لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) Empty من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) {الثلاثاء 22 سبتمبر - 17:35}

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) 187549
من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) 155975
اسم الله الغنى المغنى
من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) Na_6510




من أسماء الله الحُسنى اسم الغني والمُغني.

الغنيُّ والمُغني: اسمان من أسماء الله الحُسنى، إلا أنَّ أكثر الذين بحثوا في هذين الاسمين؛ بحثوا فيهما معاً، وذكروهما معاً، فكان الجمع بينهما من تقليد العلماء الذين درسوا أسماء الله الحُسنى، إذا فنحن مع الاسم الغني والمغني، وأن نقول: الاسمان الغني والمغني معا فهو الصواب.

الغنى –لغة وواقعا- ضدُّ الفقر، والغنى له معانٍ عديدة.. أحدها عدم الحاجة إطلاقاً، وليس ذلك إلا لله تعالى. الله وحده الذي لا يحتاج إلى أحد، بل إنَّ الله وحده يحتاج إليه كلُّ شيء في كلِّ شيء. الله وحده لا يحتاج إلى أحد، إذاً غنيّ.. غنيٌ عن خلقه، آمنوا، كفروا، أحسنوا، أساؤوا، قدَّروا، لم يُقدِّروا، عرفوا جهلوا، جحدوا، ألحدوا، غنيٌ عن خلقه، فقد قال تعالى:

}إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيد{ [إبراهيم: 8].

شأن المخلوق أنَّه يحتاج إلى ربَّه في كلِّ شيء، شأن العبد أنَّه يحتاج إلى ربَّه في كلِّ شيء، وشأن الربِّ أنَّه لا يحتاج إلى أحد.

لذلك كتطبيقٍ سريعٍ لهذا الاسم.. كلَّما استغنيت عن الناس، شعرت براحةٍ نفسيّة. كلَّما استغنيت عما في أيدي الناس، أحبَّك الناس. كلَّما استغنيت عن أموالهم، وعن عطاءاتهم، وعن ما يخصُّونك به، شعرت بكرامة. دقق النظر في هذه الأقوال الثلاثة.. احتج إلى الرجل تكن أسيره، استغنِ عنه تكن نظيره، أحسن إليه تكن أميره. لذلك من بعض الأدعية اللطيفة: اللهمَّ لا تجعل حوائجنا إلا إليك، ودُلَّنا بك عليك.

الغنيُّ هو الذي لا يحتاج إلى أحد، وهذه ليست إلا لله. أما العبد فإنه يحتاج، إلا أنَّه إذا احتاج إلى ربِّه بقي عزيزاً،

أما إذا احتاج إلى عبيده كان ذليلاً لهم.

الإمام الحسن البصري من كبار التابعين وله هيبةٌ لا توصف، وله مكانةٌ عليَّة، سُئِلَ مرةً: بِمَ نِلت هذا المقام؟ قال: باستغنائي عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمي.

أما إذا تعلَّم الإنسان العلم الشرعي، ثم احتاج إلى دنيا الناس واستغنوا عن علمه، فوالله هذا منتهى الذل.. أن يستغني الناس عن علمك، وأن تحتاج إلى دنياهم فهذه مصيبة، بل هي فاقرة، لكنَّ الإمام الحسن البصري نال هذا المقام الرفيع باستغنائه عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمه.

والحقيقة أن المؤمن إذا أقبل على الله عزَّ وجلَّ، يشتقُّ من هذا الاسم معاني كثيرة، فهو يشعر أنَّه غنيٌ عن المطامع. الطمع أذلَّ رقاب الرجال، كما يشعر أنه غنيٌ عما في أيدي الناس، لا يشتهي ما لا يجد.. لي صديقٌ كان من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظَّمه في عيني، صِغرُ الدنيا في عينيه، كان لا يشتهي ما لا يجد، ولا يُكثر إذا وجد. خذ من الدنيا ما شئت وخذ بقدرها هماً.. من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر.

الله غنيّ.. لا يحتاج إلى خلقه. والمؤمن باتصاله بالله عزَّ وجلَّ يشتقُّ من هذا الاسم قيما أصيلة، يصبح غنياً عن الناس، لا ينظر إلى ما عندهم ولا يطمع بما في أيديهم. ولكن بعض الناس يدخل إلى أحد البيوت، تجده ينظر إلى كل ما فيه من أشياء ويسأل: كم ثمن هذه الثُريّا؟ ومن أين اشتريت هذه؟ وكيف حصَّلت هذه؟ تشعر بضعفه وتشعر بدنوّه.. لكن هناك إنسان لا يأبه لكلِّ هذه المظاهر.. ربما يركب مركبة فخمة فلا بدَّ من أن يسأل عن ميِّزاتها وعن سرعتها، وعن مصروفها وعن ثمنها، وكيف سجلتها لدى الدوائر الرسمية؟ وهل هي مستأجرة أم ملك لك أم سياحية؟ وما وضعها؟ يبدو أن نفسه قد تاقت لها.. المؤمن المتصل بالله يستغني، يشعر بغنى.

دخلوا على سيِّدنا أبي عبيدة عامر بن الجراح، وكان قائد الجيوش الإسلاميَّة في بلاد الشام، رأوا في غرفته قدر ماءٍ مغطىً برغيف خبزٍ، وجلداً يجلس عليه، وسيفٌاً معلَّقٌاً في الحجرة. قيل له: يا أبا عُبيدة ما هذا؟ قال: هو للدنيا وعلى الدنيا كثير، ألا يُبلِّغنا المقيل.

ازهد بما في أيدي الناس، يحبُّك الناس.. ارغب بما عند الله، يُحبُّك الله، فالله إن أحببت ما عنده أحبَّك، وإن زهدّتَ بما في أيدي الناس، أحبَّك الناس.

فالغني هو الله الذي لا يحتاج إلى أحد، وجوده ذاتي أما الإنسان فهو يحتاج؛ لكن بين أن يحتاج الله عزَّ وجلَّ، ويحتاج إلى ما عنده، وبين أن يحتاج إلى خلقه فالهوة عميقة. إذا احتاج إلى ما عند الله علا، وإن احتاج إلى خلقه دنا.. احتج إلى الرجل تكن أسيره، استغنِ عنه تكن نظيره، أحسن إليه تكن أميره.

وجدير بي أن أذكر بهذا الحديث فهو أدق ما في هذا الموضوع.

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا" [سنن الترمذي].

لا تنسوا.. أنْ خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هماً. إذا كان لديك آلة بسيطة فإصلاحها سهلٌ، أما إذا كانت تعمل بالحاسوب وتعطَّلت، ولا يوجد من يصلحها لك، يستولي عليك الهم، فكلَّما كانت الآلة شديدة التعقيد، فإصلاحها يكون صعباً وهمَّاً أكبر.. هذه قاعدة.. خذ من الدنيا ما شئت وخذ بقدرها هماً.

يقول الله عن ذاته (فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ). وهذه لها معنى دقيق.. فأحياناً يستغني الإنسان عن الناس، ولأنَّه مستغنٍ عنهم، يترفَّع عنهم، ويستعلي عليهم، وأحياناً يحتقرهم، ويؤذيهم بقوله. لكنَّ الله -جلَّ جلاله- مع أنَّه غنيٌ عن خلقه؛ يستجيب لهم ويعطيهم، ويعفو عنهم إلخ.. فهو ذو الكمال المطلق.

تجد غنياً بعيداً عن الله، به كبرٌ، وغطرسة، واستعلاء، وتأفف.. وأحياناً تجد غنياً على حجمه المالي الكبير متواضعاً، قريباً منك.. العظمة أن تكون مستغنياً عن الناس؛ وأنت معهم، تصغي إلى حديثهم، تتعاطف مع مشكلاتهم، يعنيك ما يعنيهم، يؤلمك ما يؤلمهم، ترجو لهم ما ترجو لنفسك. وهذه صفة عالية جداً، الأنبياء كانوا مع الخلق، يمشون في الأسواق، يعيشون معهم، لذلك قالوا: هناك برجٌ عاجيٌّ فكري، وهناك برجٌ عاجيٌّ أخلاقي.. فالبرج العاجي أصلا مذموم.. يقولون لك: فلان يعيش في برج عاجي، أي أنه ليس واقعياً، بعيد عن هموم الناس، إذا ابتعدت عن هموم الناس وعن حياتهم اليوميَّة، وعن مآسيهم، وعن آلامهم، وعن طموحاتهم فأنت في بُرجٍ عاجيٍّ فكري. أنت تعيش في الأحلام وهذا لا يليق بالمؤمن. أما إذا ابتعدت عن سقطاتهم وانحرافاتهم ومعاصيهم فأنت في برجٍ عاجيٍ أخلاقيّ.

فالمؤمن ينأى بأخلاقه عن سقطات مجتمعه، أما بفكره فإنه يعيش معهم؛ يألم لألمهم.. سيِّدنا عمر جاءته هديَّةٌ من أذربيجان، فقال لرسول عامل أذربيجان: ما هذه؟ قال له: هديَّةٌ.. طعامٌ أهداه إليك عاملك على أذربيجان، ففتح العُلبة، فوجد فيها طعاماً نفيساً جداً. فسأل رسول عامله على أذربيجان: هل يأكل عندكم عامَّة المسلمين هذا الطعام؟ قال: لا هذا طعام الخاصَّة. أخرجها من فمه وقال: قل لصاحبك كيف يعنيك أمر المسلمين إن لم تأكل مما يأكلون؟ حرامٌ على بطن عمر أن يذوق طعاماً لا يطعمه فقراء المسلمين، خذ هذه الهديَّة ووزعها على فقراء المسلمين في المسجد النبوي. ولم يأكل منها شيئا.

سيِّدنا عمر حينما كانت مجاعةِ في المدينة، ترك اللحم أربعة أشهر، فقرقر بطنه فخاطبه قال: قرقر أيُّها البطن أو لا تُقرقر، فوالله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صِبْيَةُ المسلمين.

المعنى الأول.. أنَّ الله هو الغني، أي هو الذي لا يحتاج إلى أحد. شأن الخالق أنَّه غنيٌ عن خلقه، وشأن المخلوقات أنَّهم مفتقرون إلى ربِّهم. لذلك قالوا: الربُّ ربٌ، والعبد عبدٌ. شأنُك يا رب أنَّك غنيٌ عنا، وشأنُنا أننا مفتقرون إليك، لكن ما أحلى وما أجمل وما أكرم أن تفتقر إلى الله، وما أصعب وما أقسى أن تفتقر إلى عبدٍ لئيم.

سيِّدنا علي كرَّم الله وجهه سُئِل ما الذل؟ قال: أن يقف الكريم بباب اللئيم ثم يَرُدُّه. ثم قال: والله والله مرتين لحفر بئرين بإبرتين –هذا مستحيل-، وكنسِ أرض الحجاز في يومٍ عاصفٍ بريشتين -أيضاً مستحيل-، ونقلِ بحرين زاخرين بمنْخَلين، وغسلِ عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين، أهون عليَّ من طلب حاجةٍ من لئيمٍ لوفاء دين.

وبعد فالمؤمن غنيٌ بالله، عبارة في الفقه تُعجبني.. هل يجوز أن تُعطي طفلاً صغيراً زكاة مالك وله أبٌ غني؟ قد يقول القائل: هذا طفل ليس معه مال، لا يملك قرشاً واحداً في جيبه. يجيب الفقهاء عن هذه المسألة: الطفل الصغير الفقير غنيٌ بغنى أبيه. فما دام أبوه غنيا فهو غني، غنيٌ بأبيه، ولو سحبنا هذه القاعدة على موضوع بحثنا هذا.. فالمؤمن فقير لكنَّه غنيٌ بالله، غنيٌ بربِّه، لذلك تجد أحياناً إنساناً مطمئناً ويقول لك: أنا أملك كذا من المال.. أو معي كذا من الأسهم، فالرد المناسب الرائع: كن بما في يدي الله، أوثق بما في يديك.

فأحياناً تجد إنساناً معتمداً على توفيق الله وعلى حفظه، ومتوكِّلاً عليه ويثق بما عند الله، هذا أغنى ممن يملك ملايين كثيرة، بالداخل وبالخارج جامداً وسائلاً، فهذا أغنى حقا.

المعنى الثاني من معاني الغني.. قال العلماء: قِلَّة الحاجات، وهو المشار إليه في قوله تعالى: }وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى{ [الضحى: 8].

أي أنَّ الإنسان محتاج إلى طعام، إلى شراب، إلى مسكن، إلى ثياب، إلى أوانٍ، إلى سرير، الإنسان يحتاج إلى آلاف مؤلَّفة من الحاجات، مثلاً لو اشترى بيتاً فمَلَكهُ وهو مفروش، وعنده مركبة مثلا، وله محل تجاري مورداً لرزقه، ويملك بيتاً في المَصِيْفِ، عنده ألبسة كثيرة جداً، ولديه مال سائل؛ هذا بالمعنى الثاني غني، فبيته ملكه البيت مفروش، وعنده وقود للتدفئة، وعنده أجهزة ومركبة وطعام، ومال سائل. لكن هذا يحتاج إلى طبيب، ويحتاج إلى معلّم لابنه لكن حاجاته قليلة، أما أكثر الحاجات لديه موجودة.

فالمعنى الثاني للغني قالوا: قِلَّة الحاجات.. وهو المشار إليه في قوله تعالى: (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى). أغناك، فإذا أغنى الله رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعُد النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم محتاجاً إلى الله؟ لا.. الحاجة إلى الله ثابتة، ودائمة، ثم إنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذا المعنى بشقٍ آخر قال:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ" [صحيح البخاري].

فأحياناً الإنسان يكون لديه نفسٌ عظيمة تبتغي الوصول إلى الله، وأمور الدنيا عندها ثانويَّة، فهو مستغن عن دنيا الناس؛ لكنَّه مفتقرٌ إلى فضل الله، هذا شأن الصدِّيقين، والمؤمنين الكبار، فالغنى غنى النفس.

أحياناً تجد شخصاً ذا نفس عفيفة، تقول له: هل يلزمك شيء من المكان الفلاني؟ يقول لك: شكراً. لا يطلب شيئا، وتجد شخصاً يقول لك: أين ذاهب؟ إلى أين أنت مسافرٌ؟ أحضر لي كذا وكذا. فلا يترك إنساناً إلا ويسخَّره، وقد يحرجه ويشق عليه، فكلَّما قلَّت طلباتك، ارتقى مقامك. حتى النبي الكريم قال:

عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مؤُونَةً" [مسند الإمام أحمد]
[/size]
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) Empty رد: من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) {الثلاثاء 22 سبتمبر - 17:50}

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) Na_6510




فالغنى غنى النفس، فالإنسان المؤمن يستغني بالله؛ فلا يحتاج لشيء ما دام عنده طعامٌ يأكله، وشرابٌ يشربه، ولباسٌ يستره، وبيتٌ يسكنه ويؤويه فقد حاز الدنيا بحذافيرها.

المعنى الثالث: الغني؛ الذي عنده الشيء الكثير من متاع الدنيا، فهو يملك بيتين أو ثلاثة، وسيّارتين أو ثلاث، ومئة من التحف والمقتنيات وكلَّها أجنبية الصنع، والكثير من الأحذية والملابس من الدرجة الأولى.. ثمن الحذاء ثمانية آلاف أو نحو ذلك.

وكخلاصة: المعنى الأول للغنى ألا نحتاج إلى أحد.. من؟ هو الله وحده.. شأن الله أنَّه لا يحتاج إلى أحد، شأن العبد أنَّه يحتاج، إن احتاج إلى الله عزَّ وجلَّ علا، وإن احتاج إلى خلقه دنا.

المعنى الثاني: قلَّة الحاجات.. عنده كلُّ شيء، حاجاته قليلة لكنَّه يحتاج إلى طبيب لأسنانه، ولو كان معه ملايين! يحتاج إلى طبيب صحَّة، إلى أستاذ لأولاده، يحتاج إلى صاحب مهنة معيَّنة لإصلاح خللٍ طرأ في بيته.

المعنى الثالث: أن تكْثُرَ مقتنياتك.. فهذا الغنى بالنسبة للمعنى الثالث، وألفت النظر إلى قوله تعالى:

}وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ{ [النساء: 6].

إذا أيها المؤمن فلتقلل من مقتنيات الدنيا لديك.

(وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْاليهود حينما سمعوا قول الله عزَّ وجلَّ تعاظمت أنفسهم الخبيثة، وسقطوا في مستنقع الضلال، قال تعالى: }مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً{ [البقرة: 245].

قالوا: }إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء{ [آل عمران: 181].

فقال الله عزَّ وجل: (سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا).

هذه معاني الغنى في اللغة.. معانٍ ثلاث.

أحد العلماء يرى أنَّه من معاني الغني: هو الذي لا تعلُّق له في ذاته. أي أنّ ذاته لا تتعلَّق بشيء. فأنت متعلِّق بالحرارة وبالبرودة مثلا.. فإذا كان البرد شديداً؛ فأنت بحاجة إلى معطف، وإذا كان الحر شديداً؛ فأنت بحاجة إلى جهاز تكييف، وإذا كنت جائعاً؛ فأنت بحاجة إلى الطعام، وإذا كان هناك عطشٌ؛ فأنت بحاجة إلى ماء، وإذا كنت بلا مأوى؛ فأنت بحاجة إلى بيت، وبحاجة إلى سرير، وإلى أن تنام. فقد ترى سيارة ثمنها ملايين، وقد انقلبت على جانب الطريق؛ والسبب أنَّ السائق قد نام؛ وحاجته إلى النوم أودت به في هذا الحادث؛ فأنت محتاج للنوم، محتاج إلى الطعام، وإلى الشراب، وإلى جو مريح، وإلى هواء، وإلى ثياب، وإلى مأوى، وتحتاج إلى زوجة.

فالإنسان يعتاد الحياة الزوجية فتؤنسه زوجته وتخدمه، فالأكل تعده له واللبس تغسله والطعام تحضره. وهي تحسن عشرته كذلك، فإذا سافرت أو مرضت يقول لك: تغيَّرت حياتي. فأنت مفتقر إلى زوجة. مفتقر إلى طفل.. يقول: هذا الطفل ملأ البيت بهجة. فأحياناً لا ينجب الزوجان؛ فتجد البيت أصبح كهفا مظلما، فالأطفال لهم ضجيج ولهم لعب ولهم مطاليب، لكن يملؤون البيت فرحةً.

فكم حاجة أنت تحتاج إليها؟ تحتاج إلى زوجة، وإلى ولد، وأن تشرب، وأن تأكل، وأن تنام، وتحتاج إلى ثياب، وأن تأكل شيئا ذا مذاق حلو، أو لكأسٍ من الشاي لتشربه، وتحتاج إلى فاكهة لتأكلها، فلو مكثت شهراً من غير أن تأكل الفاكهة، تشعر بحاجتك الأساسيّة إليها.. فأنت محتاج إلى مليون حاجة، أما الغني الحقيقي فإن ذاته لا تتعلَّق بشيء، فأنت مربوط بأشياء لا تقدر ولا تحصى.

مثلاً معك كميَّة من الذهب، فتجدك متتبِّعاً للأسعار هل غلا الذهب أم هبط سعره؟ وإذا اشتريت بضاعة فتسأل نفسك هل هناك بالسوق منافس لك؟ وما هي أسعار البضاعة؟ وأنت بحاجة إلى أن تربح، فيومياً لديك آلاف الحاجات، لكن الغني الحقيقي هو الذي لا يتعلَّقُ بشيء.. ذلك هو الله ففي الحديث القدسي:

"لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا" [صحيح مسلم].

وقيل: من تعلَّق بغيره فهو محتاجٌ إليه.

وقيل: الغنيِّ؛ هو الذي لا يحتاج إلى شيء، وهو المستغني عن كلِّ شيء، المفتقر إليه كلُّ شيء.

وقيل: الغنيُّ؛ هو الغنيُّ بذاته عن العالمين، المتعالي عن جميع الخلائق في كلِّ زمنٍ وحين، الغنيُّ عن العباد، المتفضِّل على الكلِّ بمحض الوداد.

هذا هو الغنيّ... ورد اسم الغنيِّ في القرآن الكريم في مواطن كثيرة.. في سورة البقرة قال تعالى:

}قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ{ [البقرة: 263].

أي: إنَّ الله عزَّ وجلَّ غنيٌ عن صدقةٍ يتبعها أذى.. هذه الصدقة لك وليست لله، أمرك أن تدفعها من أجل أن تقبل عليه، فإن أتبعتها بالمنِّ والأذى؛ لا قيمة لها، هو غنيٌ عنك، وقال تعالى:

}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ{ [البقرة: 267].

أيضاً.. غنيٌ عن صدقةٍ تكرهها.. أكلةٌ عافتها نفسك، وتصدَّقت بها.. فالله غني عن هذه الصدقة، أمرك أن تُعطي مما تحب؛ من أجل أن تقبل عليه، من أجل أن ترقى عنده، فإن فعلت ما لا تُحِب، فهو غنيٌ عن هذه الصدقة، وقال تعالى:

}وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ{ [آل عمران: 97].

(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ) أي من لم يحُجَّ البيت (فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ). فإن تحج فأهلاً وسهلاً بك، وإن كنت لا تريد أن تحج حرمت نفسك الخير، والمعاني دقيقة فكل آية لها معنى.

}وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ{ [الأنعام: 133].

أمعن النظر في قوله تعالى: (غني حميد). مع أنَّه غنيٌ عنك، لا يعاملك معاملةً إلا وتحمده عليها، وفي هذه الآية (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ). مع أنَّه غنيٌ عنك يرحمك.. هذا الكمال.

وفي سورة يونس قال تعالى:

}قَالُوا اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيّ{ [يونس: 68].

الإنسان يتمنّى ولداً حتى يُعينه في الكِبَر، وهذه هي سنَّة الله في خلقه. فتجد الشاب يصعد سلم البناء قافزاً كل عشر درجات معاً، وبعد فترة يصعد درجة درجة، ثم يضع رجله فوق الدرجة ويرتاح دقيقتين، ثم ينقل رجله الأخرى ويرتاح كذلك دقيقتين، ثم بعد ذلك لا يستطيع الصعود؛ فينتقل إلى بيت أرضي غير مرتفع. فالله عزَّ وجلَّ غني أما الإنسان فمفتقر.

(قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ) فنحن بحاجة إلى أولاد لأنَّ الإنسان فانٍ، وبابنه يشعر بامتداد أثره، فالابن يُعوِّض نقص أبيه، فإذا لم يكن قد درس، فيكون حريصاً على أن يُدَّرِسَ ابنه. وإذا لم يتجر يقول لك: لا أريد أن أجعله موظفاً. وإذا لم يكن الأب متعلِّماً للغة من اللغات، يقول لك: أريد أن أعلِّم ابني اللغة. فالإنسان أحياناً يعوض نقصه بابنه، ويحقق فيه امتداده وذلك لأنَّه فان؛ فيقول لك: هذا من أثري، يخلفُني، ذِكْرٌ لي بعد أن أموت. فالإنسان بحاجة إلى ولد.. (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ) ليس بحاجة إلى ولد.

وفي سورة إبراهيم يقول تعالى: }وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ{.

وقال تعالى:

}يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ{ [الحجرات: 17].

وقال تعالى:

}وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ{ [محمد: 38].

وفي سورة العنكبوت قال تعالى:

}وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ{ [العنكبوت: 6].

يقول لك: يا أخي أنا صليت التراويح كلها في رمضان؛ فهذه لك.. دفعت نصف مالي صدقة، فهذه لك، قرأت ختمة قرآن؛ فهذه كذلك لك (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ).

وقال تعالى:

}وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ{ [لقمان: 12].

وقال تعالى:

}لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{ [لقمان: 26].

معنى أنَّه غنيٌ عنك؛ هو كامل، لا يُعاملك معاملةً إلا ويستحق أن تحمده عليها، فأحياناً الإنسان يكون مستغنياً؛ ولا يلزمه أحد من الناس، فيطرق بابه فيستقبل القادمين، ويرحِّب بهم ويضيِّفهم، ويصغي ويتواضع ويخدم، وهو ليس محتاجاً إليهم فهذا من كماله.

وفي سورة فاطر قال تعالى:

}يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{ [فاطر: 15].

(أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، لعلّي أبين لكم هذه الحقيقة: الله هو الغني، وأنت فقير حقيقةً وليس تواضعاً.. فإذا كان أحد الناس يملك مئة مليونٍ، ونقطة من الدم تجمَّدت في شرايين مخِّه فقد شُلَّ عن الحركة، أيمكن أن يحدث ذلك لملك؟ نعم أليس هو فقيرا؟ بلى وألف بلى.

فقد درس رجل في فرنسا، وحصل على الدكتوراه في العلوم، ووصل إلى منصبٍ رفيعٍ جداً، وتزوَّج وتملك بيتاً وسيّارات؛ وأقام الحفلات والسهرات، وكان طليقاً في لسانه وجميلاً وأنيقاً. وبعد حين فقد بصره وهو في ريعان شبابه، فكان يأتيه البريد الخاص بعمله إلى البيت، ويقرؤونه له، ويشرحون له مضامين المعاملات، التي يريدون منه أن يوقِّعها. وهو يقول لمن يقرأ له المعاملة: اكتب مع الموافقة.. ثم يوقِّع عليها. ظل شهراً على هذا الحال، وبعد ذلك ليس من المعقول أن يستمر في مثل هذا العمل؛ فأعفي من منصبه، زاره صديق لي.. فقال له: يا فلان والله أتمنّى أن أجلس على الرصيف، وأن أتسوَّل ولا أملك من الدنيا إلا معطفاً على كتفي، وأن يُردَّ لي بصري. والله هذه كلمته وبالحرف الواحد.

أنت مفتقر إلى عين، مفتقر إلى سمع، مفتقر إلى توازن، مفتقر إلى كُليتين تعملان. ذهب شخص لغسيل كليته فقالت له الممرِّضة: لا تشرب الماء طوال هذه الأسبوع؛ فالجهاز معطَّل عن العمل. فهل هذا قليل يعني أن يمتنع عن شرب الماء؟ فعندك كليَّة تعمل بصمت، لا تحتاج إلى الانتظار في الدور، ولا إلى أجرة تدفعها، ولا ضجيج ولا تثقيب شرايين، وغسيل الكلية مرتين في الأسبوع كل اثنين وخميس وباستمرار، أفلست غنيا؟ أولست سعيدا؟

الغدَّة النخاميَّة وزنها نصف غرام؛ تفرز اثني عشر هرموناً أحد هذه الهرمونات يحقق توازن السوائل، فتشرب في اليوم أربعة أو خمسة أكواب من الماء وتقوم بإخراجها، فلو اختلَّت هذه الغدة تحتاج لشرب أربعة صفائح من الماء، فلا تستطيع مغادرة صنبور الماء ولا الحمام وهذا يصبح عملك كل يوم وليلة! فهل أنت غني؟!!

رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) Empty رد: من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) {الثلاثاء 22 سبتمبر - 17:52}

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) Na_6510




قال لي أحد الإخوة: زارني طبيب فلما جلس بالغرفة وأخذ بالحديث وضع يده على مفتاح الكهرباء، وضغط عليه فانطفأت الثريا وقال له: هكذا الإنسان كبسة على الزر وتنتهي حياته.. أنت وأموالك ومكانتك وصلاحيَّاتك؛ بكبسة زر، وينتهي كل شيء، سكتة دماغية، فيصبح في عداد الأموات! فأين بيته الفخم؟ ومركبته الفخمة؟ ومنصبه الرفيع؟ وأين مكتبه التجاري؟ وأين وجوده الصارخ بالمجتمع؟ فهل أنت غني؟! أم أنت فقير؟!! أنت فقير إلى شرايين مرنه، لو تصلَّبت، تنتهي حياتك وتموت، فقير إلى شرايين مفتوحة، ولو أغلقت؟ يقول الطبيب مثلا: خمسة شرايين مسدودة؛ فلا بدَّ من عمليّة قلب مفتوح، فهل أنت غني؟ نعم، أنت غني ولكن بفضل الله وحفظه!!

قال لي شخص: فجأةً اهتزت الصورة أمامي لمسافة عشرين سنتيمترٍ، كل الصور من حولي اهتزت، وفقدت التوازن الحركي، ولا بدَّ من إنسان يسير بي، وكذلك فقدت التوافق الحركي، فلا أستطيع الإمساك بكأس، وإن أردت ذلك ذهبت يدي لمكان آخر! ذهب إلى فرنسا مكث فيها ستة أشهر ولا أمل في الشفاء.. صورة مهتزَّة، فقد التوافق الحركي، وفقد التوازن.. فهل أنت غني؟ فكم من ضرورات أنت بحاجة لها؟

من كان له خبرة بالطب، ونظر إلى التحاليل وقرأ: أسيد أوريك مرتفع، وكوليسترول زائد، وكذلك الشحوم الثلاثيَّة، والمفاصل متيبِّسة، والغضاريف مهترئة، فكيف تكون غنياً؟ فالإنسان فقيرٌ!! لمن؟ لله سبحانه، وكلَّما عرف ضعفه يصبح متواضعاً، فليس الإنسان غنياً ولكنه يتواضع، لا ولكن أنت فقيرٌ والله هو الغني، وإن اعترفت بفقرك أصبحت غنياً. أغناك الله وأمدَّك بقوةٍ وبحيويَّةٍ، وأعطاك عافيةً، وأعطاك ذاكرةً، وما بكم من نعمة فمن الله.

توفي منذ فترة أحد إخواننا، قال لي ابنه: خرج من معمله ذات يوم ولم يستطع التعرف على بيته، وضاع عنه لمدة ساعة، أصيب بمرض فَقْدِ ذاكرة جزئي، وليست الذاكرة كلَّها ولكن فقد عنوان بيته. معمله بالقدم وبيته في حي خورشيد، وبعد ساعة من البحث عن بيته لم يجده! لكن يتذكر بيت ابنه فذهب إليه وقال له: يا بني، أين بيتي دُلني عليه! لي قريبة في أعلى درجات الذكاء، وفجأةً فقدت الوعي، دخل عليها ابنها وهو أقرب الناس لها، فقالت له: من أنت؟! فهل أنت غني؟ لا بل مفتقر، فالله هو الغني وأنت الفقير. إن عرفت فقرك أغناك الله، وإن ادعيت الغنى أفقرك الله، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، وقال: (هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).

قال تعالى:

}وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{ [الحديد: 24].

(وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ) فأحياناً والعياذ بالله يكون الإنسان ضعيف التفكير، يحضر دروس العلم أول مرة ثم يعتادها، ويلتقي مع إخوان مؤمنين فيُسرَّ فتتغيَّر حياته كلَّها، فيصلي، ويقرأ القرآن، ويستقيم ويغُضَّ بصره، ويدقق في تحصيل دخله وإنفاقه ويعيش في جنَّة. ويأتي إنسان بشكل مقصود أو غير مقصود فيسيء له، فيريد أن ينتقم منه، فيترك الدروس كلَّها ويترك الصلاة. فأين ذهب عقلك؟ إذا إنسان أساء لك والجامع مفتوح للجميع، فليس عندنا اصطفاء في الجامع، والباب مفتوحٌ لمن يحضر، فإذا أساء شخص لك؛ فالله ليس له علاقة بذلك، فيريد أن ينتقم، فيترك الصلاة والدروس ويدبر موليا لأنَّ أحد الأشخاص أساء له، فأين عقلك؟ وأين رشدك؟

فإذا كنت طالباً في كليَّة الطب، وعلقت آمالاً كبيرة على هذه الكليَّة، وأساء لك أحد الطلاَّب، فهل تهجر الكليَّة وتخرج منها؟! وكل مستقبلك في هذه الكليَّة؟ فستصبح طبيباً، وتفتح عيادة ويأتيك المرضى، وتأخذ ألوفاً مؤلَّفة، إذا أساء إليك أحد الطلاَّب تدمر حياتك، لو أساء لك أستاذ، فلن تترك ولو أساء لك عميد الكليَّة فلن تترك، هذا المؤمن (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

}لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد{ [الممتحنة: 6].

هذا هو الغني، أما المُغني قال: هو الذي يُغني من يشاء أن يُغنيه: ولو كانت الأرزاق تجري مع الحجا هلكنَ إذاً من جهلهِنَّ البهائم.

تجد شخصاً شعلة من الذكاء، ولا يملك مالاً! وإنساناً على بساطته وفطريَّته، تجد رزقه وفيراً. فالله هو الرزَّاق وهو الغني، فمعنى المُغني أنَّه يُغني من يشاء.

}مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ{ [الإسراء: 18].

المُغني؛ هو الذي يُعطي الغنى لعباده، إما أن يعطيهم الكفاية؛ أي أغناهم عن السؤال، أو يُغني بعض عباده عن بعض.. فالحقيقة إنَّ الحوائج لله، لا تكون إلا لله، فعندما يهبها لك ربُّنا عزَّ وجلَّ من خلال رزقٍ تملكه أعزَّك. أما إذا جعلك تحتاج إلى إنسان أذلَّك.. لذلك في الدعاء يقول: "اللهم اجمعنا عليك وفرِّقنا عليك، اللهمَّ لا تجعل حوائجنا إلا إليك".

ربُّنا سبحانه وتعالى هو المُغني بمعنى: أعطى كلَّ شيءٍ خَلْقَهُ ثم هدى، أعطاك قدمين تمشي بهما، أعطاك سمعاً، أعطاك بصراً، أعطاك حركة، أعطاك يداً، مفاصل، أصابع، رسغاً، مرفقاً، كتفاً، أعطاك جهازاً للهضم، جهازاً للأمعاء، جهاز دوران، جهاز إفراز، أعطاك هيكلاً عظمياً (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) أي: كل ما يصلحك، أعطاك إدراكاً وذاكرة (ثُمَّ هَدَى).

والمُغني؛ هو الذي أفاض الغنى على عباده، وسهَّل لهم المراد، وما من غنىً في الوجود، إلا وهو من جناب الحقِّ ممدود، الغنى الحقيقي من الله عزَّ وجلَّ.. وهو المُغني لأوليائه من كنوز أنواره.. وبذا فقد انتهينا إلى نوع ثان من الغنى؛ فقد أغناك بالعلم.

فقد أطلعني أخ على مجلَّة فرنسيَّة، فيها صورٌ عن مقاطعة في الهند، يعبدون ليس الأبقار ولكن الجرذان، وتبيِّن الصورة معبداً ضخماً وأكثر من ثلاثمئة جرذٍ يعطونهم الحليب، اللبن، القمح، البرغل، يأكلون مع الجرذان في طبقٍ واحد.. امرأة تضع على رأسها خماراً والجرذان يقفون على رأسها وكتفها، يعبدون الجرذان كآلهة! وهو تحقيق علمي، موثَّق.

فهل ذلك ممكنٌ؟ أممكن ذلك؟ نعم، عند من يزيغ عن الحق والفطرة، قال تعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) فهناك من يعبد البقر وأشياء أخرى، ولكن الله عرَّفك بذاته، لتعبده هو، فهو الذي خلقك، تعبد خالق الكون، خالق السموات والأرض.. وهناك من يعبد البقر، أو الشجر، أو الحجر، أو الشمس، أو يعبد القمر.. والله سبحانه وتعالى كرَّمنا وأغنانا عن هذه الخرافات، وعن هذه السخافات، وعن هذه التُرُّهات.

إما أن يُغنيك بالدنيا، وإما أن يُغنيك بمعرفته، يُغنيك بتقريبك إليه، يُغنيك بإلقاء النور في قلبك، يُغنيك بأن يُعطيك رؤيةً صحيحة، فتكون لك حكمةٌ بالغة، وسدادٌ في الأقوال، وصوابٌ في الأفعال؛ هذا هو الغِنى.

الحقيقة إذا أردنا أن نصل إلى ملخَّص الدرس.. المُغني؛ هو الذي أغنى عبده بمعرفته.. فأنت غني بمعرفة الله، أغناك بمنهجه، بين يديك منهجٌ صحيحٌ مئة بالمئة، فليس لديك مفاجأة. أغناك بالقرب منه، أغناك بإلقاء النور في قلبك، أعطاك رؤيةً صحيحة، وحكمةً بليغة.

اسم المُغني لم يَرد بلفظه في القرآن الكريم. ولكن ورد في سورة التوبة في قوله تعالى:

}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{ [التوبة: 28].

وبعد، فالله هو المُغني، غنيٌ ويُعطي الغِنى لمن يشاء. لكن الغِنى الحقيقي أن تعرفه، فسيِّدنا ربيعة خدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم أياماً عديدة، قال له: "يا ربيعة سلني فأعطيك" قال له: أنظرني حتى أنظر. بعد أيام قال له: "ماذا يا ربيعة"؟ قال: إنّي أسألك أن أكون رفيقك في الجنَّة فقال له: "من أمرك بهذا؟" قال: "ما أمرني به أحد، ولكني علمت أن الدنيا منقطعة فانية وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه فأحببت أن تدعو الله لي"، ما قيمة الدنيا؟ أنا أريد شيئاً دائما في الجنَّة، أن أكون معك في الجنَّة.

فلذلك الغنى الحقيقي أن تصل إليه، أن تعرفه، أن تُقبل عليه، أن تلوذ بحماه، أن يكون قلبك مهبطاً لتجليَّاته، يطمئنك، يكرمك، يوفِّقك، يقرِّبك منه، يسعدك، وفي سورة النور قال تعالى:

}وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ{ [النور: 33].

(حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فالزواج ليس شيئاً سهلاً فمن عنده بيتٌ وزوجة، ورزق وأبناء، والبيت فيه ما فيه من نعم، فالله إذا أغناك بهذه الزوجة؟ وجعلها ستراً لك فلا تقس عليها كثيراً، ولا تقرَّعها فهي هديَّة الله إليك، لا تكفر بنعمة الله، الزواج نعمة، هناك من يزعج زوجته حتى يجعلها تترك البيت!! هذه نعمة الله فلا تضيعها.

وأحياناً تجد امرأة ولها زوج، وعندها أولادٌ، تعمل أعمالاً منفرة إلى أن تُطلَّق فهذه كفرت نعمة الزواج!! (حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) أحياناً يغنيك بالمال، تحصل على شهادة فتُعيَّن في وظيفة، وتحصل على راتبٍ في آخر كلّ شهر، فلا تمدَّ يدك لأحد، أو تتقن مهنة تدر عليك دخلا وفيرا، فأغناك الله بالمال، وأغناك بالعلم.. وأغناك بالصحَّة، فكل أعضائك سليمة، أغناك بزوجة، أغناك ببيتٍ (حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، وفي سورة النجم قال تعالى:

}وأنه هو أغنى وأقنى{ [النجم: 48].

أي أعطى... وفي سورة الضحى: (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى).

هذه الآيات كلَّها عن المُغني.. قال بعض العلماء: "إغناء الله لعباده على قسمين؛ منهم من يغنيه الله بتنمية الأموال وهم العوام -يقولون لك: الله متفضل، ويضع يده على جبينه بعد أن يقبِّلها- ومنهم من يغنيه بتصفية الأحوال وهم الخواص".

وهذا الأخير هو الغني الحقيقي قريب من الله، عنده علم وعنده حكمة وعنده شفافية، فالنبيَّ عليه الصلاة والسلام وقف خطيبا على نخلة، قطعت له نخلة فخطب عليها، فلما صنعوا له منبراً، ووقف ليخطب على المنبر حنَّت النخلة إليه، فوضع يده عليها إكراماً لها. وقال: "إني لأعرف حجراً بمكَّة كان يُسلِّم علي قبل أن أبعث".

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ قَالَ فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ: "مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟" فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: "أَفَلا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ".

[سنن أبي داود].

فالله عزَّ وجلَّ قد يعطيك شفافية، فتتفاعل مع المخلوقات، وتتناغم مع الكون، وتتذوَّق الجمال، جمال الفجر، جمال الشجر، جمال البحر، أن تتذوَّق الجمال فهذا غنى، أحياناً يكون لديك نفس واسعة الصدر عندك قلب كبير، وعندك مشاعر وأحاسيس رقيقة، وعندك رضا، وعندك حلم وتوازن فهذا غنى.

تجد شخصاً عنده الكثير من المقتنيات الثمينة، ويملك بيتاً فخماً ولكنَّه إذا غضب، يصبح مثل الوحش، فهذا فقيرٌ، أحمق، أرعن. الحلم غنى، الحكمة غنى، معرفة الله غنى، وطاعتك لله غنى؛ أن تصلي الصلوات الخمس غنى، أن تصوم رمضان غنى، العوام يغنيهم الله بتنمية الأموال، والخواص بتصفية الأحوال.

من أدب المؤمن مع اسم المُغني: أنَّ من عرف أنَّ الله تعالى هو الغنيِّ المُغني، استغنى عن كل شيء بالاعتماد عليه.

ما لي سوى فقري إليك وسيلةٌ فبالافتقار إليك ربي أضرع

إذا كنت في كلِّ حالٍ معي فعن حمل زادي أنا في غنى

من أدب المؤمن مع الله عزَّ وجلَّ أن تعتمد عليه وحده.

من مسالك التخلُّق بالغنى والمُغني، أنَّ التخلُّق بالغنى يناسبه إظهار الفاقة والفقر إلى الله تعالى أبداً.

فأنت في الأصل فقير، الله هو الغني، فإذا عملت إنجازاً ما، فقل: هذا من فضل الله. وإذا نجحت لا تقل "ذاب لب مخِّي" لا.. ليس كذلك بل قل: الله وفقني وأعانني ونجحت. أسست عملاً ما ونجحت، فلا تقل: أنا خططت له وجمَّعت خبرات متراكمة، لا... لا تقل ذلك بل قل: الله عزَّ وجلَّ وفقني، وسمح لي أن أنجح في هذا العمل. فأنت في الأصل فقير، فإذا عزوت الغِنى إلى ذاتك، فأنت مخطئ. إذا عزوت الفضل إلى الله، فأنت قد تأدَّبت مع الله الغني لفقرك في الأساس. وكلَّما افتقرت إلى الله، زادك غنىً، وكلَّما تذللت إليه، زادك عزاً. فهذه العمليَّة معكوسة، كلَّما خضعت إليه زادك رفعاً.

قال العلماء: التخلُّق بالمعنى الدقيق باسم الغني.. أن تكون بما في يدي الله، أوثق منك بما في يديك، وأن تُحسن السخاء والبذل لعباد الله تعالى، أن تثق بالله، وأن تُغني.. الله غني ومُغن، أن تستغني بالله عمن سواه، وأن تُغني من حولك، أعطِ.. فمن لوازم التخلُّق بأخلاق الله عزَّ وجلَّ؛ أن تُعطي. كما أنَّ الله يُغني عباده، أنت أغنِ من حولك.

فإذا كنت تملك معملاً، أو مشروعاً؛ فإذا كان العاملون عندك في كفاية، ووسعت عليهم واشتروا بيوتاً، وتزوَّجوا فهل هذا غلط؟ تجد من يقول لك: لحم هذا من خيري لا.. فإذا أغنيت من حولك فأنت أغنى واحد، أنت تعرف الله عزَّ وجلَّ، بعض الناس يحبون أن يكون كلُّ من حولهم أغنياء ويعطوا حتى لا يبقى فقير.

كثير من الإخوان لديهم معامل ومؤسسات. فإذا زوَّج هذا، ووفر لهذا بيتاً، وأعطى هذا مساعدة، إن رزقه الله مولوداً، وهذا لديه مشكلةٌ أو نزل به مرضٌ فأجرى له عمليَّة على حسابه الخاص، فهذا صواب. كما أنَّ الله مُغنٍ فتأدَّب مع هذا الاسم وأغنِ من حولك، فتكون أنت أغنى الناس، ولن تضام.

من اسماء الله الحسنى (الغنى والمغنى) 155975
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى