لبيك يا الله



حديث قدسىعن رب العزة جلا وعلاعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض”.
المواضيع الأخيرة
كل عام وانتم بخيرالجمعة 23 أبريل - 16:08رضا السويسى
كل عام وانتم بخيرالخميس 7 مايو - 22:46رضا السويسى
المسح على رأس اليتيم و العلاج باللمسالأربعاء 22 أغسطس - 14:45البرنس
(16) ما أجمل الغنائمالجمعة 11 أغسطس - 18:51رضا السويسى
مطوية ( وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)الأحد 9 أغسطس - 19:02عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)السبت 8 أغسطس - 12:46عزمي ابراهيم عزيز
مطوية ( إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )الأربعاء 5 أغسطس - 18:34عزمي ابراهيم عزيز



اذهب الى الأسفل
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الروح الجزء الثانى Empty كتاب الروح الجزء الثانى {الخميس 9 يونيو - 15:32}

المسألة الخامسة وهي أن الأرواح بعد مفارقة الأبدان إذا تجردت
بأى شيء



يتميز بعضها من بعض حتى تتعارف وتتلاقى وهل تشكل إذا تجردت بشكل بدنها
الذي كانت فيه وتلبس صورته أم كيف يكون حالها
هذه مسألة لا تكاد تجد من تكلم فيها ولا يظفر فيها من كتب الناس بطائل ولا
غير طائل ولا سيما على أصول من يقول بأنها مجردة عن المادة وعلائقها وليست
بداخل العالم ولا خارجه ولا لها شكل ولا قدر ولا شخص فهذا السؤال على
أصولهم مما لا جواب لهم عنه وكذلك من يقول هي عرض من أعراض البدن فتميزها
عن غيرها مشروط بقيامها ببدنها فلا تميز لها بعد الموت بل لا وجود لها على
أصولهم بل تعدم وتبطل بإضمحلال البدن كما تبطل سائر صفات الحى ولا يمكن
جواب هذه المسألة إلا على أصول أهل السنة التي تظاهرت عليها أدلة القرآن
والسنة والآثار والاعتبار والعقل والقول أنها ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل
وتتصل وتنفصل وتخرج وتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن وعلى هذا أكثر من مائة دليل
قد ذكرناها في كتابنا الكبير في معرفة الروح والنفس وبينا بطلان ما خالف
هذا القول من وجوه كثيرة وإن من قال غيره لم يعرف نفسه
وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بالدخول والخروج والقبض والتوفي والرجوع
وصعودها إلى السماء وفتح أبوابها لها وغلقها عنها فقال تعالى ولو ترى إذ
الظالمون في غمرات الموت والملائكة بأسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم وقال
تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فأدخلى في عبادى
وادخلى جنتى وهذا يقال لها عند المفارقة للجسد وقال تعالى ونفس وما سواها
فألهمها فجورها وتقواها فأخبر أنه سوى النفس كما أخبر أنه سوى البدن في
قوله الذي خلقك فسواك فعدلك فهو سبحانه سوى نفس الإنسان كما سوى بدنه بل
سوى بدنه كالقالب لنفسه فتسوية البدن تابع لتسوية النفس والبدن موضوع لها
كالقالب لما هو موضوع له
ومن ها هنا يعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها فإنها تتأثر
وتنتقل عن البدن كما يتأثر البدن وينتقل عنها فيكتسب البدن الطيب والخبث
من طيب النفس وخبثها وتكتسب النفس الطيب والخبث من طيب البدن وخبثه فأشد
الأشياء ارتباطا وتناسبا وتفاعلا وتأثرا من أحدهما بالآخر الروح والبدن
ولهذا يقال لها عند المفارقة اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد
الطيب النفس واخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث

وقال الله تعالى الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في
منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى فوصفها
بالتوفي والامساك والارسال كما وصفها بالدخول والخروج والرجوع والتسوية
وقد أخبر النبي أن بصر الميت يتبع نفسه إذا قبضت وأخبر أن الملك يقبضها
فتأخذها الملائكة من يده فيوجد لها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الارض أو
كأنتن ! ريح جيفة وجدت على وجه الأرض
والأعراض لا ريح لها ولا تمسك ولا تؤخذ من يد إلى يد
وأخبر أنها تصعد إلى السماء ويصلى عليها كل ملك لله بين السماء والأرض
وأنها تفتح لها أبواب السماء فتصعد من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى
السماء التي فيها الله عز و جل فتوقف بين يديه ويأمر بكتابة اسمه في ديوان
أهل عليين أو ديوان أهل سجين ثم ترد إلى الأرض وإن روح الكافر تطرح طرحا
وأنها تدخل مع البدن في قبرها للسؤال
وقد أخبر النبي بأن نسمة المؤمن وهي روحه طائر يعلق في شجر الجنة حتى
يردها الله إلى جسدها
وأخبر أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها
وأخبر أن الروح تنعم وتعذب في البزخ إلى يوم القيامة
وقد أخبر سبحانه عن أرواح قوم فرعون أنها تعرض على النار غدوا وعشيا قبل
يوم القيامة وقد أخبر سبحانه عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وهذه
حياة أرواحم ورزقها دار وإلا فالأبدان قد تمزقت وقد فسر رسول الله هذه
الحياة بأن أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة
حيث شاءت ثم تأوى إلى تلك القناديل فأطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال هل
تشتهون شيئا قالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا فعل بهم ذلك
ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا ! من أن يسألوا قالوا نريد أن ترد
أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى
وصح عنه أن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة وتعلق بضم اللام
أى تأكل العلقة
وقال ابن عباس قال رسول الله لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في
أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من ذهب
في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا



يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد
ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله عز و جل أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله تعالى
على رسوله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم
يرزقون الآيات رواه الإمام أحمد وهذا صريح في أكلها وشربها وحركتها
وانتقالها وكلامها وسيأتي مزيد تقرير لذلك عن قريب إن شاء الله تعالى
وإذا كان هذا شأن الأرواح فتميزها بعد المفارقة يكون أظهر من تميز الأبدان
والاشتباه بينها أبعد من اشتباه الأبدان فإن الأبدان تشتبه كثيرا وأما
الأرواح فقل ما تشتبه
يوضح هذا أنا لم نشاهد أبدان الأنبياء والصحابة والأئمة وهم متميزون في
علمنا أظهر تميز وليس ذلك التميز راجعا إلى مجرد أبدانهم وإن ذكر لنا من
صفات أبدانهم ما يختص به أحدهم من الآخر بل التميز الذي عندنا بما علمناه
وعرفناه من صفات أرواحهم وما قام بها وتميز الروح عن الروح بصفاتها أعظم
من تميز البدن عن البدن بصفاته ألا ترى أن بدن المؤمن والكافر قد يشتبهان
كثيرا وبين روحيهما أعظم التباين والتميز وأنت ترى أخوين شقيقين مشتبهين
في الخلقة غاية الاشتباه وبين روحيهما غاية التباين فإذا تجردت هاتان
الروحان كان تميزهما في غاية الظهور
وأخبرك بأمر إذا تأملت أحوال الأنفس والأبدان شاهدته عيانا قل أن ترى بدنا
قبيحا وشكلا شنيعا إلا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وقل أن ترى آفة
في بدن إلا وفي روح صاحبه آفة تناسبها ولهذا تأخذ أصحاب الفراسة أحوال
النفوس من أشكال الأبدان وأحوالها فقل أن تخطئ ذلك
ويحكى عن الشافعي رحمه الله في ذلك عجائب
وقل أن ترى شكلا حسنا وصورة جميلة وتركيبا لطيفا إلا وجدت الروح المتعلقة
به مناسبة له هذا ما لم يعارض ذلك ما يوجب خلافه من تعلم وتدرب واعتياد
وإذا كانت الأرواح العلوية وهم الملائكة متميزا بعضهم عن بعض من غير أجسام
تحملهم وكذلك الجن فتميز الأرواح البشرية أولى



المسألة السادسة وهي أن الروح هل تعاد إلى الميت في قبره وقت
السؤال أم



لا
فقد كفانا رسول الله أمر هذه المسالة وأغنانا عن أقوال الناس حيث صرح
باعادة الروح إليه فقال البراء بن عازب كنا في جنازه في بقيع الغرقد
فأتانا النبي وسلم فقعد وقعدنا حوله كأن على رءوسنا الطير وهو يلحد له
فقال أعوذ بالله من عذاب القبر ثلاث مرات ثم قال ان العبد إذا كان في
اقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس
فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها
النفس الطيبة أخرجى إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل
القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى
يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك
وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها فلا يمرون بها يعنى على ملأ من
الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب فيقولون فلان ابن فلان بأحسن
أسمائه التي كانوا يسمونه في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا
فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها
حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تعالى فيقول الله عز و جل اكتبوا
كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنا
أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان
له من ربك فيقول ربي الله فيقولون له ما دينك فيقول دينى الإسلام فيقولان
له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان له وما علمك
بهذا فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادى مناد من السماء أن صدق
عبدى فأفرشوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة قال فيأتيه من ريحها
وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب
الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت
فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة
حتى أرجع إلى أهلي ومالي قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من
الدنيا واقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم
المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول
أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتتفرق في جسده
فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها
في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة

وجدت على وجه الارض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من
الملائكة إلا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان ابن فلان بأقبح
أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا
فيستفتح له فلا يفتح ثم قرأ رسول الله لا تفتح لهم أبواب السماء ولا
يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فيقول الله عز و جل اكتبوا كتابة
في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ ومن يشرك بالله فكأنما خر
من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق فتعاد روحه في جسده
ويأتيه ملكان فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدرى فيقولان له ما هذا
الرجل الذى بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدرى فينادى مناد من السماء ان كذب
عبدي فأفرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها
ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب
منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت
فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم
الساعة رواه الإمام أحمد وأبو داود وروى النسائي وابن ماجه أوله ورواه أبو
عوانة الأسفرائينى في صحيحه
وذهب إلى القول بموجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث من سائر الطوائف
وقال أبو محمد بن حزم في كتاب الملل والنحل له وأما من ظن أن الميت يحيا
في قبره قبل يوم القيامة فخطأ ان الآيات التي ذكرناها تمنع من ذلك يعني
قوله تعالى قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين وقوله تعالى كيف
تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم قال ولو كان الميت
يحيا في قبره لكان تعالى قد أماتنا ثلاثا وأحيانا ثلاثا وهذا باطل وخلاف
القرآن إلا من أحياه الله تعالى آية لنبي من الأنبياء كالذين خرجوا من
ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم والذي مر على
قرية وهي خاوية على عروشها ومن خصه نص وكذلك قوله تعالى الله يتوفي الأنفس
حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل
الأخرى إلى أجل مسمى فصح بنص القرآن أن أرواح سائر من ذكرنا لا ترجع إلى
جسده إلا الأجل المسمى وهو يوم القيامة وكذلك أخبر رسول الله أنه رأى
الأرواح ليلة أسرى به عند سماء الدنيا من عن يمين آدم أرواح أهل السعادة
وعن شماله أرواح أهل الشقاوة وأخبر يوم بدر إذ خاطب الموتى أنهم قد سمعوا
قوله قبل أن تكون لهم قبور ولم ينكر على الصحابة قولهم قد جيفوا واعلم
أنهم سامعون قوله مع ذلك فصح أن الخطاب والسماع لأرواحهم فقط بلا شك وأما
الجسد فلا حس له وقد قال تعالى وما أنت بمسمع من في القبور



فنفي السمع عمن في القبور وهي الاجساد بلا شك ولا يشك مسلم أن
الذي نفي الله عز و جل عنه السمع هو غير الذي أثبت له رسول الله قال ولم
يأت قط عن رسول الله في خبر صحيح أن أرواح الموتى ترد إلى أجسادهم عند
المساءلة ولو صح ذلك عنه لقلنا به قال وإنما تفرد بهذه الزيادة من رد
الأرواح في القبور إلى الأجساد المنهال بن عمرو وحده وليس بالقوى تركه
شعبة وغيره وقال فيه المغيرة بن مقسم الضبى وهو أحد الأئمة ما جازت
للمنهال بن عمرو قط شهادة في الإسلام على ما قد نقل وسائر الأخبار الثابتة
على خلاف ذلك
قال وهذا الذي قلنا هو الذي صح أيضا عن الصحابة
ثم ذكر من طريق بن عيينة عن منصور بن صفية عن أمه صفية بنت شيبة قالت دخل
ابن عمر المسجد فأبصر ابن الزبير مطروحا قبل أن يقبر فقيل له هذه أسماء
بنت أبى بكر الصديق فمال ابن عمر إليها فعزاها وقال ان هذه الجثث ليست
بشيء وان الأرواح عند الله فقالت أمه وما يمنعنى وقد أهدى رأس يحيى بن
زكريا إلى بغى من بغايا بنى اسرائيل
قلت ما ذكره أبو محمد فيه حق وباطل أما قوله من ظن أن الميت يحيا في قبره
فخطأ فهذا فيه إجمال أن أراد به الحياة المعهودة في الدنيا التي تقوم فيها
الروح بالبدن وتدبره وتصرفه وتحتاج معها إلى الطعام والشراب واللباس فهذا
خطأ كما قال والحس والعقل يكذبه كما يكذبه النص
وإن أراد به حياة أخرى غير هذه الحياة بل تعاد إليه إعادة غير الإعادة
المألوفة في الدنيا ليسأل ويمتحن في قبره فهذا حق ونفيه خطأ وقد دل عليه
النص الصحيح الصريح وهو قوله فتعاد روحه في جسده وسنذكر الجواب عن تضعيفه
للحديث إن شاء الله تعالى
وأما استدلاله بقوله تعالى قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فلا
ينفي ثبوت هذه الإعادة العارضة للروح في الجسد كما أن قتيل بني إسرائيل
الذي أحياه الله بعد قتله ثم أماته لم تكن تلك الحياة العارضة له للمساءلة
معتدا بها فإنه يحيى لحظة بحيث قال فلان قتلنى ثم خر ميتا على أن قوله ثم
تعاد روحه في جسده لا يدل على حياة مستقرة وإنما يدل على إعادة لها إلى
البدن وتعلق به والروح لم تزل متعلقة ببدنها وإن بلى وتمزق
وسر ذلك أن الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام
أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا
الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض



الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من
وجه
الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه
فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة وقد ذكرنا في أول الجواب
من الأحاديث والآثار ما يدل على ردها إليه وقت سلام المسلم وهذا الرد
إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة
الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة
لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما
ولا فسادا
وأما قوله تعالى الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها
فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى فإمساكه سبحانه
التي قضى عليها الموت لا ينافي ردها إلى جسدها الميت في وقت ما ردا عارضا
لا يوجب له الحياة المعهودة في الدنيا
وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم
شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين
الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي
والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة
وأما أخبار النبي عن رؤية الأنبياء ليلة أسرى به فقد زعم بعض أهل الحديث
أن الذي رآه أشباحهم وأرواحهم قال فإنهم أحياء عند ربهم وقد رأى إبراهيم
مسندا ظهره إلى البيت المعمور موسى قائما في قبره يصلى وقد نعت الأنبياء
لما رآهم نعت الأشباح فرأى موسى آدما ضربا طوالا كأنه من رجال شنوءة ورأى
عيسى يقطر رأسه كأنما أخرج من ديماس ورأى إبراهيم فشبهه بنفسه
ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا هذه الرؤية إنما هي لأرواحهم دون أجسادهم
والأجساد في الأرض قطعا إنما تبعث يوم بعث الأجساد ولم تبعث قبل ذلك إذ لو
بعثت قبل ذلك لكانت قد انشقت عنها الأرض قبل يوم القيامة كانت تذوق الموت
عند نفخة الصور وهذه موتة ثالثة وهذا باطل قطعا ولو كانت قد بعثت الأجساد
من القبور لم يعدهم الله إليها بل كانت في الجنة وقد صح عن النبي أن الله
حرم الجنة على الأنبياء حتى يدخلها هو وهو أول من يستفتح باب الجنة وهو
أول من تنشق عنه الأرض على الإطلاق لم تنشق عن أحد قبله
ومعلوم بالضرورة أن جسده في الأرض طرى مطرا وقد سأله الصحابة كيف تعرض
صلاتنا عليك وقد أرمت فقال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء



ولو لم يكن جسده في ضريحه لما أجاب بهذا الجواب
وقد صح عنه أن الله وكل بقبره ملائكة يبلغونه عن أمته السلام
وصح عنه أنه خرج بين أبي بكر وعمر وقال هكذا نبعث
هذا مع القطع بأن روحه الكريمة في الرفيق الأعلى في أعلى عليين مع أرواح
الأنبياء
وقد صح عنه أنه رأى موسى قائما يصلى في قبره ليلة الاسراء ورآه في السماء
السادسة أو السابعة فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف
عليه وتعلق به بحيث يصلى في قبره ويرد سلام من سلم عليه وهي في الرفيق
الأعلى
ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان وأنت تجد الروحين
المتماثلتين المتناسبتين في غاية التجاور والقرب وان كان بينهما بعد
المشرقين وتجد الروحين المتنافرتين المتاغضتين بينهما غاية البعد وإن كان
جسداهما متجاورين متلاصقين
وليس نزول الروح وصعودها وقربها وبعدها من جنس ما للبدن فإنها تصعد إلى ما
فوق السموات ثم تهبط إلى الأرض ما بين قبضها ووضع الميت في قبره وهو زمن
يسير لا يصعد البدن وينزل في مثله وكذلك صعودها وعودها إلى البدن في النوم
واليقظة وقد مثلها بعضهم بالشمس وشعاعها فإنها في السماء وشعاعها في الأرض
قال شيخنا وليس هذا مثلا مطابقا فإن نفس الشمس لا تنزل من السماء والشعاع
الذي على الأرض ليس هو الشمس ولا صفتها بل هو عرض حصل بسبب الشمس والجرم
المقابل لها والروح نفسها تصعد وتنزل وأما قول الصحابة للنبي في قتلى بدر
كيف تخاطب أقواما قد جيفوا مع أخباره بسماعهم كلامه فلا ينفي ذلك رد
أرواحهم إلى أجسادهم ذلك الوقت ردا يسمعون به خطابه والأجساد قد جيفت
فالخطاب للأرواح المتعلقة بتلك الأجساد التي قد فسدت
وأما قوله تعالى وما أنت بمسمع من في القبور فسياق الآية يدل على أن
المراد منها أن الكافر الميت القلب لا تقدر على اسماعه اسماعا ينتفع به
كما أن من في القبور لا تقدر على إسماعهم إسماعا ينتفعون به ولم يرد
سبحانه أن أصحاب القبور لا يسمعون شيئا البتة كيف وقد أخبر النبي أنهم
يسمعون خفق نعال المشيعين وأخبر أن قتلى بدر سمعوا كلامه وخطابه وشرع
السلام عليهم بصيغة الخطاب للحاضر الذي يسمع وأخبر أن من سلم على أخيه
المؤمن رد عليه السلام
هذه الآية نظير قوله إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا
مدبرين وقد يقال نفي إسماع الصم مع نفي إسماع الموتى يدل على أن المراد
عدم أهلية كل منهما للسماع
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الروح الجزء الثانى Empty رد: كتاب الروح الجزء الثانى {الخميس 9 يونيو - 15:32}


وأن قلوب هؤلاء لما كانت ميتة صماء كان اسماعها ممتنعا خطاب
الميت والأصم وهذا حق ولكن لا ينفي إسماع الأرواح بعد الموت إسماع توبيخ
وتقريع بواسطة تعلقها بالأبدان في وقت ما فهذا غير الاسماع المنفي والله
أعلم
وحقيقة المعنى أنك لا تستطيع أن تسمع من لم يشأ الله أن يسمعه ان أنت إلا
نذير أى إنما جعل الله لك الاستطاعة على الانذار الذي كلفك إياه لا على
إسماع من لم يشأ الله إسماعه
وأما قوله إن الحديث لا يصح لتفرد المنهال بن عمرو وحده به وليس بالقوى
فهذا من مجازفته رحمة الله فالحديث صحيح لا شك فيه وقد رواه عن البراء بن
عازب جماعة غير زاذان منهم عدى بن ثابت ومحمد بن عقبة ومجاهد
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده في كتاب الروح والنفس أخبرنا محمد بن
يعقوب ابن يوسف حدثنا محمد بن اسحق الصفار أنبأنا أبو النضر هاشم بن
القاسم حدثنا عيسى بن المسيب عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب قال خرجنا
مع رسول الله في جنازة رجل من الأنصار فانتهنا إلى القبر ولما يلحد فجلسنا
وجلس كأن على أكتاقنا ! فلق الصخر وعلى رءوسنا الطير فأرم قليلا والارمام
السكوت فلما رفع رأسه قال إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة ودبر من
الدنيا وحضره ملك الموت نزلت عليه ملائكة معهم كفن من الجنة وحنوط من
الجنة فجلسوا منه مد البصر وجاء ملك الموت فجلس عند رأسه ثم قال اخرجي
أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه فتنسل نفسه كما تقطر
القطرة من السقاء فإذا خرجت نفسه صلى عليه كل من بين السماء والأرض إلا
الثقلين ثم يصعد به إلى السماء فتفتح له السماء ويشيعه مقربوها إلى السماء
الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة إلى العرش مقربو كل
سماء فإذا انتهى إلى العرش كتب كتابه في عليين ويقول الرب عز و جل ردوا
عبدي إلى مضجعه فإني وعدتهم أنى منها ما خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم
تارة أخرى فيرد إلى مضجعه فيأتيه منكر ونكير يثيران الأرض بأنيابهما
ويفحصان الأرض بأشعارهما فيجلسانه ثم يقال له يا هذا من ربك فيقول ربي
الله فيقولان صدقت ثم يقال له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان صدقت ثم
يقال له من نبيك فيقول محمد رسول الله فيقولان صدقت ثم يفسح له في قبره مد
بصره ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول جزاك الله خيرا
فوالله ما علمت إن كنت لسريعا في طاعة الله بطيئا عن معصية الله فيقول
وأنت جزاك الله خيرا فمن أنت فيقول أنا علمك الصالح ثم يفتح له باب إلى
الجنة فينظر



إلى مقعده ومنزله منها حتى تقوم الساعة وان الكافر إذا كان في
دبر من الدنيا وقبل من الآخرة وحضره الموت نزلت عليه من السماء ملائكة
معهم كفن من النار وحنوط من نار قال فيجلسون منه مد بصره وجاء ملك الموت
فيجلس عند رأسه ثم قال اخرجي أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى غضب الله
وسخطه فتفرق روحه في جسده كراهية ان تخرج لما ترى وتعاين فيستخرجها كما
يستخرج السفود من الصوف المبلول فإذا خرجت نفسه لعنه كل شيء بين ا لسماء
والأرض إلا الثقلين ثم يصعد به إلى السماء فتغلق دونه فيقول الرب عز و جل
ردوا عبدي إلى مضجعه فإنى وعدتهم أنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها
أخرجهم تارة أخرى فترد روحه إلى مضجعه فيأتيه منكر ونكير يثيران في الأرض
بأنيابهما ويفحصان الأرض بأشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما
كالبرق الخاطف فيجلسانه ثم يقولان يا هذا من ربك فيقول لا أدري فينادي من
جانب القبر لا دريت فيضربانه بمرزبة من حديد لو اجتمع عليها من بين
الخافقين لم تقل ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه
قبيح الثياب منتن الريح فيقول جزاك الله شرا فوالله ما علمت إن كنت لبطيئا
عن طاعة الله سريعا في معصية الله فيقول ومن أنت فيقول أنا عملك الخبيث ثم
يفتح له باب إلى النار فينظر إلى مقعده فيها حتى تقوم الساعة رواه الإمام
أحمد ومحمود بن غيلان وغيرهما عن أبي النضر
ففيه أن الأرواح تعاد إلى القبر وأن الملكين يجلسان الميت ويستنطقانه
ثم ساقه ابن منده من طريق محمد بن سلمة عن خصيف الجزرى عن مجاهد عن البراء
بن عازب قال كنا في جنازة رجل من الأنصار ومعنا رسول الله فأنتهينا إلى
القبر ولم يلحد ووضعت الجنازة وجلس رسول الله فقال إن المؤمن إذا احتضر
أتاه ملك الموت في أحسن صورة وأطيبه ريحا فجلس عنده لقبض روحه وأتاه ملكان
بحنوط من الجنة وكفن من الجنة وكانا منه على بعد فاستخرج ملك الموت روحه
من جسده رشحا فإذا صارت إلى ملك الموت ابتدرها الملكان فأخذاها منه
فحنطاها بحنوط من الجنة وكفناها بكفن من الجنة ثم عرجا به إلى الجنة فتفتح
له أبواب السماء وتستبشر الملائكة بها ويقولون لمن هذه الروح الطبية التي
فتحت لها أبواب السماء ويمسى بأحسن الأسماء التي كان يسمى بها في الدنيا
فيقال هذه روح فلان فإذا صعد بها إلى السماء شيعها مقربو كل سماء حتى توضع
بين يدي الله عند العرش فيخرج عملها من عليين فيقول الله عز و جل للمقربين
اشهدوا أنى قد غفرت لصاحب هذا العمل ويختم كتابه فيرد في عليين فيقول الله
عز و جل



ردوا روح عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أنى أردهم فيها ثم قرأ
رسول الله منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى فإذا وضع
المؤمن في قبره فتح له باب عند رجليه إلى الجنة فيقال له أنظر إلى ما أعد
الله لك من الثواب ويفتح له باب عند رأسه إلى النار فيقال له أنظر ما صرف
الله عنك من العذاب ثم يقال له نم قرير العين فليس شيء أحب إليه من قيام
الساعة وقال رسول الله إذا وضع المؤمن في لحده تقول له الأرض إن كنت
لحبيبا إلى وأنت على ظهرى فكيف إذا صرت اليوم في بطني سأريك ما أصنع بك
فيفسح له في قبره مد بصره وقال رسول الله إذا وضع الكافر في قبره أتاه
منكر ونكير فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول لا أدري فيقولان له لادريت
فيضربانه ضربة فيصير رمادا ثم يعاد فيجلس فيقال له ما قولك في هذا الرجل
فيقول أي رجل فيقولان محمد فيقول قال الناس أنه رسول الله فيضربانه ضربة
فيصير رمادا
هذا حديث ثابت مشهور مستفيض صححه جماعة من الحفاظ ولا نعلم أحدا من أئمة
الحديث طعن فيه بل رووه في كتبهم وتلقوه بالقبول وجعلوه أصلا من أصول
الدين في عذاب القبر ونعيمه ومساءلة منكر ونكير وقبض الأرواح وصعودها إلى
بين يدي الله ثم رجوعها إلى القبر وقول أبى محمد لم يروه غير زاذان فوهم
منه بل رواه عن البراء غير زاذان ورواه عنه عدي بن ثابت ومجاهد بن جبير
ومحمد بن عقبة وغيرهم وقد جمع الدار قطني طرقه في مصنف مفرد وزاذان من
الثقاة روى عن أكابر الصحابة كعمر وغيره وروى له مسلم في صحيحه قال يحيى
بن معين ثقة وقال حميد بن هلال وقد سئل عنه هو ثقة لا تسأل عن مثل هؤلاء
وقال ابن عدي أحاديثه لا بأس بها إذا روى عن ثقة
وقوله ان المنهال بن عمرو تفرد بهذه الزيادة وهي قوله فتعاد روحه في جسده
وضعفه فالمنهال أحد الثقاة العدول قال ابن معين المنهال ثقة وقال العجلي
كوفي ثقة وأعظم ما قيل فيه أنه سمع من بيته صوت غناء وهذا لا يوجب القدح
في روايته واطراح حديثه وتضعيف ابن حزم له لا شيء فإنه لم يذكر موجبا
لتضعيفه غير تفرده بقوله فتعاد روحه في جسده وقد بينا أنه لم يتفرد بها بل
قد رواها غيره وقد روى ما هو أبلغ منها أو نظيرها كقوله فترد إليه روحه
وقوله فتصير إلى قبره فيستوي جالسا وقوله فيجلسانه وقوله فيجلس في قبره
وكلها أحاديث صحاح لا مغمز فيها وقد أعل غيره بأن زاذان لم يسمعه من
البراء وهذه العلة باطلة فإن أبا عوانة الاسفرائيني رواه في صحيحه بإسناده
وقال عن أبى عمرو زاذان الكندى قال سمعت البراء بن عازب وقال الحافظ أبو
عبد الله بن منده هذا إسناد متصل مشهور رواه جماعة عن البراء



ولو نزلنا عن حديث البراء فسائر الأحاديث الصحيحة صريحة في ذلك
مثل حديث ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي
هريرة أن رسول الله قال إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح
قال اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أخرجي حميدة وابشرى
بروح وريحان ورب غير غضبان قال فيقول ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء
فيستفتح لها فيقال من هذا فيقولون فلان فيقولون مرحبا بالنفس الطيبة كانت
في الجسد ادخلى حميدة وابشرى بروح وريحان ورب غير غضبان فيقال لها ذلك حتى
ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز و جل وإذا كان الرجل السوء قال
اخرجى أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشرى بحميم
وغساق وآخر من شكله أزواج فيقولون ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء
فيستفتح لها فيقال من هذا فيقولون فلان فيقولون لا مرحبا بالنفس الخبيثة
كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لن تفتح لك أبواب السماء فترسل
بين السماء والأرض فتصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع
ولا معوق ثم يقال فما كنت تقول في الإسلام ما هذا الرجل فيقول محمد رسول
الله جاءنا بالبينات من قبل الله فآمنا وصدقنا وذكر تمام الحديث
قال الحافظ أبو نعيم هذا حديث متفق على عدالة ناقليه اتفق الإمامان محمد
بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج عن ابن أبى ذئب ومحمد بن عمرو بن عطاء
وسعيد بن يسار وهم من شرطهما ورواه المتقدمون الكبار عن ابن أبى ذئب مثل
ابن أبى فديك وعبد الرحيم بن ابراهيم انتهى ورواه عن ابن أبى ذئب غير واحد

وقد احتج أبو عبد الله بن منده على إعادة الروح إلى البدن بأن قال حدثنا
محمد بن الحسين ابن الحسن حدثنا محمد بن زيد النيسابورى حدثنا حماد بن
قيراط حدثنا محمد بن الفضل عن يزيد بن عبد الرحمن الصائغ البلخى عن الضحاك
بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال بينما رسول الله ذات يوم قاعد تلا هذه الآية
ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم الآية قال
والذي نفس محمد بيده ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة أو
النار ثم قال فإذا كان عند ذلك صف له سماطان من الملائكة ينتظمان ما بين
الخافقين كأن وجوههم الشمس فينظر إليهم ما ترى غيرهم وإن كنتم ترون أنهم
ينظرون إليكم مع كل منهم أكفان وحنوط فإن كان مؤمنا بشروه بالجنة وقالوا



أخرجى أيتها النفس الطيبة إلى رضوان الله وجنته فقد أعد الله لك
من الكرامة ما هو خير من الدنيا وما فيها فلا يزالون يبشرونه ويحفون به
فهم ألطف وأرأف من الوالدة بولدها ثم يسلون روحه من تحت كل ظفر ومفصل
ويموت الأول فالأول ويهون عليه وكنتم ترونه عديدا حتى تبلغ ذقنه قال فلهى
أشد كراهية للخروج من الجسد من الولد حين يخرج من الرحم فيبتدرها كل ملك
منهم أيهم يقبضها فيتولى قبضها ملك الموت ثم تلا رسول قل يتوفاكم ملك
الموت الذى وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون فيتلقاها بأكفان بيض ثم يحتضنها
إليه فهو أشد لزوما لها من المرأة إذا ولدتها ثم يفوح منها ريح أطيب من
المسك فيستنشقون ريحها ويتباشرون بها ويقولون مرحبا بالروح الطيبة والروح
الطيب اللهم صل عليه روحا وعلى جسد خرجت منه قال فيصعدون بها ولله عز و جل
خلق في الهواء لا يعلم عددتهم إلا هو فيفوح لهم منها ريح أطيب من المسك
فيصلون عليها ويتباشرون ويفتح لهم أبواب السماء فيصلى عليها كل ملك في كل
سماء تمر بهم حتى ينتهى بها بين يدى الملك الجبار فيقول الجبار جل جلاله
مرحبا بالنفس الطيبة ويجسد خرجت منه وإذا قال الرب عز و جل للشيء مرحبا
وحب له كل شيء ويذهب عنه كل ضيق ثم يقول لهذه النفس الطيبة أدخلوها الجنة
وأروها مقعدها من الجنة وأعرضوا عليها ما أعددت لها من الكرامة والنعيم ثم
اذهبوا بها إلى الأرض فإنى قضيت أنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها
أخرجهم تارة أخرى فوالذي نفس محمد بيده لهى أشد كراهية للخروج منها حين
كانت تخرج من الجسد وتقول أين تذهبون بى إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه قال
فيقولون إنا مأمورون بهذا فلا بد لك منه فيهبطون به على قدر فراغهم من
غسله وأكفانه فيدخلون ذلك الروح بين جسده وأكفانه
فدل هذا الحديث أن الروح تعاد بين الجسد والأكفان وهذا عود غير التعلق
الذي كان لها في الدنيا بالبدن وهو نوع آخر وغير تعلقها به حال النوم وغير
تعلقها به وهى في مقرها بل هو عود خاص للمساءلة
قال شيخ الإسلام الأحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح إلى البدن
وقت السؤال وسؤال البدن بلا روح قول قاله طائفة من الناس وأنكره الجمهور
وقابلهم آخرون فقالوا السؤال للروح بلا بدن وهذا قاله ابن مرة وابن حزم
وكلاهما غلط والأحاديث الصحيحة ترده ولو كان ذلك على الروح فقط لم يكن
للقبر بالروح اختصاص



وهذا يتضح بجواب المسألة
وهي قول السائل هل عذاب القبر على النفس والبدن أو على النفس دون البدن أو
على البدن دون النفس وهل يشارك البدن النفس في النعيم والعذاب أم لا
وقد سئل شيخ الإسلام عن هذه المسألة ونحن نذكر لفظ جوابه فقال بل العذاب
والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة تنعم النفس
وتعذب منفردة عن البدن وتنعم وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها فيكون
النعيم والعذاب عليها في هذه الحال مجتمعين كما تكون على الروح منفردة عن
البدن وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح هذا فيه قولان مشهوران
لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام وفي المسألة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل
السنة والحديث قول من يقول إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح وان
البدن لا ينعم ولا يعذب وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان
وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة
وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان لكن يقولون لا يكون ذلك في البرزخ وإنما
يكون عند القيام من القبور لكن هؤلاء ينكرون عذاب البدن في البرزخ فقط
ويقولون إن الأرواح هي المنعمة أو المعذبة في البرزخ فإذا كان يوم القيامة
عذبت الروح والبدن معا وهذا القول قاله طوائف من المسلمين من أهل الكلام
والحديث وغيرهم وهو اختيار ابن حزم وابن مرة فهذا القول ليس من الأقوال
الثلاثة الشاذة بل هو مضاف إلى قول من يقول بعذاب القبر ويقر بالقيامة
ويثبت معاد الأبدان والأرواح ولكن هؤلاء لهم في عذاب القبر ثلاثة أقوال
أحدها أنه على الروح فقط
الثاني أنه عليها وعلى البدن بواسطتها
الثالث أنه على البدن فقط وقد يضم إلى ذلك القول الثاني وهو قول من يثبت
عذاب القبر ويجعل الروح هي الحياة ويجعل الشاذ قول منكر عذاب الأبدان
مطلقا وقول من ينكر عذاب الروح مطلقا فإذا جعلت الأقوال الشاذة ثلاثة
فالقول الثاني الشاذ قول من يقول إن الروح بمفردها لا تنعم ولا تعذب وإنما
الروح هي الحياة وهذا يقوله طوائف من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية
كالقاضي أبى بكر وغيره وينكرون أن الروح تبقى بعد فراق البدن وهذا قول
باطل وقد خالف أصحابه أبو المعالي الجريني وغيره بل قد ثبت بالكتاب والسنة
واتفاق الأمة أن الروح تبقى بعد فراق البدن وأنها منعمة أو معذبة
والفلاسفة الإلهيون يقرون بذلك لكن ينكرون معاد الأبدان وهؤلاء يقرون
بمعاد الأبدان لكن ينكرون

معاد الأرواح ونعيمها وعذابها بدون الأبدان وكلا القولين خطأ
وضلال لكن قول الفلاسفة أبعد عن أقوال أهل الإسلام وإن كان قد يوافقهم
عليه من يعتقد أنه متمسك بدين الإسلام بل من يظن أنه من أهل المعرفة
والتصوف والتحقيق والكلام
والقول الثالث الشاذ قول من يقول إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب بل لا
يكون ذلك حتى تقول الساعة الكبرى كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة
ونحوهم ممن ينكر عذاب القبر ونعيمه بناء على أن الروح لا تبقى بعد فراق
البدن وأن البدن لا ينعم ولا يعذب فجميع هؤلاء الطوائف ضلال في أمر البرزخ
لكنهم خير من الفلاسفة فإنهم مقرون بالقيامة الكبرى
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الروح الجزء الثانى Empty رد: كتاب الروح الجزء الثانى {الخميس 9 يونيو - 15:33}

فصل فإذا عرفت هذه الأقوال الباطلة فلتعلم أن مذهب سلف الأمة
وأئمتها



أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه وأن
الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة وأنها تتصل بالبدن أحيانا
ويحصل له معها النعيم أو العذاب ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت
الأرواح إلى الأجساد وقاموا من قبورهم لرب العالمين ومعاد الأبدان متفق
عليه بين المسلمين واليهود والنصارى

فصل ونحن نثبت ما ذكرناه فأما أحاديث عذاب القبر ومساءلة منكر
ونكير



فكثيرة متواترة عن النبي كما في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي مر بقبرين
فقال انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من
البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم دعا بجريدة رطبة فشقها نصفين فقال
لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا
وفي صحيح مسلم عن زيد بن ثابت قال رسول الله في حائط لبنى النجار على
بغلته ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه فإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة
فقال من يعرف أصحاب هذه القبور فقال رجل أنا قال فمتى مات هؤلاء قال ماتوا
في الإشراك فقال إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت
الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل علينا بوجهه فقال
تعوذوا بالله من عذاب النار قالوا نعوذ بالله من عذاب النار قال تعوذوا
بالله من عذاب القبر قالوا نعوذ بالله من عذاب القبر قال تعوذوا بالله من
الفتن ما ظهر منها وما بطن قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن
قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال قالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال

وفي صحيح مسلم وجميع السنن عن أبى هريرة أن النبي قال إذا فرغ
أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب
القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال
وفي صحيح مسلم أيضا وغيره عن ابن عباس أن النبي كان يعلمهم هذا الدعاء كما
يعلمهم السورة من القرآن اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب
القبر وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال
وفي الصحيحن عن أبى أيوب قال خرج النبي وقد وجبت الشمس فسمع صوتا فقال
يهود تعذب في قبورها
وفي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت دخلت على عجوز من عجائز يهود
المدينة فقالت ان أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت فكذبتها ولم أنعم أن
أصدقها قالت فخرجت ودخل على رسول الله فقالت يا رسول الله ان عجوزا من
عجائز يهود أهل المدينة دخلت فزعمت أن أهل القبور يعذبون في قبورهم قال
صدقت انهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها قالت فما رأيته بعد في صلاة
الا يتعوذ من عذاب القبر
وفي صحيح ابن حبان عن أم مبشر قالت دخل على رسول الله وهو يقول تعوذوا
بالله من عذاب القبر فقلت يا رسول الله وللقبر عذاب قال إنهم ليعذبون في
قبورهم عذابا تسمعه البهائم
قال بعص أهل العلم ولهذا السبب يذهب الناس بدوابهم إذا مغلت إلى قبور
اليهود والنصارى والمنافقين كالاسماعيلية والنصيرية والقرامطة من بني عبيد
وغيرهم الذين بأرض مصر والشام فإن أصحاب الخيل يقصدون قبورهم لذلك كما
يقصدون قبور اليهود والنصارى قال فإذا سمعت الخيل عذاب القبر أحدث لها ذلك
فزعا وحرارة تذهب بالمغل
وقد قال عبد الحق الأشبيلى حدثنى الفقيه أبو الحكم برخان وكان من أهل
العلم والعمل أنهم دفنوا ميتا بقريتهم في شرف أشبيلية فلما فرغوا من دفنه
قعدوا ناحية يتحدثون ودابة ترعى قريبا منهم فإذا بالدابة قد أقبلت مسرعة
إلى القبر فجعلت اذنها عليه كأنها تسمع ثم ولت فارة ثم عادت إلى القبر
فجعلت أذنها عليه كأنها تسمع ثم ولت فارة فعلت ذلك مرة بعد أخرى
قال أبو الحكم فذكرت عذاب القبر وقول النبي أنهم ليعذبون عذابا تسمعه
البهائم



ذكر لنا هذه الحكاية ونحن نسمع عليه كتاب مسلم لما انتهى
القارىء إلى قول النبي أنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم
وهذا السماع واقع على أصوات المعذبين قال هناد بن السرى في كتاب الزهد
حدثنا وكيع عن الأعمش عن شقيق عن عائشة رضى الله عنها قالت دخلت على
يهودية فذكرت عذاب القبر فكذبتها فدخل النبي على فذكرت ذلك له فقال والذي
نفسي بيده إنهم ليعذبون في قبورهم حتى تسمع البهائم أصواتهم
قلت وأحاديث المسألة في القبر كثيرة كما في الصحيحين والسنن عن البراء بن
عازب ان رسول الله قال المسلم إذا سئل في قبره فشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله فذلك قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت
في الحياة الدنيا وفي الآخرة وفي لفظ نزلت في عذاب القبر يقال له من ربك
فيقول الله ربي ومحمد نبي فذلك قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول
الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
وهذا الحديث قد رواه أهل السنن والمسانيد مطولا كما تقدم
وقد صرح في هذا الحديث بإعادة الروح إلى البدن وباختلاف أضلاعه وهذا بين
في أن العذاب على الروح والبدن مجتمعين
وقد روى مثل حديث البراء قبض الروح والمسألة والنعيم والعذاب أبو هريرة
وحديثه في المسند وصحيح أبى حاتم أن النبي قال إن الميت إذا وضع في قبره
أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه
والصيام عن يمينه والزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة
والمعروف والإحسان عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلى مدخل
ثم يؤتى من يمينه فيقول الصيام ما قبلى مدخل ثم يؤتى من يساره فتقول
الزكاة ما قبلى مدخل ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة
والصلة والمعروف والإحسان ما قبلى مدخل فيقال له اجلس فيجلس قد مثلت له
الشمس وقد أخذت الغروب فيقال له هذا الرجل الذى كان فيكم ما تقول فيه
وماذا تشهد به عليه فيقول دعونى حتى أصلى فيقولون انك ستصلى أخبرنا عما
نسألك عنه أرأيت هذا الرجل الذى كان فيكم ما تقول فيه وما تشهد عليه فيقول
محمد أشهد أنه رسول الله جاء بالحق من عند الله فيقال له على ذلك حييت
وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له
هذا مقعدك وما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورا ثم يفسح له في قبره
سبعون ذراعا وينور له فيه ويعاد الجسد لما بدىء



منه وتجعل نسمته في النسم الطيب وهي طير معلق في شجر الجنة قال
فذلك قول الله تعالى يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة
الدنيا وفي الآخرة وذكر في الكافر ضد ذلك إلى أن قال ثم يضيق عليه في قبره
إلى أن تختلف فيه أضلاعه فتلك المعيشة الضنك التي قال الله تعالى فإن له
معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى
وفي الصحيحين من حديث قتادة عن أنس أن النبي قال إن الميت إذا وضع في قبره
وتولى عنه أصحابه انه ليسمع خفق نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما
كنت تقول في هذا الرجل محمد فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله
قال فيقول أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة قال
رسول الله فيراهما جميعا قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون
ذراعا يملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون ثم رجع إلى حديث أنس قال فأما الكافر
والمنافق فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا ادرى كنت أقول ما
يقول الناس فيقولان لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه
فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين
وفي صحيح أبى حاتم عن أبى هريرة قال قال رسول الله قبر أحدكم أو الإنسان
أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان له
ما كنت تقول في هذا الرجل محمد فهو قائل ما كان يقول فان كان مؤمنا قال هو
عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
فيقولان له إن كنا لنعلم أنك تقول ذلك ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في
سبعين ذراع وينور له فيه ويقال له نم فيقول ارجع إلى أهلى ومالى فأخبرهم
فيقولان نم كنومة العروس الذى لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله
من مضجعه ذلك وإن كان منافقا قال لا أدرى كنت أسمع الناس يقولون شيئا فكنت
أقوله فيقولان له كنا نعلم أنك تقول ذلك ثم يقال للأرض التئمي عليه فتلتئم
عليه حتى تختلف فيها أضلاعه فلا يزال معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك
وهذا صريح في أن البدن يعذب
وعن أبى هريرة أن النبي قال إذا احتضر المؤمن أتته الملائكة بحريرة بيضاء
فيقولون اخرجى أيتها الروح الطيبة راضية مرضيا عنك إلى روح وريحان ورب غير
غضبان فتخرج كأطيب من ريح المسك حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتوا به
باب السماء فيقولون ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض فيأتون به
أرواح المؤمنين فهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألونه ماذا
فعل فلان قال فيقولون



دعوة يستريح فانه كان في غم الدنيا فاذا قال أتاكم فيقولون انه
ذهب به إلى أمه الهاوية وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح
فيقولون اخرجى مسخوطا عليك إلى عذاب الله فتخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتوا
به باب الأرض فيقولون فما أنتن هذه الروح حتى يأتوا به أرواح الكفار رواه
النسائى والبزار ومسلم مختصرا
وأخرجه أبو حاتم في صحيحه وقال إن المؤمن إذا حضره الموت حضرته ملائكة
الرحمة فاذا قبض جعلت روحه في حريرة بيضاء فينطلق بها إلى باب السماء
فيقولون ما وجدنا ريحا أطيب من هذه فيقال ما فعل فلان ما فعلت فلانة فيقال
دعوه يستريح فإنه كان في غم الدنيا وأما الكافر إذا قبضت نفسه ذهب بها إلى
الأرض فتقول خزنة الأرض ما وجدنا ريحا أنتن من هذه فيبلغ بها إلى الأرض
السفلى
وروى النسائى في سننه من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبي
قال هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهد له سبعون ألفا من
الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه قال النسائى يعنى سعد بن معاذ
وروى من حديث عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله للقبر ضغطة لو نجا
منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ رواه من حديث شعبة
وقال هناد بن السرى حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن ابن أبى مليكة قال ما
أجير من ضغطة القبر أحد ولا سعد بن معاذ الذي منديل من مناديله خير من
الدنيا وما فيها
قال وحدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال لقد بلغنى أنه شهد جنازة
سعد ابن معاذ سبعون ألف ملك لم ينزلوا إلى الأرض قط ولقد بلغنى أن رسول
الله قال لقد ضم صاحبكم في القبر ضمة
وقال علي بن معبد حدثنا عبيد الله عن زيد بن أبي أنيسة عن جابر عن نافع
قال أتينا صفية بنت ابي عبيد امراة عبد الله عمر وهي فزعه فقلنا ما شأنك
فقالت جئت من عند بعض نساء النبي قالت فحدثتني أن رسول الله قال إن كنت
لأرى لو أن أحد اعفي من عذاب القبر لأعفي منه سعد بن معاذ لقد ضم فيه ضمه

وحدثنا مروان بن معاوية عن العلاء بن المسيب عن معاوية العبسى
عن زاذان ابن عمرو قال لما دفن رسول الله ابنته فجلس عند القبر فتربد وجهه
ثم سرى عنه فقال له أصحابه رأينا وجهك آنفا ثم سرى فقال النبي ذكرت ابنتي
وضعفها وعذاب القبر فدعوت الله ففرج عنها وايم الله لقد ضمت ضمه سمعها من
بين الخافقين
وحدثنا شعيب عن ابن دينار عن ابن إبراهيم الغنوى عن رجل قال كنت عند عائشة
رضي الله عنها فمرت جنازة صبي صغير فبكت فقلت لها ما يبكيك يا أم المؤمنين
فقالت هذا الصبي بكيت له شفقة عليه من ضمة القبر ومعلوم أن هذا كله للجسد
بواسطة الروح
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الروح الجزء الثانى Empty رد: كتاب الروح الجزء الثانى {الخميس 9 يونيو - 15:34}

فصل وهذا كما انه مقتضى السنة الصحيحة فهو متفق عليه بين أهل
السنة



قال المروزى قال أبو عبد الله عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال أو مضل وقال
حنبل قلت لأبى عبد الله في عذاب القبر فقال هذه أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر
بها كلما جاء عن النبي إسناد جيد أقررنا به إذا لم نقر بما جاء به رسول
الله ودفعناه ورددناه على الله أمره قال الله تعالى وما آتاكم الرسول
فخذوه قلت له وعذاب القبر حق قال حق يعذبون في القبور قال وسمعت أبا عبد
الله يقول نؤمن بعذاب القبر وبمنكر ونكير وأن العبد يسأل في قبره يثبت
الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة في القبر
وقال أحمد بن القاسم قلت يا أبا عبد الله تقر بمنكر ونكير وما يروى في
عذاب القبر ! فقال سبحان الله نعم نقر بذلك ونقوله قلت هذه اللفظة تقول
منكر ونكير هكذا أو تقول ملكين قال منكر ونكير قلت يقولون ليس في حديث
منكر ونكير قال هو هكذا يعنى أنهما منكر ونكير
وأما أقوال أهل البدع والضلال فقال أبو الهذيل والمريسى من خرج عن سمة
الإيمان فإنه يعذب بين النفختين والمسألة في القبر إنما تقع في ذلك الوقت

وأثبت الجبائى وابنه البلخى عذاب القبر ولكنهم نفوه عن المؤمنين
وأثبتوه لأصحاب التخليد من الكفار والفساق على أصولهم
وقال كثير من المعتزلة لا يجوز تسمية ملائكة الله بمنكر ونكير وإنما
المنكر ما يبدو من تلجلجه إذا سئل والنكير تقريع الملكين له
وقال الصالحى وصالح فيه عذاب القبر يجرى على المؤمن من غير رد الأرواح إلى
الأجساد والميت يجوز أن يألم ويحس ويعلم بلا روح وهذ قول جماعة من
الكرامية
وقال بعض المعتزلة ان الله سبحانه يعذب الموتى في قبورهم ويحدث فيهم
الآلام وهم لا يشعرون فإذا حشروا وجدوا تلك الآلام وأحسوا بها قالوا وسبيل
المعذبين من الموتى كسبيل السكران والمغشى عليه لو ضربوا لم يجدوا الآلام
فاذا عاد عليهم العقل أحسوا بألم الضرب
وأنكر جماعة منهم عذاب القبر رأسا مثل ضرار بن عمرو ويحيى بن كامل وهو قول
المريسى فهذه أقوال أهل الخزية والضلال


فصل ومما ينبغى أن يعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزح فكل من


مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر فلو أكلته السباع أو
أحرق حتى صار رمادا ونسف في الهواء أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه
وبدنه من العذاب ما يصل إلى القبور
وفي صحيح البخارى عن سمرة بن جندب قال كان النبي إذا صلى صلاة أقبل علينا
بوجهه فقال من رأى منكم الليلة رؤيا قال فان رأى أحد رؤيا قصها فيقول ما
شاء الله فسألنا يوما فقال هل رأى أحد منكم رؤيا قلنا لا قال لكنى رأيت
الليلة رجلين اتيانى فأخذا بيدى وأخرجانى إلى الأرض المقدسة فإذا رجل جالس
ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه
الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله قلت ما هذا قالا انطلق
فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بصخرة أو
فهر فيشدخ بها رأسه فاذا ضربه تدهده الحجر فأنطلق اليه ليأخذه فلا يرجع
إلى هذا حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو فعاد إليه فضربه قلت ما هذا قالا
انطلق فانطلقنا إلى نقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار
فإذا فيه رجال ونساء عراة فيأتيهم اللهب من تحتهم فإذا اقترب ارتفعوا حتى

كادوا يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فقلت ما هذا قالا انطلق فأنطلقنا
حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة
فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده
حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فرجع كما كان فقلت ما هذا
قالا انطلق فانطلقنا حتى اتينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي اصلها
شيخ وصبيان واذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها فصعدا بى الشجرة
وأدخلانى دارا لم أرقط أحسن منها فيها شيوخ وشبان ثم صعدا بى فأدخلانى
دارا هي أحسن وأفضل قلت طوفتمانى الليلة فأخبرانى عما رأيت قالا نعم الذي
رأيته يشق شدقه كذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى
يوم القيامة والذى رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل
ولم يعمل به بالنهار يفعل به إلى يوم القيامة وأما الذي رأيت في النقب فهم
الزناة والذي رأيته في النهر فآكل الربا وأما الشيخ الذي في اصل الشجرة
فإبراهيم والصبيان حوله فأولاد الناس والذي يوقد النار فمالك خازن النار
والدار الأولى دار عامة المؤمنين وأما هذه الدار فدار الشهداء وأنا
جبرائيل وهذا ميكائيل فارجع رأسك فرفعت رأسى فإذا قصر مثل السحابة قالا
ذلك منزلك قلت دعانى أدخل منزلى قالا انه بقى لك عمر لم تستكمله فلو
اسكملته ! أتيت منزلك
وهذا نص في عذاب البرزخ فإن رؤيا الأنبياء وحى مطابق لما في نفس الأمر
وقد ذكر الطحاوى عن ابن مسعود عن النبي قال امر بعبد من عباد الله ان يضرب
في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل ويدعوه حتى صارت واحدة فامتلأ قبره عليه
نارا فلما ارتفع عنه أفاق فقال علام جلدتمونى قالوا إنك صليت صلاة بغير
طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره
وذكر البيهقى حديث الربيع بن أنس عن أبى العالية عن أبى هريرة عن النبي في
هذه الآية سبحان الذي أسرى بعبده ليلا إلا أنه أتى بفرس فحمل عليه قال كل
خطوة منتهى أقصى بصره فسار وسار معه جبريل فأتى على قوم يزرعون في يوم
ويحصدون في يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال يا جبرائيل من هؤلاء قال
هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة وما أنفقتم من
شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر كلما
رضخت عادت كما كانت لا يفتر عنهم شيء من ذلك قال يا جبريل من هؤلاء قال
هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة قال ثم أتى على قوم على اقبالهم رقاع
وعلى أدبارهم يسرحون كما تسرح الأنعام على الضريع والزقوم ورضف جهنم
وحجارتها قال ما هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم



وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد ثم أتى على قوم بين
أيديهم لحم من قدر نضيج ولحم آخر خبيث فجعلوا يأكلون من الخبيث ويدعون
النضيج الطيب فقال يا جبريل من هؤلاء قال هذا الرجل يقوم وعنده امرأة
حلالا طيبا فيأتى المرأة الخبيثة فتبيت معه حتى تصبح ثم أتى على خشبة على
الطريق لا يمر بها شيء إلا قصفته يقول الله تعالى ولا تقعدوا بكل صراط
توعدون ثم مر على رجل قد جمع حزمه عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها
قال يا جبريل ما هذا قال هذا رجل من أمتك عليه أمانه لا يستطيع أداءها وهو
يزيد عليها ثم أتى على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت
كما كانت لا يفتر عنهم شيء قال يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء خطباء الفتنه
ثم أتى على حجر ! صغير يخرج منه نور عظيم فجعل النور يريد ان يدخل من حيث
خرج ولا يستطيع قال ما هذا يا جبريل قال هذا الرجل يتكلم با لكلمه فيندم
عليها فيريد ان يردها فلا يستطيع وذكر الحديث
وذكر البيهقي أيضا في حديث الاسراء من رواية أبى سعيد الخدرى عن النبي
فصعدت أنا وجبريل فاستفتح جبريل فإذا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته
تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبه ونفس طيبه اجعلوها في
عليين ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة
اجعلوها في سجين ثم مضيت هنية ! فإذا أنا بأخونة عليها لحم مشرح ليس
بقربها أحد وإذا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح ونتن وعندها ناس يأكلون
منها قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء يتركون الحلال ويأتون الحرام قال ثم
مضيت هنيهة فاذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول
اللهم لا تقم الساعة قال وهم على سابلة آل فرعون قال فتجىء السابلة فتطأهم
فيصيحون قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يأكلون الربا لا يقومون
إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس قال ثم مضيت هنيهة فاذا أنا
بقوم مشافرهم كمشافر الإبل فتفتح أفواههم فيلقمون الجمر ثم يخرج من
أسافلهم فسمعتهم يصيحون قلت من هؤلاء قال الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما
ثم مضيت هنيهة فاذا أنا بنساء معلقات بثديهن فسمعتهن يصحن قلت من هؤلاء
قال هؤلاء الزوانى ثم مضيت هنيهة فاذا أنا بقوم يقطع من جنوبهم اللحم
فيلقمون فيقال كل كما كنت تأكل لحم أخيك قلت من هؤلاء قال الهمازون من
أمتك وذكر الحديث بطوله



وفي سنن أبى داوود من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله لما
عرج بى مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت يا جبريل
من هؤلاء قال الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم
وقال أبو داود الطيالسى في مسنده حدثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن
عباس أن رسول الله على قبرين فقال إنهما ليعذبان في غير كبير أما أحدهما
فكان يأكل لحوم الناس وأما الآخر فكان صاحب نميمة ثم دعا بجريدة فشقها
نصفين فوضع نصفها على هذا القبر ونصفها على هذا القبر وقال عسى أن يخفف
عنهما ما دامتا رطبتين
وقد اختلف الناس في هذين هل كانا كافرين أو مؤمنين كانا كافرين وقوله وما
يعذبان في كبير يعنى بالاضافة إلى الكفر والشرك قالوا ويدل عليه أن العذاب
لم يرتفع عنهما وإنما خفف وأيضا فإنه خفف مدة رطوبة الجريدة فقط وأيضا
فانهما لو كانا مؤمنين لشفع فيهما ودعا لهما النبي فرفع عنهما بشفاعته
وأيضا ففي بعض طرق الحديث أنهما كانا كافرين وهذا التعذيب زيادة على
تعذيبهما بكفرهما وخطاياهما وهو دليل على أن الكافر يعذب بكفره وذنوبه
جميعا وهذا اختيار أبى الحكم بن برخان
وقيل كانا مسلمين لنفيه بسبب غير السببين المذكورين ولقوله وما يعذبان في
كبير والكفر والشرك أكبر الكبائر على الإطلاق ولا يلزم أن يشفع النبي لكل
مسلم يعذب في قبره على جريمة من الجرائم فقد أخبر عن صاحب الشملة الذى قتل
في الجهاد أن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره وكان مسلما مجاهدا ولا يعلم
ثبوت هذه اللفظة وهى قوله كانا كافرين ولعلها لو صحت وكلا فهى من قول بعض
الرواة والله أعلم وهذا اختيار أبى عبد الله القرطبى


المسألة السابعة وهى قول للسائل ما جوابنا للملاحدة والزنادقة
المنكرين



لعذاب القبر وسعته وضيقه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة
وكون الميت لا يجلس ولا يقعد فيه
قالوا فانا نكشف القبر فلا نجد فيه ملائكة عميا صما يضربون الموتى بمطارق
من حديد ولا نجد هناك حيات ولا ثعابين ولا نيرانا تأجج ولو كشفنا حالة من
الأحوال لوجدناه لم يتغير ولو وضعنا على عينيه الزئبق وعلى صدره الخردل
لوجدناه على حاله وكيف يفسح

مد بصره أو يضيق عليه ونحن ونجده بحاله ونجد مساحته على حد ما
حفرناها لم يزد ولم ينقص وكيف يسع ذلك اللحد الضيق له وللملائكة وللصورة
التي تؤنسه أو توحشه قال إخوانهم من أهل البدع والضلال وكل حديث يخالف
مقتضى العقول والحس يقطع بتخطئة قائله قالوا ونحن نرى المصلوب على خشبة
مدة طويلة لا يسأل ولا يجيب ولا يتحرك ولا يتوقد جسمه نارا ومن افترسته
السباع ونهشته الطيور وتفرقت أجزاؤه وفي أجواف السباع وحواصل الطيور وبطون
الحيتان ومدارج الرياح كيف تسأل أجزاؤه مع تفرقها وكيف يتصور مسألة
الملكين لمن هذا وصفه وكيف يصير القبر على هذا روضة من رياض الجنة أو حفرة
من حفر النار وكيف يضيق عليه حتى تلتئمه أضلاعه ونحن نذكر أمورا يعلم بها
الجواب


فصل الأمر الأول أن يعلم أن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم
يخبروا



بما تحيله العقول وتقطع باستحالته بل اخبارهم قسمان
أحدهما ما تشهد به العقول والفطر
الثاني مالا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل
البرزخ واليوم الآخر وتفاصيل الثواب والعقاب ولا يكون خبرهم محالا في
العقول أصلا وكل خبر يظن أن العقل يحيله فلا يخلو من أحد أمرين أما يكون
الخبر كذبا عليهم أو يكون ذلك العقل فاسدا وهو شبهة خيالية يظن صاحبها
أنها معقول صريح قال تعالى ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك من ربك
هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد وقال تعالى أفمن يعلم أنما أنزل
اليك من ربك الحق كمن هو أعمى وقال تعالى الذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما
أنزل اليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه والنفوس لا تفرح بالمحال وقال تعالى
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة
للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا والمحال لا يشفي ولا يحصل
به هدى ولا رحمة ولا يفرح به فهذا أمر من لم يستقر في قلبه خير ولم يثبت
له على الإسلام قدم وكان أحسن أحواله الحيرة والشك
رضا السويسى
الادارة
الادارة
رضا السويسى
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد

كتاب الروح الجزء الثانى Empty رد: كتاب الروح الجزء الثانى {الخميس 9 يونيو - 15:34}

فصل الأمر الثانى أن يفهم عن الرسول مراد من غير غلو ولا


تقصير فلا يحمل كلامه مالا يحتمله ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى
والبيان

وقد حصل باهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب
وما لا يعلمه إلا الله بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة
نشأت في الإسلام بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع ولا سيما إن أضيف
إليه سوء القصد فيتفق سوء الفهم في بعض الأشياء من المتبوع مع حسن قصده
وسوء القصد من التابع فيا محنة الدين وأهله والله المستعان
وهل أوقع القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والجهمية والرافضة وسائر
الطوائف أهل البدع إلا سوء الفهم عن الله ورسوله حتى صار الدين بأيدى أكثر
الناس هو موجب هذه الإفهام والذى فهمه الصحابة ومن تبعهم عن الله ورسوله
فمهجور لا يلتفت اليه ولا يرفع هؤلاء به رأسا ولكثرة أمثلة هذه القاعدة
تركناها فانا لو ذكرناها لزادت على عشرة الوف حتى أنك لتمر على الكتاب من
أوله إلى آخره فلا تجد صاحبه فهم عن الله ورسوله ومراده كما ينبغى في موضع
واحد
وهذا إنما يعرفه من عرف ما عند الناس وعرضه على ما جاء به الرسول وأما من
عكس الأمر بعرض ما جاء به الرسول على ما اعتقده وانتحله وقلد فيه من أحسن
به الظن فليس يجدى الكلام معه شيئا فدعه وما اختاره لنفسه ووله ما تولى
واحمد الذى عافاك مما ابتلاه به فصل
الأمر الثالث أن الله سبحانه جعل الدور ثلاثا دار الدنيا ودار البرزخ ودار
القرار وجعل لكم دار أحكاما تختص بها وركب هذا الانسان من بدن ونفس وجعل
أحكام دار الدنيا على الأبدان والأرواح تبعا لها ولهذا جعل أحكامه الشرعية
مرتبة على ما يظهر من حركات اللسان والجوارح وان أضمرت النفوس خلافه وجعل
أحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعا لها فكما تبعت الأرواح الأبدان في
أحكام الدنيا فتألمت بألمها والتذت براحتها وكانت هى التي باشرت أسباب
النعيم والعذاب تبعت الأبدان الأرواح في نعيمها وعذابها والأرواح حينئذ هى
التي تباشر العذاب والنعيم فالأبدان هنا ظاهرة والأرواح خفية والأبدان
كالقبور لها والأرواح هناك ظاهرة والأبدان خفية في قبورها تجرى أحكام
البرزخ على الأرواح فتسرى إلى أبدانها نعيما أو عذابا كما تجرى أحكام
الدنيا على الأبدان فتسرى إلى أرواحها نعيما أو عذابا فأخط بهذا الموضع
علما واعرفه كما ينبغى يزيل عنك كل اشكال يورد عليك من داخل وخارج
وقد أرانا الله سبحانه بلطفه ورحمته وهدايته من ذلك أنموذجا في الدنيا من
حال النائم فإن ما ينعم به أو يعذب في نومه يجرى عل ى روحه أصلا والبدن
تبع له وقد يقوى حتى يؤثر



في البدن تاثيرا مشاهدا فيرى النائم في نومه أنه ضرب فيصبح وأثر
الضرب في جسمه ويرى أنه قد أكل أو شرب فيستيقظ وهو يجد أثر الطعام والشراب
في فيه ويذهب عنه الجوع والظمأ
وأعجب من ذلك أنك ترى النائم يقوم في نومه ويضرب ويبطش ويدافع كأنه يقظان
وهو نائم لا شعور له بشىء من ذلك وذلك أن الحكم لما جرى على الروح استعانت
بالبدن من خارجه ولو دخلت فيه لاستيقظ وأحس فإذا كانت الروح تتألم وتتنعم
ويصل ذلك إلى بدنها بطريق الاستتباع فهكذا في البرزخ بل أعظم فإن تجرد
الروح هنالك أكمل وأقوى وهى متعلقة ببدنها لم تنقطع عنه كل الانقطاع فإذا
كان يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم صار الحكم والنعيم والعذاب على
الأرواح والأجساد ظاهرا باديا أصلا
ومتى أعطيت هذا الموضع حقه تبين لك أن ما أخبر به الرسول من عذاب القبر
ونعيمه وضيقه وسعته وضمه وكونه حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة
مطابق للعقل وأنه حق لا مرية فيه وإن من أشكل عليه ذلك فمن سوء فهمه وقلة
علمه أتى كما قيل
وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم
وأعجب من ذلك أنك تجد النائمين في فراش واحد وهذا روحه في النعيم ويستيقظ
وأثر النعيم على بدنه وهذا روحه في العذاب ويستيقظ وأثر العذاب على بدنه
وليس عند أحدهما خبر عند الآخر فأمر البرزخ أعجب من ذلك


الفصل الأمر الرابع أن الله سبحانه جعل أمر الآخرة وما كان
متصلا بها



غيبا وحجها عن إدراك المكلفين في هذه الدار وذلك من كمال حكمته وليتميز
المؤمنون بالغيب من غيرهم فأول ذلك أن الملائكة تنزل على المحتضر وتجلس
قريبا منه ويشاهدهم عيانا ويتحدثون عنده ومعهم الأكفان والحنوط إما من
الجنة وإما من النار ويؤمنون على دعاء الحاضرين بالخير والشر وقد يسلمون
على المحتضر ويرد عليهم تاره بلفظه تارة باشارته وتاره بقلبه حيث لا يتمكن
من نطق ولا إشارة
وقد سمع بعض المحتضرين يقول أهلا وسهلا ومرحبا بهذه الوجوه
وأخبرني شيخنا عن بعض المحتضرين فلا ادرى أشاهده وأخبر عنه انه سمع وهو
يقول عليك السلام ها هنا فاجلس وعليك السلام ها هنا فاجلس

وقصة خير النساج رحمه الله مشهورة حيث قلا عند الموت اصبر عافاك
الله فإن ما أمرت به لا يفوت وما أمرت به يفوت ثم استدعى بماء فتوضأ وصلى
ثم قال امض لما أمرت به ومات
وذكر ابن أبى الدنيا أن عمر بن عبد العزيز لما كان في يومه الذي مات فيه
قال أجلسونى فأجلسوه فقال أنا الذى أمرتنى فقصرت ونهيتنى فعصيت ثلاث مرات
ولكن لا إله إلا الله ثم رفع رأسه فأحد النظر فقالوا انك لتنظر نظرا شديدا
يا أمير المؤمنين فقال إنى لأرى حضرة ما هم بانس ولا جن ثم قبض
وقال مسلمة بن عبد الملك لما احتضر عمر بن عبد العزيز كنا عنده في قبة
فأومى إلينا أن اخرجوا فخرجنا فقعدنا حول القبة وبقى عنده وصيف فسمعناه
يقرأ هذه الآية تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض
ولا فسادا والعاقبة للمتقين ما أنتم بانس ولا جان ثم خرج الوصيف فأومى
إلينا أن ادخلوا فدخلنا فإذا هو قد قبض
وقال فضالة بن دينار حضرت محمد بن واسع وقد سجى للموت فجعل يقول مرحبا
بملائكة ربى ولا حول ولا قوة إلا بالله وشممت رائحة طيب لم أشم قط أطيب
منها ثم شخص ببصره فمات
والآثار في ذلك أكثر من أن تحصر
وأبلغ وأكفى من ذلك كله قول الله عز و جل فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم
حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون أى أقرب إليه بملائكتنا
ورسلنا ولكنكم لا ترونهم فهذا أول الأمر وهو غير مرئى لنا ولا مشاهد وهو
في هذه الدار
ثم يمد الملك يده إلى الروح فيقبضها ويخاطبها والحاضرون لا يرونه ولا
يسمعونه ثم تخرج فيخرج لها نور مثل شعاع الشمس ورائحة أطيب من رائحة المسك
والحاضرون لا يرون ذلك ولا يشمونه
ثم تصعد بين سماطين من الملائكة والحاضرون لا يرونهم
ثم تأتى الروح فتشاهد غسل البدن وتكفينه وحمله وتقول قدمونى قدمونى أو إلى
أين تذهبون بى ولا يسمع الناس ذلك فإذا وضع في لحده وسوى عليه التراب لم
يحجب التراب الملائكة عن الوصول إليه بل لو نقر له حجر فأودع فيه وختم
عليه بالرصاص لم يمنع وصول الملائكة إليه فإن هذه الاجسام الكثيفة لا تمنع
خرق الأرواح لها بل الجن لا يمنعها ذلك بل قد جعل الله سبحانه الحجارة
والتراب للملائكة بمنزلة الهواء للطير واتساع القبر وانفساحه للروح



بالذات والبدن تبعا فيكون البدن في لحد أضيق من ذراع وقد فسح له
مد بصره تبعا لروحه وأما عصرة القبر حتى تختلف بعض أجزاء الموتى فلا يرده
حس ولا عقل ولا فطرة ولو قدر أن أحدا نبش عن ميت فوجد أضلاعه كما هى لم
تختلف لم يمنع أن تكون قد عادت إلى حالها بعد العصرة فليس مع الزنادقة
والملاحدة إلا مجرد تكذيب الرسول
ولقد أخبر بعض الصادقين أنه حفر ثلاثة أقبر فلما فرغ منها اضطجع ليستريح
فرأى فيما يرى النائم ملكين نزلا فوقفا على أحد الأقبر فقال أحدهما لصاحبه
اكتب فرسخا في فرسخ ثم وقف على الثانى فقال اكتب ميلا في ميل ثم وقف على
الثالث فقال اكتب فترا في فتر ثم انتبه فجىء برجل غريب لا يؤبه له فدفن في
القبر الأول ثم جىء برجل آخر فدفن في القبر الثانى ثم جىء بامرأة مترفة من
وجوه البلد حولها ناس كثير فدفنت في القبر الضيق الذى سمعه يقول فترا في
فتر والفتر ما بين الإبهام والسبابة


فصل الأمر الخامس أن النار التي في القبر والخضرة ليست من نار
الدنيا



ولا من زروع الدنيا فيشاهده من شاهد نار الدنيا وخضرها وإنما هى من نار
الآخرة وخضرها وهى أشد من نار الدنيا فلا يحس به أهل الدنيا فان الله
سبحانه يحمى عليه ذلك التراب والحجارة التي عليه وتحته حتى يكون أعظم حرا
من جمر الدنيا ولو مسها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك بل أعجب من هذا أن
الرجلين يدفنان أحدهما إلى جنت الآخر وهذا في حفرة من حفر النار لا يصل
حرها إلى جاره وذلك في روضة من رياض الجنة لا يصل روحها ونعيمها إلى جاره
وقدرة الرب تعالى اوسع وأعجب من ذلك وقد أرانا الله من آيات قدرته في هذه
الدار ما هو أعجب من ذلك بكثير ولكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به
علما إلا من وفقه الله وعصمه
فيفرش للكافر لوحان من نار فيشتعل عليه قبره بهما كما يشتعل التنور فاذا
شاء الله سبحانه أن يطلع على ذلك بعض عبيده اطلعه وغيبه عن غيره إذ لو طلع
العباد كلهم لزالت كلمة التكليف والإيمان بالغيب ولما تدافن الناس كما في
الصحيحين عنه لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما
أسمع
ولما كانت هذه الحكمة منفية في حق البهائم سمعت ذلك وادركته كما حادت
برسول الله بغلته وكادت تلقيه لما مر بمن يعذب في قبره
وحدثنى صاحبنا أبو عبد الله محمد بن الرزيز الحرانى أنه خرج من داره بعد
العصر بآمد إلى بستان قال فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور فاذا بقبر
منها وهو جمرة

نار مثل كوز الزجاج والميت في وسطه فجعلت أمسح عينى واقول انائم
أنا ام يقظان ثم التفت إلى سور المدينة وقلت والله ما انا بنائم ثم ذهبت
إلى أهلى وأنا مدهوش فأتونى بطعام فلم استطع أن آكل ثم دخلت البلد فسألت
عن صاحب القبر فإذا به مكاس قد توفي ذلك اليوم
فرؤية هذه النار في القبر كرؤية الملائكة والجن تقع احيانا لمن شاء الله
ان يريه ذلك
وقد ذكر ابن أبى الدنيا في كتاب القبور عن الشعبى أنه ذكر رجلا قال للنبي
مررت بدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فيضربه رجل بمقمعة حتى نعيب في الأرض
ثم يخرج فيفعل به ذلك فقال رسول الله ذلك أبو جهل بن هشام يعذب إلى يوم
القيامة
وذكر من حديث حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه
قال بينا أنا اسير بين مكة والمدينة على راحلة وأنا محقب اداوة اذ مررت
بمقبرة فإذا رجل خارج من قبره يلتهب نارا وفي عنقه سلسلة يجرها فقال يا
عبد الله انضح يا عبد الله انضح فوالله ما أدرى اعرفنى باسمى أم كما تدعو
الناس قال فخرج آخر فقال يا عبد الله لا تنضج يا عبد الله لا تنضج ثم
اجتذب السلسلة فاعاده في قبره
وقال ابن أبى الدنيا حدثنى أبى حدثنا موسى بن داود حدثنا حماد بن سلمة عن
هشام ابن عروة عن أبيه قال بينما راكب يسير بين مكة والمدينة غذ مر بمقبرة
فإذا برجل قد خرج من قبر يلتهب نارا مصفدا في الحديد فقال يا عبد الله
انضج يا عبد الله انضج قال وخرج آخر يتلوه فقال يا عبد الله لا تنضج يا
عبد الله لا تنضج قال وغشى على الراكب وعدلت به راحلته إلى العرج قال
وأصبح قد ابيض شعره فأخبر عثمان بذلك فنهى أن يسافر الرجل وحده
وذكر من حديث سفيان حدثنا داود بن شابور عن ابى قزعة قال مررنا في بعض
المياه التي بيننا وبين البصرة فسمعنا نهيق حمار فقلنا لهم ما هذا النهيق
قالوا هذا رجل كان عندنا كانت أمه تكلمه بالشيء فيقول لها إنهقى نهيقك
فلما مات سمع هذا النهيق من قبره كل ليلة
وذكر أيضا عن عمرو بن دينار قال كان رجل من أهل المدينة وكانت له أخت في
ناحية المدينة فاشتكت وكان يأتيها يعودها ثم ماتت فدفنها فلما رجع ذكر أنه
نسى شيئا في



القبر كان معه فاستعان برجل من أصحابه قال فنبشنا القبر ووجدت
ذلك المتاع فقال للرجل تنح حتى انظر على أى حال أختى فرفع بعض ما على
اللحد فإذا القبر مشتعل نارا فرده وسوى القبر فرجع إلى أمه فقال ما كان
حال أختى فقالت ما تسأل عنها وقد هلكت فقال لتخبرينى قالت كانت تؤخر
الصلاة ولا تصلى فيما أظن بوضوء وتأتى أبواب الجيران فتلقم أذنها أبوابهم
وتخرج حديثهم
وذكر عن حصين الأسدى قال سمعت مرثد بن حوشب قال كنت جالسا عند يوسف ابن
عمر وإلى جنبه رجل كأن شقة وجهه صفحة من حديد فقال له يوسف حدث مرثدا بما
رأيت فقال كنت شابا قد أتيت هذه الفواحش فلما وقع الطاعون قلت أخرج إلى
ثغر من هذه الثغور ثم رأيت ان احفر القبور فاذا بى ليلة بين المغرب
والعشاء قد حفرت وأنا متكىء على تراب قبر آخر إذ جىء بجنازة رجل حتى دفن
في ذلك وسووا عليه فأقبل طائران أبيضان من المغرب مثل البعيرين حتى سقط
أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ثم اثاراه ثم تدلى أحدهما في القبر
والآخر على شفيره فجئت حتى جلست على شفير القبر وكنت رجلا لا يملأ جوفي
شيء قال فسمعته يقول ألست الزائر اصهارك في ثوبين ممصرين تسحبهما كبرا
تمشى الخيلاء فقال أنا أضعف من ذلك قال فضربه ضربة امتلأ القبر حتى فاض
ماء ودهنا ثم عاد فأعاد إليه القول حتى ضربه ثلاث ضربات كل ذلك يقول ذلك
ويذكر أن القبر يفيض ماء ودهنا قال ثم رفع رأسه فنظر إلى فقال انظر أين هو
جالس بلسه الله قال ثم ضرب جانب وجهى فسقطت فمكثت لبلتى حتى أصبحت قال ثم
أخذت انظر إلى القبر فإذا هو على حاله
فهذا الماء والدهن في رأى العين لهذا الرائى هو نار تأجج للميت كما أخبر
النبي عن الدجال أنه يأتى معه بماء ونار فالنار ماء بارد والماء نار تأجج
وذكر ابن أبى الدنيا ان رجلا سأل أبا اسحاق الفزارى عن النباش هل له توبة
فقال نعم إن صحت نيته وعلم الله منه الصدق فقال له الرجل كنت أنبش القبور
وكنت أجد قوما وجوههم لغير القبلة فلم يكن عند الفزارى في ذلك شيء فكتب
إليه الأوزاعى يخبره بذلك فكتب إليه الأوزاعى تقبل توبته إذا صحت نيته
وعلم الله الصدق من قلبه وأما قوله انه كان يجد قوما وجوههم لغير القبلة
فأولئك قوم ماتوا على غير السنة
وقال ابن أبى الدنيا حدثنى عبد المؤمن بن عبد الله بن عيسى القيسى أنه قيل
لنباش قد تاب ما أعجب ما رأيت قال نبشت رجلا فإذا هو مسمر بالمسامير في
سائر جسده ومسمار كبير في رأسه وآخر في رجليه



قال وقيل لنباش آخر ما أعجب ما رأيت قال رأيت جمجمة انسان مصبوب
فيها رصاصا
قال وقيل لنباش آخر ما كان سبب توبتك قال عامة من كنت أنبش كنت أراه محول
الوجه عن القبلة
قلت وحدثنى صاحبنا أبو عبد الله محمد بن مساب السلامى وكان من خيار عباد
الله وكان يتحرى الصدق قال جاء رجل إلى سوق الحدادين ببغداد فباع مسامير
صغار المسمار برأسين فأخذها الحداد وجعل يحمى عليها فلا تلين معه حتى عجز
عن ضربها فطلب البائع فوجده فقال من أين لك هذه المسامير فقال لقيتها فلم
يزل به حتى أخبره انه وجد قبرا مفتوحا وفيه عظام ميت منظومة بهذه المسامير
قال فعالجتها على أن أخرجها فلم أقدر فأخذت حجرا فكسرت عظامه وجمعتها قال
وأنا رأيت تلك المسامير قلت له فكيف صفتها قال المسمار صغير برأسين
قال ابن أبى الدنيا وحدثنى ابى عن أبى الحريش عن أمه قالت لما حفر أبو
جعفر خندق الكوفة حول الناس موتاهم فرأينا شابا ممن حول عاضا على يده
وذكر عن سماك بن حرب قال مر أبو الدرداء بين القبور فقال ما أسكن ظواهرك
وفي داخلك الدواهى
وقال ثابت البنانى بينا أنا أمشى في المقابر وإذا صوت خلفي وهو يقول يا
ثابت لا يغرنك سكونها فكم من مغموم فيها فالتفت فلم أر أحدا
ومر الحسن على مقبره فقال يالهم من عسكر ما أسكنهم وكم فيهم من مكروب
وذكر ابن أبى الدنيا أن عمر بن عبد العزيز قال لمسلمة بن عبد الملك يا
مسلمة من دفن أباك قال مولاى فلان قال فمن دفن الوليد قال مولاى فلان قال
فأنا أحدثك ما حدثنى به أنه لما دفن أباك والوليد فوضعهما في قبورهما وذهب
ليحل العقد عنهما وجد وجوهما قد حولت في اقفيتهما فانظر يا مسملة إذا أنا
مت فالتمس وجهى فانظر هل نزل بى ما نزل بالقوم أو هل عوفيت من ذلك قال
مسلمة فلما مات عمر وضعته في قبره فلمست وجهه فإذا هو مكانه
وذكر ابن أبى الدنيا عن بعض السلف قال ماتت ابنة لى فأنزلتها القبر فذهبت
أصلح اللبنة فإذا هى قد حولت عن القبلة فاغتممت لذلك غما شديدا فرأيتها في
النوم فقالت يا أبت اغتممت لما رأيت فإن عامة من حولى محولين عن القبلة
قال كأنها تريد الذين ماتوا مصرين على الكبائر



وقال عمرو بن ميمون سمعت عمر بن عبد العزيز يقول كنت من دلى
الوليد بن عبد الملك في قبره فنظرت إلى ركبتيه قد جمعتا في عنقه فقال ابنه
عاش أبى ورب الكعبة فقلت عوجل أبوك ورب الكعبة فاتعظ بها عمر بعده
وقال عمر بن عبد العزيز ليزيد بن المهلب لما استعمله على العراق يا يزيد
اتق الله فانى حين وضعت الوليد في لحده فإذا هو يركض في أكفانه
وقال يزيد بن هارون أخبر هشام بن حسان عن واصل مولى أبى عيينة عن عمر بن
زهدم عن عبد الحميد بن محمود قال كنت جالسا عند ابن عباس فأتاه قوم فقالوا
إنا خرجنا حجاجا ومعنا صاحب لنا إذ أتينا فاذا الصفاح مات فهيأناه ثم
انطلقنا فحفرنا له ولحدنا له فلما فرغنا من لحده إذا نحن بأسود قد ملأ
اللحد فحفرنا له آخر فإذا به قد ملأ لحده فحفر ناله آخر فاذا به فقال ابن
عباس ذاك الغل الذى يغل به انطلقوا فادفنوه في بعضها فوالذى نفسى بيده لو
حفرتم الأرض كلها لوجدتموه فيه فانطلقنا فوضعناه في بعضها فلما رجعنا
أتينا أهله بمتاع له معنا فقلنا لامرأته ما كان يعمل زوجك قالت كان يبيع
الطعام فيأخذ منه كل يوم قوت أهله ثم يقرض الفضل مثله فيلقيه فيه
وقال ابن أبى الدنيا حدثنى محمد بن الحسين قال حدثنى أبو اسحاق صاحب الشاط
قال دعيت إلى ميت لأغسله فلما كشفت الثوب عن وجهه إذا بحية قد تطوقت على
حلقه فذكر من غلظها قال فخرجت فلم أغسله فذكروا أنه كان يسب الصحابة رضى
الله عنهم
وذكر ابن أبى الدنيا عن سعيد بن خالد بن يزيد الأنصارى عن رجل من أهل
البصرة كان يحفر القبور قال حفرت قبرا ذات يوم ووضعت رأسى قريبا منه
فأتتنى امرأتان في منامى فقالت احداهما يا عبد الله نشدتك بالله الا صرفت
عنا هذه المرأة ولم تجاورنا بها فاستيقظت فزعا فإذا بجنازة امرأة قد جىء
بها فقلت القبر ورائكم فصرفتهم عن ذلك القبر فلما كان بالليل إذا أنا
بالمرأتين في منامى تقول إحداهما جزاك الله عنا خيرا فلقد صرفت عنا شرا
طويلا قلت ما لصاحبتك لا تكلمنى كما تكلمينى أنت قالت إن هذه ماتت عن غير
وصية وحق لمن مات عن غير وصية ألا يتكلم إلى يوم القيامة
وهذه الأخبار وأضعافها وأضعاف اضعافها مما لا يتسع لها الكتاب مما أراه
الله سبحانه لبعض عباده من عذاب القبر ونعيمه عيانا
وأما رؤية المنام فلو ذكرناها لجاءت عدة أسفار ومن أراد الوقوف عليها
فعليه بكتاب المنامات لابن أبى الدنيا وكتاب البستان للقيروانى وغيرهما من
الكتب المتضمنة لذلك وليس عند الملاحدة والزنادقة إلا التكذيب بما لم
يحيطوا بعلمه
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى