صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ ثَنَا عَلِيُّ
بْنُ ثَابِتٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ
سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ فَرْوَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعَتْ أَبَا
هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : { الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلَّا ذِكْرُ
اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ } إسْنَادٌ جَيِّدٌ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدِيثُهُ حَسَنٌ قَوَّاهُ الْأَكْثَرُ قَالَ
التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ
وَرَأَى ابْنُ الشِّخِّيرِ ابْنَ أَخٍ لَهُ يَتَعَبَّدُ فَقَالَ : أَيْ
بُنَيَّ ، الْعِلْمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ وَقَالَ
مُهَنًّا : قُلْتُ لِأَحْمَدَ : حَدِّثْنَا مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ
قَالَ : طَلَبُ الْعِلْمِ قُلْتُ : لِمَنْ ، قَالَ : لِمَنْ صَحَّتْ
نِيَّتُهُ قُلْتُ : وَأَيُّ شَيْءٍ يُصَحِّحُ النِّيَّةَ قَالَ يَنْوِي
يَتَوَاضَعُ فِيهِ وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ
ثَوَّابٍ قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : مَا أَعْلَمُ النَّاسَ فِي
زَمَانٍ أَحْوَجُ مِنْهُمْ إلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ
قُلْتُ وَلِمَ ؟ قَالَ : ظَهَرَتْ بِدَعٌ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ
حَدِيثٌ وَقَعَ فِيهَا .
وَقَالَ بِشْرٌ الْحَافِي : لَا أَعْلَمُ
عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عَمَلًا أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ
وَالْحَدِيثِ لِمَنْ اتَّقَى اللَّهَ وَحَسُنَتْ نِيَّتُهُ وَقَالَ
سُفْيَانُ : مَا أَعْلَمُ شَيْئًا يُرَادُ اللَّهُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ
طَلَبِ الْعِلْمِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : طَلَبْنَا
هَذَا الْعِلْمَ وَمَا لَنَا فِيهِ كَبِيرُ نِيَّةٍ ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ
النِّيَّةَ بَعْدُ وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ
حَبِيبٌ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ
هَارُونَ : طَلَبنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّنَا
إلَّا إلَى اللَّهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إنَّ مَعْمَرًا قَالَ :
كَانَ يُقَالُ إنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ
فَيَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ .
وَرَوَى الْخَلَّالُ أَخْبَرَنِي
حَرْبٌ
ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ
: قَالُوا لِسُفْيَانَ إنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيث يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ
بِغَيْرِ نِيَّةٍ ، قَالَ طَلَبُهُمْ لَهُ نِيَّةٌ إسْنَادٌ صَحِيحٌ .
وَعَنْ سُفْيَانَ قَالَ : إنَّمَا فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى غَيْرِهِ
لِأَنَّهُ يَتَّقِي رَبَّهُ .
وَعَنْ
الْحَسَنِ قَالَ يُبْقِي اللَّهُ لِهَذَا الْعِلْمِ قَوْمًا يَطْلُبُونَهُ
وَلَا يَطْلُبُونَهُ خَشْيَةً وَلَيْسَتْ لَهُمْ نِيَّةٌ يَبْعَثُهُمْ
اللَّهُ تَعَالَى كَيْ لَا يَضِيعَ الْعِلْمُ فَيَبْقَى عَلَيْهِمْ
حُجَّةً .
وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ : مَا مِنْ شَيْءٍ أَفْضَلُ
مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلَّهِ وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ
مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ : ثَنَا
يُونُس وَشُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبِي طُوَالَةَ عَنْ سَعِيدِ
بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى
بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ
الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ } وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شُرَيْحٍ .
فُلَيْحٌ وَإِنْ
كَانَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ
وَأَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ ، وَفِي مَعْنَاهُ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا { مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا لِغَيْرِ اللَّهِ ،
أَوْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ
النَّارِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَعَنْ
جَابِرِ مَرْفُوعًا { لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ
الْعُلَمَاءَ وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلَا لِتُحَدِّثُوا
بِهِ فِي الْمَجَالِسِ ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارَ النَّارَ }
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبَيْهَقِيّ ، وَانْفَرَدَ بِهِ ابْنُ
مَاجَهْ عَنْ الْكُتُبِ السِّتَّةِ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ
جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ
.
وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ مُرْسَلًا .
وَيَحْيَى
بْنِ أَيُّوبَ هُوَ الْمَغَافِقِيُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ
فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُمْ ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ هَذَا الْخَبَرَ
مِنْ مَنَاكِيرِهِ .
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا { مَنْ
طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ
السُّفَهَاءَ وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ أَدْخَلَهُ
اللَّهُ النَّارَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا
مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ لَيْسَ
بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ .
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
مَرْفُوعًا حَدِيثُ { الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُؤْمَرُ بِهِمْ إلَى
النَّارِ وَهُمْ الْمُجَاهِدُ الْمُرَائِي لِيُقَالَ إنَّهُ جَرِيءٌ ،
وَالْمُنْفِقُ الْمُبَاهِي لِيُقَالَ إنَّهُ جَوَادٌ ، وَالرَّجُلُ
الَّذِي يَقُولُ تَعَلَّمْت الْعِلْمَ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ ، فَيَقُولُ
اللَّهُ كَذَبْتَ إنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانُ جَرِيءٌ وَفُلَان
قَارِئٌ وَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ يُسْحَبُ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى يُلْقَى فِي
النَّارِ .
} .
وَعَنْ زَيْدٍ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا كَانَ
يَقُولُ : { اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ،
وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَدَعْوَةٍ لَا
يُسْتَجَابُ لَهَا } وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ
حَمَّادٍ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ {
وَعَمَلٍ لَا يُرْفَعُ } بَدَلَ { نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ } وَكَانَ ابْنُ
مَسْعُودٍ يَقُولُ تَعَلَّمُوا فَمَنْ عَلِمَ فَلْيَعْمَلْ وَكَانَ
يَقُولُ إنِّي لَأَحْسَبُ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ
لِلْخَطِيئَةِ يَعْمَلُهَا .
وَعَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مَرْفُوعًا { لَا
تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ
أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ
بِهِ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟
وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ } ؟ إسْنَاده جَيِّدٌ ،
وَسَعِيدٌ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ
حِبَّانَ وَلَا وَجْهُ لِقَوْلِ أَبِي حَاتِمٍ مَجْهُولٌ .
وَرَوَى حَدِيثَهُ هَذَا التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى
الْبَيْهَقِيّ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ .
وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ وَفِي نُسْخَةٍ
سَلَّامٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مِقْسَمٍ وَهُوَ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ
عِنْدَهُمْ ، وَعَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { أَشَدُّ
النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ
بِعِلْمِهِ } وَأَمَّا مَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ :
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى لِلْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنِّي لَمْ أَجْعَلْ حُكْمِي
وَعِلْمِي فِيكُمْ إلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْفِرَ لَكُمْ عَلَى مَا
كَانَ مِنْكُمْ وَلَا أُبَالِي } فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ
وَتَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ ، وَلَوْ صَحَّ
فَالْمُرَادُ بِهِ الْعُلَمَاءُ الْأَخْيَارُ ، وَقَدْ قَالَ
الْبَيْهَقِيّ : وَلَا أَرَاهُ مَحْفُوظًا .
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ
وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رُوَاةِ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ
بِالِاتِّفَاقِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
هِنْدٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا { يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْعُلَمَاءِ : إنِّي أَضَعُ عِلْمِي
فِيكُمْ إلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ وَلَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ
لِأُعَذِّبَكُمْ ، انْطَلِقُوا فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ } وَقَالَ : {
يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَا تُحَقِّرُوا عَبْدًا آتَيْتُهُ
عِلْمًا فَإِنِّي لَمْ أُحَقِّرْهُ حِينَ عَلَّمْتُهُ } قَالَ ابْنُ
عَدِيٍّ : هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بَاطِلٌ ، وَذَكَرَهُ
فِي تَرْجَمَةِ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَإِنَّمَا
يُعْرَفُ بَعْضُ هَذَا عَنْ أَبِي
عَمْرٍو الصَّنْعَانِيِّ قَالَ :
{ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَزَلَتْ الْمَلَائِكَةُ الْعُلَمَاءَ
فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحِسَابِ قَالَ لَمْ أَجْعَلْ حُكْمِي فِيكُمْ
إلَّا خَيْرًا أُرِيدُهُ فِيكُمْ اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا فِيكُمْ } .
وَقَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الرَّجُلِ مَالٌ فَلَيْسَ
عَلَيْهِ وَاجِبًا أَنْ يَتَعَلَّمَ الزَّكَاةَ فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ
مِائَتَا دِرْهَمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ كَيْفَ يُخْرِجُ
وَأَيْنَ يَضَعُ ، وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ عَلَى هَذَا .
وَعَنْ
عَطَاءٍ قَالَ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ كَفَّرَ سَبْعِينَ
مَجْلِسًا مِنْ مَجَالِسِ الْبَاطِلِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ مَجَالِسِ
الْبَاطِلِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَجَالِسُ الذِّكْرِ كَيْفَ أُصَلِّي كَيْفَ
أُزَكِّي كَيْفَ أَحُجُّ كَيْفَ أَنْكِحُ كَيْفَ أُطَلِّقُ كَيْفَ أَبِيعُ
كَيْفَ أَشْتَرِي .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِي عَبْدِ
اللَّهِ : إنَّ قَوْمًا يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ وَلَا أَرَى أَثَرَهُ
عَلَيْهِمْ وَلَا يُرَى لَهُمْ وَقْرٌ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
يُؤَوِّلُونَ فِي الْحَدِيثِ إلَى خَيْرٍ وَقَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ
يَوْمًا وَمَعِي كِتَابٌ لَهُ فَرَمَيْت بِهِ مِنْ قَامَتِي
فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ تَرْمِي بِكَلَامِ الْأَبْرَارِ .
وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : زَيْنُ الْعِلْمِ حِلْمُ أَهْلِهِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ
هَذَا الْعِلْمَ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِمَنْ فِيهِ عَقْلٌ وَنُسُكٌ ،
فَالْيَوْمَ يَطْلُبُهُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا نُسُكَ فِيهِ وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ
بْنِ يَسَارٍ قَالَ : لَمْ نَرَ شَيْئًا إلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ حِلْمٍ
إلَى عِلْمٍ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد لِأَحْمَدَ كَتَبْتَ الْحَدِيثَ
بِنِيَّةٍ قَالَ : شَرْطُ النِّيَّةِ شَدِيدٌ وَلَكِنْ حُبِّبَ إلَيَّ
فَجَمَعْتُهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ رَجُلٍ مَلَكَ
خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ رَجُلٌ جَاهِلٌ أَيَحُجُّ بِهَا ، أَوْ
يَطْلُبُ الْعِلْمَ ، قَالَ : يَحُجُّ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرِيضَةٌ
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قِيلَ :
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ لَهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ تَرَى أَنْ
يَصْرِفَهُ فِي الْغَزْوِ وَالْجِهَادِ أَوْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ قَالَ :
إذَا كَانَ جَاهِلًا يَطْلُبُ الْعِلْمَ أَحَبَّ إلَيَّ وَقَالَ فِي
رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى
عَجِبْت لِمَنْ يَتَثَبَّطُ عَنْ
طَلَبِ الْعِلْمِ وَيَحْتَجُّونَ بِالْفُضَيْلِ وَلَعَلَّ الْفُضَيْلَ
قَدْ اكْتَفَى لَيْسَ يَتَثَبَّطُ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا جَاهِلٌ
وَقَالَ الرَّبِيعُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : طَلَبُ الْعِلْمِ
أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ .
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ
مُطَرِّفٌ بْنُ الشِّخِّيرِ : فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ
الْعِبَادَةِ وَخَيْرُ دِينِكُمْ الْوَرَعُ ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا
بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ مُطَرِّفٍ ذَكَرَهُ
الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَعْمَرٍ
عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ : حَظٌّ مَنْ عِلْمٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حَظِّ
عِبَادَةٍ ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : مُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ
سَاعَةً أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إحْيَاءِ لَيْلَةٍ ، وَرُوِيَ مَنْ طَرِيقٍ
أُخْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ
أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ ابْنَ
مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ لَئِنْ أَجْلِسَ مَجْلِسَ فِقْهٍ سَاعَةً أَحَبُّ
إلَيَّ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ وَقِيَامِ لَيْلَةٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ مَسْعُودٍ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ :
الْعِلْمُ ، فَكَرَّرَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ الْعِلْمَ
، ثُمَّ قَالَ وَيْحَكَ إنَّ مَعَ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ يَنْفَعُكَ
قَلِيلُ الْعِلْمِ وَكَثِيرُهُ ، وَمَعَ الْجَهْلِ بِاَللَّهِ لَا
يَنْفَعُكَ قَلِيلُ الْعِلْمِ وَلَا كَثِيرُهُ وَقَالَ أَبُو نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : مُذَاكَرَةُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ
الْقُرْآنِ .
.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ
الزُّهْرِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بِمِثْلِ الْفِقْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ
الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ فِي تَرْجَمَةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ : قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ حَدَّثَنِي عَمْرو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ
أَبَا عُبَيْدَةَ قَالَ : قَالَ أَبُو مُوسَى لَمَقْعَدٌ كُنْتُ
أَقْعُدُهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ فِي
نَفْسِي وَكَانَ يَحْيَى يَقُولُ فِيهِ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى فَلَمْ
يَقُلْهُ لَنَا
يَعْلَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَهَذَا إنَّمَا قَالَهُ لِمَا
يَحْصُلُ لَهُ مِنْ عِلْمِهِ وَهَدْيِهِ وَسَمْتِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ :
الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنْ الْعَمَلِ لِمَنْ جَهِلَ ، وَالْعَمَلُ أَفْضَلُ
مِنْ الْعِلْمِ لِمَنْ عَلِمَ وَقَالَ حَرْبٌ سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ :
النَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْعِلْمِ قَبْلَ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ
لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْإِنْسَانُ فِي كُلّ سَاعَةٍ
وَالْخُبْزُ وَالْمَاءُ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ .
وَقَالَ
ابْنُ هَانِئٍ قِيلَ لَهُ يَطْلُبُ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ بِقَدْرِ مَا
يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ ؟ قَالَ : الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ
شَيْءٌ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيُّ لَيْسَ قَوْمٌ عِنْدِي
خَيْرًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَيْسَ يَعْرِفُونَ إلَّا الْحَدِيثَ
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ : أَهْلُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ
مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ وَقَالَ أَبُو إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا قَالَ إنَّ
أَصْحَابَ الْحَدِيثِ قَوْمُ سُوءٍ ، فَقَالَ هَذَا زِنْدِيقٌ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ أَكْثِرُوا مِنْ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ سِلَاحٌ وَقَالَ ابْنُ
الْمُبَارَكِ إنِّي لَأَسْمَعُ الْحَدِيثَ مَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَ
بِهِ وَلَا أَعْمَلَ بِهِ وَلَكِنْ لِأُعِدَّهُ لِأَخٍ مِنْ إخْوَانِي
يَقَعُ فِي الشَّيْءِ فَأَجِدُ لَهُ مَخْرَجًا ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ إلَى
مَتَى يَكْتُبُ الرَّجُلُ قَالَ حَتَّى يَمُوتَ وَقَالَ نَحْنُ إلَى
السَّاعَةِ نَتَعَلَّمُ .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيدٍ
وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ { لَنْ يَشْبَعَ الْمُؤْمِنُ مِنْ خَبَرٍ
يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ } .
وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ تَفَقَّهُوا
قَبْلَ أَنْ تَسُودُوا .
وَذَكَرَهُ
الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي
كِتَابِ الْعُزْلَةِ : يُرِيدُ مَنْ لَمْ يَخْدِمْ الْعِلْمَ فِي صِغَرِهِ
يَسْتَحِي أَنْ يَخْدِمَهُ بَعْدَ كِبَرِ السِّنِّ وَإِدْرَاكِ
السُّؤْدُدِ قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحِمَهُ
اللَّهُ قَالَ
مَنْ تَرَأَّسَ فِي حَدَاثَتِهِ كَانَ أَدْنَى عُقُوبَتِهِ أَنْ
يَفُوتَهُ حَظٌّ كَثِيرٌ مِنْ الْعِلْمِ .
وَعَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ مَنْ طَلَب الرِّيَاسَةَ
بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَوَانِهِ لَمْ يَزَلْ فِي ذُلٍّ مَا بَقِيَ ، وَقِيلَ
لِلْمُبَرِّدِ لِمَ صَارَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَعْنِي ثَعْلَبَ أَحْفَظَ
مِنْكَ لِلْغَرِيبِ وَالشِّعْرِ ؟ قَالَ لِأَنِّي تَرَأَّسْتُ وَأَنَا
حَدَثٌ وَتَرَأَّسَ وَهُوَ شَيْخٌ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ قَوْلَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ
عَنْ ابْن عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ
قِيسٍ عَنْهُ قِيلَ مَعْنَاهُ قَبْلَ أَنْ تَزَوَّجُوا .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا تَرَأَّسْتَ فَلَا سَبِيلَ إلَى التَّفَقُّهِ .
وَرَوَى
الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ زُفَرَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَا
زُفَرُ لَا تُحَدِّثْ قَبْلَ وَقْتِكَ فَيُسْتَخَفَّ بِكَ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَضَعَ
التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ
قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ كَيْفَ تَعْرِفُ
الْعَالِمَ الصَّادِقَ قَالَ الَّذِي يَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَيُقْبِلُ
عَلَى آخِرَتِهِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : نَعَمْ هَكَذَا يُرِيدُ
أَنْ يَكُونَ .
وَقَالَ الْفُضَيْلُ : يُغْفَرُ لِسَبْعَيْنِ جَاهِلًا
قَبْل أَنْ يُغْفَرَ لِعَالِمٍ وَاحِدٍ وَقَالَ أَحْمَدُ ثَنَا سُفْيَانُ
بْنُ عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ قَالَ يُغْفَرُ لِجَاهِلٍ
سَبْعِينَ ذَنْبًا قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا : ثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ ثَنَا جَعْفَرُ
بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ يُعَافِي
الْأُمِّيِّينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا لَا يُعَافِي الْعُلَمَاءَ } .
وَذَكَرَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ هَذَا الْخَبَرَ فِي تَرْجَمَةِ
جَعْفَرٍ مِنْ الْمَنَاكِيرِ .
قَالَ : وَقِيلَ أَخْطَأَ مَنْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ جَعْفَرٍ .
وَسَيَّارٌ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ :
عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : مَحْمُولٌ إنْ صَحَّ عَلَى الْعَالِمِ
الْفَاجِرِ .
وَنَقَلَ
الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ : الْعَالِمُ يُقْتَدَى بِهِ ، لَيْسَ
الْعَالِمُ مِثْلَ الْجَاهِلِ وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ
الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ .
وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا إنَّهُ
قِيلَ لَهُ : لِمَنْ نَسْأَلُ بَعْدَكَ ؟ فَقَالَ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ
يَعْنِي الْوَرَّاقَ فَقِيلَ إنَّهُ ضَيِّقُ الْعِلْمِ فَقَالَ : رَجُلٌ
صَالِحٌ مِثْلُهُ يُوَفَّقُ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ .
وَقَالَ ابْنُ
عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ مِنْ عَادَاتِ النَّاسِ
إلَّا فِي الْحَرَامِ فَإِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَرَكَ الْكَعْبَةَ وَقَالَ { لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ
الْجَاهِلِيَّةَ } وَقَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنْ يُقَالَ عُمَرُ زَادَ فِي
الْقُرْآنِ لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ .
وَتَرَكَ أَحْمَدُ
الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ لِإِنْكَارِ النَّاسِ لَهَا ،
وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ
وَفَعَلَ ذَلِكَ إمَامُنَا أَحْمَدُ ثُمَّ تَرَكَهُ بِأَنْ قَالَ رَأَيْت
النَّاسَ لَا يَعْرِفُونَهُ ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ فِي
مُصَلَّى الْعِيدِ وَقَالَ : أَخَافُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ بَعْضُ مَنْ
يَرَاهُ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ
عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ رَأَى عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبًا
مَصْبُوغًا فَقَالَ مَا هَذَا ؟ قَالَ : إنَّهُ يَمْدُرُ ، فَقَالَ
إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمْ النَّاسُ ،
وَإِنَّ جَاهِلًا لَوْ رَأَى هَذَا لَقَالَ عَلَى طَلْحَةَ ثَوْبٌ
مَصْبُوغٌ فَلَا يَلْبَسُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ شَيْئًا
إنَّهُ مُحَرَّمٌ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كُنَّا نَمْزَحُ وَنَضْحَكُ
فَلَمَّا صِرْنَا يُقْتَدَى بِنَا خَشِيتُ أَنْ لَا يَسْعَنَا
التَّبَسُّمُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَوْ صَلَحَ الْقُرَّاءُ لَصَلَحَ
النَّاسُ وَقَالَ أَيْضًا يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْحَدِيثِ
مَكْفِيًّا لِأَنَّ الْآفَاتِ أَسْرَعُ إلَيْهِمْ وَأَلْسِنَةَ النَّاسِ
إلَيْهِمْ أَسْرَعُ وَإِذَا احْتَالَ ذُلَّ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد
السِّجِسْتَانِيُّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى لِبَاسٍ وَمَطْعَمٍ دُونٍ أَرَاحَ
جَسَدَهُ وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ
بْنِ وَهْبٍ رَأَيْتُ
بَيْنَ كَتِفَيْ عُمَرَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رُقْعَةً بَعْضُهَا مِنْ أَدَمٍ
وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ رَأَيْتُ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
قَدْ رَقَّعَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثَلَاثَ رِقَاعٍ لُبِّدَ بَعْضُهَا فَوْقَ
بَعْضٍ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ : لَوْ نَظَرْتَ إلَى ثِيَابِ
شُعْبَةَ لَمْ تَكُنْ تَسْوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ .
إزَارُهُ
وَرِدَاؤُهُ وَقَمِيصُهُ ، كَانَ شَيْخًا كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ
فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ عَلَيْهِ حَتَّى نَعْلَهُ دِرْهَمًا
وَأَرْبَعَةَ دَوَانِقَ .
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : يَنْبَغِي لِحَامِلِ
الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إذْ النَّاسُ نَائِمُونَ ،
وَنَهَارِهِ إذْ النَّاسُ مُفْطِرُونَ ، وَبُكَائِهِ إذْ النَّاسُ
يَضْحَكُونَ ، وَبِحُزْنِهِ إذْ النَّاسُ يَفْرَحُونَ وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ الْعَالِمُ طَبِيبُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَالْمَالُ الدَّاءُ
فَإِذَا كَانَ الطَّبِيبُ يَجُرُّ الدَّاءَ إلَى نَفْسِهِ كَيْفَ
يُعَالِجُ غَيْرَهُ ؟ وَعَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
أَنَّهُ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ ارْضَوْا بِدَنِيِّ
الدُّنْيَا مَعَ سَلَامَةِ الدِّينِ كَمَا رَضِيَ أَهْلُ الدُّنْيَا
بِدَنِيِّ الدِّينِ مَعَ سَلَامَةِ الدُّنْيَا .
وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ
عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى أَنَّ الْفِقْهَ لَيْسَ
بِسِعَةِ الْهَذَرِ وَكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ إنَّمَا الْفِقْهُ خَشْيَةُ
اللَّهِ وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : لَا يَكُونُ
الْعَالِمُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : لَا
يُحَقِّرُ مَنْ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ ، وَلَا يَحْسُدُ مَنْ فَوْقَهُ ،
وَلَا يَأْخُذُ دُنْيَا .
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ قَالَ :
الْفَقِيهُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ الْمُقِيمُ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَا يَسْخَرُ بِمَنْ أَسْفَلَ
مِنْهُ وَلَا يَهْزَأُ بِمَنْ فَوْقَهُ وَلَا يَأْخُذُ عَلَى عِلْمٍ
عَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حُطَامًا وَقَالَ أَيْضًا مَا رَأَيْتُ
فَقِيهًا قَطُّ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ
عَنْهُ كَانَ الرَّجُلُ
يَطْلُبُ الْعِلْمَ فَلَا يَلْبَثُ أَنْ يُرَى ذَلِكَ فِي تَخَشُّعِهِ
وَهَدْيِهِ وَلِسَانِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ
عَنْ مَالكِ بْنِ دِينَارٍ سَأَلْت الْحَسَنَ مَا عُقُوبَةُ الْعَالِمِ
قَالَ : مَوْتُ الْقَلْبِ قُلْتُ وَمَا مَوْتُ الْقَلْبِ قَالَ : طَلَبُ
الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : بَلَغَنِي
أَنَّهُ يُقَالُ وَيْلٌ لِلْمُتَفَقِّهِينَ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ ،
وَالْمُسْتَحَلِّينَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالشُّبُهَاتِ وَقَالَ مَالِكُ إنَّ
حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ
وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى
قَبْلَهُ وَقَالَ الرَّبِيعُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : أَخْشَى
أَنْ أَطْلُبَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ أَنْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : زِينَةُ الْعِلْمِ
الْوَرَعُ وَالْحِلْمُ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَجْمُلُ الْعِلْمُ وَلَا
يَحْسُنُ إلَّا بِثَلَاثِ خِلَالٍ : تَقْوَى اللَّهِ ، وَإِصَابَةِ
السُّنَّةِ ، وَالْخَشْيَةِ .
وَقَالَ أَيْضًا لَيْسَ الْعِلْمُ مَا
حُفِظَ ، الْعِلْمُ مَا نَفَعَ وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ لِأَيُّوبَ إذَا
حَدَثَ لَك عِلْمٌ فَأَحْدِثْ فِيهِ عِبَادَةً وَلَا يَكُنْ هَمُّكَ أَنْ
تُحَدِّثَ بِهِ النَّاسَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ
وَكِيعًا يَقُول : قَالَتْ أُمُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ : اذْهَبْ
فَاطْلُبْ الْعِلْمَ حَتَّى أَعُولَكَ أَنَا بِمِغْزَلِي ، فَإِذَا
كَتَبْتَ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ فَانْظُرْ هَلْ فِي نَفْسِكَ زِيَادَةٌ
فَابْتَغِهِ وَإِلَّا فَلَا تَتَعَنَّى .
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ بَلَغَنِي أَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيمَا
مَضَى كَانُوا إذَا تَعَلَّمُوا عَمِلُوا .
وَإِذَا عَمِلُوا ، شُغِلُوا ، وَإِذَا شُغِلُوا فُقِدُوا ، وَإِذَا
فُقِدُوا طُلِبُوا .
وَإِذَا
طُلِبُوا هَرَبُوا وَقَالَ عُمَرُ : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا
لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ يُعْلِمُكُمْ
وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ وَلَا تَكُونُوا مِنْ جَبَّارِي
الْعُلَمَاءِ فَلَا يَقُومُ عَمَلُكُمْ مَعَ جَهْلِكُمْ .
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
وَقَالَتْ عَائِشَةُ : تَغْفُلُونَ عَنْ أَعْظَمِ
الْعِبَادَةِ .
التَّوَاضُعِ
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : اتَّقُوا الْفَاجِرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ ،
وَالْجَاهِلَ مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ ، فَإِنَّهُ آفَةُ كُلِّ مَفْتُونٍ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْعَالِمِ
الْفَاجِرِ ، وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ
لِكُلِّ مَفْتُونٍ .
ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيُّ .
وَقَالَ
الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْعَالِمَ الْمُتَوَاضِعَ وَيُبْغِضُ الْعَالِمَ الْجَبَّارَ .
وَيَأْتِي الْخَبَرُ فِي فُصُولِ كَسْبِ الْمَالِ فِي الْأَئِمَّةِ
الْمُضِلِّينَ .
وَعَنْ
كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا { إنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ
بَعْدِي زَلَّةَ الْعَالِمِ ، وَمِنْ حُكْمٍ جَائِرٍ ، وَهُوًى مُتَّبَعٍ
} .
وَفِي لَفْظٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ { اتَّقُوا زَلَّةَ الْعَالِمِ
وَانْتَظِرُوا فَيْئَتَهُ } كَثِيرٌ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ ، وَهَذَا
مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَتِهِ ، وَقَدْ صَحَّحَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَنْ
زَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا
إنَّ { أَشَدَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثٌ : زَلَّةُ عَالِمٍ
، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ ، وَدُنْيَا تَقْطَعُ أَعْنَاقَكُمْ ،
فَاتَّهِمُوهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ } يَزِيدُ ضَعِيفٌ وَلَمْ يُتْرَكْ
وَقَالَ دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُفْسِدُ
النَّاسَ ثَلَاثَةٌ : أَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ
بِالْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ حَقٌّ ، وَزَلَّةُ الْعَالِمِ .
وَقَدْ
قَالَ مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : إنِّي لَآمُرُكُمْ بِالْأَمْرِ وَمَا أَفْعَلُهُ وَلَكِنْ
لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَأْجُرَنِي فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ مَحْمُولٌ
عَلَى الْمُسْتَحَبَّاتِ أَوْ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّوَاضُعِ
وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا الصَّعْقُ بْنُ حَزَنٍ عَنْ
عَقِيلٍ الْجَعْدِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَدْرِي أَيُّ
النَّاسِ
أَعْلَمُ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّ
أَعْلَمَ النَّاسِ أَعْلَمُهُمْ بِالْحَقِّ إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ
وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ يَزْحَفُ عَلَى
اسْتِهِ } .
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي عَقِيلٍ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ
يَرْوِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : غَيْرُ مَعْرُوفٍ قَالَ وَيُمْكِنُ إجْرَاءُ الْخَبَرِ
عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ تَرْكُهُ الْعَمَلَ زَلَّةً مِنْهُ تَنْتَظِرُ
فَيْئَتَهُ .
وَلَمَّا حَجَّ سَالِمٌ الْخَوَّاصُ لَقِيَ ابْنَ
عُيَيْنَةَ فِي السُّوقِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ فِي السُّوقِ
فَأَنْشَدَ ابْنُ عُيَيْنَةَ : خُذْ بِعِلْمِي وَإِنْ قَصَّرْتُ فِي
عَمَلِي يَنْفَعْكَ عِلْمِي وَلَا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي وَأَمَّا قَوْلُ
بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ : خُذْ مِنْ عُلُومِي وَلَا تَنْظُرْ إلَى
عَمَلِي وَاقْصِدْ بِذَلِكَ وَجْهَ الْوَاحِدِ الْبَارِي وَإِنْ مَرَرْتَ
بِأَشْجَارٍ لَهَا ثَمَرٌ فَاجْنِ الثِّمَارَ وَخَلِّ الْعُودَ لِلنَّارِ
فَالْمُرَادُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِأَخْذِ الْعِلْمِ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ
مُقَصِّرٌ فِي الْعَمَلِ وَإِلَّا كَانَ مَرْدُودًا عَلَى قَائِلِهِ .
وَقَالَ
فِي الرِّعَايَةِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ لَزِمَهُ تَعَلُّمُ
شَيْءٍ وَقِيلَ أَوْ كَانَ فِي حَقِّهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ أَوْ
نَفْلًا وَلَا يَحْصُلُ لَهُ فِي بَلَدِهِ فَلَهُ السَّفَرُ فِي طَلَبِهِ
بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ وَبَقِيَّةِ أَقَارِبِهِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَكَلَامُ
أَحْمَدَ السَّابِقُ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ يَدُلُّ
لِهَذَا الْقَوْلِ ، وَغَيْرُهَا عَنْ أَحْمَدَ يُخَالِفُهَا قَالَ
الْقَاضِي وَمِمَّا يَجِبُ إنْكَارُهُ تَرْكُ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ
لِمَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ وَتَعَلُّمُهُ نَحْوُ مَا يَتَعَلَّقُ
بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِمَعْرِفَةِ الصَّلَوَاتِ وَجُمْلَةِ
الشَّرَائِعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ وَيَلْزَمُ النِّسَاءَ
الْخُرُوجُ لِتَعَلُّمِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فِي الصِّبْيَانِ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا
لِعَشْرٍ } فَأَوْلَى أَنْ يُضْرَبَ الْمُكَلَّفُ عَلَى تَعَلُّمِ
ذَلِكَ .
وَوَاجِبٌ
عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَعَاهَدَ الْمُعَلِّمَ وَالْمُتَعَلِّمَ
كَذَلِكَ وَيَرْزُقُهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ
قِوَامًا لِلدِّينِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا
نَشَأَ الْوَلَدُ عَلَى مَذْهَبٍ فَاسِدٍ فَيَتَعَذَّرُ زَوَالُهُ مِنْ
قَلْبِهِ .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ
مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ
نَارًا } قَالَ : عَلِّمُوهُمْ الْخَيْرَ .
وَقَدْ رَوَى الْخَلَّالُ
فِي أَخْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ إلَى
الْكُوفَةِ فَكُنْتُ فِي بَيْتٍ تَحْتَ رَأْسِي لَبِنَةٌ فَحُمِمْتُ
فَرَجَعْتُ إلَى أُمِّي وَلَمْ أَكُنْ اسْتَأْذَنْتُهَا .
وَقَالَ
الْفُضَيْلُ : الْعُلَمَاءُ رَبِيعُ النَّاسِ إذَا رَآهُمْ الْمَرِيضُ لَا
يَشْتَهِي أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا ، وَإِذَا رَآهُمْ الْفَقِيرُ لَا
يَشْتَهِي أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا ، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ شِرَارُ
كُلِّ ذِي دِينٍ عُلَمَاؤُهُمْ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ .
وَرَوَى
الْخَلَّالُ أَنْبَأْنَا مُحَمَّدٌ ثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ
عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ : قَالَ : عَبْدُ اللَّهِ : كَفَى بِخَشْيَةِ
اللَّهِ عِلْمًا ، وَبِالِاغْتِرَارِ بِاَللَّهِ جَهْلًا .
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا حَتَّى
يَكُونَ بِهِ عَامِلًا .
وَقَالَتْ
: عَائِشَةُ { مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَنْسِبُ أَحَدًا إلَّا إلَى الدِّينِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَوْ أَنَّ
أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوا الْعِلْمَ وَوَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِهِ
لَسَادُوا أَهْلَ زَمَانِهِمْ ، وَلَكِنَّهُمْ وَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِ
الدُّنْيَا لِيَنَالُوا مِنْ دُنْيَاهُمْ فَهَانُوا عَلَيْهِمْ رَوَاهُ
الْخَلَّالُ .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا
مِنْ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْبَصْرِيِّ عَنْ نَهْشَلٍ
وَهُوَ كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ عِنْدَهُمْ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ الْأَسْوَدِ
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوا
الْعِلْمَ وَوَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِهِ لَسَادُوا أَهْلَ زَمَانِهِمْ
وَلَكِنَّهُمْ
أَتَوْا بِهِ أَهْلَ الدُّنْيَا فَاسْتَخَفُّوا بِهِمْ .
سَمِعْتُ
نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { : مَنْ جَعَلَ
هُمُومَهُ هَمًّا وَاحِدًا كَفَاهُ اللَّهُ سَائِرَ هُمُومِهِ .
وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ وَأَحْوَالُ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ
اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ } .
وَفِي
حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلِي ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ فِي
كِتَابِ السُّلْطَانُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَوْ
أَنَّ حَمَلَةَ الْعِلْمِ حَمَلُوهُ بِحَقِّهِ لَأَحَبَّهُمْ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتُهُ وَأَهْلُ طَاعَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ .
وَلَكِنْ حَمَلُوهُ لِطَلَبِ الدُّنْيَا فَمَقَتَهُمْ اللَّهُ وَهَانُوا
عَلَى النَّاسِ .
وَقَالَ
مَالِكٌ وَجَّهَ إلَيَّ الرَّشِيدُ أَنْ أُحَدِّثَهُ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ إنَّ الْعِلْمَ يُؤْتَى وَلَا يَأْتِي .
فَصَارَ إلَى
مَنْزِلِي فَاسْتَنَدَ مَعِي عَلَى الْجِدَارِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ إنَّ مِنْ إجْلَالِ اللَّهِ إجْلَالَ ذِي الشَّيْبَةِ
الْمُسْلِمِ ، فَقَامَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيَّ قَالَ فَقَالَ بَعْدَ
مُدَّةٍ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَوَاضَعْنَا لِعِلْمِكِ
فَانْتَفَعْنَا بِهِ ، وَتَوَاضَعَ لَنَا عِلْمُ سُفْيَانَ بْنِ
عُيَيْنَةَ فَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ .
وَرُوِيَ نَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ مَعَ طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ،
وَرُوِيَ أَنَّ طَاهِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ بِبَغْدَادَ فَطَمِعَ
أَنْ يَسْمَعَ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَطَمِعَ أَنْ يَأْتِيَهُ فِي
مَنْزِلِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ أَبُو عُبَيْدٍ فَقَدِمَ عَلِيُّ بْنُ
الْمَدِينِيُّ وَعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ فَأَرَادَا أَنْ يَسْمَعَا
غَرِيبَ الْحَدِيثِ فَكَانَ يَحْمِل كُلَّ يَوْمٍ كِتَابَهُ
وَيَأْتِيهِمَا فِي مَنْزِلِهِمَا فَيُحَدِّثَهُمَا فِيهِ .
وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ
حَاجًّا جَاءَهُ مَالِكُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ
ابْنَهُ مُوسَى الْهَادِي وَهَارُونَ الرَّشِيدَ أَنْ يَسْمَعَا مِنْهُ
فَطَلَبَاهُ إلَيْهِمَا فَامْتَنَعَ فَعَاتَبَهُ الْمَهْدِيُّ فِي ذَلِكَ
فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ
لِلْعِلْمِ نَضَارَةً يُؤْتَى أَهْلُهُ .
وَفِي
رِوَايَةٍ : الْعِلْمُ أَهْلٌ أَنْ يُوَقَّرَ وَيُؤْتَى أَهْلُهُ ،
فَأَمَرَهُمَا وَالِدُهُمَا بِالْمَصِيرِ إلَيْهِ ، فَسَأَلَهُ
مُؤَدِّبُهُمَا أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ : إنَّ أَهْلَ هَذِهِ
الْبَلْدَةِ يَقْرَءُونَ عَلَى الْعَالِمِ كَمَا يَقْرَأُ الصِّبْيَانُ
عَلَى الْمُعَلِّمِ ، فَإِذَا أَخْطَئُوا أَفْتَاهُمْ ، فَرَجَعُوا إلَى
الْخَلِيفَةِ فَعَاتَبَهُ الْمَهْدِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ سَمِعْنَا هَذَا الْعِلْمَ
مِنْ رِجَالٍ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَعِيدُ
بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَعُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ
وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَابْنُ
هُرْمُزَ ، وَمِنْ بَعْدِهِمْ أَبُو الزِّنَادِ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى
بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ شِهَابٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ يُقْرَأُ عَلَيْهِمْ وَلَا
يَقْرَءُونَ ، فَقَالَ الْمَهْدِيُّ : فِي هَؤُلَاءِ قُدْوَةٌ ، صِيرُوا
إلَيْهِ فَاقْرَءُوا عَلَيْهِ ، فَفَعَلُوا .
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ
عُيَيْنَةَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ طَلَبُوهُ لِمَا عِنْدَ اللَّهِ
لَهَابَهُمْ النَّاسُ وَلَكِنْ طَلَبُوا بِهِ الدُّنْيَا فَهَانُوا عَلَى
النَّاسِ وَقَالَ سُفْيَانُ : مَا زَالَ الْعِلْمُ عَزِيزًا حَتَّى حُمِلَ
إلَى أَبْوَابِ الْمُلُوكِ وَأَخَذُوا عَلَيْهِ أَجْرًا فَنَزَعَ اللَّهُ
الْحَلَاوَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَمَنَعَهُمْ الْعَمَلَ بِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَصُونَ الْعِلْمَ وَلَا
يَبْذُلُهُ وَلَا يَحْمِلُهُ إلَى النَّاسِ خُصُوصًا إلَى الْأُمَرَاءِ ،
وَرُوِيَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ : يَقُولُونَ لِي فِيكَ
انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا رَأَوْا رَجُلًا عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمْ هَانَ عِنْدَهُمْ وَمَنْ لَزِمَتْهُ
عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إنْ كَانَ
كُلَّمَا بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِي سُلَّمَا وَمَا كُلُّ بَرْقٍ لَاحَ
لِي يَسْتَفِزُّنِي وَلَا
كُلُّ مَنْ فِي الْأَرْضِ أَرْضَاهُ
مُنْعِمَا إذَا قِيلَ هَذَا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى وَلَكِنَّ نَفْسَ
الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ
مُهْجَتِي لِأَخْدِمَ مَنْ لَاقَيْتُ لَكِنْ لِأُخْدَمَا أَأَشْقَى بِهِ
غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً إذًا فَاتِّبَاعُ الْجَهْلِ قَدْ كَانَ
أَحْزَمَا وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ وَلَوْ
عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا وَلَكِنْ أَذَلُّوهُ فَهَانَ
وَدَنَّسُوا مُحَيَّاهُ بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا وَأَرْسَلَ
مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ إلَى حَمَّادِ بْنِ
سَلَمَةَ يَطْلُبُ مِنْهُ الْحُضُورَ إلَيْهِ لِأَجْلِ مَسْأَلَةٍ
وَقَعَتْ لَهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ حَمَّادُ إنَّا أَدْرَكْنَا
الْعُلَمَاءَ وَهُمْ لَا يَأْتُونَ أَحَدًا ، فَإِنْ وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ
فَأْتِنَا فَاسْأَلْنَا عَمَّا بَدَا لَكَ .
وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ
وَفِيهَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ جَاءَ فَجَلَسَ بَيْنَ
يَدَيْهِ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : مَالِي إذَا نَظَرْتُ إلَيْكَ
امْتَلَأْتُ رُعْبًا ؟ فَقَالَ حَمَّادُ : سَمِعْتُ ثَابِتًا
الْبُنَانِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : { إنَّ
الْعَالِمَ إذَا أَرَادَ بِعِلْمِهِ وَجْهَ اللَّهِ هَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ
، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُكْثِرَ بِهِ الْكُنُوزَ هَابَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
} وَالْقِصَّةُ طَوِيلَةٌ وَفِيهَا أَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ
أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِيُقَسِّمَهَا
وَيُفَرِّقَهَا .
وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ : إذَا شِئْتَ أَنْ
تَسْتَقْرِضَ الْمَالَ مُنْفِقًا عَلَى شَهَوَاتِ النَّفْسِ فِي زَمَنِ
الْعُسْرِ فَسَلْ نَفْسَكَ الْإِنْفَاقَ مِنْ كَنْزِ صَبْرِهَا عَلَيْكَ
وَإِرْفَاقًا إلَى زَمَنِ الْيُسْرِ فَإِنْ فَعَلَتْ كُنْتَ الْغَنِيَّ
وَإِنْ أَبَتْ فَكُلُّ مَنُوعٍ بَعْدَهَا وَاسِعُ الْعُذْرِ وَقَالَ أَبُو
الْحَارِثِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَتَرَى الرَّجُلَ أَنْ يَرْحَلَ
لِطَلَبِ الْعِلْمِ قَالَ نَعَمْ قَدْ رَحَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ .
وَرَوَى عَنْهُ الْخَلَّالُ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
أَنَّهُ
سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يُقِيمُ بِبَلْدَةٍ وَيَنْزِلُ فِي الْحَدِيثِ
دَرَجَةً قَالَ لَيْسَ طَلَبُ الْعِلْمِ هَكَذَا لَوْ طَلَبَ الْعِلْمَ
هَكَذَا مَاتَ آثِمًا ، يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ الْأَكَابِرِ .
وَعَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ إنْ كُنْتُ لَأُسَافِرُ مَسِيرَةَ
اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَقَالَ أَبُو
قِلَابَةَ لَقَدْ أَقَمْتُ بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَا لِي
حَاجَةٌ إلَّا رَجُلٌ يَقْدَمُ عِنْدَهُ حَدِيثٌ فَأَسْمَعُهُ .
وَعَنْ
الشَّعْبِيِّ قَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَافَرَ مِنْ أَقْصَى الشَّامِ
إلَى أَقْصَى الْيَمَنِ فَسَمِعَ كَلِمَةً تَنْفَعُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ
مِنْ أَمْرِهِ مَا رَأَيْتُ سَفْرَهُ ضَاعَ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ
النَّبِيِّ { ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ ، عَبْدٌ
مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ
فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا }
ثُمَّ قَالَ الشَّعْبِيُّ : خُذْهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَدْ كَانَ
الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِي مِثْلِهَا إلَى الْمَدِينَةِ يَعْنِي مِنْ
الْكُوفَةِ .
وَأَشَارَ الْبُخَارِيُّ إلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ
وَإِنَّ جَابِرًا رَحَلَ إلَيْهِ شَهْرًا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ .
وَهَذَا
الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَعِيرًا وَسَارَ شَهْرًا إلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ ، وَالْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ :
أَنَا اللَّهُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ } .
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
وَقَدْ رَحَلَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ
قَدِيمًا وَحَدِيثًا تَقَبَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ .
وَعَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : { دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ فَتَاهَتْ
فَآتَاهُ
نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ : اقْبَلُوا الْبُشْرَى
يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا : بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا ، مَرَّتَيْنِ ،
فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ
الْيَمَنِ فَقَالَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إذْ لَمْ
يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ قَالُوا : قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
قَالُوا جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلكَ عَنْ أَوَّلِ
هَذَا الْأَمْرِ قَالَ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ
وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ يَا
عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ ، فَانْطَلَقْتُ
أَطْلُبُهَا فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا وَأَيْمُ اللَّهِ
لَوَدِدْتُ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ .
} قَالَ ابْنُ
هُبَيْرَةَ : فِيهِ الرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ، وَجَوَازُ
السُّؤَالِ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَعْلَمُهُ ، وَجَوَازُ الْعُدُولِ عَنْ
سَمَاعِ الْعِلْمِ إلَى مَا يُخَافُ فَوَاتُهُ ؛ لِأَنَّ عِمْرَانَ قَامَ
عَنْ الْمَجْلِسِ لِأَجْلِ نَاقَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ،
وَجَوَازُ إيثَارُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ لِقَوْلِ عِمْرَانَ وَدِدْتُ
أَنَّهَا ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ .
وَقَالَ مُهَنَّا سَأَلْتُ أَحْمَدَ
عَنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيُّ قَالَ { قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ
عُدُولَهُ ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْجَاهِلِينَ وَإِبْطَالَ
الْبَطَّالِينَ ، وَتَأْوِيلَ الْغَالِينَ } فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ هُوَ
كَلَامٌ مَوْضُوعٌ ؟ قَالَ لَا ، هُوَ صَحِيحٌ ، فَقُلْتُ لَهُ سَمِعْتَهُ
أَنْتَ ؟ قَالَ : مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، قُلْت مَنْ ؟ قَالَ حَدَّثَنِي
بِهِ مِسْكِينٌ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ عَنْ مُعَاذٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ .
ثُمَّ رَوَاهُ الْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ
عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
الْبَغَوِيِّ ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيُّ ثَنَا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا مُعَاذُ
بْنُ رِفَاعَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَذَكَرَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَتَابَعَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ
عَنْ مُعَاذٍ .
وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الثِّقَةِ مِنْ أَشْيَاخِهِمْ عَنْ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ
أُخَرَ ضَعِيفَةٍ ، قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَاعْتَنَى ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَاوَلَ تَصْحِيحَهُ وَاحْتَجَّ بِهِ فِي
أَنَّ كُلَّ مَنْ حَمَلَ الْعِلْمَ فَهُوَ عَدْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمُعَاذُ
بْنُ رِفَاعَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ
وَأَبُو دَاوُد لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَنُعَيْمٌ
ثِقَةٌ وَقَالَ النَّسَوِيُّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ
مَعِينٍ .
وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ : لَيْسَ بِحُجَّةٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : عَامَّةُ مَا يَرْوِيهِ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْن حِبَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ .
وَنَقَلَ
الْمَرْوَزِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ :
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا تَطَوُّعًا فَأَفْطَرَ لِطَلَبِ
الْعِلْم ؟ فَقَالَ إذَا احْتَاجَ إلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ أَحَبُّ
إلَيَّ .
فَقِيلَ لَهُ لِأَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ أَفْضَلُ ؟ فَسَكَتَ .
وَقَالَ
الْمَرْوَزِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَصِفُ كَيْفَ يُؤْخَذُ
الْعِلْمُ قَالَ : نَنْظُرُ مَا كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ أَصْحَابِهِ ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ التَّابِعِينَ وَقَالَ أَبُو دَاوُد سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ إذَا جَاءَ الشَّيْءُ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ
التَّابِعِينَ لَا يُوجَدُ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُلْزَمُ الرَّجُلَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ .
قَالَ لَا ، وَلَكِنْ لَا يَكَادُ يَجِيءُ شَيْءٌ عَنْ التَّابِعِينَ
إلَّا وَيُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ .
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ
أَحْمَدَ
: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ وَقَدْ أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ
بِأَيْدِيهِمْ الْمَحَابِرُ ، فَأَوْمَأَ إلَيْهَا ، وَقَالَ : هَذِهِ
سُرُجُ الْإِسْلَامِ ، يَعْنِي الْمَحَابِرَ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ : لَوْلَا الْمَحَابِرُ ،
لَخَطَبَتْ الزَّنَادِقَةُ عَلَى الْمَنَابِرِ .
وَرَوَى
بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : رَآنِي الشَّافِعِيُّ وَأَنَا فِي مَجْلِسٍ
وَعَلَى قَمِيصِي حِبْرٌ وَأَنَا أُخْفِيهِ ، فَقَالَ : لِمَا تُخْفِيهِ
وَتَسْتُرهُ ؟ فَإِنَّ الْحِبْرَ عَلَى الثَّوْبِ مِنْ الْمُرُوءَةِ ؛
لِأَنَّ صُورَتَهُ فِي الْأَبْصَارِ سَوَادٌ وَفِي الْبَصَائِرِ بَيَاضٌ .
قَالَ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَيَنْبَغِي تَجْوِيدُ الْخَطِّ وَتَحْقِيقُهُ دُونَ
الْمَشْقِ وَالتَّعْلِيقِ ، وَيُكْرَهُ تَضْيِيقُ السُّطُورِ ،
وَتَدْقِيقُ الْقَلَمِ فَإِنَّ النَّظَرَ إلَى الْخَطِّ الدَّقِيقِ
يُؤْذِي قَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ رَآنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَأَنَا أَكْتُبُ خَطًّا دَقِيقًا فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ أَحْوَجُ مَا
تَكُونُ إلَيْهِ يَخُونُك قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَدْ كَانَ
بَعْضُهُمْ يُضَيِّقُ السُّطُورَ لِعَدَمِ الْكَاغِدِ .
وَقَدْ رَأَيْتُ فِي وِجْهَةٍ مِنْ خَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
الصُّورِيِّ أَحَدًا وَثَمَانِينَ سَطْرًا .
وَقَالَ
الْبَغَوِيّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَا أَطْلُبُ الْعِلْمَ إلَى أَنْ أَدْخُلَ
الْقَبْرَ وَقَالَ صَالِحٌ رَأَى رَجُلٌ مَعَ أَبِي مِحْبَرَةً فَقَالَ
لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ هَذَا الْمَبْلَغَ
وَأَنْتَ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ مَعِي الْمِحْبَرَةُ إلَى
الْمَقْبَرَةِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : إظْهَارُ الْمِحْبَرَةِ مِنْ
الرِّيَاءِ .
وَذَكَرَ لَهُ الصِّدْقَ وَالْإِخْلَاصَ فَقَالَ بِهَذَا ارْتَفَعَ
الْقَوْمُ .
وَرَوَى
ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ
كَانَ يَوْمَ غَنِيمَةٍ .
وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ دَارَسَهُ وَتَعَلَّمَ مِنْهُ ،
وَإِذَا لَقِيَ مَنْ دُونَهُ تَوَاضَعَ لَهُ وَعَلَّمَهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ فِي بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ وَقَالَ الْأَحْنَفُ :
مُذَاكَرَةُ الرِّجَالِ تَلْقِيحٌ لِعُقُولِهَا .
وَيَأْتِي بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا .
فَصْلٌ ( مَوْعِظَةُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ بِالشِّعْرِ ) .
قَالَ
أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ :
خَرَجْتُ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مُسْبِلٍ
مِنْدِيلَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَنَاوَلَنِي رُقْعَةً ، فَلَمَّا أَضَاءَ
الصُّبْحُ قَرَأْتُهَا فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ عِشْ مُوسِرًا إنْ شِئْتَ
أَوْ مُعْسِرًا لَا بُدَّ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْغَمِّ وَكُلَّمَا
زَادَكَ مِنْ نِعْمَةٍ زَادَ الَّذِي زَادَكَ فِي الْهَمِّ إنِّي رَأَيْتُ
النَّاسَ فِي عَصْرِنَا لَا يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ لِلْعِلْمِ إلَّا
مُبَاهَاةً لِأَصْحَابِهِمْ وَعُدَّةً لِلْخَصْمِ وَالظُّلْمِ قَالَ
فَظَنَنْتُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ نَاوَلَنِي
فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لَهُ الرُّقْعَةُ الَّتِي نَاوَلْتنِي ، فَقَالَ :
مَا رَأَيْتُكَ مَا نَاوَلْتُكَ رُقْعَةً ، فَعَلِمْتُ أَنَّهَا عِظَةٌ
لِي وَقَالَ الْحَافِظُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الْأَخْضَرِ فِيمَنْ رَوَى
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ قَاضِي تِكْرِيتَ قَالَ : كَتَبَ رَجُلٌ
مِنْ إخْوَانِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَيْهِ
أَيَّامَ الْمِحْنَةِ : هَذِي الْخُطُوبُ سَتَنْتَهِي يَا أَحْمَدُ
فَإِذَا جَزِعْتَ مِنْ الْخُطُوبِ فَمَنْ لَهَا الصَّبْرُ يَقْطَعُ مَا
تَرَى فَاصْبِرْ لَهَا فَعَسَى بِهَا أَنْ تَنْجَلِي وَلَعَلَّهَا
فَأَجَابَهُ أَحْمَدُ : صَبَّرْتَنِي وَوَعَظَتْنِي فَأَنَا لَهَا
فَسَتَنْجَلِي بَلْ لَا أَقُولُ لَعَلَّهَا وَيَحُلُّهَا مَنْ كَانَ
يَمْلِكُ عَقْدَهَا ثِقَةً بِهِ إذْ كَانَ يَمْلِكُ حَلَّهَا .
فَصْلٌ
الْعِلْمُ مَوَاهِبُ مِنْ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ يُنَالُ
بِالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ لَا بِالْحَسَبِ وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إنَّمَا الْعِلْمُ مَوَاهِبُ
يُؤْتِيهِ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ وَلَيْسَ يَنَالُهُ أَحَدٌ
بِالْحَسَبِ وَلَوْ كَانَ بِالْحَسَبِ كَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ أَهْلَ
بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَا
أَحْمَدُ حَدِّثْنَا بِحِكَايَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ أُسْتَاذِكَ أَبِي
سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ ، فَقَالَ أَحْمَدُ : سُبْحَانَ اللَّهِ بِلَا
عَجَبٍ ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سُبْحَانَ اللَّهِ وَطُولُهَا
بِلَا عَجَبٍ ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْن أَبِي الْحَوَارِيِّ سَمِعْتُ أَبَا
سُلَيْمَانَ يَقُولُ : إذَا عَقَدَتْ النُّفُوسُ عَلَى تَرْكِ الْآثَامِ ،
جَالَتْ فِي الْمَلَكُوتِ وَعَادَتْ إلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ بِطَرَائِفِ
الْحِكْمَةِ مِنْ غَيْر أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهَا عَالِمٌ عِلْمًا فَقَامَ
أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ ثَلَاثًا وَقَعَدَ ثَلَاثًا وَقَالَ سَمِعْتُ فِي
الْإِسْلَامِ بِحِكَايَةٍ أَعْجَبَ مِنْ هَذِهِ إلَيَّ .
ثُمَّ ذَكَرَ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ
الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَرَّثَهُ اللَّهُ
تَعَالَى عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ صَدَقْت يَا أَحْمَدُ وَصَدَقَ
شَيْخُكَ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَقِبَ ذَلِكَ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ عَنْ عِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَهِمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ
ذَكَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ
هَذَا الْإِسْنَادَ عَلَيْهِ لِسُهُولَتِهِ وَقُرْبِهِ ، وَهَذَا
الْحَدِيثُ لَا يُحْتَمَلُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَخْضَرَ فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ فِي
تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ .
فَصْلٌ ( الْحَذَرُ مِنْ الْقَوْلِ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّنِّ ) .
نَقَلَ
الْمَيْمُونِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ فَقَالَ : سَلُوا أَصْحَابَ الْغَرِيبِ فَإِنِّي
أَخَافُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّنِّ فَأُخْطِئَ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ
الطَّيَالِسِيُّ سَمِعْتُ شُعْبَةَ قَالَ : سَأَلْتُ الْأَصْمَعِيَّ عَنْ
حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّهُ لَيُغَانُ
عَلَى قَلْبِي } مَا مَعْنَى يُغَانُ قَالَ : فَقَالَ لِي هَذَا
الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
فَقُلْتُ : نَعَمْ .
فَقَالَ لَوْ كَانَ عَنْ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَسَّرْتُ ذَلِكَ وَلَكِنْ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ .
وَعَنْ
الْأَصْمَعِيِّ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
كَانُوا يَتَّقُونَ حَدِيثَ النَّبِيِّ كَمَا يَتَّقُونَ تَفْسِيرَ
الْقُرْآنِ وَكَانَ أَحْمَدُ يَجِيءُ إلَى أَبِي عُبَيْدٍ يَسْأَلُهُ فِي
الْغَرِيبِ ، رَوَى ذَلِكَ الْخَلَّالُ وَقَالَ أَبُو دَاوُد قُلْتُ
لِأَحْمَدَ كِتَابَةُ كِتَابِ الْغَرِيبِ الَّذِي وَضَعَهُ الْقَاسِمُ
بْنُ سَلَّامٍ قَالَ : قَدْ كَثُرَتْ جِدًّا يُشْغَلُ الْإِنْسَانُ عَنْ
مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ لَوْ كَانَ تَرَكَهُ عَلَى مَا كَانَ أَوَّلًا .
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
فَصْلٌ ( فِي قَوْلِ الْعَالِمِ لَا أَدْرِي وَاتِّقَاءِ
التَّهَجُّمِ عَلَى الْفَتْوَى ) .
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إذَا تَرَكَ الْعَالِمُ لَا
أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ
وَقَالَ مَالِكٌ كَانَ يُقَالُ إذَا أَغْفَلَ الْعَالِمُ لَا أَدْرِي
أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ وَقَالَ أَيْضًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَسَيِّدَ
الْعَالَمِينَ يُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فَلَا يُجِيبُ حَتَّى يَأْتِيَهُ
الْوَحْيُ مِنْ السَّمَاءِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ لَا أَدْرِي نِصْفَ
الْعِلْمِ .
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ كَانَ
مَالِكٌ يُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فَيُقَدِّمُ وَيُؤَخِّرُ يَثْهَتُ
وَهَؤُلَاءِ يَقِيسُونَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَقُولُونَ قَالَ مَالِكٌ .
وَبِإِسْنَادٍ
حَسَنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مِنْ
عِلْمِ الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ " اللَّهُ أَعْلَمُ "
لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِرَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا
مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ } .
وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ : الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ كِتَابٌ نَاطِقٌ ، وَسُنَّةٌ
مَاضِيَةٌ ، وَلَا أَدْرِي وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ
لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ فِيهِ وَذَكَرَ
أَحَادِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ
يُسْأَلُ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ جِبْرِيلَ } وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : كَانَ سُفْيَانُ لَا يَكَادُ
يُفْتِي فِي الطَّلَاقِ وَيَقُولُ مَنْ يُحْسِنُ ذَا ؟ مَنْ يُحْسِنُ ذَا
؟ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ وَدِدْتُ أَنَّهُ لَا
يَسْأَلُنِي أَحَدٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، أَوْ مَا شَيْءٌ أَشَدُّ عَلَيَّ
مِنْ أَنْ أُسْأَلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ .
الْبَلَاءِ يُخْرِجُهُ
الرَّجُلُ عَنْ عُنُقِهِ وَيُقَلِّدُكَ ، وَخَاصَّةً مَسَائِلَ الطَّلَاقِ
وَالْفُرُوجِ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ
سَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَقُلْتُ كَيْفَ هُوَ عِنْدَكَ ؟ فَقَالَ
وَمَا عِنْدِي أَنَا ؟ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إنَّمَا هُوَ
يَعْنِي الْعِلْمَ مَا جَاءَ مِنْ فَوْقٍ .
وَقَالَ
سُفْيَانُ لَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُسْتَفْتَى فَيُفْتِي وَهُوَ يَرْعُدُ
وَقَالَ سُفْيَانُ مِنْ فِتْنَةِ الرَّجُلِ إذَا كَانَ فَقِيهًا أَنْ
يَكُونَ الْكَلَامُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ السُّكُوتِ وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إنَّ الْعَالِمَ يَظُنُّونَهُ
عِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ فَقَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ : إنَّ الَّذِي يُفْتِي النَّاسَ فِي كُلِّ مَا
يَسْتَفْتُونَهُ لَمَجْنُونٌ وَأَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَنْ
يَتَهَجَّمُ فِي الْمَسَائِلِ وَالْجَوَابَاتِ وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ
اللَّهِ يَقُولُ : لِيَتَّقِ اللَّهَ عَبْدٌ وَلِيَنْظُرْ مَا يَقُولُ
وَمَا يَتَكَلَّمُ ، فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ وَقَالَ مَنْ أَفْتَى النَّاسَ
لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَيُشَدِّدَ
عَلَيْهِمْ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ : إنَّمَا يَنْبَغِي
أَنْ يُؤْمَرَ النَّاسُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ
وَلَيْتَ النَّاسَ إذَا أُمِرُوا بِالشَّيْءِ الصَّحِيحِ أَنْ لَا
يُجَاوِزُوهُ وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ عَنْهُ أَنَّهُ
سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ سَلْ غَيْرِي لَيْسَ لِي
أَنْ أُفْتِيَ فِي الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ
مَنْصُورٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ مَا يُسْتَفْتَى .
وَصَحَّ
عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : ذُلٌّ وَإِهَانَةٌ لِلْعِلْمِ أَنْ تُجِيبَ
كُلَّ مَنْ سَأَلَك وَقَالَ أَيْضًا كُلُّ مَنْ أَخْبَرَ النَّاسَ بِكُلِّ
مَا يَسْمَعُ فَهُوَ مَجْنُونٌ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ
بْنِ عَلِيٍّ الْأَبَّارِ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ حَلَفْتُ بِيَمِينٍ لَا
أَرَى أَيْشٍ هِيَ ؟ قَالَ لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْتُ أَنَا وَقَالَ فِي
رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ إذَا هَابَ الرَّجُلُ شَيْئًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ
يَحْمِلَ عَلَى أَنْ يَقُولَ .
وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ قَالَ
عُمَرُ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا رَأَيْتُمْ الْقَارِئَ يَغْشَى
السُّلْطَانَ فَهُوَ لِصٌّ .
وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ يُخَالِطُ الْأَغْنِيَاءَ فَهُوَ مُرَاءٍ .
وَقَالَ
الْمَيْمُونِيُّ
: جَلَسْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَكُنَّا
نَتَحَدَّثُ وَكُنْتُ أُسَائِلُهُ وَيُجِيبُنِي قَالَ الْخَلَّالُ :
وَكُنْتُ أَمْضِي مَعَ الْمَرُّوذِيِّ إلَى الْمَقَابِرِ وَيُصَلِّي عَلَى
الْجَنَائِزِ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ وَنَحْنُ قُعُودٌ بَيْنَ الْقُبُورِ
إلَى أَنْ يُفْرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ
الْمَرُّوذِيِّ إنَّ الَّذِي يُفْتِي النَّاسَ يَتَقَلَّدُ أَمْرًا
عَظِيمًا ، أَوْ قَالَ يُقْدِمُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ ، يَنْبَغِي لِمَنْ
أَفْتَى أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِقَوْلِ مَنْ تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَلَا
يُفْتِي وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ
لَيْسَ لَهُ فِيهِ إمَامٌ أَخَافُ عَلَيْهِ الْخَطَأَ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ لَا نَزَالُ نَتَعَلَّمُ مَا وَجَدْنَا مَنْ يُعَلِّمُنَا
وَقَالَ أَحْمَدُ نَحْنُ إلَى السَّاعَةِ نَتَعَلَّمُ .
وَسَأَلَهُ
إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ { أَجْرَؤُكُمْ
عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ } مَا مَعْنَاهُ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُفْتِي بِمَا لَمْ يَسْمَعْ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ
بْنُ أَبِي حَرْبٍ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسُئِلَ عَنْ
الرَّجُلِ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ
: يَمْرُقُ مِنْ دِينِهِ .
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّ رَجُلًا
تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :
هَذَا مِنْ حُبِّهِ الدُّنْيَا يُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي لَا
يُحْسِنُ فَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى الْجَوَابِ ، وَنَحْوُ هَذَا عَنْ
حَمَّادٍ وَقَالَ كُنْتُ أُسَائِلُ إبْرَاهِيمَ عَنْ الشَّيْءِ فَيَعْرِفُ
فِي وَجْهِي أَنِّي لَمْ أَفْهَمْ فَيُعِيدُهُ حَتَّى أَفْهَمَ .
رَوَى ذَلِكَ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ
الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَ رَجُلًا بِحَدِيثٍ
فَاسْتَفْهَمَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ الصِّدِّيقُ ؟ هُوَ كَمَا حَدَّثْتُكَ
أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إذَا قُلْتُ بِمَا لَا أَعْلَمُ .
وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {
مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا غَيْرَ ثَبْتٍ فِيهَا فَإِنَّمَا
إثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ } .
وَفِي
لَفْظٍ { مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إثْمُ ذَلِكَ
عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ } رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَرَوَى الثَّانِيَ أَبُو
دَاوُد وَالْأَوَّلَ ابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ لَهُ طُرُقٌ
مَذْكُورَةٌ فِي حَوَاشِي الْمُنْتَقَى .
وَقَالَ مُسْلِمٌ الْبَطِينُ
عَنْ عُزْرَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : وَأَبْرَدُهَا عَلَى
الْكَبِدِ ثَلَاثًا أَنْ يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَمَّا لَا يَعْلَمُ
فَيَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا خَمْسٌ لَوْ
سَافَرَ الرَّجُلُ فِيهِنَّ إلَى الْيَمَنِ لَكُنَّ عِوَضًا مِنْ سَفَرِهِ
: لَا يَخْشَى عَبْدٌ إلَّا رَبَّهُ ، وَلَا يَخَافُ إلَّا ذَنْبَهُ ،
وَلَا يَسْتَحِي مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنْ يَتَعَلَّمَ ، وَلَا يَسْتَحِي
مَنْ تَعَلَّمَ إذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ
أَعْلَمُ ، وَالصَّبْرُ مِنْ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ
الْجَسَدِ وَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ تَوَى الْجَسَدُ .
وَقَالَ
الثَّوْرِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ
قَالَ مَنْ أَفْتَى النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَفْتُونَهُ فَهُوَ
مَجْنُونٌ وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
مِثْلَهُ .
قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ أَخِي
زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ : كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ
أَعْرَابِيٌّ أَتَرِثُ الْعَمَّةُ ، فَقَالَ لَا أَدْرِي .
قَالَ أَنْتَ لَا تَدْرِي قَالَ نَعَمْ .
اذْهَبْ إلَى الْعُلَمَاءِ فَاسْأَلْهُمْ .
فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ قَبَّلَ ابْنُ عُمَرَ يَدَهُ .
فَقَالَ
: نِعِمَّا قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : سُئِلَ عَنْ مَا لَا يَدْرِي
، فَقَالَ لَا أَدْرِي وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالثَّوْرِيُّ
: عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
لَيْلَى قَالَ : أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا
مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ يُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ إلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ
كَفَاهُ إيَّاهُ ، وَلَا يُسْتَفْتَى عَنْ شَيْءٍ إلَّا وَدَّ أَنَّ
أَخَاهُ كَفَاهُ الْفَتْوَى ، هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ
الثَّوْرِيِّ
وَلَفْظُ ابْنِ عُيَيْنَةَ إذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ
رَدَّهَا هَذَا إلَى هَذَا ، وَهَذَا إلَى هَذَا حَتَّى تَرْجِعَ إلَى
الْأَوَّلِ وَقَالَ أَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ التَّابِعِيُّ
الْجَلِيلُ إنَّ أَحَدَهُمْ لَيُفْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ وَرَدَتْ
عَلَى عُمَرَ لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ بَدْرٍ وَقَالَ الْقَاسِمُ وَابْنُ
سِيرِينَ لَأَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ جَاهِلًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ
يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
إنَّ مِنْ إكْرَامِ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ أَنْ لَا يَقُولَ إلَّا مَا
أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيْلٌ لِمَنْ
يَقُولُ لِمَا لَا يَعْلَمُ إنِّي أَعْلَمُ وَقَالَ مَالِكٌ : مِنْ فِقْهِ
الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ : لَا أَعْلَمُ فَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يُهَيَّأَ
لَهُ الْخَيْرُ .
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَمِعْت مَالِكًا سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ يَقُولُ : إذَا تَرَكَ الْعَالِمُ " لَا أَدْرِي
" أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ ابْنِ
عُيَيْنَةَ عَنْ دَاوُد عَنْ أَبِي زُبَيْرٍ الزُّبَيْرِيِّ عَنْ مَالِكِ
بْنِ عَجْلَانَ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَذَكَرَهُ وَقَدْ سَبَقَ
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ
عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ الرَّجُلُ
: إنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْئًا فَأَجِبْنِي فَقَالَ إنْ يَكُنْ فِي
نَفْسِك مِنْهَا مِثْلُ أَبِي قُبَيْسٍ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ فِي
نَفَسِي مِنْهَا مِثْلُ الشَّعْرَةِ .
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ سَأَلَ
رَجُلٌ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَطَالَ تَرْدَادُهُ إلَيْهِ
فِيهَا وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ يَا هَذَا إنِّي
لَمْ أَتَكَلَّمْ إلَّا فِيمَا أَحْتَسِبُ فِيهِ الْخَيْرَ وَلَسْتُ
أُحْسِنُ مَسْأَلَتَكَ هَذِهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا
يَقُولُ الْعَ
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
كَذَا وُجِدْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ ( الْخُرْقِ ) فَإِنْ
كَانَتْ
كَذَلِكَ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْخَرَقُ بِالتَّحْرِيكِ الدَّهَشُ مِنْ
الْخَوْفِ أَوْ الْحَيَاءِ وَقَدْ خَرِقَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ خَرِقٌ
وَأَخْرَقْتُهُ أَنَا أَيْ أَدْهَشْتُهُ ، وَالْخَرَقُ أَيْضًا مَصْدَرُ
الْأَخْرَقِ وَهُوَ ضِدُّ الرَّفِيقِ وَقَدْ خَرِقَ بِالْكَسْرِ يَخْرَقُ
خَرَقًا وَالِاسْمُ الْخِرْقُ ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ
التَّخَرُّقَ فَالتَّخَرُّقُ لُغَةٌ فِي التَّخَلُّقِ مِنْ الْكَذِبِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ
اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ
وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ وَحَسَّنَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ
مَرْفُوعًا { التَّأَنِّي مِنْ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ }
.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ " الْعَالِمُ بَيْنَ اللَّهِ
وَبَيْنَ خَلْقِهِ فَلِيَنْظُرْ كَيْفَ يَدْخُلُ بَيْنَهُمْ " وَقَالَ
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَا يَكَادُ
يُفْتِي فُتْيَا وَلَا يَقُولُ شَيْئًا إلَّا قَالَ اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي
وَسَلِّمْ مِنِّي ، ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَا سِيَّمَا
إنْ كَانَ مَنْ يُفْتِي يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا
لِلْفَتْوَى لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ وَلَا يَعْلَمُ
النَّاسَ ذَلِكَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إفْتَاءُ النَّاسِ
فِي هَذِهِ الْحَالِ بِلَا إشْكَالٍ فَهُوَ يُسَارِعُ إلَى مَا يَحْرُمُ
لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ غَرَضَ الدُّنْيَا
وَأَمَّا السَّلَفُ فَكَانُوا يَتْرُكُونَ ذَلِكَ خَوْفًا وَلَعَلَّ
غَيْرَهُ يَكْفِيهِ وَقَدْ يَكُونُ أَدْنَى لِوُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى
مِنْهُ .
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ الَّذِي يُحَدِّثُ بِالْبَلْدَةِ وَبِهَا
مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحَدِيثِ فَهُوَ أَحْمَقُ وَقَالَ أَيْضًا
إذَا رَأَيْتَنِي أُحَدِّثُ فِي بَلْدَةٍ فِيهَا مِثْلُ عَلِيِّ بْنِ
مُسْهِرٍ فَيَنْبَغِي لِلِحْيَتِي أَنْ تُحْلَقَ وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى
عَارِضَيْهِ وَيَأْتِي بِنَحْوِ كُرَّاسَيْنِ هَذَا الْمَعْنَى قَبْلَ
فَصْلٍ قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ .
وَقَالَ مَالِكٌ : مَا أَفْتَيْتُ حَتَّى شَهِدَ لِي سَبْعُونَ أَنِّي
أَهْلٌ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ
عُيَيْنَةَ
وَسَحْنُونٌ أَجْسَرُ النَّاسِ عَلَى الْفُتْيَا أَقَلُّهُمْ عِلْمًا
قَالَ سَحْنُونٌ أَشْقَى النَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا
غَيْرِهِ وَقَالَ فِتْنَةُ الْجَوَابِ بِالصَّوَابِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ
الْمَالِ وَقَالَ سُفْيَانُ : أَدْرَكْتُ الْفُقَهَاءَ وَهُمْ يَكْرَهُونَ
أَنْ يُجِيبُوا فِي الْمَسَائِلِ وَالْفُتْيَا حَتَّى لَا يَجِدُوا بُدًّا
مِنْ أَنْ يُفْتُوا وَقَالَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْفُتْيَا أَسْكَتُهُمْ
عَنْهَا وَأَجْهَلُهُمْ بِهَا أَنْطَقُهُمْ فِيهَا .
وَبَكَى رَبِيعَةُ
فَقِيلَ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَقَالَ : اُسْتُفْتِيَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ
وَظَهَرَ فِي الْإِسْلَامِ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَقَالَ وَلَبَعْضُ مَنْ
يُفْتِي هَهُنَا أَحَقُّ بِالسِّجْنِ مِنْ السُّرَّاقِ .
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا { إنَّ
اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ
وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إذَا لَمْ
يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَسُئِلُوا
فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا } وَفِيهِمَا أَيْضًا
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا { إنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ
أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيُتْرَكُ فِيهَا الْعِلْمُ ،
يَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ } وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ .
وَفِيهِمَا عَنْ
أَنَسٍ مَرْفُوعًا { إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ
الْعِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ وَالزِّنَا وَشُرْبُ الْخَمْرِ ،
وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ
امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {
يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ } .
وَفِي لَفْظٍ {
وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ ، وَيُلْقَى الشُّحُّ ،
وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ : الْقَتْلُ } وَعَنْ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : هَذَا أَوَانُ يُرْفَعُ
الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَكَيْفَ وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ وَاَللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ
وَلَنُقْرِأَنَّهُ أَبْنَاءَنَا
وَنِسَاءَنَا ؟ فَقَالَ :
ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ ، إنْ كُنْتُ لَأَعُدّكَ مِنْ أَفْقَهِ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ
الْيَهُودِ فَمَاذَا يُغْنِي عَنْهُمْ } وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا
الْمَعْنَى وَفِيهِ { هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ } حَدِيثَانِ
جَيِّدَا الْإِسْنَادِ .
وَرَوَى الْأَوَّلَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الثَّانِيَ
التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
وَقَالَ
شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ قَالَ
أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَا لِي أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَذْهَبُونَ .
وَلَا
أَرَى جُهَّالَكُمْ يَتَعَلَّمُونَ ، مَا لِي أَرَاكُمْ تَحْرِصُونَ عَلَى
مَا قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ ، وَتَدَعُونَ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ ،
تَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَرَفْعُ الْعِلْمِ ذَهَابُ
الْعُلَمَاءِ ، لَأَنَا أَعْلَمُ بِشِرَارِكُمْ مِنْ الْبَيْطَارِ
بِالْفَرَسِ هُمْ الَّذِينَ لَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلَّا دَبْرًا ،
وَلَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ إلَّا هَجْرًا ، وَلَا يَعْتِقُ
مُحَرَّرُوهُمْ وَقَالَ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ إذَا لَبَسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ
فِيهَا الْكَبِيرُ ، وَيَرْبُوا فِيهَا الصَّغِيرُ ، وَيَتَّخِذُهَا
النَّاسُ سُنَّةً ، فَإِذَا غُيِّرَتْ قَالُوا غُيِّرَتْ السُّنَّةُ .
قَالُوا مَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : إذَا كَثُرَتْ
قُرَّاؤُكُمْ .
وَقَلَّتْ
فُقَهَاؤُكُمْ ، وَكَثُرَتْ أُمَرَاؤُكُمْ ، وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ ،
وَالْتُمِسَتْ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
عَنْ الزُّهْرِيِّ كَانَ مَنْ مَضَى مِنْ عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ
الِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ ، وَالْعِلْمُ يُقْبَضُ قَبْضًا
سَرِيعًا وَنَعْشُ الْعِلْمِ ثَبَاتُ الدِّينِ ، وَالدُّنْيَا فِي ذَهَابِ
الْعِلْمِ ذَلِكَ كُلُّهُ ، ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ .
وَقَالَ
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ
عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا { تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى
بِضْعٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ، أَعْظَمُهَا
فِتْنَةً عَلَى أُمَّتِي
قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ فَيُحَلِّلُونَ الْحَرَامَ
وَيُحَرِّمُونَ الْحَلَالَ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ تَفَرَّدَ
بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ وَقَدْ سَرَقَهُ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ
الضُّعَفَاءِ وَهُوَ مُنْكَرٌ ، وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ
الصِّحَاحِ كِفَايَةٌ وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ
الْمَرْوَزِيُّ : سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا فَقَالَ :
لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ قُلْتُ : فَنُعَيْمٌ قَالَ : ثِقَةٌ قُلْتُ : كَيْفَ
يُحَدِّثُ ثِقَةٌ بِبَاطِلٍ قَالَ : شُبِّهَ لَهُ .
وَقَالَ الْخَطِيبُ
وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ سُوَيْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ
عَنْ عِيسَى وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ بْنُ الْمُبَارَكِ
الْخَوَاشِنِيُّ وَيُقَالُ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ عِيسَى قَالَ بَعْضُ
الْمُتَأَخِّرِينَ هَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ لَمْ يَتَّفِقُوا عَادَةً عَلَى
بَاطِلٍ فَإِنْ كَانَ خَطَأٌ فَمِنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ .
وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ ثَنَا عَبْدُ
الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو مَرْفُوعًا { لَنْ يَسْتَكْمِلَ مُؤْمِنٌ إيمَانَهُ حَتَّى
يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ } قَالَ النَّوَوِيُّ
حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : اتَّقُوا الرَّأْيَ
فِي دِينِكُمْ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْمُكَايَلَةِ يَعْنِي
الْمُقَايَسَةَ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ يَا أَيّهَا النَّاسُ
اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي
جَنْدَلٍ وَلَوْ اسْتَطَعْتُ لَرَدَدْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ نَحْوُ ذَلِكَ .
وَقَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ
مَسْحُ أَسْفَلِ الْخُفِّ أَوْلَى مِنْ أَعْلَاهُ ، { وَقَدْ رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَمْسَحُ
أَعْلَى الْخُفِّ } وَقَالَ الشَّعْبِيُّ إنَّمَا هَلَكْتُمْ حِينَ
تَرَكْتُمْ الْآثَارَ وَأَخَذْتُمْ بِالْمَقَايِيسِ وَقَالَ النَّخَعِيُّ
إنَّ الْقَوْمَ لَمْ يُدَّخَرْ عَنْهُمْ شَيْءٌ خُبِّئَ لَكُمْ لِفَضْلٍ
عِنْدَكُمْ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَا تُجَالِسْ أَصْحَابَ الرَّأْيِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : إنَّمَا الْعِلْمُ كُلُّهُ بِالْآثَارِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَيْكَ بِالْأَثَرِ وَإِنْ رَفَضَكَ النَّاسُ
وَإِيَّاكَ وَآرَاءَ الرِّجَالِ وَإِنْ زَخْرَفُوهُ بِالْقَوْلِ فَإِنَّ
الْأَمْرَ يَنْجَلِي وَأَنْتَ فِيهِ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ وَقَالَ
الْأَوْزَاعِيُّ إذَا بَلَغَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ فَإِيَّاكَ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِهِ
فَإِنَّهُ كَانَ مُبَلِّغًا عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَالَ
أَحْمَدُ ثَنَا حَجَّاجٌ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْفُضَيْلِ
بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَرَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ { تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ } فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : نَهَى أَبُو بَكْرٍ
وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَرَاهُمْ
سَيَهْلِكُونَ أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَيَقُولُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَرَوَاهُ فِي الْمُخْتَارِ مِنْ طَرِيقِهِ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ {
أَنَّ عُثْمَانَ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا
فَلَبَّى عَلِيٌّ بِهِمَا وَقَالَ مَا كُنْتُ لِأَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ } { وَقَالَ
رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ إنَّ أَبَاكَ نَهَى عَنْهَا ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ
أَمْرُ أَبِي يُتَّبَعُ أَمْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : بَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَقَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ .
فَصْلٌ ( فِي الْوَصِيَّةِ بِالْفَهْمِ فِي الْفِقْهِ
وَالتَّثَبُّتِ وَعِلْمِ مَا يُخْتَلَفُ فِيهِ ) .
قَالَ
الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ
الرَّجُلُ فَهِمًا فِي الْفِقْهِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : سَمِعْتُ أَبِي
يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ : عَلَيْكَ
بِالْفَهْمِ فِي الْفِقْهِ مَرَّتَيْنِ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْمُسْتَمْلِي : سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ
الرَّزَّاقِ : كَانَ لَهُ فِقْهٌ ؟ فَقَالَ : مَا أَقَلَّ الْفِقْهَ فِي
أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ لِي أَبُو
عَبْدِ اللَّهِ يَا أَبَا إِسْحَاقَ تَرَكَ النَّاسُ فَهْمَ الْقُرْآنِ
وَقَالَ مَالِكٌ رُبَّمَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ ، أَوْ نَزَلَتْ
الْمَسْأَلَةُ فَلَعَلِّي أَسْهَرُ فِيهَا عَامَّةَ لَيْلِي وَقَالَ
صَالِحٌ : سَأَلْتُ أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الْقَرْيَةِ وَقَدْ
رَوَى الْحَدِيثَ وَوَرَدَتْ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا أَحَادِيثُ
مُخْتَلِفَةٌ كَيْفَ يَصْنَعَ قَالَ لَا يَقُلْ فِيهَا شَيْئًا .
وَقَالَ
إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَكُونُ
الرَّجُلُ فِي الْقَرْيَةِ فَيُسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي فِيهِ
اخْتِلَافٌ قَالَ يُفْتِي بِمَا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَمَا
لَمْ يُوَافِقْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمْسَكَ عَنْهُ قِيلَ لَهُ
فَيُخَافُ عَلَيْهِ قَالَ لَا ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ مَنْ عَلَّمَهُ
اللَّهُ عِلْمًا فَلْيُعَلِّمْهُ النَّاسَ وَإِيَّاهُ أَنْ يَقُولَ مَا
لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَصِيرُ مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ ، وَيَمْرُقُ مِنْ
الدِّينِ .
وَقَالَ مُهَنَّا قُلْتُ لِأَحْمَدَ فِي مَسْأَلَةٍ فَقَالَ
لِي : قَدْ تَرَكَ هَذَا النَّاسُ الْيَوْمَ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهَذَا
الْيَوْمَ قُلْتُ لَهُ : وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ هَذَا فَلَا يُتْرَكُ
مَعْرِفَةُ عِلْمِهِ يَعْرِفُهُ النَّاسُ حَتَّى لَا يَمُوتَ قَالَ نَعَمْ
، حَدَّثَنِي بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
تَعَلَّمْ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَا لَا يُؤْخَذُ بِهِ كَمَا تَعَلَّمُ مَا
يُؤْخَذُ بِهِ ، فَقَالَ أَحْمَدُ يَقُولُ نَعْرِفُهَا وَقَالَ أَحْمَدُ :
ثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَنْ
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى