رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
السيرة النبوية (10) الإسراء والمعراج
التأريخ: 9/4/1425هـ
الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الحمد لله الذي جعل الأقصى مجمع الأنبياء، وشرفه بزيارة سيدهم وخيرهم وإمامهم محمد بن عبدالله ص، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي صلى في الأقصى وصلى إلى الأقصى، وبعد:
فيا عباد الله
لقد عانى رسول الله غ ألواناً كثيرةً من المحن التي لاقاها من قريش، وكان آخرها مقاطعتهم له ولبني هاشم وأزداد موقفهم منه بعد موت عمه وزوجته ل، وفي أثناء ذلك يشتد الأمر على رسول الله ص فهو بشر، فجاءت منحة الإسراء والمعراج من بعد ذلك؛ تكريماًُ من الله تعالى له، وتجديداً لعزيمته وثباته، ومعجزة له على قومه،ثم جاءت دليلاً على أن هذا الذي يلاقيه غ من قومه ليس بسبب أن الله تعالى قد تخلى عنه، أو أنه تعالى قد غضب عليه، وإنما هي سُنَّة الله مع محبيه ومحبوبيه، وهي سنة الدعوة الإسلامية في كل زمن وعصر، إن أهم ما نفهمه من رحلة الإسراء والمعراج هو المعنى الموجود في الإسراء به غ إلى بيت المقدس قبل العروج به إلى السماء، مما يدل على مدى ما لهذا البيت من مكانة وقدسية عند الله تعالى، وفيه دلالة على ما ينبغي أن يوجد لدى المسلمين في كل عصر ووقت من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة، وحمايتها من مطامع الدخلاء وأعداء الدين، وكأن الحكمة الإلهية تهيب بمسلمي هذا العصر ألا يهنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود على هذه الأرض المقدسة، وأن يطهروها من رجسهم وأن يعيدوا فلسطين ـ كل فلسطين ـ لتكون أرضا للمؤمنين.
والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - وتربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعا. وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعا. فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان وتشمل آمادا وآفاقا أوسع من الزمان والمكان وتتضمن معاني أكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى. ()
ونبدأ قصة الإسراء فقد كانت بعد البعثة بعشر سنين كما ذكر المؤرخين أما اليوم الذي أسرى به فقد قيل فيه أقوالا كثيرة جدا نتركها لعدم أهميت تحديد الوقت، قال الله جل وعلا وةاصفا تلك الرحلة: ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)) [الإسراء:1]. فنحن الآن في ربوع مكة ـ شرفها الله ـ وقد أرخى الليل سدوله، وهدأت النفوس وسكن كل خليلٍ إلى خليله، وفي ليلة لم تمر على الدنيا ليلة مثلها تلك الساعات المباركات التي يأتي فيها جبريل ـ عليه السلام ـ إلى رسول الله وكان غ في بيته وقيل في بيت أم هانئ، فيوقظ جبريل صاحبه وحبيبه، أن قم يا محمد، يرى رسول الله أمامه دابة غريبة وهي البراق فركبها فنفرت، فنهرها جبريل قائلا: ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله يا براق ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه، فكان الإسراء بجسده الشريف وروحه الطاهرة، وقد أخطأ من زعم أنه أسرى بروحه فقط.، والبراق هي الدابة التي كانت تحمل عليها الانبياء قبله، تضع حافرها في موضع منتهي طرفها فحُمِلَ عليها،وبدأت تلك الرحلة المباركة فالدليل فيها جبريل والدابة البراق والقائد هو الله جل وعلا وتقدس من فوق سبع سموات والرحلة كانت لرسول الله ص، وأولَ ما قصدوا بيت المقدس فلما بلغه غ وجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ قد جمعوا له فصلى بهم. فكان مما شرفهم الله به الصلاة خلف رسوله الأعظم، ومما شرف الله بهذه الأمة أن جعل الأنبياء يصلون خلف رسولهم.
وهذا الإسراء إعلان بأحقية هذه الأمة المحمدية بالبيت الأقصى حيث ضيعه اليهود والنصارى فجاء خاتم المرسلين النبي الأمين ليعلن أن أمته ستستلم راية بيت المقدس.
الحمد لله الذي رفع عبده ورسوله مكانا عليا ما بلغه رسول ولا نبي ولا ملك، والصلاة والسلام على من رفعه عبده فأنزله أعلى المنازل وبعد:
فبعد هذه الرحلة التي سلّت رسول الله ص أراد الله جل وعلا أن يزيد في فضله وعظيم مكانته فأمر جبريل أن يعرج به إلى السماء فلما بلغا السماء الدنيا استفتح له جبريل، ففتح له ورأى فيها آدم عليه الصلاة والسلام فسلم عليه، فردّ عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته.
وهكذا كلما مرّ بسماء سلم على من وجد فيها من الأنبياء فيردون عليه ويرحبون ويقرون بنبوته.
فقد وجد في السماء الثانية يحيى وعيسى، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم صلى الله عليهم وسلم أجمعين.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم توقف جبريل ولم يقدر أن يتقدم قيد أنملة، وتقدم رسول الله ص إلى الجبار جل جلاله فبلغ ما لم يبلغه أحدٌ قبله ولا بعده، فكلمه ربه بلا ترجمان، قال الحافظ ابن كثير:: (فحصل له التكليم من الرب عز وجل ليلتئذ وأئمة السنة كالمطبقين على هذا) () ففرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرّ على موسى، فقال له: بم أمرت؟ قال: ((بخمسين صلاة، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجع، فوضع عنه، ثم رجع حتى أتى موسى، فقال له مثل ما قاله أولاً، فرجع، فوضع عنه، حتى بلغت خمس صلوات، فرجع إلى موسى فأشار عليه أن يسأل التخفيف، فقال صلى الله عليه وسلم: قد استحييت من ربي، ولكن أرضى وأسلّم)) فلما بَعُد، نادى منادٍ: قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي.
ثم أتى ص بثلاثة آنية من لبن وخمر وماء فشرب إناء اللبن فقال له جبريل: هديت وهديت أمتك.
قال الحافظ ابن كثير:: ثم عاد إلى مكة فأصبح بها وهو في غاية الثبات والسكينة والوقار وقد عاين في تلك الليلة من الآيات والامور التي لو رآها أو بعضها غيره لا صبح مندهشا أو طائش العقل ولكنه أصبح ساكنا يخشى إن بدأ فأخبر قومه بما رأى أن يبادروا إلى تكذيبه فتلطف بإخبارهم أولا بأنه جاء بيت المقدس في تلك الليلة وذلك أن أبا جهل لعنه الله رأى رسول الله في المسجد الحرام وهو جالس واجم فقال له هل من خبر فقال نعم فقال ما هو فقال اني اسري بي الليلة إلى بيت المقدس قال إلى بيت المقدس قال نعم قال أرأيت إن دعوت قومك لك لتخبرهم أتخبرهم بما أخبرتني به قال نعم فأراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك وأراد رسول الله جمعهم ليخبرهم ذلك ويبلغهم، فقال: أبو جهل هيا معشر قريش وقد اجتمعوا من أنديتهم فقال أخبر قومك بما أخبرتني به فقص عليهم رسول الله خبر ما رأى وأنه جاء بيت المقدس هذه الليلة وصلى فيه فمن بين مصفق وبين مصفر تكذيبا له واستبعادا لخبره وطار الخبر بمكة،وجاء الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه فأخبروه أن محمدا يقول كذا وكذا فقال إنكم تكذبون عليه فقالوا والله إنه ليقوله فقال إن كان قاله فلقد صدق، ثم جاء إلى رسول الله وحوله مشركي قريش فسأله عن ذلك فاخبره،وفي الصحيح أن المشركين سألوا رسول الله عن صفات البيت المقدس، قال غ: فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس علي بعض الشيء فجلى الله لي بيت المقدس حتى جعلت أنظر اليه دون دار عقيل وأنعته لهم فقالوا: أما الصفة فقد أصاب.
ومن حرص رسول الله على تصديق قومه قال لهم: وآية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فانفرهم حس الدابة فند لهم بعير فدللتهم عليه وأنا متوجه إلى الشام ثم أقبلت حتى إذا كنت بصحنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ثم غطيت عليه كما كان وآية ذلك أن عيرهم تصوب الآن من ثنية التنعيم البيضاء يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء قال فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل الذي وصف لهم وسألوهم عن الإناء وعن البعير فأخبروهم كما ذكر صلوات الله وسلامه عليه، ولكن الكفر المتمكن في النفوس أبى عليهم التصديق والإيمان.
السيرة النبوية (10) الإسراء والمعراج
التأريخ: 9/4/1425هـ
الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الحمد لله الذي جعل الأقصى مجمع الأنبياء، وشرفه بزيارة سيدهم وخيرهم وإمامهم محمد بن عبدالله ص، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي صلى في الأقصى وصلى إلى الأقصى، وبعد:
فيا عباد الله
لقد عانى رسول الله غ ألواناً كثيرةً من المحن التي لاقاها من قريش، وكان آخرها مقاطعتهم له ولبني هاشم وأزداد موقفهم منه بعد موت عمه وزوجته ل، وفي أثناء ذلك يشتد الأمر على رسول الله ص فهو بشر، فجاءت منحة الإسراء والمعراج من بعد ذلك؛ تكريماًُ من الله تعالى له، وتجديداً لعزيمته وثباته، ومعجزة له على قومه،ثم جاءت دليلاً على أن هذا الذي يلاقيه غ من قومه ليس بسبب أن الله تعالى قد تخلى عنه، أو أنه تعالى قد غضب عليه، وإنما هي سُنَّة الله مع محبيه ومحبوبيه، وهي سنة الدعوة الإسلامية في كل زمن وعصر، إن أهم ما نفهمه من رحلة الإسراء والمعراج هو المعنى الموجود في الإسراء به غ إلى بيت المقدس قبل العروج به إلى السماء، مما يدل على مدى ما لهذا البيت من مكانة وقدسية عند الله تعالى، وفيه دلالة على ما ينبغي أن يوجد لدى المسلمين في كل عصر ووقت من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة، وحمايتها من مطامع الدخلاء وأعداء الدين، وكأن الحكمة الإلهية تهيب بمسلمي هذا العصر ألا يهنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود على هذه الأرض المقدسة، وأن يطهروها من رجسهم وأن يعيدوا فلسطين ـ كل فلسطين ـ لتكون أرضا للمؤمنين.
والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - وتربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعا. وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعا. فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان وتشمل آمادا وآفاقا أوسع من الزمان والمكان وتتضمن معاني أكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى. ()
ونبدأ قصة الإسراء فقد كانت بعد البعثة بعشر سنين كما ذكر المؤرخين أما اليوم الذي أسرى به فقد قيل فيه أقوالا كثيرة جدا نتركها لعدم أهميت تحديد الوقت، قال الله جل وعلا وةاصفا تلك الرحلة: ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)) [الإسراء:1]. فنحن الآن في ربوع مكة ـ شرفها الله ـ وقد أرخى الليل سدوله، وهدأت النفوس وسكن كل خليلٍ إلى خليله، وفي ليلة لم تمر على الدنيا ليلة مثلها تلك الساعات المباركات التي يأتي فيها جبريل ـ عليه السلام ـ إلى رسول الله وكان غ في بيته وقيل في بيت أم هانئ، فيوقظ جبريل صاحبه وحبيبه، أن قم يا محمد، يرى رسول الله أمامه دابة غريبة وهي البراق فركبها فنفرت، فنهرها جبريل قائلا: ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله يا براق ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم على الله منه، فكان الإسراء بجسده الشريف وروحه الطاهرة، وقد أخطأ من زعم أنه أسرى بروحه فقط.، والبراق هي الدابة التي كانت تحمل عليها الانبياء قبله، تضع حافرها في موضع منتهي طرفها فحُمِلَ عليها،وبدأت تلك الرحلة المباركة فالدليل فيها جبريل والدابة البراق والقائد هو الله جل وعلا وتقدس من فوق سبع سموات والرحلة كانت لرسول الله ص، وأولَ ما قصدوا بيت المقدس فلما بلغه غ وجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ قد جمعوا له فصلى بهم. فكان مما شرفهم الله به الصلاة خلف رسوله الأعظم، ومما شرف الله بهذه الأمة أن جعل الأنبياء يصلون خلف رسولهم.
وهذا الإسراء إعلان بأحقية هذه الأمة المحمدية بالبيت الأقصى حيث ضيعه اليهود والنصارى فجاء خاتم المرسلين النبي الأمين ليعلن أن أمته ستستلم راية بيت المقدس.
الحمد لله الذي رفع عبده ورسوله مكانا عليا ما بلغه رسول ولا نبي ولا ملك، والصلاة والسلام على من رفعه عبده فأنزله أعلى المنازل وبعد:
فبعد هذه الرحلة التي سلّت رسول الله ص أراد الله جل وعلا أن يزيد في فضله وعظيم مكانته فأمر جبريل أن يعرج به إلى السماء فلما بلغا السماء الدنيا استفتح له جبريل، ففتح له ورأى فيها آدم عليه الصلاة والسلام فسلم عليه، فردّ عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته.
وهكذا كلما مرّ بسماء سلم على من وجد فيها من الأنبياء فيردون عليه ويرحبون ويقرون بنبوته.
فقد وجد في السماء الثانية يحيى وعيسى، وفي الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم صلى الله عليهم وسلم أجمعين.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم توقف جبريل ولم يقدر أن يتقدم قيد أنملة، وتقدم رسول الله ص إلى الجبار جل جلاله فبلغ ما لم يبلغه أحدٌ قبله ولا بعده، فكلمه ربه بلا ترجمان، قال الحافظ ابن كثير:: (فحصل له التكليم من الرب عز وجل ليلتئذ وأئمة السنة كالمطبقين على هذا) () ففرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرّ على موسى، فقال له: بم أمرت؟ قال: ((بخمسين صلاة، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجع، فوضع عنه، ثم رجع حتى أتى موسى، فقال له مثل ما قاله أولاً، فرجع، فوضع عنه، حتى بلغت خمس صلوات، فرجع إلى موسى فأشار عليه أن يسأل التخفيف، فقال صلى الله عليه وسلم: قد استحييت من ربي، ولكن أرضى وأسلّم)) فلما بَعُد، نادى منادٍ: قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي.
ثم أتى ص بثلاثة آنية من لبن وخمر وماء فشرب إناء اللبن فقال له جبريل: هديت وهديت أمتك.
قال الحافظ ابن كثير:: ثم عاد إلى مكة فأصبح بها وهو في غاية الثبات والسكينة والوقار وقد عاين في تلك الليلة من الآيات والامور التي لو رآها أو بعضها غيره لا صبح مندهشا أو طائش العقل ولكنه أصبح ساكنا يخشى إن بدأ فأخبر قومه بما رأى أن يبادروا إلى تكذيبه فتلطف بإخبارهم أولا بأنه جاء بيت المقدس في تلك الليلة وذلك أن أبا جهل لعنه الله رأى رسول الله في المسجد الحرام وهو جالس واجم فقال له هل من خبر فقال نعم فقال ما هو فقال اني اسري بي الليلة إلى بيت المقدس قال إلى بيت المقدس قال نعم قال أرأيت إن دعوت قومك لك لتخبرهم أتخبرهم بما أخبرتني به قال نعم فأراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك وأراد رسول الله جمعهم ليخبرهم ذلك ويبلغهم، فقال: أبو جهل هيا معشر قريش وقد اجتمعوا من أنديتهم فقال أخبر قومك بما أخبرتني به فقص عليهم رسول الله خبر ما رأى وأنه جاء بيت المقدس هذه الليلة وصلى فيه فمن بين مصفق وبين مصفر تكذيبا له واستبعادا لخبره وطار الخبر بمكة،وجاء الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه فأخبروه أن محمدا يقول كذا وكذا فقال إنكم تكذبون عليه فقالوا والله إنه ليقوله فقال إن كان قاله فلقد صدق، ثم جاء إلى رسول الله وحوله مشركي قريش فسأله عن ذلك فاخبره،وفي الصحيح أن المشركين سألوا رسول الله عن صفات البيت المقدس، قال غ: فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس علي بعض الشيء فجلى الله لي بيت المقدس حتى جعلت أنظر اليه دون دار عقيل وأنعته لهم فقالوا: أما الصفة فقد أصاب.
ومن حرص رسول الله على تصديق قومه قال لهم: وآية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فانفرهم حس الدابة فند لهم بعير فدللتهم عليه وأنا متوجه إلى الشام ثم أقبلت حتى إذا كنت بصحنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ثم غطيت عليه كما كان وآية ذلك أن عيرهم تصوب الآن من ثنية التنعيم البيضاء يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء قال فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل الذي وصف لهم وسألوهم عن الإناء وعن البعير فأخبروهم كما ذكر صلوات الله وسلامه عليه، ولكن الكفر المتمكن في النفوس أبى عليهم التصديق والإيمان.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى