وهو في الآخرة من حطب جهنم .
قال تعالى : {وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً }الفتح13
وقال سبحانه : {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}هود17
وثبت في الحديث الصحيح عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي
نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي
أرسلت به إلا كان من أهل النار) .
فهذه نصوص الوحيين ... صريحة وواضحة , فماذا بعد الحق إلا الضلال
نعوذ بالله من الضلال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
من لم يكفر اليهود والنصارى أو شك في كفرهم أو سوّغ اتباع دينهم أو صحح ما
هم عليه من اعتقادات باطلة فهو كافر باتفاق المسلمين .
ونقل هذا الإجماع أيضا القاضي عياض في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى
أما إمام زمانه ابن باز رحمه الله وجعل نزله في عليين فقد قال :
( إن من زعم أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو
كافر بإجماع أهل العلم يستثاب وتبين له الأدلة فإن تاب وإلا قتل ردة )
عباد الله :
إن حماية جناب التوحيد والحفاظ على مقام الدين من أن يمس من أعظم الواجبات ،
وجهاد هؤلاء المشوشين الملبسين من أعظم جهاد الكلمة ، والنصح للأمة
والتواصي بتعرية هؤلاء وتجلية هذه المسائل من أشرف أنواع التواصي بالحق
والبر .
وكلنا أمل بعد الله تعالى في علمائنا ودعاتنا أن يبقى صوتهم بالحق مجلجلاً ، وأن
يقوموا بواجب البيان والإبراء.
فبهم تهتدي الأمة وترشد , وبهم تصلح وتستقيم ، وإذا علا صوتهم وظهر خنست
أصوات أهل التغريب والعلمنة .
فاتقوا الله أيها المسلمون وعظموا حرمات الله , وقفوا عند حدود الله , واستمسكوا بشريعة الله , وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
ثم صلوا بعد ذلك وسلموا على خير البرية وأزكى البشرية.
فقد أمركم ربكم بأمر بدأ فيه بنفسه.
الحرية الصحفية والجرأة على الثوابت
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون :
الإسلام لا يكفر اليهود والنصارى ، المتشددون المتنطعون هم الذين صوروا
لنا أن الإسلام يكفر كل من خالفه .
هذه سفاهة صحفية !
السلفية لديها القابلية الفائقة للإرهاب ، السلفية التقليدية بطبعها أحادية الرأي
تسفه من خالفها وتبدعه وتضلله
وهذه سخافة أخرى !.
حروب الردة التي خاضها أبو بكر الصديق هي أول واقعة أخرجت فكر التكفير
إلى الوجود ، وهو أول ميلاد للتكفير.
وهذه سفاهة أعظم وأشنع !.
وسفاهة أخرى تقول :
الروحانية ليست في السجود وقراءة القرآن فقط ، الروحانية أيضا تكون
في الجمال , وفي الموسيقى الهادئة في أوقات السحر .
وسفاهة أخرى تصف حجاب المرأة بأنه حرية شخصية ، وعادة اجتماعية ،
وليست ربانية ، ثم دعا بكل جرأة وتواقح إلى نزع الحجاب؛ لأنه يصادم
إنسانية المرأة .
هذه الكتابات وغيرها كثير وكثير ، لم تكتب في صحف نصرانية على الإسلام
حاقدة ، ولم تسطر في دول عربية تحكمها القوانين الوضعية , والأنظمة العلمانية.
وإنما كتبت ونشرت في بلدنا هنا الذي يحكم فيه بالشريعة , وينص دستوره الإعلامي على مرجعية الكتاب والسنة وفهم السلف لهما .
هذه العفونات الفكرية ما تسللت إلى صحفنا , وتجرأت على هذا الطرح الفج إلا تحت شعار حرية الرأي وحرية التعبير زعموا .
وكأن هذا المصطلح أعطي من القداسة ما جعله حقا لا يمس , حتى أصبح هذا الشعار قنطرة ليقول فيه مَن شاء ما شاء , دون ضابط شرعي , أو قيد اجتماعي .
إخوة الإيمان :
إن مصطلح حرية الرأي من الألفاظ المحدثة لم تعرفه قواميس أهل الإسلام ولم يستخدمه أئمة الإسلام في العصور الفاضلة وما بعدها , وإنما نشأ هذا المصطلح يوم نشأ في بلاد أوروبا النصرانية . وظهر كردة فعل من تسلط الكنيسة على أفكار الناس.
ومع هذا كله لا يمنعنا ذلك من الوقوف مع دلالات هذا المصطلح، وأن يبين الموقف الشرعي منه , فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني .
عباد الله :
دين الإسلام العدل الذي رضيه الله للبشرية , هو دين الرحمة والحرية والدعوة إلى الخير ,, دين الكلمة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين ، دين دعا إلى إبداء الرأي الحسن الذي يبني ولا يهدم , ويصلح ولا يفسد ، ويقوِّم ولا يُقوِّض .
فمن حرية الرأي قوله صلى الله عليه وسلم عن الأعرابي الذي جاء يناشد حقا من حقوقه : (( دعوه فإن لصاحب الحق مقالا )) .
وما ترسيخ الإسلام لمبدأ الشورى , والحث على النصيحة , والحض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لونا من ألوان حرية الرأي .
إن المتأمل في نصوص الوحيين يمكن أن يستلهم قواعد عامة تجلي الموقف من حرية الرأي , ومساحتها المسوح بها والممنوع منها :
أولا: إن الإسلام عظّم من مكانة الرأي، وأعلى من شأنه سواء أكان هذا الرأي كلمة منطوقة أم مكتوبة.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء }إبراهيم24 {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }إبراهيم26
وفي الحديث الصحيح :
" إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله بها رضوانه إلى يوم القيامة . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة" رواه الإمام أحمد في مسنده.
ثانيا : إن هذا الرأي ليس بضع كلمات يلقيها الإنسان ثم يلتفت من تبعها , كلا , بل هي حرية تصاحبها مسؤولية ومحاسبة .
قال تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18
ويقول سيد البشر صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم .
ثالثا: إن الإسلام أمر بالرأي الحسن، والقول المؤدب {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً }البقرة83
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}الإسراء53وفي الحديث الصحيح :
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يصمت "
وفي المقابل نهى عن إبداء الرأي السيئ والمجاهرة به {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً }النساء148
رابعا : إن الإسلام جاء بحفظ ضرورات خمسة , منها حماية الأعراض ,
ومن هذا الباب حرّمت الشريعة جملة من الآفات التي فيها ضرر على الآخرين كالقذف والغيبة والبهتان والتنابز بالألقاب ونحوها.
فلا يجوز الولوغ في أعراض المسلمين أو التهكم بهيئاتهم تحت شعار حرية الرأي.
خامسا : إن الإسلام نهى عن إبداء الرأي بلا علم , قال تعالى : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36 .
فلا يسوغ عقلا وشرعا لمن لم يكن مختصا في فن أن يتكلم به.
ولذا ذكـر الفقهاء رحمهـم الله أن يشرع الحجر على الطبيب الجاهل لأن ضرره متعد .
ومن هذا الباب فإنه لا يجوز إبداء الرأي في القضايا الإسلامية , والمسائل الشرعية إلا لمن كان يتمتع بالأهلية العلمية , ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه , فتكلم فيما يحسن، وترك ما لا يحسنه لأهل الاختصاص .
سادسا : إن القضايا العامة، والنوازل المتعلقة بحياة الناس ومصالحهم لا بد من ردها إلى الكتاب والسنة , قال سبحانه :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الحجرات1قال علي وابن عباس رضي الله عنهم : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة .
وأعلم الناس بمراد الله، وفهم روح الشرع هم أهل العلم الراسخون.
فلا بد من أخذ رأيهم في كل معضلة أو نازلة كما قال سبحانه{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
سابعا :إن حرية الرأي يجب أن لا تطال المقدسات الدينية , والثوابت الشرعية كأصول الاعتقاد، والنصوص القطعية الثابتة .
فليس من الحرية أن يُجاهر بالفسوق ، ويستعلن بالفجور , ولا مرحبا بحرية تصادم الدين وتعاكس الشريعة , ولن يستقيم شأن المجتمع ويحفظ للدين سطوته إلا بالأخذ على أيدي السفهاء وأطرهم على الحق أطرا .
فها هو الفاروق رضي الله عنه يؤتي إليه برجل جعل يثير الشبهات بين الناس، ويضرب النصوص بعضها ببعض، فأمر بجلده حتى تأدب وتاب.
إخوة الإيمان :
الكلمة سواء أكانت مكتوبة أم منطوقة هي سلاح ذو حدين , وقوة ذات شطرين ورب كلمة هدأت خواطر , وأخرى سببت قلاقل
وقديما قال نصر بن سيار :
فإن النار بالعود تذكى وإن الحرب مبدؤها كلام
إن من علامة الخير والصلاح في الأمة أن يتولى التعبير عنها في صحفها الأيادي الأمينة , والأقلام الناصحة الصادقة .
أقلام تعرف للكلمة حقها وسطوتها ، ودقتها وقوتها , أقلام تسعى لترسيخ العقيدة، وإشاعة الفضيلة , ورفع المظالم ، وغرس التفاؤل، وتضميد الجراحات , ودلالة الناس إلى ما فيه خير دينهم ودنياهم .
هذه الأقلام التي تحمل همَّ الأمة وهمومها يوثق بها ، وتستقرأ كتاباتهم وينتظر طلتها بكل شوق وشغف .
ويعظم مصاب الأمة , وتزداد وجعا إلى مواجعها , حينما يحمل القلم من ليس أهلا للكتابة فيَضل ويُضل ...تزداد مآسي الأمة حينما يتولى التعبير عنها : أقلام مسمومة مخذلة مفسدة.
أقلام تخدش الشعائر , وتجرح المشاعر , أقلام تحركها رياح الشهوات , وأعاصير الشبهات
فهم متميزون ..... ولكن في الانتهازية واستغلال كل حدث لتمرير أفكارهم المأفونة , ومشاريعهم المدفونة
مبدعون .... ولكن في سرقة الأفكار، وترجيع الصدى لما يطرح في الصحف الأجنبية .
بارعون.... ولكن في الاستفزاز وتصنيف من خالفهم بالتشدد والآحادية ، والإقصائية والماضوية.
ناهيكم عن أقلام الضرر ومقالات السوء التي تنادي إلى إلغاء فهم السلف الصالح في تفسير النصوص الشرعية , داعية إلى الاستقلالية في قراءة النصوص بزعم مواكبة روح العصر، والدعوة إلى الإسلام المستنير.
إسلام لا ولاء فيه ولا براء, لأن هذه العقيدة تصنع لنا ثقافة الكراهية .
إسلام لا جهاد فيه ، وإذا ذكر ففي دائرة ضيقة وعلى استحياء .
إسلام لا نهي فيه عن المنكر لأن هذا يصادم الحرية الشخصية ، ويتطفل على
خصوصيات الآخرين .
هذه الأقلام بُلينا بها ردحا من الزمن ....ولا يزال الإعلام يفتح لها أبوابه .
ولا تزال تلقى الترحيب والتصفيق من بعض الصحف .. ولا تزال مقالاتهم هي المنتقاة حينما تنقل لنا بعض القنوات حديث الصحافة .
وكأنها هي المجددة والمنقذة للفكر الإسلامي .
هذه الكتابات ليست بدعا في تاريخ الأمة الإسلامية ، وستبقى وربِّ العزة مقالات مطموسة ، وكلمات مطمورة وسيضرب عليها الزمان غباره ، ولن تذكر بعد ذلك في قبيل ولا دبير.
كم من كتابات السوء ، ومقالات الضرار طواها التاريخ , وكفانها الزمان هم وأصحابهم ، هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ذكرا .
وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا .
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين ، وأستغفر
الله العظيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اجتبى
أما بعد
فيا إخوة الإيمان :
ويبلغ التلبيس مداه , وتصل الانهزامية غايتها , حينما يزعم فريق ممن تسلق أعمدة الصحف بأن من اليهود والنصارى مؤمنون ، وأن الإسلام لا يكفر كل من خالفه !
وإن تعجب فليس عجب من جرأة هؤلاء وجهالاتهم !
وإنما العجب الذي لا ينقضي أن يمكنوا من صحفنا , لينفثوا فيها ضلالاتهم وسمومهم دون محاسبة أو محاكمة !!!
ما كنا نتصور أو نصدق أن يوجد في بلد التوحيد من يصحح عقائد الكفرة أو يتوقف ويشكك في كفرهم ......... ولكنها الغربة , والفتن يرقق بعضها بعضا .
عباد الله :
إن كفر من لم يؤمن بدين الإسلام من مسلمات الشريعة ، وقواطع الملة ، ومما هو
معلوم من الدين بالضرورة , والتشكيك في ذلك أو إنكاره ردّة صريحة ومروق من الدين بالكلية .
ونصوص الوحيين فاصلة قاطعة في هذه القضية ودلالاتها صريحة لا تحتمل
التأويل أو تعدد التفسير.
قال تعالى : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}آل عمران19
وقال سبحانه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85
وهل كانت بعثة النبي صلى اله عليه وسلم إلا للبشرية جميعا وللثقلين كافة .
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}الأعراف158{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }سبأ28 {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }الفرقان1
فمن بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن بها فهو كافر في الدنيا ، وهو في الآخرة من حطب جهنم .
قال تعالى : {وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً }الفتح13
وقال سبحانه : {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ}هود17
وثبت في الحديث الصحيح عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي
نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي
أرسلت به إلا كان من أهل النار) .
فهذه نصوص الوحيين ... صريحة وواضحة , فماذا بعد الحق إلا الضلال
نعوذ بالله من الضلال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
من لم يكفر اليهود والنصارى أو شك في كفرهم أو سوّغ اتباع دينهم أو صحح ما
هم عليه من اعتقادات باطلة فهو كافر باتفاق المسلمين .
ونقل هذا الإجماع أيضا القاضي عياض في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى
أما إمام زمانه ابن باز رحمه الله وجعل نزله في عليين فقد قال :
( إن من زعم أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو
كافر بإجماع أهل العلم يستثاب وتبين له الأدلة فإن تاب وإلا قتل ردة )
عباد الله :
إن حماية جناب التوحيد والحفاظ على مقام الدين من أن يمس من أعظم الواجبات ،
وجهاد هؤلاء المشوشين الملبسين من أعظم جهاد الكلمة ، والنصح للأمة
والتواصي بتعرية هؤلاء وتجلية هذه المسائل من أشرف أنواع التواصي بالحق
والبر .
وكلنا أمل بعد الله تعالى في علمائنا ودعاتنا أن يبقى صوتهم بالحق مجلجلاً ، وأن
يقوموا بواجب البيان والإبراء.
فبهم تهتدي الأمة وترشد , وبهم تصلح وتستقيم ، وإذا علا صوتهم وظهر خنست
أصوات أهل التغريب والعلمنة .
فاتقوا الله أيها المسلمون وعظموا حرمات الله , وقفوا عند حدود الله , واستمسكوا بشريعة الله , وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
ثم صلوا بعد ذلك وسلموا على خير البرية وأزكى البشرية.
فقد أمركم ربكم بأمر بدأ فيه بنفسه.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى