لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

من آثار الذنوب والمعاصي  Empty من آثار الذنوب والمعاصي {الجمعة 25 نوفمبر - 19:55}

الشيخ / محمد بن علي السعوي
من آثار الذنوب والمعاصي


الحمد لله الواحد القهار ، نحمده سبحانه (( وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)) ( المؤمنون : 80 ) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (( الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ)) ( الحشر: 23 ) .

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد المصطفَين الأخيار، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه الأبرار، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الجزاء والقرار.

أما بعد: فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى، وخذوا حذركم من مغبة الذنوب والمعاصي، فإن مغبتَها وخيمة، وعاقبتَها أليمة.

معشر المسلمين : إن الإنسان إذا عصى الله تعالى وعصى رسوله
صلى الله عليه وسلم فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولا يضر الله شيئا ، قال الله تعالى في الحديث القدسي : (( يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضَري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني )) [1].

وقال سبحانه في كتابه العزيز : ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)) ( محمد : 32 – 33 ) .

أيها المسلمون: إن للذنوب والمخالفات آثارًا وعواقب على الأفراد والمجتمعات.

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه ( الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ) : (( فمما ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر،
وأن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا شر ولا داء إلا وسببه الذنوب والمعاصي ؟! فما الذي أخرج الوالدين من الجنة ؛ دار اللذة والسرور، والبهجة والحبور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب ؟! وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء..

وبدل بالقرب بعدا ، وبالرحمة لعنة .. وبالجنة نارًا تلظى ؟! وما الذي أغرق أهل الأرض كلَهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ؟! وما الذي سلط الريح العقيم على عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ؟!

وما الذي أرسل على ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبه في أجوافهم ، وماتوا عن آخرهم ؟!

وما الذي رفع قرى قوم لوط حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعًا ، ثم اتبعهم حجارة من سجيل منضود أمطرها عليهم ؟! فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم، وما هي من الظالمين ببعيد، وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم
نارًا تلظى ؟!

وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ؟!

وما الذي خسف بقارون وداره الأرض ؟!

وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات، ودمرها تدميرا ؟! .. ( ص 37 ـ 38 بتصرف ).

إنها الذنوب والمعاصي أيها المسلمون ، والإعراض عن دين الله ،
جزاءً وفاقًا .

قال تعالى : (( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) ( العنكبوت : 40 ) .

أيها المسلمون: من أضرار الذنوب و آثارها السيئة أنها تفسد القلب حتى تعميه وتغطيه وهو المعبر عنه بالران الذي أخبر الله عنه بقوله: (( َلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) (المطففين: 14) .

قال الحسن رحمه الله : (هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب) .

وإذا كان كذلك فإن صاحبه يصبح لا ينكر منكرا ولا يفعل ولا يقول إلا ما يهواه قلبه الفاسد ـ عياذا بالله من ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم واصفا من هذه حاله : (( فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه )) [2].

ومن آثار المعاصي هوان العاصي على الله ، وإذا هان على الله فمن يكرمه قال تعالى : (( وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ)) ( الحج : 18)
كما أن المعاصي تورث الذل والصغار ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري )) ذكره البخاري تعليقا وقال الحسن- رحمه الله- عن العصاة المترفين : ( أنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين إن ذل المعصية لفي رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه) .

وقال المعتمر بن سليمان رحمه الله: ( إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته ) .

وما أكثر الذل الواقع على المسلمين اليوم بسبب ما كسبت أيديهم، فهانوا حتى على أعدائهم من اليهود والنصارى، ولن يرفع هذا الذل والهوان حتى يرجعوا إلى دينهم الحق، ويعرضوا عن الباطل.

أيها المسلمون: ومن آثار الذنوب ضيق الصدر ، قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : (من أعظم أسباب ضيق الصدر الإعراض عن دين الله ، وتعلق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره ، ومحبة سواه ، فإن من أحب شيئا غير الله عذب به، وسجن قلبه في محبة ذلك الغير ، فما في الأرض أشقى منه، ولا أكسف بالا منه، ولا أنكد عيشا، ولا أتعب قلبا).

أيها المسلمون: ومن آثار الذنوب وعقوباتها حرمان العلم النافع ،
لما رأى الإمام مالك الشافعي عليهما رحمة الله ، وأعجبه ما رآه من فطنته وتوقد ذكائه ، قال له إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية .

وضد العلم الجهل الذي هو السمة البارزة لأهل المعاصي، ولقد وصف الله تعالى مرتكب المعاصي بالجهل في آيات كثيرة، من ذلك قوله تعالى
على لسان يوسف الصديق عليه السلام : (( وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ )) ( يوسف : 33 ) .

وقال سبحانه : (( وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)) ( النمل: 54، 55 ) .

قال القرطبي- رحمه الله- : بل أنتم قوم تجهلون؛ إما أمر العقوبة، أو أمر التحريم.

وقال بعض السلف: كل من عصى الله فهو جاهل ثم قرأ قوله تعالى:

(( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (النحل: 119).

وقال ابن القيم: (الفرح بالمعصية دليل على شدة الرغبة فيها ، والجهل بقدر من عصاه ، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها) [3] .

وقال صلى الله عليه وسلم : ((من أشراط الساعة : أن يرفع العلم ، ويثبت الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنى)) [4].

أيها المسلمون: ومن آثار الذنوب وعقوباتها: زوال النعم،
وحلول النقم؛ من المصائب والبلايا، والزلازل والفتن والرزايا، قال تعالى : (( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ))

( الشورى : 30 ) .

وقال علي رضي الله عنه: (( ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة )).

فتوبوا إلى الله جميعا أيها المسلمون واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .



الخطبة الثانية

الحمد لله (( وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) ( الزخرف : 85 ) .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (( يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ )) ( الأنعام : 3 ) .

وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله (( النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) ( الأعراف : 158) .

صلى الله عليه وعلى أصحابه الذين (( يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)) ( الأعراف : 181) .

وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد - فيا أيها المسلمون - اتقوا الله تعالى : (( وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) ( الأنفال : 25 ) .

معشر المسلمين: من أسباب الذنوب والمعاصي ضعف الإيمان، وعدم تعظيم أمر الله ونهيه، والاغترار بعفو الله، وكثرة الشبهات والشهوات، ومخالطة أهل المعاصي وقرناء السوء.

قال تعالى: ((وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) (الحديد: 14).

قال يحي بن معاذ: ( من أعظم الاغترار؛ التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة).

وقال ابن القيم: ( فمن كانت بطالته رجاء، ورجاؤه بطالة وتفريطا، فهو المغرور) .

وقال أيضاً: ( أعجب العجائب سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك، عما خبئ لك، تغتر بصحتك، وتنسى دنو السقم ، وتفرح بعافيتك ، غافلا عن قرب الألم) .

قال تعالى: (( لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ )) ( النساء: 123 ) .

أبو عثمان الحيرى: ( من الشقاء أن تعصي وترجو أن تنجو).

وإذا غفل القلب - أيها المسلمون - عن ذكر الله جثم عليه الشيطان، وأخذ يصده ويمنيه.

وقال ابن القيم: ( كيف الفلاح بين إيمان ناقص، وأمل زائد، ومرض لا طبيب له ولا عائد، وهوى مستيقظ، وعقل راقد، ساهيا في غمرته عمها في سكرته، سابحا في لجة جهله، مستوحشا من ربه، مستأنسا بخلقه ذكر الناس فاكهته وقوته ، وذكر الله حبسه وموته ، لله منه جزء يسير من ظاهره ، وقلبه ويقينه لغيره ) [5].

أيها المسلم: عليك بالخوف من الله تعالى، فإنه أعظم زاجر من الذنوب والمعاصي (( قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ )) (الأنعام 15- 16)

أيها المسلم: حاسب نفسك كما كان السلف الصالح يحاسبون أنفسهم ، روى ابن الجوزي عن عثمان النيسابوري أنه انقطع شسع نعله في مضيه إلى الجمعة فتعوق لإصلاحه ثم قال : إنما انقطع لأني ما اغتسلت غسل الجمعة .

أيها المسلم: ابتعد عن مخالطة أهل المعاصي وقرناء السوء،
فإن مخالطتهم داء وبلاء، ذلك أن المخالطة والمجالسة السيئة، تحمل القلب على فعل السوء.

نسأل الله أن يعصمنا من السوء والزلل، وأن يوفقنا لحسن القول
وصالح العمل .

عباد الله: (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) (الأحزاب:56) .
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمين ..

[1] رواه مسلم رحمه الله .

[2] رواه مسلم.

[3] مدارج السالكين ( 1/120 ) .

[4] رواه البخاري ومسلم .

[5] (الفوائد ص83 ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى