صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
قال الشيخ الإمام الأوحد الزاهد أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن ابن عبد
الله الأزدي الإشبيلي المالكي رضي الله عنه
الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة وكسر بصدمته ظهور الأكاسرة وقصر
ببغتته أمال القياصرة الذي أدار عليهم حلقته الدائرة وأخذهم بيده القاهرة
فقذفهم في ظلمات الحافرة وصيرهم بها رهنا إلى وقفة الساهرة فأصبحوا قد
خسروا الدنيا ولم يحصلوا على شيء من الآخرة
مصيبتهم والله لا يجبر مصابها ولا يتجرع صابها ولا تنقضي آلامها ولا
أوصابها
لم يمنعهم ما حصنوه من المعاقل والحصون ولا حرسهم ما بعثوه من الحرس
والعيون ولا فداهم من ريب المنون ما ادخروه من علق مصون وذهب مخزون
بل صدمهم بركنه الشديد وصبحهم بجيشه المديد وأنفذ فيهم ما كتب عليهم من
الوعيد
نقلهم من لين المهود إلى خشونة اللحود وصيرهم بين حجرها المنضود وجندلها
المعقود أكلا للهوام وطعما للدود
نظر إليهم بعينه الشوساء وأرسل عليهم كتيبته الخرساء فأذل عزتهم
القعساء وأبدل من نعمتهم بؤسا وأنطق بالعويل ألسنة خرسا وصيرهم
حديثا يذكر على مر الزمان ولا ينسى
نزلوا عن الأرائك والكلال والأسرة والحجال إلى الحجارة والرمال والأراقم
والصلال وشظف العيش وضيق المجال وحلوا بربع غير محلال بحيث لا زوال ولا
انتقال ولا عثرة تقال ولا يسمع فيها مقال ولا يلتفت عندها إلى من قال
أرسل عليهم ربك جنوده العاتية وأخذهم أخذته الرابية وسلك بهم مسلك الأمم
الخالية والقرون الماضية فهل تحس منهم من أحد أو هل ترى لهم من باقية
وفيهم قيل وفي أمثالهم
( حدث حديث القوم من فارس ... ومن بني قبط ويونان )
( ومن بني الأصفر أعجب بهم ... وسيد الأتراك خاقان )
( والأقدمين الأعظمين الألى ... من حمير أبناء قحطان )
( من تبع العرب ومن قيصر ... الروم وكسرى آل ساسان )
( من كل قرم شامخ أنفه ... وكل فرعون وهامان )
( وإن نسيت اليوم شيئا فلا ... تنس نبطا أخت كلدان )
( واذكر ملوك الأرض من بعدهم ... من عرب صيد وعجمان )
( من كل منصور اللوا أروع ... سليل أطواق وتيجان )
( مجتمع الشمل على عزة ... شيدت بأساس وأركان )
( قد زلزل الأرض وراع الورى ... من جيشه الضخم بطوفان )
( وذلل الخلق بسلطانه ... كأنه رب لهم ثان )
( انظر إليهم هل ترى منهم ... غير أحاديث بأفنان )
( وانظر إلى الموت وأعماله ... فيهم ترى الهلك ببرهان )
( وأبصر القوم وماذا لقوا ... بالموت من ذل وخسران )
( قد صفعتهم يده صفعة ... خروا لآناف وأذقان )
( ودك في الأرض بيتجانهم ... وألبسوا تيجان صمان )
( من حجر صلد ورخو ومن ... ترب وحصباء وصيدان )
( وأنزلوا بطن الثرى بعدما ... كانوا قعودا فوق كيوان )
( واطعم الديدان لحما نهم ... ويالك من لحم وديدان )
( فكم هناكم من فتى ناعم ... ومن فتاة ذات أردان )
( ومن هزبر مرح في الوغى ... وظبية تسرح في بان )
( كانوا كذا ثم اغتدوا عبرة ... لنازح الدار وللدان )
( ولم يدافع عنهم جحفل ... قد طبق الأرض بفرسان )
( ولا بيوت ملئت كلها ... من لؤلؤ بحت وعقيان )
( بل مر ذاكم كله مسرعا ... كالريح مرت بين قضبان )
( وأصبح الملك لمن ملكه ... باق وكل غيره فان )
فسبحان من تفرد بالعزة والكبرياء وتوحد بالديمومة والبقاء وطوق عباده بطوق
الفناء وفرقهم بما كتب عليه من السعادة والشقاء وجعل الموت مخلصا لأوليائه
السعداء وهلكا لأعدائه الأشقياء
خلق خذلانا وقدر توفيقا وأنهج سبيلا
وأوضح طريقا فهدى إليه فريقا وأضل عنه فريقا لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون
وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له شهادة من وفق لها في الأزل وكتب له بها في القسم
الأول ففتح لها كل باب وهتك دونها كل حجاب وخلصها من الشبهة والارتياب
وظهرت عليه فيها نعمة العزيز الوهاب الغفور التواب ملك الملوك ورب الأرباب
26 - وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المرفوع عليه علم التحقيق
المختص بخصائص التوفيق الداعي إلى أنهج سبيل وأوضح طريق
صلى الله عليه صلاة تزيده شرفا وترفعه زلفى وتوردنا مورده الذي عذب وصفا
وعلى آله الطيبين وصحابته الأكرمين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وسلم وكرم وشرف وعظم
أما بعد فإن الموت أمر كبار لمن أنجد وأغار
وكأس تدار فيمن أقام أو سار وباب تسوقك إليه يد الأقدار ويزعجك فيه حكم
الاضطرار ويخرج بك إما إلى الجنة وإما إلى النار
خبر - علم الله - يصم الأسماع ويغير الطباع ويكثر من الآلام والأوجاع
واعلموا أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى
الليالي والأيام لكان والله لأهل اللذات مكدرا ولأصحاب النعيم مغيرا
و2لأرباب العقول عن الرغبة في هذه الدار زاجرا ومنفرا كما قال مطرف بن عبد
الله بن الشخير
إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا
نعيما لا موت فيه فكيف ووراءه يوم يعدم فيه الجواب وتدهش فيه الألباب
وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب ويترك النظر فيه والاهتمام به الأولياء
والأحباب
واعلموا رحمكم الله أن الناس في ذكر الموت على ضروب فمنهم
المنهمك في لذاته المثابر على شهواته المضيع فيها مالا يرجع من أوقاته لا
يخطر الموت له على بال ولا يحدث نفسه بزوال قد أطرح أخراه واكب على دنياه
واتخذ إلهه هواه فأصمه ذلك وأعماه وأهلكه وأرداه
فإن ذكر له الموت
نفر وشرد وإن وعظ أنف وبعد وقام في أمره الأول وقعد قد حاد عن سواء نهجه
ونكب عن طريق فلجه وأقبل على بطنه وفرجه تبت يداه وخاب مسعاه وكأنه لم
يسمع قول الله عز و جل ( كل نفس
ذائقة الموت ) ولا سمع قول القائل فيه وفي أمثاله حيث قال
( يا راكب الروع للذاته ... كأنه في أتن عير )
( وآكلا كل الذي يشتهي ... كأنه في كلأ ثور )
( وناهضا إن يدع داعي الهوى ... كأنه من خفة طير )
( وكل ما يسمع أو ما يرى ... كأنما يعنى به الغير )
( إن كؤوس الموت بين الورى ... دائرة قد حثها السير )
( وقد تيقنت وإن أبطأت ... أن سوف يأتيك بها الدور )
( ومن يكن في سيره جائرا ... تالله ما في سيرها جور )
ثم ربما أخطر الموت بخاطره وجعله من بعض خواطره فلا يهيج منه إلا غما ولا
يثير من قلبه إلا حزنا مخافة أن يقطعه عما يؤمل أو يفطمه عن لذة في
المستقبل وربما فر بفكره منه ودفع ذلك الخاطر عنه ويا ويحه كأنه لم يسمع
قول الله عز و جل ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) ولا قول
القائل
( فر من الموت أو اثبت له ... لا بد من أنك تلقاه )
( واكتب بهذي الدار ما شئته ... فإن في تلك ستقراه )
وكذلك من كان قلبه متعلقا بالدنيا وهمه فيها ونظره مصروفا إليها وسعيه كله
لها وهو مع ذلك من طلابها المحرومين وأبنائها المكدودين لم ينل منها حظا
ولا رقى منها مرقى ولا نجح له فيها مسعى إن ذكر له الموت تصامم عن ذكره
ولم يمكنه من فكره وتمادى على أول أمره رجاء أن يبلغ ما أمل أو يدرك
بعض ما تخيل فعمره ينقص وحرصه يزيد وجسمه يخلق وأمله جديد وحتفه
قريب ومطلبه بعيد
يحرص حرص مقيم ويسير إلى الآخرة سير مجد كأن الدنيا حق اليقين والآخرة ظن
من الظنون وفي مثل هذا قيل
( أتحرص يا ابن آدم حرص باق ... وأنت تمر ويحك كل حين )
( وتعمل طول دهرك في ظنون ... وأنت من المنون على يقين )
وهذا إذا ذكر الموت أو ذكر به لم يخف أن يقطع عليه مهما من الأغراض قد كان
حصله ولا عظيما من الآمال في نفسه قد كان أدركه لأنه لم يصل إليه ولا قدر
عليه لكنه يخاف أن يقطعه في المستقبل عن بلوغ أمل يحدث به نفسه ويخدع به
حسه وهو يرى فيه يومه كما قد رأى فيه أمسه
قد ملأ قلبه بتلك الأحاديث المشغلة والأماني المرذلة والوساوس المتلفة قد
جعلها ديدنه ودينه وإيمانه ويقينه
وربما ضاق ذرعه بالدنيا وطال همه فيها من تعذر مراده عليه وقلة تأتيه له
فتمنى الموت إذ ذاك ليستريح بزعمه وهذا من جهله بالموت وبما بعد الموت
والذي يستريح بالموت غيره والذي يفرح به سواه إنما الفرح من وراء الصراط
والراحة بعد المغفرة
توفيت امرأة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه
و سلم يمازحونها ويضحكون معها فقالت عائشة رضي الله عنها لقد استراحت فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما يستريح من غفر له ذكره أبو بكر البزار
في مسنده
فلا يزال هذا البائس يتحمل من الدنيا بؤسها ويتلقى نحوسها ويلبس
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
قال الشيخ الإمام الأوحد الزاهد أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن ابن عبد
الله الأزدي الإشبيلي المالكي رضي الله عنه
الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة وكسر بصدمته ظهور الأكاسرة وقصر
ببغتته أمال القياصرة الذي أدار عليهم حلقته الدائرة وأخذهم بيده القاهرة
فقذفهم في ظلمات الحافرة وصيرهم بها رهنا إلى وقفة الساهرة فأصبحوا قد
خسروا الدنيا ولم يحصلوا على شيء من الآخرة
مصيبتهم والله لا يجبر مصابها ولا يتجرع صابها ولا تنقضي آلامها ولا
أوصابها
لم يمنعهم ما حصنوه من المعاقل والحصون ولا حرسهم ما بعثوه من الحرس
والعيون ولا فداهم من ريب المنون ما ادخروه من علق مصون وذهب مخزون
بل صدمهم بركنه الشديد وصبحهم بجيشه المديد وأنفذ فيهم ما كتب عليهم من
الوعيد
نقلهم من لين المهود إلى خشونة اللحود وصيرهم بين حجرها المنضود وجندلها
المعقود أكلا للهوام وطعما للدود
نظر إليهم بعينه الشوساء وأرسل عليهم كتيبته الخرساء فأذل عزتهم
القعساء وأبدل من نعمتهم بؤسا وأنطق بالعويل ألسنة خرسا وصيرهم
حديثا يذكر على مر الزمان ولا ينسى
نزلوا عن الأرائك والكلال والأسرة والحجال إلى الحجارة والرمال والأراقم
والصلال وشظف العيش وضيق المجال وحلوا بربع غير محلال بحيث لا زوال ولا
انتقال ولا عثرة تقال ولا يسمع فيها مقال ولا يلتفت عندها إلى من قال
أرسل عليهم ربك جنوده العاتية وأخذهم أخذته الرابية وسلك بهم مسلك الأمم
الخالية والقرون الماضية فهل تحس منهم من أحد أو هل ترى لهم من باقية
وفيهم قيل وفي أمثالهم
( حدث حديث القوم من فارس ... ومن بني قبط ويونان )
( ومن بني الأصفر أعجب بهم ... وسيد الأتراك خاقان )
( والأقدمين الأعظمين الألى ... من حمير أبناء قحطان )
( من تبع العرب ومن قيصر ... الروم وكسرى آل ساسان )
( من كل قرم شامخ أنفه ... وكل فرعون وهامان )
( وإن نسيت اليوم شيئا فلا ... تنس نبطا أخت كلدان )
( واذكر ملوك الأرض من بعدهم ... من عرب صيد وعجمان )
( من كل منصور اللوا أروع ... سليل أطواق وتيجان )
( مجتمع الشمل على عزة ... شيدت بأساس وأركان )
( قد زلزل الأرض وراع الورى ... من جيشه الضخم بطوفان )
( وذلل الخلق بسلطانه ... كأنه رب لهم ثان )
( انظر إليهم هل ترى منهم ... غير أحاديث بأفنان )
( وانظر إلى الموت وأعماله ... فيهم ترى الهلك ببرهان )
( وأبصر القوم وماذا لقوا ... بالموت من ذل وخسران )
( قد صفعتهم يده صفعة ... خروا لآناف وأذقان )
( ودك في الأرض بيتجانهم ... وألبسوا تيجان صمان )
( من حجر صلد ورخو ومن ... ترب وحصباء وصيدان )
( وأنزلوا بطن الثرى بعدما ... كانوا قعودا فوق كيوان )
( واطعم الديدان لحما نهم ... ويالك من لحم وديدان )
( فكم هناكم من فتى ناعم ... ومن فتاة ذات أردان )
( ومن هزبر مرح في الوغى ... وظبية تسرح في بان )
( كانوا كذا ثم اغتدوا عبرة ... لنازح الدار وللدان )
( ولم يدافع عنهم جحفل ... قد طبق الأرض بفرسان )
( ولا بيوت ملئت كلها ... من لؤلؤ بحت وعقيان )
( بل مر ذاكم كله مسرعا ... كالريح مرت بين قضبان )
( وأصبح الملك لمن ملكه ... باق وكل غيره فان )
فسبحان من تفرد بالعزة والكبرياء وتوحد بالديمومة والبقاء وطوق عباده بطوق
الفناء وفرقهم بما كتب عليه من السعادة والشقاء وجعل الموت مخلصا لأوليائه
السعداء وهلكا لأعدائه الأشقياء
خلق خذلانا وقدر توفيقا وأنهج سبيلا
وأوضح طريقا فهدى إليه فريقا وأضل عنه فريقا لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون
وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له شهادة من وفق لها في الأزل وكتب له بها في القسم
الأول ففتح لها كل باب وهتك دونها كل حجاب وخلصها من الشبهة والارتياب
وظهرت عليه فيها نعمة العزيز الوهاب الغفور التواب ملك الملوك ورب الأرباب
26 - وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المرفوع عليه علم التحقيق
المختص بخصائص التوفيق الداعي إلى أنهج سبيل وأوضح طريق
صلى الله عليه صلاة تزيده شرفا وترفعه زلفى وتوردنا مورده الذي عذب وصفا
وعلى آله الطيبين وصحابته الأكرمين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وسلم وكرم وشرف وعظم
أما بعد فإن الموت أمر كبار لمن أنجد وأغار
وكأس تدار فيمن أقام أو سار وباب تسوقك إليه يد الأقدار ويزعجك فيه حكم
الاضطرار ويخرج بك إما إلى الجنة وإما إلى النار
خبر - علم الله - يصم الأسماع ويغير الطباع ويكثر من الآلام والأوجاع
واعلموا أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى
الليالي والأيام لكان والله لأهل اللذات مكدرا ولأصحاب النعيم مغيرا
و2لأرباب العقول عن الرغبة في هذه الدار زاجرا ومنفرا كما قال مطرف بن عبد
الله بن الشخير
إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا
نعيما لا موت فيه فكيف ووراءه يوم يعدم فيه الجواب وتدهش فيه الألباب
وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب ويترك النظر فيه والاهتمام به الأولياء
والأحباب
واعلموا رحمكم الله أن الناس في ذكر الموت على ضروب فمنهم
المنهمك في لذاته المثابر على شهواته المضيع فيها مالا يرجع من أوقاته لا
يخطر الموت له على بال ولا يحدث نفسه بزوال قد أطرح أخراه واكب على دنياه
واتخذ إلهه هواه فأصمه ذلك وأعماه وأهلكه وأرداه
فإن ذكر له الموت
نفر وشرد وإن وعظ أنف وبعد وقام في أمره الأول وقعد قد حاد عن سواء نهجه
ونكب عن طريق فلجه وأقبل على بطنه وفرجه تبت يداه وخاب مسعاه وكأنه لم
يسمع قول الله عز و جل ( كل نفس
ذائقة الموت ) ولا سمع قول القائل فيه وفي أمثاله حيث قال
( يا راكب الروع للذاته ... كأنه في أتن عير )
( وآكلا كل الذي يشتهي ... كأنه في كلأ ثور )
( وناهضا إن يدع داعي الهوى ... كأنه من خفة طير )
( وكل ما يسمع أو ما يرى ... كأنما يعنى به الغير )
( إن كؤوس الموت بين الورى ... دائرة قد حثها السير )
( وقد تيقنت وإن أبطأت ... أن سوف يأتيك بها الدور )
( ومن يكن في سيره جائرا ... تالله ما في سيرها جور )
ثم ربما أخطر الموت بخاطره وجعله من بعض خواطره فلا يهيج منه إلا غما ولا
يثير من قلبه إلا حزنا مخافة أن يقطعه عما يؤمل أو يفطمه عن لذة في
المستقبل وربما فر بفكره منه ودفع ذلك الخاطر عنه ويا ويحه كأنه لم يسمع
قول الله عز و جل ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) ولا قول
القائل
( فر من الموت أو اثبت له ... لا بد من أنك تلقاه )
( واكتب بهذي الدار ما شئته ... فإن في تلك ستقراه )
وكذلك من كان قلبه متعلقا بالدنيا وهمه فيها ونظره مصروفا إليها وسعيه كله
لها وهو مع ذلك من طلابها المحرومين وأبنائها المكدودين لم ينل منها حظا
ولا رقى منها مرقى ولا نجح له فيها مسعى إن ذكر له الموت تصامم عن ذكره
ولم يمكنه من فكره وتمادى على أول أمره رجاء أن يبلغ ما أمل أو يدرك
بعض ما تخيل فعمره ينقص وحرصه يزيد وجسمه يخلق وأمله جديد وحتفه
قريب ومطلبه بعيد
يحرص حرص مقيم ويسير إلى الآخرة سير مجد كأن الدنيا حق اليقين والآخرة ظن
من الظنون وفي مثل هذا قيل
( أتحرص يا ابن آدم حرص باق ... وأنت تمر ويحك كل حين )
( وتعمل طول دهرك في ظنون ... وأنت من المنون على يقين )
وهذا إذا ذكر الموت أو ذكر به لم يخف أن يقطع عليه مهما من الأغراض قد كان
حصله ولا عظيما من الآمال في نفسه قد كان أدركه لأنه لم يصل إليه ولا قدر
عليه لكنه يخاف أن يقطعه في المستقبل عن بلوغ أمل يحدث به نفسه ويخدع به
حسه وهو يرى فيه يومه كما قد رأى فيه أمسه
قد ملأ قلبه بتلك الأحاديث المشغلة والأماني المرذلة والوساوس المتلفة قد
جعلها ديدنه ودينه وإيمانه ويقينه
وربما ضاق ذرعه بالدنيا وطال همه فيها من تعذر مراده عليه وقلة تأتيه له
فتمنى الموت إذ ذاك ليستريح بزعمه وهذا من جهله بالموت وبما بعد الموت
والذي يستريح بالموت غيره والذي يفرح به سواه إنما الفرح من وراء الصراط
والراحة بعد المغفرة
توفيت امرأة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه
و سلم يمازحونها ويضحكون معها فقالت عائشة رضي الله عنها لقد استراحت فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما يستريح من غفر له ذكره أبو بكر البزار
في مسنده
فلا يزال هذا البائس يتحمل من الدنيا بؤسها ويتلقى نحوسها ويلبس
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
يا لله مصرعهم كم فيهم من مجرر ذيل إعجابه متطاول على أصحابه متعاظم على
أقرانه وأترابه تجمع له الأماني وترتاح إلى وصله الغواني إن بصر لا يستبصر
وإن أمر لا يأتمر وإن زجر لا يكف ولا ينزجر لا يسمع إلا داعي الهوى ولا
يستجيب إلا لمن إليه دعا يلهو ويفرح ويمزح ويمرح ويبيت من دنياه مثل ما
كان أصبح قد أبدأ في أمره وأعاد وأحكم غيه فأجاد وأشاد من أمله ما أشاد
حتى إذا نال مراده أو كاد صاحت به المنية صيحة الغضبان وصدمته صدمة
اللهفان فهدت أركانه وكسرت أعضانه وفرقت أنصاره وأعوانه فأصبح قد باع
النفيس بالدون وأعطى الثمين بالمثمون ومضى يعض بنانه المغبون لم يرح بنائل
ولا حصل على طائل فنعوذ بالله من سوء الأقدار وسيء الاختيار
وأنشدوا
( جر ذيل التيه والغي ... وقال من مثلي في الحي )
( ومر يرتاح إلى وصله ... ما شاء من زينب أو مي )
( لا ينثني عن خوف شيء ولا ... يسمع إلا داعي الغي )
( وبات من دنياه في مثل ما ... أصبح من نشر ومن طي )
( حتى إذا ما نال أو كاد أن ... ينال منها جرعة الري )
( صيح به في سربه صيحة ... ضعضع منه كل ما شي )
( و إنفذ الأمر على رغمه ... وأنجز الوعد بلا لي )
( ولم يرح من ذاك إلا بما ... راح الذي يقبض في الفي )
( تبارك الله وسبحانه ... ما أقرب الموت من الحي ) ويا لله كم هنالك من
ملك طوةيل النجاد رفيع العماد عظيم الأجناد كثير
أقرانه وأترابه تجمع له الأماني وترتاح إلى وصله الغواني إن بصر لا يستبصر
وإن أمر لا يأتمر وإن زجر لا يكف ولا ينزجر لا يسمع إلا داعي الهوى ولا
يستجيب إلا لمن إليه دعا يلهو ويفرح ويمزح ويمرح ويبيت من دنياه مثل ما
كان أصبح قد أبدأ في أمره وأعاد وأحكم غيه فأجاد وأشاد من أمله ما أشاد
حتى إذا نال مراده أو كاد صاحت به المنية صيحة الغضبان وصدمته صدمة
اللهفان فهدت أركانه وكسرت أعضانه وفرقت أنصاره وأعوانه فأصبح قد باع
النفيس بالدون وأعطى الثمين بالمثمون ومضى يعض بنانه المغبون لم يرح بنائل
ولا حصل على طائل فنعوذ بالله من سوء الأقدار وسيء الاختيار
وأنشدوا
( جر ذيل التيه والغي ... وقال من مثلي في الحي )
( ومر يرتاح إلى وصله ... ما شاء من زينب أو مي )
( لا ينثني عن خوف شيء ولا ... يسمع إلا داعي الغي )
( وبات من دنياه في مثل ما ... أصبح من نشر ومن طي )
( حتى إذا ما نال أو كاد أن ... ينال منها جرعة الري )
( صيح به في سربه صيحة ... ضعضع منه كل ما شي )
( و إنفذ الأمر على رغمه ... وأنجز الوعد بلا لي )
( ولم يرح من ذاك إلا بما ... راح الذي يقبض في الفي )
( تبارك الله وسبحانه ... ما أقرب الموت من الحي ) ويا لله كم هنالك من
ملك طوةيل النجاد رفيع العماد عظيم الأجناد كثير
الأمداد قد ملك البلاد وقهر العباد ووصل من دنياه إلى كثير مما
أراد قعد
ونهض وأبرم ونقض وجعل أمره المفترض وحكمه الذي لا يرد ولا ينقض وطالما حرق
وهدم وكسر وحطم وزلزل ودمدم واسترحم فلم يرحم ومضى على ما شاء من رأيه
وصمم
بنى المدائن والحصون وأكثر من ماله المخزون واستعد لما قد يكون
أو لا يكون حتى إذا استحكمت له الأمور وأطال الفرح والسرور وزخرف الدساكر
والقصور وظن أن قد ساعده فيما بقي من أمله المقدور قلبت له الدنيا ظهر
المجن وكسته من خطبها ما أجن وسقته من كربها ما يسكر به ويجن نظرت بعينها
الشوساء إليه وقبضت ما كان في يديه وأتت بنيانه من قواعده فألقته عليه
فأصبح وقد هدم ذلك البنيان وسقط ذلك الإيوان وتبددت تلك المقاتلة والفرسان
وتفرقوا شذر مذر بكل مكان وأصبح كل ما كان كأنه ما كان وقيل ملك في سالف
الزمان ملك يقال له فلان بن فلان لم يحصل مما ملك من البلاد ولا ما ادخر
من المال وأعد من العتاد إلا على حنوط وكفن وحفرة ضيقة العطن يحتبس فيها
ويرتهن بكل ما عمل من قبيح أو حسن
وأنشدوا
( يا باني القصر الكبير ... بين الدساكر والقصور )
( ومجرد الجيش الذي ... ملأ البسيطة والصدور )
( ومدوخ الأرض التي ... أعيت على مر الدهور )
( أما فزعت فلا تدع ... بنيان قبرك في القبور )
( وانظر إليه تراه كيـ ... ف إليك معترضا يشير )
( واذكر رقادك وسطه ... تحت الجنادل والصخور )
( قد بددت تلك الجيو ... ش وغيرت تلك الأمور )
( واعتضت من لين الحريـ ... ر خشونة الحجر الكبير الأمور )
( وتركت مرتهنا به ... لا مال ويك ولا عشير )
( حيران تعلن بالأسى ... لهفان تدعو بالثبور )
( ودعيت باسمك بعدما ... قد كنت تدعى بالأمير )
( ولأنت أهون فيه من ... جعل على نتن يدور )
( إن لم يجد بالعفو من ... يعفو عن الذنب الكبير )
( هذا هو الحق اليقيـ ... ن وكل ذاك هو الغرور )
وأنشدوا أيضا
( أباد ذا الدهر أملاكا وما ملكوا ... ودار مستعقبا عليهم الفلك )
( أدار دورته في أرضهم فغدت ... كالراح ليس بها لناظر نبك )
( رمى بهم حيث لا قيعان تمسكهم ... ولا مرارا بها المرمي يمتسك )
( هوت هوي ثقيل الصخر أمهم ... فلا حسيس ولا ركز ولا حرك )
( غدت رؤوسهم من تحت أرجلهم ... وزلزلت بهم الأطباق والدرك )
( يا بطشة من حكيم ما بها مهل ... وغضبة من عزيز ما لها درك )
( جروا إلى اللهو ملأى من أعنتهم ... حتى إذا ما رأوا خيل الردى بركوا )
( حطوا بدار البلى في منزل حرج ... وليتهم ويحهم فيهن لو تركوا )
( لطال ما نقضوا ملكا وما هدموا ... عزا وما هتكوا سترا وما فتكوا )
( مروا وما بلغوا كل الذي طلبوا ... ولا قضوا وطرا من كل ما تركوا )
( أضحاهم اليوم صرف الدهر إذ هلكوا ... كما أضلهم بالأمس إذ ملكوا )
وانشدوا أيضا
( أفاض على الملك سرياله ... وجرر في العز أذياله )
( وصاح فوافاه ما شاء من ... هزبر يعلل أشباله )
( وزلزلت الأرض من أجله ... وقال فكان الذي قاله )
( ولا بد يوما له أن يصيح ... ويبدي شجاه و أعواله )
( ولا أحد مستجيب له ... ولا أحد كاشف حاله )
( وتأتيه في سربه روعة ... تقطع بالموت أوصاله )
( ويطرح فرد بدار البلى ... ويترك فيها وأعماله )
( فكم قائل عنه لا يبعدن ... وكم قائل فيه أولى له )
( فقل للذي شاد سلطانه ... وطول ما شاء آماله )
( تأهب لتصدع صدع الزجاج ... وتلحق هذا وأمثاله )
( وتحمل مما جمعت الأجاج ... ونترك للناس سلساله )
( وإن ما نسيت فلا تنسين ... ن يوم الحساب وأهواله )
( هنالك تعلم عقبى الذنوب
وشؤم الخلاف وأنكاله )
يا بؤس الدنيا شدما عن ثديها فطمتهم ومن سمها أطعمتهم وبيدها الباطشة
لطمتهم وفي ظلمات الأرض وغيابات الثرى طرحتهم فقلبت قائم تلك الأعيان
وطمست تلك الوجوه الحسان وأعمت تلك الأبصار وأصمت تلك الآذان وأسالت
الأحداق على الخدود والوجنات وغسلت بالصديد جميل القسمات وملأت بالتراب
اللهازم واللهوات وكسرت تلك الضواحك والرباعيات وعبثت بجسوم أولئك الفتيان
والفتيات
لطالما أغربوا ضاحكين وتقلبوا فاكهين وباتوا على سررهم
مطمئنين آمنين فكم بها من لسان فصيح فصيح لطال ما أنشد وخطب وأرهب ورغب
ومدح فأطنب وكم بها الآن من فصيح لسان وعظيم بيان أخرسه الحدثان وتحكمت
فيه الهوام والديدان
وأنشدوا
( وذي بيان إذا ما قال أو خطبا ... أتى بسحر يزين القول والخطبا )
( أتى بسهل من الألفاظ ممتنع ... جزل يصيب المعاني آية عجبا )
( فلو تميع أضحى مشربا سلسا ... ولو تجسد أضحى خالصا ذهبا )
( رمته هذي المنايا وهي صائبه ... سهما فما هو إلا أن رمته كبا )
( فأخرسته فما يبدي بضاحكة ... ولا يرد جوابا هان أو صعبا )
( وبات مطرحا في قعر موحشة ... غبراء مصطفق الأحشاء مستلبا )
( أعطى يديه لدنياه بما طلبت ... إذ أدرك الدود من جنبيه ما طلبا )
وكم هناكم من مسعر حرب قد لبس أوزارها وأضرم نارها وأوصل إلى القلوب
أوراها وأقام سوقها ورفع غبارها
كم أغار من غارة شعواء وفتك من فتكة شنعاء وأثار من فتنة عمياء وصال بجنان
وطعن بسنان وركض بحصان ولعب بفرسان وفرسان وقال خذها وأنا فلان بن فلان
ها هو اليوم قد بل جنانه وتكسر سنانه وأكب به حصانه لأمه الويل وحسرة
سوداء مثل الليل
وأنشدوا
( ومقدام على الأهوال صدق ... لدى الفتكات والأمر الكبير )
( تبيت لذكره الأبطال سكرى ... وتضحي منه ضيقة الصدور )
( يرض فرائص الفرسان رضا ... ويحطمهن كالأسد الهصور )
( طموح السيف لا يثنيه شيء ... جهول بالبشير وبالنذير )
( أشار الموت من بعد إليه ... فخر موسدا إحدى الصخور )
( وكب حصانه ونبا شباه ... وأعلن نادبوه بالثبور )
( وأنسى أن يقيم لواء روع ... بروعات أتته من القبور )
وأن أنت أطلت اعتبارك وأمعنت استبصارك فكم بها من غادة قد هضم
وشاحها ونور مصباحها ومليء فتنة غدوها ورواحها قد فتكت بذلك
الأسد الهصور واقتنصت ذلك الفارس المذكور
أدلت إدلالها وجرت أذيالها وأرسلت جمالها فعملت أعمالها وسلبت الملوك
قلوبها وأموالها
ما كان بأوشك من أن صارت جيفة من الجيف تبعد وتصرف وتنكر ولا تعرف أحسن
أحوالها أن تلف في سربالها وتدفع لحمالها فتطرح في شق من الأرض قريب الطول
والعرض مظلم القعر إلى يوم القيامة والحشر قضاء الله النازل من سمائه
وحكمه في عبيده وإماءه
وأنشد بعضهم
( عرج على القبر بدار البلى ... حيث منى نفسي مقبور )
( حيث هوى بدر الدجى ساقطا ... قد زال عن صفحتيه النور )
( وحيث حلت داعيات الهوى ... أجمع مسموع ومنظور )
( يا ظبية بطن الثرى أسكنت ... وبيتها في القصر معمور )
( حقا تمطيت على رضمة ... جنبك منها اليوم مكسور )
( وطال ما بت على سندس ... بالذهب الإبريز مضفور )
( وجسمك الناعم حقا به ... للترب تشقيق وتفطير )
( وطال ما أثر من قبل ذا ... في لينه هم وتفكير )
( وثغرك العذب ويا ويلتي ... فيه من الديدان جمهور )
( ولو به عل قتيل الهوى ... قبل لاضحى وهو منشور )
( وشعرك الجثل وعهدي به ... فيه فتيت المسك منثور )
( قد عششت فيه بنات الثرى ... ففيه تشعيث وتغيير )
( يا حسرتا ثمت يا حسرتا ... لو كان يغني اليوم تحسير )
( ياتا التي أعجبها عطفها ... قبرك في الأقبر محفور )
( وكلنا ذاك ولكننا ... كل بهذي الدار مسحور )
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى