صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تعليم الأطفال الغناء وثمن المغنية وأجرتها
فقد
وصفنا شأنه بدءا أن هذا هو الشعر المهجور. فإن كان وقع النهي عن ثمنه على
الصحيفة فالمعنى على ما وصفنا من أنه كلام مهجور. وأما إذا كان كلاما
محمودا، فالبيع وثمنه غير داخل في ذلك النهى.. ألا ترى أنه ما نهى عبد
الله بن رواحةن وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء رسول الله صلى
الله عليه وسلم يذبون عنه ويهجون الكفار ويعيرونهم وينكون فيهم، كما وصفهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: )لَكَأَنَّما تَنضَحُونَهُم
بِالنَبل(.
وإنما معناه في النهي عندنا عن مجالسة الشعراء عمن كان بهذه
الصفة التي ذكر الله تعالى: (وَالشُعَراءُ يَتَّبِعهُمُ الغَاوون أَلَم
تَر أَنَّهُم في كُلِ وَادٍ يَهيمونَ وَأَنَّهُم يَقولونَ مَالاَ
يَفعَلُونَ) فبين أنهم في أودية الضلالة يهيمون طعنا وتعييرا ومثالب
للأموات ورميا بالفرى لفروج المحصينات. فمن جالسه فهو تابعه، وهو فار. ثم
استنثى المحمود منهم، فقال: (إلا الَّذين آَمَنَوا وَعَمِلوا الصالِحات
وَذَكَرُوا الله كَثيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعدِ ما ظُلِمُوا). وما كان من
الشعر بعد ذلك حكمة وموعظة، فهو خارج عن هذا المنهى، وقد روي عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إنَّ من الشعر لحكمة( فقد نجد كثيرا من
الحكم قد نقلتها الأئمة بالقوافي في الأحاديث(.
لبس الذهب
للرجال
الحرير
فإنما زجر عن هذه الأشياء كي لا يتشبهوا بأهل الكفر بالله،
وليضاهوا أولياء الله فيما وعدهم في الآجل، فمن فعل ذلك قيل له يوم
القيامة حين يعرض على ربه: (أَذهَبتُم طَيبَاتِكُم في حَياتِكُمُ
الدُّنيَا واستَمتَعتُم بِها فَاليَومَ تُجزَونَ عَذَاب الهُونِ).
؟
وأما قوله: )ونَهى عَن
تعليم الصبيان الغناء، وعن تعليم الفتيات، وعن ثمن المغنية، وعن أجر
المغنية(.
فهذا
من أجل ما قلنا بدءا إن هذا لهو ولعب.. ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَشتَري لَهوَ الحَديثِ لِيُضِلَّ عَ، سَبِيلِ اللَهِ).
فإذا
كان
الغناء لهوا يضل عن سبيل الله، فتعليم الصبيان فساد لهم، وكذلك
المغنية. وإنما تُعلم ليرتفع ثمنها عند أهل الريب والفساد؛ لأنهم يبغون
بها نصيب النفس.
حدثنا على بن حجر السعدي، حدثنا المشمعل بن ملحان من
ولد عدى بن حاتم الطائى، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زهر، عن زهر،
عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: )لاَ يَحِلُّ تَعليمُ المُغَنِياتِ، وَلاَ بيعِهِنَّ،
وأَمانِهِنَّ حَرَامٌ. وَفِي مِثلِهِ نزلت: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَري
لَهوَ الحَديثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَهِ). حدثنا صالح بن عبد الله،
حدثنا فرج بن فضالة، عن ابن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا قيس بن جعفر
الدارمي، حدثني عبيد الله بن رؤيةب بن العجاج، عن أبيه، عن جده، قال: قال
لي أبو هريرة رضي الله عنه: يا عجاج شبب بالعراض والدمث، وإياك وأعراض
المسلمين(.
بيع العلم وثمنهوأما قوله: )وَنهَى عن بَيع العلم وثمنه(.
فالعلم
هو
دين الله ابتعث به أنبياءه؛ فلا يباع بعرض الدنيا. وقد أخذ الله على
أهل الكتاب ميثاقهم أن يبينوه ولا يكتمونه، فباعوه؛ فذمهم الله قال:
(فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَاشتَرَوا بِهِ ثَمَناً قَلَيلاً) يعني
الدنيا (فَبِسَ ما يَشتَرُونَ).
وقال في التوراة: )علّم مجانا كما عُلمت
مجانا(.
وقال لنبيه عليه السلام: (قُل ما أسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرِ،
وَمَا أَنا مِنَ المُتَكَلِفينَ).
ولم
يطلق لأحد أن يبلغ عن الله ما ائتمنه عليه من علمه ووحيه يعرض الدنيا.
وكذلك العلماء نعدهم خلفاء الرسل، وهم مبلغون عن الله، فليس لأحد منهم أن
يأخذ عليه نوالا من حطام الدنيا. فقد كان العلماء يتوقون في حالة البيع
والشراء أن يحابوا أو يزادوا لمكانهم من العلم؛ حتى روى لنا عن الحسن
البصري رحمه الله أنه قيل له: هذا لك بكذا. فقال: إنما جئت أشتري بدرهمي
لا بديني. فهذا إذا قبل المحاباة طمعا فيه من أجل دينه، فأما إذا عرف له
حقه من غير طمع، فلا بأس به. ولم يزل أهل الدين يعرف لهم، ويؤثرون على
غيرهم من الناس. وكان عليه السلام يؤثر، ويفضل، ويعرف له على نبوته ومكانه
من الله تعالى.
الشعر المهجوروأما قوله: )ونهى عن الشعر، وعن مجالسة
الشاعر(.
تعليم الصبيان الغناء، وعن تعليم الفتيات، وعن ثمن المغنية، وعن أجر
المغنية(.
فهذا
من أجل ما قلنا بدءا إن هذا لهو ولعب.. ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَشتَري لَهوَ الحَديثِ لِيُضِلَّ عَ، سَبِيلِ اللَهِ).
فإذا
كان
الغناء لهوا يضل عن سبيل الله، فتعليم الصبيان فساد لهم، وكذلك
المغنية. وإنما تُعلم ليرتفع ثمنها عند أهل الريب والفساد؛ لأنهم يبغون
بها نصيب النفس.
حدثنا على بن حجر السعدي، حدثنا المشمعل بن ملحان من
ولد عدى بن حاتم الطائى، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زهر، عن زهر،
عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: )لاَ يَحِلُّ تَعليمُ المُغَنِياتِ، وَلاَ بيعِهِنَّ،
وأَمانِهِنَّ حَرَامٌ. وَفِي مِثلِهِ نزلت: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشتَري
لَهوَ الحَديثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَهِ). حدثنا صالح بن عبد الله،
حدثنا فرج بن فضالة، عن ابن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا قيس بن جعفر
الدارمي، حدثني عبيد الله بن رؤيةب بن العجاج، عن أبيه، عن جده، قال: قال
لي أبو هريرة رضي الله عنه: يا عجاج شبب بالعراض والدمث، وإياك وأعراض
المسلمين(.
بيع العلم وثمنهوأما قوله: )وَنهَى عن بَيع العلم وثمنه(.
فالعلم
هو
دين الله ابتعث به أنبياءه؛ فلا يباع بعرض الدنيا. وقد أخذ الله على
أهل الكتاب ميثاقهم أن يبينوه ولا يكتمونه، فباعوه؛ فذمهم الله قال:
(فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَاشتَرَوا بِهِ ثَمَناً قَلَيلاً) يعني
الدنيا (فَبِسَ ما يَشتَرُونَ).
وقال في التوراة: )علّم مجانا كما عُلمت
مجانا(.
وقال لنبيه عليه السلام: (قُل ما أسأَلُكُم عَلَيهِ مِن أَجرِ،
وَمَا أَنا مِنَ المُتَكَلِفينَ).
ولم
يطلق لأحد أن يبلغ عن الله ما ائتمنه عليه من علمه ووحيه يعرض الدنيا.
وكذلك العلماء نعدهم خلفاء الرسل، وهم مبلغون عن الله، فليس لأحد منهم أن
يأخذ عليه نوالا من حطام الدنيا. فقد كان العلماء يتوقون في حالة البيع
والشراء أن يحابوا أو يزادوا لمكانهم من العلم؛ حتى روى لنا عن الحسن
البصري رحمه الله أنه قيل له: هذا لك بكذا. فقال: إنما جئت أشتري بدرهمي
لا بديني. فهذا إذا قبل المحاباة طمعا فيه من أجل دينه، فأما إذا عرف له
حقه من غير طمع، فلا بأس به. ولم يزل أهل الدين يعرف لهم، ويؤثرون على
غيرهم من الناس. وكان عليه السلام يؤثر، ويفضل، ويعرف له على نبوته ومكانه
من الله تعالى.
الشعر المهجوروأما قوله: )ونهى عن الشعر، وعن مجالسة
الشاعر(.
فقد
وصفنا شأنه بدءا أن هذا هو الشعر المهجور. فإن كان وقع النهي عن ثمنه على
الصحيفة فالمعنى على ما وصفنا من أنه كلام مهجور. وأما إذا كان كلاما
محمودا، فالبيع وثمنه غير داخل في ذلك النهى.. ألا ترى أنه ما نهى عبد
الله بن رواحةن وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء رسول الله صلى
الله عليه وسلم يذبون عنه ويهجون الكفار ويعيرونهم وينكون فيهم، كما وصفهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: )لَكَأَنَّما تَنضَحُونَهُم
بِالنَبل(.
وإنما معناه في النهي عندنا عن مجالسة الشعراء عمن كان بهذه
الصفة التي ذكر الله تعالى: (وَالشُعَراءُ يَتَّبِعهُمُ الغَاوون أَلَم
تَر أَنَّهُم في كُلِ وَادٍ يَهيمونَ وَأَنَّهُم يَقولونَ مَالاَ
يَفعَلُونَ) فبين أنهم في أودية الضلالة يهيمون طعنا وتعييرا ومثالب
للأموات ورميا بالفرى لفروج المحصينات. فمن جالسه فهو تابعه، وهو فار. ثم
استنثى المحمود منهم، فقال: (إلا الَّذين آَمَنَوا وَعَمِلوا الصالِحات
وَذَكَرُوا الله كَثيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعدِ ما ظُلِمُوا). وما كان من
الشعر بعد ذلك حكمة وموعظة، فهو خارج عن هذا المنهى، وقد روي عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إنَّ من الشعر لحكمة( فقد نجد كثيرا من
الحكم قد نقلتها الأئمة بالقوافي في الأحاديث(.
لبس الذهب
للرجال
وأما قوله: )ونهى عن لبس الذهب للرجال(.
فالذهب
أغلى شيء في الدنيا. والجبابرة الفراعنة إنما قصدت من الدنيا لاستعمال
أغلى شيء منها.. ألا ترى إلى قول فرعون: (فَلَولاَ أُلقِىَ عَلَيهِ
أَسوِرَةٌ مِن ذَهَب)، يعرف قدر موسى من طريق الذهب؛ فحلية الذهب هو زى
الجبابرة.
قال: وروى في الخبر: أن الله تعالى قال: قل لبني إسرائيل: لا
تلبسوا لباس أعدائي، ولا تركبوا مراكب أعدائي؛ فتكونوا أعدائي كما هم
أعدائي.
فهؤلاء الجبابرة عمدوا إلى أعالي النعم، وغلى أعزه عند الخلق؛
فتناولوه من الدنيا، يريدون بذلك الخيلاء والفخر على عباد الله تكبرا
وتعظما وتيها، وهو الذهب والحرير وركوب النمور؛ لأن النمر عزيز أخذه لا
يكاد يتمكن منه.
فأما الذهب والحرير، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيده، ورقى المنبر، فقال: )هذان محرمان على ذكور أمتي، حل لإناثهم(.
فسبب ذلك التحريم وعلته أن الذهب والحرير للرجال خيلاء وتجبر وتعظم؛ فحرم
ذلك عليهم من أجل هذا الضرر العظيم، وأحل للإناث لأنها زينة لهن وعون على
العفة للأزواج. فهن إن افتخرن وتعظمن واختلن، فهن إناث ليس منهن فراعنة
ولا جبابرة.
لبس القسىوأما قوله: " ونهى عن لبس القسى " .
فهو
قريب مما وصفنا، القسى ثياب حمر كالأرجوانن قال: وروى عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: طالحمرة زينة الشيطان " قال: وروى في الخبر في
قوله عز وجل: (فَخَرَجَ عَلَى قَومِ فِى زِينَتهِ) قال: في ثياب حمر -
يعني به قارون - .
حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا أبو ثميلة يحيى بن
واضح، حدثنا عبيد الله بن سليمان، عن الضحاك، قال: سمعت نزالا عن عبد الله
أنه كره القسى، ويرويه عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
؟؟؟؟؟؟
لبسفالذهب
أغلى شيء في الدنيا. والجبابرة الفراعنة إنما قصدت من الدنيا لاستعمال
أغلى شيء منها.. ألا ترى إلى قول فرعون: (فَلَولاَ أُلقِىَ عَلَيهِ
أَسوِرَةٌ مِن ذَهَب)، يعرف قدر موسى من طريق الذهب؛ فحلية الذهب هو زى
الجبابرة.
قال: وروى في الخبر: أن الله تعالى قال: قل لبني إسرائيل: لا
تلبسوا لباس أعدائي، ولا تركبوا مراكب أعدائي؛ فتكونوا أعدائي كما هم
أعدائي.
فهؤلاء الجبابرة عمدوا إلى أعالي النعم، وغلى أعزه عند الخلق؛
فتناولوه من الدنيا، يريدون بذلك الخيلاء والفخر على عباد الله تكبرا
وتعظما وتيها، وهو الذهب والحرير وركوب النمور؛ لأن النمر عزيز أخذه لا
يكاد يتمكن منه.
فأما الذهب والحرير، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيده، ورقى المنبر، فقال: )هذان محرمان على ذكور أمتي، حل لإناثهم(.
فسبب ذلك التحريم وعلته أن الذهب والحرير للرجال خيلاء وتجبر وتعظم؛ فحرم
ذلك عليهم من أجل هذا الضرر العظيم، وأحل للإناث لأنها زينة لهن وعون على
العفة للأزواج. فهن إن افتخرن وتعظمن واختلن، فهن إناث ليس منهن فراعنة
ولا جبابرة.
لبس القسىوأما قوله: " ونهى عن لبس القسى " .
فهو
قريب مما وصفنا، القسى ثياب حمر كالأرجوانن قال: وروى عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال: طالحمرة زينة الشيطان " قال: وروى في الخبر في
قوله عز وجل: (فَخَرَجَ عَلَى قَومِ فِى زِينَتهِ) قال: في ثياب حمر -
يعني به قارون - .
حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا أبو ثميلة يحيى بن
واضح، حدثنا عبيد الله بن سليمان، عن الضحاك، قال: سمعت نزالا عن عبد الله
أنه كره القسى، ويرويه عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
؟؟؟؟؟؟
الحرير
وأما قوله: )ونهى عن لبس الحرير والقز، وعن لبس الديباج، وعن
لبس الخز، وعن الركوب على جلود النمور(.
فجنس
منه الصوف، وجنس منه الحرير، وجنس منه الجلود المدبوغة، وجنس منه السداب.
فإنما صارت كلها مضمومة في نهى واحد من أجل أنها زي الفراعنة والجبابرة.
ولو كانت من أجل أجناسها لرد كل شيء إلى جنسه، ثم أطلق لهم الخز من أجل
أنه شيء دونها، وقد يكون منه الخسيس الذي يوازى القطن والكتان وأصله صوف،
فهو وإن كان لينا فإنه كساء، وليس في الأكسية خيرية، فهل سمعت الله ذكر في
الجنة خزا كما ذكر الحرير والسندس والإستبراق. فهذا كله إبريسم. فأما الخز
فهو شعر ليست من لباس الجبابرة والفراعنة، بل يأنفون من ذلك، وإنما هو
للقواد والدهاقين والبطاريق.. ألاترى أنه أبيح للرجال التحلي بالفضة مثل
الخواتيم ونحوه، ثم نهى عن الشرب في آنية الفضة وسوى بالذهب؛ لأن هذا تشبه
بأهل الكفر.
لبس الخز، وعن الركوب على جلود النمور(.
فجنس
منه الصوف، وجنس منه الحرير، وجنس منه الجلود المدبوغة، وجنس منه السداب.
فإنما صارت كلها مضمومة في نهى واحد من أجل أنها زي الفراعنة والجبابرة.
ولو كانت من أجل أجناسها لرد كل شيء إلى جنسه، ثم أطلق لهم الخز من أجل
أنه شيء دونها، وقد يكون منه الخسيس الذي يوازى القطن والكتان وأصله صوف،
فهو وإن كان لينا فإنه كساء، وليس في الأكسية خيرية، فهل سمعت الله ذكر في
الجنة خزا كما ذكر الحرير والسندس والإستبراق. فهذا كله إبريسم. فأما الخز
فهو شعر ليست من لباس الجبابرة والفراعنة، بل يأنفون من ذلك، وإنما هو
للقواد والدهاقين والبطاريق.. ألاترى أنه أبيح للرجال التحلي بالفضة مثل
الخواتيم ونحوه، ثم نهى عن الشرب في آنية الفضة وسوى بالذهب؛ لأن هذا تشبه
بأهل الكفر.
فإنما زجر عن هذه الأشياء كي لا يتشبهوا بأهل الكفر بالله،
وليضاهوا أولياء الله فيما وعدهم في الآجل، فمن فعل ذلك قيل له يوم
القيامة حين يعرض على ربه: (أَذهَبتُم طَيبَاتِكُم في حَياتِكُمُ
الدُّنيَا واستَمتَعتُم بِها فَاليَومَ تُجزَونَ عَذَاب الهُونِ).
؟
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
تفليج الأسنان والتنمص والخصاء
فإن
فعلت لم تقبل صلاتها حتى تغتسل اغتسال الجنابة. فهذا الطيب داع إلى
الفتنة، وكان النساء يخرجن إلى المسجد في ذلك الزمان لصلاة المكتوبة،
فنهين عن الطيب؛ لئلا يوجد ريحها فتكون فتنى، وأمرت بالإغتسال عن فعلت ذلك
كالإغتسال من الجنابة بالأشنان والسدر كي يذهب عبق العطر.
تزين
المرأة لغير زوجها
وأما قوله: )ونهى أن تمنع المرأة نفسها عن زوجها ولو كانت على
قتب، إذا كانت طاهرة(.
فهذا قد تقدم وصفه؛ لأن الزوج قد ضمن المهر،
والنفقة، وعقدالعقد؛ لتكون مستعدة له في وقت الحاجة؛ ليعف عما حرم الله
تعالى.
فأوقات الحاجة هي لاحقة بالمفروضات الواجبات.. ألا ترى أنه أطلق
الله تعالى له أربعا؛ لأنها صارت مشغولة عنه بالحيض.
وقوله:
)ولو كانت على قتب( فهو قتب البعير. وذلك أنهم في الجاهلية كانوا أهل
بادية، وقلت القوابل عندهم، فكن يقعدن على قتب الأرض عند الطلق حتى تلد.
فلم يعذرها في ذلك الوقت الذي تطلق للولادة أن تمنع نفسها حتى تبذل، وهي
في ذلك الوقت عند الولادة في وقت الحيض، فإن رأت الدم فهي طاهرة؛ لأن ذلك
ليس بدم حيض، وإذا كان الولادة في وقت الحيض فهي معذورة، من أجل الحيض؛
ولذلك شرط في الحديث فقال: )إذا كانت طاهرة( لأنها ربما ولدت في أيام
حيضها.
بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه
وأما قوله: )ونهى عن بيع
الشطرنج، وعن اللعب به؛ ونهى عن النرد، واللعب به، وعن مخالة اللاعب
بالنرد. ونهى عن القمار كله، وعن اللعب بالجوز للصبيان.
فهذا كله من
القمار، وهو الميسر.. قال القاسم بن محمد: كل ما ألهى عن الصلاة، وعن ذكر
الله؛ فهو قمار. فإنما نهى عن ذلك كله؛ لأنه ملهى، يدعو إلى القمار، ويلهى.
فأما
بيع
الشطرنج والنرد فهو شيء لا ثمن له؛ لأنه لا نفع، ولو كسر وأحرق لم
يضمن الكاسر شيئا. وقد رخص ابن عمر للصبيان في اللعب بالجوز في أيام العيد
فيما روى عنه؛ لأن ذلك منهم غير طلب القمار. والذي جاء من النبي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم تأديبا لهم. واللعب كله باطل، وما خلق الخلق للعب.
الخمر
وأما قوله: )وَنَهَى عن تفليج
الأسنان، وعن التنمص، وعن الخِصاء).
فهذا كله مثلة، والمثلة أن تفعل
فعلا تتشبه بالخالق وتتمثل؛ لأن من شأنه أن يفعل ما لم يكن فيخلق.
فتفليج
الأسنان
أن يعالجه بالحديد، حتى يميز بين الأسنان، فيجعل بينهن خللا. فقد
بدلت خلق الله، وتمثلت بهف ي أن تغير خلقه، وترتاد أن تكون على ما تريد.
والتنمص،
وهو نتف الشعر من الجبين، ففيه مؤونة عظيمة في نتفه، ولو كان حلقا لكان
ايسر، ولكنه نتف، وألم وجيع، وتعذيب للنفس.
وكذلك الخصاء، ذكره الله
تعالى، فانت تريد أن تجعله في خلق الإناث، وهو قوله: (لاَ تَبديلَ لِخَلقِ
الله) قال:هوالإخصاء.
الوشموأما قوله: )ونهى عن الوشم " .
فهو وخز
بالإبر حتى يصير كتابة على اليد أو صورة شيء ممن يهوى، ثم ينضحه بالنبل،
ويذر عليه ليبقى أثره هناك كالخلقة.
فهذا
كله من فعل أهل الجاهلية أشرا وبطرا؛ اتباعا للهوى وللشيطان، وقد وعد الله
في تنزيله فقال: (إِلاَّ مَن اتَّبَعَكَ مِن الغَاوينَ وَإِنَّ جَهَنمَ
لَمَوعِدُهُم أجمعين) بسلطان عليهم جار في الغواة وهم تبعه، واستثنى الله
عباده منهم فقال: (إنَّ عبادى لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطان). فلا تجد مؤمنا
يتبع الشيطان، إنماهو تابع لهواه.
فهذه الأشياء التي زجر عنها رسول الله
صلى الله عليه وسلم، هي من تمرد أهل الكفر وبطرهم.
وأما
ما كان من مثل حلق الرأس في النسك، أو للأذى، أو للحر في الصيف يريد أن
يخفف عن نفسه مؤونة الشعر، ومثل الختان، والحجامة؛ فهذا من أجل منفعة
الدين أوالدنيا؛ فهو غير داخل في ذلك.
قال: وسئلت عائشة رضي الله عنها:
عن حف المرأة لزوجها جبينها؟ ونتف الشعر حتى تحفيها، فقالت: لا بأس به،
إنما هي شيء تزين المرأة به نفسها لزوجها.
قال: وسئلت من التداوي من
الكلفب الوجه؟ فقالت: كانت إحدانا تطلى وجهها بالورس ونحوه للكلف.
خروج
المرأة من بيت زوجها بدون إذنهوأما
قوله: )ونَهى أن تخرج المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه. فإن خرجت بغير إذنه
لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع(.
فإن
المرأة خلقت مسكنا للرجال، وكذا أخبر في تنزيله: (وَجَعَلَ مِنها زَوجَهَا
لِيسكُنَ إليها). وقالك (خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكٌم أَزواجا لِتَسكُنُوا
إليها).
فأصل تزويجها للعفة والسكون؛ فإن النفس تضطرب للشهوة الهائجة
فتهبط في الهلكة والدنس؛ فجعلت هذه ليسكن عن الإضطراب ويعف عن الدنس. فإذا
عقد النكاح، وضمن المهر؛ فالمرأة في وثاقه، ومهرها لازم عليه، ونفقتها
جارية على الزوج، ومن حق الزوج عليها أن تكون مستعدة لحاجته إليها. وهي لا
تدري متى يكون وقت الحاجة، ومتى تهيج الشهوة فعرضت له الحاجة إليها، فإذا
فقدها عند الحاجة خيف عليه أن يجد الشيطان سبيلا إلى إهلاكه، فيقع في
الزنا. فهذه عاصية قد استوجبت اللعنة في الملكوت. وربما خرجت فعرضت نفسها
للرجال، وفي الزوج غيرة، فهو يقاسي تلك الغيرة والمرأة في الخيانة له أن
ترى شخصها غيره، فيلتذ بمحاسنها فوق الثياب، وهي في وثاقه وملكه، ونفقتها
جارية عليه، وقد بذل مهرها وألزم نفسه ذلك.
فإذا خرجت بإذن الزوج، فقد
سقطت هذه المؤن عنها، وليس عليها من قبل الزوج تبعة في وقت الفقد عند
الحاجة.
وروى
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه خرج يوما فرجع من الطريق كالمستعجل،
فرؤى ذلك في وجهه، في البيت نساء فخرجن، فأتى أهله، ثم خرج ورأسه يقطر،
فقال: )إنه ألقى في نفسي شهوة النساء، فقمت لذلك، ورجعت إليكم، كان ذلك
فافعلوا هكذا من أماثل أعمالكم(. وقال في حديث آخر: )إذا رأى أحدكم امرأة،
فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته، فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في قلبه(.
ولذلك
كان يغزو وبرفقته إحدى نسائه مخافة الحاجة.
تطيب المرأة للمسجدوأما
قوله: )نهى ان تتطيب المرأة للمسجد(.
الأسنان، وعن التنمص، وعن الخِصاء).
فهذا كله مثلة، والمثلة أن تفعل
فعلا تتشبه بالخالق وتتمثل؛ لأن من شأنه أن يفعل ما لم يكن فيخلق.
فتفليج
الأسنان
أن يعالجه بالحديد، حتى يميز بين الأسنان، فيجعل بينهن خللا. فقد
بدلت خلق الله، وتمثلت بهف ي أن تغير خلقه، وترتاد أن تكون على ما تريد.
والتنمص،
وهو نتف الشعر من الجبين، ففيه مؤونة عظيمة في نتفه، ولو كان حلقا لكان
ايسر، ولكنه نتف، وألم وجيع، وتعذيب للنفس.
وكذلك الخصاء، ذكره الله
تعالى، فانت تريد أن تجعله في خلق الإناث، وهو قوله: (لاَ تَبديلَ لِخَلقِ
الله) قال:هوالإخصاء.
الوشموأما قوله: )ونهى عن الوشم " .
فهو وخز
بالإبر حتى يصير كتابة على اليد أو صورة شيء ممن يهوى، ثم ينضحه بالنبل،
ويذر عليه ليبقى أثره هناك كالخلقة.
فهذا
كله من فعل أهل الجاهلية أشرا وبطرا؛ اتباعا للهوى وللشيطان، وقد وعد الله
في تنزيله فقال: (إِلاَّ مَن اتَّبَعَكَ مِن الغَاوينَ وَإِنَّ جَهَنمَ
لَمَوعِدُهُم أجمعين) بسلطان عليهم جار في الغواة وهم تبعه، واستثنى الله
عباده منهم فقال: (إنَّ عبادى لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطان). فلا تجد مؤمنا
يتبع الشيطان، إنماهو تابع لهواه.
فهذه الأشياء التي زجر عنها رسول الله
صلى الله عليه وسلم، هي من تمرد أهل الكفر وبطرهم.
وأما
ما كان من مثل حلق الرأس في النسك، أو للأذى، أو للحر في الصيف يريد أن
يخفف عن نفسه مؤونة الشعر، ومثل الختان، والحجامة؛ فهذا من أجل منفعة
الدين أوالدنيا؛ فهو غير داخل في ذلك.
قال: وسئلت عائشة رضي الله عنها:
عن حف المرأة لزوجها جبينها؟ ونتف الشعر حتى تحفيها، فقالت: لا بأس به،
إنما هي شيء تزين المرأة به نفسها لزوجها.
قال: وسئلت من التداوي من
الكلفب الوجه؟ فقالت: كانت إحدانا تطلى وجهها بالورس ونحوه للكلف.
خروج
المرأة من بيت زوجها بدون إذنهوأما
قوله: )ونَهى أن تخرج المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه. فإن خرجت بغير إذنه
لعنتها ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع(.
فإن
المرأة خلقت مسكنا للرجال، وكذا أخبر في تنزيله: (وَجَعَلَ مِنها زَوجَهَا
لِيسكُنَ إليها). وقالك (خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكٌم أَزواجا لِتَسكُنُوا
إليها).
فأصل تزويجها للعفة والسكون؛ فإن النفس تضطرب للشهوة الهائجة
فتهبط في الهلكة والدنس؛ فجعلت هذه ليسكن عن الإضطراب ويعف عن الدنس. فإذا
عقد النكاح، وضمن المهر؛ فالمرأة في وثاقه، ومهرها لازم عليه، ونفقتها
جارية على الزوج، ومن حق الزوج عليها أن تكون مستعدة لحاجته إليها. وهي لا
تدري متى يكون وقت الحاجة، ومتى تهيج الشهوة فعرضت له الحاجة إليها، فإذا
فقدها عند الحاجة خيف عليه أن يجد الشيطان سبيلا إلى إهلاكه، فيقع في
الزنا. فهذه عاصية قد استوجبت اللعنة في الملكوت. وربما خرجت فعرضت نفسها
للرجال، وفي الزوج غيرة، فهو يقاسي تلك الغيرة والمرأة في الخيانة له أن
ترى شخصها غيره، فيلتذ بمحاسنها فوق الثياب، وهي في وثاقه وملكه، ونفقتها
جارية عليه، وقد بذل مهرها وألزم نفسه ذلك.
فإذا خرجت بإذن الزوج، فقد
سقطت هذه المؤن عنها، وليس عليها من قبل الزوج تبعة في وقت الفقد عند
الحاجة.
وروى
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه خرج يوما فرجع من الطريق كالمستعجل،
فرؤى ذلك في وجهه، في البيت نساء فخرجن، فأتى أهله، ثم خرج ورأسه يقطر،
فقال: )إنه ألقى في نفسي شهوة النساء، فقمت لذلك، ورجعت إليكم، كان ذلك
فافعلوا هكذا من أماثل أعمالكم(. وقال في حديث آخر: )إذا رأى أحدكم امرأة،
فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته، فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في قلبه(.
ولذلك
كان يغزو وبرفقته إحدى نسائه مخافة الحاجة.
تطيب المرأة للمسجدوأما
قوله: )نهى ان تتطيب المرأة للمسجد(.
فإن
فعلت لم تقبل صلاتها حتى تغتسل اغتسال الجنابة. فهذا الطيب داع إلى
الفتنة، وكان النساء يخرجن إلى المسجد في ذلك الزمان لصلاة المكتوبة،
فنهين عن الطيب؛ لئلا يوجد ريحها فتكون فتنى، وأمرت بالإغتسال عن فعلت ذلك
كالإغتسال من الجنابة بالأشنان والسدر كي يذهب عبق العطر.
تزين
المرأة لغير زوجها
وأما قوله: )ونهى أن تتزين المرأة لغير زوجها(.
فإنف
علت
كان على الله ان يحرقها بالنار؛ فالتزين لغير الزوج تبرج وتطلع وتشرف
للرجال، وقال الله تعالى: (وَلاَ تَبَرَجنَ تَبَرُّجَ الجاهِلية). وقال:
(وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ ما يُخفينَ مِنَ زِنَتِهِنَّ)، وهو صوت
الخلخال، فإذا فعلت ذلك وتزينت لغير زوجها فهذا فساد عظيم في قلبها،
وخيانة للزوج.
وإن لم تكن ذات زوج فالفتنة فيها باعثة إلى ما هو أعظم
من ذلك، كما قال ذلك الرجل: " طلقها " قال: لا اصبر عنها إن فعلت ذلك
فتراني احبهان قال: فأمسكها إن شئت فاستمتع بها " حدثنا بذلك عبد الجبار
بن العلاء، حدثنا سفيان، عن هارون بن زياد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. حدثنا عبد الكريم، عن علي بن عبد
الله، حدثنا جعفر بن حبان، عن معاوية بن قرة، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بذلك.
كلام المرأةوأما قوله: (وَنَهى أن تتكلم المرأة مع غير زوجها
أو ذي رحم غير محرم إلا خمس كلمات فيما لا بد منه(.
فهذا
سببه ما تقدم، لأن الكلام نغمة، وفي النغمة فتنة وشهوة، فإذا كلمت غير
زوجها فقد أذاقته بعض شهوتها، فقد خانت زوجها.. الا ترى أنه استنثى المحرم
لأنها لا تحل له، وقرب رحمها منه يحول دون أن يجد طعما للذاتها. ثم أطلق
لها في كلمات محظورات ذات عدد لا بد لها منها للضرورة.
قال أبوعبد الله
رحمه الله: وكان عندنا رجل أعمى، افتتن بجارة له، حتى ابتلى بلاء عظيما
وخرب منزله، فسألت عن سبب ذلك، فقيل: كان بينهما كوة، فكانت تجىء تلك
المرأة فتحدث إمرأة الأعمى ويستمع الأعمى إلى حديثها، فافتتن بها لحلاوة
نغمتها وعذوبة ألفاظها.. فيما ذكر لي.
والنغمة شأنها عظيم، ومن ها هنا
قال: )من نابه شيء في صلاته، فلتسبح الرجال، ولتصفق النساء(؛ لحال النغمة،
فإن فيه افتتانا للمصلين إذا سمعوا نغمة المرأة بالتسبيح. والمراة جند من
جنود إبليس عظيم؛ ولذلك قال إبليس حيث خلقت المرأة: فأنت نصف جندي، وأنت
موضع سري، وأنت سهمي المسموم الذي أرمي بلك فلا أخطىء. وإنما صارت مسمومة
لأنها خلقت من الضلع الذي يجاور موضع الشهوة، من آدم عليه السلام. فهي من
قرنها إلى قدمها شهوة حتى شعرها وظفرها؛ فلذلك أمرت أن تستر كل شيء منها
إلا ما ظهر مما لا يمتنع وهو: الوجه والكفان؛ فبالوجه تنظر، وبالرجل تمشي،
وباليد تتناول.
ألا ترى كيف حجب الله نساء النبي من المؤمين وقال
(وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَاسأَلوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجاب) ثم
قال: (ذَلِكُم اأطهَرُ لَقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ). فرحم الله العباد،
فمنعهم النظر إليهن كيلا يقعوا في خيانة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا
يقعن في خيانة الرسول عليه السلام. فما ظنك بمن خان محمد صلى الله عليه
وسلم في أهله ماذا يحل به من الله؟ حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا سعيد بن
أبي مريم المصري، حدثنا نافع بن يزيد، حدثنا خالد بن يزيد، عن عثمان بن
سعيد، قال: لقى يحيى ابن زكريا عيسى عليهما السلام، فقال يحيى لعيسى
عليهما السلام: يا روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، حدثني.. قال عيسى
عليه السلام: بل أنت فحدثني؛ أنت خير مني؛ أنت روح الله وكلمته تقعد مع
الروح؛ فحدثني ما يبعد من غضب الله. قال له عيسى عليه السلام: لا تغضب.
قال: يا روح الله، ما يبدي الغضب ويثبته؟ قال: التعزز، والحمية، والفخر،
والعظمة. قال: يا روح الله، هؤلاء شداد كلهن؛ فكيف لي بهن؟ قال: سكن
الروح، واكظم الغيظ. ثم قال له: وإياك واللهو؛ فيسخط الله عليك، وإياك
والزنا؛ فإنه من غضب الرب. قال: يا روح الله، ما يبدي الزنا وثبته ويقيده؟
قال: النظر، والشهوة، واتباعها.. لاتكونن حديد النظر إلى ما ليس لك؛ فإنه
لن يزنى فرجك ما حفظت عينيك، ولن تستطيع ذلك إلا بالله.
امتناع المرأة
عن زوجها
فإنف
علت
كان على الله ان يحرقها بالنار؛ فالتزين لغير الزوج تبرج وتطلع وتشرف
للرجال، وقال الله تعالى: (وَلاَ تَبَرَجنَ تَبَرُّجَ الجاهِلية). وقال:
(وَلا يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِنَّ ما يُخفينَ مِنَ زِنَتِهِنَّ)، وهو صوت
الخلخال، فإذا فعلت ذلك وتزينت لغير زوجها فهذا فساد عظيم في قلبها،
وخيانة للزوج.
وإن لم تكن ذات زوج فالفتنة فيها باعثة إلى ما هو أعظم
من ذلك، كما قال ذلك الرجل: " طلقها " قال: لا اصبر عنها إن فعلت ذلك
فتراني احبهان قال: فأمسكها إن شئت فاستمتع بها " حدثنا بذلك عبد الجبار
بن العلاء، حدثنا سفيان، عن هارون بن زياد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. حدثنا عبد الكريم، عن علي بن عبد
الله، حدثنا جعفر بن حبان، عن معاوية بن قرة، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بذلك.
كلام المرأةوأما قوله: (وَنَهى أن تتكلم المرأة مع غير زوجها
أو ذي رحم غير محرم إلا خمس كلمات فيما لا بد منه(.
فهذا
سببه ما تقدم، لأن الكلام نغمة، وفي النغمة فتنة وشهوة، فإذا كلمت غير
زوجها فقد أذاقته بعض شهوتها، فقد خانت زوجها.. الا ترى أنه استنثى المحرم
لأنها لا تحل له، وقرب رحمها منه يحول دون أن يجد طعما للذاتها. ثم أطلق
لها في كلمات محظورات ذات عدد لا بد لها منها للضرورة.
قال أبوعبد الله
رحمه الله: وكان عندنا رجل أعمى، افتتن بجارة له، حتى ابتلى بلاء عظيما
وخرب منزله، فسألت عن سبب ذلك، فقيل: كان بينهما كوة، فكانت تجىء تلك
المرأة فتحدث إمرأة الأعمى ويستمع الأعمى إلى حديثها، فافتتن بها لحلاوة
نغمتها وعذوبة ألفاظها.. فيما ذكر لي.
والنغمة شأنها عظيم، ومن ها هنا
قال: )من نابه شيء في صلاته، فلتسبح الرجال، ولتصفق النساء(؛ لحال النغمة،
فإن فيه افتتانا للمصلين إذا سمعوا نغمة المرأة بالتسبيح. والمراة جند من
جنود إبليس عظيم؛ ولذلك قال إبليس حيث خلقت المرأة: فأنت نصف جندي، وأنت
موضع سري، وأنت سهمي المسموم الذي أرمي بلك فلا أخطىء. وإنما صارت مسمومة
لأنها خلقت من الضلع الذي يجاور موضع الشهوة، من آدم عليه السلام. فهي من
قرنها إلى قدمها شهوة حتى شعرها وظفرها؛ فلذلك أمرت أن تستر كل شيء منها
إلا ما ظهر مما لا يمتنع وهو: الوجه والكفان؛ فبالوجه تنظر، وبالرجل تمشي،
وباليد تتناول.
ألا ترى كيف حجب الله نساء النبي من المؤمين وقال
(وَإِذَا سَأَلتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَاسأَلوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجاب) ثم
قال: (ذَلِكُم اأطهَرُ لَقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ). فرحم الله العباد،
فمنعهم النظر إليهن كيلا يقعوا في خيانة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا
يقعن في خيانة الرسول عليه السلام. فما ظنك بمن خان محمد صلى الله عليه
وسلم في أهله ماذا يحل به من الله؟ حدثنا عمر بن أبي عمر، حدثنا سعيد بن
أبي مريم المصري، حدثنا نافع بن يزيد، حدثنا خالد بن يزيد، عن عثمان بن
سعيد، قال: لقى يحيى ابن زكريا عيسى عليهما السلام، فقال يحيى لعيسى
عليهما السلام: يا روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، حدثني.. قال عيسى
عليه السلام: بل أنت فحدثني؛ أنت خير مني؛ أنت روح الله وكلمته تقعد مع
الروح؛ فحدثني ما يبعد من غضب الله. قال له عيسى عليه السلام: لا تغضب.
قال: يا روح الله، ما يبدي الغضب ويثبته؟ قال: التعزز، والحمية، والفخر،
والعظمة. قال: يا روح الله، هؤلاء شداد كلهن؛ فكيف لي بهن؟ قال: سكن
الروح، واكظم الغيظ. ثم قال له: وإياك واللهو؛ فيسخط الله عليك، وإياك
والزنا؛ فإنه من غضب الرب. قال: يا روح الله، ما يبدي الزنا وثبته ويقيده؟
قال: النظر، والشهوة، واتباعها.. لاتكونن حديد النظر إلى ما ليس لك؛ فإنه
لن يزنى فرجك ما حفظت عينيك، ولن تستطيع ذلك إلا بالله.
امتناع المرأة
عن زوجها
وأما قوله: )ونهى أن تمنع المرأة نفسها عن زوجها ولو كانت على
قتب، إذا كانت طاهرة(.
فهذا قد تقدم وصفه؛ لأن الزوج قد ضمن المهر،
والنفقة، وعقدالعقد؛ لتكون مستعدة له في وقت الحاجة؛ ليعف عما حرم الله
تعالى.
فأوقات الحاجة هي لاحقة بالمفروضات الواجبات.. ألا ترى أنه أطلق
الله تعالى له أربعا؛ لأنها صارت مشغولة عنه بالحيض.
وقوله:
)ولو كانت على قتب( فهو قتب البعير. وذلك أنهم في الجاهلية كانوا أهل
بادية، وقلت القوابل عندهم، فكن يقعدن على قتب الأرض عند الطلق حتى تلد.
فلم يعذرها في ذلك الوقت الذي تطلق للولادة أن تمنع نفسها حتى تبذل، وهي
في ذلك الوقت عند الولادة في وقت الحيض، فإن رأت الدم فهي طاهرة؛ لأن ذلك
ليس بدم حيض، وإذا كان الولادة في وقت الحيض فهي معذورة، من أجل الحيض؛
ولذلك شرط في الحديث فقال: )إذا كانت طاهرة( لأنها ربما ولدت في أيام
حيضها.
بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه
وأما قوله: )ونهى
عن بيع النخل حتى تزهو وتجيء بحمار أو بصفار، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن
الحب حتى يشتد وعن الثمرة حتى تطعم في أكمامها(.
فهذا كله مثال
واحدالعباد أكل الأموال بالباطل. فربما باع النخل، وقد بدا ثمرته؛ لأن
الله تعالى قد حظر على ا، ولم تصربحال ينتفع بها؛ لأنها كحب الرمان
المتراكم؛ فذاك ما لا نفع فيه فإذا أصابته آفة، وهو بتلك الحال، فقد صار
الآخذ لثمنه آكلا بالباطل.
فإذا احمار واصفار، فقد صار بحال ينتفع به،
فقد أعطى ثمنا في شيء ينتفع به إن كان الله تعالى يرزقه السلامة حتى يدرك،
وإلا فقد أخذ شيئا ينتفع به.
وكذلك العنب إذا كان عوزقا لا ثمن له،
وكذلك الحب الذي لم ينعقد ولم يبلغ الفرك، وعن الثمرة حتى تطعم في أكامها.
فك
ثمرة
صار لها ثمن في ذلك، ومن قبل ذلك فيه ما لم ينعقد ليس له ثمن، فإذا
أصابته آفة في ذلك الوقت لم يكن ما أخذ من ثمنه إلا بالباطل؛ لأنه لم يعط
عنه عوضا.
وكذا بكيله من الثمر والمحاقلة أن تقول: أبيعك هذا الزرع
بحقله ثم يحصد بعد بكذا درهم. فهذا غرر فقد أخذ ماله على شيء لا يدري يكون
أم لا.
بيع السنينوأما قوله: )ونهى عن بيع السنين(.
وهو أن يقول:
أبيعك ثمرة هذا النخل لكذا وكذا من السنين بكذا درهم.
فهذا غرر؛ فقد أخذ
ماله على شيء لا يدري أن يكون أم لا.
المزابنة والمحاقلةوأما قوله:
)ونهى عن المزابنة والمحاقلة(.
وهو
أن يقول: أبيعك ثمرة هذا النخل بكذا قفيز من تمر. فهذا ربا؛ لأنه لا يدري
لعل التمر الذي على رؤوس النخل زائد على الذي يكيل له؛ لأن التمر بالتمر،
والبر بالبر، سواء بسواء، والفضل ربا، وكذلك العنب بالزبيب.
بيع القردة
والخنازيروأما قوله: )ونهى عن بيع القردة، وعن جلود القردة والخنازير؛ لأن
القرد والخنزير سبع وقد نهى عن كل ذي ناب من السباع(.
وكذلك
الذئب والنمر وكل ذي ناب فهو سبع، لا يجوز بيعه، ولا ثمن له؛ لأنه حرام لا
ينتفع به، ومباح قتلهن، وما أبيح لك قتلهن فلا يملك، وما لا يملك لم يجز
بيعه، ولا ملك لأحد عليهن.
ولو قتل رجل ذئبا في يد آخر أو أسدا أو قردا
أوخنزيرا، لم يكن عليه شيء.ز ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أهدر شأن الكلاب، وأمر بقتلهنن ولم يجعل للكلاب ثمنا، غلا كلب الصيد وكلب
الماضية. فلما ظهر النفع من جنس منهن، وقع الملك، وحل بيعهن، وغرم قاتلهن.
حدثنا
ابن
مسلم، حدثنا على بن سعيد المسروقى، حدثنا عباد ابن عوام، عن محمد بن
أبي إسحاق، عن عمران بن أبي أنيس: أن رجلا كان له كلب صيد، قد أعطى به
عشرين بعيرا، فتزوج بامرأة وأمهرها ذلك الكلب، فقتله؛ فرفع ذلك إلى عثمان
رضي الله عنه، فغرمه عشرين بعيرا.
بيع الصنموأما قوله: )ونهى عن بيع
الصنم(.
فكذلك
أيضا؛ لأنه لا ثمن له، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أمرني ربي
بكسر الأوثان، ومحق المعارف(. فكيف يجوز بيع شيء أمر الله تعالى رسوله صلى
الله عليه وسلم بمحقه وإبطاله.
وكذلك بيع المزامير والمعارف، وهو باطل،
ولا ثمن له، ومن كسره لم يغرم شيئا. حدثنا صالح بن محمدن حدثنا قيس بن
الربيع عن أبي إسحاق، عن شريح أنه أتى برجل كسر طنبور الآخر، فلم يضمنه
شريح.
الشطرنج والنرد والجوز
عن بيع النخل حتى تزهو وتجيء بحمار أو بصفار، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن
الحب حتى يشتد وعن الثمرة حتى تطعم في أكمامها(.
فهذا كله مثال
واحدالعباد أكل الأموال بالباطل. فربما باع النخل، وقد بدا ثمرته؛ لأن
الله تعالى قد حظر على ا، ولم تصربحال ينتفع بها؛ لأنها كحب الرمان
المتراكم؛ فذاك ما لا نفع فيه فإذا أصابته آفة، وهو بتلك الحال، فقد صار
الآخذ لثمنه آكلا بالباطل.
فإذا احمار واصفار، فقد صار بحال ينتفع به،
فقد أعطى ثمنا في شيء ينتفع به إن كان الله تعالى يرزقه السلامة حتى يدرك،
وإلا فقد أخذ شيئا ينتفع به.
وكذلك العنب إذا كان عوزقا لا ثمن له،
وكذلك الحب الذي لم ينعقد ولم يبلغ الفرك، وعن الثمرة حتى تطعم في أكامها.
فك
ثمرة
صار لها ثمن في ذلك، ومن قبل ذلك فيه ما لم ينعقد ليس له ثمن، فإذا
أصابته آفة في ذلك الوقت لم يكن ما أخذ من ثمنه إلا بالباطل؛ لأنه لم يعط
عنه عوضا.
وكذا بكيله من الثمر والمحاقلة أن تقول: أبيعك هذا الزرع
بحقله ثم يحصد بعد بكذا درهم. فهذا غرر فقد أخذ ماله على شيء لا يدري يكون
أم لا.
بيع السنينوأما قوله: )ونهى عن بيع السنين(.
وهو أن يقول:
أبيعك ثمرة هذا النخل لكذا وكذا من السنين بكذا درهم.
فهذا غرر؛ فقد أخذ
ماله على شيء لا يدري أن يكون أم لا.
المزابنة والمحاقلةوأما قوله:
)ونهى عن المزابنة والمحاقلة(.
وهو
أن يقول: أبيعك ثمرة هذا النخل بكذا قفيز من تمر. فهذا ربا؛ لأنه لا يدري
لعل التمر الذي على رؤوس النخل زائد على الذي يكيل له؛ لأن التمر بالتمر،
والبر بالبر، سواء بسواء، والفضل ربا، وكذلك العنب بالزبيب.
بيع القردة
والخنازيروأما قوله: )ونهى عن بيع القردة، وعن جلود القردة والخنازير؛ لأن
القرد والخنزير سبع وقد نهى عن كل ذي ناب من السباع(.
وكذلك
الذئب والنمر وكل ذي ناب فهو سبع، لا يجوز بيعه، ولا ثمن له؛ لأنه حرام لا
ينتفع به، ومباح قتلهن، وما أبيح لك قتلهن فلا يملك، وما لا يملك لم يجز
بيعه، ولا ملك لأحد عليهن.
ولو قتل رجل ذئبا في يد آخر أو أسدا أو قردا
أوخنزيرا، لم يكن عليه شيء.ز ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أهدر شأن الكلاب، وأمر بقتلهنن ولم يجعل للكلاب ثمنا، غلا كلب الصيد وكلب
الماضية. فلما ظهر النفع من جنس منهن، وقع الملك، وحل بيعهن، وغرم قاتلهن.
حدثنا
ابن
مسلم، حدثنا على بن سعيد المسروقى، حدثنا عباد ابن عوام، عن محمد بن
أبي إسحاق، عن عمران بن أبي أنيس: أن رجلا كان له كلب صيد، قد أعطى به
عشرين بعيرا، فتزوج بامرأة وأمهرها ذلك الكلب، فقتله؛ فرفع ذلك إلى عثمان
رضي الله عنه، فغرمه عشرين بعيرا.
بيع الصنموأما قوله: )ونهى عن بيع
الصنم(.
فكذلك
أيضا؛ لأنه لا ثمن له، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )أمرني ربي
بكسر الأوثان، ومحق المعارف(. فكيف يجوز بيع شيء أمر الله تعالى رسوله صلى
الله عليه وسلم بمحقه وإبطاله.
وكذلك بيع المزامير والمعارف، وهو باطل،
ولا ثمن له، ومن كسره لم يغرم شيئا. حدثنا صالح بن محمدن حدثنا قيس بن
الربيع عن أبي إسحاق، عن شريح أنه أتى برجل كسر طنبور الآخر، فلم يضمنه
شريح.
الشطرنج والنرد والجوز
وأما قوله: )ونهى عن بيع
الشطرنج، وعن اللعب به؛ ونهى عن النرد، واللعب به، وعن مخالة اللاعب
بالنرد. ونهى عن القمار كله، وعن اللعب بالجوز للصبيان.
فهذا كله من
القمار، وهو الميسر.. قال القاسم بن محمد: كل ما ألهى عن الصلاة، وعن ذكر
الله؛ فهو قمار. فإنما نهى عن ذلك كله؛ لأنه ملهى، يدعو إلى القمار، ويلهى.
فأما
بيع
الشطرنج والنرد فهو شيء لا ثمن له؛ لأنه لا نفع، ولو كسر وأحرق لم
يضمن الكاسر شيئا. وقد رخص ابن عمر للصبيان في اللعب بالجوز في أيام العيد
فيما روى عنه؛ لأن ذلك منهم غير طلب القمار. والذي جاء من النبي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم تأديبا لهم. واللعب كله باطل، وما خلق الخلق للعب.
الخمر
واما
قوله:
)ونهى عن شرب الخمر، وعن بيع الخمر، وعن أن يعصر الخمر، وعن أن
يشترى الخمر، وعن حمولة الخمر،ونهى أن يسقى الخمر؛ فإن الله تعالى لعن
الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وبائعها،وآكل ثمنها،
وحاملها، والمحمولة إليه(.
وقال صلى الله عليه وسلم: )من شربها فهو
كعابد الوثن، ولا يُقبل له صلاة أربعين يوما؛ فإن مات وفي بطنه شيء منها
كان حقا على الله تعالى أن من طينة الخبال(. قيل: وما طينة الخبال؟ قال:
)صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة( فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيصير
حميما فيشربه أهل النار ويصهر به ما في بطونهم والجلود.
وأما قوله:
)ونهى عن شرب الخمر( فكل شراب خامر العقل أو خالطه حتى شده عن أن يشرق على
قلبه فهو خمر. وكذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قام على المنبر
خطيبا في شأن الخمر.
فالخمر نزل تحريما أيضا كالربا، فلما كان الربا
أبواب، فكذلك الخمر أجناس. فالخمر ما خامر العقل وغشاه؛ فكل شيء مغطى فهو
مخمر. فالعصير إنما يغلى ويصير رجسا بما يناله من يد العدو، وذلك أن العدو
خلق من مارج من نار، فإذا أدخل يده فيه فخاضه أزبد وغلى؛ فرجاسته في يده..
ألا ترى أنه قال في تنزيله: (رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فاجتَنِبوهُ)
فعمله هو إدخال يده فيه حتى يغلى من حرارة يده المعلونة؛ فرجاسته منها.
فحرمه
الله؛
لأنه لما دخل طار إلى رأسه، إلى معدن العقل، فأفسده، وسد الطريق إلى
القلب. وذلك أن العقل في الدماغ، وشعاعه وعمله في القلب، وتدبيره في
الصدر. فإذا صار سدا، بقى العقل في الدماغ منكمنا، فاستد الطريق. ولذلك
قيل: سكر، أي سد. وفي ذلك قيل: سكر النهر، أي سده. وسكر غيره وساكر بنفسه.
ومن ذلك قوله تعالى حكاية: (سُكَرَت أَبصارُنا) أي سدت. فكل شراب إلى،
فإنما هو من وضع يد الشيطان فيه، فهو داخل مع نصيبه إلى المعدة، وآخذ
للذهن، وحابس للعقل، ويبقى الإيمان منفردا في القلب. فالحمد لله على
تحريمه على عباده.
قال أبو عبد الله رحمه الله: فهذا سبب من الله في
الظاهر لما هو في الباطن، وذلك أن الحلاوة خرجت من الفرح في الأصل، فإذا
شربه فرح، والله لا يحب الفرحين بغيره، فطبع الآدمي علىالفرح بوجود كل شيء
حلو، وقد وضع في العنب عامة الفرح.
وروى عن وهب: أن آدم عليه السلام
لما دخلها أول ما أكل منها العنب، فامتلأ فرحا حتى ثمل، فعندها أكل من
الشجرة، ووجد العدو سبيلا إلى خدعه. فعامة الخلق هلكوا في أفراح الدنيا..
ألا ترى كيف ذمة الله تعالى: (وَفَرِحوا بِالحَياةِ الدُّنيا).. وقال:
(وَلاَ تَفرَحُوا بِمَا آتاكُم).. وقال: (لاَ تَفرَح إِنَّ الله لاَ
يُحبُّ الفَرِحين).
وقال: (قُل بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ).
فالأفراح كلها مذمومة، إلا
فرحين: فرح بالله، وهو فرح الصديقين؛ وفرح بفضل الله ورحمته وهو الإسلام
والقرآن.
والفرح
يقسى القلب، فإذا صار فيه الشراب دب فيه الفرح، فلذلك يشتد على هؤلاء
الشربة مفارقته والنزوع عنه؛ لأنهم قد وجدوا لذة الفرح. فهم يحتملون
مرارته، وأذاه، وغائلته، وصوره العاجل؛ ويخاطرون بما أمامهم من الهول
العظيم، والعذاب الأليم، والوعيد الذاهل لأهله. فإذا طبخ بالنار لم يبق
للشيطان نصيب، ولم يكن له سلطان في صدره، حتى يجىء بتلك النار، وهي نار
ذات زينة وبهجة وشهوة، فيأخذ منها العدو، وفتنتها في الصدر في وقت سلطانه،
وإنما يكون سلطانه مع نصيبه من الشراب، فلم يقدر على فتنته إذا ذهب نصيبه.وأما
قوله:
)ونَهى أن يعصر الخمر( فهو أن يعصر العنب على نية الخمر، فهو حرام
عليه، وأما شرب العصيرن فلا بأس به مالم يغل. وإنما نهى عن أن يعصر الخمر،
أى للخمر. وكذلك بيعه وشراؤه وثمنه وحمولته.
وقوله: )يسقى الصبيان(،
يعني في الدواء، وأن الله لم يجعل الشفاء فيما حرم عليكم.
وقوله:
)عاصرها ومعتصرها(، إذا عصرها للخمر. والعاصر هو الفاعل له، والمعتصر هو
الذي يعصر له. وشاربها، وساقيها، وحاملها؛ فهؤلاء شركاء في هذه الحرمة.
وقال:
)شاربُها
كعابد الوثن( لا عقل لهما، قد أحاط فرح العباد لهما بقلبه، وشارب
الحمر قد صار في هذا الوقت مسلوب العقل ممتلئا فرحا من ذلك الشراب،
فاشتبها في صفة الحال، لا في الملة؛ لأن هذا مسلم، وذاك كافر. ولكنه شبهه
به لسلب العقل وفرحه به، فكان المشركون يفرحون بآلهتهم.. ألا ترى إلى قوله
(كَأَنَّهُم إٍلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ)، والوفض السرعة في النهوض كالرمل.
وروى عن الحسن رحمه الله أنه قال: يبتدرون آلهتهم أيهم يستلمها قبل.
قوله:
)ونهى عن شرب الخمر، وعن بيع الخمر، وعن أن يعصر الخمر، وعن أن
يشترى الخمر، وعن حمولة الخمر،ونهى أن يسقى الخمر؛ فإن الله تعالى لعن
الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وبائعها،وآكل ثمنها،
وحاملها، والمحمولة إليه(.
وقال صلى الله عليه وسلم: )من شربها فهو
كعابد الوثن، ولا يُقبل له صلاة أربعين يوما؛ فإن مات وفي بطنه شيء منها
كان حقا على الله تعالى أن من طينة الخبال(. قيل: وما طينة الخبال؟ قال:
)صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة( فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيصير
حميما فيشربه أهل النار ويصهر به ما في بطونهم والجلود.
وأما قوله:
)ونهى عن شرب الخمر( فكل شراب خامر العقل أو خالطه حتى شده عن أن يشرق على
قلبه فهو خمر. وكذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قام على المنبر
خطيبا في شأن الخمر.
فالخمر نزل تحريما أيضا كالربا، فلما كان الربا
أبواب، فكذلك الخمر أجناس. فالخمر ما خامر العقل وغشاه؛ فكل شيء مغطى فهو
مخمر. فالعصير إنما يغلى ويصير رجسا بما يناله من يد العدو، وذلك أن العدو
خلق من مارج من نار، فإذا أدخل يده فيه فخاضه أزبد وغلى؛ فرجاسته في يده..
ألا ترى أنه قال في تنزيله: (رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فاجتَنِبوهُ)
فعمله هو إدخال يده فيه حتى يغلى من حرارة يده المعلونة؛ فرجاسته منها.
فحرمه
الله؛
لأنه لما دخل طار إلى رأسه، إلى معدن العقل، فأفسده، وسد الطريق إلى
القلب. وذلك أن العقل في الدماغ، وشعاعه وعمله في القلب، وتدبيره في
الصدر. فإذا صار سدا، بقى العقل في الدماغ منكمنا، فاستد الطريق. ولذلك
قيل: سكر، أي سد. وفي ذلك قيل: سكر النهر، أي سده. وسكر غيره وساكر بنفسه.
ومن ذلك قوله تعالى حكاية: (سُكَرَت أَبصارُنا) أي سدت. فكل شراب إلى،
فإنما هو من وضع يد الشيطان فيه، فهو داخل مع نصيبه إلى المعدة، وآخذ
للذهن، وحابس للعقل، ويبقى الإيمان منفردا في القلب. فالحمد لله على
تحريمه على عباده.
قال أبو عبد الله رحمه الله: فهذا سبب من الله في
الظاهر لما هو في الباطن، وذلك أن الحلاوة خرجت من الفرح في الأصل، فإذا
شربه فرح، والله لا يحب الفرحين بغيره، فطبع الآدمي علىالفرح بوجود كل شيء
حلو، وقد وضع في العنب عامة الفرح.
وروى عن وهب: أن آدم عليه السلام
لما دخلها أول ما أكل منها العنب، فامتلأ فرحا حتى ثمل، فعندها أكل من
الشجرة، ووجد العدو سبيلا إلى خدعه. فعامة الخلق هلكوا في أفراح الدنيا..
ألا ترى كيف ذمة الله تعالى: (وَفَرِحوا بِالحَياةِ الدُّنيا).. وقال:
(وَلاَ تَفرَحُوا بِمَا آتاكُم).. وقال: (لاَ تَفرَح إِنَّ الله لاَ
يُحبُّ الفَرِحين).
وقال: (قُل بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ).
فالأفراح كلها مذمومة، إلا
فرحين: فرح بالله، وهو فرح الصديقين؛ وفرح بفضل الله ورحمته وهو الإسلام
والقرآن.
والفرح
يقسى القلب، فإذا صار فيه الشراب دب فيه الفرح، فلذلك يشتد على هؤلاء
الشربة مفارقته والنزوع عنه؛ لأنهم قد وجدوا لذة الفرح. فهم يحتملون
مرارته، وأذاه، وغائلته، وصوره العاجل؛ ويخاطرون بما أمامهم من الهول
العظيم، والعذاب الأليم، والوعيد الذاهل لأهله. فإذا طبخ بالنار لم يبق
للشيطان نصيب، ولم يكن له سلطان في صدره، حتى يجىء بتلك النار، وهي نار
ذات زينة وبهجة وشهوة، فيأخذ منها العدو، وفتنتها في الصدر في وقت سلطانه،
وإنما يكون سلطانه مع نصيبه من الشراب، فلم يقدر على فتنته إذا ذهب نصيبه.وأما
قوله:
)ونَهى أن يعصر الخمر( فهو أن يعصر العنب على نية الخمر، فهو حرام
عليه، وأما شرب العصيرن فلا بأس به مالم يغل. وإنما نهى عن أن يعصر الخمر،
أى للخمر. وكذلك بيعه وشراؤه وثمنه وحمولته.
وقوله: )يسقى الصبيان(،
يعني في الدواء، وأن الله لم يجعل الشفاء فيما حرم عليكم.
وقوله:
)عاصرها ومعتصرها(، إذا عصرها للخمر. والعاصر هو الفاعل له، والمعتصر هو
الذي يعصر له. وشاربها، وساقيها، وحاملها؛ فهؤلاء شركاء في هذه الحرمة.
وقال:
)شاربُها
كعابد الوثن( لا عقل لهما، قد أحاط فرح العباد لهما بقلبه، وشارب
الحمر قد صار في هذا الوقت مسلوب العقل ممتلئا فرحا من ذلك الشراب،
فاشتبها في صفة الحال، لا في الملة؛ لأن هذا مسلم، وذاك كافر. ولكنه شبهه
به لسلب العقل وفرحه به، فكان المشركون يفرحون بآلهتهم.. ألا ترى إلى قوله
(كَأَنَّهُم إٍلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ)، والوفض السرعة في النهوض كالرمل.
وروى عن الحسن رحمه الله أنه قال: يبتدرون آلهتهم أيهم يستلمها قبل.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الربا
حدثنا
الجارود
بن معاذ، حدثنا جرير، عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن
أبي رباح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن الله
خلق آدم على صورة الرحمن؛ فلا تقبحوا الوجوه(. ونهى عن ضرب وجوه البهائم؛
لأن الوجه أكرم الأشياء على الخلق.
ضرب الوجه
فمن
أجل العورة؛ لأن النظر إلى عورة المسلم حرام، وقد سترى الله ذلك على آدم
وحواء عليهما السلام، وقال الله تعالى: (لِيُبدىَ لَهُما ما وُوُرىَ
عَنهُما مِن سُوءاتِهِما). فهو سوأة قد وريت عنهما، فأمر ولده بالستر،
فإذا دخل بغير مئزر فقد أثم، إلا أن يكون خاليا ليس معه أحد، فليس بآم،
وقد ترك الأدب.. حدثنا محمود بن عبد الله بن بزيغ البصرى، حدثنا يزيد بن
زريع، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه
وسلم، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: " احفظ عورتك إلا عن زوجك أو ما
ملكت يمينك(. قلت: أرايت إن كان أحدنا خاليا؟ قال: )فالله أحق أن تستحي
منه(.
دخول المرأة الحمام العام
وأما قوله: )نهى عن أكل الربا، وعن الشهادة على الربا، وعن
كتابة الربا، وعن إطعام الربا، ولعن آكل الربا، ومواكله، وكاتبه، وشاهده(.
فهؤلاء
كلهم قد تعاونوا على هذا الإثم والعدوان، وكل قد أخذ بحظه من الحرام،
وكذلك الخمر.
نكاح التحليلوأما
قوله: )ونهى عن المطلقة أن تتزوج زوجا آخر يحلها للأول، ونهى الذي تزوجها
ليحلها للزوج الأول، ونهى زوجها الأول إذا علم ذلك؛ فإن الله تعالى لعن
الذي يفعل ذلك في المستحل والمستحل له(.
فهذا التحليل مخادعة؛ لأن الله
تعالى أدب المؤمنين، وأمرهم بالطلاق للعدة، وهو أن يطلقها طاهرا في طهر لم
يجامعها فيه، فلما طلق ثلاثا جميعا كان ذلك معصية ووزرا. فإن طلقها واحدة
للسنة، ثم واحدة عذر في الثنتين، ولم يعذر في الثالثة، فقيل له: لا تحل لك
بعد الثالثة حتى تنكح زوجا غيرك؛ كي تتأدب وتحذر، فلا تطلق ثلاثا. فإذا
ذهب يعمل على التحليل، فقد طمس وجه الأدب، وكان فيه ضرر يعم؛ فزجر رسول
الله صلى الله عليهوسلم باللعن؛ لأنه نكاح دلسة وخدعة وغرور لا رغبة فيه.
بيع
وسلفوأما قوله: )ونهى عن بيع وسلف(.
فهو أن يقول: أشتري منك بكذا على
أن تقرضني كذا.
شرطان في بيعوأما قوله: )ونهى عن شرطين في بيع(.
فيقول:
أخذت هذا منك بالنقد بكذا، وبالنسيئة بكذا، فافترقا على قولين لم يجب
واحدا منهما، ولا يؤدي أحدهما ما لزمه.
بيع ما ليس عندهوأما قوله: )ونهى
عن بيع ما ليس عنده(.
فمن
أجل أنه عقد البيع على شيء لم يملكه، لا يدري أيملكه أم لا، فلم يملك. وقد
تأول بعض العلماء أن المواعدة داخلة في النهي، وهو أن يواعده فيقول: اشتر
كذا حتى أشتري منك.
ربح ما لم يضمنوأما قوله: )ونهى عن ربح ما لم يضمن(.
فهو
الذي
يشتري الشيء، ثم يبيعه قبل القبض، وقبل أن يدخل في ضمانه. وهذا باب
يدخل فيه أشياء كثيرة من الإجارات، والزراعات، والمضاربات. فكل شيء لم
يدخل في ضمانه، فربح من ذلك الوجه، فهو منهي عنه؛ لأنه لا يملكه بعد.
الجلالةوأما
قوله:
)ونهى عن الجلالة، وركوبها، وألبانها من البقر، والغنم، والإبل
وقال: تحبس الإبل أربعين يوما، والبقر كذلك، والغنم سبعة أيام(. وفي حديث
النبي صلى الله عليه وسلم: )تحبس الدجاجة ثلاثة أيام(.
والجلالة التي
تأكل الجلة، وهي العذرة، فهذا ليس بمحرم، ولكنه يعاف ويتنزه منه، وإنما
تحبس للتنظيف. وإنما كره ألبانها؛ لأن العذرة صارت علفا لها وغذاء، ومنها
يدر لبنها. وإنما كره ركوبها لعرقها ولعابها.
والعذرة شيء قد خالطه
يلبس في جوف الإنسان فرجاسته بالعدو وقد نالته. والعذرة رجس، ومن اعتلفها
صارت رجسا .. ألا ترى أن الله تعالى سمى الخمر رجسا؛ في تنزيله، فقال: (أو
لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ) من بين السباع؛ لأنه خلق في سفينة نوح
عليه السلام لأكل العذرة، فصارت العذرة غذاء له، فأصابته رجاسة الشيطان.
ضرب
الوجهوأما قوله: )ونهى أن يضرب الرجل خده او خد غيره(.
فإن الله تعالى
أكرم هذا الآدمي بصورته، فصارت لها حرمة، فنهى عن ضرب الوجوه والتقبيح.
كتابة الربا، وعن إطعام الربا، ولعن آكل الربا، ومواكله، وكاتبه، وشاهده(.
فهؤلاء
كلهم قد تعاونوا على هذا الإثم والعدوان، وكل قد أخذ بحظه من الحرام،
وكذلك الخمر.
نكاح التحليلوأما
قوله: )ونهى عن المطلقة أن تتزوج زوجا آخر يحلها للأول، ونهى الذي تزوجها
ليحلها للزوج الأول، ونهى زوجها الأول إذا علم ذلك؛ فإن الله تعالى لعن
الذي يفعل ذلك في المستحل والمستحل له(.
فهذا التحليل مخادعة؛ لأن الله
تعالى أدب المؤمنين، وأمرهم بالطلاق للعدة، وهو أن يطلقها طاهرا في طهر لم
يجامعها فيه، فلما طلق ثلاثا جميعا كان ذلك معصية ووزرا. فإن طلقها واحدة
للسنة، ثم واحدة عذر في الثنتين، ولم يعذر في الثالثة، فقيل له: لا تحل لك
بعد الثالثة حتى تنكح زوجا غيرك؛ كي تتأدب وتحذر، فلا تطلق ثلاثا. فإذا
ذهب يعمل على التحليل، فقد طمس وجه الأدب، وكان فيه ضرر يعم؛ فزجر رسول
الله صلى الله عليهوسلم باللعن؛ لأنه نكاح دلسة وخدعة وغرور لا رغبة فيه.
بيع
وسلفوأما قوله: )ونهى عن بيع وسلف(.
فهو أن يقول: أشتري منك بكذا على
أن تقرضني كذا.
شرطان في بيعوأما قوله: )ونهى عن شرطين في بيع(.
فيقول:
أخذت هذا منك بالنقد بكذا، وبالنسيئة بكذا، فافترقا على قولين لم يجب
واحدا منهما، ولا يؤدي أحدهما ما لزمه.
بيع ما ليس عندهوأما قوله: )ونهى
عن بيع ما ليس عنده(.
فمن
أجل أنه عقد البيع على شيء لم يملكه، لا يدري أيملكه أم لا، فلم يملك. وقد
تأول بعض العلماء أن المواعدة داخلة في النهي، وهو أن يواعده فيقول: اشتر
كذا حتى أشتري منك.
ربح ما لم يضمنوأما قوله: )ونهى عن ربح ما لم يضمن(.
فهو
الذي
يشتري الشيء، ثم يبيعه قبل القبض، وقبل أن يدخل في ضمانه. وهذا باب
يدخل فيه أشياء كثيرة من الإجارات، والزراعات، والمضاربات. فكل شيء لم
يدخل في ضمانه، فربح من ذلك الوجه، فهو منهي عنه؛ لأنه لا يملكه بعد.
الجلالةوأما
قوله:
)ونهى عن الجلالة، وركوبها، وألبانها من البقر، والغنم، والإبل
وقال: تحبس الإبل أربعين يوما، والبقر كذلك، والغنم سبعة أيام(. وفي حديث
النبي صلى الله عليه وسلم: )تحبس الدجاجة ثلاثة أيام(.
والجلالة التي
تأكل الجلة، وهي العذرة، فهذا ليس بمحرم، ولكنه يعاف ويتنزه منه، وإنما
تحبس للتنظيف. وإنما كره ألبانها؛ لأن العذرة صارت علفا لها وغذاء، ومنها
يدر لبنها. وإنما كره ركوبها لعرقها ولعابها.
والعذرة شيء قد خالطه
يلبس في جوف الإنسان فرجاسته بالعدو وقد نالته. والعذرة رجس، ومن اعتلفها
صارت رجسا .. ألا ترى أن الله تعالى سمى الخمر رجسا؛ في تنزيله، فقال: (أو
لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ) من بين السباع؛ لأنه خلق في سفينة نوح
عليه السلام لأكل العذرة، فصارت العذرة غذاء له، فأصابته رجاسة الشيطان.
ضرب
الوجهوأما قوله: )ونهى أن يضرب الرجل خده او خد غيره(.
فإن الله تعالى
أكرم هذا الآدمي بصورته، فصارت لها حرمة، فنهى عن ضرب الوجوه والتقبيح.
حدثنا
الجارود
بن معاذ، حدثنا جرير، عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن
أبي رباح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إن الله
خلق آدم على صورة الرحمن؛ فلا تقبحوا الوجوه(. ونهى عن ضرب وجوه البهائم؛
لأن الوجه أكرم الأشياء على الخلق.
ضرب الوجه
وأما قوله:
)ونَهَى أن يضرب الرجل خده أو خد غيره(.
فإن
الله تعالى أكرم هذا الآدمي بصورته، فصارت لها حرمة، فنهى عن ضرب الوجوه
والتقبيح، حدثنا الجارود بن معاذ، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي
ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: )إن الله خلق آدم على صورة الرحمن، فلا تقبحوا الوجوه( ونهى عن ضرب
وجوه البهائم؛ لأن الوجه أكرم الأشياء على الخلق.
مصافحة الذمىوأما
قوله: )ونهى عن مصافحة الذمى).
لأنه كافر، والصفاح للمسلم، لأنه أخوه في
دينه وصفيه؛ للمصافاة يصافحه، وللإيمان يؤمنه بالسلام عليه؛ فلا يستحق
الذمى هذا.
عظام الفيلوأما قوله: )ونهى أن ينتفع بعظام الفيل(.
فالفيل
غير مطلق أكل لحمه، وعظامه فيه دسومة فخليق أن يكون من أجل ذلك. وقد جاء
الرخصة من الآثار.
البول في الإناء الذي ينتفع بهوأما قوله: )ونهى أن
يبال في الإناء الذي ينتفع به(.
فهذا تنزه، وليس بحرام؛ لأن الإناء الذي
بال فيه تشرب البول فيه؛ فهو خليق أن لا يشرب فيه ولا يؤكل.
مجامعة
المرأة مستقبلا القبلةوأما قوله: )ونهى أن يجامع الرجل امرأته مستقبل
القبلة(.
فهذا لتعظيم البيت، ومن أجل ذلك نهى عن البول مستقبل القبلة.
مجامعة
المرأة بعد الخروج من الخلاء دون أن يتوضأوأما قوله: )ونهى أن يجامع الرجل
امرأته وقد خرج من الخلاء حتى يتوضأ(.
فهذا
تأديب، وخليق أن يكون الشيطان معه حين خرج من الخلاء، فإذا توضأ تباعد
منه.. ألا ترى أنه يؤمر إذا دخل الخلاء أن يقول: )أعوذ بك من الخبث
والخبائث(.
النوم جنبا بلا وضوءوأما قوله: )ونهى أن يبيت الرجل وهو جنب
حتى يتوضأ(.
فهذا
تأديب.. وقد جاء رخصة في ذلك.. حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقى، حدثنا أبو
بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يجنب ثم ينام ولا يمس ماء.
قول: مسيجد ومصيحفوأما
قوله: )نهى أن يقول الرجل: مسيجد ومصيحف( فهذا من أجل أنه صغرها بالتسمية،
ولا يحتملان التصغير، وفيه جفاء عظيم وهو من شره النفس وبطرها.
تلقي
الجلب وبيع حاضر لبادوأما قوله: )ونهى أن يستقبل الرجل الرفاق معهم البيوع
حتى يقدموا السوق(.
فهذا
في بدء الأمر، لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهي خالية
من المرافق والمعاش؛ فأحب أن تكون عامرة لأنها دار الهجرة؛ حتى تطمئن نفوس
من يهاجر؛ فنهاهم عن استقبال الأعراب وتلقي الركبان؛ كي يدخلوا السوق،
فهناك يكون بيعهم؛ كي يعم الجميع نفع الجلب الذي جاءوا به، وترخص الأسعار.
)ونهى
أن
يبيع حاضر لباد(؛ حتى يقدم البادي وهو لا يعلم سعر البلد فيسهل في
بيعه؛ فنهى الحاضر أن يبيع له على الاستقصاء كي يرزق الناس بعضهم من بعض.
وهذا
في بدء الأمر، حتى عمرت الأسواق، وكثر الجلب واتسع الناس، واستقرت دار
الهجرة وألفة الناس.
وكان
ينهى عن قطع أشجارها، وعن الإصطياد فيها، كل ذلك توخيا لنزهتها وسعتها؛ كي
يرغب الناس في توطينها، فلما توسعوا سقط هذا النهي عامته.
وروى عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: )لا بيع حاضر لباد، ودعوا الناس يرزق الله
بعضهم من بعض(.
بيع الماءوأما قوله: )ونهى عن بيع الماء(.
لأن
الماء حياة الخلق، والمسلمون شركاء فيه للشقة والحيوان. فأما الأرض فكل
يملك من الماء ما في يده يسوقه إلى أرضه، فإذا باع بالمكيال أو بالمقدار
جاز، وإن باع في النهر فهو بيع فاسد لا يدري ما يعقد عليه البيع.
فهذا
من هذه الجهة فاسد.
وخلة
أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث الناس على بذل فضل الماء كي
يتسامحوا، ولا ينسوا الفضل بينهم؛ فقد ندب الله العباد إلى ذلك، فقال:
(وَلاَ تَنسَوا الفَضلَ بَينَكُم) فقال صلى الله عليه وسلم: )من منع فضل
ماء ليمنع به كلأ منعه الله فضله يوم القيامة(.
منع الكلأ)ونَهَى أن يضرب الرجل خده أو خد غيره(.
فإن
الله تعالى أكرم هذا الآدمي بصورته، فصارت لها حرمة، فنهى عن ضرب الوجوه
والتقبيح، حدثنا الجارود بن معاذ، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي
ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: )إن الله خلق آدم على صورة الرحمن، فلا تقبحوا الوجوه( ونهى عن ضرب
وجوه البهائم؛ لأن الوجه أكرم الأشياء على الخلق.
مصافحة الذمىوأما
قوله: )ونهى عن مصافحة الذمى).
لأنه كافر، والصفاح للمسلم، لأنه أخوه في
دينه وصفيه؛ للمصافاة يصافحه، وللإيمان يؤمنه بالسلام عليه؛ فلا يستحق
الذمى هذا.
عظام الفيلوأما قوله: )ونهى أن ينتفع بعظام الفيل(.
فالفيل
غير مطلق أكل لحمه، وعظامه فيه دسومة فخليق أن يكون من أجل ذلك. وقد جاء
الرخصة من الآثار.
البول في الإناء الذي ينتفع بهوأما قوله: )ونهى أن
يبال في الإناء الذي ينتفع به(.
فهذا تنزه، وليس بحرام؛ لأن الإناء الذي
بال فيه تشرب البول فيه؛ فهو خليق أن لا يشرب فيه ولا يؤكل.
مجامعة
المرأة مستقبلا القبلةوأما قوله: )ونهى أن يجامع الرجل امرأته مستقبل
القبلة(.
فهذا لتعظيم البيت، ومن أجل ذلك نهى عن البول مستقبل القبلة.
مجامعة
المرأة بعد الخروج من الخلاء دون أن يتوضأوأما قوله: )ونهى أن يجامع الرجل
امرأته وقد خرج من الخلاء حتى يتوضأ(.
فهذا
تأديب، وخليق أن يكون الشيطان معه حين خرج من الخلاء، فإذا توضأ تباعد
منه.. ألا ترى أنه يؤمر إذا دخل الخلاء أن يقول: )أعوذ بك من الخبث
والخبائث(.
النوم جنبا بلا وضوءوأما قوله: )ونهى أن يبيت الرجل وهو جنب
حتى يتوضأ(.
فهذا
تأديب.. وقد جاء رخصة في ذلك.. حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقى، حدثنا أبو
بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يجنب ثم ينام ولا يمس ماء.
قول: مسيجد ومصيحفوأما
قوله: )نهى أن يقول الرجل: مسيجد ومصيحف( فهذا من أجل أنه صغرها بالتسمية،
ولا يحتملان التصغير، وفيه جفاء عظيم وهو من شره النفس وبطرها.
تلقي
الجلب وبيع حاضر لبادوأما قوله: )ونهى أن يستقبل الرجل الرفاق معهم البيوع
حتى يقدموا السوق(.
فهذا
في بدء الأمر، لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهي خالية
من المرافق والمعاش؛ فأحب أن تكون عامرة لأنها دار الهجرة؛ حتى تطمئن نفوس
من يهاجر؛ فنهاهم عن استقبال الأعراب وتلقي الركبان؛ كي يدخلوا السوق،
فهناك يكون بيعهم؛ كي يعم الجميع نفع الجلب الذي جاءوا به، وترخص الأسعار.
)ونهى
أن
يبيع حاضر لباد(؛ حتى يقدم البادي وهو لا يعلم سعر البلد فيسهل في
بيعه؛ فنهى الحاضر أن يبيع له على الاستقصاء كي يرزق الناس بعضهم من بعض.
وهذا
في بدء الأمر، حتى عمرت الأسواق، وكثر الجلب واتسع الناس، واستقرت دار
الهجرة وألفة الناس.
وكان
ينهى عن قطع أشجارها، وعن الإصطياد فيها، كل ذلك توخيا لنزهتها وسعتها؛ كي
يرغب الناس في توطينها، فلما توسعوا سقط هذا النهي عامته.
وروى عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: )لا بيع حاضر لباد، ودعوا الناس يرزق الله
بعضهم من بعض(.
بيع الماءوأما قوله: )ونهى عن بيع الماء(.
لأن
الماء حياة الخلق، والمسلمون شركاء فيه للشقة والحيوان. فأما الأرض فكل
يملك من الماء ما في يده يسوقه إلى أرضه، فإذا باع بالمكيال أو بالمقدار
جاز، وإن باع في النهر فهو بيع فاسد لا يدري ما يعقد عليه البيع.
فهذا
من هذه الجهة فاسد.
وخلة
أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث الناس على بذل فضل الماء كي
يتسامحوا، ولا ينسوا الفضل بينهم؛ فقد ندب الله العباد إلى ذلك، فقال:
(وَلاَ تَنسَوا الفَضلَ بَينَكُم) فقال صلى الله عليه وسلم: )من منع فضل
ماء ليمنع به كلأ منعه الله فضله يوم القيامة(.
وأما
قوله: )ونهى عن منع الكلأ(.
فهذا
مثله؛ لأن المسلمين فيه شركاء لمرعى دوابهم؛ لأنه لم ينبته، ولم يعمل فيه
عملا، إنما أنبته الله مرعى للبهائم ثم خلقه، فإذا نبت في أرض مملوكة، فمن
سبقه إليه فاحتشه فهو له، وكذلك روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
)المسلموهن شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار( وهذا شيء عام لا يستغنى
عنه ولا يسوغ منعه.
غش اللبنوأما قوله: )ونهى أن يشاب لبن لبيع(.
فهذا
إذا صب الماء فيه حتى يزداد في الكيل، فهو غش وخيانة، وإنما باع الماء
بسعر اللبن!!
تعاطي السيف مسلولاوأما قوله: )ونهى أن يتعاطى السيف
مسلولا( وقال: )ليغمده ثم يناوله(.
فهذا
لتعظيم الدماء، ولعله إن أعطاه مسلولا أن يزل فيقتل لآخر، فيكون المعطي
معينا له، وليغمده حتى يكون هو الذي يسله، فيكون وباله عليهن ولا يشركه
المعطي.
سل السيف في المسجدوأما قوله: )ونهى أن يسل السيف في المسجد(.
وذلك
أن
المسجد يبنى للذكر، والسيف منه الموت إلا أن يعصم الله.. ألا ترى إلى
قوله: (وَلَقَد كُنتُم تَمَنَّونَ المَوتَ مِن قَبلِ أَن تَلقَوهُ فَقَد
رأَيتُموهُ وأَنتُم تَنظُرونَ9 فإنما رأوا السيوف في الحرب فيه الموت
فسماه الله تعالى الرؤية.
برى النبل أو تريشه أو المرور به في
المسجدوأما قوله: )ونهى أن يبرى النبل في المسجد، أو تريش، أو يمر بها في
المسجد إلا وهو آخذ بنصولها(.
فهذا كله خوفا من أن يصيب مسلما في
المسجد، وليس السلاح من شأن المسجد.
رفع الأصوات في المسجد، ونشدان
الضالة، وإنشاد الشعر، وإقامة الحدود، والإقتصاص، والبيع
وأما
قوله: )ونهى عن رفع الأصوات في المساجد، وأن تنشد الضالة، وأن ينشد الشعر،
وأن تقام فيه الحدود، وعن أن تقاص فيه الجراحات، وعن البيع فيه(.
فهذا
كله يشبه بعضه بعضا؛ لأن فعل هذا كله في المسجد ترك لحرمة المسجد؛ لأن
المسجد بيت الله، أذن الله أن يرفع، ويعظم، ويشرف، ويذكر إسم الله فيه،
ومن أتى المسجد فقد زار ربه، وأن في التوراة مكتوبا: من أتى المسجد فقد
زارني وضافني، ولن أرض له قرى دون الجنة، فالمساجد بيوت طيبة..
حدثنا
يحيى بن أحمر الطائي، حدثنا محمد بن مسلم الطائي، حدثني خال عبد الله بن
المؤذن، عن سعيد بن المسيب، قال: من جلس في المسجد، فإنما يجالس ربه،
وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: (الله نورُ السَمَواتِ وَالأَرضِ). ثم
قال: (في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيها اِسمُهُ) فقوله
(فى) ينبك عن قول سعيد، فإذا رفع الصوت فيه في خصومة، أو لغط، أو لغو؛ فقد
ضيع حرمته. فرفع الصوت في الدعاء، والذكر، والقرآن، والمناظرة للتفقه في
الدين، محمود كله؛ ولهذا بنى، لأن هذا كله ذكر الله.
وإقامة الحدود
والاقتصاص من الجراحات عقوبات، والمسجد موضع نزول الرحمن. وناشد الضالة
طالب دنيا، وإنما بني لطلب الآخرة. وكذلك البيع والشراء فهو أرباح الدنيا،
وإنما بني لأرباح الآخرة ولمتاجرة الملك الأعلى لا لمتاجرة العباد. والبيع
يحضره الشياطين واللغو والكذب، والمسجد ليس بحقيق لمثل هذا.
وأما إنشاد
الشعر، فإن كان من الشعر الذي فيه قوام الدين، ويرجع إلى محمود الأمر؛ فهو
خارج من النهي؛ فقد فعله حسان بن ثابت في مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وفي حرم الله تعالى حين دخل مكة، وفعله عبد الله بن رواحة رضي الله
عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلمن وفي حرم الله تعالى حين دخل
مكة، والحرام مسجد كله. وما كان فيه تشبيب ومباح أن يبسط، فالمسجد معظم
ومنزه عن ذلك؛ لأنه للذكر بنى. ألا ترى إلى قوله تعالى: (في بُيُوتٍ
أَذِنَ الله أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيها اِسمُهُ). وقال: (وَمساجِدَ
يُذكَر فيها اِسمُ الله كَثيراً).
دخول الرجل الحمام العام بدون
مئزروأما قوله: )ونهى أن يدخل الحمام إلا بمئزر(.
قوله: )ونهى عن منع الكلأ(.
فهذا
مثله؛ لأن المسلمين فيه شركاء لمرعى دوابهم؛ لأنه لم ينبته، ولم يعمل فيه
عملا، إنما أنبته الله مرعى للبهائم ثم خلقه، فإذا نبت في أرض مملوكة، فمن
سبقه إليه فاحتشه فهو له، وكذلك روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
)المسلموهن شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار( وهذا شيء عام لا يستغنى
عنه ولا يسوغ منعه.
غش اللبنوأما قوله: )ونهى أن يشاب لبن لبيع(.
فهذا
إذا صب الماء فيه حتى يزداد في الكيل، فهو غش وخيانة، وإنما باع الماء
بسعر اللبن!!
تعاطي السيف مسلولاوأما قوله: )ونهى أن يتعاطى السيف
مسلولا( وقال: )ليغمده ثم يناوله(.
فهذا
لتعظيم الدماء، ولعله إن أعطاه مسلولا أن يزل فيقتل لآخر، فيكون المعطي
معينا له، وليغمده حتى يكون هو الذي يسله، فيكون وباله عليهن ولا يشركه
المعطي.
سل السيف في المسجدوأما قوله: )ونهى أن يسل السيف في المسجد(.
وذلك
أن
المسجد يبنى للذكر، والسيف منه الموت إلا أن يعصم الله.. ألا ترى إلى
قوله: (وَلَقَد كُنتُم تَمَنَّونَ المَوتَ مِن قَبلِ أَن تَلقَوهُ فَقَد
رأَيتُموهُ وأَنتُم تَنظُرونَ9 فإنما رأوا السيوف في الحرب فيه الموت
فسماه الله تعالى الرؤية.
برى النبل أو تريشه أو المرور به في
المسجدوأما قوله: )ونهى أن يبرى النبل في المسجد، أو تريش، أو يمر بها في
المسجد إلا وهو آخذ بنصولها(.
فهذا كله خوفا من أن يصيب مسلما في
المسجد، وليس السلاح من شأن المسجد.
رفع الأصوات في المسجد، ونشدان
الضالة، وإنشاد الشعر، وإقامة الحدود، والإقتصاص، والبيع
وأما
قوله: )ونهى عن رفع الأصوات في المساجد، وأن تنشد الضالة، وأن ينشد الشعر،
وأن تقام فيه الحدود، وعن أن تقاص فيه الجراحات، وعن البيع فيه(.
فهذا
كله يشبه بعضه بعضا؛ لأن فعل هذا كله في المسجد ترك لحرمة المسجد؛ لأن
المسجد بيت الله، أذن الله أن يرفع، ويعظم، ويشرف، ويذكر إسم الله فيه،
ومن أتى المسجد فقد زار ربه، وأن في التوراة مكتوبا: من أتى المسجد فقد
زارني وضافني، ولن أرض له قرى دون الجنة، فالمساجد بيوت طيبة..
حدثنا
يحيى بن أحمر الطائي، حدثنا محمد بن مسلم الطائي، حدثني خال عبد الله بن
المؤذن، عن سعيد بن المسيب، قال: من جلس في المسجد، فإنما يجالس ربه،
وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: (الله نورُ السَمَواتِ وَالأَرضِ). ثم
قال: (في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيها اِسمُهُ) فقوله
(فى) ينبك عن قول سعيد، فإذا رفع الصوت فيه في خصومة، أو لغط، أو لغو؛ فقد
ضيع حرمته. فرفع الصوت في الدعاء، والذكر، والقرآن، والمناظرة للتفقه في
الدين، محمود كله؛ ولهذا بنى، لأن هذا كله ذكر الله.
وإقامة الحدود
والاقتصاص من الجراحات عقوبات، والمسجد موضع نزول الرحمن. وناشد الضالة
طالب دنيا، وإنما بني لطلب الآخرة. وكذلك البيع والشراء فهو أرباح الدنيا،
وإنما بني لأرباح الآخرة ولمتاجرة الملك الأعلى لا لمتاجرة العباد. والبيع
يحضره الشياطين واللغو والكذب، والمسجد ليس بحقيق لمثل هذا.
وأما إنشاد
الشعر، فإن كان من الشعر الذي فيه قوام الدين، ويرجع إلى محمود الأمر؛ فهو
خارج من النهي؛ فقد فعله حسان بن ثابت في مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وفي حرم الله تعالى حين دخل مكة، وفعله عبد الله بن رواحة رضي الله
عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلمن وفي حرم الله تعالى حين دخل
مكة، والحرام مسجد كله. وما كان فيه تشبيب ومباح أن يبسط، فالمسجد معظم
ومنزه عن ذلك؛ لأنه للذكر بنى. ألا ترى إلى قوله تعالى: (في بُيُوتٍ
أَذِنَ الله أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فيها اِسمُهُ). وقال: (وَمساجِدَ
يُذكَر فيها اِسمُ الله كَثيراً).
دخول الرجل الحمام العام بدون
مئزروأما قوله: )ونهى أن يدخل الحمام إلا بمئزر(.
فمن
أجل العورة؛ لأن النظر إلى عورة المسلم حرام، وقد سترى الله ذلك على آدم
وحواء عليهما السلام، وقال الله تعالى: (لِيُبدىَ لَهُما ما وُوُرىَ
عَنهُما مِن سُوءاتِهِما). فهو سوأة قد وريت عنهما، فأمر ولده بالستر،
فإذا دخل بغير مئزر فقد أثم، إلا أن يكون خاليا ليس معه أحد، فليس بآم،
وقد ترك الأدب.. حدثنا محمود بن عبد الله بن بزيغ البصرى، حدثنا يزيد بن
زريع، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه
وسلم، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: " احفظ عورتك إلا عن زوجك أو ما
ملكت يمينك(. قلت: أرايت إن كان أحدنا خاليا؟ قال: )فالله أحق أن تستحي
منه(.
دخول المرأة الحمام العام
وأما قوله: )ونهى أن تدخله
المرأة(.
فمن
ذلك أيضا حظر عليها أصلا تأديبا.. وجاء عن عمر رضي الله عنه: أنه كتب إلى
أمراء الأجناد بالنهى عن ذلك إلا من سقم. فإذا كانت سقيمة، ودخلت مستترة،
فلا بأس به.
والرجل قد أبيح له دخوله بمئزر، والمرأة من قرنها إلى قدمها
عورةن فاحتيط لهن أن لا يدخلن إلا من سقم.
حدثنا
بذلك يحيى بن أحمر الطائي، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم
الغساني، عن حكيم بن عمير: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب: أن الحمام
حرام على كل مؤمن إلا بمئزر، وعلى النساء إلا من: سقم. وإسماعيل، عن
الأحوص بن حكيم،عن عمير، عن أبيه، عن عمر بمثله.
النظر إلى العورةواما
قوله: )وَنهى أن ينظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة(.
فتلك
سوأة،
وقد سترها الله، وسماها سوأةن وخلق آدم عليه السلام وسترها عنه وعن
زوجته. وإنما ظهر لهما ذلك بالمعصية، فاستحييا مما رأيا.
فذاك موضع
حياء. وقال: (يا بَني آَدَمَ، قَد أَنزَلنَا عَلَيكُم لِباساً يُوَاري
سَواءَتِكُم). فإذا نظرت إليها فقد نظرت إلى شيء قد واراه الله باللباس
الذي أنزل من أجله، وهتكت ستر الله؛ ولذلك قال سليمان: لأن أموت، ثم أنشر،
ثم أموت، ثم أنشرن أحب إلىّ من أن أرى عورة مسلم، أو يرى عورتيس. وفي هذا
كلام كثير قد شرحناه في كتاب " العلل " .
الخلوة بالأجنبيةوأما قوله:
)ونهى أن يخلو الرجل بإمرأة غير محرم(.
فهذا
فعل داع إلى فتنة عظيمة، وروى في الخبر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال: )ما خلا رجل بامرأة غير ذات رحم محرم إلا كان الشيطان ثالثهما(.
قال
أبو
عبد الله رحمه الله: العصمة عصمتان: عصمة من الله عز وجل على القلب،
وعصمة من الله على طريق الأسباب. فإذا خلا بامرأة غير محرم فقد ذهبت
الأسباب، وانقطعت العصمة، فإن أدركته عصمة اللهعلى الإنفراد برحمة منه
وفضل وإلا فقد هلك.. ألا ترى أن يوسف عليه السلام لم ينصرف حتى رأى
البرهان، وهو جبريل على صورة يعقوب صلى الله عليهما، فحينئذ ولىهاربا،
وهذه عصمة على سبب خاص كرامة من الله، ليس كالأسباب العامة.
والأسباب
العامة هو أن يهم بأمر، فيحدث حدث من الأمر، فيقطع عليك هذا، نويحول بينك
وبينه، من خوف، أو حياء، أو نقص تدبير، أو يجىء إنسان، فيحول بينك وبينه
أحداث الدنيا. فهذه عصمة وسبب.
حدثنا محمد بن الضحاك، حدثنا ابن إدريس،
قال: سمعت ليثا يذكر عن مجاهد، قال: لو لم يصب المسلم من أحيه المسلم شيئا
إلا أن حياءه يمنعه من المعاصي.
فهذه عصمة الأسباب.
حدثنا عبد
الوهاب بن فليح المكي، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعرة:
أن رجلا وجد امرأة على غدير فراودها عن نفسها، فلما جلس منها ذهب يحرك
ذكره، فإذا هو مثل الهدبة، لم يقدر على شيء منها؛ فندم، فأتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يركع
أربع ركعات، فنزلت: (أقم الصلاة طرفي النهار).
الجلوس على مائدة يشرب
عليها الخمروأما قوله: )ونهى أن يُجلس على مائدة يشرب عليها الخمر(.
فلإت
اللعنة
غير مأمونة أن تحل تلك المائدة، فأما البركة فقد ارتفعت، لأن كل
رزق فمادته من البركة، فإذا انقطع المدد صارت رزءا في الدنيا، ووبالا في
الآخرة.
الأكل بالشمالوأما قوله: )ونهى أن يأكل الرجل بشماله(.فإن
الشمال للشيطان، واليمين للملك، وكاتب الحسنات عن اليمين، وكاتب السيئات
عن الشمال، وغدا صفوف أهل الجنة عن اليمين، وصفوف أهل النار عن الشمال،
والجنة عن اليميني، والنار عن الشمال؛ فمختار الله عز وجل من الأشياء
والبقاع اليمين.
فما كان من أكل، أو شرب، أو ليس، أو تناول مرفق،
فباليمين. وما كان من مرفوض وإزالة أذى فبالشمال، مثل: الإستناء،
والامتخاط، وما أشبهه.
حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله
الرملي، حدثنا مؤمل ابن إسماعيل، عن مبارك بن فضالة، حدثني عبيد الله بن
مسلم بن يسار، سمع أباه يقول: إني لأكره أن أمس فرجي بيميني،وأنا أرجو أن
أخذ به كتابي.
المرأة(.
فمن
ذلك أيضا حظر عليها أصلا تأديبا.. وجاء عن عمر رضي الله عنه: أنه كتب إلى
أمراء الأجناد بالنهى عن ذلك إلا من سقم. فإذا كانت سقيمة، ودخلت مستترة،
فلا بأس به.
والرجل قد أبيح له دخوله بمئزر، والمرأة من قرنها إلى قدمها
عورةن فاحتيط لهن أن لا يدخلن إلا من سقم.
حدثنا
بذلك يحيى بن أحمر الطائي، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم
الغساني، عن حكيم بن عمير: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب: أن الحمام
حرام على كل مؤمن إلا بمئزر، وعلى النساء إلا من: سقم. وإسماعيل، عن
الأحوص بن حكيم،عن عمير، عن أبيه، عن عمر بمثله.
النظر إلى العورةواما
قوله: )وَنهى أن ينظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة(.
فتلك
سوأة،
وقد سترها الله، وسماها سوأةن وخلق آدم عليه السلام وسترها عنه وعن
زوجته. وإنما ظهر لهما ذلك بالمعصية، فاستحييا مما رأيا.
فذاك موضع
حياء. وقال: (يا بَني آَدَمَ، قَد أَنزَلنَا عَلَيكُم لِباساً يُوَاري
سَواءَتِكُم). فإذا نظرت إليها فقد نظرت إلى شيء قد واراه الله باللباس
الذي أنزل من أجله، وهتكت ستر الله؛ ولذلك قال سليمان: لأن أموت، ثم أنشر،
ثم أموت، ثم أنشرن أحب إلىّ من أن أرى عورة مسلم، أو يرى عورتيس. وفي هذا
كلام كثير قد شرحناه في كتاب " العلل " .
الخلوة بالأجنبيةوأما قوله:
)ونهى أن يخلو الرجل بإمرأة غير محرم(.
فهذا
فعل داع إلى فتنة عظيمة، وروى في الخبر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال: )ما خلا رجل بامرأة غير ذات رحم محرم إلا كان الشيطان ثالثهما(.
قال
أبو
عبد الله رحمه الله: العصمة عصمتان: عصمة من الله عز وجل على القلب،
وعصمة من الله على طريق الأسباب. فإذا خلا بامرأة غير محرم فقد ذهبت
الأسباب، وانقطعت العصمة، فإن أدركته عصمة اللهعلى الإنفراد برحمة منه
وفضل وإلا فقد هلك.. ألا ترى أن يوسف عليه السلام لم ينصرف حتى رأى
البرهان، وهو جبريل على صورة يعقوب صلى الله عليهما، فحينئذ ولىهاربا،
وهذه عصمة على سبب خاص كرامة من الله، ليس كالأسباب العامة.
والأسباب
العامة هو أن يهم بأمر، فيحدث حدث من الأمر، فيقطع عليك هذا، نويحول بينك
وبينه، من خوف، أو حياء، أو نقص تدبير، أو يجىء إنسان، فيحول بينك وبينه
أحداث الدنيا. فهذه عصمة وسبب.
حدثنا محمد بن الضحاك، حدثنا ابن إدريس،
قال: سمعت ليثا يذكر عن مجاهد، قال: لو لم يصب المسلم من أحيه المسلم شيئا
إلا أن حياءه يمنعه من المعاصي.
فهذه عصمة الأسباب.
حدثنا عبد
الوهاب بن فليح المكي، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعرة:
أن رجلا وجد امرأة على غدير فراودها عن نفسها، فلما جلس منها ذهب يحرك
ذكره، فإذا هو مثل الهدبة، لم يقدر على شيء منها؛ فندم، فأتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يركع
أربع ركعات، فنزلت: (أقم الصلاة طرفي النهار).
الجلوس على مائدة يشرب
عليها الخمروأما قوله: )ونهى أن يُجلس على مائدة يشرب عليها الخمر(.
فلإت
اللعنة
غير مأمونة أن تحل تلك المائدة، فأما البركة فقد ارتفعت، لأن كل
رزق فمادته من البركة، فإذا انقطع المدد صارت رزءا في الدنيا، ووبالا في
الآخرة.
الأكل بالشمالوأما قوله: )ونهى أن يأكل الرجل بشماله(.فإن
الشمال للشيطان، واليمين للملك، وكاتب الحسنات عن اليمين، وكاتب السيئات
عن الشمال، وغدا صفوف أهل الجنة عن اليمين، وصفوف أهل النار عن الشمال،
والجنة عن اليميني، والنار عن الشمال؛ فمختار الله عز وجل من الأشياء
والبقاع اليمين.
فما كان من أكل، أو شرب، أو ليس، أو تناول مرفق،
فباليمين. وما كان من مرفوض وإزالة أذى فبالشمال، مثل: الإستناء،
والامتخاط، وما أشبهه.
حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله
الرملي، حدثنا مؤمل ابن إسماعيل، عن مبارك بن فضالة، حدثني عبيد الله بن
مسلم بن يسار، سمع أباه يقول: إني لأكره أن أمس فرجي بيميني،وأنا أرجو أن
أخذ به كتابي.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
النفخ في الطعام والشراب
والأسماء
في الأصل على الحقائق هي سمات الأشياء، ثم أحدث الناس أشياء صيروها علائم
فيما بينهم تفاؤلا وتطيرا، فأول اسم بدا في الخلق آدم عليه السلام؛ لأنه
مشتق من أديم الأرض، وكأنه مشتق من الإدام، لأنه جمع بين ترابه ومائه
وعجن، وكأنه مشتق من الأدمة وهي الوسيلة، وهذا والأوسط واحد؛ لأن الذي
يقرب والذي يجمع يقرب أيضا، فإنما سمي آدم فيصير هذا له سمة، ثم كنى عن
اسمه، فقال: أبا البشر، فأكرم بذكر الأبوة، فكل من كنى من بعده من ولده عن
إسم من الأسماء بالأبوة، ثم ألحق أبوته باسم من الأسماء تفاؤلا بشيء أو
تطيرا من شيء، ففزع إلى التفاؤل، لا أنه تطير.. فهذا شأن الكنى.
فأما
النهي عن أبي مالك، فيرى أنه استوحش من هذه اللفظة، لأنه لا مالك إلا
الله، ومنه بدأ الملك للمالكين، فحسن أن يسمى مالك لأنه قد مملكهم. وأول
المالكين الله تعالى. فإذا قلت " يا مالك " " يا أبا الحكم " ففيه وحشة.
وأما
أبو
عيسى، فإذا قلت " يا أبا عيسى " فتلك الوحشة موجودة؛ لأن الله تعالى
يقول: (رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلى مَريمَ وَرُوحٌ منهُ)
فنفى عنه أبوة الآباء.
وأما قوله " أبي القاسم " فهو كما قال صلى الله
عليه وسلم: )أنا أبو القاسم؛ الله يعطى، وأنا أقسم، فكان سيد الخزان " وما
زال جوادا حتى منعه الله من الإعطاء، فقال: (وَلاَ تَبسُطهَا كُلَّ
البَسطِ). وكان يقول: )يأبى الله لي البخل(. وما سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم قط فقال: لا. فثبتت أبوته إلى القسمة. فهذه كنيته، ومكرمة عظيمة.
ومن
قال:
إنما كانت هذه الكنية له متقدمة قبل نبوته من أجل ابنه القاسم " .
فهو كذلك، ولكن هكذا قدر الله تعالى ان يكنى بذلك، حتى يكون قاسما من
قسامه، فيكنى عن إسمه بالأبوة بالقسمة، حتى كنى عن ذلك فعل الله ورسوله.
ثم
أدب
الله المؤمنين فقال: (لاَ تَجعَلُوا دُعاءَ الرَسولِ بَينَكُم
كَدُعاءِ بَعضِكُم بَعضاً). وإنما يدعو بعضهم بعضا بالإسم والكنية، فأين
إجلال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سويته بالناس؟ فأدبهم حتى قالوا:
يا رسول الله، يا نبي الله، فأما الجفاة الأعراب فكانوا يجيئون ويقولون:
يا محمد. فأدب الله المؤمنين بذلك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
)سمّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي(. فتأول من بعده هذه الكلمة على ضروب شتى؛
فمنهم من قال: قد أطلق الإسم للعامة، وحظر الكنية على مذهب ما جاء به
الخبر من القسمة )الله يعطي، وأنا أقسم(. ومنهم من قال: قد أطلق الإسم
وحظر الكنية على من له هذا الإسم، فليس له أن يجمع بين كنيته واسمه فيتشبه
به؛ لأنه سمى محمد وأحمد على الإسم الأصلي وكذلك الكنية. ومنهم من قال:
هذا في حياته، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتفع النهي.
أربعة
أسماء
وقسم الله الخير والشر بين خلقه، فوضع الخير في بعض،
والشر في بعض.. ألا ترى أن الضفدع كيف نصرت إبراهيم عليه السلام بالماء
الذي نقل بفمه ليطفئ ألا ترى أن الوزع كيف نفخ النار على إبراهيم عليه
السلام عداوة له، وولاية لإبليس؛ لأنه من جنس الحية؟ وألا ترى أن الغراب
كيف ترك أمر الرسول عليه السلام، وأقبل على جيفة حمامة، وجفا حيث خرج من
السفينة يوم استوت سفينة نوح عليه السلام على الجودي؟ وألا ترى أن الحمامة
كيف أسرعت الرجعة وفي منقارها ورق الزيتون، وعلى رجليها أثر الطين؛ فهذه
جواهر الأرض، فالنملة كيسة.. ألا ترى أنها تجمع في صيفها لشتائها حرزا
وأخذا بالحزم، فلم يكن هذا لها من بينالدواب إلا ولها هناك فضل معرفة
وبصر؟ ألا ترى كيف قالت عندما أقبل سليمان عليه السلام في موكبه حتى تبسم
نبي الله ضاحكا من قولها، فقالت: (يا أَيُّهَا النَّملُ اِدخلُوا
مَسَاكِنَكُم لاَ يَحطِمَنَّكُم سُلَيمانُ وَجُنودُهُ وَهُم لاَ
يَشعُرُونَ). ألا ترى أنه فزع عندما سمع هذه الكلمة إلى إيزاع الشكر؛
لأنها ذكرت الحطم، ثم نسبته إلى أن يفعل ذلك.
وأما الهدهد، فحدثنا
سليمان بن حميد أبو الربيع الأيادي، حدثنا عون بن عمارة، عن الحسن الجعدي،
عن الزبير بن حريث، عن عكرمة، قال: إنما صرف الله شر سليمان عليه السلام
عن الهدهد لأنه كان بارا بأبويه.
وسمعته يقول: إن ملكا خرج إلى الصيد
في يوم صحو، فقابله حراث يرجع مع آلته إلى بيته، فقال للملك: ارجع فهذا
يوم مطير، فلم يقبل الأمير ما قال ومضى، وكان ساعة جاء المطر؛ فقال
الأمير: هو رجل منجم، علىّ به.
فقال: لست بمنجم، ولكن أعلم علم النمل
أنه يدخل طعامه يوما يعلم أنه يكون مطرا في بيته، ويخرجه يوما يعلم أنه لا
يكون مطرا؛ فهم منجم لا أنا.
وأما الصرد، فحدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا
ابن مهدي، عن قرة بن خالد، عن موسى بن أبي غليط، عن أبي هريرة رضي الله
عنه، قال: الصرد أول طير صام. وروى في الخبر: أنه كان دليل إبراهيم عليه
السلام حيث سار من الشام لبناء الكعبة.
وأما النحلة، فمذكورة في
التنزيل بالطاعة لله تعالى، فقال: (وَأَوحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ
اتَّخِذي مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعرِشُونَ)
إلى قوله: (ذُلُلاً) فالثمرات منها ما هو حلو، ومنها مر، ومنها بشع، ومنه
حامض، ومنه حار، ومنه رخو لين؛ فذلت لله فأكلت من الكل وتركت شهوتها، فجعل
الله ما في بطنها عسلا حلوا كله، وصير فيه شفاء للناس؛ لأنها لم تأكل
بنهمة ولا شهوة، وإنما أكلته طاعة وذلة لربها؛ فصارت بذلك سالكة لسبل ربها
بترك النهمة والهوى؛ يعلم العباد أن السالك لسبيله من ترك النهمة في
الأمور.
فهذه زنابير احتملت من ربها كل هذا الثناء، ونالت هذه المرتبة؛
فكيف بالآدمي المكرم المفضل على البرية، وقد قال الله تعالى:
(وَفَضَّلناهُم عَلَى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلاُ).
التحريش
بين البهائم
وأما قوله:
)ونهى عن النفخ في الطعام والشراب( فهذا إذا كان مع غيره، فهو مؤذ له،
ولعله ان يعاف صاحبه ذلك، فيكون قد أفسد عليه. وأما إذا كان وحده فلا نعلم
به بأسا؛ لأنه ليس فيه أذة ولا إفساد على أحد.
حدثنا محمد بن علي
الشقيقي، حدثنا أبي، حدثنا أبو عصمة، عن الحجاج،عن عبد الملك، عن إبراهيم،
قال: إنما كره النفخ في الطعام.
حدثنا
محمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن زيد، حدثني صاحب لي، عن إسحاق بن سويد،
قال: سألته عن النفخ في الطعام؟ قال: لا أدري. إلا أن الأحنف قالك إن في
الإنسان ريحان، فإذا أراد أن يبرد الشيء قال: تفه، وإذا أراد أن يسخن قال:
آه.
حدثنا عبدان بن عثمان، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا بكار بن
عبد الله، قال: سمعت وهب بن منبه قال: الروح في الرأس، والنفس في البطن،
فإذا التقيا جاء النوم. والروح يأمر بالخير، والنفس تأمر بالشر، والريح
الحارة من النفس، والباردة من الروح، وهي باردة.
قال أبو عبد الله رحمه
الله: وزاد فيه غيره عن وهب قال: ثم نفخ وهب على يده فقال: " أف " ثم قال:
هذه من الروح، وهي باردة. ثم قال: " آه " قال: هذه من النفس، وهي حارة.
النفخ
في الصلاةوأما قوله: )ونهى أن ينفخ في الصلاة(.
فإن
النفخ في الصلاة مجراه مجرى الكلام؛ ولذلك قال علماؤنا: إذا كان نفخ يسمع
فهو كلام، ويقطع الصلاة؛ لأن النفخ إنما هو " أف " أو " تف " وهي كلمة.
وقد ذكر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (أف لكم)، وقال: (وَلا تَقُل
لَهُما أُفٌ) فهذه كلمة بالغة. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال: )لو علم الله شيئا أردة في العقوق من أف لذكره( حدثنا عمر بن أبي
عمر، حدثنا محمد بن حجر، عن أبي جعفر، عن زيد بن علي، عن أبيه عن جده، عن
علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وصسلم: )لو علم الله
من العقوق شيئا أردة من أف لذكره؛ فليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل
النار، وليعمل العاق ما شاء أن يعمل، فلن يدخل الجنة(.
حدثنا عمر بن أبي
عمر، حدثنا هارون الراسبي، عن جعفر بن حيان، عن أبي رجاء، قال: " الأف "
الكلام القذع الردىء الجفى.
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله: " الأف "
وسخ في الأظفار، والتف قلامتها.
الصلاة إلى مقبرة أو حماموأما قوله:
)ونهى عن الصلاة إلى موضع حش، أو حمام، أو مقبرة(.
فهذا
تأديب، ولا نعلم أنه يفسد صلاته ما أمامه. وإذا كانت بينه وبين هذه
الأشياء سترة فلا بأس به. وإذا لم تكن سترة ففيه وحشة؛ لأن الحش متغوطة
الناس؛ وإنما سمى حشا؛ لأنه موضع النخيل، وكانوا يتغوطون هناك للسترة،
والحمام أقذار الناس وغسالتهم، والمقبرة دفن الموتى، وفيها البلى، وتبدد
العظام، والأوصال. فلا يستحب أن يستقبل الله تعالى بمثل هذه الأشياء.
أربع
كنىوأما قوله: )ونهى عن أربع كنى: عن أبي مالك، وأبي الحكم، وأبي القاسم،
وأبي عيسى(.
فإن هذه الألفاظ غير عذبة، فيها بعض الوحشة؛ لأن الكنى
إكرام المؤمن وإجلاله. والاسم متبذل، فإذا أريد إجلاله كنى عن الاسم
المتبذل..
)ونهى عن النفخ في الطعام والشراب( فهذا إذا كان مع غيره، فهو مؤذ له،
ولعله ان يعاف صاحبه ذلك، فيكون قد أفسد عليه. وأما إذا كان وحده فلا نعلم
به بأسا؛ لأنه ليس فيه أذة ولا إفساد على أحد.
حدثنا محمد بن علي
الشقيقي، حدثنا أبي، حدثنا أبو عصمة، عن الحجاج،عن عبد الملك، عن إبراهيم،
قال: إنما كره النفخ في الطعام.
حدثنا
محمد، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن زيد، حدثني صاحب لي، عن إسحاق بن سويد،
قال: سألته عن النفخ في الطعام؟ قال: لا أدري. إلا أن الأحنف قالك إن في
الإنسان ريحان، فإذا أراد أن يبرد الشيء قال: تفه، وإذا أراد أن يسخن قال:
آه.
حدثنا عبدان بن عثمان، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا بكار بن
عبد الله، قال: سمعت وهب بن منبه قال: الروح في الرأس، والنفس في البطن،
فإذا التقيا جاء النوم. والروح يأمر بالخير، والنفس تأمر بالشر، والريح
الحارة من النفس، والباردة من الروح، وهي باردة.
قال أبو عبد الله رحمه
الله: وزاد فيه غيره عن وهب قال: ثم نفخ وهب على يده فقال: " أف " ثم قال:
هذه من الروح، وهي باردة. ثم قال: " آه " قال: هذه من النفس، وهي حارة.
النفخ
في الصلاةوأما قوله: )ونهى أن ينفخ في الصلاة(.
فإن
النفخ في الصلاة مجراه مجرى الكلام؛ ولذلك قال علماؤنا: إذا كان نفخ يسمع
فهو كلام، ويقطع الصلاة؛ لأن النفخ إنما هو " أف " أو " تف " وهي كلمة.
وقد ذكر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (أف لكم)، وقال: (وَلا تَقُل
لَهُما أُفٌ) فهذه كلمة بالغة. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال: )لو علم الله شيئا أردة في العقوق من أف لذكره( حدثنا عمر بن أبي
عمر، حدثنا محمد بن حجر، عن أبي جعفر، عن زيد بن علي، عن أبيه عن جده، عن
علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وصسلم: )لو علم الله
من العقوق شيئا أردة من أف لذكره؛ فليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل
النار، وليعمل العاق ما شاء أن يعمل، فلن يدخل الجنة(.
حدثنا عمر بن أبي
عمر، حدثنا هارون الراسبي، عن جعفر بن حيان، عن أبي رجاء، قال: " الأف "
الكلام القذع الردىء الجفى.
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله: " الأف "
وسخ في الأظفار، والتف قلامتها.
الصلاة إلى مقبرة أو حماموأما قوله:
)ونهى عن الصلاة إلى موضع حش، أو حمام، أو مقبرة(.
فهذا
تأديب، ولا نعلم أنه يفسد صلاته ما أمامه. وإذا كانت بينه وبين هذه
الأشياء سترة فلا بأس به. وإذا لم تكن سترة ففيه وحشة؛ لأن الحش متغوطة
الناس؛ وإنما سمى حشا؛ لأنه موضع النخيل، وكانوا يتغوطون هناك للسترة،
والحمام أقذار الناس وغسالتهم، والمقبرة دفن الموتى، وفيها البلى، وتبدد
العظام، والأوصال. فلا يستحب أن يستقبل الله تعالى بمثل هذه الأشياء.
أربع
كنىوأما قوله: )ونهى عن أربع كنى: عن أبي مالك، وأبي الحكم، وأبي القاسم،
وأبي عيسى(.
فإن هذه الألفاظ غير عذبة، فيها بعض الوحشة؛ لأن الكنى
إكرام المؤمن وإجلاله. والاسم متبذل، فإذا أريد إجلاله كنى عن الاسم
المتبذل..
والأسماء
في الأصل على الحقائق هي سمات الأشياء، ثم أحدث الناس أشياء صيروها علائم
فيما بينهم تفاؤلا وتطيرا، فأول اسم بدا في الخلق آدم عليه السلام؛ لأنه
مشتق من أديم الأرض، وكأنه مشتق من الإدام، لأنه جمع بين ترابه ومائه
وعجن، وكأنه مشتق من الأدمة وهي الوسيلة، وهذا والأوسط واحد؛ لأن الذي
يقرب والذي يجمع يقرب أيضا، فإنما سمي آدم فيصير هذا له سمة، ثم كنى عن
اسمه، فقال: أبا البشر، فأكرم بذكر الأبوة، فكل من كنى من بعده من ولده عن
إسم من الأسماء بالأبوة، ثم ألحق أبوته باسم من الأسماء تفاؤلا بشيء أو
تطيرا من شيء، ففزع إلى التفاؤل، لا أنه تطير.. فهذا شأن الكنى.
فأما
النهي عن أبي مالك، فيرى أنه استوحش من هذه اللفظة، لأنه لا مالك إلا
الله، ومنه بدأ الملك للمالكين، فحسن أن يسمى مالك لأنه قد مملكهم. وأول
المالكين الله تعالى. فإذا قلت " يا مالك " " يا أبا الحكم " ففيه وحشة.
وأما
أبو
عيسى، فإذا قلت " يا أبا عيسى " فتلك الوحشة موجودة؛ لأن الله تعالى
يقول: (رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلى مَريمَ وَرُوحٌ منهُ)
فنفى عنه أبوة الآباء.
وأما قوله " أبي القاسم " فهو كما قال صلى الله
عليه وسلم: )أنا أبو القاسم؛ الله يعطى، وأنا أقسم، فكان سيد الخزان " وما
زال جوادا حتى منعه الله من الإعطاء، فقال: (وَلاَ تَبسُطهَا كُلَّ
البَسطِ). وكان يقول: )يأبى الله لي البخل(. وما سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم قط فقال: لا. فثبتت أبوته إلى القسمة. فهذه كنيته، ومكرمة عظيمة.
ومن
قال:
إنما كانت هذه الكنية له متقدمة قبل نبوته من أجل ابنه القاسم " .
فهو كذلك، ولكن هكذا قدر الله تعالى ان يكنى بذلك، حتى يكون قاسما من
قسامه، فيكنى عن إسمه بالأبوة بالقسمة، حتى كنى عن ذلك فعل الله ورسوله.
ثم
أدب
الله المؤمنين فقال: (لاَ تَجعَلُوا دُعاءَ الرَسولِ بَينَكُم
كَدُعاءِ بَعضِكُم بَعضاً). وإنما يدعو بعضهم بعضا بالإسم والكنية، فأين
إجلال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سويته بالناس؟ فأدبهم حتى قالوا:
يا رسول الله، يا نبي الله، فأما الجفاة الأعراب فكانوا يجيئون ويقولون:
يا محمد. فأدب الله المؤمنين بذلك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
)سمّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي(. فتأول من بعده هذه الكلمة على ضروب شتى؛
فمنهم من قال: قد أطلق الإسم للعامة، وحظر الكنية على مذهب ما جاء به
الخبر من القسمة )الله يعطي، وأنا أقسم(. ومنهم من قال: قد أطلق الإسم
وحظر الكنية على من له هذا الإسم، فليس له أن يجمع بين كنيته واسمه فيتشبه
به؛ لأنه سمى محمد وأحمد على الإسم الأصلي وكذلك الكنية. ومنهم من قال:
هذا في حياته، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتفع النهي.
أربعة
أسماء
وأما قوله: )ونهى عن أربعة من الأسماء: يسار، ونافع، وبركة،
ورافع(.
فاليسر
واليسار من الله تعالى، والنافع هو الله، والبركة عنده ينزلها حيث شاء،
والرافع هو الله يرفع ويخفض، بيده ميزان القسط. فهذه أسماؤهم؛ فكره.. ألا
ترى انه لا يكره أن يسمى عليما أو حكيما أو مالكا؛ فاليسر والنفع والبركة
والرفع أصله من الربوبية.
وهذا تأديب وليس بحظر.
قتل النملة والهدهد
والصرد والنحلوأما قوله: )ونهى عن قتل النملة، والهدهد، والصرد، والنحل(.
فإن
الدواب
خلقت من الأرض من الموضع الذي رفعت منه تربة آدم عليه السلام،
فجعلت سخرة له. فأما ما كان من التربة مما يلي أسفل آدم عليه السلام فهو
السباع وما لا يؤكل، وما كان مما يلي أعلاه فذلك مما يؤكل، والحمامة من
موضع القلب، فلذلك يؤنس بها وتأنس بالآدميين، وهو قوله تعالى: (أَوَ لَم
يَرَوا أَنَّا خَلَقنا لَهُم مِمَّ عَمِلَت أَيدينّا أَنعاماً فَهُم لَهَا
مالِكُونَ). فعمل الله كان في تربة آدم عليه السلام، ثم خلق مما عملت
الأيدي هذه الدواب، أي من ذلك الموضع. ثم كل دابة راجعة إلى تربتها، وإلى
جوهرها من الأرض.
ورافع(.
فاليسر
واليسار من الله تعالى، والنافع هو الله، والبركة عنده ينزلها حيث شاء،
والرافع هو الله يرفع ويخفض، بيده ميزان القسط. فهذه أسماؤهم؛ فكره.. ألا
ترى انه لا يكره أن يسمى عليما أو حكيما أو مالكا؛ فاليسر والنفع والبركة
والرفع أصله من الربوبية.
وهذا تأديب وليس بحظر.
قتل النملة والهدهد
والصرد والنحلوأما قوله: )ونهى عن قتل النملة، والهدهد، والصرد، والنحل(.
فإن
الدواب
خلقت من الأرض من الموضع الذي رفعت منه تربة آدم عليه السلام،
فجعلت سخرة له. فأما ما كان من التربة مما يلي أسفل آدم عليه السلام فهو
السباع وما لا يؤكل، وما كان مما يلي أعلاه فذلك مما يؤكل، والحمامة من
موضع القلب، فلذلك يؤنس بها وتأنس بالآدميين، وهو قوله تعالى: (أَوَ لَم
يَرَوا أَنَّا خَلَقنا لَهُم مِمَّ عَمِلَت أَيدينّا أَنعاماً فَهُم لَهَا
مالِكُونَ). فعمل الله كان في تربة آدم عليه السلام، ثم خلق مما عملت
الأيدي هذه الدواب، أي من ذلك الموضع. ثم كل دابة راجعة إلى تربتها، وإلى
جوهرها من الأرض.
وقسم الله الخير والشر بين خلقه، فوضع الخير في بعض،
والشر في بعض.. ألا ترى أن الضفدع كيف نصرت إبراهيم عليه السلام بالماء
الذي نقل بفمه ليطفئ ألا ترى أن الوزع كيف نفخ النار على إبراهيم عليه
السلام عداوة له، وولاية لإبليس؛ لأنه من جنس الحية؟ وألا ترى أن الغراب
كيف ترك أمر الرسول عليه السلام، وأقبل على جيفة حمامة، وجفا حيث خرج من
السفينة يوم استوت سفينة نوح عليه السلام على الجودي؟ وألا ترى أن الحمامة
كيف أسرعت الرجعة وفي منقارها ورق الزيتون، وعلى رجليها أثر الطين؛ فهذه
جواهر الأرض، فالنملة كيسة.. ألا ترى أنها تجمع في صيفها لشتائها حرزا
وأخذا بالحزم، فلم يكن هذا لها من بينالدواب إلا ولها هناك فضل معرفة
وبصر؟ ألا ترى كيف قالت عندما أقبل سليمان عليه السلام في موكبه حتى تبسم
نبي الله ضاحكا من قولها، فقالت: (يا أَيُّهَا النَّملُ اِدخلُوا
مَسَاكِنَكُم لاَ يَحطِمَنَّكُم سُلَيمانُ وَجُنودُهُ وَهُم لاَ
يَشعُرُونَ). ألا ترى أنه فزع عندما سمع هذه الكلمة إلى إيزاع الشكر؛
لأنها ذكرت الحطم، ثم نسبته إلى أن يفعل ذلك.
وأما الهدهد، فحدثنا
سليمان بن حميد أبو الربيع الأيادي، حدثنا عون بن عمارة، عن الحسن الجعدي،
عن الزبير بن حريث، عن عكرمة، قال: إنما صرف الله شر سليمان عليه السلام
عن الهدهد لأنه كان بارا بأبويه.
وسمعته يقول: إن ملكا خرج إلى الصيد
في يوم صحو، فقابله حراث يرجع مع آلته إلى بيته، فقال للملك: ارجع فهذا
يوم مطير، فلم يقبل الأمير ما قال ومضى، وكان ساعة جاء المطر؛ فقال
الأمير: هو رجل منجم، علىّ به.
فقال: لست بمنجم، ولكن أعلم علم النمل
أنه يدخل طعامه يوما يعلم أنه يكون مطرا في بيته، ويخرجه يوما يعلم أنه لا
يكون مطرا؛ فهم منجم لا أنا.
وأما الصرد، فحدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا
ابن مهدي، عن قرة بن خالد، عن موسى بن أبي غليط، عن أبي هريرة رضي الله
عنه، قال: الصرد أول طير صام. وروى في الخبر: أنه كان دليل إبراهيم عليه
السلام حيث سار من الشام لبناء الكعبة.
وأما النحلة، فمذكورة في
التنزيل بالطاعة لله تعالى، فقال: (وَأَوحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنِ
اتَّخِذي مِنَ الجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعرِشُونَ)
إلى قوله: (ذُلُلاً) فالثمرات منها ما هو حلو، ومنها مر، ومنها بشع، ومنه
حامض، ومنه حار، ومنه رخو لين؛ فذلت لله فأكلت من الكل وتركت شهوتها، فجعل
الله ما في بطنها عسلا حلوا كله، وصير فيه شفاء للناس؛ لأنها لم تأكل
بنهمة ولا شهوة، وإنما أكلته طاعة وذلة لربها؛ فصارت بذلك سالكة لسبل ربها
بترك النهمة والهوى؛ يعلم العباد أن السالك لسبيله من ترك النهمة في
الأمور.
فهذه زنابير احتملت من ربها كل هذا الثناء، ونالت هذه المرتبة؛
فكيف بالآدمي المكرم المفضل على البرية، وقد قال الله تعالى:
(وَفَضَّلناهُم عَلَى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلاُ).
التحريش
بين البهائم
وأما قوله: )ونهى أن يحرش بين البهائم، أو يمثل بها،
وقالك من فعل ذلك فهو ملعون(.
فإن
الله وضع العدل بين خلقه، ثم لم يرض من الظلم بقليل، ولا كثير، ولامثقال
ذرة، ولا حبة خردل، وليس بتارك أحدا من خلقه يوم القيامة حتى يقضي له، حتى
أن الشاة الجماء ليقاد لها من القرناء. فإذا حرش، فقد دعاهم إلى الظلم،
واستعملهم بذلك؛ فالوبال راجع إليه يوم القيامة إذا كان هو سبب ذلك.
التخنيث
ومخالطة المخنثوأما
قوله: )ونهى عن التخنيث، وعن حديث المخنث، ومحادثة المخنث، وعن مجالسة
المخنث، وعن صحبة المخنث، وعن إجابة دعوة المخنث، وقال: لعن الله المخنث(.
فالمخنث
خلق
هائل شأنه، فظيع أمره؛ فظاهره رجل، وباطنه امرأة. فالذي في باطنه حول
أحوال الظاهر حتى مده إلى أحوال النساء قولا ومشيا وعملا ولباسا وزيا
وهيئة، فقد حلت به اللعنة؛ لأنه مسخ، فنفسه نفوس النساء، وخلقته خلقة
الرجال؛ فلذلك لا تكاد تجد منهم تائبا لأن نفسه الممسوخة قد غيرت قلبه
وطبعه إلى أخلاق النساء وطلبهن للرجال.
وهذا آية عظيمة من آيات الله عز
وجل يعتبر بها المسلمون، ويستعيذون بالله من شرها، فكأنه جعل هذا موعظة
للخلق ليشكروه على لباس العافية.وقد كان على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم مخنث، فنفاه إلى البقيع. فلما كان زمن عمر رضي الله عنه،
استأذنه في الدخول إلى المدينة ليسأل الناس، فأذن له في الجمعة مرة.
حدثنا
حميد
بن الربيع اللخمي، حدثنا بكر بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد
الكريم، عن مجاهد، عن عامر بن سعد، عن سعد بن مالك: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم نفى رجلا مخنثا من المدينة فكان كذلك حتى إمرة عمر رضي الله
عنه، فكان يرخص له أن يدخل يوم الجمعة المدينة فيتصدق عليه.
حدثنا عمر
بن أبي عمر العبدي، حدثنا الحسن بن أبي صالح البجلي، عن عبد الرزاق، عن
يحيى بن العلاء، حدثنا بشر بن نمير، سمع مكحولا يقول: حدثنا يزيد بن
عبدالله الجهني، عن صفوان بن أمية، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فجاء عمرو بن مرة، فقال: يا رسول الله، إن الله كتب على الشقوة، فلا
أراني أرزق إلا من ضرب دفى بكفي، فأذن له في الغناء من غير فاحشة. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم )لا آذن لك، ولا كرامة، ولا نعمة، كذبت أي
عدو الله، فقد رزقك الله حلالا طيبا فاخترت ما حرمه الله عليك من رزقه
مكان ما أحل الله لك من خلال. ولو كنت تقدمت إليك لفعلت بك، قم عني وتب
إلى الله. أما إنك إن فعلت بعد التقدمة شيئا ضربتك ضربا وجيعا، وجعلتك
مثلة، ونفيتك من أهلك، وأحللت سلبك نهبة لفتيان المدينة(، فقام عمرو وبه
من الشر والحزن ما لا يعلمه إلا الله، فقال عليه السلام بعد ما تولى:
)هؤلاء العصاة من مات منهم بغير توبة حشره الله كما كان يوم القيامة مخنثا
عريانا، لا يستتر من الناس بهدبه، كلما قام صرع( فقام عرفطة بن نهيك
التيميمى، فقال: إن أهلي مرزوقون من هذا الصيد، ولنا فيه قسم وبركة، وهو
مشغلة عن ذكر الله، وعن الصلاة في الجماعة، وبنا غليه حاجة، أفتحله أو
تحرمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )أُحله، لأن الله تعالى قد أحله،
نعمالعملن والله أولى بالعذر، وقد كان لله رسل قبل كلها تصطاد أوتطلب
الصيد ويكفيك من الصلاة في الجماعة إذا غبت عنها في طلب الرزق حبك
للجماعة، وحبك ذكر الله وأهله، فابتغ على نفسك وعيالك حلالا، فإن ذلك جهاد
في سبيل الله، واعلم أن عون الله مع صالح التجار( سمعته يقول: سأل عرفطة
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأن العرب تقول إن الوحش دواب الجن
يركبونهن، فلا يجوز صيدهن، فلذلك سأله عرفطة، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما قال.
وقالك من فعل ذلك فهو ملعون(.
فإن
الله وضع العدل بين خلقه، ثم لم يرض من الظلم بقليل، ولا كثير، ولامثقال
ذرة، ولا حبة خردل، وليس بتارك أحدا من خلقه يوم القيامة حتى يقضي له، حتى
أن الشاة الجماء ليقاد لها من القرناء. فإذا حرش، فقد دعاهم إلى الظلم،
واستعملهم بذلك؛ فالوبال راجع إليه يوم القيامة إذا كان هو سبب ذلك.
التخنيث
ومخالطة المخنثوأما
قوله: )ونهى عن التخنيث، وعن حديث المخنث، ومحادثة المخنث، وعن مجالسة
المخنث، وعن صحبة المخنث، وعن إجابة دعوة المخنث، وقال: لعن الله المخنث(.
فالمخنث
خلق
هائل شأنه، فظيع أمره؛ فظاهره رجل، وباطنه امرأة. فالذي في باطنه حول
أحوال الظاهر حتى مده إلى أحوال النساء قولا ومشيا وعملا ولباسا وزيا
وهيئة، فقد حلت به اللعنة؛ لأنه مسخ، فنفسه نفوس النساء، وخلقته خلقة
الرجال؛ فلذلك لا تكاد تجد منهم تائبا لأن نفسه الممسوخة قد غيرت قلبه
وطبعه إلى أخلاق النساء وطلبهن للرجال.
وهذا آية عظيمة من آيات الله عز
وجل يعتبر بها المسلمون، ويستعيذون بالله من شرها، فكأنه جعل هذا موعظة
للخلق ليشكروه على لباس العافية.وقد كان على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم مخنث، فنفاه إلى البقيع. فلما كان زمن عمر رضي الله عنه،
استأذنه في الدخول إلى المدينة ليسأل الناس، فأذن له في الجمعة مرة.
حدثنا
حميد
بن الربيع اللخمي، حدثنا بكر بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد
الكريم، عن مجاهد، عن عامر بن سعد، عن سعد بن مالك: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم نفى رجلا مخنثا من المدينة فكان كذلك حتى إمرة عمر رضي الله
عنه، فكان يرخص له أن يدخل يوم الجمعة المدينة فيتصدق عليه.
حدثنا عمر
بن أبي عمر العبدي، حدثنا الحسن بن أبي صالح البجلي، عن عبد الرزاق، عن
يحيى بن العلاء، حدثنا بشر بن نمير، سمع مكحولا يقول: حدثنا يزيد بن
عبدالله الجهني، عن صفوان بن أمية، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فجاء عمرو بن مرة، فقال: يا رسول الله، إن الله كتب على الشقوة، فلا
أراني أرزق إلا من ضرب دفى بكفي، فأذن له في الغناء من غير فاحشة. فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم )لا آذن لك، ولا كرامة، ولا نعمة، كذبت أي
عدو الله، فقد رزقك الله حلالا طيبا فاخترت ما حرمه الله عليك من رزقه
مكان ما أحل الله لك من خلال. ولو كنت تقدمت إليك لفعلت بك، قم عني وتب
إلى الله. أما إنك إن فعلت بعد التقدمة شيئا ضربتك ضربا وجيعا، وجعلتك
مثلة، ونفيتك من أهلك، وأحللت سلبك نهبة لفتيان المدينة(، فقام عمرو وبه
من الشر والحزن ما لا يعلمه إلا الله، فقال عليه السلام بعد ما تولى:
)هؤلاء العصاة من مات منهم بغير توبة حشره الله كما كان يوم القيامة مخنثا
عريانا، لا يستتر من الناس بهدبه، كلما قام صرع( فقام عرفطة بن نهيك
التيميمى، فقال: إن أهلي مرزوقون من هذا الصيد، ولنا فيه قسم وبركة، وهو
مشغلة عن ذكر الله، وعن الصلاة في الجماعة، وبنا غليه حاجة، أفتحله أو
تحرمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: )أُحله، لأن الله تعالى قد أحله،
نعمالعملن والله أولى بالعذر، وقد كان لله رسل قبل كلها تصطاد أوتطلب
الصيد ويكفيك من الصلاة في الجماعة إذا غبت عنها في طلب الرزق حبك
للجماعة، وحبك ذكر الله وأهله، فابتغ على نفسك وعيالك حلالا، فإن ذلك جهاد
في سبيل الله، واعلم أن عون الله مع صالح التجار( سمعته يقول: سأل عرفطة
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأن العرب تقول إن الوحش دواب الجن
يركبونهن، فلا يجوز صيدهن، فلذلك سأله عرفطة، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما قال.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
الاختصار تحزنا على المصائب
فإنه
قد نسب الخير إليه، والخير والنعمة لولي النعمة، فبقاؤه لا يجدي نفعا. وقد
نسب الخير إلى غير مستحقه فهذا كفران. وإذا اعترف أن الخير كله بيد الله
ثم يقول لعبده لا تزال بخير ما بقيت، فهذا حكم منه على الله فما يدريه أن
يكون كذلك.
قول ما شاء الله وشئت!
حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم، حدثنا عباد بن العوام، عن أبي
شيبة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه كان ينام بين جاريتين.
قال: وروى عن الحسن: أنه كره ذلك لاستماع الوجس.
؟؟حد الشفرة
والشاة تنظر
؟قيام
الرجل بالليل والنهار منتصبا عريانا وأما قوله: )ونهى أن يمشي الرجل بالليل
والنهار منتصبا عريانا(.
فقد
ذكرنا شأنه وأن هذا من فعل الجاهلية. وكانوا لا يبالون من التعري لما قد
سلبوا من الحياء. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )الحياء
من الإيمان(. وروى عنه أنه قال: )قلة الحياء كفر(.
حدثنا بذلك الجارود،
حدثنا سليمان بن عمرو النخعي، حدثنا يزيد بن أبي حبيب المصري، عن مرثد بن
عبدالله، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )قلة
الحياء كفر(.
قال أبو عبد الله رحمه الله: الإنتصاب عريانا هو من قلة
المبالاة وقلة الحياء. قال: وأيضا خلة أخرى أن يخاف عليه من الجن أن ترميه
ببلية. وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من اغتسل في
براز من الأرض بالليل، فليخط حوله دائرة ليغتسل فيها(. حدثنا قتيبة، حدثنا
ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب بذلك. فهذا إذا لم يجد ما يستتر به،
واحتاج إلى غسل فعل مثل ذلك، حتى لا يجد العدو وأعوانه سبيلا إليه.
والتعري
الذي
ذكر في الحديث أن يتخلى عن جميع ثيابه بلا حاجة ولا ضرورة، فأما
المستنجي والمغتسل فلا يجد بدا من كشف عورته. وقد أبان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ذلك.
حدثنا بشر بن خالد العسكري، حدثنا مسلمة بن هشام بن عبد
الملك، عن الأعمش عن زيد العمى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: )سِترُ بينَ أعين الجن وبين عورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن
يقولك بسم الله(.
وروى عن موسى بن عمران عليه السلام: أنه كان إذا أراد
أن يغتسل دخل الماء مع ثوبه، ثم يرفعه قليلا قليلا حتى يغيب حتى يغيب جسده
في الماء، فحينئذ يضع ثوبه.
وحدثنا الجارود، حدثنا الفضل بن موسى، عن
عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن زيد العمى، عن أنس، قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يرفع ثوبه عند الحاجة حتى يدنو من الأرض.
مباشرة
الرجل امرأته وهي حائض بدون ثوب
وأما قوله: )ونهى عن الإختصار يتحازنون
على مصائبهم(.
وروى في الخبر: أن إبليس نزل من السماء بهذه الصفة
مدحورا مطرودا. والإختصار أن يأخذ بيده على خصره من الجانبين.
التثاؤب
في الصلاةوأما قوله: )ونهى عن التثاؤب في الصلاة، وقال: ليمسك بيده على
فيه؛ فإن الشيطان يضحك منه(.
التثاؤب أصله. من قلة المبالاة ألقى إلى
إبليس.. ألا ترى أنه قال: )يضحك في جوفه(؛ فالضحك من ذهاب البال.
حدثنا
هارون بن حاتم الكوفي، حدثنا ابن إدريس، عن ابن عجلان، عن أبي حازم، عن
سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا تثاءب أحدكم في
صلاته فليقل: سبحان الله( فإنما أمر بالتسبيح من بين الكلام، ولم يؤمر
بالتهليل ولا بالتكبير ولا بالتحميد؛ لأن مبتدأ هذه الكلمة وهو السين من
قوله: )سبحان الله( فإذا نطقت بها، وضممت شفتيك انقمع وذهب سلطانه لذكر
الله. وإذا هللت أو كبرت أو حمدت، فمبتدأ كلمته مفتوح، وهو الألف واللام،
فإذا نطق بها مع الفتح وجد العدو سبيلا إلى الدخول.
الحلف بالآباء
والكعبة والحياةوأما قوله: )ونهى أن يقول الرجل: لا وأبيك، أو يقول: لا
والكعبة، لا وحياتك وحياة فلان(.
فهذا
حالف بغير الله، فمن حلف بالله فإنما يريد بذلك الشيء أن يثبته باسم الله،
وإذا حلف بغير الله فقد ضاده؛ لأن هذه الأشياء كلها زائلة والله دائم لا
يزول، وإنما يؤكد إثبات الأشياء بالدائم الذي لا يزول، فكذا وصفه بين
العباد. فإذا أردت أن تؤكده بشيء هو زائل فإن، فكأنك تريد أن تثبت له
ديمومته.
قول: لا نزال بخير ما بقيت!وأما قوله: )ونهى أن يقول الرجل لا
نزال بخير ما بقيت(.
على مصائبهم(.
وروى في الخبر: أن إبليس نزل من السماء بهذه الصفة
مدحورا مطرودا. والإختصار أن يأخذ بيده على خصره من الجانبين.
التثاؤب
في الصلاةوأما قوله: )ونهى عن التثاؤب في الصلاة، وقال: ليمسك بيده على
فيه؛ فإن الشيطان يضحك منه(.
التثاؤب أصله. من قلة المبالاة ألقى إلى
إبليس.. ألا ترى أنه قال: )يضحك في جوفه(؛ فالضحك من ذهاب البال.
حدثنا
هارون بن حاتم الكوفي، حدثنا ابن إدريس، عن ابن عجلان، عن أبي حازم، عن
سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )إذا تثاءب أحدكم في
صلاته فليقل: سبحان الله( فإنما أمر بالتسبيح من بين الكلام، ولم يؤمر
بالتهليل ولا بالتكبير ولا بالتحميد؛ لأن مبتدأ هذه الكلمة وهو السين من
قوله: )سبحان الله( فإذا نطقت بها، وضممت شفتيك انقمع وذهب سلطانه لذكر
الله. وإذا هللت أو كبرت أو حمدت، فمبتدأ كلمته مفتوح، وهو الألف واللام،
فإذا نطق بها مع الفتح وجد العدو سبيلا إلى الدخول.
الحلف بالآباء
والكعبة والحياةوأما قوله: )ونهى أن يقول الرجل: لا وأبيك، أو يقول: لا
والكعبة، لا وحياتك وحياة فلان(.
فهذا
حالف بغير الله، فمن حلف بالله فإنما يريد بذلك الشيء أن يثبته باسم الله،
وإذا حلف بغير الله فقد ضاده؛ لأن هذه الأشياء كلها زائلة والله دائم لا
يزول، وإنما يؤكد إثبات الأشياء بالدائم الذي لا يزول، فكذا وصفه بين
العباد. فإذا أردت أن تؤكده بشيء هو زائل فإن، فكأنك تريد أن تثبت له
ديمومته.
قول: لا نزال بخير ما بقيت!وأما قوله: )ونهى أن يقول الرجل لا
نزال بخير ما بقيت(.
فإنه
قد نسب الخير إليه، والخير والنعمة لولي النعمة، فبقاؤه لا يجدي نفعا. وقد
نسب الخير إلى غير مستحقه فهذا كفران. وإذا اعترف أن الخير كله بيد الله
ثم يقول لعبده لا تزال بخير ما بقيت، فهذا حكم منه على الله فما يدريه أن
يكون كذلك.
قول ما شاء الله وشئت!
وأما قوله: )ونهى أن
يقول: ما شاء الله وشئت(.
فهذا
شرك في المشيئة، فهي لفظة سيئةن وقول شينع؛ لأن المشيئة لله، وبمشيئته شاء
العبد، قال الله تعالى: (وَما تَشاءُونَ إِلاَّ أَن يَشاءَ الله.فلا يجمع
بين المشيئتين؛ لأن مشيئة العبد إنما تقوم بمشيئة الله تعالى، فإذا نطقه
بالواو، فقد جمع بينهما وسوى، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت، كما نطق به
الكتاب، وكما هو في الأصل؛ فإنه لا يقدر أحد أن يشاء شيئا حتى يشاء الله
ذلك، فعند ذلك يشاء العبد.
الحلف بغير اللهوأما قوله: )ونهى أن يحلف
بغير الله(.
فقد
وصفنا بدءا فمن لم يرض بالله فليس من الله، فإنما يؤكد الحادث من الأفعال
والأخبار باسمبه، فمن لم يرض بذلك، فلنفاق فيه، والمنافق ليس من الله.
وذلك فعل من خلا قلبه من عظمة الله، ولا يجد تعظيم اسمه على قلبه.
فهذا
الأصل، فلما ساءت رعة الخلق، وأدبر الزمان بهم إلى ظهور الجهل والمنكر،
فإذا عرض عليه اليمين بالله اجترأ، فإذا عرض عليه اليمين بالطلاق امتنع.
فامتناعه لما يعلم أنه يقع في الحرام من تقية الإسلام في صدره، وإذا اجترأ
على اليمين بالله، فإنما يفعله لجهله بالله وقلة خوفه منه وحيائه.
فإذا
اضطر الإنسان لشيء من هذا، وهو يعلم أن صاحبه بهذه الصفة، فحلفه بالطلاق
والعتاق ونحوه لم أر به بأسا.
الحلف بسورة من كتاب اللهوأما
قوله: )ونهى أن يحلف بسورة من كتاب الله عز وجل، فقال: من حلف بشيء من
كتاب الله تعالى، فعليه بكلامه يمين، فمن شاء بر، ومن شاء فجر(.
فكتاب
الله كلام الله، فالحلف بكلامه كالحلف بفعل من أفعاله، فإن حلف على التبري
منه فهو يمين سوء.
وروى
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من حلف بملة سوى الإسلام، أو
قال: إنه برىء من الإسلام، فإن كان صادقا فلن يرجع إلا الإسلام سالما، وإن
كان كاذبا فهو كما قال(.
فهذا معناه إذا حلف على شيء ماض فقال: إن كنت
فعلت كذا فأنا برىء من الإسلام، وقد فعلها، فقد كفر عقد يمين. فإن كان
صادقا فقد أساء القول بالتبري من الإسلام، وكيف لا يكون مسيئا، وإنما أعطى
الإسلام من المنة، وهو على أعظم خطر؛ لأنه لا يدري ما يكون في العاقبة،
فيجترىء أن يلفظ بمثل هذه اللفظة مستخفا بهذا الخطر، ولا يخاف أن يسلبه
الله بكفرانه واستخفافه. وأما إذا حلف به على شيء لم يكن، فهو يريد أن
يؤكد ذلك الشيء بهذه اللفظة، فقد أساء في قوله، ولكنه إن حنث في ذلك لزمته
كفارة يمين.
سوم الرجل على سوم أخيه، وخطبته على خطبة أخيهوأما قوله:
)ونهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه، وأن يخطب على خطبة أخيه(.
فمن أجل أن
في هذا إفسادا، وهو داعية إلى الشحناء، فمنع القوم من ذلك.
حدثنا
أبي، عن مطرف، عن مالك بن أنس: أنه لا يسوم على سومه ما لم يرد، فإذا رد
فله أن يدخل في سومه، فكذلك الخطبة إذا رد مرة فله أن يدخل في خطبته. ولقد
كان رجل مادام يسوم ويماكس لا يسع أحدا الدخول فيه لكثرة الضرر في ذلك،
ولا يسد على الرجل بيع شيء يريده لمكان هذا السائم، ثم لا يزال يتردد
ويماكس والراغبون في ذلك بمعزل عنه ينتظرون رفضه، فهذا ضرر.
مجامعة
المرأة في حضور أحدوأما قوله: )ونهى أن يجامع الرجل المرأة وعنده أحد حتى
الصبي في المهد(.
فهذا
تأديب؛ لأنه إذا سمع الوجس غيره رجلا أو امرأة افتتن به. وأما ذكر الصبي
في المهد، فهذا تشديد وحسم للباب حتى لا يطمع أحد في الكبير، فأما الصغير
فلا يعلم به بأسا وكذلك صغير لم يعقل، وقد ذكر الله في تنزيله فقال: (أَو
الطِفلِ الَّذَينَ لَم يَظهَرَوا عَلَى عَوراتِ النِّساءِ) فإذا كان طفلا
بهذه الصفة أجنبيا جاز له أن ينظر إلى المرأة الأجنبية، وإن كان رضيعا في
المهد فهذا أحرى أن لا يكون به بأس في حال الجماع؛ وإنما حظر هذا الفعل من
أجل الإفتتان.
يقول: ما شاء الله وشئت(.
فهذا
شرك في المشيئة، فهي لفظة سيئةن وقول شينع؛ لأن المشيئة لله، وبمشيئته شاء
العبد، قال الله تعالى: (وَما تَشاءُونَ إِلاَّ أَن يَشاءَ الله.فلا يجمع
بين المشيئتين؛ لأن مشيئة العبد إنما تقوم بمشيئة الله تعالى، فإذا نطقه
بالواو، فقد جمع بينهما وسوى، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت، كما نطق به
الكتاب، وكما هو في الأصل؛ فإنه لا يقدر أحد أن يشاء شيئا حتى يشاء الله
ذلك، فعند ذلك يشاء العبد.
الحلف بغير اللهوأما قوله: )ونهى أن يحلف
بغير الله(.
فقد
وصفنا بدءا فمن لم يرض بالله فليس من الله، فإنما يؤكد الحادث من الأفعال
والأخبار باسمبه، فمن لم يرض بذلك، فلنفاق فيه، والمنافق ليس من الله.
وذلك فعل من خلا قلبه من عظمة الله، ولا يجد تعظيم اسمه على قلبه.
فهذا
الأصل، فلما ساءت رعة الخلق، وأدبر الزمان بهم إلى ظهور الجهل والمنكر،
فإذا عرض عليه اليمين بالله اجترأ، فإذا عرض عليه اليمين بالطلاق امتنع.
فامتناعه لما يعلم أنه يقع في الحرام من تقية الإسلام في صدره، وإذا اجترأ
على اليمين بالله، فإنما يفعله لجهله بالله وقلة خوفه منه وحيائه.
فإذا
اضطر الإنسان لشيء من هذا، وهو يعلم أن صاحبه بهذه الصفة، فحلفه بالطلاق
والعتاق ونحوه لم أر به بأسا.
الحلف بسورة من كتاب اللهوأما
قوله: )ونهى أن يحلف بسورة من كتاب الله عز وجل، فقال: من حلف بشيء من
كتاب الله تعالى، فعليه بكلامه يمين، فمن شاء بر، ومن شاء فجر(.
فكتاب
الله كلام الله، فالحلف بكلامه كالحلف بفعل من أفعاله، فإن حلف على التبري
منه فهو يمين سوء.
وروى
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من حلف بملة سوى الإسلام، أو
قال: إنه برىء من الإسلام، فإن كان صادقا فلن يرجع إلا الإسلام سالما، وإن
كان كاذبا فهو كما قال(.
فهذا معناه إذا حلف على شيء ماض فقال: إن كنت
فعلت كذا فأنا برىء من الإسلام، وقد فعلها، فقد كفر عقد يمين. فإن كان
صادقا فقد أساء القول بالتبري من الإسلام، وكيف لا يكون مسيئا، وإنما أعطى
الإسلام من المنة، وهو على أعظم خطر؛ لأنه لا يدري ما يكون في العاقبة،
فيجترىء أن يلفظ بمثل هذه اللفظة مستخفا بهذا الخطر، ولا يخاف أن يسلبه
الله بكفرانه واستخفافه. وأما إذا حلف به على شيء لم يكن، فهو يريد أن
يؤكد ذلك الشيء بهذه اللفظة، فقد أساء في قوله، ولكنه إن حنث في ذلك لزمته
كفارة يمين.
سوم الرجل على سوم أخيه، وخطبته على خطبة أخيهوأما قوله:
)ونهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه، وأن يخطب على خطبة أخيه(.
فمن أجل أن
في هذا إفسادا، وهو داعية إلى الشحناء، فمنع القوم من ذلك.
حدثنا
أبي، عن مطرف، عن مالك بن أنس: أنه لا يسوم على سومه ما لم يرد، فإذا رد
فله أن يدخل في سومه، فكذلك الخطبة إذا رد مرة فله أن يدخل في خطبته. ولقد
كان رجل مادام يسوم ويماكس لا يسع أحدا الدخول فيه لكثرة الضرر في ذلك،
ولا يسد على الرجل بيع شيء يريده لمكان هذا السائم، ثم لا يزال يتردد
ويماكس والراغبون في ذلك بمعزل عنه ينتظرون رفضه، فهذا ضرر.
مجامعة
المرأة في حضور أحدوأما قوله: )ونهى أن يجامع الرجل المرأة وعنده أحد حتى
الصبي في المهد(.
فهذا
تأديب؛ لأنه إذا سمع الوجس غيره رجلا أو امرأة افتتن به. وأما ذكر الصبي
في المهد، فهذا تشديد وحسم للباب حتى لا يطمع أحد في الكبير، فأما الصغير
فلا يعلم به بأسا وكذلك صغير لم يعقل، وقد ذكر الله في تنزيله فقال: (أَو
الطِفلِ الَّذَينَ لَم يَظهَرَوا عَلَى عَوراتِ النِّساءِ) فإذا كان طفلا
بهذه الصفة أجنبيا جاز له أن ينظر إلى المرأة الأجنبية، وإن كان رضيعا في
المهد فهذا أحرى أن لا يكون به بأس في حال الجماع؛ وإنما حظر هذا الفعل من
أجل الإفتتان.
حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم، حدثنا عباد بن العوام، عن أبي
شيبة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه كان ينام بين جاريتين.
قال: وروى عن الحسن: أنه كره ذلك لاستماع الوجس.
؟؟حد الشفرة
والشاة تنظر
وأما قوله: )ونهى أنتحد الشفرة والشاة تنظر(.
فهذا
لأنها تفزع، ويهولها ذلك؛ لأنها تعلم. فهذا لقلة الرحمة، ومن لا يرحم لا
يُرحم.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إن الله كتب
الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتهم فأحسنوا القتلة(.
حدثنا
قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال:
)أمر رسول الله صلى الله عليبه وسلم بحد الشفار، وأن تواري عن البهائم(.
فهذا من الإحسان، وإنه يحب المحسنين.
؟
محو اسم الله تعالى بالبزاقفهذا
لأنها تفزع، ويهولها ذلك؛ لأنها تعلم. فهذا لقلة الرحمة، ومن لا يرحم لا
يُرحم.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )إن الله كتب
الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتهم فأحسنوا القتلة(.
حدثنا
قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال:
)أمر رسول الله صلى الله عليبه وسلم بحد الشفار، وأن تواري عن البهائم(.
فهذا من الإحسان، وإنه يحب المحسنين.
؟
وأما
قوله:
)ونهى أن يمحو اسم الله تعالى بالبزاق) لأن البزاق من شأنه أن يتفل،
فالتفل على الشيطان. فهو وإن كان طاهرا، فهو مهجور مرمى بهن فلا يحسن ان
يلقى على إسم الله تعالى.. ألا ترى أن الشيء إذا استحقر واستهين به بزق
عليه صاحبه، وكذلك إذا خسىء يتفل عليه؟ فهذا المحو لإسم الله تعالى
بالبزاق تشبيه بالتفل؛ فهو قبيح.
؟
قعود الرجل في المسجد وهو جنبقوله:
)ونهى أن يمحو اسم الله تعالى بالبزاق) لأن البزاق من شأنه أن يتفل،
فالتفل على الشيطان. فهو وإن كان طاهرا، فهو مهجور مرمى بهن فلا يحسن ان
يلقى على إسم الله تعالى.. ألا ترى أن الشيء إذا استحقر واستهين به بزق
عليه صاحبه، وكذلك إذا خسىء يتفل عليه؟ فهذا المحو لإسم الله تعالى
بالبزاق تشبيه بالتفل؛ فهو قبيح.
؟
وأما
قوله: )ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب(.
فهذا
لتعظيم حرمة المسجد؛ لأنه إنما بنى للذكر، وقال الله تعالى: (وَلاَ
جُنُباً إِلاَّ عابِري سَبيلٍ) وإنما رخص للمجتاز الذي يعبره لأن القاعد
متوطن.
؟
اتخاذ المسجد طريقاقوله: )ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب(.
فهذا
لتعظيم حرمة المسجد؛ لأنه إنما بنى للذكر، وقال الله تعالى: (وَلاَ
جُنُباً إِلاَّ عابِري سَبيلٍ) وإنما رخص للمجتاز الذي يعبره لأن القاعد
متوطن.
؟
وأما قوله: )ونهى أن يمر في المسجد
يتخذه طريقا حتى يصلى فيه ركعتين(.
فهذا تأديب.. كره أن يسوي المسجد
يتخذه طريقا حتى يصلى فيه ركعتين(.
فهذا
تأديب .. كره أن يسوي المسجد بسائر البقاع عند الناس، فإذا مر فيه مجتازا
فلا بأس به عندنا والله أعلم؛ لأنه قد ذكر في تنزيله مع الجنابة لعابري
سبيل، فإذا كان بغير جنابة فهو أحرى أن يوسع له. ولكن هذا إذا اتخذه طريقا
لنفسه فلا يزال فيه كالذي يصير الشيء وطنا يدوم عليه، فهو غير محبوب حتى
يصلي ركعتين، فيكون ممزوجا فعلها بفعل المرور إذا صيره طريقا، فقد أخرجه
من حد المسجد، فهو عنده مسجد صلاته في مروره مرتفق ورخصة؛ لأنه إنما بنى
للصلاة، فمادام له فيه صلاة فهو مقيم لحرمة ما بنى له، فإذا أعده طريقا
ورفض الصلاة فيه فقد أخرجه مما بنى له، فهو منهى عنه.
؟؟ندب الميت وأما
قوله: )ونهى أن يندب الميت(.
فالندبة داعية إلى الفتنة والجزع، لأن
المرائي والكلام يعمل في النفوس، فيهيج الرفأة حتى يرق الفؤاد فيجزع.
وربما
كان
في الندبة افتخار ومديح لا يستحقه الميت وهو لا يدري مقدمه على الله،
فهو على غرور يتكلم.. ألا ترى إلى حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقف على قبر شاب قتل شهيدا، فقال قائل: هنيئا لك.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: )وما يدريك؟ فعله كان يبخل بما لا ينقصه،
ويتكلم فيما لا يعنيه(. فالندبة تزكية، وقد زجر الله عن التزكية للنفوس؛
والبراءة لها، والشهادة لها.
؟
نعي الميت في القبائليتخذه طريقا حتى يصلى فيه ركعتين(.
فهذا تأديب.. كره أن يسوي المسجد
يتخذه طريقا حتى يصلى فيه ركعتين(.
فهذا
تأديب .. كره أن يسوي المسجد بسائر البقاع عند الناس، فإذا مر فيه مجتازا
فلا بأس به عندنا والله أعلم؛ لأنه قد ذكر في تنزيله مع الجنابة لعابري
سبيل، فإذا كان بغير جنابة فهو أحرى أن يوسع له. ولكن هذا إذا اتخذه طريقا
لنفسه فلا يزال فيه كالذي يصير الشيء وطنا يدوم عليه، فهو غير محبوب حتى
يصلي ركعتين، فيكون ممزوجا فعلها بفعل المرور إذا صيره طريقا، فقد أخرجه
من حد المسجد، فهو عنده مسجد صلاته في مروره مرتفق ورخصة؛ لأنه إنما بنى
للصلاة، فمادام له فيه صلاة فهو مقيم لحرمة ما بنى له، فإذا أعده طريقا
ورفض الصلاة فيه فقد أخرجه مما بنى له، فهو منهى عنه.
؟؟ندب الميت وأما
قوله: )ونهى أن يندب الميت(.
فالندبة داعية إلى الفتنة والجزع، لأن
المرائي والكلام يعمل في النفوس، فيهيج الرفأة حتى يرق الفؤاد فيجزع.
وربما
كان
في الندبة افتخار ومديح لا يستحقه الميت وهو لا يدري مقدمه على الله،
فهو على غرور يتكلم.. ألا ترى إلى حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقف على قبر شاب قتل شهيدا، فقال قائل: هنيئا لك.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: )وما يدريك؟ فعله كان يبخل بما لا ينقصه،
ويتكلم فيما لا يعنيه(. فالندبة تزكية، وقد زجر الله عن التزكية للنفوس؛
والبراءة لها، والشهادة لها.
؟
وأما قوله:
)ونهى أن يقال: مات فلان فاشهدوه، وأن ينعى في القبائل(.
فهذا من أجل أن
هذا فعل أهل الجاهلية، كانوا يتكاثرون، ويتفاخرون بالجمع، ويتزينون بذلك،
وهو رياء وسمعة.
؟؟
التعري بالليل والنهار)ونهى أن يقال: مات فلان فاشهدوه، وأن ينعى في القبائل(.
فهذا من أجل أن
هذا فعل أهل الجاهلية، كانوا يتكاثرون، ويتفاخرون بالجمع، ويتزينون بذلك،
وهو رياء وسمعة.
؟؟
وأما قوله: )ونهى عن
التعري بالليل والنهار(.
فمعناه
أن يكون هذا التعري بارزا. فأما في بيت مستور يغتسل فيه، فإن كان في إزار
فهو أفضل، فإن لم يكن فهو في سعة غير آثم، ولكنه ترك الأفضل. فإذا تعرى
بارزا لم يأمن أن يفجأه بعض من لا يحل له النظر فيراه عريانا، وقد أمر
الله تعالى بحفظ الفروج، وقال: (قُل لِلمُؤمِنينَ يَغُضُّوا مِن
أَبصارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم)، أي لا يتعروا فقد أمر بالستر، وغض
البصر عمن لا يستر.
حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا مكي بن إبراهيم، عن بهز
بن حكيم، عن أبيه،عن جده، قال: وحدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ البصري،
حدثنا يزيد بن زريع، عن بهز، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله،
عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: )احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت
يمينك( قلت: فإن كان أحدنا خاليا؟ قال: )فالله أحق أن يستحى منه(.
التعري بالليل والنهار(.
فمعناه
أن يكون هذا التعري بارزا. فأما في بيت مستور يغتسل فيه، فإن كان في إزار
فهو أفضل، فإن لم يكن فهو في سعة غير آثم، ولكنه ترك الأفضل. فإذا تعرى
بارزا لم يأمن أن يفجأه بعض من لا يحل له النظر فيراه عريانا، وقد أمر
الله تعالى بحفظ الفروج، وقال: (قُل لِلمُؤمِنينَ يَغُضُّوا مِن
أَبصارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم)، أي لا يتعروا فقد أمر بالستر، وغض
البصر عمن لا يستر.
حدثنا أبي رحمه الله، حدثنا مكي بن إبراهيم، عن بهز
بن حكيم، عن أبيه،عن جده، قال: وحدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ البصري،
حدثنا يزيد بن زريع، عن بهز، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله،
عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: )احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت
يمينك( قلت: فإن كان أحدنا خاليا؟ قال: )فالله أحق أن يستحى منه(.
؟قيام
الرجل بالليل والنهار منتصبا عريانا وأما قوله: )ونهى أن يمشي الرجل بالليل
والنهار منتصبا عريانا(.
فقد
ذكرنا شأنه وأن هذا من فعل الجاهلية. وكانوا لا يبالون من التعري لما قد
سلبوا من الحياء. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )الحياء
من الإيمان(. وروى عنه أنه قال: )قلة الحياء كفر(.
حدثنا بذلك الجارود،
حدثنا سليمان بن عمرو النخعي، حدثنا يزيد بن أبي حبيب المصري، عن مرثد بن
عبدالله، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )قلة
الحياء كفر(.
قال أبو عبد الله رحمه الله: الإنتصاب عريانا هو من قلة
المبالاة وقلة الحياء. قال: وأيضا خلة أخرى أن يخاف عليه من الجن أن ترميه
ببلية. وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: )من اغتسل في
براز من الأرض بالليل، فليخط حوله دائرة ليغتسل فيها(. حدثنا قتيبة، حدثنا
ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب بذلك. فهذا إذا لم يجد ما يستتر به،
واحتاج إلى غسل فعل مثل ذلك، حتى لا يجد العدو وأعوانه سبيلا إليه.
والتعري
الذي
ذكر في الحديث أن يتخلى عن جميع ثيابه بلا حاجة ولا ضرورة، فأما
المستنجي والمغتسل فلا يجد بدا من كشف عورته. وقد أبان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ذلك.
حدثنا بشر بن خالد العسكري، حدثنا مسلمة بن هشام بن عبد
الملك، عن الأعمش عن زيد العمى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: )سِترُ بينَ أعين الجن وبين عورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن
يقولك بسم الله(.
وروى عن موسى بن عمران عليه السلام: أنه كان إذا أراد
أن يغتسل دخل الماء مع ثوبه، ثم يرفعه قليلا قليلا حتى يغيب حتى يغيب جسده
في الماء، فحينئذ يضع ثوبه.
وحدثنا الجارود، حدثنا الفضل بن موسى، عن
عبد السلام بن حرب، عن الأعمش، عن زيد العمى، عن أنس، قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يرفع ثوبه عند الحاجة حتى يدنو من الأرض.
مباشرة
الرجل امرأته وهي حائض بدون ثوب
وأما قوله: )ونهى أن يباشر الرجل
امرأته وهي حائض إلا وبينهما ثوب(.
فهذا حسم على الناس كي لا تجد النفس
ذريعة إلى الوقاع بها؛ فإنه إذا باشرها في وقت الحيض خيف عليه الفتنة حتى
يتعدى إلى الوقاع.
والأصل
أنه يحل له منها كل شيء إلا الجماع، وأما فيما دون الفرج فهو مباح له في
وقت الحيض، ولكن الرسول عليه السلام أدب المؤمنين، وحسم عليهم الأبواب
الداعية إلى الفتنى.
حدثنا الجارود، عن وكيع، عن عبيد بن عبد الرحمن،
عن مروان الأصفر، قال: سمعت مسروقا قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: ما يحل
للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت: كل شيء إلا الفرج.
بيات الرجل
على سطح دون أن يحبس قدميه شيءوأما قوله: )ونهى أن يبيت الرجل على سطح وليس
يحبس قدميه شيء دونه(.
فهذا لأنه يخاف أن يتردى عن السطح في نومه إذا
انقلب. فإذا كان في الستر بقدر ما يمسك رجليه فلا بأس، وذلك أدنى الستر.
الحجامة
يوم الأربعاء ويوم السبتوأما قوله: )ونهى عن الحجامة يوم الأربعاء ويوم
السبت وقال: من فعل ذلك فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه(.
فالسبت
هو يوم قد أسبت الله الخلق فيه، وذلك أنه ابتدأ في خلقه يوم الأحد، فخلق
الأرض في يومين، والسماء في يومين، وقدر في هذه الأيام أقواتها، فذلك
أربعة أيام، فأمسك يوم الأربعاء عن جرى الأشياء، وخلق الجنة والنار يوم
الخميس، ثم خلق آدم يوم الجمعة، وهو آخر خلقه، لأن هذه الأشياء كلها خلقت
له، ومن أجله، ومن أجل ذريته، فختم الخلق به.ثم لحظ إلىالخلق لحظة يوم
السبت يعرفهم نفسه،ويلهمهم ربوبيته، وأقبل على الكلام، فأثنى على نفسه،
ومجد نفسه، وخاطب خلقه. وذلك في الأخبار مروي. فأطرق له كل شيء وأنصت له
كل شيء، وأقروا بالملك، وذلوا وانقادوان فاسبتوا من كلامه، فسمى يوم
السبت، وبالأعجمية شه مشتق من الحيرة والإسبات، وهو الخدر وسنة النعاس،
والسنة ريح النوم، فصار الخلق كالموقوذ من أثقال الكلام، ومنه قوله عز
وجل: (وجَعلنا نومَكُم سُباتا) فإذا أسبت فهو ثقيل يحذر، فهذا في كل سبت
موجود. فإذا احتجم الرجل يومئذ فإنما يحتجم في وقت ركود الدم وإسباته
فيعود برصا. وأما يوم الأربعاء فهو يوم قدر الله الأقوات فيه، والدم قوت
النفس وغذاؤها، فلا يخرج في وقت تقدير الأقوات فيعود برضا وفرحا.
وفي
غير هذا الحديث كراهية الحجامة يوم الثلاثاء. حدثنا ابي، عن موسى بن
إسماعيل، عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه: أن أبا بكرة كان
ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: )فيها ساعة لا يرقأ فيها دم(.
حدثنا عبد الله بن عبد الله بن
أسيد الكلابي، حدثنا زاجر بن الصلت، عن عبد الله بن حفص،عن عبد الله بن
القاسم، عن أبيه: أن أبا بكرة كان ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويقول:
هو اليوم الذي أنزل فيه الحديد؛ فلا يستعمل الحديد في اليوم الذي أنزل
فيه، وهو يوم الدم؛ فلا يهيج الدم في يوم مهتاجه. فإذا كان يوم اهتياجه
مخافة أن لا يرقأ، فكذلك لا يهيج في يوم إسباته مخافة أن يجمد وينعقد
فيصير برصا.
امرأته وهي حائض إلا وبينهما ثوب(.
فهذا حسم على الناس كي لا تجد النفس
ذريعة إلى الوقاع بها؛ فإنه إذا باشرها في وقت الحيض خيف عليه الفتنة حتى
يتعدى إلى الوقاع.
والأصل
أنه يحل له منها كل شيء إلا الجماع، وأما فيما دون الفرج فهو مباح له في
وقت الحيض، ولكن الرسول عليه السلام أدب المؤمنين، وحسم عليهم الأبواب
الداعية إلى الفتنى.
حدثنا الجارود، عن وكيع، عن عبيد بن عبد الرحمن،
عن مروان الأصفر، قال: سمعت مسروقا قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: ما يحل
للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت: كل شيء إلا الفرج.
بيات الرجل
على سطح دون أن يحبس قدميه شيءوأما قوله: )ونهى أن يبيت الرجل على سطح وليس
يحبس قدميه شيء دونه(.
فهذا لأنه يخاف أن يتردى عن السطح في نومه إذا
انقلب. فإذا كان في الستر بقدر ما يمسك رجليه فلا بأس، وذلك أدنى الستر.
الحجامة
يوم الأربعاء ويوم السبتوأما قوله: )ونهى عن الحجامة يوم الأربعاء ويوم
السبت وقال: من فعل ذلك فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه(.
فالسبت
هو يوم قد أسبت الله الخلق فيه، وذلك أنه ابتدأ في خلقه يوم الأحد، فخلق
الأرض في يومين، والسماء في يومين، وقدر في هذه الأيام أقواتها، فذلك
أربعة أيام، فأمسك يوم الأربعاء عن جرى الأشياء، وخلق الجنة والنار يوم
الخميس، ثم خلق آدم يوم الجمعة، وهو آخر خلقه، لأن هذه الأشياء كلها خلقت
له، ومن أجله، ومن أجل ذريته، فختم الخلق به.ثم لحظ إلىالخلق لحظة يوم
السبت يعرفهم نفسه،ويلهمهم ربوبيته، وأقبل على الكلام، فأثنى على نفسه،
ومجد نفسه، وخاطب خلقه. وذلك في الأخبار مروي. فأطرق له كل شيء وأنصت له
كل شيء، وأقروا بالملك، وذلوا وانقادوان فاسبتوا من كلامه، فسمى يوم
السبت، وبالأعجمية شه مشتق من الحيرة والإسبات، وهو الخدر وسنة النعاس،
والسنة ريح النوم، فصار الخلق كالموقوذ من أثقال الكلام، ومنه قوله عز
وجل: (وجَعلنا نومَكُم سُباتا) فإذا أسبت فهو ثقيل يحذر، فهذا في كل سبت
موجود. فإذا احتجم الرجل يومئذ فإنما يحتجم في وقت ركود الدم وإسباته
فيعود برصا. وأما يوم الأربعاء فهو يوم قدر الله الأقوات فيه، والدم قوت
النفس وغذاؤها، فلا يخرج في وقت تقدير الأقوات فيعود برضا وفرحا.
وفي
غير هذا الحديث كراهية الحجامة يوم الثلاثاء. حدثنا ابي، عن موسى بن
إسماعيل، عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه: أن أبا بكرة كان
ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: )فيها ساعة لا يرقأ فيها دم(.
حدثنا عبد الله بن عبد الله بن
أسيد الكلابي، حدثنا زاجر بن الصلت، عن عبد الله بن حفص،عن عبد الله بن
القاسم، عن أبيه: أن أبا بكرة كان ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويقول:
هو اليوم الذي أنزل فيه الحديد؛ فلا يستعمل الحديد في اليوم الذي أنزل
فيه، وهو يوم الدم؛ فلا يهيج الدم في يوم مهتاجه. فإذا كان يوم اهتياجه
مخافة أن لا يرقأ، فكذلك لا يهيج في يوم إسباته مخافة أن يجمد وينعقد
فيصير برصا.
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى