مسلم
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
د. رياض بن محمد المسيميري
هل في حياة المسلم فراغ
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102]. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1]. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب:70-71].
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ ص وشرُّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار
أما بعد ، أيَّها المسلمون :
فحين تغيبُ الاهتماماتُ الكبرى عن حسِّ المسلمِ و ضميرِه، تتسعُ دائرةُ الفراغِ من حولهِ، وتتمددُ مساحةُ الوقتِ الضائعِ سُدى، و من ثمَّ تنحصرُ المشاغلُ المستنزفةُ لعقاربِ الزمن في قضايا ثلاث :
أولها الطعامُ و الشراب !!
وثانيهما النومُ الاسترخاء !!
وثالثهما المتعةُ و الترفيه !!
هذه الثانويات ظلَّ الكثيرونَ مشغولينَ بها، متطاحنينَ من أجلِها، لِتُشكلَ بفضلِ عنايتِهم الفائقةِ بشأنِها عقباتٍ كوؤد أمامَ تقدمهِم إلى الأمام، أو انتقالِهم إلى مرحلةِ تحقيقِ غايةِ الوجودِ الإنساني، و ترجمةِ مفهومِ إياك نعبدُ إلى أرضِ الواقعِ الملموس،
أيُّها الأحبةُ الأفاضل :
نقولُ هذا الكلام و نحنُ على أبوابِ الإجازةِ الصيفية، و التي تعني لدى البعض كماً هائلاً من الفراغ، لا يُعرف كيف يُستغل، و لا كيف يُدارُ بطريقةٍ حَضاريةٍ مُثمرة، (( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا )) .
وتقدمُ نَتائجَ مفيدة على نطاقِ الفردِ والجماعة، والأُمةِ الوسط التي اختارها اللهُ جلَّ جلاله ، حين كانَ الوعيُ متنامياً، والهمومُ مثالية، كانتْ المشاغلُ متكدسةً، و الآمالُ عريضةً لدى أسلافِنا الأَماجد، فإذا بالنتائجِ أشبهُ بالمعجزات، وإذا بالإنجازاتِ قريبةٌ من الخيال، حسبك منها حركةُ الفتوحاتِ التي كانتْ على قدمٍ وساق !! وخيولُ المسلمين التي أزكمَ أنوفَها غُبارُ المعارك، وأعلى صَهيلَها الكرُّ و الفرُ، فضلاً عن خطواتٍ جرئيه في تربيةِ و إعدادِ النشئِ الجديد، ناهيك عن وثبةٍ بعيدةِ المدى مد البصر في التصنيفِ و التأليفِ و الابتكار، هكذا كانتْ أحوالهُم يومَ ارتقتْ اهتماماتُهم، و هكذا كانتْ إنجازاتُهم يومَ اتسعتْ مداركُهم، و نضجتْ عقولُهم وأفكارُهم، أمَّا نحنُ اليوم و للأسفِ الشديد فننامُ ملءَ جفونِنَا، و نشبعُ ملءَ بطونِنَا، ومع ذلك نتشوقُ إلى الإجازة لمزيدٍ من الراحةِ و الخُمول، و جُرعاتٍ أكبر من الاسترخاءِ و التثاؤب، فهلْ يليقُ ذلك بأمةٍ خُلقتْ لقيادةِ البشريةِ بأسرها، ووُجدتْ لتكونَ شاهدةً على الناس ، (( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) .
هل يليقُ ذلك بأمة شُرِّفتْ بحملِ أعظمِ رسالة، و حُمِّلتْ أثقلُ أمانة، و أنيطَ بها أضخمُ مسؤولية و أكبرُ تكليف ، إنَّ العجبَ لا ينقضي، والدهشةَ لا تقفُ عند حد، حينَ ترى من يشكو سَعةَ وقته و كثرةَ فراغه ! حق أصبحَ الفراغُ هماً ثقيلاً وعبئاً جسيماً و يا حسرةً على العباد !! حينَ يُصبحُ الفراغُ معضلة، و يُصبحُ الفراغُ مشكلة .
أيها المسلمون :
إنَّ المرءَ ليتساءلُ في عجب تُرى هلْ في حياةِ المسلمِ فراغ ؟ هلْ في حياةِ المسلمِ فراغ ؟
و قد علمَ أنَّه صاحبُ عقيدة و صاحبُ رسالة، يجبُ أنْ ينطلقَ بها إلى الآفاق، و يحملُها إلى الناس امتثالاً لأمرِ ربهِ حيثُ يقول: ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللَّهَ ((، وأمرهُ حيثُ يقول لنبينَهُ للناس ولا تكتموه، فهل يبقى فراغ بعد ذلك ؟!
هل في حياةِ المسلمِ فراغ ؟ و هو يرى جموعاً ممن ينسون الإسلام، يَتمرغونَ فوقَ تُرابِ الأضرحة و يتباكونَ على ضِفافِ القبور، و يَستغيثونَ بالعظامِ البالية، و اللحومِ الممزقة، يُشركونَ باللهِ العظيم في وضحِ النهار !! دونَ أن تدمعَ عينُه أو يأرقَ جُفنه !! أو تدفعُه نخوتُه إلى استصلاحِ أولئكَ المُعذبين !! هل في حياةِ المُسلمِ فراغ ؟ وهو يرى البدعَ والخُرافات تملأُ الدنيا بسخافاتِها وسماجتِها، فبدعٌ في الاعتقاد، و بدعٌ في العبادات، و بدعٌ في الأخلاقِ والسلوك !! فأنَّى له الفراغ قبلَ أنْ يستأصلَ شأفَتها، ويقتلعَ جذورَها، ويُعلي بإزائِها السُنَّة بجمالِها و بهائِها، و قوتِها و أصالتها،
أيُّها المسلمون :
إنَّنا مطالبون باستثمارِ كلِّ دقيقةٍ وثانيةٍ من عُمرِ الزمن !! نتقربُ فيها إلى الله، ونُسابقُ إلى جنتهِ من خلالِ تربيةِ ذواتِنا، وإعدادِ الآخرين، وصناعةِ الأُمةِ الجديدة القادرةِ على العطاءِ بلا حدود ، ألا إنَّ المجالاتِ المُتاحة، والقنواتِ المفتوحة لاستثمارِ الوقتِ، و شَغلِ الفراغ، فسيحةُ الأرجاء ممتدةُ الجوانب !! وبإمكانِنا أنْ نجعلَ من الفراغِ القادم مصنعاً للإنجازاتِ الباهرة، وورشةَ عمل لا تتوقفُ أربعاً وعشرين ساعة !! وحتى لا يكونَ كَلامُنا إنشائياً وطَرحُنا نظرياً إليك أيُها الحبيب ، هذه الخياراتِ المتنوعة، و البدائلَ المتعددة، لتنتقيَ منها ما يُلائمُك ، وتختارَ من بينها ما يناسبُك !! فأرخِ السمعَ يرحمُك الله، واستحضر القلبَ يا رعاكَ الله، فدونكَ هذه المراكزَ الصيفية إحدى مشروعاتِ الخيرِ الجبارة !! التي هي في ظنِنا مراكزُ مهمة، لاحتواءِ الشبابِ و تصريفِ طاقاته ، في نطاقِها الطبيعيِ المشروع، بعيداً عن الشذوذِ و الانحراف، والرعونةِ و الاندفاع، ففيها يتلقى الشباب دروساً في العقيدةِ و الأخلاق، والآدابِ والسلوك ، ويتعلمُ النشئُ الجديد ، كيفَ يكونُ إيجابياً في خدمةِ دينهِ و أمتهِ و مجتمعهِ و بلادهِ المُسلمة، فضلاً عن برامجَ مفيدةً لصقلِ المواهبِ وإنمائِها، و استغلالِ القُدراتِ و توجيهِها، و تعلمِ الحرفِ و اكتسابِها !! ناهيكَ عن برامجَ الرحلاتِ التربويةِ الجادة !! حيثُ الترويحُ البريء، والمتعةُ المباحة، فاحرصْ بارك الله فيك على المشاركةِ في برامجِها الهادفة، و مناشطِها الجذَّابة !! احرصْ على المشاركةِ مُعلماً أو متعلماً، مُلقياً أو مُتلقياً، (( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )) .
أيها المسلمون :
حلقُ القرآن هي من أجلِّ أن نفاخرُ به الدنيا، وأعظمِ ما نُسامي به العالم و الجماعاتُ الخيريةُ لتحفيظِ القرآنِ الكريم !! بفضلٍ من اللهِ تعالى ثم بفضلِ جُهودِ المساندينَ لها و الداعمينَ لأهدافِها، والُمشرفين عليها !! تمكنتْ هذه الجماعاتُ المباركة أنْ توجدَ لنا جيلاً قرآنياً نعتزُ به، فبراعمُنا الصغار من حفظةِ كتاب الله هُم أملُ أمتِنا الواعد، و تباشيرُ صباحِنا الجديد، فما أجمل أن يوجَّه أمثالُهم إلى حلقِ القرآن !! دراسةً وحفظاً، وتدبراً و فهماً، ويا لسعادتِنا وبهجةِ قلوبِنا حين تَعمُ حِلقُ القرآن كلَّ مسجدٍ من مساجِدنا، إنَّ لم يكنْ كلَّ حُجرةٍ من حُجرِ بيوتِنا !! والإجازةُ أيُّها المسلمون فرصةٌ سانحةٌ ليشاركَ الجميع في تحقيقِ هذا المطلبِ الحيوي، وتجسيدِ هذه الغايةِ المهمةِ، حمايةً لأبناءِ المسلمين من الانحرافِ و الضياع، أو الانسياقِ وراءَ الممارساتِ المشبوهة، والوقوعِ في العاداتِ المحرمة !!
أيُّها الفضلاء :
إنَّ محاولةَ احتواءِ الشباب عبر حِلقِ القرآن يقودُنا إلى الحديثِ عن مشكلةِ انحرافِ الأحداث، وممارساتِ المراهقين !! فهؤلاء أمانةٌ في أعناقِنا، و مسؤوليتُنا جميعاً يجبُ استصلاحُهم و دعوتُهم بالرفقِ واللين !! من خلالِ الكلمةِ الطيبة، والابتسامةِ الحنون !! لو قامَ المحتسبونَ في كلِّ حيٍ بما يستطيعون تُجاه أولئكَ البسطاء، لأمكنَ بإذنِ الله تعالى كبحُ جماحِ انحرافهم ، وتهدئةُ عجلةِ تهورهِم واندفاعِهم، إنَّ المنهجَ السوي في تربيةِ أولئك لا يكونُ بالدعاءِ عليهم أو سبهم، أو التبرمِ من تصرفاتِهم، و لكنْ يكونُ من خلالِ الدعاءِ لهم بالهداية، و مناصحتِهم بالرفق والحكمة ، المنهجُ السوي يكونُ من خلالِ تحذيرِهم من المخدراتِ و شرِّها، والسرعةِ وخطرِها، والمعصيةِ وشؤمِها، فأينَ المشمرون لتحقيقِ هذا الأمل والاضطلاعِ بهذهِ المهمة؟! احتساباً لما عندَ اللهِ من الأجرِ والمثوبة، والثناءِ الحسنِ الجميل !!
أيُّها المسلمون :
يَفدُ إلى الجامعات طُلابُ العلمِ من كلِّ مكان !! و يتلقونَ علوماً مؤصلة نادرة، قلَّ أن يجدوهَا في مكانٍ آخر !! فهم يتلقونَ العقيدةَ السلفية، و علومَ القرآنِ و السُنَّة، و فقه فهمِ السلفِ الصالح !! طلبةُ العلمِ هؤلاء سيعودونَ بإذنِ اللهِ إلى أهلهِم وذويهم خلالَ إجازةِ الصيف كلَّ عام، والسؤالُ الذي يَعرضُ نفسَه ماذا سيقدمُ هؤلاء ؟ حينَ عودتِهم !!
تُرى هلْ سيكتفونَ بسردِ ذكرياتِهم مع الغُربةِ والسكنِ الداخلي، و الدراسةِ والمحاضرات، أمْ سيجدُونها فرصةً لافتراشِ أسرتِهم، و معانقةِ وسائِدهم، إلى أن يحينَ العامُ الجديد ؟! أم تُراهم يكونونَ رجالاً يُؤدونَ واجبَهم تُجاه أمتِهم، ويطلعونَ بمسؤوليتهم تُجاه مجتمعِهم، فيُعلِّمونَ الناسَ ما تعلموه !! ويفقهونهم بما فقهوه !! يُصلحونَ ما فسد، و يقيمونَ ما اعوَجْ، و يسَددونَ ما اختلْ أملُنا كبير بطلبةِ العلم أن يجعلوا من الإجازة فرصةً للدعوة، وساحةً للبناء، وميداناً للتنافس!! وغرس الآدابِ والقيم !! وبعثِ الحماسِ والهمم، وإنَّا لمنتظرون !!
أيُّها الأحبة :
الأنشطةُ البيتية و البيئيةُ المنزلية مجالٌ مفتوح، و أرضٌ خصبة، ولو التفتنَا إليها واهتممنَا بها لجعلنَا من البيتِ جنةً يتنعمُ بها الأهلُ كُلُّهم !! وأنت على سبيلِ المثال يمكنُك أن تصنعَ مكتبةً منزليةً جذابة !! تحتوي كُتباً مُشوِّقة في كلِّ مجالٍ مفيد، و جمالُ إعدادِها، وجودةُ عرضِها، وحُسنُ الدعايةِ لها، كفيلٌ بجعلِها مكتبةً مزدحمةً بأهلِ البيت، لا أن تبقى مجردُ لوحةٍ فنية، وأثاثٍ منزليٍ فاخر !! ثم تذكرْ يرحمُكَ الله أنَّ النصيحةَ المكتوبة المُغلفةَ بالحبِ والرحمة، المُذيَّلة بالدعاءِ والأمانيِ الصادقة، تُوجهُها إلى الأبوينِ الكريمين، أو إلى الاخوةِ الأفاضل والأخواتِ الطيبات، منشطٌ مهجورٌ من مناشطِ الدعوة، بإمكانك أنْ تسلكَهُ وسترى النتائجَ بإذنِ الله، ثم تذكرْ يرحمك الله أنَّ إسداءَ المعروفِ إليهم، وتقديمَ الإحسانِ لهم، والقيامَ بحوائجِهم ربَّما كانَ أبلغَ أثراً وأكثرَ فاعليةً في قبولِ نصيحتِك، و الاستجابةِ لدعوتِك بقلوبٍ مطمئنةٍ، ونفوسٍ مقبلة !!
أيُّها الأخُ المسدد :
الإجازةُ الصيفية فرصةٌ لترميمِ الجُسورِ المُتداعية !! وفتحِ القنواتِ المسدودةِ، وبعثِ الصلةِ المفقودة بين ذويِ الأرحامِ والأقارب، والتي نجزم بأنَّ انقطاعَها وتَهشُّمها ليسَ دائماً بسببِ عدواتٍ مُستحكمةِ !! أو كراهةٍ متأصلة، ولكنَّها بسببِ مشاغلَ دُنيوية، وتسويفاتٍ سببُها العجزُ و الكسل !!
لذا فلإجازةُ فرصةٌ لتصويبِ الخطأ !! واستدراكِ الفائت !! وإعادةِ المياهِ الى مجاريها.
أيُّها الحبيب :
زيارةُ المرضى والدعاءِ لهم، وشحذِ عزائِمهم وتثبيتِهم وسيلةٌ ناجحةٌ من وسائلِ امتدادِ الصحوة، و إذكاءِ جذوتِها، فالمريضُ غالباً ما يكونُ منكسرَ القلب، خفيفَ النفس، صالحاً للتلقي، متقبلاً للنُصح، سيَّما بعدَ أن عرفَ ضعفَه و قلَّة حيلتِه، وزالَ عنه كبرياؤُه، وذهبتْ عنه أنفتُه، فما أجملَ زيارةِ المستشفياتِ ونحوها، ولقاءِ هؤلاءِ المرضى ودعوتِهم بالرفقِ، وتذكيرِهم بالقضاءِ والقدر، وحملهِم على الصبرِ والاحتساب، وإشعارِهم بأنَّا وإيَّاهم جسدٌ واحد، يؤلمُنا ما يُؤلمُهم، و يَسوؤُنا ما يَسوؤُهم، و هذا لعمركَ سرُّ من أسرارِ التكافلِ الاجتماعي لا يوجدُ في غير الإسلام.
أيُّها الأفاضل :
للعلماءِ المخلصين منزلةٌ نفيسةٌ في قلوبِنا، و مكانةٌ رفيعةٌ في نفوسِنا، نُجلّهم و نُوقرهُم ، ونُكبرهم ونُعظمهم، ونَعرفُ لهم قدرَهم ونَجلسُ إليهم، ويتَلقَّى عنهم العلمَ بدليلهِ، والإجازةُ فرصةٌ للاقترابِ منهم و التعرفِ عليهم، ومدِّ الجسورِ معهم، وحينَ يكونُ الشبابُ لحمةً واحدةً مع علمائِهم المخلصين، يَعمُ الخير و ينتشرُ العدل، و يغيبُ الاختلاف، و يتوارى التباغضُ والحسد !!
أيُّها الأحبة :
إنَّ إهداءَ المصحفِ الشريفِ أسرعُ وسائلِ الدعوةِ نجاحاً، ولكنها وسيلةٌ معطلةٌ أو شبهُ معطلة، فنحنُ نرى الكثيرين يجتهدونَ في إهداءِ الكُتُبِ والأَشرطةِ ونحوها، لكنْ يندرُ أن تجدَ فيهم منْ يجعلُ إهداءَ المصحفِ الشريف ضمنَ برنامجهِ الدعوي، وفي يقينِنا أنَّ لكتابِ الله وقعاً خاصاً في النفوس، و أثر مَرجواً في القلوب، و ما يدريك فلعلَّ هذا الذي أهديتَهُ كتَابَ الله تقَعُ عينُه على قولهِ تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )) ، فيتوبُ ويستغفر و يُنيبُ، و يتراجع، أو ربما وقعت عينيه على قوله تعالى: (( فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى )) فاهتزَّ كيَانُه، وارتعدَ قلبَهُ، فتابَ وندم، أو ربَّما وقَعَ بصرُه على قوله تعالى : (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) ، فتاقت نفسُه الى الفردوسِ الموعود، والتهبَ حماسُه إلى جنَّةِ الخُلود، فإن لم يكنْ هذا و لا ذاك فبأي حديثٍ بعدَه يؤمنون؟!
أيَّها المُسدد :
ماذا عن الدعوةِ الفردية ؟! هلاَّ وضعتَها ضمنَ برنامجِك الدعوي خلالَ الإجازةِ خاصَّة ؟! هلْ فكرتَ في تبني شخصٍ ما ؟! تتولَّى دعوتَه بإخلاص، وتتابعهُ باستمرار تَمدُه بالنافعِ المفيد، و تزوده بكلِّ قيمٍ جديدة، تتدرجُ معه في الدعوةِ دون يأسٍ أو تراجع، قدْ يكونُ هذا المدعو أباكَ أو أخاكَ أو جارَك القديمَ أو الجديد ، تتوسمُ فيه الاستجابة، وتقرأُ في عينيهِ النجابة، مرةً تزورُهُ وأخرى تستضيفُهُ، وثالثةً تُهديه هدية، ورابعةً تخصُه بدعاء ، حتى تنجَلي غُمتُهُ، وتنقشعَ سحابتُه، وتَصلحَ حالُهُ، ويَطيبَ مآلُه بإذنِ العزيزِ الحكيم .
وأخيراً أيُّها المسلمون :
فإنَّ للنفسِ حقاً في المعاهدةِ والاهتمام، ومراجعةِ صحيفةِ العملِ وكشفِ الحساب ، وهو أمرٌ مطلوبٌ في كلِّ حين ، إلاَّ أن لهُ في الإجازة وقعاً خاصاً، كونها فترةً تقلُ فيها التزاماتُ الدراسة وارتباطاتُ العمل، فهي فرصةٌ للخلوة مع النفس، والنظرِ فيما كسبتْ واكتسبت، ليُصححَ المسارُ إن كانَ معوجاً، ويُقومَ التوجُه إنْ كانَ مختلاً ، ويُصوبَ المنهجُ إن كانَ معتلاً ، هي فرصةٌ للتزودِ من الصالحات بزيارة الحرمينِ الشريفين ، واعتمارِ البيتِ الحرام ، وتلاوةِ القُرآنِ وحفظهِ، واستظهارِ المُتونِ ومراجعتِها، ونحو ذلك من المفيدِ النافع، ثمَّ لا يعني ما سبق أن يحرمَ الإنسانُ نفسَه من المتعَة الحلال، و الترفيهَ البريءَ المباح، ما دامَ في حدودِه المعقولة ، التي لا تَخدشُ حياءً، ولا تُذهبُ وقاراً، ولا تُعطِّل واجباً،
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين,
أمَّا بعدُ:
فقضيةُ الأمنِ أحبتي الكرام قُلنا مراراً و تكراراً أنَّها قضيةٌ حيويةٌ بالنسبةِ لنا جميعاً، وهي قضيةٌ لا تقبلُ الجدالَ أو المناقشة، فلأمنُ شأنُنا جميعاً و مطلبُنا جميعاً وأملُنا جميعاً، لذا فإنَّ القيام بحوادث تفجيريةٍ أمرٌ مرفوضٌ شرعاً بكلِّ المقاييس شرعاً وعقلاً وذوقاً، مهما كانتْ الدوافعُ والمبررات ، ونحنُ مُطالبونَ شرعاً أنْ نكونَ يداً واحدةً في التصدي لكلِّ من يستهدفُ أمننَا بكلِّ جوانبهِ سواءٌ أمنُنا العقدي ، أوأمنُنا الأَخلاقي، أوأمنُنا السُلوكي أوأمنُنا البدني .
ويجب أنْ نسعى جاهدين إلى الحفاظِ على أمننا بكلِّ صورهِ و جوانبهِ، لننعمَ بالأمنِ الشامل، حين تكون العقيدةُ سلفيةً محمديةً، محفوظةً عن البدعٍ والخرافات .
والأخلاقُ قرآنيةً نبوية ، مصونةً عن الفُحشِ والخنا، والسلوكُ تربوياً مثالياً بعيداً عن الشذوذِ والانحراف، والدمُ محرماً معصوماً إلاَّ بحقه، أيُّها المسلمون إننا مستهدفون في عقيدتِنا و أخلاقِنا وأرواحِنا، فالذين يحاولون الخروجَ بنا عن عقيدتِنا السلفية من خلالِ إشاعةِ خرافاتِهم وبدعِهم، أو الدعوةِ الى مناهجَ فكريةٍ دخيلة، هؤلاء مستهدفونَ لأمننا العقدي، والذين يحاولُون تهريبَ المخدراتِ الى بلادِنا وترويجِها بين شبابِنا و فتيانِنا، أوتسهيلَ أسبابِ الفسادِ والانحرافِ لهم ، فهؤلاء مستهدفونَ لأمننا الأخلاقي ، يَجبُ التصدي لهم، وقل مثل هذا لمن يسفكُ الدمَ الحرامَ بغير حقه، ونحنُ جميعاً نرفضُ كلَّ هذه الأشكال من الاختراقاتِ الأمنية،وندعوا الله مُخلصين أن يجنبنَا ويلاتِها، وأنْ يحفظَ بلادَنا خاصةً وبلادَ المسلمين عامَّة ، من كلِّ شرٍ وبلاءٍ وفتنه ، فنحنُ ضعفاءُ بأنفسنا أقوياءُ باللهِ سبحانه، ولقد وَعدَنا جلَّ جلاله بالأمنِ التام، والظلِّ الوارف متى تمسكنَا بشرعِه، والتزمنَا بهديه، وتجنبنَا أسبابَ غضبِه، قال تعالى : (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) .
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور،وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
هل في حياة المسلم فراغ
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102]. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1]. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب:70-71].
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ ص وشرُّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار
أما بعد ، أيَّها المسلمون :
فحين تغيبُ الاهتماماتُ الكبرى عن حسِّ المسلمِ و ضميرِه، تتسعُ دائرةُ الفراغِ من حولهِ، وتتمددُ مساحةُ الوقتِ الضائعِ سُدى، و من ثمَّ تنحصرُ المشاغلُ المستنزفةُ لعقاربِ الزمن في قضايا ثلاث :
أولها الطعامُ و الشراب !!
وثانيهما النومُ الاسترخاء !!
وثالثهما المتعةُ و الترفيه !!
هذه الثانويات ظلَّ الكثيرونَ مشغولينَ بها، متطاحنينَ من أجلِها، لِتُشكلَ بفضلِ عنايتِهم الفائقةِ بشأنِها عقباتٍ كوؤد أمامَ تقدمهِم إلى الأمام، أو انتقالِهم إلى مرحلةِ تحقيقِ غايةِ الوجودِ الإنساني، و ترجمةِ مفهومِ إياك نعبدُ إلى أرضِ الواقعِ الملموس،
أيُّها الأحبةُ الأفاضل :
نقولُ هذا الكلام و نحنُ على أبوابِ الإجازةِ الصيفية، و التي تعني لدى البعض كماً هائلاً من الفراغ، لا يُعرف كيف يُستغل، و لا كيف يُدارُ بطريقةٍ حَضاريةٍ مُثمرة، (( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا )) .
وتقدمُ نَتائجَ مفيدة على نطاقِ الفردِ والجماعة، والأُمةِ الوسط التي اختارها اللهُ جلَّ جلاله ، حين كانَ الوعيُ متنامياً، والهمومُ مثالية، كانتْ المشاغلُ متكدسةً، و الآمالُ عريضةً لدى أسلافِنا الأَماجد، فإذا بالنتائجِ أشبهُ بالمعجزات، وإذا بالإنجازاتِ قريبةٌ من الخيال، حسبك منها حركةُ الفتوحاتِ التي كانتْ على قدمٍ وساق !! وخيولُ المسلمين التي أزكمَ أنوفَها غُبارُ المعارك، وأعلى صَهيلَها الكرُّ و الفرُ، فضلاً عن خطواتٍ جرئيه في تربيةِ و إعدادِ النشئِ الجديد، ناهيك عن وثبةٍ بعيدةِ المدى مد البصر في التصنيفِ و التأليفِ و الابتكار، هكذا كانتْ أحوالهُم يومَ ارتقتْ اهتماماتُهم، و هكذا كانتْ إنجازاتُهم يومَ اتسعتْ مداركُهم، و نضجتْ عقولُهم وأفكارُهم، أمَّا نحنُ اليوم و للأسفِ الشديد فننامُ ملءَ جفونِنَا، و نشبعُ ملءَ بطونِنَا، ومع ذلك نتشوقُ إلى الإجازة لمزيدٍ من الراحةِ و الخُمول، و جُرعاتٍ أكبر من الاسترخاءِ و التثاؤب، فهلْ يليقُ ذلك بأمةٍ خُلقتْ لقيادةِ البشريةِ بأسرها، ووُجدتْ لتكونَ شاهدةً على الناس ، (( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) .
هل يليقُ ذلك بأمة شُرِّفتْ بحملِ أعظمِ رسالة، و حُمِّلتْ أثقلُ أمانة، و أنيطَ بها أضخمُ مسؤولية و أكبرُ تكليف ، إنَّ العجبَ لا ينقضي، والدهشةَ لا تقفُ عند حد، حينَ ترى من يشكو سَعةَ وقته و كثرةَ فراغه ! حق أصبحَ الفراغُ هماً ثقيلاً وعبئاً جسيماً و يا حسرةً على العباد !! حينَ يُصبحُ الفراغُ معضلة، و يُصبحُ الفراغُ مشكلة .
أيها المسلمون :
إنَّ المرءَ ليتساءلُ في عجب تُرى هلْ في حياةِ المسلمِ فراغ ؟ هلْ في حياةِ المسلمِ فراغ ؟
و قد علمَ أنَّه صاحبُ عقيدة و صاحبُ رسالة، يجبُ أنْ ينطلقَ بها إلى الآفاق، و يحملُها إلى الناس امتثالاً لأمرِ ربهِ حيثُ يقول: ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللَّهَ ((، وأمرهُ حيثُ يقول لنبينَهُ للناس ولا تكتموه، فهل يبقى فراغ بعد ذلك ؟!
هل في حياةِ المسلمِ فراغ ؟ و هو يرى جموعاً ممن ينسون الإسلام، يَتمرغونَ فوقَ تُرابِ الأضرحة و يتباكونَ على ضِفافِ القبور، و يَستغيثونَ بالعظامِ البالية، و اللحومِ الممزقة، يُشركونَ باللهِ العظيم في وضحِ النهار !! دونَ أن تدمعَ عينُه أو يأرقَ جُفنه !! أو تدفعُه نخوتُه إلى استصلاحِ أولئكَ المُعذبين !! هل في حياةِ المُسلمِ فراغ ؟ وهو يرى البدعَ والخُرافات تملأُ الدنيا بسخافاتِها وسماجتِها، فبدعٌ في الاعتقاد، و بدعٌ في العبادات، و بدعٌ في الأخلاقِ والسلوك !! فأنَّى له الفراغ قبلَ أنْ يستأصلَ شأفَتها، ويقتلعَ جذورَها، ويُعلي بإزائِها السُنَّة بجمالِها و بهائِها، و قوتِها و أصالتها،
أيُّها المسلمون :
إنَّنا مطالبون باستثمارِ كلِّ دقيقةٍ وثانيةٍ من عُمرِ الزمن !! نتقربُ فيها إلى الله، ونُسابقُ إلى جنتهِ من خلالِ تربيةِ ذواتِنا، وإعدادِ الآخرين، وصناعةِ الأُمةِ الجديدة القادرةِ على العطاءِ بلا حدود ، ألا إنَّ المجالاتِ المُتاحة، والقنواتِ المفتوحة لاستثمارِ الوقتِ، و شَغلِ الفراغ، فسيحةُ الأرجاء ممتدةُ الجوانب !! وبإمكانِنا أنْ نجعلَ من الفراغِ القادم مصنعاً للإنجازاتِ الباهرة، وورشةَ عمل لا تتوقفُ أربعاً وعشرين ساعة !! وحتى لا يكونَ كَلامُنا إنشائياً وطَرحُنا نظرياً إليك أيُها الحبيب ، هذه الخياراتِ المتنوعة، و البدائلَ المتعددة، لتنتقيَ منها ما يُلائمُك ، وتختارَ من بينها ما يناسبُك !! فأرخِ السمعَ يرحمُك الله، واستحضر القلبَ يا رعاكَ الله، فدونكَ هذه المراكزَ الصيفية إحدى مشروعاتِ الخيرِ الجبارة !! التي هي في ظنِنا مراكزُ مهمة، لاحتواءِ الشبابِ و تصريفِ طاقاته ، في نطاقِها الطبيعيِ المشروع، بعيداً عن الشذوذِ و الانحراف، والرعونةِ و الاندفاع، ففيها يتلقى الشباب دروساً في العقيدةِ و الأخلاق، والآدابِ والسلوك ، ويتعلمُ النشئُ الجديد ، كيفَ يكونُ إيجابياً في خدمةِ دينهِ و أمتهِ و مجتمعهِ و بلادهِ المُسلمة، فضلاً عن برامجَ مفيدةً لصقلِ المواهبِ وإنمائِها، و استغلالِ القُدراتِ و توجيهِها، و تعلمِ الحرفِ و اكتسابِها !! ناهيكَ عن برامجَ الرحلاتِ التربويةِ الجادة !! حيثُ الترويحُ البريء، والمتعةُ المباحة، فاحرصْ بارك الله فيك على المشاركةِ في برامجِها الهادفة، و مناشطِها الجذَّابة !! احرصْ على المشاركةِ مُعلماً أو متعلماً، مُلقياً أو مُتلقياً، (( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )) .
أيها المسلمون :
حلقُ القرآن هي من أجلِّ أن نفاخرُ به الدنيا، وأعظمِ ما نُسامي به العالم و الجماعاتُ الخيريةُ لتحفيظِ القرآنِ الكريم !! بفضلٍ من اللهِ تعالى ثم بفضلِ جُهودِ المساندينَ لها و الداعمينَ لأهدافِها، والُمشرفين عليها !! تمكنتْ هذه الجماعاتُ المباركة أنْ توجدَ لنا جيلاً قرآنياً نعتزُ به، فبراعمُنا الصغار من حفظةِ كتاب الله هُم أملُ أمتِنا الواعد، و تباشيرُ صباحِنا الجديد، فما أجمل أن يوجَّه أمثالُهم إلى حلقِ القرآن !! دراسةً وحفظاً، وتدبراً و فهماً، ويا لسعادتِنا وبهجةِ قلوبِنا حين تَعمُ حِلقُ القرآن كلَّ مسجدٍ من مساجِدنا، إنَّ لم يكنْ كلَّ حُجرةٍ من حُجرِ بيوتِنا !! والإجازةُ أيُّها المسلمون فرصةٌ سانحةٌ ليشاركَ الجميع في تحقيقِ هذا المطلبِ الحيوي، وتجسيدِ هذه الغايةِ المهمةِ، حمايةً لأبناءِ المسلمين من الانحرافِ و الضياع، أو الانسياقِ وراءَ الممارساتِ المشبوهة، والوقوعِ في العاداتِ المحرمة !!
أيُّها الفضلاء :
إنَّ محاولةَ احتواءِ الشباب عبر حِلقِ القرآن يقودُنا إلى الحديثِ عن مشكلةِ انحرافِ الأحداث، وممارساتِ المراهقين !! فهؤلاء أمانةٌ في أعناقِنا، و مسؤوليتُنا جميعاً يجبُ استصلاحُهم و دعوتُهم بالرفقِ واللين !! من خلالِ الكلمةِ الطيبة، والابتسامةِ الحنون !! لو قامَ المحتسبونَ في كلِّ حيٍ بما يستطيعون تُجاه أولئكَ البسطاء، لأمكنَ بإذنِ الله تعالى كبحُ جماحِ انحرافهم ، وتهدئةُ عجلةِ تهورهِم واندفاعِهم، إنَّ المنهجَ السوي في تربيةِ أولئك لا يكونُ بالدعاءِ عليهم أو سبهم، أو التبرمِ من تصرفاتِهم، و لكنْ يكونُ من خلالِ الدعاءِ لهم بالهداية، و مناصحتِهم بالرفق والحكمة ، المنهجُ السوي يكونُ من خلالِ تحذيرِهم من المخدراتِ و شرِّها، والسرعةِ وخطرِها، والمعصيةِ وشؤمِها، فأينَ المشمرون لتحقيقِ هذا الأمل والاضطلاعِ بهذهِ المهمة؟! احتساباً لما عندَ اللهِ من الأجرِ والمثوبة، والثناءِ الحسنِ الجميل !!
أيُّها المسلمون :
يَفدُ إلى الجامعات طُلابُ العلمِ من كلِّ مكان !! و يتلقونَ علوماً مؤصلة نادرة، قلَّ أن يجدوهَا في مكانٍ آخر !! فهم يتلقونَ العقيدةَ السلفية، و علومَ القرآنِ و السُنَّة، و فقه فهمِ السلفِ الصالح !! طلبةُ العلمِ هؤلاء سيعودونَ بإذنِ اللهِ إلى أهلهِم وذويهم خلالَ إجازةِ الصيف كلَّ عام، والسؤالُ الذي يَعرضُ نفسَه ماذا سيقدمُ هؤلاء ؟ حينَ عودتِهم !!
تُرى هلْ سيكتفونَ بسردِ ذكرياتِهم مع الغُربةِ والسكنِ الداخلي، و الدراسةِ والمحاضرات، أمْ سيجدُونها فرصةً لافتراشِ أسرتِهم، و معانقةِ وسائِدهم، إلى أن يحينَ العامُ الجديد ؟! أم تُراهم يكونونَ رجالاً يُؤدونَ واجبَهم تُجاه أمتِهم، ويطلعونَ بمسؤوليتهم تُجاه مجتمعِهم، فيُعلِّمونَ الناسَ ما تعلموه !! ويفقهونهم بما فقهوه !! يُصلحونَ ما فسد، و يقيمونَ ما اعوَجْ، و يسَددونَ ما اختلْ أملُنا كبير بطلبةِ العلم أن يجعلوا من الإجازة فرصةً للدعوة، وساحةً للبناء، وميداناً للتنافس!! وغرس الآدابِ والقيم !! وبعثِ الحماسِ والهمم، وإنَّا لمنتظرون !!
أيُّها الأحبة :
الأنشطةُ البيتية و البيئيةُ المنزلية مجالٌ مفتوح، و أرضٌ خصبة، ولو التفتنَا إليها واهتممنَا بها لجعلنَا من البيتِ جنةً يتنعمُ بها الأهلُ كُلُّهم !! وأنت على سبيلِ المثال يمكنُك أن تصنعَ مكتبةً منزليةً جذابة !! تحتوي كُتباً مُشوِّقة في كلِّ مجالٍ مفيد، و جمالُ إعدادِها، وجودةُ عرضِها، وحُسنُ الدعايةِ لها، كفيلٌ بجعلِها مكتبةً مزدحمةً بأهلِ البيت، لا أن تبقى مجردُ لوحةٍ فنية، وأثاثٍ منزليٍ فاخر !! ثم تذكرْ يرحمُكَ الله أنَّ النصيحةَ المكتوبة المُغلفةَ بالحبِ والرحمة، المُذيَّلة بالدعاءِ والأمانيِ الصادقة، تُوجهُها إلى الأبوينِ الكريمين، أو إلى الاخوةِ الأفاضل والأخواتِ الطيبات، منشطٌ مهجورٌ من مناشطِ الدعوة، بإمكانك أنْ تسلكَهُ وسترى النتائجَ بإذنِ الله، ثم تذكرْ يرحمك الله أنَّ إسداءَ المعروفِ إليهم، وتقديمَ الإحسانِ لهم، والقيامَ بحوائجِهم ربَّما كانَ أبلغَ أثراً وأكثرَ فاعليةً في قبولِ نصيحتِك، و الاستجابةِ لدعوتِك بقلوبٍ مطمئنةٍ، ونفوسٍ مقبلة !!
أيُّها الأخُ المسدد :
الإجازةُ الصيفية فرصةٌ لترميمِ الجُسورِ المُتداعية !! وفتحِ القنواتِ المسدودةِ، وبعثِ الصلةِ المفقودة بين ذويِ الأرحامِ والأقارب، والتي نجزم بأنَّ انقطاعَها وتَهشُّمها ليسَ دائماً بسببِ عدواتٍ مُستحكمةِ !! أو كراهةٍ متأصلة، ولكنَّها بسببِ مشاغلَ دُنيوية، وتسويفاتٍ سببُها العجزُ و الكسل !!
لذا فلإجازةُ فرصةٌ لتصويبِ الخطأ !! واستدراكِ الفائت !! وإعادةِ المياهِ الى مجاريها.
أيُّها الحبيب :
زيارةُ المرضى والدعاءِ لهم، وشحذِ عزائِمهم وتثبيتِهم وسيلةٌ ناجحةٌ من وسائلِ امتدادِ الصحوة، و إذكاءِ جذوتِها، فالمريضُ غالباً ما يكونُ منكسرَ القلب، خفيفَ النفس، صالحاً للتلقي، متقبلاً للنُصح، سيَّما بعدَ أن عرفَ ضعفَه و قلَّة حيلتِه، وزالَ عنه كبرياؤُه، وذهبتْ عنه أنفتُه، فما أجملَ زيارةِ المستشفياتِ ونحوها، ولقاءِ هؤلاءِ المرضى ودعوتِهم بالرفقِ، وتذكيرِهم بالقضاءِ والقدر، وحملهِم على الصبرِ والاحتساب، وإشعارِهم بأنَّا وإيَّاهم جسدٌ واحد، يؤلمُنا ما يُؤلمُهم، و يَسوؤُنا ما يَسوؤُهم، و هذا لعمركَ سرُّ من أسرارِ التكافلِ الاجتماعي لا يوجدُ في غير الإسلام.
أيُّها الأفاضل :
للعلماءِ المخلصين منزلةٌ نفيسةٌ في قلوبِنا، و مكانةٌ رفيعةٌ في نفوسِنا، نُجلّهم و نُوقرهُم ، ونُكبرهم ونُعظمهم، ونَعرفُ لهم قدرَهم ونَجلسُ إليهم، ويتَلقَّى عنهم العلمَ بدليلهِ، والإجازةُ فرصةٌ للاقترابِ منهم و التعرفِ عليهم، ومدِّ الجسورِ معهم، وحينَ يكونُ الشبابُ لحمةً واحدةً مع علمائِهم المخلصين، يَعمُ الخير و ينتشرُ العدل، و يغيبُ الاختلاف، و يتوارى التباغضُ والحسد !!
أيُّها الأحبة :
إنَّ إهداءَ المصحفِ الشريفِ أسرعُ وسائلِ الدعوةِ نجاحاً، ولكنها وسيلةٌ معطلةٌ أو شبهُ معطلة، فنحنُ نرى الكثيرين يجتهدونَ في إهداءِ الكُتُبِ والأَشرطةِ ونحوها، لكنْ يندرُ أن تجدَ فيهم منْ يجعلُ إهداءَ المصحفِ الشريف ضمنَ برنامجهِ الدعوي، وفي يقينِنا أنَّ لكتابِ الله وقعاً خاصاً في النفوس، و أثر مَرجواً في القلوب، و ما يدريك فلعلَّ هذا الذي أهديتَهُ كتَابَ الله تقَعُ عينُه على قولهِ تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )) ، فيتوبُ ويستغفر و يُنيبُ، و يتراجع، أو ربما وقعت عينيه على قوله تعالى: (( فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى )) فاهتزَّ كيَانُه، وارتعدَ قلبَهُ، فتابَ وندم، أو ربَّما وقَعَ بصرُه على قوله تعالى : (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) ، فتاقت نفسُه الى الفردوسِ الموعود، والتهبَ حماسُه إلى جنَّةِ الخُلود، فإن لم يكنْ هذا و لا ذاك فبأي حديثٍ بعدَه يؤمنون؟!
أيَّها المُسدد :
ماذا عن الدعوةِ الفردية ؟! هلاَّ وضعتَها ضمنَ برنامجِك الدعوي خلالَ الإجازةِ خاصَّة ؟! هلْ فكرتَ في تبني شخصٍ ما ؟! تتولَّى دعوتَه بإخلاص، وتتابعهُ باستمرار تَمدُه بالنافعِ المفيد، و تزوده بكلِّ قيمٍ جديدة، تتدرجُ معه في الدعوةِ دون يأسٍ أو تراجع، قدْ يكونُ هذا المدعو أباكَ أو أخاكَ أو جارَك القديمَ أو الجديد ، تتوسمُ فيه الاستجابة، وتقرأُ في عينيهِ النجابة، مرةً تزورُهُ وأخرى تستضيفُهُ، وثالثةً تُهديه هدية، ورابعةً تخصُه بدعاء ، حتى تنجَلي غُمتُهُ، وتنقشعَ سحابتُه، وتَصلحَ حالُهُ، ويَطيبَ مآلُه بإذنِ العزيزِ الحكيم .
وأخيراً أيُّها المسلمون :
فإنَّ للنفسِ حقاً في المعاهدةِ والاهتمام، ومراجعةِ صحيفةِ العملِ وكشفِ الحساب ، وهو أمرٌ مطلوبٌ في كلِّ حين ، إلاَّ أن لهُ في الإجازة وقعاً خاصاً، كونها فترةً تقلُ فيها التزاماتُ الدراسة وارتباطاتُ العمل، فهي فرصةٌ للخلوة مع النفس، والنظرِ فيما كسبتْ واكتسبت، ليُصححَ المسارُ إن كانَ معوجاً، ويُقومَ التوجُه إنْ كانَ مختلاً ، ويُصوبَ المنهجُ إن كانَ معتلاً ، هي فرصةٌ للتزودِ من الصالحات بزيارة الحرمينِ الشريفين ، واعتمارِ البيتِ الحرام ، وتلاوةِ القُرآنِ وحفظهِ، واستظهارِ المُتونِ ومراجعتِها، ونحو ذلك من المفيدِ النافع، ثمَّ لا يعني ما سبق أن يحرمَ الإنسانُ نفسَه من المتعَة الحلال، و الترفيهَ البريءَ المباح، ما دامَ في حدودِه المعقولة ، التي لا تَخدشُ حياءً، ولا تُذهبُ وقاراً، ولا تُعطِّل واجباً،
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين,
أمَّا بعدُ:
فقضيةُ الأمنِ أحبتي الكرام قُلنا مراراً و تكراراً أنَّها قضيةٌ حيويةٌ بالنسبةِ لنا جميعاً، وهي قضيةٌ لا تقبلُ الجدالَ أو المناقشة، فلأمنُ شأنُنا جميعاً و مطلبُنا جميعاً وأملُنا جميعاً، لذا فإنَّ القيام بحوادث تفجيريةٍ أمرٌ مرفوضٌ شرعاً بكلِّ المقاييس شرعاً وعقلاً وذوقاً، مهما كانتْ الدوافعُ والمبررات ، ونحنُ مُطالبونَ شرعاً أنْ نكونَ يداً واحدةً في التصدي لكلِّ من يستهدفُ أمننَا بكلِّ جوانبهِ سواءٌ أمنُنا العقدي ، أوأمنُنا الأَخلاقي، أوأمنُنا السُلوكي أوأمنُنا البدني .
ويجب أنْ نسعى جاهدين إلى الحفاظِ على أمننا بكلِّ صورهِ و جوانبهِ، لننعمَ بالأمنِ الشامل، حين تكون العقيدةُ سلفيةً محمديةً، محفوظةً عن البدعٍ والخرافات .
والأخلاقُ قرآنيةً نبوية ، مصونةً عن الفُحشِ والخنا، والسلوكُ تربوياً مثالياً بعيداً عن الشذوذِ والانحراف، والدمُ محرماً معصوماً إلاَّ بحقه، أيُّها المسلمون إننا مستهدفون في عقيدتِنا و أخلاقِنا وأرواحِنا، فالذين يحاولون الخروجَ بنا عن عقيدتِنا السلفية من خلالِ إشاعةِ خرافاتِهم وبدعِهم، أو الدعوةِ الى مناهجَ فكريةٍ دخيلة، هؤلاء مستهدفونَ لأمننا العقدي، والذين يحاولُون تهريبَ المخدراتِ الى بلادِنا وترويجِها بين شبابِنا و فتيانِنا، أوتسهيلَ أسبابِ الفسادِ والانحرافِ لهم ، فهؤلاء مستهدفونَ لأمننا الأخلاقي ، يَجبُ التصدي لهم، وقل مثل هذا لمن يسفكُ الدمَ الحرامَ بغير حقه، ونحنُ جميعاً نرفضُ كلَّ هذه الأشكال من الاختراقاتِ الأمنية،وندعوا الله مُخلصين أن يجنبنَا ويلاتِها، وأنْ يحفظَ بلادَنا خاصةً وبلادَ المسلمين عامَّة ، من كلِّ شرٍ وبلاءٍ وفتنه ، فنحنُ ضعفاءُ بأنفسنا أقوياءُ باللهِ سبحانه، ولقد وَعدَنا جلَّ جلاله بالأمنِ التام، والظلِّ الوارف متى تمسكنَا بشرعِه، والتزمنَا بهديه، وتجنبنَا أسبابَ غضبِه، قال تعالى : (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) .
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور،وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى