رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الشيخ /صالح بن عبد الرحمن الخضيري
لحظات الفراق
الخطبة الأولى
إنَّ الحمد لله نحمده, ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمَّداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً. أمَّا بعدُ
فيَا أيُّها النَّاس:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم فإن خير الزاد التقوى
أَلا إِنَّمَا التَّقوَى هِيَ العِزُّ وَالكَـرَمْ وَحُبُّكَ لِلدُّنْيَا هُوَ الـذُّلُّ وَالسَّقَـمْ
وَلَيْسَ عَلَى عَبْـدٍ تَقِـيٍّ نَقِيصَـةٌ إِذَا حَقَّقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ
وسارعوا رحمكم الله إلى مرضاته, وتعرضوا لرحماته, واعملوا صالحاً لتفوزوا بجناته، إن الله بما تعملون عليم.
أيُّها المسلمُون:
َنَلْهُـو وَأَيَّامُنَـا تَذْهَبُ أ وَنَلْعَُب وَالمـَوْتُ لا يَلْعَـبُ
أَيَلْهُـو وُيَلْعَبُ مَنْ نَفْسُهُ تَـمُوتُ وَمَنْـزِلُهُ يَخْـرَبُ
أيها الأحبَّة:
لقد غفلنا ولم يُغفل عنَّا, وشيَّعنا الجنائز وما اعتبرنا, وقدَّمنا الاهتمام بما يفنى على ما يبقى, استحكمت الغفلة على القلوب, وران عليها كدر الذنوب, قال الله عزّ وجل: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُون * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ). [سورة الأنبياء: 1-3].
قلوب أُغرقت بالمادِّيات, وتقلبت بين الشهوات والشبهات, ولهثت خلف الملهيات, همُّ أحدهم ملبس ومركب, ومطعم ومشرب: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). [سورة الروم: 7]. لم تخطر لهم الآخرة على بال, ولم يغير الموت لهم حال, جاءتهم النُّذُر, وقامت عليهم الحجة, ومات عدد ممن كانوا يحبون ويألفون فما نفعهم ذلك, عُمِّروا طويلاً فما رغبوا عما هم فيه تحويلاً, وقال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ). [سورة الشعراء: 205- 207].
أيُّها المسلمون: أمامنا أهوالٌ عِظام, الموت وسكراته, والقبر وظلماته, ويوم القيامة وروعاته, والحساب ومناقشاته, ثم المردُّ إما إلى جنة عالية، قطوفها دانية: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ). [سورة الزخرف: 71]. وإمّا إلى نار حامية: (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا). [فاطر: 36].
يا أيها الإنسان:
هل وقفت مع نفسك فناقشتها؟!:
لماذا خُلِقْتُ؟ ولماذا أعيش؟! ومتى أموت؟!
وبماذا ستختم أيامي في هذه الدنيا؟! أبطاعةٍ أم معصية؟!.
وإلى أين المردُّ بعد الموت؟! هل إلى جنة أم نار؟!. لتجد الجواب في قول الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). [سورة الذاريات: 56]. وفي قول الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ). [سورة الملك: 2]. وفي قوله تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ). [سورة لقمان: 34]. وفي قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ). [سورة آل عمران: 185]. وفي قوله سبحانه: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). [سورة الجمعة 8]. وفي قوله عزّ وجل: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). [سورة الانشقاق: 6].
أفيظنُّ المغرور أنه خُلق ليلهو ويلعب, ويأكل ويشرب, ويتمتع ويطرب, كلا, قال الله جلَّ جلاله: (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى). [سورة القيامة: 36]، وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ). [سورة المؤمنون: 115].
أما الخاتمة والجنة والنار فإلى الواحد القهار, بَيْدَ أن العاقل يعمل للدنيا على قدر مُكثه فيها, فمن قَدَّم شيئاً قُدِّم عليه, ومن صَفَّى صُفِّي له, ومن كدَّر كُدِّر عليه, وكما يدين العبد يُدان, والجزاء من جنس العمل.
أيُّها المسلمون:
إن الله قد سوَّى بين البرية في ورد حوض المنية, فكلٌّ له عمر محدود وأجل معدود, إذا استوفى هذا الأجل نُقل من دار العمل إلى دار الجزاء: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ). [سورة الأعراف: 34]. البقاء للحي القيوم, الذي يُميت ولا يموت, ويُفني ولا يفنى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ). [سورة الرحمن: 26- 27].
في الموت يستوي جميع الخلق حتى محمَّد بن عبد الله خليل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ). [سورة الزمر: 30], يموت المجاهد والقاعد, والشجاع والجبان, وذو الأهداف الكبيرة والهمم العالية, والتافهون الذين يعيشون لشهواتهم, لكن على أي حال يموت المرء:
يَـا غَافِلَ القَلْبِ عَنْ ذِكْرِ المَنِيَّاتِ
عَمَّـا قَلِيلٍ سَتُلْقـَى بين أَمْـوَاتِ
فَاذْكُرْ مَحَلَّكَ مِنْ قَبْلِ الحُلُولِ بِهِ وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنْ لَهْوٍ وَمِـنْ ذَاتِ
إِنَّ الحمَامَ لَـهُ وَقْتٌ إِلَى أَجَـلٍ فَاذْكُـرْ مَصَائِبَ أَيَّامٍ وَ سَاعَـاتِ
لا تَطْمَئِـنَّ إِلَى الدُّنْيَـا وَ زِينَتَهَا قَدْ حَانَ لِلمَوْتِ يَا ذَااللُّبِّ أَنْ يَأتِي
كل حياتنا عجب, نوقن بالموت ولا نستعد له, ونوقن بالجنة ولا نعمل لها, ونوقن بالنار ولا نهرب منها, فيا بُعد سفرنا وقلَّة زادنا, لقد فضح الموت الدنيا فلم يترك لذوي العقول فرحاً.
عبَاد الله:
من أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة, وقناعة القلب, والنشاط في العبادة, ومن نسي الموت عُوقب بثلاثة أشياء: التسويف بالتوبة, وتركُ الرضى بالكفاف, والتكاسل بالعبادات. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتذكُّر الموت فقال: "أَكثِروا ذِكْرَ هَادِمِ اللذَّاتِ؛ المَوْتُ". [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد، وصححه الألباني].
يا أصحاب الغفلات:
هذه الدنيا كم من واثقٍ فيها فجعته؟ وكم من مطمئنٍّ إليها صرعته؟ وكم من محتال فيها خدعته؟ حُلْوها مُرٌّ, وأيامها دُولٌ, وعزيزها مغلوب, سرورها إلى حزن, وعافيتها إلى سَقَم, ووجودها إلى عدم, اجتماعها إلى افتراق, وبناؤها إلى خراب فأين المعتبرون.
فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا مَنَازِلُنَـا الأُولَى وَفِيهَا المُخَيَّمُ
قال بعضهم: أيها المغترُّ بطول صحته أما رأيت ميتاً قطُّ من غير سقَم؟ أيها المغترُّ بطول المهلة أما رأيت مأخوذاً قطُّ غرَّة؟ أبالصِّحة تغترُّون؟ أم بطول الأمل تأمنون؟ أم على ملك الموت تجترئون؟.
إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك ثروة مالك, ولا كثرة احتشادك, أمَا علمت أن ساعة الموت ذات كرب شديد, وندامة على التفريط.
قال الحسن رحمه الله: "من لم يمت فجأةً مرض فجأةً فاتقوا الله واحذروا مفاجأة ربكم".
يا من اغترَّ بشبابه تذكر أن موت الشباب أكثر من موت الشيوخ
لا تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ نَاعِمٍ خَضِلِ فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْـلَ الشِّيبِ شُبَّانُ
يُعَمِّـرُ وَاحِدٌ فَيَغِـرُّ قَوْمَـاً وَيُنْسَى مَنْ يَمُوتُ مِنَ الشَّبَابِ
عباد الله:
أخطر ما يمرُّ بالإنسان في هذه الدنيا لحظات الفراق إذا تصرَّم أجله وحان يومه ولفظ آخر أنفاسه, فإما أن يبشَّر بروح وريحان ونعيم ورضوان, أو بغضب ونيران وحميم آنٍ, ومن هنا كانت لحظات الفراق تَقِضُّ مضاجع الصالحين, ذلك أن الله سبحانه لما خلق الخلق قبض منهم قبضة إلى الجنة وأخرى إلى النار, والإنسان لا يعلم عن حاله هل هو من السعداء أم من الأشقياء.
في مسند الإمام أحمد [4/176-177 إسناده صحيح] أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى عند موته فسُئل عن ذلك فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ اللهَ تَعالى قبضَ خَلقَه قبضتينِ فقالَ: هؤلاءِ في الجنَّةِ وهؤلاءِ في النَّارِ" ولا أدري في أي القبضتين كنتُ.
نعم, ما أبكى العيون مثل ما أبكاها الكتاب السابق, فالمقربون قلوبهم معلقة بالسوابق يقولون: ماذا سبق لنا في علم الله؟ والأبرار قلوبهم معلقة بالخواتيم يقولون: بماذا يُختم لنا؟.
وكان سفيان الثوري رحمه الله يشتد قلَقُه من السوابق والخواتم فيبكي قائلاً: "أخاف أن أكون في أمِّ الكتاب شقيَّاً", ثم يبكي ويقول: "أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت".
وقال مرَّةً لبعض الصالحين: "هل أبكاك قطُّ علم الله فيك؟" فقال الرجل: "تركتني يا سفيان لا أفرح أبداً".
ولما حضرت وفاة العابد الصالح محمد بن المنكدر جزع جزعاً شديداً فقيل له: "ما هذا الجزع؟" فقال: "أخاف آية من كتاب الله: (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ). فأنا أخاف أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب".
نعم, وكيف لا يخاف المر ء على نفسه وفي الأحاديث الثابتات أن العبرة بلحظات الممات, وأن المعوَّل على الخاتمة, فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الرَّجلَ ليعملُ عملَ أهلِ النَّارِ وإنَّه مِن أهلِ الجنَّةِ, ويعملُ عملَ أهلِ الجنَّةِ وإنَّه مِن أهلِ النَّارِ, وإنَّما الأعمالُ بالخواتِيم". [أخرجه البخاري].
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فوَاللهِ الذي لا إلهَ غيرُهُ: إنَّ أحدَكم لَيعملُ بعملِ أهلِ الجنَّةِ حتَّى مَا يكونُ بينهُ وبينَها إِلا ذراعٌ فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ النَّارِ فيدخلَها, وإنَّ أحدَكم ليعملُ بعملِ أهلِ النَّارِ حتَّى مَا يكونُ بينَه وبينهَا إِلا ذراعٌ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنَّة فيدخلَها". [أخرجه البخاري 3208، ومسلم 2643].
الحازم يخشى على نفسه, ويخاف أن تخذله ذنوبه عند الموت, قال عبد العزيز بن أبي روَّاد: "حضرت رجلاً عند الموت يلقَّن: لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. ومات على ذلك". قال: "فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر, فكان عبد العزيز يقول: "احذروا الذنوب فإنها هي التي أوقعته".
إن من فقه المرء أن يخاف على نفسه من سوء الخاتمة, وأن يتَّهمها دائماً بالتقصير, فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون, وأن يحذر العُجْبَ فهو هلاك وسوء مصير.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو: "يَا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قَلبي عَلى دِينكَ" فقيل له: يا نبيَّ الله آمنَّا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟! فقال: "نَعم, إنَّ القلوبَ بينَ إِصبعينِ مِن أصابعِ اللهِ عزَّ وجلَّ يقلِّبها كيفَ يشاءُ". [رواه أحمد والترمذي].
عبَاد الله:
حبُّ المعصية وإِلفُها واعتيادها وعدم التوبة منها سبب لأن تستولي على القلب والتفكير, إلى الرَّمق الأخير, فعند تلقينه كلمة التوحيد تطغى هذه المعصية على تفكيره فتحول بينه وبين هذه الشهادة, وربما تكلم بما يدلُّ على تسخُّطه على القضاء والقدر أو مات وهو يباشر المعصية نعوذ بالله من ذلك.
يقول ابن الجوزي رحمه الله: "سمعت شخصاً يقول عند موته وقد اشتد به الألم: "ربي يظلمني".
وقال ابن القيم رحمه الله: "أخبرني رجل من قريب له أنه كان تاجراً يبيع القماش, يقول: فلما حضره الموت جعل يقول: هذه قطعة جيدة, وهذه على قدرك, هذه مشتراها رخيص يساوي كذا وكذا، حتى مات".
وقيل لبعض المحتضرين: قل: لا إله إلا الله، فقال: آه آه لا أستطيع أن أقولها.
وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله. فجعل يهذي بالغناء حتى مات.
وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله، فقال: ما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ركبتها. ثم مات ولم يقلها. [الداء والدواء ص 142], ثم قال ابن القيِّم: "وسبحان الله! كم شاهد الناس من هذا عبراً, والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم".
نسأل الله لنا ولكم الثبات وحسن الختام, قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء). [سورة إبراهيم: 27]. (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ). [سورة آل عمران: 8].
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولكل المؤمنين والمؤمنات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بيده الملك يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير, قدَّر الأقدار والآجال بحكمة وعلم فلا رادَّ لقضائه ولا معقِّب لحكمه وإليه المصير.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرَّد بالعزِّ والبقاء, والجبروت والكبرياء, أحمده سبحانه جعل الموت راحة للأتقياء, وسوء منقلب للأشقياء. وأشهد أنَّ نبينا محمَّداً عبد الله ورسوله إمام المتقين, وخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.أمَّا بعدُ.
فاتقوا الله رحمكم الله واستعدوا لما أمامَكم, واجعلوا من مرور الليالي والأيام وتتابع الحوادث لكم معتبراً, فالسعيد من اتَّعظ بغيره وأيقن بأنه يُساق أجله وأن الماضي من أيامه لن يعود
تَمُـرُّ بِنَـا الأيَّامُ تَتْـرَى وَإِنَّمَـا نُسَاقُ إَلَى الآجَالَ وَ العَيْنُ تَنْظُرُ
فَلا عَائِدُ ذَاكَ الشَّبَابُ الذِي مَضَى وَلا زَائِلٌ هَـذَا المَشِيبُ المُكَدِّرُ
أيها المسلمون:
سَلُو الله حسن الخاتمة وذلك بأن يموت المرء على حال ترضي الله عز وجل, ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا أرادَ اللهُ بعبدٍ خَيراً استعمَلهُ. قِيل: كيفَ يستعملُه؟ قالَ: يُوَفِّقُهُ لعملٍ صالحٍ قبلَ الموتِ ثمَّ يقبضُهُ إِليهِ".
وفي السِّيَر أن سعد بن الربيع رضي الله عنه وُجد بآخر رمق في غزوة بدر وقد أثخنته الجراح فقال لأبيِّ بن كعب: "أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام وقل: إن سعداً يقول: جزاك الله عني خير ما جزى نبيَّاً عن أمته, وإني أجد ريح الجنة, وأبلغ قومك مني السلام وقل لهم: إن سعداً يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلِصَ إلى نبيكم ومنكم عينٌ تطرِف ) وفاضت نفسه رضي الله عنه. ولما طُعن حرام بن ملحان رضي الله عنه من ورائه بحربة حتى خرجت من صدره قال رضي الله عنه: "الله أكبر, فِزْتُ وربِّ الكعبة" وأخذ الدم ورشَّ به وجهه وصدره ومات رضي الله عنه.
أما عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فإنه لما توفي وخرجوا بنعشه جاء طيرٌ عظيم أبيض لم يُرَ مثله فدخل نعشه ثم لم يُرَ خارجا منه, فلما دفن تُليت هذه الآية على شفير القبر لا يُدرَى من تلاها (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي). [سورة الفجر: 27-30].
وسُمع عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم صوت المؤذن وهو يعالج سكرات الموت فقال: "خذوا بيدي إلى المسجد" فقيل له: "إنك مريض معذور" فقال: "أسمع داعي الله فلا أجيبه؟!". فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في صلاة المغرب فركع ركعة ثم مات رحمه الله.
وكان شيخ الشافعية ابن الإسماعيلي يصلي صلاة المغرب فلما قرأ بهم: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). [سورة الفاتحة: 5]. خرجت روحه رحمه الله.
ومات جماعة في السجود وهم يصلُّون, منهم مجاهد بن جبر, وحماد بن سلمة الذي كانت جميع أوقاته معمورة بالتعبد والأذكار ونشر العلم ولو قيل له: إنك تموت غداً ما قَدِرَ أن يزيد في العمل شيئاً, مات في الصلاة ساجداً رحمه الله.
ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود رحمه الله بكى فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم. ولم يزل يتلو القرآن حتى مات رحمه الله. [السير 5/12].
بل لا نذهب بعيداً, فهذه امرأة في العام الماضي تصلي في المسجد صلاة التراويح ولما سجدت قُبضت على هذه الحالة, وأيضاً رجل في رمضان الماضي كان جالساً قبل الغروب يتلو كتاب الله في بيت من بيوت الله فوضع المصحف وقُبض على هذه الخاتمة الحسنة.
ونشرت بعض الجرائد خبر المرأة البكماء التي لا تستطيع النطق مدة حياتها فنطقت بعد خمسين سنة, فقبل وفاتها بلحظات شاهدها زوجها وأبناؤها تصلي صلاة الفجر مبكراً على غير عادتها، وقبل دخول الوقت بكثير ثم نطقت بالشهادتين بلغة واضحة وصريحة ودعت ثم توفيت بعد ذلك, وكانت كما يقول الخبر صاحبة صلاح وصدقة وخدمة لزوجها وأبنائها. [الجزيرة عدد10183 الثلاثاء 15/5/1421هـ].
فيا أصحاب الغفلات، أيها المسلمون والمسلمات:
تزودوا بالأعمال الصالحات, توبوا إلى الله قبل الممات, فعند حضور الأجل يقول المفرِّط: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ). [المؤمنون: 99- 100]، فيكون الجواب: (كَلَّا). ويكون الجواب: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ). [فاطر: 37].
الرسالة والقرآن نذير, وموت الأقران نذير, والشيب نذير, والمرض نذير فما هو العذر؟!. وكم من إنسان وعد نفسه بالتوبة فسوَّف فيها, ورجَّاه الشيطان فباغته الأجل على غير استعداد وتوبة وعمل.
سُمع بعض المحتضرين يقول عند موته: "يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله".
وقال آخر: "سخرت بي الدنيا حتى ذهبت أيامي".
وقال ثالثٌ عند موته: "لا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا كما غرَّتني".
فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ بَاتَ لِلْمَوْتِ آمِنَـاً أَتَتْـه ُالمنَايَا بَغْتَةً بَعْدَمَـا هَجَـعْ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِذْ جَـاءَهُ الموتُ آمِنَـاً فِـرَارَاً وَلا مِنْهُ بِقُوَّتـِهِ امْتَنَـع
وَقُـرِّبَ مِنْ لَحْـدٍ فَصَارَ مَقِيـلَهُ وَفَارَقَ مَا قَدْ كَانَ في أَمْسِهِ جَمَعْ
يا معشر الغافلين:
اعتبروا بمن كانوا في أول ليلهم آمنين, يحركون الأوتار, فأصبحوا في القبور
يَـا رَاقِدَ الليْلِ مَسْرُورَاً بِأَوَّلِـهِ إِنَّ الحَوادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا
لا تَفْرَحَـنَّ بِلَيْلٍ طَـابَ أَوَّلُـُه فَرُبَّ آخِـرِ لَيْلٍ أَجَّـجَ النَّارَا
عَادَتْ تُرَابَاً أَكُفُّ المُلهِيَاتِ وَقَدْ كَانَتْ تُحَـرِّكُ عِيدَانَاً وَ أَوْتَارَا
[لحظات ساكنة 34]
فابكِ على نفسك قبل أن تبكي على غيرك وقبل أن يُبكى عليك, وتذكر بأن مردَّنا إلى الله فحافظ على حدوده, وعظِّم شعائره, واحذر قرناء السوء, وحافظ على صلاة الجماعة, وداوم على تلاوة القرآن والأذكار واصحب الأخيار فهذا عنوان سعادتك.
اللهم أسعدنا بطاعتك واختم لنا بخير..
لحظات الفراق
الخطبة الأولى
إنَّ الحمد لله نحمده, ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمَّداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً. أمَّا بعدُ
فيَا أيُّها النَّاس:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم فإن خير الزاد التقوى
أَلا إِنَّمَا التَّقوَى هِيَ العِزُّ وَالكَـرَمْ وَحُبُّكَ لِلدُّنْيَا هُوَ الـذُّلُّ وَالسَّقَـمْ
وَلَيْسَ عَلَى عَبْـدٍ تَقِـيٍّ نَقِيصَـةٌ إِذَا حَقَّقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ
وسارعوا رحمكم الله إلى مرضاته, وتعرضوا لرحماته, واعملوا صالحاً لتفوزوا بجناته، إن الله بما تعملون عليم.
أيُّها المسلمُون:
َنَلْهُـو وَأَيَّامُنَـا تَذْهَبُ أ وَنَلْعَُب وَالمـَوْتُ لا يَلْعَـبُ
أَيَلْهُـو وُيَلْعَبُ مَنْ نَفْسُهُ تَـمُوتُ وَمَنْـزِلُهُ يَخْـرَبُ
أيها الأحبَّة:
لقد غفلنا ولم يُغفل عنَّا, وشيَّعنا الجنائز وما اعتبرنا, وقدَّمنا الاهتمام بما يفنى على ما يبقى, استحكمت الغفلة على القلوب, وران عليها كدر الذنوب, قال الله عزّ وجل: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُون * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ). [سورة الأنبياء: 1-3].
قلوب أُغرقت بالمادِّيات, وتقلبت بين الشهوات والشبهات, ولهثت خلف الملهيات, همُّ أحدهم ملبس ومركب, ومطعم ومشرب: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). [سورة الروم: 7]. لم تخطر لهم الآخرة على بال, ولم يغير الموت لهم حال, جاءتهم النُّذُر, وقامت عليهم الحجة, ومات عدد ممن كانوا يحبون ويألفون فما نفعهم ذلك, عُمِّروا طويلاً فما رغبوا عما هم فيه تحويلاً, وقال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ). [سورة الشعراء: 205- 207].
أيُّها المسلمون: أمامنا أهوالٌ عِظام, الموت وسكراته, والقبر وظلماته, ويوم القيامة وروعاته, والحساب ومناقشاته, ثم المردُّ إما إلى جنة عالية، قطوفها دانية: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ). [سورة الزخرف: 71]. وإمّا إلى نار حامية: (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا). [فاطر: 36].
يا أيها الإنسان:
هل وقفت مع نفسك فناقشتها؟!:
لماذا خُلِقْتُ؟ ولماذا أعيش؟! ومتى أموت؟!
وبماذا ستختم أيامي في هذه الدنيا؟! أبطاعةٍ أم معصية؟!.
وإلى أين المردُّ بعد الموت؟! هل إلى جنة أم نار؟!. لتجد الجواب في قول الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). [سورة الذاريات: 56]. وفي قول الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ). [سورة الملك: 2]. وفي قوله تعالى: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ). [سورة لقمان: 34]. وفي قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ). [سورة آل عمران: 185]. وفي قوله سبحانه: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). [سورة الجمعة 8]. وفي قوله عزّ وجل: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). [سورة الانشقاق: 6].
أفيظنُّ المغرور أنه خُلق ليلهو ويلعب, ويأكل ويشرب, ويتمتع ويطرب, كلا, قال الله جلَّ جلاله: (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى). [سورة القيامة: 36]، وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ). [سورة المؤمنون: 115].
أما الخاتمة والجنة والنار فإلى الواحد القهار, بَيْدَ أن العاقل يعمل للدنيا على قدر مُكثه فيها, فمن قَدَّم شيئاً قُدِّم عليه, ومن صَفَّى صُفِّي له, ومن كدَّر كُدِّر عليه, وكما يدين العبد يُدان, والجزاء من جنس العمل.
أيُّها المسلمون:
إن الله قد سوَّى بين البرية في ورد حوض المنية, فكلٌّ له عمر محدود وأجل معدود, إذا استوفى هذا الأجل نُقل من دار العمل إلى دار الجزاء: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ). [سورة الأعراف: 34]. البقاء للحي القيوم, الذي يُميت ولا يموت, ويُفني ولا يفنى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ). [سورة الرحمن: 26- 27].
في الموت يستوي جميع الخلق حتى محمَّد بن عبد الله خليل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ). [سورة الزمر: 30], يموت المجاهد والقاعد, والشجاع والجبان, وذو الأهداف الكبيرة والهمم العالية, والتافهون الذين يعيشون لشهواتهم, لكن على أي حال يموت المرء:
يَـا غَافِلَ القَلْبِ عَنْ ذِكْرِ المَنِيَّاتِ
عَمَّـا قَلِيلٍ سَتُلْقـَى بين أَمْـوَاتِ
فَاذْكُرْ مَحَلَّكَ مِنْ قَبْلِ الحُلُولِ بِهِ وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنْ لَهْوٍ وَمِـنْ ذَاتِ
إِنَّ الحمَامَ لَـهُ وَقْتٌ إِلَى أَجَـلٍ فَاذْكُـرْ مَصَائِبَ أَيَّامٍ وَ سَاعَـاتِ
لا تَطْمَئِـنَّ إِلَى الدُّنْيَـا وَ زِينَتَهَا قَدْ حَانَ لِلمَوْتِ يَا ذَااللُّبِّ أَنْ يَأتِي
كل حياتنا عجب, نوقن بالموت ولا نستعد له, ونوقن بالجنة ولا نعمل لها, ونوقن بالنار ولا نهرب منها, فيا بُعد سفرنا وقلَّة زادنا, لقد فضح الموت الدنيا فلم يترك لذوي العقول فرحاً.
عبَاد الله:
من أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة, وقناعة القلب, والنشاط في العبادة, ومن نسي الموت عُوقب بثلاثة أشياء: التسويف بالتوبة, وتركُ الرضى بالكفاف, والتكاسل بالعبادات. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتذكُّر الموت فقال: "أَكثِروا ذِكْرَ هَادِمِ اللذَّاتِ؛ المَوْتُ". [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد، وصححه الألباني].
يا أصحاب الغفلات:
هذه الدنيا كم من واثقٍ فيها فجعته؟ وكم من مطمئنٍّ إليها صرعته؟ وكم من محتال فيها خدعته؟ حُلْوها مُرٌّ, وأيامها دُولٌ, وعزيزها مغلوب, سرورها إلى حزن, وعافيتها إلى سَقَم, ووجودها إلى عدم, اجتماعها إلى افتراق, وبناؤها إلى خراب فأين المعتبرون.
فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا مَنَازِلُنَـا الأُولَى وَفِيهَا المُخَيَّمُ
قال بعضهم: أيها المغترُّ بطول صحته أما رأيت ميتاً قطُّ من غير سقَم؟ أيها المغترُّ بطول المهلة أما رأيت مأخوذاً قطُّ غرَّة؟ أبالصِّحة تغترُّون؟ أم بطول الأمل تأمنون؟ أم على ملك الموت تجترئون؟.
إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك ثروة مالك, ولا كثرة احتشادك, أمَا علمت أن ساعة الموت ذات كرب شديد, وندامة على التفريط.
قال الحسن رحمه الله: "من لم يمت فجأةً مرض فجأةً فاتقوا الله واحذروا مفاجأة ربكم".
يا من اغترَّ بشبابه تذكر أن موت الشباب أكثر من موت الشيوخ
لا تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ نَاعِمٍ خَضِلِ فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْـلَ الشِّيبِ شُبَّانُ
يُعَمِّـرُ وَاحِدٌ فَيَغِـرُّ قَوْمَـاً وَيُنْسَى مَنْ يَمُوتُ مِنَ الشَّبَابِ
عباد الله:
أخطر ما يمرُّ بالإنسان في هذه الدنيا لحظات الفراق إذا تصرَّم أجله وحان يومه ولفظ آخر أنفاسه, فإما أن يبشَّر بروح وريحان ونعيم ورضوان, أو بغضب ونيران وحميم آنٍ, ومن هنا كانت لحظات الفراق تَقِضُّ مضاجع الصالحين, ذلك أن الله سبحانه لما خلق الخلق قبض منهم قبضة إلى الجنة وأخرى إلى النار, والإنسان لا يعلم عن حاله هل هو من السعداء أم من الأشقياء.
في مسند الإمام أحمد [4/176-177 إسناده صحيح] أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى عند موته فسُئل عن ذلك فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ اللهَ تَعالى قبضَ خَلقَه قبضتينِ فقالَ: هؤلاءِ في الجنَّةِ وهؤلاءِ في النَّارِ" ولا أدري في أي القبضتين كنتُ.
نعم, ما أبكى العيون مثل ما أبكاها الكتاب السابق, فالمقربون قلوبهم معلقة بالسوابق يقولون: ماذا سبق لنا في علم الله؟ والأبرار قلوبهم معلقة بالخواتيم يقولون: بماذا يُختم لنا؟.
وكان سفيان الثوري رحمه الله يشتد قلَقُه من السوابق والخواتم فيبكي قائلاً: "أخاف أن أكون في أمِّ الكتاب شقيَّاً", ثم يبكي ويقول: "أخاف أن أُسلب الإيمان عند الموت".
وقال مرَّةً لبعض الصالحين: "هل أبكاك قطُّ علم الله فيك؟" فقال الرجل: "تركتني يا سفيان لا أفرح أبداً".
ولما حضرت وفاة العابد الصالح محمد بن المنكدر جزع جزعاً شديداً فقيل له: "ما هذا الجزع؟" فقال: "أخاف آية من كتاب الله: (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ). فأنا أخاف أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب".
نعم, وكيف لا يخاف المر ء على نفسه وفي الأحاديث الثابتات أن العبرة بلحظات الممات, وأن المعوَّل على الخاتمة, فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الرَّجلَ ليعملُ عملَ أهلِ النَّارِ وإنَّه مِن أهلِ الجنَّةِ, ويعملُ عملَ أهلِ الجنَّةِ وإنَّه مِن أهلِ النَّارِ, وإنَّما الأعمالُ بالخواتِيم". [أخرجه البخاري].
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فوَاللهِ الذي لا إلهَ غيرُهُ: إنَّ أحدَكم لَيعملُ بعملِ أهلِ الجنَّةِ حتَّى مَا يكونُ بينهُ وبينَها إِلا ذراعٌ فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ النَّارِ فيدخلَها, وإنَّ أحدَكم ليعملُ بعملِ أهلِ النَّارِ حتَّى مَا يكونُ بينَه وبينهَا إِلا ذراعٌ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنَّة فيدخلَها". [أخرجه البخاري 3208، ومسلم 2643].
الحازم يخشى على نفسه, ويخاف أن تخذله ذنوبه عند الموت, قال عبد العزيز بن أبي روَّاد: "حضرت رجلاً عند الموت يلقَّن: لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. ومات على ذلك". قال: "فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر, فكان عبد العزيز يقول: "احذروا الذنوب فإنها هي التي أوقعته".
إن من فقه المرء أن يخاف على نفسه من سوء الخاتمة, وأن يتَّهمها دائماً بالتقصير, فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون, وأن يحذر العُجْبَ فهو هلاك وسوء مصير.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو: "يَا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قَلبي عَلى دِينكَ" فقيل له: يا نبيَّ الله آمنَّا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟! فقال: "نَعم, إنَّ القلوبَ بينَ إِصبعينِ مِن أصابعِ اللهِ عزَّ وجلَّ يقلِّبها كيفَ يشاءُ". [رواه أحمد والترمذي].
عبَاد الله:
حبُّ المعصية وإِلفُها واعتيادها وعدم التوبة منها سبب لأن تستولي على القلب والتفكير, إلى الرَّمق الأخير, فعند تلقينه كلمة التوحيد تطغى هذه المعصية على تفكيره فتحول بينه وبين هذه الشهادة, وربما تكلم بما يدلُّ على تسخُّطه على القضاء والقدر أو مات وهو يباشر المعصية نعوذ بالله من ذلك.
يقول ابن الجوزي رحمه الله: "سمعت شخصاً يقول عند موته وقد اشتد به الألم: "ربي يظلمني".
وقال ابن القيم رحمه الله: "أخبرني رجل من قريب له أنه كان تاجراً يبيع القماش, يقول: فلما حضره الموت جعل يقول: هذه قطعة جيدة, وهذه على قدرك, هذه مشتراها رخيص يساوي كذا وكذا، حتى مات".
وقيل لبعض المحتضرين: قل: لا إله إلا الله، فقال: آه آه لا أستطيع أن أقولها.
وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله. فجعل يهذي بالغناء حتى مات.
وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله، فقال: ما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ركبتها. ثم مات ولم يقلها. [الداء والدواء ص 142], ثم قال ابن القيِّم: "وسبحان الله! كم شاهد الناس من هذا عبراً, والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم".
نسأل الله لنا ولكم الثبات وحسن الختام, قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء). [سورة إبراهيم: 27]. (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ). [سورة آل عمران: 8].
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولكل المؤمنين والمؤمنات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بيده الملك يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير, قدَّر الأقدار والآجال بحكمة وعلم فلا رادَّ لقضائه ولا معقِّب لحكمه وإليه المصير.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرَّد بالعزِّ والبقاء, والجبروت والكبرياء, أحمده سبحانه جعل الموت راحة للأتقياء, وسوء منقلب للأشقياء. وأشهد أنَّ نبينا محمَّداً عبد الله ورسوله إمام المتقين, وخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.أمَّا بعدُ.
فاتقوا الله رحمكم الله واستعدوا لما أمامَكم, واجعلوا من مرور الليالي والأيام وتتابع الحوادث لكم معتبراً, فالسعيد من اتَّعظ بغيره وأيقن بأنه يُساق أجله وأن الماضي من أيامه لن يعود
تَمُـرُّ بِنَـا الأيَّامُ تَتْـرَى وَإِنَّمَـا نُسَاقُ إَلَى الآجَالَ وَ العَيْنُ تَنْظُرُ
فَلا عَائِدُ ذَاكَ الشَّبَابُ الذِي مَضَى وَلا زَائِلٌ هَـذَا المَشِيبُ المُكَدِّرُ
أيها المسلمون:
سَلُو الله حسن الخاتمة وذلك بأن يموت المرء على حال ترضي الله عز وجل, ففي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا أرادَ اللهُ بعبدٍ خَيراً استعمَلهُ. قِيل: كيفَ يستعملُه؟ قالَ: يُوَفِّقُهُ لعملٍ صالحٍ قبلَ الموتِ ثمَّ يقبضُهُ إِليهِ".
وفي السِّيَر أن سعد بن الربيع رضي الله عنه وُجد بآخر رمق في غزوة بدر وقد أثخنته الجراح فقال لأبيِّ بن كعب: "أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام وقل: إن سعداً يقول: جزاك الله عني خير ما جزى نبيَّاً عن أمته, وإني أجد ريح الجنة, وأبلغ قومك مني السلام وقل لهم: إن سعداً يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلِصَ إلى نبيكم ومنكم عينٌ تطرِف ) وفاضت نفسه رضي الله عنه. ولما طُعن حرام بن ملحان رضي الله عنه من ورائه بحربة حتى خرجت من صدره قال رضي الله عنه: "الله أكبر, فِزْتُ وربِّ الكعبة" وأخذ الدم ورشَّ به وجهه وصدره ومات رضي الله عنه.
أما عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فإنه لما توفي وخرجوا بنعشه جاء طيرٌ عظيم أبيض لم يُرَ مثله فدخل نعشه ثم لم يُرَ خارجا منه, فلما دفن تُليت هذه الآية على شفير القبر لا يُدرَى من تلاها (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي). [سورة الفجر: 27-30].
وسُمع عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم صوت المؤذن وهو يعالج سكرات الموت فقال: "خذوا بيدي إلى المسجد" فقيل له: "إنك مريض معذور" فقال: "أسمع داعي الله فلا أجيبه؟!". فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في صلاة المغرب فركع ركعة ثم مات رحمه الله.
وكان شيخ الشافعية ابن الإسماعيلي يصلي صلاة المغرب فلما قرأ بهم: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). [سورة الفاتحة: 5]. خرجت روحه رحمه الله.
ومات جماعة في السجود وهم يصلُّون, منهم مجاهد بن جبر, وحماد بن سلمة الذي كانت جميع أوقاته معمورة بالتعبد والأذكار ونشر العلم ولو قيل له: إنك تموت غداً ما قَدِرَ أن يزيد في العمل شيئاً, مات في الصلاة ساجداً رحمه الله.
ولما احتضر عبد الرحمن بن الأسود رحمه الله بكى فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم. ولم يزل يتلو القرآن حتى مات رحمه الله. [السير 5/12].
بل لا نذهب بعيداً, فهذه امرأة في العام الماضي تصلي في المسجد صلاة التراويح ولما سجدت قُبضت على هذه الحالة, وأيضاً رجل في رمضان الماضي كان جالساً قبل الغروب يتلو كتاب الله في بيت من بيوت الله فوضع المصحف وقُبض على هذه الخاتمة الحسنة.
ونشرت بعض الجرائد خبر المرأة البكماء التي لا تستطيع النطق مدة حياتها فنطقت بعد خمسين سنة, فقبل وفاتها بلحظات شاهدها زوجها وأبناؤها تصلي صلاة الفجر مبكراً على غير عادتها، وقبل دخول الوقت بكثير ثم نطقت بالشهادتين بلغة واضحة وصريحة ودعت ثم توفيت بعد ذلك, وكانت كما يقول الخبر صاحبة صلاح وصدقة وخدمة لزوجها وأبنائها. [الجزيرة عدد10183 الثلاثاء 15/5/1421هـ].
فيا أصحاب الغفلات، أيها المسلمون والمسلمات:
تزودوا بالأعمال الصالحات, توبوا إلى الله قبل الممات, فعند حضور الأجل يقول المفرِّط: (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ). [المؤمنون: 99- 100]، فيكون الجواب: (كَلَّا). ويكون الجواب: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ). [فاطر: 37].
الرسالة والقرآن نذير, وموت الأقران نذير, والشيب نذير, والمرض نذير فما هو العذر؟!. وكم من إنسان وعد نفسه بالتوبة فسوَّف فيها, ورجَّاه الشيطان فباغته الأجل على غير استعداد وتوبة وعمل.
سُمع بعض المحتضرين يقول عند موته: "يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله".
وقال آخر: "سخرت بي الدنيا حتى ذهبت أيامي".
وقال ثالثٌ عند موته: "لا تغرَّنَّكم الحياة الدنيا كما غرَّتني".
فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ بَاتَ لِلْمَوْتِ آمِنَـاً أَتَتْـه ُالمنَايَا بَغْتَةً بَعْدَمَـا هَجَـعْ
فَلَمْ يَسْتَطِعْ إِذْ جَـاءَهُ الموتُ آمِنَـاً فِـرَارَاً وَلا مِنْهُ بِقُوَّتـِهِ امْتَنَـع
وَقُـرِّبَ مِنْ لَحْـدٍ فَصَارَ مَقِيـلَهُ وَفَارَقَ مَا قَدْ كَانَ في أَمْسِهِ جَمَعْ
يا معشر الغافلين:
اعتبروا بمن كانوا في أول ليلهم آمنين, يحركون الأوتار, فأصبحوا في القبور
يَـا رَاقِدَ الليْلِ مَسْرُورَاً بِأَوَّلِـهِ إِنَّ الحَوادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا
لا تَفْرَحَـنَّ بِلَيْلٍ طَـابَ أَوَّلُـُه فَرُبَّ آخِـرِ لَيْلٍ أَجَّـجَ النَّارَا
عَادَتْ تُرَابَاً أَكُفُّ المُلهِيَاتِ وَقَدْ كَانَتْ تُحَـرِّكُ عِيدَانَاً وَ أَوْتَارَا
[لحظات ساكنة 34]
فابكِ على نفسك قبل أن تبكي على غيرك وقبل أن يُبكى عليك, وتذكر بأن مردَّنا إلى الله فحافظ على حدوده, وعظِّم شعائره, واحذر قرناء السوء, وحافظ على صلاة الجماعة, وداوم على تلاوة القرآن والأذكار واصحب الأخيار فهذا عنوان سعادتك.
اللهم أسعدنا بطاعتك واختم لنا بخير..
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى