مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
د. رياض بن محمد المسيميري
نقص العهد والميثاق
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، أمَّا بعدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). [سورة آل عمران، الآية: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). [سورة النساء، الآية: 1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا). [سورة الأحزاب، الآيات: 70- 71]. أما بعد:
فإنّ من علامات ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر والتي تنتشر في حياة المسلمين اليوم التخلق بأخلاق المنافقين، والتشبه بهم في تصرفاتهم وسلوكياتهم، وفي تعاملاتهم وطبائعهم.
ومن أبرز تلك الأخلاق والصفات البائسة المنكودة: نقض العهود والمواثيق، وإنّ شئت قل: الغدر والخيانة.
وأخطر أنواع نقض المواثيق: نقض الميثاق مع الله تعالى، ذلك الميثاق العظيم المشار إليه بقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
وذكّر سبحانه المؤمنين خاصة بذلك الميثاق الغليظ حيث يقول: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ). فهل التزم المسلمون بذلك الميثاق الغليظ الذي أخذه الرب عليهم، والذي أشهدهم فيه على أنفسهم: ألست بربكم، فقالوا بلى شهدنا؟!.
هل التزم المسلمون بإقامة كيان التوحيد في النفوس؟! والتخلّص من آثار الجاهلية الأولى؟!.
الإجابة على هذه التساؤلات تنبئك عنها تلك التجمعات الهائلة حول الأضرحة والمشاهد، وتلك الاستغاثات والتوسّلات بين يدي المقبورين فيها، تلك الابتهالات والنداءات لمن لا يملك موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
إنه نقض للميثاق من أساسه، وهدم للإسلام من أصوله، وسخرية بالجبار جل جلاله.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: أصحاب المعاصي والموبقات المنغمسون في الرذيلة والفساد، والمستسلمون للهوى وعبادة الشيطان، المضيعون للصلوات، والمتبعون للشهوات، وهم مع ذلك كله لا يتورعون صباح مساء أن يرددوا قولة حق أريد به باطل؛ يقولون: إن الله غفور رحيم، إن رحمة الله وسعت كل شيء.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ).
وتأمل قوله في الآية: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ).
يعني أن ما قالوه وفق ما نهوه، باطل لا ريب فيه، يخادعون الله وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين أعلنوا توبتهم بين يدي الله تعالى، وعاهده على الاستقامة والسير الحميد، ورفعوا اكف الضراعة من أجل قبول توبتهم وإقالة عثرتهم، وعاهدوا الرب جل جلاله على بذل الطاعة والتزام الحدود، فهجروا الموبقات والشهوات. فلما طال عليهم الأمد، وتغير عليهم الناس أخذ الحنين إلى الماضي يدب في نفوسهم، ويضعف الهمم وبحثوا لأنفسهم عن الحجج والمعاذير، وتتبعوا الرخص وفتاوى علماء السوء، فنقضوا العهد والميثاق مع اللطيف الخبير، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: علماء الضلالة وأحبار السوء الذين منحهم الله تعالى ذكاءاً وفطنة، وحفظاً وفهماً، فاستظهروا المتون وحازوا الفنون، واستبانت لهم المحجة، وقامت عليهم الحجة، وكان لزاماً عليهم بيان الحق، ونصرة الدين، ودحض الخصوم والمعاندين بالحجة والقول المبين، وبذل العلم للراغبين، وكشف الشبه للحائرين، ولكنهم آثروا العاجلة مع الباقية، وتركوا الناس يتخبطون في خرافاتهم وتقديس أوثانه،م دون علم ولا هدى ولا كتاب منير، وفي أمثال هؤلاء يقول سبحانه: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).
إذاً فكتم العلم عن الناس وحجب كلمة الحق عن مسامعهم إخلال بالميثاق، وتعرض للعن والإبعاد: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ومن هنا: رأينا الصحابي الجليل أبا هريرة رضي الله عنه يعلن عن سر إكثاره الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إّذ يقول فيما رواه عنه البخاري: "يقول الناس أكثر أبو هريرة - يعني أكثر من رواية الحديث - ولو آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثاً، ثم يتلو قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى...). الآيات السابقة.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين أخذوا على عاتقهم مسئولية الدعوة إلى الله تعالى، وتنوير الناس، والتصدي لتيار الانحراف في العقيدة والأخلاق والسلوك، فلما أعياهم طول الطريق وبعد الشقة تخلوا عن دعوتهم، ووضعوا رايتهم، ونقضوا العهد والميثاق الذي أبرموه مع الربّ جلّ جلاله في نصرة الدين وحماية العقيدة ومجاهدة المنافقين.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين وهبهم الله المال والثروة، فجحدوا فضل الله عليهم، وأنكروا إحسانه إليهم، واستعلموا ثراءهم في محاربة الله ومحاداة رسوله، وبددوا الثروات في الفسق والفجور، وبذروا تبذير الشياطين، وحرموا الضعفاء والمساكين والأرامل واليتامى من حقهم في العيش الكريم.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ).
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين وهبهم الله الأبناء والذرية، فبدلاً من شكر المنعم العظيم والرب الكريم بتنشئة الأبناء تنشئة الصالحين، وغرس التدين في نفوسهم، وتربيتهم على الفضيلة والمروءة والحياء، وحسن الخلق، والسمت الجميل، ألفيتهم تاركين أبناءهم عرضة للفتن والفساد واختلال القيم والموازين، وذلك عبر ما جلبوه لبيوتهم ومحارمهم وذراريهم من وسائل التدمير والإفساد، التي تأمرهم بكل منكر، وتعرض لهم كل قبيح، وتعبث بعقائدهم، وتسخر من أخلاقهم وقيمهم.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: أولئك الساخرون من محمد عليه الصلاة والسلام بالتنكر لرسالته، والخروج على شريعته، والابتداع في ديانته وملته.
فلقد قام عليه الصلاة والسلام بدعوته خير القيام، فما ترك خيراً إلا ودل الأمة عليه، ولا شراً إلا حذرها منه، واستشهد الناس على ذلك في يوم الحج الأكبر، فاستنطق مائة ألف أو يزيدون على تبليغه الرسالة وأداءه للأمانة، فشهدوا بالحق وبه كانوا يعدلون.
إذاًَ فخلع اليد من طاعته والتنكر لرسالته يُعدّ نقضاً للميثاق الذي يقول الله فيه: (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الحكام والأمراء، والذين بايعتهم الأمة على الكتاب والسنة، وتحكيم الشريعة، ونصرة الإسلام، فلما مكّن لهم في الأرض، وأذعن لهم الناس، نقضوا العهد الذي أبرموه، والميثاق الذي واثقوه، ونحوا الشريعة عن حكم الحياة، واستبدلوا بها قوانين البشر، وسخافات البشر وتفاهاتهم، ورفعوا راية الظلم والعدوان، وكمموا الأفواه، وحجبوا كلمة الحق عن مسامع الناس.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ).
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، العبد المجتبى، والنبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه واقتفى. أما بعد:
أيها المسلمون:
فإنّ نقض العهود والمواثيق انتكاس في الفطر، وردّة في القيم، وهو أمرٌ ذمّه القرآن الكريم، وتوعّد عليه العزيز الجبار، وذلك في أكثر من موضع من الكتاب العزيز، فمن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
وقال سبحانه: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
فاتقوا الله أيها الناس: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
إلا وصلوا على النبي الهاشمي الرحمة المهداة، والنعمة المسداة محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بذلك: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
نقص العهد والميثاق
الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، أمَّا بعدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). [سورة آل عمران، الآية: 102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). [سورة النساء، الآية: 1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا). [سورة الأحزاب، الآيات: 70- 71]. أما بعد:
فإنّ من علامات ضعف الإيمان بالله واليوم الآخر والتي تنتشر في حياة المسلمين اليوم التخلق بأخلاق المنافقين، والتشبه بهم في تصرفاتهم وسلوكياتهم، وفي تعاملاتهم وطبائعهم.
ومن أبرز تلك الأخلاق والصفات البائسة المنكودة: نقض العهود والمواثيق، وإنّ شئت قل: الغدر والخيانة.
وأخطر أنواع نقض المواثيق: نقض الميثاق مع الله تعالى، ذلك الميثاق العظيم المشار إليه بقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
وذكّر سبحانه المؤمنين خاصة بذلك الميثاق الغليظ حيث يقول: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ). فهل التزم المسلمون بذلك الميثاق الغليظ الذي أخذه الرب عليهم، والذي أشهدهم فيه على أنفسهم: ألست بربكم، فقالوا بلى شهدنا؟!.
هل التزم المسلمون بإقامة كيان التوحيد في النفوس؟! والتخلّص من آثار الجاهلية الأولى؟!.
الإجابة على هذه التساؤلات تنبئك عنها تلك التجمعات الهائلة حول الأضرحة والمشاهد، وتلك الاستغاثات والتوسّلات بين يدي المقبورين فيها، تلك الابتهالات والنداءات لمن لا يملك موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
إنه نقض للميثاق من أساسه، وهدم للإسلام من أصوله، وسخرية بالجبار جل جلاله.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: أصحاب المعاصي والموبقات المنغمسون في الرذيلة والفساد، والمستسلمون للهوى وعبادة الشيطان، المضيعون للصلوات، والمتبعون للشهوات، وهم مع ذلك كله لا يتورعون صباح مساء أن يرددوا قولة حق أريد به باطل؛ يقولون: إن الله غفور رحيم، إن رحمة الله وسعت كل شيء.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ).
وتأمل قوله في الآية: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ).
يعني أن ما قالوه وفق ما نهوه، باطل لا ريب فيه، يخادعون الله وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين أعلنوا توبتهم بين يدي الله تعالى، وعاهده على الاستقامة والسير الحميد، ورفعوا اكف الضراعة من أجل قبول توبتهم وإقالة عثرتهم، وعاهدوا الرب جل جلاله على بذل الطاعة والتزام الحدود، فهجروا الموبقات والشهوات. فلما طال عليهم الأمد، وتغير عليهم الناس أخذ الحنين إلى الماضي يدب في نفوسهم، ويضعف الهمم وبحثوا لأنفسهم عن الحجج والمعاذير، وتتبعوا الرخص وفتاوى علماء السوء، فنقضوا العهد والميثاق مع اللطيف الخبير، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: علماء الضلالة وأحبار السوء الذين منحهم الله تعالى ذكاءاً وفطنة، وحفظاً وفهماً، فاستظهروا المتون وحازوا الفنون، واستبانت لهم المحجة، وقامت عليهم الحجة، وكان لزاماً عليهم بيان الحق، ونصرة الدين، ودحض الخصوم والمعاندين بالحجة والقول المبين، وبذل العلم للراغبين، وكشف الشبه للحائرين، ولكنهم آثروا العاجلة مع الباقية، وتركوا الناس يتخبطون في خرافاتهم وتقديس أوثانه،م دون علم ولا هدى ولا كتاب منير، وفي أمثال هؤلاء يقول سبحانه: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ).
إذاً فكتم العلم عن الناس وحجب كلمة الحق عن مسامعهم إخلال بالميثاق، وتعرض للعن والإبعاد: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ومن هنا: رأينا الصحابي الجليل أبا هريرة رضي الله عنه يعلن عن سر إكثاره الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إّذ يقول فيما رواه عنه البخاري: "يقول الناس أكثر أبو هريرة - يعني أكثر من رواية الحديث - ولو آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثاً، ثم يتلو قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى...). الآيات السابقة.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين أخذوا على عاتقهم مسئولية الدعوة إلى الله تعالى، وتنوير الناس، والتصدي لتيار الانحراف في العقيدة والأخلاق والسلوك، فلما أعياهم طول الطريق وبعد الشقة تخلوا عن دعوتهم، ووضعوا رايتهم، ونقضوا العهد والميثاق الذي أبرموه مع الربّ جلّ جلاله في نصرة الدين وحماية العقيدة ومجاهدة المنافقين.
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين وهبهم الله المال والثروة، فجحدوا فضل الله عليهم، وأنكروا إحسانه إليهم، واستعلموا ثراءهم في محاربة الله ومحاداة رسوله، وبددوا الثروات في الفسق والفجور، وبذروا تبذير الشياطين، وحرموا الضعفاء والمساكين والأرامل واليتامى من حقهم في العيش الكريم.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ).
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الذين وهبهم الله الأبناء والذرية، فبدلاً من شكر المنعم العظيم والرب الكريم بتنشئة الأبناء تنشئة الصالحين، وغرس التدين في نفوسهم، وتربيتهم على الفضيلة والمروءة والحياء، وحسن الخلق، والسمت الجميل، ألفيتهم تاركين أبناءهم عرضة للفتن والفساد واختلال القيم والموازين، وذلك عبر ما جلبوه لبيوتهم ومحارمهم وذراريهم من وسائل التدمير والإفساد، التي تأمرهم بكل منكر، وتعرض لهم كل قبيح، وتعبث بعقائدهم، وتسخر من أخلاقهم وقيمهم.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: أولئك الساخرون من محمد عليه الصلاة والسلام بالتنكر لرسالته، والخروج على شريعته، والابتداع في ديانته وملته.
فلقد قام عليه الصلاة والسلام بدعوته خير القيام، فما ترك خيراً إلا ودل الأمة عليه، ولا شراً إلا حذرها منه، واستشهد الناس على ذلك في يوم الحج الأكبر، فاستنطق مائة ألف أو يزيدون على تبليغه الرسالة وأداءه للأمانة، فشهدوا بالحق وبه كانوا يعدلون.
إذاًَ فخلع اليد من طاعته والتنكر لرسالته يُعدّ نقضاً للميثاق الذي يقول الله فيه: (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
ويدخل في جملة ناقضي الميثاق: كل أولئك الحكام والأمراء، والذين بايعتهم الأمة على الكتاب والسنة، وتحكيم الشريعة، ونصرة الإسلام، فلما مكّن لهم في الأرض، وأذعن لهم الناس، نقضوا العهد الذي أبرموه، والميثاق الذي واثقوه، ونحوا الشريعة عن حكم الحياة، واستبدلوا بها قوانين البشر، وسخافات البشر وتفاهاتهم، ورفعوا راية الظلم والعدوان، وكمموا الأفواه، وحجبوا كلمة الحق عن مسامع الناس.
وفي أمثال هؤلاء يقول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ).
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، العبد المجتبى، والنبي المصطفى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه واقتفى. أما بعد:
أيها المسلمون:
فإنّ نقض العهود والمواثيق انتكاس في الفطر، وردّة في القيم، وهو أمرٌ ذمّه القرآن الكريم، وتوعّد عليه العزيز الجبار، وذلك في أكثر من موضع من الكتاب العزيز، فمن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
وقال سبحانه: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
فاتقوا الله أيها الناس: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
إلا وصلوا على النبي الهاشمي الرحمة المهداة، والنعمة المسداة محمد بن عبد الله، كما أمركم الله بذلك: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى