لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
مسلم
مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

الولاء والبراء (2-2)  Empty الولاء والبراء (2-2) {الثلاثاء 22 نوفمبر - 9:20}

د. رياض بن محمد المسيميري
الولاء والبراء (2-2)

الخطبة الأولى

الحمد لله الكبير المتعال: (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له يحي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير.
وأشهد أنّ محمداً عبد الله ورسوله، وخليله وأمينه، أرسله بالهدى ودينِ الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
اللهم صل وسلم عليه وعلى آله الطيبين، وصحابته أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون:
فإن حديثي معكم اليوم هو تكملة لحديث الجمعة الماضية التي تذاكرنا فيها موضوعاً خطيراً من موضوعات العقيدة وهو موضوع الولاء والبراء.
وقد عرفنا من خلال الحديث السابق أنّ معنى الولاء: هو موالاة المؤمنين وحبهم ورحمتهم وخفض الجناح لهم، وعرفنا أنّ معنى البراء: هو البراءة من المشركين وبغضهم والتصريح بعداوتهم واحتقارهم وملء القلب من كراهيتهم.
وذكرنا كذلك صوراً من مظاهر موالاة الكفار، والتي تقع كثيراً في حياة المسلمين اليوم، فمستقل ومستكثر.
وفي يومنا هذا نذكر صوراً أخرى من مظاهر موالاة الكفار (ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ).
فمن تلك المظاهر الخطرة والمزالق المردية: والتي يُعدُّ بعضها ردة وكفراً وتقويضاً للعقيدة من القواعد: الرضا بكفرهم وعدم الغضب من إلحادهم، ومثال ذلك ما يكتبه البعض في صحفهم ومجلاتهم وكتبهم ودورياتهم من تأنيب وتوبيخ لمن يصم اليهود والنصارى بالكفر، ويدعون من يصمهم بذلك إلى ضرورة التأدب معهم، وتسميتهم بأنهم أهل كتاب وكفى.
وكأني بأولئك المراهقين يشكّون في كفر أولئك الفجرة من اليهود والنصارى ويكذبون بقول الله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ) وبقوله أيضاً: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) وبقول سبحانه كذلك: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ). وبقوله عليه الصلاة والسلام: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بي إلا كان من أصحاب النار". [أخرجه مسلم].
والأمة في الحديث هي أمة الدعوة.
فما أجرأ القوم على ما لا علم لهم به؟! ولكن مما أدرك الناس من كلام النبوة: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".
ومن مظاهرة موالاة الكفار: مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين والعقيدة، وهو أمر وقع فيه الكثيرون، وتلك نتيجة طبيعية للهزيمة النفسية التي يعاني منها البعض، فقد رأوا أعداء الله متفوقين في قولهم متقدمين في صناعتهم، فأُعجب بذلك عباد الدنيا.
ولأمر ما ترسّب في أذهان أولئك المخدوعين أنّ أولئك الأعداء هم رمز القوة والحضارة، فأخذوا ينسلخون من تعاليم دينهم مجاملة للكفار، ولئلا يصمهم أولئك الكفرة بأنهم متعصبون ورجعيون، يقع في هذا اللون من الانحراف بعض المنتسبين إلى الدعوة، داعين إلى تمييع الإسلام وشرائعه مجاملة لليهود والنصارى!.
ومن مظاهر موالاة الكفار كذلك: اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين يؤتمنون على مصالح الأمة، ويطلعون على عورات المسلمين، والتاريخ قديماً وحديثاً مليْ وبقصص خيانتهم ومكرهم، فلا فرق بين يهودي ولا نصراني ولا نصيري ولا رافضي، فملل الكفر واحدة.
لقد اتخذ الخليفة العباس أبو عبد الله المستعصم وزيراً يقال له: ابن العلقمي، وكان رافضياً خبيثاً، فأسند إليه أمور الدولة وشؤون المسلمين، فأخذ ذلك الرافضي يكاتب التتار، ويحرّضهم على غزو بغداد حاضرة الخلافة العباسية باذلاً جهده في تفريق جيش الخليفة يمنة ويسرة، حتى لم يبق منهم سوى عشرة ألاف فارس، ليصل التتار بعد ذلك ويستبيحون بغداد أربعين يوماً، فريقاً يقتلون ويأسرون فريقاً، فقضوا على الخلافة، وقتلوا الخليفة والعلماء تحت نظر وسمع وزير الدولة ابن العلقمي الرافضي، الكافر الخبيث، وهذه عاقبة من أمن الكفار واتخذهم بطانة من دون المؤمنين.

أيها الإخوة الكرام:
ومن مظاهر موالاة الكفار: مجالستهم والأنس بهم، والله تعالى يقول:
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً).
وهذا الوعيد نسوقه لأولئك الذي اعتادوا زمالة ومرافقة من لا خلاق له في الآخرة ولا نصيب، ممن احترفوا السخرية بشريعة الله، أو المتمسكين بها والداعين إليها من علماء الأمة ودعاتها.
ومن مظاهر موالاة الكفار أخيراً: تعظيمهم، وخلع الألقاب عليهم، وفي الحديث: "لا تقولوا للمنافق يا سيد".
أما مبادأتهم بالسلام فحرام، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام". [وأنظره في صحيح مسلم].
يقول صاحب تحفة الأخوان، رحمه الله: "ومما يجب النهي عنه: ما يفعله كثير من الجهّال في زماننا إذا لقي احدهم عدوّاً لله سلّم عليه، ووضع يده على صدره، إشارة إلى انه يحبه محبة ثابتة في قلبه، أو يشير بيده إلى رأسه، إشارة إنّ منزلته عنده على الرأس، وهذا الفعل المحرّم يخشى على فاعله أن يكون مرتداً عن الإسلام، لأنّ هذا مبلغ الموالاة والتعظيم لأعداء الله". انتهى كلامه رحمه الله.
كل تلك المظاهر من موالاة الكفار تدل على إفلاس العقيدة، وانحراف الإيمان لدى أولئك الباذلين ولاءهم لمن يستحق لعنة الله وعذابه.
أين هؤلاء جميعاً من تلك القمم السامقة والأمثلة الرفيعة التي عرضها القرآن الكريم نماذج يُحتذى بها؟!
ألم يعلموا كيف كانت تلك القمم تستعلي على الباطل، وتستهين به وتحتقره؟! وكيف كانت تكفر بكل الروابط الأرضية، وكل الأواصر الدنيوية مستبدلة بها رابطة الدين والعقيدة؟!.
ها هو موسى عليه السلام يدعو قومه إلى الجهاد ودخول أرض الميعاد:
(يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).
فكيف كانت إجابة قومه الجبناء، المتشبثون بالحياة الدنيا وزينتها؟!.
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ).
ولما يئس الكليم عليه السلام من استجابتهم، وعاين قسوة قلوبهم، وشدة عنادهم: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ).
لقد كانت تجمع بينه وبين قومه رابطة القومية الإسرائيلية، أما وقد كفروا بالله وتمرّدوا على سلطانه وأمره، فلتذهب تلك الرابطة إلى الجحيم، فلا ولاء للقومية، ولا ولاء للوطنية، ولا ولاء للشعوبية، إنما الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين.

أيها المسلمون:
وهذا نوحٌ عليه السلام، يدعو ابنه الفاسق الكفور، يدعوه إلى الإيمان في أحلك المواقف وأصعب الظروف، فالطوفان الجارف قد أتى على الأخضر واليابس محطماً في طريقة القرى الزروع:
(وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ).
فيخاطب نوح عليه السلام ربّه في شأن ابنه الغريق:
(وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
تأمل رعاك الله: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ).
فما دام أنه كافر، فإنه ليس أهلك، فإنّ العلاقة بينك وبين ابنك يا نوح هي علاقة الإيمان والعقيدة، فلا قيمة للنسب ولا وزن لقرابة قريب إن هو كفر برب العالمين.
وها هي امرأة فرعون المسلمة المؤمنة تتمرد على زوجها الطاغية المستبد، وتكفر بسلطانه، وتتبرأ من طغيانه، رافعة أكُفَّ الضراعة إلى السماء:
(رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
تأمل ثم تأمل، ثم اعد التأمل تارة أخرى: امرأة ضعيفة، مسكينة، وحيدة، ومع هذا تتمرّد على الملك الطاغية الذي استخف قومه فأطاعوه، وتكفر بميثاق الزوجية الغليظ!.
فأي قيمة للزوج حين يكفر بالله؟!.
وأي كرامة لميثاق الزواج حين يتصدع ميثاق العقيدة، ويندحر واصل الإيمان؟!.
وهكذا كان سادات الأولياء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين ضربوا أروع الأمثلة في الولاء والبراء، فقتل بعضهم أخاه وأباه، واستخفوا بكل القيم الأرضية، وبكل الدوافع الدنيوية، واستبدلوا بها رابطة الدين والعقيدة، وبمثل هذا فليعمل العاملون.
بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانيّة

الحمد لله الملك الحق المبين، مالك الملك رب العالمين، وأصلّي وأسلّم على الهادي البشير، والسراج المنير، بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

أما بعد:

أيها الأحبة في الله:
يظن أقوام إننا حين نتحدث عن الكفار ووجوب معاداتهم وبغضهم والبراءة منهم، يظن أولئك إننا نقصد اليهود النصارى فقط، أو إننا نقصد الهندوس، أو البوذيين ومن على شاكلتهم!.
والحق إننا نقصد الكفار جميعا، الأصلين منهم والمرتدين، فإنّ ثمّة أقوام ينتسبون إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، يتسمون بأسمائنا ويسكنون بيننا، ويتحدّثون بلغتنا، وبعضهم أشد كفراً من اليهود والنصارى، فهناك الساخرون من شريعتنا، المنتقصون لنبينا عليه الصلاة والسلام.
وهناك علمانيون حاقدون.
وهناك حداثيون همجيون.
وهناك صوفيون خرافيون.
وهناك قبوريون وثنيون.
وهناك إباحيون متحررون.
وهناك من يترك الصلاة استخفافاً بها، أو جحوداً لوجوبها.
وهناك من يستحل الربا.
وهناك، وهناك... إلى آخر القائمة، تعددت الأسماء والكفر واحد.
فنحن نكفر بهؤلاء جميعاً، ولسان حالنا ومقالنا يردّد ما قاله الخليل عليه السلام لقومه المشركين: (وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ).

وأخيراً:
بقي أن تعرف - أيها الأخ الكريم - أنّ هناك من خلط عملاً صالحا وآخر سيئاً، وهم عصاة الموحدين، فهؤلاء يوالون بقدر استقامتهم وصلاحهم، ويُبغضون بقدر ما عندهم من الفساد والمعاصي.
فلتؤمن بذلك كله قولاً وعملاً تكن بإذن الله من المفلحين.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.
اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى