رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع السيرة النبوية ـ 15
التأريخ: 23/10/1426هـ
المكان: جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
كنا في خطب سابقة قد تحدثنا عن السيرة النبوية العطرة خلال أربع عشر خطبة تناولنا فيها حياة النبي ص من مولده وحتى دخوله إلى المدينة النبوية ثم توقفنا عن السيرة وهنا نحن نعود من جديد لنكمل السيرة النبوية العطرة،وكان آخر ما تحدثنا عنه هو اسلام عبدالله بن سلام اوبينا فيه موقف يهود الحاقدين الحاسدين لرسول الله ع وأتباعه ي.
أما رسول الله فلم يشغل نفسه بهم ولا بأحقادهم وبدأ في بناء الصرح الأول والمقام الأكبر ألا وهو المسجد،حيث مجمع المؤمنين ومرتع الصالحين ورياض الجنة وروضة الإيمان.
أما بناء المسجد فقد دخلت الناقة وكل واحد من الصحابة يسحب رسول الله إلى داره ويرفع صوته: أقم عندنا يا رسول الله حيث المنعة والعدة والرجال، وهو ص يقول: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة) حتى بركت في دار بني مالك بن النجار، وكان لغلامين يتيمين يكفلهما معاذ بن عفراء وهما سهل وسهيل ابني عمرو،فأرادا أن ينزلا عن هذه الأرض لله جل وعلا فأبى رسول الله ع ذلك واشتراه منهما. وكانت في هذه الأرض قبور للمشركين ونخل وخرب،فهي أرض بور لم يستفد منها،فأمر رسول الله بالقبور فنبشت وبالنخل فقطعت وبالخرب فسويت.
وبدأ رسول الله ع بنفسه الشريفة في بناء المسجد،فكان في مقدمة أصحابه،ولم يكتفِ بالأوامر ويخلد للراحة،فالرتجز بعض الصحابة ب
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فاغفر للأنصار والمهاجرة
والرسول ع يشاركهم في البناء والرجز،وكأن أحد رأى ضعفا في بعض أخوانه،وهمة ونشاطا في رسول الله ص فقال معاتبا لهم ومشجعا:
لئن قعدنا والنبي يعمل
لذاك منّا العمل المضّلَّلُ
فلا ترهم إلا بين حافرا للأساس أو حامل للبن أو قاطعا للجريد،وليس بينهم من خلد للراحة والاستجمام.
فيدخل عليهم عمار بن ياسر وقد أثقله حمل اللبن،فقد كان يحمل حمل الرجلين، فمر به النبي ص ومسح عن رأسه الغبار، وقال: (ويح عمار، تقتله الفئة الباغية..)()
ومع بناء المسجد بنى رسول الله ع بيوته حول المسجد،وكانت بيوت بسيطة متواضعة مع ما اشتهرت به المدينة من الحصون التي يتخذها علية القوم تفاخرا بها واتقاءا للحرب ().
وتم بناء المسجد النبوي بناء بسيطا فراشه الرمل والحصباء،وسقفه الجريد،وأعمدته الجذوع،وربما أمطرت السماء فأوحلت أرضه،وقد تفلت الكلاب إليه فتغدوا وتروح.
وهذا البناء المتواضع هو الذي ربى ملائكة البشر ومؤدبي الجبابرة وملوك الآخرة.
والمسجد الذي وجه رسول الله ع همته في بنائه قبل أي عمل آخر بالمدينة ليس أرضا تحتكر العبادة فوقها فالأرض كلها مسجد والمسلم لا يتقيد في عبادته بمكان،إنما هو رمز للاتصال بالله والقرب منه يتجدد مع الزمن ويتكرر آناء الليل وأطراف النهار.
وإن مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي تجعله مصدر التوجيه الروحي والمادي فهو ساحة للعبادة ومدرسة للعلم وندوة للأدب ـ ومنطلق للجيوش ـ،وقد ارتبطت بفريضة الصلاة أخلاق وتقاليد هي لباب الإسلام ().
ومع هذه الأهمية للصلاة تنحط بعض الدول التي تدعي إنها إسلامية فتمنع المسلم من الصلاة في المساجد إلا موافقة سابقة!!.
عباد الله:
سكن رسول الله ص في تلك الفترة بيت أبي أيوب الأنصاري ا وهو من اخواله من بني النجار، فنزل رسول الله في أسفل البيت وأبو أيوب في اعلاه فانزعج أبو أيوب غاية الإنزعاج أن يكون وزوجه فوق رسول الله ع فقال: يا نبي الله بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي،فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفْلِ،فقال رسول الله ع: يا أبا أيوب ارفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت.
فأي حالة كانت حالة أبي أيوب وزجه،فلا يمشون إلا على أطراف البيت خشية أن يمشون فوق رسول الله تعظيما له وإجلالا لمكانه،وفي يوم انكسرت جرة ماء فأقبل وزجه ينشفان الماء بلحفاهما الوحيد خشية أن يقطر الماء على رسول الله ص.
وبعد ذلك يتهم الصحابة في حب رسول الله!!
عباد الله:
كانت المدينة مشهورة بالحمى،وقد تعود اهلها علي ذلك واكتسبوا المناعة،ولكن الوافد لها يصاب بالحمى غالبا،وهذا ما أصاب المهاجرين ي،قالت عائشة ل: لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال فدخلت عليهما فقلت يا ابه كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك قالت وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول
كل امرئ مصبح في أهله
والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بواد وحولي اذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة
وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة فجئت رسول الله فاخبرته فقال: اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة) أخرجه البخاري ومسلم
ثم تصاب راوية السنة حبيبة رسول الله أم المؤمنين عائشة ل بالحمى فيدخل عليها أبوها يقبلها ويقول: كيف أنت يا بنية) أخرجه البخاري أيضا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله وآله وسلم،أما بعد:
فبعد بناء صرح المكاني للإجتماع كان لابد من بناء أواصر الإجتماع والمحبة والألفة،فآخي رسول الله ع بين المهاجرين الفارين بدينهم التاركين لأموالهم وأولادهم،وبين اخوانهم من الأنصار،ففاقت هذه الإخوة أواصر الرحم والدم حتى سطرها الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر:9] فيعطي الأنصاري أخاه المهاجر ويؤثره على نفسه()، وفي صورة رائعة وبمبادرة جرئية تنقل لنا لنتعلم من الصحابة ي فهم القدوة فقد آخى رسول الله بين عبدالرحمن بن عوف قدم المدينة وبين سعد بن الربيع الانصاري فقال له سعد أي أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا فانظر شطر مالي فخذه وتحتي امرأتان فانظر أيهما أعجب اليك حتى أطلقها فقال عبد الرحمن بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق...) فاشترى وباع حتى صار من أغنى الصحابة،ومع مبادرة سعد بن الربيع ظهرت عفة عبدالرحمن بن عوف ب.
وقفات مع السيرة النبوية ـ 15
التأريخ: 23/10/1426هـ
المكان: جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
كنا في خطب سابقة قد تحدثنا عن السيرة النبوية العطرة خلال أربع عشر خطبة تناولنا فيها حياة النبي ص من مولده وحتى دخوله إلى المدينة النبوية ثم توقفنا عن السيرة وهنا نحن نعود من جديد لنكمل السيرة النبوية العطرة،وكان آخر ما تحدثنا عنه هو اسلام عبدالله بن سلام اوبينا فيه موقف يهود الحاقدين الحاسدين لرسول الله ع وأتباعه ي.
أما رسول الله فلم يشغل نفسه بهم ولا بأحقادهم وبدأ في بناء الصرح الأول والمقام الأكبر ألا وهو المسجد،حيث مجمع المؤمنين ومرتع الصالحين ورياض الجنة وروضة الإيمان.
أما بناء المسجد فقد دخلت الناقة وكل واحد من الصحابة يسحب رسول الله إلى داره ويرفع صوته: أقم عندنا يا رسول الله حيث المنعة والعدة والرجال، وهو ص يقول: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة) حتى بركت في دار بني مالك بن النجار، وكان لغلامين يتيمين يكفلهما معاذ بن عفراء وهما سهل وسهيل ابني عمرو،فأرادا أن ينزلا عن هذه الأرض لله جل وعلا فأبى رسول الله ع ذلك واشتراه منهما. وكانت في هذه الأرض قبور للمشركين ونخل وخرب،فهي أرض بور لم يستفد منها،فأمر رسول الله بالقبور فنبشت وبالنخل فقطعت وبالخرب فسويت.
وبدأ رسول الله ع بنفسه الشريفة في بناء المسجد،فكان في مقدمة أصحابه،ولم يكتفِ بالأوامر ويخلد للراحة،فالرتجز بعض الصحابة ب
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
فاغفر للأنصار والمهاجرة
والرسول ع يشاركهم في البناء والرجز،وكأن أحد رأى ضعفا في بعض أخوانه،وهمة ونشاطا في رسول الله ص فقال معاتبا لهم ومشجعا:
لئن قعدنا والنبي يعمل
لذاك منّا العمل المضّلَّلُ
فلا ترهم إلا بين حافرا للأساس أو حامل للبن أو قاطعا للجريد،وليس بينهم من خلد للراحة والاستجمام.
فيدخل عليهم عمار بن ياسر وقد أثقله حمل اللبن،فقد كان يحمل حمل الرجلين، فمر به النبي ص ومسح عن رأسه الغبار، وقال: (ويح عمار، تقتله الفئة الباغية..)()
ومع بناء المسجد بنى رسول الله ع بيوته حول المسجد،وكانت بيوت بسيطة متواضعة مع ما اشتهرت به المدينة من الحصون التي يتخذها علية القوم تفاخرا بها واتقاءا للحرب ().
وتم بناء المسجد النبوي بناء بسيطا فراشه الرمل والحصباء،وسقفه الجريد،وأعمدته الجذوع،وربما أمطرت السماء فأوحلت أرضه،وقد تفلت الكلاب إليه فتغدوا وتروح.
وهذا البناء المتواضع هو الذي ربى ملائكة البشر ومؤدبي الجبابرة وملوك الآخرة.
والمسجد الذي وجه رسول الله ع همته في بنائه قبل أي عمل آخر بالمدينة ليس أرضا تحتكر العبادة فوقها فالأرض كلها مسجد والمسلم لا يتقيد في عبادته بمكان،إنما هو رمز للاتصال بالله والقرب منه يتجدد مع الزمن ويتكرر آناء الليل وأطراف النهار.
وإن مكانة المسجد في المجتمع الإسلامي تجعله مصدر التوجيه الروحي والمادي فهو ساحة للعبادة ومدرسة للعلم وندوة للأدب ـ ومنطلق للجيوش ـ،وقد ارتبطت بفريضة الصلاة أخلاق وتقاليد هي لباب الإسلام ().
ومع هذه الأهمية للصلاة تنحط بعض الدول التي تدعي إنها إسلامية فتمنع المسلم من الصلاة في المساجد إلا موافقة سابقة!!.
عباد الله:
سكن رسول الله ص في تلك الفترة بيت أبي أيوب الأنصاري ا وهو من اخواله من بني النجار، فنزل رسول الله في أسفل البيت وأبو أيوب في اعلاه فانزعج أبو أيوب غاية الإنزعاج أن يكون وزوجه فوق رسول الله ع فقال: يا نبي الله بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي،فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفْلِ،فقال رسول الله ع: يا أبا أيوب ارفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت.
فأي حالة كانت حالة أبي أيوب وزجه،فلا يمشون إلا على أطراف البيت خشية أن يمشون فوق رسول الله تعظيما له وإجلالا لمكانه،وفي يوم انكسرت جرة ماء فأقبل وزجه ينشفان الماء بلحفاهما الوحيد خشية أن يقطر الماء على رسول الله ص.
وبعد ذلك يتهم الصحابة في حب رسول الله!!
عباد الله:
كانت المدينة مشهورة بالحمى،وقد تعود اهلها علي ذلك واكتسبوا المناعة،ولكن الوافد لها يصاب بالحمى غالبا،وهذا ما أصاب المهاجرين ي،قالت عائشة ل: لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال فدخلت عليهما فقلت يا ابه كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك قالت وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول
كل امرئ مصبح في أهله
والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بواد وحولي اذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة
وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة فجئت رسول الله فاخبرته فقال: اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة) أخرجه البخاري ومسلم
ثم تصاب راوية السنة حبيبة رسول الله أم المؤمنين عائشة ل بالحمى فيدخل عليها أبوها يقبلها ويقول: كيف أنت يا بنية) أخرجه البخاري أيضا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله وآله وسلم،أما بعد:
فبعد بناء صرح المكاني للإجتماع كان لابد من بناء أواصر الإجتماع والمحبة والألفة،فآخي رسول الله ع بين المهاجرين الفارين بدينهم التاركين لأموالهم وأولادهم،وبين اخوانهم من الأنصار،ففاقت هذه الإخوة أواصر الرحم والدم حتى سطرها الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر:9] فيعطي الأنصاري أخاه المهاجر ويؤثره على نفسه()، وفي صورة رائعة وبمبادرة جرئية تنقل لنا لنتعلم من الصحابة ي فهم القدوة فقد آخى رسول الله بين عبدالرحمن بن عوف قدم المدينة وبين سعد بن الربيع الانصاري فقال له سعد أي أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا فانظر شطر مالي فخذه وتحتي امرأتان فانظر أيهما أعجب اليك حتى أطلقها فقال عبد الرحمن بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق...) فاشترى وباع حتى صار من أغنى الصحابة،ومع مبادرة سعد بن الربيع ظهرت عفة عبدالرحمن بن عوف ب.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى