رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع السيرة النبوية (3)
التأريخ: 12/2/1425هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)).
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ص وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ
عباد الله:
في الفترة التي سبقة مبعث النبي ج كان هناك جملة من الحنفيين الذين أبوا الشرك، وكان منهم زيد بن عمرو بن نفيل فلم يكن يأكل مما ذبح لغير الله جلا وعلا، وكان رسول الله ص على الحنيفية ملة إبراهيم أيضا فما سجد لصنم قط. وقد ثبت أنه حج قبل النبوة وخالف قريش في حجها.
وكان صيته وخبر أمانته وصدقه منتشر ومستقر بينهم، فكان كالشمس في رائعة النهار.
وأول ما بدأ الأمر بالنبي ج كان الرؤيا الصالحة فما يرى رؤية إلا وقعت كفلق الصبح، ثم لما أراد الله تعالى أن يربي نبيه للاستعداد للنبوة وتكاليفها العظمية حبب له الإعتكاف الليال الطويلة في غار حراء فكان يمكث الأيام يدعو الله تعالى ويذكره ويعلن التوحيد.
وأخرج البخاري عن عائشة ل أنها قالت: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ـ وَهُوَ التَّعَبُّدُ وقيل كان ذلك في شهر رمضان ـ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ـ وَالْغَطّ حَبْس النَّفَس ـ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ ـ أَيْ: لَفُّوهُ ـ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي.
فما كان موقف المرأة العاقلة الحصيفة خديجة أم فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنهما ـ؟
قالت بكل ثقة: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ
فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ.
وقيل إن أَوَّل مَا رَأَى رسول الله جِبْرِيل بِأَجْيَاد، صَرَخَ جِبْرِيل"يَا مُحَمَّد"فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَرَفَعَ بَصَره فَإِذَا هُوَ عَلَى أُفُق السَّمَاء فَقَالَ"يَا مُحَمَّد، جِبْرِيل"فَهَرَبَ فَدَخَلَ فِي النَّاس فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُمْ فَنَادَاهُ فَهَرَبَ. ثُمَّ اِسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيل مِنْ قِبَل حِرَاء
وَفَتَرَ الْوَحْيُ عن رسول الله ص، قال الحافظ ابن حجر: وَفُتُور الْوَحْي عِبَارَة عَنْ تَأَخُّره مُدَّة مِنْ الزَّمَان، وَكَانَ ذَلِكَ لِيَذْهَب مَا كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ مِنْ الرَّوْع، وَلِيَحْصُل لَهُ التَّشَوُّف إِلَى الْعَوْد.
وفي هذه الفترة كان رسول الله ج يعاود الرجوع لمكانه الذي وافق فيه الوحي، لعله أن يسمع شيئا من القرآن مرة أخرى.
ونقف مع هذه الفترة وقفات:
عظم فضل رسول الله ص فقد صبر من أول البعثة صبرا عظيما، ما صبره أحد من الناس.
قال الحافظ ابن حجر: حول قوله ج حتى خشيت على نفسي: خشي رسول ص على نفسه من الموت من شدة الرعب أو المرض) فقد شاهد رسول الله مالا يقوى قلب بشر عليه.
استدلت خديجة ل على أن الله لن يخزي نبيه بأدلة مُبصرة يراها كل ذو لب من الناس وهي صلة الرحم إعانة المحتاج والصدقة على الفقير. قال الحافظ ابن حجر: ثُمَّ ِفي هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ الْفَوَائِد اِسْتِحْبَاب تَأْنِيس مَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْر بِذِكْرِ تَيْسِيره عَلَيْهِ وَتَهْوِينه لَدَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْر اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُطْلِع عَلَيْهِ مَنْ يَثِق بِنَصِيحَتِهِ وَصِحَّة رَأْيه
ابْتِدَاء النُّبُوَّة بِالرُّؤْيَا وَقَعَ مِنْ شَهْر مَوْلِده وَهُوَ رَبِيع الْأَوَّل بَعْد إِكْمَاله أَرْبَعِينَ سَنَة، وَابْتِدَاء وَحْي الْيَقَظَة وَقَعَ فِي رَمَضَان.
ومن أعظم الفوائد تمنى ورقة ـ رضي الله عنه ـ أن يكون شابا للدفاع عن رسول الله ص، ثم أنه حزم أمره وقال: وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، وهذا مع كونه شيخنا كبيرا أعمى. فيجب على كل من ادعى الإسلام الدفاع عن رسول الله حيا وميتا.
أقول قولي هذا.....
الحمد لله الذي منّ علينا ببعثة محمد صفكان دينه خير الأديان وأحبها لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله. وبعد:
عباد الله:
لو تأملنا نفسية رسول الله ج فهو أمر من الله أن يدعو الناس كل الناس إلى الإسلام، وما على البسيطة مؤمن إلا هو.
أي نفس هذه النفس التي تقوى على مقاومة كل البشر والاستعداد لأي شيء في سبيل نشر دين الله؟
ولكن رسول الله تفائل خيرا واستبشرا نصرا فدعى زوجه الصالحة المؤمنة أم القاسم وعبدالله و زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، فأسلمت ففازت بسلام الرحمن عليها.
ثم أسلم ربيبه وابن عمه وصهره من بعد علي بن أبي طالب وكذا أبو بكر الصديق وزيد بن حارثة ـ وكان يسمى وقتها زيد بن محمد، وبلال بن أبي رباح وعامر بن فهيرة مولة أبو بكر وأبو فكيهة مولى صفوان ابن أمية وشقران مولى رسول الله وكذا أم أيمن مولاة رسول الله وحاضنته وممن سبق اسلامه عمرو بن عبسة ولكن رسول الله أمره أن يرجع إلى قومه حتى يمكن الله للدين.
رضي الله عنهم جميعا وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة.
وبقي رسول الله يدعو الناس بالسر قيل ثلاث سنين، فيؤمن هذا وهذا ولا يظهر أحدهم إيمانه خوفا من قريش.
ثم أمر الله تعالى نبيه بالصدع بالدعوة فقال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء 214] أخرج البخاري وغيره عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الصَّفَا فَنَادَى يَا صَبَاحَاهُ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنِّي أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُمَسِّيكُمْ أَوْ مُصَبِّحُكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.
وهنا بدأت الدعوة تظهر وتترك السرية، ولنا موقف قادم مع الدعوة الجهرية في مكة شرفها الله
وقفات مع السيرة النبوية (3)
التأريخ: 12/2/1425هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)).
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ص وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ
عباد الله:
في الفترة التي سبقة مبعث النبي ج كان هناك جملة من الحنفيين الذين أبوا الشرك، وكان منهم زيد بن عمرو بن نفيل فلم يكن يأكل مما ذبح لغير الله جلا وعلا، وكان رسول الله ص على الحنيفية ملة إبراهيم أيضا فما سجد لصنم قط. وقد ثبت أنه حج قبل النبوة وخالف قريش في حجها.
وكان صيته وخبر أمانته وصدقه منتشر ومستقر بينهم، فكان كالشمس في رائعة النهار.
وأول ما بدأ الأمر بالنبي ج كان الرؤيا الصالحة فما يرى رؤية إلا وقعت كفلق الصبح، ثم لما أراد الله تعالى أن يربي نبيه للاستعداد للنبوة وتكاليفها العظمية حبب له الإعتكاف الليال الطويلة في غار حراء فكان يمكث الأيام يدعو الله تعالى ويذكره ويعلن التوحيد.
وأخرج البخاري عن عائشة ل أنها قالت: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ـ وَهُوَ التَّعَبُّدُ وقيل كان ذلك في شهر رمضان ـ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ـ وَالْغَطّ حَبْس النَّفَس ـ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ ـ أَيْ: لَفُّوهُ ـ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي.
فما كان موقف المرأة العاقلة الحصيفة خديجة أم فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنهما ـ؟
قالت بكل ثقة: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ
فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ.
وقيل إن أَوَّل مَا رَأَى رسول الله جِبْرِيل بِأَجْيَاد، صَرَخَ جِبْرِيل"يَا مُحَمَّد"فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَرَفَعَ بَصَره فَإِذَا هُوَ عَلَى أُفُق السَّمَاء فَقَالَ"يَا مُحَمَّد، جِبْرِيل"فَهَرَبَ فَدَخَلَ فِي النَّاس فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُمْ فَنَادَاهُ فَهَرَبَ. ثُمَّ اِسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيل مِنْ قِبَل حِرَاء
وَفَتَرَ الْوَحْيُ عن رسول الله ص، قال الحافظ ابن حجر: وَفُتُور الْوَحْي عِبَارَة عَنْ تَأَخُّره مُدَّة مِنْ الزَّمَان، وَكَانَ ذَلِكَ لِيَذْهَب مَا كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ مِنْ الرَّوْع، وَلِيَحْصُل لَهُ التَّشَوُّف إِلَى الْعَوْد.
وفي هذه الفترة كان رسول الله ج يعاود الرجوع لمكانه الذي وافق فيه الوحي، لعله أن يسمع شيئا من القرآن مرة أخرى.
ونقف مع هذه الفترة وقفات:
عظم فضل رسول الله ص فقد صبر من أول البعثة صبرا عظيما، ما صبره أحد من الناس.
قال الحافظ ابن حجر: حول قوله ج حتى خشيت على نفسي: خشي رسول ص على نفسه من الموت من شدة الرعب أو المرض) فقد شاهد رسول الله مالا يقوى قلب بشر عليه.
استدلت خديجة ل على أن الله لن يخزي نبيه بأدلة مُبصرة يراها كل ذو لب من الناس وهي صلة الرحم إعانة المحتاج والصدقة على الفقير. قال الحافظ ابن حجر: ثُمَّ ِفي هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ الْفَوَائِد اِسْتِحْبَاب تَأْنِيس مَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْر بِذِكْرِ تَيْسِيره عَلَيْهِ وَتَهْوِينه لَدَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْر اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُطْلِع عَلَيْهِ مَنْ يَثِق بِنَصِيحَتِهِ وَصِحَّة رَأْيه
ابْتِدَاء النُّبُوَّة بِالرُّؤْيَا وَقَعَ مِنْ شَهْر مَوْلِده وَهُوَ رَبِيع الْأَوَّل بَعْد إِكْمَاله أَرْبَعِينَ سَنَة، وَابْتِدَاء وَحْي الْيَقَظَة وَقَعَ فِي رَمَضَان.
ومن أعظم الفوائد تمنى ورقة ـ رضي الله عنه ـ أن يكون شابا للدفاع عن رسول الله ص، ثم أنه حزم أمره وقال: وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، وهذا مع كونه شيخنا كبيرا أعمى. فيجب على كل من ادعى الإسلام الدفاع عن رسول الله حيا وميتا.
أقول قولي هذا.....
الحمد لله الذي منّ علينا ببعثة محمد صفكان دينه خير الأديان وأحبها لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله. وبعد:
عباد الله:
لو تأملنا نفسية رسول الله ج فهو أمر من الله أن يدعو الناس كل الناس إلى الإسلام، وما على البسيطة مؤمن إلا هو.
أي نفس هذه النفس التي تقوى على مقاومة كل البشر والاستعداد لأي شيء في سبيل نشر دين الله؟
ولكن رسول الله تفائل خيرا واستبشرا نصرا فدعى زوجه الصالحة المؤمنة أم القاسم وعبدالله و زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، فأسلمت ففازت بسلام الرحمن عليها.
ثم أسلم ربيبه وابن عمه وصهره من بعد علي بن أبي طالب وكذا أبو بكر الصديق وزيد بن حارثة ـ وكان يسمى وقتها زيد بن محمد، وبلال بن أبي رباح وعامر بن فهيرة مولة أبو بكر وأبو فكيهة مولى صفوان ابن أمية وشقران مولى رسول الله وكذا أم أيمن مولاة رسول الله وحاضنته وممن سبق اسلامه عمرو بن عبسة ولكن رسول الله أمره أن يرجع إلى قومه حتى يمكن الله للدين.
رضي الله عنهم جميعا وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة.
وبقي رسول الله يدعو الناس بالسر قيل ثلاث سنين، فيؤمن هذا وهذا ولا يظهر أحدهم إيمانه خوفا من قريش.
ثم أمر الله تعالى نبيه بالصدع بالدعوة فقال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء 214] أخرج البخاري وغيره عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الصَّفَا فَنَادَى يَا صَبَاحَاهُ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَقَالَ إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنِّي أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُمَسِّيكُمْ أَوْ مُصَبِّحُكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا تَبًّا لَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.
وهنا بدأت الدعوة تظهر وتترك السرية، ولنا موقف قادم مع الدعوة الجهرية في مكة شرفها الله
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى