رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
قال
الحافظ ابن حجر: رواية شعبة عن أحمد والنسائي بالواو كما قال وهو عند أحمد
عن الثلاثة الذين ذكرهم في موضعين أحدهما بلفظ (ويمحص عنه ألف سيئة)
والثاني باللفظ الذي ذكره مسلم.
قوله: روينا في كتاب ابن السني بإسناد
صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم
فليقل الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره).
قال
الحافظ ابن حجر: أخرجه الترمذي، والنسائي فما أدري لما أغفل المصنف عزوه
إليهما، واقتصر على عزوه إلى ابن السني.
قال:
وأما قوله: إنه صحيح الإسناد ففيه نظر فإنه أفراد محمد بن عجلان وهو صدوق
لكن في حفظه شيء، وخصوصا في روايته عن المقبري عن المقبري، فالذي ينفرد به
من قبيل الحسن، وإنما يصحح له من يدرج الحسن في الصحيح، وليس ذلك من رأي
الشيخ.
قوله: وروينا في سنن أبي داود وغيره بالإسناد الصحيح عن عائشة
قالت: (كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت
اليسرى لخلائه وما كان من أذى).
قال الحافظ ابن حجر: رجاله أخرج لهم
مسلم فالإسناد على شرط الصحة كما قال المصنف، لكنه جزم في الخلاصة بأنه
حديث صحيح، وتردد في شرح المهذب فقال: صحيح أو حسن، والتحرير أنه حسن،
فإنه فيه علتين الإختلاف على سعيد بن أبي عروبة في وصله وإرساله، وفيه
زيادة واو على السند الموصول، فإن أبا داود أخرجه أولا من طريق عبد الوهاب
بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر وهو زياد بن كليب، عن إبراهيم
النخعي، عن الأسود هو ابن يزيد النخعي عن عائشة، ثم أخرجه من رواية عيسى
بن يونس بإسقاط الأسود، وأخرجه البيهقي من رواية محمد بن أبي عدي، عن
سعيد، عن رجل لم يسم، عن أبي معشر، ورجح الدارقطني في العلل هذه الرواية
فصار الحديث بسبب ذلك ضعيفا من أجل المبهم، وسعيد مع كونه مدلسا وقد
عنعنه، فإنه ممن اختلط. وإنما قلت: إن الحديث حسن لاعتضاده بالحديث الذي
بعده انتهى.
قوله: (روينا عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
إذا خرج من بيته قال: (بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل
أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أزلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي) حديث صحيح
رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه.
قال الحافظ ابن حجر: جمع
الشيخ هذه الزيادة في سياق الحديث ولا وجود لها مجموعة في الكتب الأربعة
التي عزاه إليها.
قوله:
وروينا في كتاب ابن السني عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من النهار إلى بيته يقول: (الحمد لله
الذي كفاني وآواني، والحمد لله الذي أطعمني وسقاني، والحمد لله الذي من
علي، أسألك أن تجيرني من النار) إسناده ضعيف.
قال الحافظ ابن حدر: ليس
في رواته من ينظر في حاله إلا الرجل المبهم الراوي له عند ابن عمر وقد
وجدت له شاهدا أخرجه ابن أبي شيبة والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف
فالحديث حسن.
قوله: (إلا النظر إلى السماء) فهو في صحيح البخاري دون
مسلم.
قال
الحافظ ابن حجر: بل ثبت ذلك في مسلم أيضا، وسبب خفاء ذلك على الشيخ أن
مسلما جمع طرق الحديث كعادته، فساقها في كتاب الصلاة، وافرد طريقا منها في
كتاب الطهارة، وهي التي وقع عنده فيها التصريح بالنظر إلى السماء، ووقع
ذلك أيضا في طريقين آخرين مما ساقه في كتاب الصلاة لكنه اقتصر في كل منهما
على بعض المتن فلم يقع فيهما التصريح بهذه اللفظة وهي في نفس الأمر عنده
فيهما.
وأما البخاري فلم يقع عنده التقييد يكون ذلك عند الخروج من
البيت، وليس في شيء من الطرق الثلاثة التي أشرت إليها التصريح بالقراءة
إلخ السورة، وإنما ورد ذلك في طرق أخرى ليس فيها النظر إلى السماء، لكن
الحديث في نفس الأمر واحد، فذكر بعض الرواة ما لم يذكر في بعض.
قوله:
وعن المهاجر بن قنفذ إلى قوله: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد
صحيحة.
قال الحافظ ابن حجر: فيه نظر إذ ليس له إلا إسناد واحد عند من
ذكر.
قوله:
ثبت في الحديث الصحيح في سنن أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يقول: (غفرانك) وروى النسائي، وابن ماجه باقية.
قال
الحافظ ابن حجر: هذا يوهم أنه حديث واحد اختصره بعضهم وليس كذلك، بل قوله:
غفرانك أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه كلهم عن عائشة،
والكلام الذي بعده أخرجه النسائي من حديث أبي ذر وابن ماجه من حديث أنس.
قوله:
ثبت عند أحمد بن حنبل أنه قال: لا أعلم في التسمية في الوضوء حديثا ثابتا.
قال
الحافظ
ابن حجر: لا يلزم من نفي العلم ثبوت العدم، وعلى التنزيل لا يلزم
من نفي الثبوت ثبوت الضعف، لاحتمال أن يراد بالثبوت الصحة، فلا ينتفي
الحسن، وعلى التنزيل لا يلزم من نفي الثبوت على كل فرد نفيه من المجموع.
قوله:
فمن الأحاديث حديث أبي هريرة.
قوله: من رواية سعيد بن زيد أخرجه
الترمذي والدارقطني.
وقال البخاري: إنه أحسن أحاديث الباب.
قوله:
وأبي سعيد.
قال
الحافظ ابن حجر: هو حديث حسن أخرجه أحمد، والترمذي والدارمي، وابن ماجه،
والحاكم وصححه، وعن إسحاق بن راهويه أنه أصح أحاديث الباب.
قوله:
وعائشة، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد.
قال
الحافظ ابن حجر: وورد أيضا من حديث علي أخرجه ابن عدي في الكامل وابي سبرة
أخرجه البغوي في معجم الصحابة، وابن مسعود وابن عمر أخرجهما البيهقي.
قال
أبو الفتح اليعمري: أحاديث اليعمري: أحاديث الباب إما صريح غير صحيح، وإما
صحيح غير صريح.
قال ابن الصلاح: يثبت بمجموعها ما يثبت به الحديث
الحسن.
قوله:
قال بعض أصحابنا وهو الشيخ أبو الفتح نصر المقدسي الزاهد: يستحب للمتوضي
أن يقول في ابتداء وضوئه بعد التسمية: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، واشهد أن محمد عبده ورسوله) وهذا الذي قاله لا بأس به، إلا أنه
لا أصل له من جهة السنة، ولا نعلم أحدا من أصحابنا وغيرهم قال به.
قال
الزركشي في الخادم: قال به شيخه سليم الرازي وقبلهما الصيمري.
وقال
الحافظ ابن حجر في أماليه: أخرج جعفر المستغفري، قال الحافظ في كتاب
الدعوات من طريق سالم بن أبي الجعد، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يقول إذا توضأ: بسم الله، ثم قال لكل عضو:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم قال
إذا فرغ من وضوئه: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا
فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء).
هذا حديث غريب، وفيه
تعقب على المصنف في قوله: إن التشهد بعد التسمية لم يرد انتهى.
قوله:
(وروى سبحانك اللهم وبحمدك إلخ) النسائي في اليوم والليلة بإسناد ضعيف.
قال
الحافظ
ابن حجر: هذا يوهم أن الزيادة في حديث عقبة عن عمر كما في الذي
قبله وليس كذلك، بل هي حديث مستقل عن أبي سعيد الخدري وسنده مغاير لسند
عقبة في جميع رواته.
قال: وأما وصف الإسناد بالضعف ففيه نظر فقد أخرجه
النسائي، ثنا يحيى بن محمد بن السكن، ثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري،
ثنا شعبة عن أبي هاشم الرماني، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد عن أبي سعيد
الخدري، ويحيى بن كثير ثقة من رجال الصحيحين، وكذا من فوقه إلى الصحابي،
وأما شيخ النسائي فهو ثقة أيضا من شيوخ البخاري، ولم ينفرد به فقد أخرجه
الحاكم من وجه آخر عن يحيى بن كثير فالسند صحيح بلا ريب، وإنما اختلف في
رفع المتن ووقفه، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأحفظ والأكثر
فلذلك في رفع المتن ووقفه، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأحفظ
والأكثر فلذلك حكم عليه بالخطأ إذ قال بعد تخريجه: هذا خطأ، ثم أخرجه عن
بندار، عن عندر، عن شعبة به موقوفا، وأما على طريقة المصنف تبعا لابن
الصلاح وغيره فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زياة العلم، وعلى تقدير
القول بالطريقة الأخرى فهذا ما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع.
قوله:
قال الشيخ نصر المقدسي: ويقول مع هذه الأذكار: (اللهم صل على محمد وعلى آل
محمد ويضم إليه وسلم).
قال
الحافظ ابن حجر: لم يصرح بكونه حديثا وأظن قوله ويضم من كلام الشيخ
المصنف، وقد ورد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء شيء.
أخرج
ابن
عدي والبيهقي من طريق يحيى بن هاشم، عن الأعمش عن ابن مسعود سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله) الحديث وفيه:
(فإذا ما فرغ من وضوئه فليشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله،
وليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة).
قال البيهقي بعد تخريجه:
يحيى بن هشام متروك، ولا أعلم رواه غيره.
قال الحافظ: بل تابعه محمد بن
جابر اليمامي، عن الأعمش .
أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من طريقه
مقتصرا على أواخره، وفيه المقصود.
ومحمد
بن جابر أصلح حالا من يحيى بن هاشم وتابعه عمرو بن شمر الجعفي الكوفي، عن
الأعمش أخرجه الإسماعيلي في جمعه حديث الأعمش كرواية محمد بن جابر، وعمرو
متروك.
وأخرج أبو بكر بن أبي عاصم، والطبراني من طريقه عبد المهيمن بن
العباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا
وضوء لمن لا يصلي علي) وقد ذكر الشيخ في شرح المهذب لفظ الشيخ نصر فقال:
قال الشيخ نصر: (ويقول مع ذلك صلى الله عليه وسلم على محمد وعلى آل محمد)
فصح ما ظننته أن قوله: ويضم إليه من كلام المصنف، وكأنه ظن أن مستند الشيخ
نصر أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلوبة في الدعاء، والذكر
المشهور ليشتمل على الدعاء، فشرع فيه، ويحتمل أن يكون مستند الشيخ ورود
الأمر بالصلاة عليه (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) فذلك لم يذكر السلام
والعلم عند الله).
قوله: وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجىء فيه شىء
عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر: كرر ذلك بنحوه في
كثير من كتبه فقال في التنقيح: ليس فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال
في الروضة: لا أصل له ولم يذكره الشافعي والجمهور.
وقال في شرح
المهذبل: لا أصل له، ولا ذكره المتقدمون.
وقال في المنهاج: وحذفت دعاء
الأعضاء إذ لا أصل له.
وقد
تعقبه صاحب المهمات فقال: ليس كذلك بل روي بمن طرق منها عن أنس رواه ابن
حبان في تاريخه في ترجمة عباد بن صهيب، وقد قال أبو داود أنه صدوق قدري.
وقال
أحمد: ما كان بصاحب كذب.
قال
الحافظ: لو لم يقل فيه إلا هذا لمشى الحال، ولكن بقية ترجمته عند ابن
حبان، كان يروي المناكير عن المشاهير حتى يشهد المبتدى في هذه الصناعة
أنها موضوعة.
اعترض قوله: لا أصل له بأنه روي في تاريخه ابن حبان من
حديث أنس فلعله أراد لا أصل له صحيحا.
وأما السبكي فوافق النووي، وابن
النقيب حكى كلام النووي في تصحيح المهذب، ولم يتعقبه بشيء.
وقال الأذرعي
في المتوسط: لا ينبغي تركه، ولا يعتقد أنه سنة، فإن الظاهر أنه لم يثبت
فيه شىء.
وقد
جمع الحفاظ في عمل اليوم والليلة كتبا مطولة كالنسائي، والطبراني،
والبيهقي، وابن السني وغيرهم ولم يذكروا ذلك، والظاهر أن الشيخ أراد أنه
لم يصح فيها حديث، كما قاله ابن الصلاح. انتهى.
وأولى ما اعتمد عليه في
ذلك قول النووي وابن حجر فقد كانا إمامي الحفاظ في عصرهما، والمرجع في
الحديث إليهما، وليس في المعترضين المذكورين أحد في درجة الحفظ، والحديث
الذي رواه ابن حبان في تاريخه عن أنس من قسم الواهي الشديد الضعف الذي لا
يعمل به في فضائل الأعمال، كما تقدم نقل الاتفاق على ذلك في أول الكتاب،
وقد أخرجه ابن الجوزي في الأحاديث الواهية وقال: اتهم به ابن حبان عباد بن
صهيب، واتهم به الدارقطني الراوي عن عباد أحمد بن هاشم. انتهى.
وقد
ألفت جزأ سميته (الإغضاء عن دعاء الأعضاء) بسطت فيه الكلام بسطا شافيا،
وما احسن صنع الإمام الرافعي حيث قال: (ورد بها الأثر عن السلف الصالحين)
فعزاه إلى السلف كما صنع النووي في الأذكار ولم يعزوه إلى النبي صلى الله
عليه وسلم وقد كان الرافعي من كبار أئمة الحديث وحفاظه.
وأخبرني من أثق
به أن الحافظ ابن حجر قال: الناس يظنون أن النووي أعلم بالحديث من الرافعي
وليس كذلك، بل الرافعي أفقه في الحديث من النووي ومن طالع أماليه وتاريخه
وشرح المسند له تبين له ذلك انتهى، وأمر كما قال.
قوله: وقد روى
النسائي، وصاحبه ابن السني في كتابيهما عمل اليوم والليلة بإسناد صحيح عن
أبي موسى الأشعري قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوءه) إلى
قوله: وكلاهما محتمل.
قال الحافظ ابن حجر: رواه الطبراني في الكبير
من رواية مسدد، وعارم والمقدمي كلهم، عن معتمر ووقع في روايتهم فتوضأ ثم
صلى، ثم قال: وهذا يدفع ترجمة ابن السني حيث قال: (باب ما يقوله بين
ظهراني وضوئه) لتصريحه بأنه قاله بعد الصلاة، ويدفع احتمال كونه بين
الوضوء والصلاة.
قال: وأما حكم الشيخ على الإسناد بالصحة ففيه نظر لأن
أبا مجلز لم يلق سمرة بن جندب، ولا عمران بن حصين فيما قاله علي بن
المديني، وقد تأخر بعد أبي موسى ففي سماعه من أبي موسى نظر وقد عهدن منه
الإرسال عمن لم يلقه.
قوله: (وعطية أيضا ضعيف).
قال الحافظ: ضعف
عطية إنما جاء من قبيل التشييع ومن قبيل التدليس وهو في نفسه صدوق وقد
أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأخرج له أبو داود عدة أحاديث ساكتا
عليها، وحسن له الترمذي عد أحاديث بعضها من أفراد فلا يظن أنه مثل الوازع،
فإنه متروك باتفاق، وقال فيه ابن معين والنسائي: ليس بثقة.
وقال الحاكم:
روى أحاديث موضوعة.
وقال ابن عدي: أحاديثه كلها غير محفوظة.
وحديث
أبي سعيد المشار إليه حسن أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن خزيمة في كتاب
التوحيد، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة، وقال في روايته عن عطية: حدثني
أبو سعيد فأمن بذلك تدليس عطية.
قال الحافظ: وعجبت للشيخ كيف اقتصر على
سوق رواية بلال دون أبي سعيد، وعلى عزو رواية أبي سعيد لابن السني دون ابن
ماجه وغيره.
قوله:
زاد ابن السني في روايته (وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
وليقل: اللهم أعذني من الشيطان الرجيم) وروى هذه الزيادة ابن ماجه وابن
خزيمة وأبو حاتم وابن حبان.
قال الحافظ: هذه الزيادة ليست عند
المذكورين ولا غيرهم من حديث أبي حميد، ولا أبي أسيد على ما يوهمه كلامه،
وإنما هي من حديث أبي هريرة.
قوله: وروينا الصلاة على رسول الله صلى
الله عليه وسلم عند دخول المسجد والخروج منه من رواية ابن عمر أيضا.
أخرجه
ابن
السني والطبراني بسند ضعيف ولفظه: قال: علم النبي صلى الله عليه وسلم
الحسن بن علي إذا دخل المسجد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول:
اللهم اغفر ذنوبنا وافتح لنا أبواب رحمتك، وإذا خرج مثل ذلك لكن يقول:
افتح لنا أبواب فضلك.
قوله: وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال للأعرابي الذي بال في المسجد.
ذكر أبو موسى المدينى في الذيل على
الصحابة أن اسم هذا الأعرابي ذو الخويصرة اليماني وهو غير ذو الخويصرة
التميمى رأس الخوارج.
قوله:
روينا في كتاب ابن السني عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا: فض الله فاك).
أخرجه من طريق
يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن جده.
قال
الحافظ: وثوبان المذكور ليس هو المشهور مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بل هو آخر لا يعرف إلا في هذا الإسناد، ولا روى عن عبد الرحمن بن ثوبان
إلا ابنه محمد، وهو في عداد المجهولين انتهى.
وذكر في الإصابة أربعة من
الصحابة كل منهم يسمى ثوبان الأول مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
المشهور.
والثاني ثوبان الأنصاري جد محمد بن عبد الرحمن صاحب هذا
الحديث.
والثالث
ثوبان الأنصاري جد عمر بن الحكم بن ثوبان روى له ابن أبي عاصم حديث (أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقرة الغراب وافتراش السبع).
والرابع
ثوبان العنسي روى له ابن عساكر من طريق ابنه ثابت عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم أتى بطعام فقال: (يؤم الناس في الطعام الإمام أو رب الطعام أو
خيرهم).
قال: وذكر المرزباني في معجم الشعراء ثوبان بن فزارة العامري
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقد صحفه والصواب ثروان براء ثم
واو.
قوله: وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: (لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم
القيامة) رواه البخاري.
قال الزركشي في تخريج أحاديث الشرح: وقع في
الرافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد: (إني أراك تحب الغنم
والبادية، فإذا دخل وقت الصلاة فأذن وارفع صوتك، فإنه لا يسمع صوتك حجر،
ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة) هكذا ذكر أنه صلى الله عليه وسلم هو
القائل لأبي سعيد هذا الكلام وليس كذلك، بل قال هذا أبو سعيد لابن أبي
صعصعة هكذا أخرجه البخاري في صحيحه، والنسائي عن عبد الله بن عبد الرحمن
بن أبي صعصعة، أن أبا سعيد قال له: (إنّي أراك تحب الغنم والبادية فإذا
كنت في غنمك وباديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى
صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة). قال أبو سعيد: سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث
الشرح: تبع الرافعي في هذا السياق الغزالي، والإمام، والقاضي حسين،
والماوردي، وابن داود شارع المختصر، وهو مغاير لما في صحيح البخاري،
والموطأ وغيرهما من كتب الحديث وساق ما تقدم.
قال: وكذا رواه الشافعي
عن مالك، وتعقبه الشيخ محيى الدين وبالغ كعادته، وأجاب ابن الرفعة عن هذه
الأئمة الذين اوردوه مغترا بأنهم لعلهم فهموا أن قول أبي سعيد سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم عائد إلى كل ما ذكره، ويكون تقديره سمعت
كلما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذ يصح ما أوردوه
باعتبار المعنى لا بصورة اللفظ، ولا يخفى ما في هذا الجواب من الكلفة.
قوله:
(اللهم رب جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ
بك من النار).
رواه الطبراني في الكبير بلفظ: (اللهم رب جبريل وميكائيل
وإسرافيل) بتقديم ميكائيل على إسرافيل.
قوله:
باب ما يقوله عند إرادته القيام إلى الصلاة، روينا في كتاب ابن السني، عن
أم رافع أنها قالت: يا رسول الله دلني على عمل يأجرني الله عليه، قال: (يا
أم رافع إذا قمت إلى الصلاة فسبحي الله عشرا) إلخ.
وقال الحافظ في
أماليه: أطلق في الحديث موضع القول والشيخ حمله على الإرادة.
ووقع
لنا من وجه آخر ما يدل على أنه داخل الصلاة فأخرجه ابن مندة في المعرفة،
عن أم رافع أنها قالت: يا رسول الله أخبرني بشيء أفتتح به صلاتي فذكر
الحديث نحوه، وأخرج الترمذي وصححه عن أنس أن أم سليم قالت: يا رسول الله
علمني كلمات أقولهن في صلاتي فذكر نحوه.
وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن
أنس بلفظ: (إذا صليت المكتوبة) انتهى.
وقال
الحافظ أيضا في رسالة له: الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى،
أما بعد: فقد سئلت عن ما أحدثه بعض المشايخ في مسجده من الإجتماع على ذكر
الباقيات الصالحات، وهي سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله،
والله أكبر عشرا عشرا عند إرادة إقامة الصلاة، بحيث يشرع المؤذن في
الإقامة عند انتهائه فهل لهذا الذي أحدثه الشيخ أصل من السنة في هذا المحل
أولا؟ وهل يعد ذلك من البدع الحسنة التي يثاب فاعلها أولا؟ فأجبت وبالله
التوفيق.
بلغني أنه تمسك بما وقع في كتاب الأذكار لشيخ الإسلام النووي
نفع الله تعالى به فإنه قال ما نصه: باب ما يقول عند إرادته القيام إلى
الصلاة روينا في كتاب ابن السني عن أم رافع رضي الله عنها قالت: يا رسول
الله دلني على عمل يأجرني الله عليه، قال: (يا أم رافع إذا قمت إلى الصلاة
فسبحي الله تعالى عشرا وهلليه عشرا، واحمديه عشرا، وكبريه عشرا، واستغفريه
عشرا، فإنك إذا سبحت قال: هذا لي، وإذا هللت قال: هذا لي، وإذا حمدت قال:
هذا لي، وإذا كبرت قال: هذا لي، وإذا استغفرت قال: قد فعلت) انتهى كلامه.
فكأنه
فهم
من قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت إلى الصلاة) إذا أردت القيام
إلى الصلاة وهو محتمل، ويحتمل أيضا أن المراد أن يقال ذلك بعد الدخول في
الصلاة.
وقد عينه بعض أهل العلم في دعاء الافتتاح، وعينه آخر في
صلاة مخصوصة، وهي التي تسمى صلاة التسبيح، فقد جاء التصريح بقول نحو ذلك
في الأذكار كلها إلا التشهد وعينه آخر في التشهد إذا انتهى التشهد أتى
بالذكر المأثور وبما شاء ثم سلم، فاقتضى اختلافهم النظر في الأقوى من ذلك،
فإنها ترشد الناظر إلى أقوى الاحتمالات التي تنشأ عن الكفر قبل النظر
فيها، وذلك يستدعي ذكر ثلاثة فصول تشتمل على مقدمة، ونتيجة، وخاتمة،
فالمقدمة في الكلام على حال الحديث فيما يرجع إلى الصحة وغيرها، والنتيجة
فيما يستفاد منه للعمل وهو المقصود بالسؤال، والخاتمة في التنبيه على
الراجح من ذلك.
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده
الذين اصطفى، هذه نكت مهمة علقتها على كتاب الأذكار لشيخ الإسلام محيى
الدين النووي رضي الله الله تعالى عنه عند قراءتي له التقطتها من الأمالي
عليه لحافظ العصر أبي الفضل ابن حجر، وضممت إليه أشياء من غيرها تسمة
(تسمى الأبرار بنكت الأذكار).
قوله: قال العلماء من المحدثين والفقهاء
وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب باللضعيف ما لم
يكن موضوعا.
ذكر
الحافظ ابن حجر لذلك ثلاث شروط: أحدها أن يكون الضعيف غير شديد فيخرج ما
انفر د بحديث ه راو من المكذبين، والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه، نقل
العلائي الاتفاق عليه.
الثاني: أن يكون مندرجا تحت أصل عام فيخرج ما
يخترع بحيث لا يكون له أصلا.
الثالث:
أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ما لم يقله بل يعتقد الاحتياط. قال: وهذان الأخيران ذكرهما الشيخ عز الدين
بن عبد السلام وصاحبه ابن دقيق العيد.
قوله: ويكفي في ذلك حديث ابن عمر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررتهم برياض الجنة فارتعوا،
قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر فإن لله تعالى سيارات
من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم).
قال الحافظ
ابن حجر في أماليه على الأذكار: لم أجده في حديث ابن عمر ولا بعضه لا في
الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، ولكن وجدته من حديث جابر بمعناه
مختصرا. قال أحمد والترمذي وحسنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر).
وأخرج
أبو
نعيم في الحلية من طريق يوسف القاضي حدثنا محمد بن أبي بكر، ثنا زائدة
بن أبي الرقاد ثنا زياد النميري، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وأين لنا برياض
الجنة في الدنيا؟ قال: إنها في مجالس الذكر).
وأخرج أبو نعيم أيضا من
طريق الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن أبي بكرن ثنا زائدة بن أبي الرقاد عن
زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله سيارة من
الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم وبعثوا رائدهم إلى
السماء إلى رب العزة سبحانه فيقولون وهو أعلم: أتينا على عباد من عبادك
يعظمون آلاء آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك ويسئلونك لآخرتهم
ودنياهم، فيقول: غشوهم رحمتي هم القوم لا يشقى جليسهم).
قلت: الظاهر أن
الحديثين حديث واحد لاتحاد الرواة لجمع النووي بينهما، واختصر بقية
الحديث، وأراد أن يقول حديث أنس فسبق قلمه إلى ابن عمر.
قوله: روى
المفردون بتشديد الراء وتخفيفها.
قال الحافظ: الراء مفتوحة وقيل مكسورة.
قوله:
وقد
جاء في حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعا كتب في الذاكرين
والذاكرات) هذا حديث مشهور.
قال الحافظ ابن حجر: قول الشيخ هذا حديث
مشهور يريد شهرته على الألسنة لا أنه مشهور اصطلاحا، فإنه من أفراد علي بن
الأقمر، عن الأغر.
قوله: رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه.
قال
الحافظ ابن حجر: هو كما قال، لكنهم ذكروا أبا هريرة مع أبي سعيد فما أدري
لما حذفه فإنهما عند جميع من أخرجه مرفوعا، وأما من أفرد أبا سعيد فإنه
أخرجه موقوفا.
قوله: وروينا في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري.
قال
الحافظ إلا الترمذي فوقع في روايته عن الحارث بن الحارث الأشعري فإن كان
محفوظا فالحديث من مسند الحارث، وهو يكنى أبا مالك، وفي الصحابة من
الأشعريين ممن يكنى أبا مالك كعب بن عاصم، وآخر اسمه عبيد، وآخر اسمه
مشهور بكنيته مختلف في اسمه، وقد جعل أصحاب الأطراف هذا الحديث من روايته،
وما وقع عند الترمذي يأبى ذلك.
قوله: ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز
الحكيم.
أخرج البزار هذا بلفظ العلي العظيم، بدل العزيز الحكيم.
قوله:
قال البرقاني: ورواه شعبة، وأبو عوانة، ويحيى القطان، عن موسى الذي رواه
مسلم عن جبهته.
الذين اصطفى، هذه نكت مهمة علقتها على كتاب الأذكار لشيخ الإسلام محيى
الدين النووي رضي الله الله تعالى عنه عند قراءتي له التقطتها من الأمالي
عليه لحافظ العصر أبي الفضل ابن حجر، وضممت إليه أشياء من غيرها تسمة
(تسمى الأبرار بنكت الأذكار).
قوله: قال العلماء من المحدثين والفقهاء
وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب باللضعيف ما لم
يكن موضوعا.
ذكر
الحافظ ابن حجر لذلك ثلاث شروط: أحدها أن يكون الضعيف غير شديد فيخرج ما
انفر د بحديث ه راو من المكذبين، والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه، نقل
العلائي الاتفاق عليه.
الثاني: أن يكون مندرجا تحت أصل عام فيخرج ما
يخترع بحيث لا يكون له أصلا.
الثالث:
أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ما لم يقله بل يعتقد الاحتياط. قال: وهذان الأخيران ذكرهما الشيخ عز الدين
بن عبد السلام وصاحبه ابن دقيق العيد.
قوله: ويكفي في ذلك حديث ابن عمر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررتهم برياض الجنة فارتعوا،
قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر فإن لله تعالى سيارات
من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم).
قال الحافظ
ابن حجر في أماليه على الأذكار: لم أجده في حديث ابن عمر ولا بعضه لا في
الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، ولكن وجدته من حديث جابر بمعناه
مختصرا. قال أحمد والترمذي وحسنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر).
وأخرج
أبو
نعيم في الحلية من طريق يوسف القاضي حدثنا محمد بن أبي بكر، ثنا زائدة
بن أبي الرقاد ثنا زياد النميري، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وأين لنا برياض
الجنة في الدنيا؟ قال: إنها في مجالس الذكر).
وأخرج أبو نعيم أيضا من
طريق الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن أبي بكرن ثنا زائدة بن أبي الرقاد عن
زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله سيارة من
الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم وبعثوا رائدهم إلى
السماء إلى رب العزة سبحانه فيقولون وهو أعلم: أتينا على عباد من عبادك
يعظمون آلاء آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك ويسئلونك لآخرتهم
ودنياهم، فيقول: غشوهم رحمتي هم القوم لا يشقى جليسهم).
قلت: الظاهر أن
الحديثين حديث واحد لاتحاد الرواة لجمع النووي بينهما، واختصر بقية
الحديث، وأراد أن يقول حديث أنس فسبق قلمه إلى ابن عمر.
قوله: روى
المفردون بتشديد الراء وتخفيفها.
قال الحافظ: الراء مفتوحة وقيل مكسورة.
قوله:
وقد
جاء في حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعا كتب في الذاكرين
والذاكرات) هذا حديث مشهور.
قال الحافظ ابن حجر: قول الشيخ هذا حديث
مشهور يريد شهرته على الألسنة لا أنه مشهور اصطلاحا، فإنه من أفراد علي بن
الأقمر، عن الأغر.
قوله: رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه.
قال
الحافظ ابن حجر: هو كما قال، لكنهم ذكروا أبا هريرة مع أبي سعيد فما أدري
لما حذفه فإنهما عند جميع من أخرجه مرفوعا، وأما من أفرد أبا سعيد فإنه
أخرجه موقوفا.
قوله: وروينا في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري.
قال
الحافظ إلا الترمذي فوقع في روايته عن الحارث بن الحارث الأشعري فإن كان
محفوظا فالحديث من مسند الحارث، وهو يكنى أبا مالك، وفي الصحابة من
الأشعريين ممن يكنى أبا مالك كعب بن عاصم، وآخر اسمه عبيد، وآخر اسمه
مشهور بكنيته مختلف في اسمه، وقد جعل أصحاب الأطراف هذا الحديث من روايته،
وما وقع عند الترمذي يأبى ذلك.
قوله: ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز
الحكيم.
أخرج البزار هذا بلفظ العلي العظيم، بدل العزيز الحكيم.
قوله:
قال البرقاني: ورواه شعبة، وأبو عوانة، ويحيى القطان، عن موسى الذي رواه
مسلم عن جبهته.
قال
الحافظ ابن حجر: رواية شعبة عن أحمد والنسائي بالواو كما قال وهو عند أحمد
عن الثلاثة الذين ذكرهم في موضعين أحدهما بلفظ (ويمحص عنه ألف سيئة)
والثاني باللفظ الذي ذكره مسلم.
قوله: روينا في كتاب ابن السني بإسناد
صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم
فليقل الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره).
قال
الحافظ ابن حجر: أخرجه الترمذي، والنسائي فما أدري لما أغفل المصنف عزوه
إليهما، واقتصر على عزوه إلى ابن السني.
قال:
وأما قوله: إنه صحيح الإسناد ففيه نظر فإنه أفراد محمد بن عجلان وهو صدوق
لكن في حفظه شيء، وخصوصا في روايته عن المقبري عن المقبري، فالذي ينفرد به
من قبيل الحسن، وإنما يصحح له من يدرج الحسن في الصحيح، وليس ذلك من رأي
الشيخ.
قوله: وروينا في سنن أبي داود وغيره بالإسناد الصحيح عن عائشة
قالت: (كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت
اليسرى لخلائه وما كان من أذى).
قال الحافظ ابن حجر: رجاله أخرج لهم
مسلم فالإسناد على شرط الصحة كما قال المصنف، لكنه جزم في الخلاصة بأنه
حديث صحيح، وتردد في شرح المهذب فقال: صحيح أو حسن، والتحرير أنه حسن،
فإنه فيه علتين الإختلاف على سعيد بن أبي عروبة في وصله وإرساله، وفيه
زيادة واو على السند الموصول، فإن أبا داود أخرجه أولا من طريق عبد الوهاب
بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر وهو زياد بن كليب، عن إبراهيم
النخعي، عن الأسود هو ابن يزيد النخعي عن عائشة، ثم أخرجه من رواية عيسى
بن يونس بإسقاط الأسود، وأخرجه البيهقي من رواية محمد بن أبي عدي، عن
سعيد، عن رجل لم يسم، عن أبي معشر، ورجح الدارقطني في العلل هذه الرواية
فصار الحديث بسبب ذلك ضعيفا من أجل المبهم، وسعيد مع كونه مدلسا وقد
عنعنه، فإنه ممن اختلط. وإنما قلت: إن الحديث حسن لاعتضاده بالحديث الذي
بعده انتهى.
قوله: (روينا عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
إذا خرج من بيته قال: (بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل
أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أزلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي) حديث صحيح
رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه.
قال الحافظ ابن حجر: جمع
الشيخ هذه الزيادة في سياق الحديث ولا وجود لها مجموعة في الكتب الأربعة
التي عزاه إليها.
قوله:
وروينا في كتاب ابن السني عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من النهار إلى بيته يقول: (الحمد لله
الذي كفاني وآواني، والحمد لله الذي أطعمني وسقاني، والحمد لله الذي من
علي، أسألك أن تجيرني من النار) إسناده ضعيف.
قال الحافظ ابن حدر: ليس
في رواته من ينظر في حاله إلا الرجل المبهم الراوي له عند ابن عمر وقد
وجدت له شاهدا أخرجه ابن أبي شيبة والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف
فالحديث حسن.
قوله: (إلا النظر إلى السماء) فهو في صحيح البخاري دون
مسلم.
قال
الحافظ ابن حجر: بل ثبت ذلك في مسلم أيضا، وسبب خفاء ذلك على الشيخ أن
مسلما جمع طرق الحديث كعادته، فساقها في كتاب الصلاة، وافرد طريقا منها في
كتاب الطهارة، وهي التي وقع عنده فيها التصريح بالنظر إلى السماء، ووقع
ذلك أيضا في طريقين آخرين مما ساقه في كتاب الصلاة لكنه اقتصر في كل منهما
على بعض المتن فلم يقع فيهما التصريح بهذه اللفظة وهي في نفس الأمر عنده
فيهما.
وأما البخاري فلم يقع عنده التقييد يكون ذلك عند الخروج من
البيت، وليس في شيء من الطرق الثلاثة التي أشرت إليها التصريح بالقراءة
إلخ السورة، وإنما ورد ذلك في طرق أخرى ليس فيها النظر إلى السماء، لكن
الحديث في نفس الأمر واحد، فذكر بعض الرواة ما لم يذكر في بعض.
قوله:
وعن المهاجر بن قنفذ إلى قوله: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد
صحيحة.
قال الحافظ ابن حجر: فيه نظر إذ ليس له إلا إسناد واحد عند من
ذكر.
قوله:
ثبت في الحديث الصحيح في سنن أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يقول: (غفرانك) وروى النسائي، وابن ماجه باقية.
قال
الحافظ ابن حجر: هذا يوهم أنه حديث واحد اختصره بعضهم وليس كذلك، بل قوله:
غفرانك أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه كلهم عن عائشة،
والكلام الذي بعده أخرجه النسائي من حديث أبي ذر وابن ماجه من حديث أنس.
قوله:
ثبت عند أحمد بن حنبل أنه قال: لا أعلم في التسمية في الوضوء حديثا ثابتا.
قال
الحافظ
ابن حجر: لا يلزم من نفي العلم ثبوت العدم، وعلى التنزيل لا يلزم
من نفي الثبوت ثبوت الضعف، لاحتمال أن يراد بالثبوت الصحة، فلا ينتفي
الحسن، وعلى التنزيل لا يلزم من نفي الثبوت على كل فرد نفيه من المجموع.
قوله:
فمن الأحاديث حديث أبي هريرة.
قوله: من رواية سعيد بن زيد أخرجه
الترمذي والدارقطني.
وقال البخاري: إنه أحسن أحاديث الباب.
قوله:
وأبي سعيد.
قال
الحافظ ابن حجر: هو حديث حسن أخرجه أحمد، والترمذي والدارمي، وابن ماجه،
والحاكم وصححه، وعن إسحاق بن راهويه أنه أصح أحاديث الباب.
قوله:
وعائشة، وأنس بن مالك، وسهل بن سعد.
قال
الحافظ ابن حجر: وورد أيضا من حديث علي أخرجه ابن عدي في الكامل وابي سبرة
أخرجه البغوي في معجم الصحابة، وابن مسعود وابن عمر أخرجهما البيهقي.
قال
أبو الفتح اليعمري: أحاديث اليعمري: أحاديث الباب إما صريح غير صحيح، وإما
صحيح غير صريح.
قال ابن الصلاح: يثبت بمجموعها ما يثبت به الحديث
الحسن.
قوله:
قال بعض أصحابنا وهو الشيخ أبو الفتح نصر المقدسي الزاهد: يستحب للمتوضي
أن يقول في ابتداء وضوئه بعد التسمية: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، واشهد أن محمد عبده ورسوله) وهذا الذي قاله لا بأس به، إلا أنه
لا أصل له من جهة السنة، ولا نعلم أحدا من أصحابنا وغيرهم قال به.
قال
الزركشي في الخادم: قال به شيخه سليم الرازي وقبلهما الصيمري.
وقال
الحافظ ابن حجر في أماليه: أخرج جعفر المستغفري، قال الحافظ في كتاب
الدعوات من طريق سالم بن أبي الجعد، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد يقول إذا توضأ: بسم الله، ثم قال لكل عضو:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم قال
إذا فرغ من وضوئه: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا
فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء).
هذا حديث غريب، وفيه
تعقب على المصنف في قوله: إن التشهد بعد التسمية لم يرد انتهى.
قوله:
(وروى سبحانك اللهم وبحمدك إلخ) النسائي في اليوم والليلة بإسناد ضعيف.
قال
الحافظ
ابن حجر: هذا يوهم أن الزيادة في حديث عقبة عن عمر كما في الذي
قبله وليس كذلك، بل هي حديث مستقل عن أبي سعيد الخدري وسنده مغاير لسند
عقبة في جميع رواته.
قال: وأما وصف الإسناد بالضعف ففيه نظر فقد أخرجه
النسائي، ثنا يحيى بن محمد بن السكن، ثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري،
ثنا شعبة عن أبي هاشم الرماني، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد عن أبي سعيد
الخدري، ويحيى بن كثير ثقة من رجال الصحيحين، وكذا من فوقه إلى الصحابي،
وأما شيخ النسائي فهو ثقة أيضا من شيوخ البخاري، ولم ينفرد به فقد أخرجه
الحاكم من وجه آخر عن يحيى بن كثير فالسند صحيح بلا ريب، وإنما اختلف في
رفع المتن ووقفه، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأحفظ والأكثر
فلذلك في رفع المتن ووقفه، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأحفظ
والأكثر فلذلك حكم عليه بالخطأ إذ قال بعد تخريجه: هذا خطأ، ثم أخرجه عن
بندار، عن عندر، عن شعبة به موقوفا، وأما على طريقة المصنف تبعا لابن
الصلاح وغيره فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زياة العلم، وعلى تقدير
القول بالطريقة الأخرى فهذا ما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع.
قوله:
قال الشيخ نصر المقدسي: ويقول مع هذه الأذكار: (اللهم صل على محمد وعلى آل
محمد ويضم إليه وسلم).
قال
الحافظ ابن حجر: لم يصرح بكونه حديثا وأظن قوله ويضم من كلام الشيخ
المصنف، وقد ورد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء شيء.
أخرج
ابن
عدي والبيهقي من طريق يحيى بن هاشم، عن الأعمش عن ابن مسعود سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله) الحديث وفيه:
(فإذا ما فرغ من وضوئه فليشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله،
وليصل علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة).
قال البيهقي بعد تخريجه:
يحيى بن هشام متروك، ولا أعلم رواه غيره.
قال الحافظ: بل تابعه محمد بن
جابر اليمامي، عن الأعمش .
أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من طريقه
مقتصرا على أواخره، وفيه المقصود.
ومحمد
بن جابر أصلح حالا من يحيى بن هاشم وتابعه عمرو بن شمر الجعفي الكوفي، عن
الأعمش أخرجه الإسماعيلي في جمعه حديث الأعمش كرواية محمد بن جابر، وعمرو
متروك.
وأخرج أبو بكر بن أبي عاصم، والطبراني من طريقه عبد المهيمن بن
العباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا
وضوء لمن لا يصلي علي) وقد ذكر الشيخ في شرح المهذب لفظ الشيخ نصر فقال:
قال الشيخ نصر: (ويقول مع ذلك صلى الله عليه وسلم على محمد وعلى آل محمد)
فصح ما ظننته أن قوله: ويضم إليه من كلام المصنف، وكأنه ظن أن مستند الشيخ
نصر أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مطلوبة في الدعاء، والذكر
المشهور ليشتمل على الدعاء، فشرع فيه، ويحتمل أن يكون مستند الشيخ ورود
الأمر بالصلاة عليه (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) فذلك لم يذكر السلام
والعلم عند الله).
قوله: وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجىء فيه شىء
عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر: كرر ذلك بنحوه في
كثير من كتبه فقال في التنقيح: ليس فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال
في الروضة: لا أصل له ولم يذكره الشافعي والجمهور.
وقال في شرح
المهذبل: لا أصل له، ولا ذكره المتقدمون.
وقال في المنهاج: وحذفت دعاء
الأعضاء إذ لا أصل له.
وقد
تعقبه صاحب المهمات فقال: ليس كذلك بل روي بمن طرق منها عن أنس رواه ابن
حبان في تاريخه في ترجمة عباد بن صهيب، وقد قال أبو داود أنه صدوق قدري.
وقال
أحمد: ما كان بصاحب كذب.
قال
الحافظ: لو لم يقل فيه إلا هذا لمشى الحال، ولكن بقية ترجمته عند ابن
حبان، كان يروي المناكير عن المشاهير حتى يشهد المبتدى في هذه الصناعة
أنها موضوعة.
اعترض قوله: لا أصل له بأنه روي في تاريخه ابن حبان من
حديث أنس فلعله أراد لا أصل له صحيحا.
وأما السبكي فوافق النووي، وابن
النقيب حكى كلام النووي في تصحيح المهذب، ولم يتعقبه بشيء.
وقال الأذرعي
في المتوسط: لا ينبغي تركه، ولا يعتقد أنه سنة، فإن الظاهر أنه لم يثبت
فيه شىء.
وقد
جمع الحفاظ في عمل اليوم والليلة كتبا مطولة كالنسائي، والطبراني،
والبيهقي، وابن السني وغيرهم ولم يذكروا ذلك، والظاهر أن الشيخ أراد أنه
لم يصح فيها حديث، كما قاله ابن الصلاح. انتهى.
وأولى ما اعتمد عليه في
ذلك قول النووي وابن حجر فقد كانا إمامي الحفاظ في عصرهما، والمرجع في
الحديث إليهما، وليس في المعترضين المذكورين أحد في درجة الحفظ، والحديث
الذي رواه ابن حبان في تاريخه عن أنس من قسم الواهي الشديد الضعف الذي لا
يعمل به في فضائل الأعمال، كما تقدم نقل الاتفاق على ذلك في أول الكتاب،
وقد أخرجه ابن الجوزي في الأحاديث الواهية وقال: اتهم به ابن حبان عباد بن
صهيب، واتهم به الدارقطني الراوي عن عباد أحمد بن هاشم. انتهى.
وقد
ألفت جزأ سميته (الإغضاء عن دعاء الأعضاء) بسطت فيه الكلام بسطا شافيا،
وما احسن صنع الإمام الرافعي حيث قال: (ورد بها الأثر عن السلف الصالحين)
فعزاه إلى السلف كما صنع النووي في الأذكار ولم يعزوه إلى النبي صلى الله
عليه وسلم وقد كان الرافعي من كبار أئمة الحديث وحفاظه.
وأخبرني من أثق
به أن الحافظ ابن حجر قال: الناس يظنون أن النووي أعلم بالحديث من الرافعي
وليس كذلك، بل الرافعي أفقه في الحديث من النووي ومن طالع أماليه وتاريخه
وشرح المسند له تبين له ذلك انتهى، وأمر كما قال.
قوله: وقد روى
النسائي، وصاحبه ابن السني في كتابيهما عمل اليوم والليلة بإسناد صحيح عن
أبي موسى الأشعري قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوءه) إلى
قوله: وكلاهما محتمل.
قال الحافظ ابن حجر: رواه الطبراني في الكبير
من رواية مسدد، وعارم والمقدمي كلهم، عن معتمر ووقع في روايتهم فتوضأ ثم
صلى، ثم قال: وهذا يدفع ترجمة ابن السني حيث قال: (باب ما يقوله بين
ظهراني وضوئه) لتصريحه بأنه قاله بعد الصلاة، ويدفع احتمال كونه بين
الوضوء والصلاة.
قال: وأما حكم الشيخ على الإسناد بالصحة ففيه نظر لأن
أبا مجلز لم يلق سمرة بن جندب، ولا عمران بن حصين فيما قاله علي بن
المديني، وقد تأخر بعد أبي موسى ففي سماعه من أبي موسى نظر وقد عهدن منه
الإرسال عمن لم يلقه.
قوله: (وعطية أيضا ضعيف).
قال الحافظ: ضعف
عطية إنما جاء من قبيل التشييع ومن قبيل التدليس وهو في نفسه صدوق وقد
أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأخرج له أبو داود عدة أحاديث ساكتا
عليها، وحسن له الترمذي عد أحاديث بعضها من أفراد فلا يظن أنه مثل الوازع،
فإنه متروك باتفاق، وقال فيه ابن معين والنسائي: ليس بثقة.
وقال الحاكم:
روى أحاديث موضوعة.
وقال ابن عدي: أحاديثه كلها غير محفوظة.
وحديث
أبي سعيد المشار إليه حسن أخرجه أحمد، وابن ماجه، وابن خزيمة في كتاب
التوحيد، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة، وقال في روايته عن عطية: حدثني
أبو سعيد فأمن بذلك تدليس عطية.
قال الحافظ: وعجبت للشيخ كيف اقتصر على
سوق رواية بلال دون أبي سعيد، وعلى عزو رواية أبي سعيد لابن السني دون ابن
ماجه وغيره.
قوله:
زاد ابن السني في روايته (وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
وليقل: اللهم أعذني من الشيطان الرجيم) وروى هذه الزيادة ابن ماجه وابن
خزيمة وأبو حاتم وابن حبان.
قال الحافظ: هذه الزيادة ليست عند
المذكورين ولا غيرهم من حديث أبي حميد، ولا أبي أسيد على ما يوهمه كلامه،
وإنما هي من حديث أبي هريرة.
قوله: وروينا الصلاة على رسول الله صلى
الله عليه وسلم عند دخول المسجد والخروج منه من رواية ابن عمر أيضا.
أخرجه
ابن
السني والطبراني بسند ضعيف ولفظه: قال: علم النبي صلى الله عليه وسلم
الحسن بن علي إذا دخل المسجد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول:
اللهم اغفر ذنوبنا وافتح لنا أبواب رحمتك، وإذا خرج مثل ذلك لكن يقول:
افتح لنا أبواب فضلك.
قوله: وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال للأعرابي الذي بال في المسجد.
ذكر أبو موسى المدينى في الذيل على
الصحابة أن اسم هذا الأعرابي ذو الخويصرة اليماني وهو غير ذو الخويصرة
التميمى رأس الخوارج.
قوله:
روينا في كتاب ابن السني عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا: فض الله فاك).
أخرجه من طريق
يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن جده.
قال
الحافظ: وثوبان المذكور ليس هو المشهور مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بل هو آخر لا يعرف إلا في هذا الإسناد، ولا روى عن عبد الرحمن بن ثوبان
إلا ابنه محمد، وهو في عداد المجهولين انتهى.
وذكر في الإصابة أربعة من
الصحابة كل منهم يسمى ثوبان الأول مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
المشهور.
والثاني ثوبان الأنصاري جد محمد بن عبد الرحمن صاحب هذا
الحديث.
والثالث
ثوبان الأنصاري جد عمر بن الحكم بن ثوبان روى له ابن أبي عاصم حديث (أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقرة الغراب وافتراش السبع).
والرابع
ثوبان العنسي روى له ابن عساكر من طريق ابنه ثابت عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم أتى بطعام فقال: (يؤم الناس في الطعام الإمام أو رب الطعام أو
خيرهم).
قال: وذكر المرزباني في معجم الشعراء ثوبان بن فزارة العامري
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقد صحفه والصواب ثروان براء ثم
واو.
قوله: وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: (لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم
القيامة) رواه البخاري.
قال الزركشي في تخريج أحاديث الشرح: وقع في
الرافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد: (إني أراك تحب الغنم
والبادية، فإذا دخل وقت الصلاة فأذن وارفع صوتك، فإنه لا يسمع صوتك حجر،
ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة) هكذا ذكر أنه صلى الله عليه وسلم هو
القائل لأبي سعيد هذا الكلام وليس كذلك، بل قال هذا أبو سعيد لابن أبي
صعصعة هكذا أخرجه البخاري في صحيحه، والنسائي عن عبد الله بن عبد الرحمن
بن أبي صعصعة، أن أبا سعيد قال له: (إنّي أراك تحب الغنم والبادية فإذا
كنت في غنمك وباديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى
صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة). قال أبو سعيد: سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث
الشرح: تبع الرافعي في هذا السياق الغزالي، والإمام، والقاضي حسين،
والماوردي، وابن داود شارع المختصر، وهو مغاير لما في صحيح البخاري،
والموطأ وغيرهما من كتب الحديث وساق ما تقدم.
قال: وكذا رواه الشافعي
عن مالك، وتعقبه الشيخ محيى الدين وبالغ كعادته، وأجاب ابن الرفعة عن هذه
الأئمة الذين اوردوه مغترا بأنهم لعلهم فهموا أن قول أبي سعيد سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم عائد إلى كل ما ذكره، ويكون تقديره سمعت
كلما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحينئذ يصح ما أوردوه
باعتبار المعنى لا بصورة اللفظ، ولا يخفى ما في هذا الجواب من الكلفة.
قوله:
(اللهم رب جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ
بك من النار).
رواه الطبراني في الكبير بلفظ: (اللهم رب جبريل وميكائيل
وإسرافيل) بتقديم ميكائيل على إسرافيل.
قوله:
باب ما يقوله عند إرادته القيام إلى الصلاة، روينا في كتاب ابن السني، عن
أم رافع أنها قالت: يا رسول الله دلني على عمل يأجرني الله عليه، قال: (يا
أم رافع إذا قمت إلى الصلاة فسبحي الله عشرا) إلخ.
وقال الحافظ في
أماليه: أطلق في الحديث موضع القول والشيخ حمله على الإرادة.
ووقع
لنا من وجه آخر ما يدل على أنه داخل الصلاة فأخرجه ابن مندة في المعرفة،
عن أم رافع أنها قالت: يا رسول الله أخبرني بشيء أفتتح به صلاتي فذكر
الحديث نحوه، وأخرج الترمذي وصححه عن أنس أن أم سليم قالت: يا رسول الله
علمني كلمات أقولهن في صلاتي فذكر نحوه.
وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن
أنس بلفظ: (إذا صليت المكتوبة) انتهى.
وقال
الحافظ أيضا في رسالة له: الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى،
أما بعد: فقد سئلت عن ما أحدثه بعض المشايخ في مسجده من الإجتماع على ذكر
الباقيات الصالحات، وهي سبحانه الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله،
والله أكبر عشرا عشرا عند إرادة إقامة الصلاة، بحيث يشرع المؤذن في
الإقامة عند انتهائه فهل لهذا الذي أحدثه الشيخ أصل من السنة في هذا المحل
أولا؟ وهل يعد ذلك من البدع الحسنة التي يثاب فاعلها أولا؟ فأجبت وبالله
التوفيق.
بلغني أنه تمسك بما وقع في كتاب الأذكار لشيخ الإسلام النووي
نفع الله تعالى به فإنه قال ما نصه: باب ما يقول عند إرادته القيام إلى
الصلاة روينا في كتاب ابن السني عن أم رافع رضي الله عنها قالت: يا رسول
الله دلني على عمل يأجرني الله عليه، قال: (يا أم رافع إذا قمت إلى الصلاة
فسبحي الله تعالى عشرا وهلليه عشرا، واحمديه عشرا، وكبريه عشرا، واستغفريه
عشرا، فإنك إذا سبحت قال: هذا لي، وإذا هللت قال: هذا لي، وإذا حمدت قال:
هذا لي، وإذا كبرت قال: هذا لي، وإذا استغفرت قال: قد فعلت) انتهى كلامه.
فكأنه
فهم
من قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت إلى الصلاة) إذا أردت القيام
إلى الصلاة وهو محتمل، ويحتمل أيضا أن المراد أن يقال ذلك بعد الدخول في
الصلاة.
وقد عينه بعض أهل العلم في دعاء الافتتاح، وعينه آخر في
صلاة مخصوصة، وهي التي تسمى صلاة التسبيح، فقد جاء التصريح بقول نحو ذلك
في الأذكار كلها إلا التشهد وعينه آخر في التشهد إذا انتهى التشهد أتى
بالذكر المأثور وبما شاء ثم سلم، فاقتضى اختلافهم النظر في الأقوى من ذلك،
فإنها ترشد الناظر إلى أقوى الاحتمالات التي تنشأ عن الكفر قبل النظر
فيها، وذلك يستدعي ذكر ثلاثة فصول تشتمل على مقدمة، ونتيجة، وخاتمة،
فالمقدمة في الكلام على حال الحديث فيما يرجع إلى الصحة وغيرها، والنتيجة
فيما يستفاد منه للعمل وهو المقصود بالسؤال، والخاتمة في التنبيه على
الراجح من ذلك.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
مقدمة في الكلام على حال الحديث
وأخرجه الحاكم في
صحيحه المستدرك من طريق عبد الله بن المبارك وقال: على شرط مسلم، وقد عين
ابن خزيمة محل هذا الذكر المخصوص في افتتاح الصلاة لكن بغير هذا العدد،
فأخرج في دعاء الافتتاح حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا افتتح الصلاة قال: (الله أكبر كبيرا ثلاث مرات، والحمد لله كثيرا
ثلاث مرات، وسبحانه الله بكرة وأصيلا ثلاث مرات).
قلت: وأخرجه أبو
داود، وابن حبان في صحيحه، ولفظ ابن حبان: أنه رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي صلاة فقال: (الله أكبر كبيرا ثلاثا، الحمد لله ثلاثا،
سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا، أعوذ بالله) الحديث، وقد جاء نحو ذلك في
هذا المحل من غير تقييد بعدد، وذلك فيما أخرجه مسلم في صحيحه، والنسائي،
والطبراني من طريق عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عمر
قال: بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم:
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (من القائل كلمة كذا وكذا؟ فقال الرجل: أنا،
فقال: لقد رأيت أبواب السماء فتحت لها) وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى
عند أحمد، والطبراني بسند حسن ولفظه نحو حديث ابن عمر لكن في آخره فلما
فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هذا العالي الصوت؟ فقالوا: هو
هذا، فقال: والله لقد رأيت كلامه يصعد في السماء حتى له باب فدخل فيه.
وعن
وائل
بن حجر أخرجه مسدد في مسنده و الطبراني نحو حديث ابن عمر لكن قال في
آخره: (فقال: من صاحب الكلمات؟ قال الرجل: أنا وما أردت إلا خيرا، قال:
لقد رأيت أبواب السماء فتحت لما تناهت دون العرش).
ويؤيد مشروعية هذا
الذكر دعاء الافتتاح حديث عائشة فإنه ورد مقيدا بالعدد الذي ورد في حديث
أم رافع وأم سليم وذلك فيما أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وجعفر
الفريابي من طريق معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، عن عاصم بن حميد قال:
سألت عائشة بما كان يستفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟
قالت: (كان إذا قام من الليل استفتح الصلاة، وكبر عشرا، وسبح عشرا، وحمد
عشرا وقال: اللهم اغفر لي واهدني عشرا، ثم يتعوذ) هذا لفظ جعفر، وفي رواية
بأبي داود (إذا قام كبر عشرا، وحمد عشرا، وهلل واستغفر عشرا وقال: اللهم
اغفر لي واهدني عشرا، ثم يتعوذ) هذا لفظ جعفر، وفي رواية أبي داود (إذا
قام كبر عشرا، وحمد عشرا، وهلل واستغفر عشرا وقال: اللهم اغفر لي، واهدني،
وارزقني، وعافني ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة).
وفي رواية ابن
حبان في صحيحه أن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة فقالت: كان يستفتح إذا قام
من الليل يصلي يكبر عشرا، ثم يسبح عشرا، ثم يحمد عشراِ، ويهلل عشرا،
ويستغفر عشرا) الحديث.
قال أبو داود في تخريجه: رواه خالد بن معدان، عن
ربيعة الجرشي. قلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام
يصلي من الليل، أو بما كان يستفتح فقال: كان يكبر عشرا الحديث وأخرجه أبو
داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة وأوله سألتها ما كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل... الحديث، فهذه الأحاديث
عمد من جعل محل الذكر المذكور عند دعاء الإفتتاح وقبل القراءة، وأما ما
ذهب إليه الترمذي حيث أدخل حديث أنس في قصة أم سليم في باب صلاة التسبيح،
فقد تعقبه شيخنا في شرح الترمذي فقال: فيه نظر فإن المعروف أنه ورد في
الذكر في الدعاء كلاهما من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن حسين بن أبي
سفيان، عن أنس بن مالك قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا تطوعا،
فقال: يا أم سليم إذا صليت المكتوبة فقولي: سبحان الله عشرا، والحمد لله
عشرا، ولا إله إلا الله، والله أكبر عشرا، ثم سلي ما شئت فإنه يقول لك:
نعم، هذا لفظ الطبراني.
وفي رواية أبي يعلى (قولي: سبحان الله عشرا،
والحمد لله عشرا، والله أكبر عشرا فإنه يقول لك: نعم نعم).
وفي
الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أصحاب السنن الأربعة، وصححه ابن
حبان من رواية عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (خلّتان - خصلتان) لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل
الجنة، وهما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح الله أحدكم في دبر كل صلاة
عشرا، ويحمده عشرا، ويكبر عشرا فهن خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في
الميزان)، قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدهن بيديه.
وعن
علي
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة: كلمات
علمنيه جبريل عليه السلام تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا،
وتكبران عشرا، أخرجه أحمد بسند حسن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة
فقراء المهاجرين مع أهل الدثور ففي بعض طرقه عند البخاري فقال: تسبحون
عشرا، وتحمدون عشرا، وتكبرون عشرا بعد كل صلاة، أورده في كتاب الدعوات من
الصحيح، وفي الباب عن أم سليم أخرجه البزار، وعن أم مالك أخرجه الطبراني
وفي كل منهما أن الذكر المذكور يقال عقب الصلاة عشرا عشرا.
الفصل
الثاني
نتيجة فيما يستفاد منه للعمل
وهو المقصود بالسؤال
تحرر
من الذي ذكرته من طريق الترجيح لأن لا مدخل لذلك في القول قبل الدخول في
الصلاة أصلاً، وتحرر من الذي ذكرته من طريق الجمع أنه يشرع قبل الصلاة،
لكنه مخصوص بصلاة قيام الليل وهو منزل على الحالتين ذكرتهما من حال
المستحضر للذكر المذكور عند إرادة الدخول في صلاة الليل، ومن حال من نسي
ذلك فيستدركه في الإفتتاح، هذا الذي يقتضيه النظر فيما دل عليه اختلاف
ألفاظ هذا الحديث من حمل مطلقها على مقيدها، ورد مجملها إلى مبينها، وأما
تنزيله منزلة للذكر المذكور المشهور في قصة أهل الدثور وإجتماع المصلين
عليه قبل الشروع في الصلاة، كما يجتمعون عليه بعد الفراغ من الصلاة فلا
يحفظ ذلك عن صنع أحد من السلف لا عن الصحابة الأطهار، ولا من التابعين لهم
بإحسان وهم الأئمة الأبرار، ولا من جاء بعدهم من فقهاء الأمصار، ولا
المشايخ المقتدى بهم في الأعصار، فالأولى لمن أراد المواظبة على هذه
الأذكار أن يقولها في نفسه فأفضل الذكر ما يلحق بالسرائر انتهى.
قوله:
روى الإمام الشافعي في الأم بإسناده حديثا مرسلا إلى آخره.
قال
الحافظ: أخرجه في أواخر الاستسقاء عن من لا يتهم، عن عبد العزيز بن عثمان،
عن مكحول وهو مرسل أو معضل لأن جل رواية مكحول عن التابعين، وله شاهد
أخرجه سعيد بن منصور، عن عطاء مثله وهو مقطوع جيد له حكم المرسل، لأن مثله
لا يقال من قبل الرأي.
قوله: وجاء في الباب أحاديث أُخر منها حديث
عائشة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم
وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك) رواه أبو داود، والترمذي
بأسانيد ضعيفة.
قال الحافظ: ليس له عند هؤلاء الثلاثة سوى إسنادين أخرج
أحدهما أبو داود، والآخر عند الآخرين، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من
الطريق الأول وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وقال العراقي في مستخرجه على
المستدرك: رجاله ثقات، وأخرجه من الطريق الثاني شاهدا للأول.
وأخرجه
أيضا ابن خزيمة في صحيحه وله طرق أخرى عند عائشة ضعيفة ساقها البيهقي في
الخلافيات.
قوله: وضعفه أبو داود، والبيهقي وغيرهم.
قال
الحافظ: لم يصرح أبو داود بضعفه، وإنما أشار إلى غرابته فقال بعد تخريجه:
هذا الحديث ليس بالمشهور لم يروه إلا طلق بن غنام، عن عبد السلام.
وأما
الترمذي، والبيهقي فروياه من الطريق الثاني وضعفاه بحارثة بن محمد، وكذا
الدار قطني، ولو وقعت له الطريق الأولى لكان على شرط في الحسن.
قال:
وأما قوله: وغيرهم، فقد يوهم الاتفاق على تضعيفه وليس كذلك، بل هم مختلفون.
قوله:
ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي من رواية أبي
سعيد الخدري وضعفوه.
قال
الحافظ: لم أر عن واحد منهم التصريح بتضعيفه وهو حديث حسن، أما أبو داود
فأخرجه من طريق جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل الناجي، عن
أبي سعيد وقال: هم يقولون عن علي بن علي، عن الحسن الوهم فيه من جعفر.
وأما
الترمذي
فقال: حديث أبي سعيد أشهر شيء في هذا الباب، وبه يقول أكثر أهل
العلم، وقد تكلم بعضهم في سنده كان يحيى بن سعيد يتكلم عليه أصلا كعادته.
وأما
البيهقي
فحاصل كلامه في السنن الكبير، وفي الخلافيات أن حديث علي في وجهت
أرجح من هذا الحديث، لكون حديث علي مخرجا في الصحيح ولكون هذا وإن جاء من
طرق متعددة لكن لا يخلو سندها من مقال، وإن أفاد مجموعها القوة.
وهذا
أيضا حاصل كلام ابن خزيمة في صحيحه واشار إلى أن حديث أبي سعيد أرجح طرقه.
وقال
العقيلي
بعد أن أخرجه من طرق حارثة في ترجمته في الضعفاء: هذا الحديث روي
بأسانيد حسان غير هذا، وقد وثق علي بن علي يحيى بن معين، وأحمد، وأبو حاتم
وسائر رواته رواة الصحيح.
قوله: قال البيهقي وروى الاستفتاح (سبحانك
اللهم وبحمدك) عن ابن مسعود وعن أنس مرفوعا وكلها ضعيفة.
قال
البيهقي بعد ذكر حديث ابن مسعود: رواه ليث عن أبي عبيدة، عن أبيه، عن عبد
الله بن مسعود وليس بالقوي، وروي عن حميد، عن أنس مرفوعا ثم ساقه بسنده ،
ولم أر الكلام الأخير في كلامه.
وقد أخرج حديث ابن مسعود الطبراني في
الدعاء بسندين آخرين إليه، وأخرج رواية حميد عن أنس أبو يعلى والدار قطني.
وأخرجها
الطبراني
من وجه آخر عن حميد ومن وجه ثالث عن أنس، وأخرجه في المعجم
الكبير من حديث واثلة بن الأسقع، ومن حديث الحكم بن عمير، ومن حديث محمد
بن المنكدر وأخرجه البيهقي بسند جيد عن جابر بن عبد الله، وأخرجه الدار
قطني عن عمر موقوفا ومرفوعا، وصححه ابن الجوزي في التحقيق.
قوله:
وروينا في سنن البيهقي عن الحارث عن علي إلى قوله: وهو حديث ضعيف، فإن
الحارث الأعور متفق على ضعفه وكان الشعبي يقول: الحارث كذاب.
قال
البيهقي: ذكره الشافعي عن هشيم بلا رواية لكن قال: عن أبي خليل بدل الحارث،
قال: فيحتمل أن يكون لأبي إسحاق فيه شيخان.
قال
الحافظ: وعلى هذا الاحتمال فيكون صحيحا، ويقوي ذلك أن الرواية الصحيحة
الماضية عن علي بطولها تشمل على ألفاظ هذا الطريق وليس فيه إلا الاختصار
وتأخير وجهت.
قال: وأما قول المصنف أن الحارث متفق على ضعفه فهو متعقب،
فقد وثقه يحيى بن معين في سؤلات الدارمي، وفي تاريخ عباس الدوري وأما ما
نقله عن الشعبي فقد أوضح أحمد بن صالح المصري سبب ذلك.
قال ابن شاهي في
كتاب الثقات: قال أحمد بن صالح: الحارث صاحب علي ثقة، ما أحفظه وما أحسن
ما روى عن علي، قيل له: فما يقول الشعبي فيه؟ قال: لم يكذب في حديثه وإنما
يكذب في روايته. انتهى.
وأبدى الذهبي ذلك احتمالا والمراد بالرأي
المذكور التشيع وبسببه ضعفه الجمهور.
قوله: وفي الصحيحين عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب).
قال
الحافظ: لم أره بهذا اللفظ في الصحيحين ولا في أحدهما، والذي فيهما حديث
عبادة بن الصامت بلفظ (لا صلاة لمن لم يقرا بفاتحة الكتاب).
قوله: (هذا
حديث صحيح رواه أبو داود، والنسائي في سننهما والترمذي في كتاب الشمائل
بأسانيد صحيحة.
قال الحافظ: فيه نظر من وجهين أحدهما: الحكم بالصحة فإن
عاصم بن حميد ليس من رجال الصحيحين وهو صدوق، مقل.
الثاني:
أنه ليس له في هذه الكتب الثلاثة طرق إلا واحدة فمداره عندهم على معاوية
بن صالح، عن عمرو بن قيس عن عاصم بن حميد، عن عوف بن مالك فليس له ثم
أسانيد صحيحة بل ولا دونها، ومعاوية بن صلاح وإن كان من رجال مسلم مختلف
فيه، فغاية ما يوصف به أن يعد ما ينفرد به حسنا، وتعدد الطرق إليه لا
يستلزم مع تفرده تعدد الأسانيد للحديث.
قوله: ولا خلاف أنه لا يأتي
بتكبيرتين في هذا الموضع يقع في نفسي الخلاف للرافعي، وقد قال الشيخ تاج
الدين ابن الفركاح في الإقليد في بعض التعاليق: إنه يكبر تكبيرة يفرغ منها
في الجلوس ثم يبتدىْ أخرى للنهوض، قال: وهذا وجه غريب أنكره الرافعي وقال:
لا خلاف فيه، وقال ولده الشيخ برهان الدين في تعليقه على التنبيه: إن هذا
الوجه متجه قوي وينبغي أن يكون هو الراجح لحديث (كان يكبر في كل خفض ورفع).
قوله:
ولا يستحب أن يقول معه وبركاته إلى آخره.
قال الحافظ ابن حجر: قد وردت
عدة طرق ثبت فيها وبركاته بخلاف بما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة.
قال
الأذرعي
في المتوسط: المختار استحبابها في التسليمتين، فقد قال في شرح
المهذب: إن حديث أبي داود إسناده صحيح، ثبت ذلك أيضا من حديث ابن مسعود
رواه ابن ماجه في سننه، وابن حبان في صحيحه.
قال: والعجب من الشيخ مع
شدة ورعه كيف يصوب تركه مع ثبوت السّنة، وحكمه بصحة إسناد الحديث الأول،
وزيادة الثقة مقبولة عند الفقهاء، وقد استحسنها أيضا (ابن عبد البر) في
الإستذكار وغيره من المتقدمين من أصحابنا، ويؤيده إثباتها في التشهد وفاقا
انتهى.
واختار الشيخ تقي الدين السبكي أيضا استحبابها في التسليمتين وله
في ذلك تأليف.
وقال الكمال الدميري في شرح المنهاج: حديث إثباتها صحيح
فلا يحسن قوله في شرح المهذب أن الصحيح أو الصواب خلافه.
وقال الغزي في
شرح المنهاج: ثبت في رواية أبي داود زيادة وبركاته في التسليمة الأولى
فيتعين العمل بها.
وقال
الشيخ ولي الدين العراقي في شرح سنن أبي داود: وقد ذكر النووي في الخلاصة
أن حديث أبي داود إسناده صحيح والموجود في أصولنا من سنن أبي داود ذكرها
في التسليمة الأولى دون الثانية وعزاه جماعة إليه بذكرها في التسليمتين،
ووردت أيضا من حديث زيد بن أرقم عند الطبراني في الكبير.
قوله: (أيعجز
أحدكم أن يكون كأبي ضمضم).
قال الحافظ: في بعض طرقه أنه كان قبلكم
وزعم ابن عبد البر أنه صحابي وذكره في الاستيعاب.
قوله:
ومن البدع المنكرة ما يفعله كثيرون من جهلة المصلين بالناس بالتراويح من
قراءة سورة الأنعام في الركعة الأخيرة منها في الليلة السابعة معتقدين
أنها مستحبة، زاعمين أنها نزلت جملة واحدة.
قال الحافظ: ورد أنها نزلت
جملة واحدة في عد أحاديث فأخرجه أبو عبيد في فضائله، وابن المنذر،
والطبراني عن ابن عباس بسند حسن، وأخرجه الطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم
في الحيلة بسند ضعيف عن ابن عمر، وأخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود بسند
ضعيف، وأخرجه الدار قطني في الأفراد والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن
أنس بن مالك بسند حسن.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده، والطبراني عن
أسماء بنت يزيد بسند حسن، وأخرجه الحاكم في المستدرك عن جابر وقال: صحيح
على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي فقال: أظن الحديث موضوعا، وليس كما ظن لما
قدمته من شواهده.
وفي الباب غير هذا من الواهيات ضعفا وانقطاعا، وفيما
ذكرته كفاية ودلالة على أن لذلك أصلا. انتهى.
قلت: وقد استوفيت جميع ما
ورد في التفسير المأثور.
قوله: يجوز أن يقال سورة البقرة إلى قوله وقال
بعض أهل السلف يكره ذلك.
قال
الحافظ: مستند هذا القائل ورود النهي عن ذلك في حديث (لا تقولوا سورة
البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، ولكن قولوا السورة التي يذكر
فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها
النساء) أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس.
والجمع بينه وبين حديث
من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة يمكن بأن يكون هذا البيان للجواز وصرف
النهي عن التحريم ولا سيما إذا قلنا بما قال الشيخ: إنه يعمل في الفضائل
بالحديث الضعيف.
قوله: وعن أبي نصر التمار، عن محمد بن النضر قال: قال
آدم عليه السلام: يا رب تشغلني بكسب يدي الخ..
قال ابن الصلاح في مشكل
الوسيط: هذا حديث ضعيف منقطع الإسناد.
وقال
الحافظ: رجال إسناده إلى محمد بن النضر ثقات لكن محمد بن النضر لم يكن
صاحب حديث، ولم يجىء عنه شيء مسند، وقد روى عنه من كلامه جماعة منهم عبد
الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة،
وابو أسامة حماد بن أسامة وقال: كان من أعبد أهل الكوفة، وأبو نصر التمار
راوي هذا الأثر عنه واسمه عبد الملك بن عبد العزيز، ووهم من زعم أنه داود
بن أبي صالح ذاك شيخ قديم مدني، وروى محمد بن النضر هذا عن الأزواعي
حديثين موقوفين بغير سند من الأوزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ويستفاد من هذا معرفة طبقته، وأن شيوخه من أتباع التابعين ولعله بلغه هذا
الأثر عن بعض الإسرائيليات.
قوله: وروينا في سنن أبي داود، والنسائي،
وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة، عن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة).
قال الحافظ: في قوله بالأسانيد
الصحيحة نظر لأنه يوهم أن للحديث في السنن الثلاثة طرقا إلى أوس بن أوس
وليس كذلك، فإن مداره عندهم وعند غيرهم على حسين بن علي الجعفي، تفرد به
عن شيخه وكذا من فوقه عن من فوقه وكأنه قصد بالأسانيد شيوخهم خاصة.
قوله:
وأما
ما قاله بعض أصحابنا وابن زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي
(وارحم محمدا وآل محمد) فهذا بدعة لا أصل لها، وقد بالغ الإمام أبو بكر بن
العربي المالكي في كتاب شرح الترمذي في إنكار ذلك وتخطئة ابن أبي زيد في
ذلك.
هذه مسألة مهمة: وتكلم الناس فيها وأنا أسوق كلامهم فيها ليستفاد،
قال الإمام أبو الخطاب بن دحية في كتاب (التنوير في كلام السراج المنير):
قالوا: إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من أمته انبغى له أن
يصلي عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مرة صلى الله عليه
عشرا)، ولا يجوز أن يتراحم عليه لأنه لم يقل من تراحم علي ولا من دعا لي،
وإن كانت الصلاة بمعنى الرحمة فكأنه خص بهذا اللفظ تعظيما له، قال الله
تعالى: (إِنّ اللَهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلونَ عَلى النَبي يا أَيُها
الَّذَينَ آَمَنَوا صَلّوا عَليهِ وَسَلِموا تَسليماً) ولم يقل إن الله
وملائكته يترحمون على النبي وإن كان المعنى واحد انتهى.
وقال
الرافعي في " الشرح الكبير " قال الصيدلاني: ومن الناس من يزيد وارحم
محمدا وآل محمد كما رحمت على إبراهيم، وربما يقولون كما ترحمت على
إبراهيم، قال: وهذا لم يرد في الخبر وهو غير فصيح فإنه لا يقال رحمت عليه
وإنما يقال رحمته، وإنما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع فلا يحسن إطلاقه
في حق الله تعالى.
ونقل الأذرعي في التوسط مثل ذلك عن القفال،
والروياني، وقال الزركشي في الخادم: قال النووي في شرح مسلم: المختار أنه
لا يذكر الرحمة لأنه عليه الصلاة والسلام علمهم الصلاة بدونها وإن كان
الدعاء والرحمة فلا تفرد بالذكر.
وكذا قال القاضي عياض وغيره، وممن نص
على إطلاق منع الرحمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم على الانفراد الحافظ
أبو عمر ابن عبد البر، وأبو القاسم الأنصاري شارح الإرشاد، والقاضي عياض
في الإكمال، ونقله عن الجمهور.
وقال الحافظ زين الدين أبو الفضل
العراقي في شرح الترمذي: اختلف في جواز ذلك أو مشروعيته فمنع أبو عمر ابن
عبد البر الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وذهب أبو محمد بن أبي زيد من
المالكية إلى استحباب الإتيان في الصلاة عليه بالترحم، وكذلك اختلف أصحاب
الشافعي أيضا في ذلك فحكى الرافعي عن أبي بكر الصيدلاني وذكر ما تقدم،، ثم
قال: وقوله: إنه لم يرد في الخبر ليس بجيد رد لكنه لم يصح، ويجوز أن يقال
في الضعيف ورد وهو ما رواه أحمد في المسند من رواية أبي داود الأعمى، عن
بريدة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟
قال: (قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد،
كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد) وأبو داود الأعمى ابن نفيع ضعيف
جدا، وأقصى منهم بوضع الحديث، وروى التيميى في مسلسلاته، والقاضي عياض في
الشفا من طريق حرب بن الحسن الطحان، عن يحيى بن المساور، عن عمر بن خالد،
عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: عدهن
في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عدهن في يدي جبريل وقال: هكذا
نزلت من عند رب العزة اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وترحم على محمد وعلى آل
محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وتحنن
على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال العراقي: وعمرو ويحيى كل منهما غير ثقة،
وإلإسناد ضعيف جدا عمرو بن خالد الكوفي كذاب وضاع ويحيى بن المساور كذبه
الأزدي أيضا وحرب بن الحسن الطحان أورده الأزدي في الضعفاء قال: وليس
حديثه بذاك.
ثم قال العراقي: وفي إنكار جواز الدعاء له بالرحمة نظر فقد
ثبت في التشهد (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله) ففي هذا الدعاء له
بالرحمة، وقد ثبت في الصحيح في قصة الأعرابي (اللهم ارحمني ومحمدا) ومن
أنكر افتيان بهذا اللفظ في التشهد فليس مدركه في ذلك أن الدعاء به له
ممتنع، فقد قال ابن العربي عقبه: ويجوز أن يترحم عليه في كل وقت، وإنما
مدركه أن هذا باب اتباع وتعبد فيقتصر فيه على المنصوص وتكون الزيادة فيه
بدعة، لأنه إحداث عبادة في محل مخصوص لم يرد بها نص، وابن أبي زيد لم يقل
هذا من عند نفسه من غير دليل ورد يجابه، وإنما قاله اتباعا لأحاديث وردت
فيه وإن كانت لم تصح، فلعل ابن أبي زيد رأى هذا من فضائل الأعمال التي
يتساهل فيها في الحديث الضعيف لاندراجه في العمومات، ويكون صح عنده بعضها.
فقد روى الحاكم في مستدركه وصححه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: (إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم إنك
حميد مجيد) فهذا أصح ما ورد في ذكر الرحمة في التشهد.
وقد قال القاضي
عياض في الشفا: ذهب أبو عمر ابن عبد البر وغيره إلى أنه لا يدعى له
بالرحمة وإنما يدعى له بالصلاة والبركة التي تختص به، ويدعى لغيره بالرحمة
والمغفرة ثم نقل عن أبي بكر القشيري قال: الصلاة من الله تعالى لمن دون
النبي صلى الله عليه وسلم وله تشريف وزيادة مكرمة.
فإذا عرفنا
الخلاف في ذلك فسواء فسرنا الصلاة من الله بالرحمة، أو المغفرة، أو الثناء
عليه عند الملائكة، أو التعظيم، أو الشريف، وزيادة المكرمة لو أتينا عقب
التشهد في الصلاة بأحد هذه الألفاظ لم يتم مقام الصلاة، ولم يسقط بذلك
فرضها ولا حصلت سنتها عند من يراها سنة للتعبد بهذا اللفظ دون غيره من
الألفاظ، وباب العبادات يتلقى من الشارع على حسب ما ورد من غير رواية
بالمعنى، ولا زيادة ولا نقص، وهذا مدرك ابن العربي وغيره في إنكار لفظ
الرحمة في هذا المحل الخاص مع نقل ابن العربي عن علمائهم أن الصلاة من
الله الرحمة، فإن أتى بلفظ الرحمة بدل الصلاة فهذا يمنع اتفاقا عند القائل
به، ولعله أرجح لضعف الأحاديث في ذلك انتهى.
وقال الشيخ بدر الدين بن
الدماميني في كتاب (حسن الاقتصاص فيما يتعلق بالاختصاص) ومن خصائصه صلى
الله عليه وسلم أنه لا يدعى له بالرحمة، وإنما يدعى له بالصلاة والبركة
التي يختص بها، ويدعى لغيره بالرحمة والمغفرة، كذا قال ابن عبد البر وعد
ذلك من خصائصه، قال: وقد رويت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من طرق
متواترة بألفاظ متقاربة، وليس في شيْ منها وارحم محمدا وآل محمد، وإنما
فيها لفظ الصلاة والبركة لا غير، ولا أحب لأحد أن يقول وارحم محمدا،
والصلاة وإن كانت من الله الرحمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم خص بهذا
اللفظ.
قال الدماميني: وقد ذكر ابن أبي زيد في رسالته في الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارحم محمدا وآل محمد، وحجته ما ثبت في
التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فلا معنى لإنكار الدعاء
له بالرحمة بعد تعليمه إيانا الدعاء بها له).
قال الحافظ ابن حجر في
أماليه: قد سبق إلى إنكار ذلك من الفقهاء الشافعية الصيدلاني، وحكاه عنه
الرافعي ولم يتعقبه، ومن المحدثين المالكية أبو عمر ابن عبد البر في
الإستذكار وليس بجيد منهم فإنها وردت من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن
مسعود، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث بريدة، فحديث أبي هريرة وأخرجه
البخاري في الأدب المفرد بسنده عنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قال:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم شهدت
له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له).
وحديث ابن عباس بأخرجه ابو جعفر
الطبري بسند ضعيف عنه قال: قالوا يا رسول الله قد علمتنا السلام عليك فكيف
الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلى على محمد وآل محمد، كما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت
على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وحديث ابن مسعود وبريدة مرا،
وروى أبو بكر بن أبي عاصم بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله
أمرنا الله بالصلاة عليك؟ قال: (قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد،
كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وارحم محمد وآل محمد كما رحمت على
إبراهيم والسلام كما قد علمتم).
وروى ابن ماجه وغيره بسند حسن عن ابن
مسعود قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة فإنكم
لا تدرون لعل ذلك يفرض عليه، قالوا له: فعلمنا قال: قولوا اللهم اجعل
فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين الحديث، ورواه بعضهم عن ابن
مسعود مرفوعا.
وروى أبو القاسم البغوي في فوائده عن ثوير مولى بني هاشم
قال: قلت لابن عمير: كيف الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
اللهم اجعل فذكر نحوه.
فهذه الأحاديث يشهد بعضها بعضا، وأقواها أولها،
ويدل مجموعها على أن للزيادة أصلا، وأما حديث علي عدهن في يدي فاعتقادي
أنه موضوع انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
وأقول: الذي دلت عليه هذه
الأحاديث جواز الدعاء له بالرحمة على سبيل التبعية لذكر الصلاة والسلام
كما في سلام التشهد على وجه الإطناب والحكاية، وأما على وجه الأفراد كأن
يقال: قال النبي رحمه الله فلا شك في منعه وهو خلاف الأدب وخلاف المأمور
به عند ذكره من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا ورد ما يدل عليه
البتة، ورب شيْ يجوز تبعا ولا يجوز استقلالا، ونظيره هنا الصلاة على غير
الأنبياء فإنها تجوز على وجه التبعية لهم، وتمتنع على وجه الاستقلال والله
أعلم.
قوله: والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وتحية
المسجد وغيرها من النوافل.
قال
الحافظ زين الدين العراقي في شرح سنن الترمذي: هكذا أطلق النووي حصولها من
غير تقييد بكونه ينوي بتلك الاستخارة بعدها، وفيه نظر لأنه صلى الله عليه
وسلم إنما أمره بذلك بعد حصول الهم بالأمر، فإذا صلى راتبه أو تحية المسجد
ثم هم بأمر بعد الصلاة أو في أثناء الصلاة فالظاهر أنه لا يحصل بذلك
الإتيان بالصلاة المسنونة عند الاستخارة، وبدا له بعد الصلاة الإتيان
بدعاْ الاستخارة فالظاهر حصول ذلك، وقد يقال إن لم ينو بالركعتين
الاستخارة بعدها تحصل سنتها بذلك، فإن نواهما معا التحية والاستخارة حصلتا
لأن التحية تحصل بشغل التبعية ولو بفريضة، وإن نوى الراتبة سنة الصلاة
وسنة الاستخارة فيحتمل حصولهما، ويحتمل أن لا يحصلا له ما قوى الحاصل عليه
في الإتيان شك من سنة الصلاة أو الاستخارة انتهى.
قوله: ويقرأ في الركعة
الأولى بعد الفاتحة (قُل يا أَيُها الكافِرون) وفي الثانية (قُل هُوَ
اللَهُ أَحد).
قال
العراقي: سبقه إلى ذلك الغزالي في الإحياء ولم أجد في شيء من كتب أحاديث
الاستخارة تعيين ما يقرأ فيهما ولكنه مناسب لأنهما سورنا الإخلاص فيناسب
الإتيان بهما في صلاة المراد منها خلاص الرغبة، وصدق التفويض، وإظهار
العجز بالتبري من العلم والقدرة والحول والقوة، وإن قرأ بعد الفاتحة ما
يناسب الاستخارة فحسن قوله تعالى: (وَرَبّك يَخلُق ما يَشاءُ وَيختار ما
كانَ لَهُم الخِيَرَة) الآية وقوله تعالى: (وَما كانَ لِمؤمِنٍ وَلا
مُؤمِنَةٍ إِذا قَضى اللَهُ وَرَسولُهُ أَمراً أَن تَكونَ لَهُم
الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم) الآية انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: قرأت في
كتاب جمعه الحافظ أبو المحاسن عبد الرزاق العبسي فيما يقرأ في الصلوات أن
الإمام أبو عثمان الصابوني ذكر في أماليه، عن أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين، عن أبيه زين العابدين أنه كان يقرأ في ركعتي الاستخارة بسورة
الرحمن وسورة الحشر، قال الصابوني: وأنا أقرأ فيهما (سَبِح اسمِ رَبِكًَ
الأَعلى) لأن فيها ( وَنُيسِرُكَ لِليُسرى) وفي الثانية (وَاللَيلِ إِذا
يَغشى) لأن فيها (فَسَنُيَسِرُهُ لِليُسرى)، قال العبسي: وحكى شيخنا طريف
بن محمد الجبري عن بعض السلف أنه كان يقرأ في الأولى (وَرَبُكَ يَخلُق ما
يَشاءُ وَيَختار) إلى قوله: (لَه الحُكمُ وَإِليهِ تُرجَعون)، وفي الثانية
(وَما كانَ لِمؤمِنٍ وَلا مُؤمِنةٍ) إلى قوله: (وَكانَ أَمرُ اللَهِ
قَدراً مَقدوراً).
قوله: وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره.
قال
العراقي:
كأنه أخذه من حديث أنس الذي ذكره بعده وهو حديث ضعيف جدا فلا حجة
فيه، وقد خالفه الشيخ عز الدين بن عبد السلام فقال: إنه يفعل بعد
الاستخارة ما أراد، وإنما يقع به الاستخارة فهو الخيرة، وقد يستدل لما
قاله الشيخ عز الدين بما في حديث ابن مسعود عند الطبراني فإنه قال بعد ذكر
دعاء الاستخارة: ثم يعزم أي على ما استخار عليه، وهو حديث ضعيف إلا أن
راويه ضعيف لم يتهم بالوضع فهو أصلح من راوي حديث أنس.
قال: وإذا قلنا
بما ذكره النووي من أنه يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له فلا ينبغي أن
يعتمد على انشراح كان له فيه هوىً قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك
استخارة رأيا، وإلا فلا يكون مستخيرا بل يكون مستخيرا لهواه، ويكون غير
صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى،
فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن هواه ومن اختياره لنفسه، ولذلك
وقع في آخر حديث أبي سعيد بعد دعاء الاستخارة (لا حول ولا قوة إلا بالله)
وهو حديث صحيح فمن لم يكن حاله في الاستخارة ترك هواه واختياره لنفسه لم
يكن مستخيرا لله، بل هو تابع لهواه انتهى.
قوله: إسناده غريب فيه من لا
نعرفهم.
قال
العراقي: هم معروفون لكن فيهم من هو معروف بالضعف الشديد، وهو إبراهيم بن
البراء فقد ذكره في الضعفاء ابن عدي، وابن حبان وغيرهم، وقالوا: إنه كان
يحدّث بالأباطيل عن الثقات، زاد ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح
فيه. قال الحافظ ابن حجر: والراوي عنه في هذا السند عبيد الله بن الموصل
الحميري لم أقف على ترجمة، والراوي عن عبيد الله أبو العباس بن قتيبة اسمه
محمد بن الحسن، وهو ابن أخي بكار بن قتيبة قاضي مصر وكان ثقة أكثر عنه ابن
حبان في صحيحه.
قوله: وروينا في صحيح البخاري عن القاسم بن محمد قال:
قالت عائشة: وارأساه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه)
وذكر الحديث، وهذا الحديث بهذا اللفظ مرسل.
قال الحافظ ابن حجر: يريد
أن القاسم ساق قصة ما أدركها ولا أن عائشة أخبرته بها، لكن اعتمد البخاري
على شهرة القاسم بصحبة عمته وكثرة روايته عنها، وهي التي تولت تربيته بعد
أبيه حتى ماتت، وقد قال ابن عبد البر: العبرة باللقاء والمجالسة وعدم
التدليس لا بالألفاظ يعني في الاتصال.
قوله: وروينا في سنن ابن ماجه،
وكتاب ابن السني بإسناد صحيح أو حسن عن ميمون بن مهران، عن عمر بن الخطاب
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت على مريض فمره فليدع لك
فإن دعاءه كدعاء الملائكة) لكن ميمون لم يدرك عمر.
قال الحافظ ابن حجر:
فلا يكون صحيحا ولو اعتضد لكان حسنا لكن لم نجد له شاهدا يصلح للاعتبار
فقد جاء من حديث أنس ومن حديث أبي أمامة ومن حديث جابر وفي سند كل منهما
من نسب إلى الكذب.
قال: ثم وجدت في سند ميمون عليه خفية تمنع من الحكم
بصحته وحسنه، وذلك أن ابن ماجه أخرجه عن جعفر بن مسافر وهو شيخ وسط، قال
فيه أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: صالح، وقال ابن حبان في الثقات: يخطىء
رواه عن كثير بن هشام، وهو ثقة من رجال مسلم عن جعفر بن برقان بضم الموحدة
وهو من رجال مسلم أيضا، لكنه مختلف فيه، والراجح أنه ضعيف في الزهري خاصة،
وهذا من حديثه عن غير الزهري وهو ميمون بن مهران.
أخرجه ابن السني من
طريق الحسن بن عرفة وهو أقوى من جعفر بن مسافر، عن كثير بن هشام فأدخل بين
كثير وجعفر بن برقان عيسى بن إبراهيم الهاشمي وهو ضعيف جدا نسبوه إلى
الوضع، فهذه علة قادحة تمنع من الحكم بصحته لو كان متصلا، وكذا بحسنه.
قوله:
واختار الإمام الشافعي دعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث وغيرها.
قال
الحافظ ابن حجر: أكثره من غيرها وبعضه موقوف على صحابي أو تابعي وبعضه ما
رأيته منقولا فقوله (اللهم إن هذا عبدك وابن عبدك) وقع في أثر عن إبراهيم
النخعي، عن سعيد بن منصور، وفي حديث يزيد بن ركانة عند الطبراني (اللهم
عبدك وابن أمتك) وفي حديث الحارث عنده (اللهم عبدك فلان).
وقوله: (خرج
من روح الدنيا) إلى قوله (لافيه).
لم أره منقولا وفي أثر عن عمر عند ابن
أبي شيبة (تخلى من الدنيا وتركها لأهلها).
وقوله (كان يشهد) إلى قوله:
(أعلم به).
وقع
في حديث أبي هريرة موقوفا عند مالك، مرفوعا عند أبي يعلى وابن حبان في
صحيحه ووقع في حديث الحارث (لا نعم إلا خيرا وأنت أعلم به).
وقوله:
(اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به).
لم أره منقولا في دعاء الجنازة
بل في القول عند التدلية.
وقوله: (أصبح فقيرا) إلى قوله (عذابه).
وقع
في حديث يزيد بن ركانة نحوه (احتاج إلى رحمتك) والباقي سواء، وفي أثر عمر
(افتقر إليك وأنت مستغن عنه).
وقوله: وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له.
بعضه
في حديث واثلة (المذكور آنفا، وفي حديث أبي هريرة( عند أبي داود، وابن
ماجه.
وقوله: (اللهم إن كان محسنا) إلى قوله (فتجاوز عنه).
وقع في
حديث أبي هريرة مرفوعا وموقوفا، وفي حديث يزيد بن ركانة.
وقوله: (ولقه
برحمتك رضاك).
لم أره منقولا في دعاء الجنازة ولا في القول عند التدلية
أيضا.
وقوله: (وقه فتنة القبر وعذابه).
وقع في حديث عوف بن مالك عند
مسلم.
وقوله: (وافتح له في قبره) إلى قوله: (جنبيه).
لم
أره منقولا بهذا اللفظ وفي أثر مجاهد عند عبد الرزاق (ووسع عن جسده الأرض)
ثم وجدت عن أنس أنه دفن ابنا له فقال: (اللهم جاف الأرض عن جسده وافتح
أبواب السماء لروحه) أخرجه الطبراني وفي مسند الحارث من وجه آخر عن أنس:
(اللهم جاف الأرض عن جنبيه ووسع عليه حفرته).
وقوله: (ولقه برحمتك) إلخ
لم أره منقولا.
قوله: وقصة أبي رغال الذي كان يسرق الحاج بمحجنه.
قال
الحافظ ابن حجر: كذا وقع في عدة نسخ من الأذكار ولم أر في شيء من الروايات
وصف أبي رغال بذلك، ولعلها كانت (والذي) فسقطت واو العطف فأما قصة أبي
رغال وهو بكسر الراء وتخفيف الغين المعجمة وآخره لام فأخرج أحمد عن جابر
قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: (لا تسئلوا الآيات
فقد سألها قوم صالح، فكانت يعين الناقة ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا
الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فأخذتهم صحية، أهمد الله بها من كان تحت
أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في الحرم، فلما خرج منه أصابه ما
أصاب قومه قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: أبو رغال.
وأما قصة الذي
كان يسرق الحاج بمحجنه فأخرجها مسلم من حديث جابر في صلاة الكسوف ولفظه:
(حتى رأيت فيها صاحب المحجن، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن له قال:
إنما تعلق بمحجني، وإذا غفل عنه ذهب به).
قوله: باب إذكار التسبيح الخ.
قال
الأسنوي
في المهمات: اختلف كلام النووي في استحباب صلاة التسبيح وفي صحة
الحديث الوارد فيها، فقال في شرح المهذب: قال القاضي الحسين، وصاحبا
التهذيب، والتتمة، والروياني (يستحب للحديث الوارد فيها) وفي هذا
الاستحباب نظر لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف فينبغي
أن لا يفعل لغير حديث صحيح، وليس حديثها بثابت، وذكر في التحقيق مثله،
فقال: وحديثها ضعيف، وخالف في تهذيب الأسماء واللغات فقال: (وأما صلاة
التسبيح المعروفة فسميت بذلك لكثرة التسبيح فيها بخلاف العادة في غيرها،
وقد جاء فيها حديث حسن في كتاب الترمذي وغيره، وذكرها المحاملي وصاحب
التتمة وغيرهما من اصحابنا وهي سنة حسنة هذا لفظه، وقال ابن الصلاح: إنها
سنة وإن حديثها حسن وله طرق يعضد بعضها بعضا، فيعمل به سيما في العبادات،
انتهى ما في المهمات.
وكما اختلف فيها كلام النووي كذلك اختلف فيها
كلام الحافظ ابن حجر فحسن حديثها في كتاب الخصال المكفرة، و في أماليه
طرفه في تسعة مجالس، وأفردها تصنيفا، وضعفه في تخريج أحاديث الرافعي
والواجب لهذا الاختلاف ما أشار إليه الحافظ الذهبي حيث قال في الموقظة:
الحسن ما قصر سنده قليلا عن رتبة الصحيح، ثم لا تطمع أن للحسن قاعدة تندرج
كل الأحاديث الحسان فيها فإنا على إياس من ذلك، فكم من حديث قد تردد فيه
الحفاظ هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح؟ قيل: الحافظ الواحد يتغير إجتهاده في
الحديث الواحد، فيوما يصفه بالصحة، ويوما يصفه بالحسن، ويوما يستضعفه وهذا
حق فإن الحديث الحسن يستضعفه الحفاظ عن أن يرقيه إلى رتبة الصحيح، فبهذا
الإعتبار فيه ضعف ما، ولو انفك عن ذلك وصح لصح باتفاق.
قوله: وذكر أبو
الفرج ابن الجوزي أحاديث صلاة التسبيح وطرقها، ثم ضعفها كلها وبين ضعفها في
كتابه الموضوعات.
قلت: قد رد الأئمة والحفاظ على ابن الجوزي في ذلك وقد
سقت كلامهم في كتاب المصنوعة.
قال الحافظ ابن حجر في كتاب الخصال
المكفرة: قد أساء ابن الجوزي بذكره إياه في الموضوعات.
وقال
في أماليه: وردت صلاة التسبيح من حديث عبد الله بن عباس وأخيه الفضل
وأبيهما العباس، وعبد الله بن عمر، وأبي رافع، وعلي بن أبي طالب، وأخيه
جعفر، وابنه عبد الله بن جعفر، وأم سلمة، والأنصاري غير مسمى، وقد صححه
ابن خزيمة، والحاكم، وابن مندة، وألف فيه كتابا، والآجري، والخطيب، وأبو
سعيد السمعاني، وأبو موسى المديني، والديلمي، وأبو الحسن بن المفضل، وابن
الصلاح، والمنذري، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات، والسبكي وآخرون
انتهى.
وقال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي: غلط ابن الجوزي بلا شك
في إخراج حديث صلاة التسبيح في الموضوعات، وهو صحيح وليس بضعيف فضلا عن أن
يكون موضوعا، وابن الجوزي يتساهل في الحكم بالوضع انتهى.
هذا
الحديث أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري المعروف بابن
السني في كتاب عمل اليوم والليلة له فقال: (باب ما يقول إذا قام إلى
الصلاة) فلم يتصرف في لفظ الخبر كما تصرف الشيخ محيى الدين، ثم ساق من
طريق علي بن عياش، عن عطاف بن خالد، عن زيد بن أسلم، عن أم رافع أنها
قالت: فذكره، وقال في آخره: قد غفرت لك، بدل قوله: قد فعلت، نقل نسخة
اختلفت.
وفي هذا السند علتان إحداهما: أن بين بن أسلم، وأم رافع واسطة
كما سأبينه فهو منقطع.
والثانية: أن عطاف بن خالد مختلف في توثيقه
وتخريجه.
وأما
سائر رواته فهم من رجال الصحيح، وعطاف بفتح العين المهملة، وتشديد الطاء
المهملة أيضا وآخره فاء هو مخزومي مدني قال فيه مالك وهو ممن عاصره لما
بلغه أنه يحدث: ليس هو من أهل الثقات انتهى.
وهذه العبارة يؤخذ منها
أنها يروى حديثه ولا يحتج به لما لا يخفى من الكتابة المذكورة.
وحاصل
نظر أهل النقد فيه أنه يكتب حديثه ولا يحتج بما ينفرد به، وقد خولف في سند
هذا الحديث وفي سياق متنه، أما السند فأخرجه أبو عبد الله بن مندة في كتاب
معرفة الصحابة من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبيد الله
بالتصغير ابن وهب، عن أم رافع فزاد فيه رجلا ولا بد منه، وأما المتن فوقع
في رواية هشام أيضا أن أم رافع قالت: يا رسول الله أخبرني بشىء أفتتح به
صلاتي؟ قال: إذا قمت إلى الصلاة فقولي: الله أكبر عشرا فإنك كلما قلت قال
الله عزوجل: هذا لي، ثم قولي سبحانه الله وبحمده عشرا فإنك إذا قلت قال
الله: هذا لي، واحمدي الله عشرا فإنك إذا قلت قال الله: هذا لي، واستغفري
الله عشرا فإنك إذا قلت ذلك قال الله: قد غفرت لك. فزاد في المتن ألفاظا:
منها مطابقة الجواب لسؤالها، ومنها الترتيب في الكلمات المذكورة، ومنها
زيادة (وبحمده).
وقد وجدناه من رواية راو ثالث وهو بكير بن مسمار،
فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من طريقه عن زيد بن أسلم فوافق عطافا في
حذف الواسطة. واختصر المتن ولفظه أنها قالت: يا رسول الله أخبرني بكلمات
ولا تكثر علي فقال: قولي الله أكبر عشر مرار يقول الله: هذا لي، وقولي:
سبحانه الله عشرا مرار يقول الله: هذا لي، وقولي اللهم اغفر لي يقول: قد
فعلت فتقولين عشر مرار، ويقول قد فعلت. هكذا اقتصر فيه على التكبير
والتسبيح فقط، وأطلق محل القول ويكبر، وكذا هشام بن سعد من رجال مسلم،
والذي يقتضيه النظر ترجيح رواية هشام لما اشتملت عليه روايته من تحرير
سياق في السند والمتن معا.
وقد جاء نحو هذه القصة عن أم سليم الأنصارية
وهي والدة أنس بن مالك أخرجه الترمذي، من رواية عبد الله بن المبارك، عن
عكرمة بن عمار، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، أن
أم سليم غدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله علمني
كلمات أقولهن في صلاتي فقال: كبري الله عشرا، وسبحي عشرا، واحمديه عشرا ثم
سلي الله يقول: نعم نعم.
وأخرجه النسائي من طريق وكيع، عن عكرمة بن
عمار ولفظه (علمني كلمات أدعو بهن في صلاتي، قال: سبحي الله عشرا، واحمديه
عشرا، وكبريه عشرا، ثم سلي حاجتك يقول: نعم نعم).
الحديث أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري المعروف بابن
السني في كتاب عمل اليوم والليلة له فقال: (باب ما يقول إذا قام إلى
الصلاة) فلم يتصرف في لفظ الخبر كما تصرف الشيخ محيى الدين، ثم ساق من
طريق علي بن عياش، عن عطاف بن خالد، عن زيد بن أسلم، عن أم رافع أنها
قالت: فذكره، وقال في آخره: قد غفرت لك، بدل قوله: قد فعلت، نقل نسخة
اختلفت.
وفي هذا السند علتان إحداهما: أن بين بن أسلم، وأم رافع واسطة
كما سأبينه فهو منقطع.
والثانية: أن عطاف بن خالد مختلف في توثيقه
وتخريجه.
وأما
سائر رواته فهم من رجال الصحيح، وعطاف بفتح العين المهملة، وتشديد الطاء
المهملة أيضا وآخره فاء هو مخزومي مدني قال فيه مالك وهو ممن عاصره لما
بلغه أنه يحدث: ليس هو من أهل الثقات انتهى.
وهذه العبارة يؤخذ منها
أنها يروى حديثه ولا يحتج به لما لا يخفى من الكتابة المذكورة.
وحاصل
نظر أهل النقد فيه أنه يكتب حديثه ولا يحتج بما ينفرد به، وقد خولف في سند
هذا الحديث وفي سياق متنه، أما السند فأخرجه أبو عبد الله بن مندة في كتاب
معرفة الصحابة من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبيد الله
بالتصغير ابن وهب، عن أم رافع فزاد فيه رجلا ولا بد منه، وأما المتن فوقع
في رواية هشام أيضا أن أم رافع قالت: يا رسول الله أخبرني بشىء أفتتح به
صلاتي؟ قال: إذا قمت إلى الصلاة فقولي: الله أكبر عشرا فإنك كلما قلت قال
الله عزوجل: هذا لي، ثم قولي سبحانه الله وبحمده عشرا فإنك إذا قلت قال
الله: هذا لي، واحمدي الله عشرا فإنك إذا قلت قال الله: هذا لي، واستغفري
الله عشرا فإنك إذا قلت ذلك قال الله: قد غفرت لك. فزاد في المتن ألفاظا:
منها مطابقة الجواب لسؤالها، ومنها الترتيب في الكلمات المذكورة، ومنها
زيادة (وبحمده).
وقد وجدناه من رواية راو ثالث وهو بكير بن مسمار،
فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من طريقه عن زيد بن أسلم فوافق عطافا في
حذف الواسطة. واختصر المتن ولفظه أنها قالت: يا رسول الله أخبرني بكلمات
ولا تكثر علي فقال: قولي الله أكبر عشر مرار يقول الله: هذا لي، وقولي:
سبحانه الله عشرا مرار يقول الله: هذا لي، وقولي اللهم اغفر لي يقول: قد
فعلت فتقولين عشر مرار، ويقول قد فعلت. هكذا اقتصر فيه على التكبير
والتسبيح فقط، وأطلق محل القول ويكبر، وكذا هشام بن سعد من رجال مسلم،
والذي يقتضيه النظر ترجيح رواية هشام لما اشتملت عليه روايته من تحرير
سياق في السند والمتن معا.
وقد جاء نحو هذه القصة عن أم سليم الأنصارية
وهي والدة أنس بن مالك أخرجه الترمذي، من رواية عبد الله بن المبارك، عن
عكرمة بن عمار، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، أن
أم سليم غدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله علمني
كلمات أقولهن في صلاتي فقال: كبري الله عشرا، وسبحي عشرا، واحمديه عشرا ثم
سلي الله يقول: نعم نعم.
وأخرجه النسائي من طريق وكيع، عن عكرمة بن
عمار ولفظه (علمني كلمات أدعو بهن في صلاتي، قال: سبحي الله عشرا، واحمديه
عشرا، وكبريه عشرا، ثم سلي حاجتك يقول: نعم نعم).
وأخرجه الحاكم في
صحيحه المستدرك من طريق عبد الله بن المبارك وقال: على شرط مسلم، وقد عين
ابن خزيمة محل هذا الذكر المخصوص في افتتاح الصلاة لكن بغير هذا العدد،
فأخرج في دعاء الافتتاح حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا افتتح الصلاة قال: (الله أكبر كبيرا ثلاث مرات، والحمد لله كثيرا
ثلاث مرات، وسبحانه الله بكرة وأصيلا ثلاث مرات).
قلت: وأخرجه أبو
داود، وابن حبان في صحيحه، ولفظ ابن حبان: أنه رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي صلاة فقال: (الله أكبر كبيرا ثلاثا، الحمد لله ثلاثا،
سبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا، أعوذ بالله) الحديث، وقد جاء نحو ذلك في
هذا المحل من غير تقييد بعدد، وذلك فيما أخرجه مسلم في صحيحه، والنسائي،
والطبراني من طريق عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عمر
قال: بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم:
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (من القائل كلمة كذا وكذا؟ فقال الرجل: أنا،
فقال: لقد رأيت أبواب السماء فتحت لها) وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى
عند أحمد، والطبراني بسند حسن ولفظه نحو حديث ابن عمر لكن في آخره فلما
فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هذا العالي الصوت؟ فقالوا: هو
هذا، فقال: والله لقد رأيت كلامه يصعد في السماء حتى له باب فدخل فيه.
وعن
وائل
بن حجر أخرجه مسدد في مسنده و الطبراني نحو حديث ابن عمر لكن قال في
آخره: (فقال: من صاحب الكلمات؟ قال الرجل: أنا وما أردت إلا خيرا، قال:
لقد رأيت أبواب السماء فتحت لما تناهت دون العرش).
ويؤيد مشروعية هذا
الذكر دعاء الافتتاح حديث عائشة فإنه ورد مقيدا بالعدد الذي ورد في حديث
أم رافع وأم سليم وذلك فيما أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وجعفر
الفريابي من طريق معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، عن عاصم بن حميد قال:
سألت عائشة بما كان يستفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟
قالت: (كان إذا قام من الليل استفتح الصلاة، وكبر عشرا، وسبح عشرا، وحمد
عشرا وقال: اللهم اغفر لي واهدني عشرا، ثم يتعوذ) هذا لفظ جعفر، وفي رواية
بأبي داود (إذا قام كبر عشرا، وحمد عشرا، وهلل واستغفر عشرا وقال: اللهم
اغفر لي واهدني عشرا، ثم يتعوذ) هذا لفظ جعفر، وفي رواية أبي داود (إذا
قام كبر عشرا، وحمد عشرا، وهلل واستغفر عشرا وقال: اللهم اغفر لي، واهدني،
وارزقني، وعافني ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة).
وفي رواية ابن
حبان في صحيحه أن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة فقالت: كان يستفتح إذا قام
من الليل يصلي يكبر عشرا، ثم يسبح عشرا، ثم يحمد عشراِ، ويهلل عشرا،
ويستغفر عشرا) الحديث.
قال أبو داود في تخريجه: رواه خالد بن معدان، عن
ربيعة الجرشي. قلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام
يصلي من الليل، أو بما كان يستفتح فقال: كان يكبر عشرا الحديث وأخرجه أبو
داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة وأوله سألتها ما كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل... الحديث، فهذه الأحاديث
عمد من جعل محل الذكر المذكور عند دعاء الإفتتاح وقبل القراءة، وأما ما
ذهب إليه الترمذي حيث أدخل حديث أنس في قصة أم سليم في باب صلاة التسبيح،
فقد تعقبه شيخنا في شرح الترمذي فقال: فيه نظر فإن المعروف أنه ورد في
الذكر في الدعاء كلاهما من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن حسين بن أبي
سفيان، عن أنس بن مالك قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا تطوعا،
فقال: يا أم سليم إذا صليت المكتوبة فقولي: سبحان الله عشرا، والحمد لله
عشرا، ولا إله إلا الله، والله أكبر عشرا، ثم سلي ما شئت فإنه يقول لك:
نعم، هذا لفظ الطبراني.
وفي رواية أبي يعلى (قولي: سبحان الله عشرا،
والحمد لله عشرا، والله أكبر عشرا فإنه يقول لك: نعم نعم).
وفي
الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أصحاب السنن الأربعة، وصححه ابن
حبان من رواية عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (خلّتان - خصلتان) لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل
الجنة، وهما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح الله أحدكم في دبر كل صلاة
عشرا، ويحمده عشرا، ويكبر عشرا فهن خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في
الميزان)، قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدهن بيديه.
وعن
علي
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة: كلمات
علمنيه جبريل عليه السلام تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا،
وتكبران عشرا، أخرجه أحمد بسند حسن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة
فقراء المهاجرين مع أهل الدثور ففي بعض طرقه عند البخاري فقال: تسبحون
عشرا، وتحمدون عشرا، وتكبرون عشرا بعد كل صلاة، أورده في كتاب الدعوات من
الصحيح، وفي الباب عن أم سليم أخرجه البزار، وعن أم مالك أخرجه الطبراني
وفي كل منهما أن الذكر المذكور يقال عقب الصلاة عشرا عشرا.
الفصل
الثاني
نتيجة فيما يستفاد منه للعمل
وهو المقصود بالسؤال
في
بيان
الراجح في محل الذكر وإنما يصار إلى الترجيح عند تعذر الجمع، والجمع
في هذا ممكن بأن يقال: يشرع هذا الذكر في كل عينه فيه إمام من الأئمة،
ويؤيد ذلك اختلاف الألفاظ الواردة فيه مع الاختلاف في العدد، وكذا اختلاف
الصلاة التي يقال فيها هل يعم جميع الصلوات أو يخص كل صلاة بخصوص. والثاني
أولى في طريق الجمع فيقول يشرع قول (الباقيات الصالحات عشرا عشرا) عند
إرادة الصلاة في الليل، ويضاف إليها سؤال المغفرة ويشرع أيضا في دعاء
الافتتاح، وقد تنزل على حالين فمن يذكرها قبل الدخول في الصلاة قالها
خارجها، ومن أيها استدرجها بين دعاء الافتتاح والقراءة، وهذا ينطبق على
قوله (إذا قمت إلى الصلاة) فإنه يفهم منه ما قبل الدخول على تقدير الإرادة
ففهم منه ما بعد الدخول فيها، ويشرع أيضا عند الفراغ من التشهد والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم فيذكره الذكر المذكور فإذا فرغ منه دعا بما
ورد مأثورا، وما كان له من طلب ثم يسلم وغلى هذا جنح النسائي فإنه ترجم
(باب الذكر بعد التشهد)، وأورد حديث أنس في سؤال أم سليم المذكور، ولعله
أخذه من قوله في الحديث الآخر عن عبد الله بن عمرو وغيره (في دبر كل صلاة)
فإن دبر الشيء حقيقة حيثية مؤخر، ويطلق أيضا على ما يلحقه ولا تخلل
بينهما، فعلى الأول فأليق المواضع به ما بين التشهد والسلام فإنه الجزء
الأخير من الصلاة اتفاقا إن كان المراد بدبر الصلاة الحقيقة، وعلى الثاني
فهو موافق لما ورد به الحديث الآخر عن أبي ذر في الصحيحين في قصة فقراء
المهاجرين، وقولهم: (ذهب أهل الدثور بالأجور) وفيه (يسبحون دبر كل صلاة
ثلاثا وثلاثين) فقد وقع الاتفاق على أن المراد بدبر الصلاة هنا ما بعد
السلام بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (لا تدعن كل صلاة أن تقول:
اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك) فإنهم اختلفوا هل يقال في
الجلوس الأخير قبل السلام، أو يقال بعد السلام كما في حديث أهل الدثور،
فلعل النسائي ممن رجح: (اللهم أعني) قبل السلام، فهذا الذي قلناه طريق
الجمع بين ما وقع فيه الاختلاف في المحل، وأما إذا احتجنا إلى الترجيح
فإنا نقول: يمكن رد الجميع إلى ما بعد السلام من الصلاة ويكون قوله: إذا
قمت إلى الصلاة أي إذا صليت وفرغت فقولي، ويحمل قوله أفتتح به صلاتي أي
دعائي إذا فرغت من الصلاة المكتوبة أو غيرها، ويحمل قوله في الصلاة أي
عقبها ويكون أطلق ذلك مجازا للمجاورة ولا يخفى تكلف ذلك كله فالأولى ما
تقدم.
الفصل الثالث
خاتمة في التنبيه على الراجح منذلكبيان
الراجح في محل الذكر وإنما يصار إلى الترجيح عند تعذر الجمع، والجمع
في هذا ممكن بأن يقال: يشرع هذا الذكر في كل عينه فيه إمام من الأئمة،
ويؤيد ذلك اختلاف الألفاظ الواردة فيه مع الاختلاف في العدد، وكذا اختلاف
الصلاة التي يقال فيها هل يعم جميع الصلوات أو يخص كل صلاة بخصوص. والثاني
أولى في طريق الجمع فيقول يشرع قول (الباقيات الصالحات عشرا عشرا) عند
إرادة الصلاة في الليل، ويضاف إليها سؤال المغفرة ويشرع أيضا في دعاء
الافتتاح، وقد تنزل على حالين فمن يذكرها قبل الدخول في الصلاة قالها
خارجها، ومن أيها استدرجها بين دعاء الافتتاح والقراءة، وهذا ينطبق على
قوله (إذا قمت إلى الصلاة) فإنه يفهم منه ما قبل الدخول على تقدير الإرادة
ففهم منه ما بعد الدخول فيها، ويشرع أيضا عند الفراغ من التشهد والصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم فيذكره الذكر المذكور فإذا فرغ منه دعا بما
ورد مأثورا، وما كان له من طلب ثم يسلم وغلى هذا جنح النسائي فإنه ترجم
(باب الذكر بعد التشهد)، وأورد حديث أنس في سؤال أم سليم المذكور، ولعله
أخذه من قوله في الحديث الآخر عن عبد الله بن عمرو وغيره (في دبر كل صلاة)
فإن دبر الشيء حقيقة حيثية مؤخر، ويطلق أيضا على ما يلحقه ولا تخلل
بينهما، فعلى الأول فأليق المواضع به ما بين التشهد والسلام فإنه الجزء
الأخير من الصلاة اتفاقا إن كان المراد بدبر الصلاة الحقيقة، وعلى الثاني
فهو موافق لما ورد به الحديث الآخر عن أبي ذر في الصحيحين في قصة فقراء
المهاجرين، وقولهم: (ذهب أهل الدثور بالأجور) وفيه (يسبحون دبر كل صلاة
ثلاثا وثلاثين) فقد وقع الاتفاق على أن المراد بدبر الصلاة هنا ما بعد
السلام بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (لا تدعن كل صلاة أن تقول:
اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك) فإنهم اختلفوا هل يقال في
الجلوس الأخير قبل السلام، أو يقال بعد السلام كما في حديث أهل الدثور،
فلعل النسائي ممن رجح: (اللهم أعني) قبل السلام، فهذا الذي قلناه طريق
الجمع بين ما وقع فيه الاختلاف في المحل، وأما إذا احتجنا إلى الترجيح
فإنا نقول: يمكن رد الجميع إلى ما بعد السلام من الصلاة ويكون قوله: إذا
قمت إلى الصلاة أي إذا صليت وفرغت فقولي، ويحمل قوله أفتتح به صلاتي أي
دعائي إذا فرغت من الصلاة المكتوبة أو غيرها، ويحمل قوله في الصلاة أي
عقبها ويكون أطلق ذلك مجازا للمجاورة ولا يخفى تكلف ذلك كله فالأولى ما
تقدم.
الفصل الثالث
تحرر
من الذي ذكرته من طريق الترجيح لأن لا مدخل لذلك في القول قبل الدخول في
الصلاة أصلاً، وتحرر من الذي ذكرته من طريق الجمع أنه يشرع قبل الصلاة،
لكنه مخصوص بصلاة قيام الليل وهو منزل على الحالتين ذكرتهما من حال
المستحضر للذكر المذكور عند إرادة الدخول في صلاة الليل، ومن حال من نسي
ذلك فيستدركه في الإفتتاح، هذا الذي يقتضيه النظر فيما دل عليه اختلاف
ألفاظ هذا الحديث من حمل مطلقها على مقيدها، ورد مجملها إلى مبينها، وأما
تنزيله منزلة للذكر المذكور المشهور في قصة أهل الدثور وإجتماع المصلين
عليه قبل الشروع في الصلاة، كما يجتمعون عليه بعد الفراغ من الصلاة فلا
يحفظ ذلك عن صنع أحد من السلف لا عن الصحابة الأطهار، ولا من التابعين لهم
بإحسان وهم الأئمة الأبرار، ولا من جاء بعدهم من فقهاء الأمصار، ولا
المشايخ المقتدى بهم في الأعصار، فالأولى لمن أراد المواظبة على هذه
الأذكار أن يقولها في نفسه فأفضل الذكر ما يلحق بالسرائر انتهى.
قوله:
روى الإمام الشافعي في الأم بإسناده حديثا مرسلا إلى آخره.
قال
الحافظ: أخرجه في أواخر الاستسقاء عن من لا يتهم، عن عبد العزيز بن عثمان،
عن مكحول وهو مرسل أو معضل لأن جل رواية مكحول عن التابعين، وله شاهد
أخرجه سعيد بن منصور، عن عطاء مثله وهو مقطوع جيد له حكم المرسل، لأن مثله
لا يقال من قبل الرأي.
قوله: وجاء في الباب أحاديث أُخر منها حديث
عائشة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم
وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك) رواه أبو داود، والترمذي
بأسانيد ضعيفة.
قال الحافظ: ليس له عند هؤلاء الثلاثة سوى إسنادين أخرج
أحدهما أبو داود، والآخر عند الآخرين، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من
الطريق الأول وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وقال العراقي في مستخرجه على
المستدرك: رجاله ثقات، وأخرجه من الطريق الثاني شاهدا للأول.
وأخرجه
أيضا ابن خزيمة في صحيحه وله طرق أخرى عند عائشة ضعيفة ساقها البيهقي في
الخلافيات.
قوله: وضعفه أبو داود، والبيهقي وغيرهم.
قال
الحافظ: لم يصرح أبو داود بضعفه، وإنما أشار إلى غرابته فقال بعد تخريجه:
هذا الحديث ليس بالمشهور لم يروه إلا طلق بن غنام، عن عبد السلام.
وأما
الترمذي، والبيهقي فروياه من الطريق الثاني وضعفاه بحارثة بن محمد، وكذا
الدار قطني، ولو وقعت له الطريق الأولى لكان على شرط في الحسن.
قال:
وأما قوله: وغيرهم، فقد يوهم الاتفاق على تضعيفه وليس كذلك، بل هم مختلفون.
قوله:
ورواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقي من رواية أبي
سعيد الخدري وضعفوه.
قال
الحافظ: لم أر عن واحد منهم التصريح بتضعيفه وهو حديث حسن، أما أبو داود
فأخرجه من طريق جعفر بن سليمان، عن علي بن علي، عن أبي المتوكل الناجي، عن
أبي سعيد وقال: هم يقولون عن علي بن علي، عن الحسن الوهم فيه من جعفر.
وأما
الترمذي
فقال: حديث أبي سعيد أشهر شيء في هذا الباب، وبه يقول أكثر أهل
العلم، وقد تكلم بعضهم في سنده كان يحيى بن سعيد يتكلم عليه أصلا كعادته.
وأما
البيهقي
فحاصل كلامه في السنن الكبير، وفي الخلافيات أن حديث علي في وجهت
أرجح من هذا الحديث، لكون حديث علي مخرجا في الصحيح ولكون هذا وإن جاء من
طرق متعددة لكن لا يخلو سندها من مقال، وإن أفاد مجموعها القوة.
وهذا
أيضا حاصل كلام ابن خزيمة في صحيحه واشار إلى أن حديث أبي سعيد أرجح طرقه.
وقال
العقيلي
بعد أن أخرجه من طرق حارثة في ترجمته في الضعفاء: هذا الحديث روي
بأسانيد حسان غير هذا، وقد وثق علي بن علي يحيى بن معين، وأحمد، وأبو حاتم
وسائر رواته رواة الصحيح.
قوله: قال البيهقي وروى الاستفتاح (سبحانك
اللهم وبحمدك) عن ابن مسعود وعن أنس مرفوعا وكلها ضعيفة.
قال
البيهقي بعد ذكر حديث ابن مسعود: رواه ليث عن أبي عبيدة، عن أبيه، عن عبد
الله بن مسعود وليس بالقوي، وروي عن حميد، عن أنس مرفوعا ثم ساقه بسنده ،
ولم أر الكلام الأخير في كلامه.
وقد أخرج حديث ابن مسعود الطبراني في
الدعاء بسندين آخرين إليه، وأخرج رواية حميد عن أنس أبو يعلى والدار قطني.
وأخرجها
الطبراني
من وجه آخر عن حميد ومن وجه ثالث عن أنس، وأخرجه في المعجم
الكبير من حديث واثلة بن الأسقع، ومن حديث الحكم بن عمير، ومن حديث محمد
بن المنكدر وأخرجه البيهقي بسند جيد عن جابر بن عبد الله، وأخرجه الدار
قطني عن عمر موقوفا ومرفوعا، وصححه ابن الجوزي في التحقيق.
قوله:
وروينا في سنن البيهقي عن الحارث عن علي إلى قوله: وهو حديث ضعيف، فإن
الحارث الأعور متفق على ضعفه وكان الشعبي يقول: الحارث كذاب.
قال
البيهقي: ذكره الشافعي عن هشيم بلا رواية لكن قال: عن أبي خليل بدل الحارث،
قال: فيحتمل أن يكون لأبي إسحاق فيه شيخان.
قال
الحافظ: وعلى هذا الاحتمال فيكون صحيحا، ويقوي ذلك أن الرواية الصحيحة
الماضية عن علي بطولها تشمل على ألفاظ هذا الطريق وليس فيه إلا الاختصار
وتأخير وجهت.
قال: وأما قول المصنف أن الحارث متفق على ضعفه فهو متعقب،
فقد وثقه يحيى بن معين في سؤلات الدارمي، وفي تاريخ عباس الدوري وأما ما
نقله عن الشعبي فقد أوضح أحمد بن صالح المصري سبب ذلك.
قال ابن شاهي في
كتاب الثقات: قال أحمد بن صالح: الحارث صاحب علي ثقة، ما أحفظه وما أحسن
ما روى عن علي، قيل له: فما يقول الشعبي فيه؟ قال: لم يكذب في حديثه وإنما
يكذب في روايته. انتهى.
وأبدى الذهبي ذلك احتمالا والمراد بالرأي
المذكور التشيع وبسببه ضعفه الجمهور.
قوله: وفي الصحيحين عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب).
قال
الحافظ: لم أره بهذا اللفظ في الصحيحين ولا في أحدهما، والذي فيهما حديث
عبادة بن الصامت بلفظ (لا صلاة لمن لم يقرا بفاتحة الكتاب).
قوله: (هذا
حديث صحيح رواه أبو داود، والنسائي في سننهما والترمذي في كتاب الشمائل
بأسانيد صحيحة.
قال الحافظ: فيه نظر من وجهين أحدهما: الحكم بالصحة فإن
عاصم بن حميد ليس من رجال الصحيحين وهو صدوق، مقل.
الثاني:
أنه ليس له في هذه الكتب الثلاثة طرق إلا واحدة فمداره عندهم على معاوية
بن صالح، عن عمرو بن قيس عن عاصم بن حميد، عن عوف بن مالك فليس له ثم
أسانيد صحيحة بل ولا دونها، ومعاوية بن صلاح وإن كان من رجال مسلم مختلف
فيه، فغاية ما يوصف به أن يعد ما ينفرد به حسنا، وتعدد الطرق إليه لا
يستلزم مع تفرده تعدد الأسانيد للحديث.
قوله: ولا خلاف أنه لا يأتي
بتكبيرتين في هذا الموضع يقع في نفسي الخلاف للرافعي، وقد قال الشيخ تاج
الدين ابن الفركاح في الإقليد في بعض التعاليق: إنه يكبر تكبيرة يفرغ منها
في الجلوس ثم يبتدىْ أخرى للنهوض، قال: وهذا وجه غريب أنكره الرافعي وقال:
لا خلاف فيه، وقال ولده الشيخ برهان الدين في تعليقه على التنبيه: إن هذا
الوجه متجه قوي وينبغي أن يكون هو الراجح لحديث (كان يكبر في كل خفض ورفع).
قوله:
ولا يستحب أن يقول معه وبركاته إلى آخره.
قال الحافظ ابن حجر: قد وردت
عدة طرق ثبت فيها وبركاته بخلاف بما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة.
قال
الأذرعي
في المتوسط: المختار استحبابها في التسليمتين، فقد قال في شرح
المهذب: إن حديث أبي داود إسناده صحيح، ثبت ذلك أيضا من حديث ابن مسعود
رواه ابن ماجه في سننه، وابن حبان في صحيحه.
قال: والعجب من الشيخ مع
شدة ورعه كيف يصوب تركه مع ثبوت السّنة، وحكمه بصحة إسناد الحديث الأول،
وزيادة الثقة مقبولة عند الفقهاء، وقد استحسنها أيضا (ابن عبد البر) في
الإستذكار وغيره من المتقدمين من أصحابنا، ويؤيده إثباتها في التشهد وفاقا
انتهى.
واختار الشيخ تقي الدين السبكي أيضا استحبابها في التسليمتين وله
في ذلك تأليف.
وقال الكمال الدميري في شرح المنهاج: حديث إثباتها صحيح
فلا يحسن قوله في شرح المهذب أن الصحيح أو الصواب خلافه.
وقال الغزي في
شرح المنهاج: ثبت في رواية أبي داود زيادة وبركاته في التسليمة الأولى
فيتعين العمل بها.
وقال
الشيخ ولي الدين العراقي في شرح سنن أبي داود: وقد ذكر النووي في الخلاصة
أن حديث أبي داود إسناده صحيح والموجود في أصولنا من سنن أبي داود ذكرها
في التسليمة الأولى دون الثانية وعزاه جماعة إليه بذكرها في التسليمتين،
ووردت أيضا من حديث زيد بن أرقم عند الطبراني في الكبير.
قوله: (أيعجز
أحدكم أن يكون كأبي ضمضم).
قال الحافظ: في بعض طرقه أنه كان قبلكم
وزعم ابن عبد البر أنه صحابي وذكره في الاستيعاب.
قوله:
ومن البدع المنكرة ما يفعله كثيرون من جهلة المصلين بالناس بالتراويح من
قراءة سورة الأنعام في الركعة الأخيرة منها في الليلة السابعة معتقدين
أنها مستحبة، زاعمين أنها نزلت جملة واحدة.
قال الحافظ: ورد أنها نزلت
جملة واحدة في عد أحاديث فأخرجه أبو عبيد في فضائله، وابن المنذر،
والطبراني عن ابن عباس بسند حسن، وأخرجه الطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم
في الحيلة بسند ضعيف عن ابن عمر، وأخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود بسند
ضعيف، وأخرجه الدار قطني في الأفراد والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن
أنس بن مالك بسند حسن.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده، والطبراني عن
أسماء بنت يزيد بسند حسن، وأخرجه الحاكم في المستدرك عن جابر وقال: صحيح
على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي فقال: أظن الحديث موضوعا، وليس كما ظن لما
قدمته من شواهده.
وفي الباب غير هذا من الواهيات ضعفا وانقطاعا، وفيما
ذكرته كفاية ودلالة على أن لذلك أصلا. انتهى.
قلت: وقد استوفيت جميع ما
ورد في التفسير المأثور.
قوله: يجوز أن يقال سورة البقرة إلى قوله وقال
بعض أهل السلف يكره ذلك.
قال
الحافظ: مستند هذا القائل ورود النهي عن ذلك في حديث (لا تقولوا سورة
البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، ولكن قولوا السورة التي يذكر
فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها
النساء) أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس.
والجمع بينه وبين حديث
من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة يمكن بأن يكون هذا البيان للجواز وصرف
النهي عن التحريم ولا سيما إذا قلنا بما قال الشيخ: إنه يعمل في الفضائل
بالحديث الضعيف.
قوله: وعن أبي نصر التمار، عن محمد بن النضر قال: قال
آدم عليه السلام: يا رب تشغلني بكسب يدي الخ..
قال ابن الصلاح في مشكل
الوسيط: هذا حديث ضعيف منقطع الإسناد.
وقال
الحافظ: رجال إسناده إلى محمد بن النضر ثقات لكن محمد بن النضر لم يكن
صاحب حديث، ولم يجىء عنه شيء مسند، وقد روى عنه من كلامه جماعة منهم عبد
الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة،
وابو أسامة حماد بن أسامة وقال: كان من أعبد أهل الكوفة، وأبو نصر التمار
راوي هذا الأثر عنه واسمه عبد الملك بن عبد العزيز، ووهم من زعم أنه داود
بن أبي صالح ذاك شيخ قديم مدني، وروى محمد بن النضر هذا عن الأزواعي
حديثين موقوفين بغير سند من الأوزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ويستفاد من هذا معرفة طبقته، وأن شيوخه من أتباع التابعين ولعله بلغه هذا
الأثر عن بعض الإسرائيليات.
قوله: وروينا في سنن أبي داود، والنسائي،
وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة، عن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة).
قال الحافظ: في قوله بالأسانيد
الصحيحة نظر لأنه يوهم أن للحديث في السنن الثلاثة طرقا إلى أوس بن أوس
وليس كذلك، فإن مداره عندهم وعند غيرهم على حسين بن علي الجعفي، تفرد به
عن شيخه وكذا من فوقه عن من فوقه وكأنه قصد بالأسانيد شيوخهم خاصة.
قوله:
وأما
ما قاله بعض أصحابنا وابن زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي
(وارحم محمدا وآل محمد) فهذا بدعة لا أصل لها، وقد بالغ الإمام أبو بكر بن
العربي المالكي في كتاب شرح الترمذي في إنكار ذلك وتخطئة ابن أبي زيد في
ذلك.
هذه مسألة مهمة: وتكلم الناس فيها وأنا أسوق كلامهم فيها ليستفاد،
قال الإمام أبو الخطاب بن دحية في كتاب (التنوير في كلام السراج المنير):
قالوا: إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من أمته انبغى له أن
يصلي عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مرة صلى الله عليه
عشرا)، ولا يجوز أن يتراحم عليه لأنه لم يقل من تراحم علي ولا من دعا لي،
وإن كانت الصلاة بمعنى الرحمة فكأنه خص بهذا اللفظ تعظيما له، قال الله
تعالى: (إِنّ اللَهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلونَ عَلى النَبي يا أَيُها
الَّذَينَ آَمَنَوا صَلّوا عَليهِ وَسَلِموا تَسليماً) ولم يقل إن الله
وملائكته يترحمون على النبي وإن كان المعنى واحد انتهى.
وقال
الرافعي في " الشرح الكبير " قال الصيدلاني: ومن الناس من يزيد وارحم
محمدا وآل محمد كما رحمت على إبراهيم، وربما يقولون كما ترحمت على
إبراهيم، قال: وهذا لم يرد في الخبر وهو غير فصيح فإنه لا يقال رحمت عليه
وإنما يقال رحمته، وإنما الترحم ففيه معنى التكلف والتصنع فلا يحسن إطلاقه
في حق الله تعالى.
ونقل الأذرعي في التوسط مثل ذلك عن القفال،
والروياني، وقال الزركشي في الخادم: قال النووي في شرح مسلم: المختار أنه
لا يذكر الرحمة لأنه عليه الصلاة والسلام علمهم الصلاة بدونها وإن كان
الدعاء والرحمة فلا تفرد بالذكر.
وكذا قال القاضي عياض وغيره، وممن نص
على إطلاق منع الرحمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم على الانفراد الحافظ
أبو عمر ابن عبد البر، وأبو القاسم الأنصاري شارح الإرشاد، والقاضي عياض
في الإكمال، ونقله عن الجمهور.
وقال الحافظ زين الدين أبو الفضل
العراقي في شرح الترمذي: اختلف في جواز ذلك أو مشروعيته فمنع أبو عمر ابن
عبد البر الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وذهب أبو محمد بن أبي زيد من
المالكية إلى استحباب الإتيان في الصلاة عليه بالترحم، وكذلك اختلف أصحاب
الشافعي أيضا في ذلك فحكى الرافعي عن أبي بكر الصيدلاني وذكر ما تقدم،، ثم
قال: وقوله: إنه لم يرد في الخبر ليس بجيد رد لكنه لم يصح، ويجوز أن يقال
في الضعيف ورد وهو ما رواه أحمد في المسند من رواية أبي داود الأعمى، عن
بريدة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟
قال: (قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد،
كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد) وأبو داود الأعمى ابن نفيع ضعيف
جدا، وأقصى منهم بوضع الحديث، وروى التيميى في مسلسلاته، والقاضي عياض في
الشفا من طريق حرب بن الحسن الطحان، عن يحيى بن المساور، عن عمر بن خالد،
عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: عدهن
في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عدهن في يدي جبريل وقال: هكذا
نزلت من عند رب العزة اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وترحم على محمد وعلى آل
محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وتحنن
على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال العراقي: وعمرو ويحيى كل منهما غير ثقة،
وإلإسناد ضعيف جدا عمرو بن خالد الكوفي كذاب وضاع ويحيى بن المساور كذبه
الأزدي أيضا وحرب بن الحسن الطحان أورده الأزدي في الضعفاء قال: وليس
حديثه بذاك.
ثم قال العراقي: وفي إنكار جواز الدعاء له بالرحمة نظر فقد
ثبت في التشهد (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله) ففي هذا الدعاء له
بالرحمة، وقد ثبت في الصحيح في قصة الأعرابي (اللهم ارحمني ومحمدا) ومن
أنكر افتيان بهذا اللفظ في التشهد فليس مدركه في ذلك أن الدعاء به له
ممتنع، فقد قال ابن العربي عقبه: ويجوز أن يترحم عليه في كل وقت، وإنما
مدركه أن هذا باب اتباع وتعبد فيقتصر فيه على المنصوص وتكون الزيادة فيه
بدعة، لأنه إحداث عبادة في محل مخصوص لم يرد بها نص، وابن أبي زيد لم يقل
هذا من عند نفسه من غير دليل ورد يجابه، وإنما قاله اتباعا لأحاديث وردت
فيه وإن كانت لم تصح، فلعل ابن أبي زيد رأى هذا من فضائل الأعمال التي
يتساهل فيها في الحديث الضعيف لاندراجه في العمومات، ويكون صح عنده بعضها.
فقد روى الحاكم في مستدركه وصححه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: (إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم إنك
حميد مجيد) فهذا أصح ما ورد في ذكر الرحمة في التشهد.
وقد قال القاضي
عياض في الشفا: ذهب أبو عمر ابن عبد البر وغيره إلى أنه لا يدعى له
بالرحمة وإنما يدعى له بالصلاة والبركة التي تختص به، ويدعى لغيره بالرحمة
والمغفرة ثم نقل عن أبي بكر القشيري قال: الصلاة من الله تعالى لمن دون
النبي صلى الله عليه وسلم وله تشريف وزيادة مكرمة.
فإذا عرفنا
الخلاف في ذلك فسواء فسرنا الصلاة من الله بالرحمة، أو المغفرة، أو الثناء
عليه عند الملائكة، أو التعظيم، أو الشريف، وزيادة المكرمة لو أتينا عقب
التشهد في الصلاة بأحد هذه الألفاظ لم يتم مقام الصلاة، ولم يسقط بذلك
فرضها ولا حصلت سنتها عند من يراها سنة للتعبد بهذا اللفظ دون غيره من
الألفاظ، وباب العبادات يتلقى من الشارع على حسب ما ورد من غير رواية
بالمعنى، ولا زيادة ولا نقص، وهذا مدرك ابن العربي وغيره في إنكار لفظ
الرحمة في هذا المحل الخاص مع نقل ابن العربي عن علمائهم أن الصلاة من
الله الرحمة، فإن أتى بلفظ الرحمة بدل الصلاة فهذا يمنع اتفاقا عند القائل
به، ولعله أرجح لضعف الأحاديث في ذلك انتهى.
وقال الشيخ بدر الدين بن
الدماميني في كتاب (حسن الاقتصاص فيما يتعلق بالاختصاص) ومن خصائصه صلى
الله عليه وسلم أنه لا يدعى له بالرحمة، وإنما يدعى له بالصلاة والبركة
التي يختص بها، ويدعى لغيره بالرحمة والمغفرة، كذا قال ابن عبد البر وعد
ذلك من خصائصه، قال: وقد رويت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من طرق
متواترة بألفاظ متقاربة، وليس في شيْ منها وارحم محمدا وآل محمد، وإنما
فيها لفظ الصلاة والبركة لا غير، ولا أحب لأحد أن يقول وارحم محمدا،
والصلاة وإن كانت من الله الرحمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم خص بهذا
اللفظ.
قال الدماميني: وقد ذكر ابن أبي زيد في رسالته في الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارحم محمدا وآل محمد، وحجته ما ثبت في
التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فلا معنى لإنكار الدعاء
له بالرحمة بعد تعليمه إيانا الدعاء بها له).
قال الحافظ ابن حجر في
أماليه: قد سبق إلى إنكار ذلك من الفقهاء الشافعية الصيدلاني، وحكاه عنه
الرافعي ولم يتعقبه، ومن المحدثين المالكية أبو عمر ابن عبد البر في
الإستذكار وليس بجيد منهم فإنها وردت من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن
مسعود، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث بريدة، فحديث أبي هريرة وأخرجه
البخاري في الأدب المفرد بسنده عنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قال:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم شهدت
له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له).
وحديث ابن عباس بأخرجه ابو جعفر
الطبري بسند ضعيف عنه قال: قالوا يا رسول الله قد علمتنا السلام عليك فكيف
الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلى على محمد وآل محمد، كما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت
على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد).
وحديث ابن مسعود وبريدة مرا،
وروى أبو بكر بن أبي عاصم بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله
أمرنا الله بالصلاة عليك؟ قال: (قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد،
كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وارحم محمد وآل محمد كما رحمت على
إبراهيم والسلام كما قد علمتم).
وروى ابن ماجه وغيره بسند حسن عن ابن
مسعود قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة فإنكم
لا تدرون لعل ذلك يفرض عليه، قالوا له: فعلمنا قال: قولوا اللهم اجعل
فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين الحديث، ورواه بعضهم عن ابن
مسعود مرفوعا.
وروى أبو القاسم البغوي في فوائده عن ثوير مولى بني هاشم
قال: قلت لابن عمير: كيف الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
اللهم اجعل فذكر نحوه.
فهذه الأحاديث يشهد بعضها بعضا، وأقواها أولها،
ويدل مجموعها على أن للزيادة أصلا، وأما حديث علي عدهن في يدي فاعتقادي
أنه موضوع انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
وأقول: الذي دلت عليه هذه
الأحاديث جواز الدعاء له بالرحمة على سبيل التبعية لذكر الصلاة والسلام
كما في سلام التشهد على وجه الإطناب والحكاية، وأما على وجه الأفراد كأن
يقال: قال النبي رحمه الله فلا شك في منعه وهو خلاف الأدب وخلاف المأمور
به عند ذكره من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا ورد ما يدل عليه
البتة، ورب شيْ يجوز تبعا ولا يجوز استقلالا، ونظيره هنا الصلاة على غير
الأنبياء فإنها تجوز على وجه التبعية لهم، وتمتنع على وجه الاستقلال والله
أعلم.
قوله: والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وتحية
المسجد وغيرها من النوافل.
قال
الحافظ زين الدين العراقي في شرح سنن الترمذي: هكذا أطلق النووي حصولها من
غير تقييد بكونه ينوي بتلك الاستخارة بعدها، وفيه نظر لأنه صلى الله عليه
وسلم إنما أمره بذلك بعد حصول الهم بالأمر، فإذا صلى راتبه أو تحية المسجد
ثم هم بأمر بعد الصلاة أو في أثناء الصلاة فالظاهر أنه لا يحصل بذلك
الإتيان بالصلاة المسنونة عند الاستخارة، وبدا له بعد الصلاة الإتيان
بدعاْ الاستخارة فالظاهر حصول ذلك، وقد يقال إن لم ينو بالركعتين
الاستخارة بعدها تحصل سنتها بذلك، فإن نواهما معا التحية والاستخارة حصلتا
لأن التحية تحصل بشغل التبعية ولو بفريضة، وإن نوى الراتبة سنة الصلاة
وسنة الاستخارة فيحتمل حصولهما، ويحتمل أن لا يحصلا له ما قوى الحاصل عليه
في الإتيان شك من سنة الصلاة أو الاستخارة انتهى.
قوله: ويقرأ في الركعة
الأولى بعد الفاتحة (قُل يا أَيُها الكافِرون) وفي الثانية (قُل هُوَ
اللَهُ أَحد).
قال
العراقي: سبقه إلى ذلك الغزالي في الإحياء ولم أجد في شيء من كتب أحاديث
الاستخارة تعيين ما يقرأ فيهما ولكنه مناسب لأنهما سورنا الإخلاص فيناسب
الإتيان بهما في صلاة المراد منها خلاص الرغبة، وصدق التفويض، وإظهار
العجز بالتبري من العلم والقدرة والحول والقوة، وإن قرأ بعد الفاتحة ما
يناسب الاستخارة فحسن قوله تعالى: (وَرَبّك يَخلُق ما يَشاءُ وَيختار ما
كانَ لَهُم الخِيَرَة) الآية وقوله تعالى: (وَما كانَ لِمؤمِنٍ وَلا
مُؤمِنَةٍ إِذا قَضى اللَهُ وَرَسولُهُ أَمراً أَن تَكونَ لَهُم
الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم) الآية انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: قرأت في
كتاب جمعه الحافظ أبو المحاسن عبد الرزاق العبسي فيما يقرأ في الصلوات أن
الإمام أبو عثمان الصابوني ذكر في أماليه، عن أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين، عن أبيه زين العابدين أنه كان يقرأ في ركعتي الاستخارة بسورة
الرحمن وسورة الحشر، قال الصابوني: وأنا أقرأ فيهما (سَبِح اسمِ رَبِكًَ
الأَعلى) لأن فيها ( وَنُيسِرُكَ لِليُسرى) وفي الثانية (وَاللَيلِ إِذا
يَغشى) لأن فيها (فَسَنُيَسِرُهُ لِليُسرى)، قال العبسي: وحكى شيخنا طريف
بن محمد الجبري عن بعض السلف أنه كان يقرأ في الأولى (وَرَبُكَ يَخلُق ما
يَشاءُ وَيَختار) إلى قوله: (لَه الحُكمُ وَإِليهِ تُرجَعون)، وفي الثانية
(وَما كانَ لِمؤمِنٍ وَلا مُؤمِنةٍ) إلى قوله: (وَكانَ أَمرُ اللَهِ
قَدراً مَقدوراً).
قوله: وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره.
قال
العراقي:
كأنه أخذه من حديث أنس الذي ذكره بعده وهو حديث ضعيف جدا فلا حجة
فيه، وقد خالفه الشيخ عز الدين بن عبد السلام فقال: إنه يفعل بعد
الاستخارة ما أراد، وإنما يقع به الاستخارة فهو الخيرة، وقد يستدل لما
قاله الشيخ عز الدين بما في حديث ابن مسعود عند الطبراني فإنه قال بعد ذكر
دعاء الاستخارة: ثم يعزم أي على ما استخار عليه، وهو حديث ضعيف إلا أن
راويه ضعيف لم يتهم بالوضع فهو أصلح من راوي حديث أنس.
قال: وإذا قلنا
بما ذكره النووي من أنه يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له فلا ينبغي أن
يعتمد على انشراح كان له فيه هوىً قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك
استخارة رأيا، وإلا فلا يكون مستخيرا بل يكون مستخيرا لهواه، ويكون غير
صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى،
فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن هواه ومن اختياره لنفسه، ولذلك
وقع في آخر حديث أبي سعيد بعد دعاء الاستخارة (لا حول ولا قوة إلا بالله)
وهو حديث صحيح فمن لم يكن حاله في الاستخارة ترك هواه واختياره لنفسه لم
يكن مستخيرا لله، بل هو تابع لهواه انتهى.
قوله: إسناده غريب فيه من لا
نعرفهم.
قال
العراقي: هم معروفون لكن فيهم من هو معروف بالضعف الشديد، وهو إبراهيم بن
البراء فقد ذكره في الضعفاء ابن عدي، وابن حبان وغيرهم، وقالوا: إنه كان
يحدّث بالأباطيل عن الثقات، زاد ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح
فيه. قال الحافظ ابن حجر: والراوي عنه في هذا السند عبيد الله بن الموصل
الحميري لم أقف على ترجمة، والراوي عن عبيد الله أبو العباس بن قتيبة اسمه
محمد بن الحسن، وهو ابن أخي بكار بن قتيبة قاضي مصر وكان ثقة أكثر عنه ابن
حبان في صحيحه.
قوله: وروينا في صحيح البخاري عن القاسم بن محمد قال:
قالت عائشة: وارأساه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه)
وذكر الحديث، وهذا الحديث بهذا اللفظ مرسل.
قال الحافظ ابن حجر: يريد
أن القاسم ساق قصة ما أدركها ولا أن عائشة أخبرته بها، لكن اعتمد البخاري
على شهرة القاسم بصحبة عمته وكثرة روايته عنها، وهي التي تولت تربيته بعد
أبيه حتى ماتت، وقد قال ابن عبد البر: العبرة باللقاء والمجالسة وعدم
التدليس لا بالألفاظ يعني في الاتصال.
قوله: وروينا في سنن ابن ماجه،
وكتاب ابن السني بإسناد صحيح أو حسن عن ميمون بن مهران، عن عمر بن الخطاب
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت على مريض فمره فليدع لك
فإن دعاءه كدعاء الملائكة) لكن ميمون لم يدرك عمر.
قال الحافظ ابن حجر:
فلا يكون صحيحا ولو اعتضد لكان حسنا لكن لم نجد له شاهدا يصلح للاعتبار
فقد جاء من حديث أنس ومن حديث أبي أمامة ومن حديث جابر وفي سند كل منهما
من نسب إلى الكذب.
قال: ثم وجدت في سند ميمون عليه خفية تمنع من الحكم
بصحته وحسنه، وذلك أن ابن ماجه أخرجه عن جعفر بن مسافر وهو شيخ وسط، قال
فيه أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: صالح، وقال ابن حبان في الثقات: يخطىء
رواه عن كثير بن هشام، وهو ثقة من رجال مسلم عن جعفر بن برقان بضم الموحدة
وهو من رجال مسلم أيضا، لكنه مختلف فيه، والراجح أنه ضعيف في الزهري خاصة،
وهذا من حديثه عن غير الزهري وهو ميمون بن مهران.
أخرجه ابن السني من
طريق الحسن بن عرفة وهو أقوى من جعفر بن مسافر، عن كثير بن هشام فأدخل بين
كثير وجعفر بن برقان عيسى بن إبراهيم الهاشمي وهو ضعيف جدا نسبوه إلى
الوضع، فهذه علة قادحة تمنع من الحكم بصحته لو كان متصلا، وكذا بحسنه.
قوله:
واختار الإمام الشافعي دعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث وغيرها.
قال
الحافظ ابن حجر: أكثره من غيرها وبعضه موقوف على صحابي أو تابعي وبعضه ما
رأيته منقولا فقوله (اللهم إن هذا عبدك وابن عبدك) وقع في أثر عن إبراهيم
النخعي، عن سعيد بن منصور، وفي حديث يزيد بن ركانة عند الطبراني (اللهم
عبدك وابن أمتك) وفي حديث الحارث عنده (اللهم عبدك فلان).
وقوله: (خرج
من روح الدنيا) إلى قوله (لافيه).
لم أره منقولا وفي أثر عن عمر عند ابن
أبي شيبة (تخلى من الدنيا وتركها لأهلها).
وقوله (كان يشهد) إلى قوله:
(أعلم به).
وقع
في حديث أبي هريرة موقوفا عند مالك، مرفوعا عند أبي يعلى وابن حبان في
صحيحه ووقع في حديث الحارث (لا نعم إلا خيرا وأنت أعلم به).
وقوله:
(اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به).
لم أره منقولا في دعاء الجنازة
بل في القول عند التدلية.
وقوله: (أصبح فقيرا) إلى قوله (عذابه).
وقع
في حديث يزيد بن ركانة نحوه (احتاج إلى رحمتك) والباقي سواء، وفي أثر عمر
(افتقر إليك وأنت مستغن عنه).
وقوله: وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له.
بعضه
في حديث واثلة (المذكور آنفا، وفي حديث أبي هريرة( عند أبي داود، وابن
ماجه.
وقوله: (اللهم إن كان محسنا) إلى قوله (فتجاوز عنه).
وقع في
حديث أبي هريرة مرفوعا وموقوفا، وفي حديث يزيد بن ركانة.
وقوله: (ولقه
برحمتك رضاك).
لم أره منقولا في دعاء الجنازة ولا في القول عند التدلية
أيضا.
وقوله: (وقه فتنة القبر وعذابه).
وقع في حديث عوف بن مالك عند
مسلم.
وقوله: (وافتح له في قبره) إلى قوله: (جنبيه).
لم
أره منقولا بهذا اللفظ وفي أثر مجاهد عند عبد الرزاق (ووسع عن جسده الأرض)
ثم وجدت عن أنس أنه دفن ابنا له فقال: (اللهم جاف الأرض عن جسده وافتح
أبواب السماء لروحه) أخرجه الطبراني وفي مسند الحارث من وجه آخر عن أنس:
(اللهم جاف الأرض عن جنبيه ووسع عليه حفرته).
وقوله: (ولقه برحمتك) إلخ
لم أره منقولا.
قوله: وقصة أبي رغال الذي كان يسرق الحاج بمحجنه.
قال
الحافظ ابن حجر: كذا وقع في عدة نسخ من الأذكار ولم أر في شيء من الروايات
وصف أبي رغال بذلك، ولعلها كانت (والذي) فسقطت واو العطف فأما قصة أبي
رغال وهو بكسر الراء وتخفيف الغين المعجمة وآخره لام فأخرج أحمد عن جابر
قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: (لا تسئلوا الآيات
فقد سألها قوم صالح، فكانت يعين الناقة ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا
الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فأخذتهم صحية، أهمد الله بها من كان تحت
أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في الحرم، فلما خرج منه أصابه ما
أصاب قومه قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: أبو رغال.
وأما قصة الذي
كان يسرق الحاج بمحجنه فأخرجها مسلم من حديث جابر في صلاة الكسوف ولفظه:
(حتى رأيت فيها صاحب المحجن، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن له قال:
إنما تعلق بمحجني، وإذا غفل عنه ذهب به).
قوله: باب إذكار التسبيح الخ.
قال
الأسنوي
في المهمات: اختلف كلام النووي في استحباب صلاة التسبيح وفي صحة
الحديث الوارد فيها، فقال في شرح المهذب: قال القاضي الحسين، وصاحبا
التهذيب، والتتمة، والروياني (يستحب للحديث الوارد فيها) وفي هذا
الاستحباب نظر لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف فينبغي
أن لا يفعل لغير حديث صحيح، وليس حديثها بثابت، وذكر في التحقيق مثله،
فقال: وحديثها ضعيف، وخالف في تهذيب الأسماء واللغات فقال: (وأما صلاة
التسبيح المعروفة فسميت بذلك لكثرة التسبيح فيها بخلاف العادة في غيرها،
وقد جاء فيها حديث حسن في كتاب الترمذي وغيره، وذكرها المحاملي وصاحب
التتمة وغيرهما من اصحابنا وهي سنة حسنة هذا لفظه، وقال ابن الصلاح: إنها
سنة وإن حديثها حسن وله طرق يعضد بعضها بعضا، فيعمل به سيما في العبادات،
انتهى ما في المهمات.
وكما اختلف فيها كلام النووي كذلك اختلف فيها
كلام الحافظ ابن حجر فحسن حديثها في كتاب الخصال المكفرة، و في أماليه
طرفه في تسعة مجالس، وأفردها تصنيفا، وضعفه في تخريج أحاديث الرافعي
والواجب لهذا الاختلاف ما أشار إليه الحافظ الذهبي حيث قال في الموقظة:
الحسن ما قصر سنده قليلا عن رتبة الصحيح، ثم لا تطمع أن للحسن قاعدة تندرج
كل الأحاديث الحسان فيها فإنا على إياس من ذلك، فكم من حديث قد تردد فيه
الحفاظ هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح؟ قيل: الحافظ الواحد يتغير إجتهاده في
الحديث الواحد، فيوما يصفه بالصحة، ويوما يصفه بالحسن، ويوما يستضعفه وهذا
حق فإن الحديث الحسن يستضعفه الحفاظ عن أن يرقيه إلى رتبة الصحيح، فبهذا
الإعتبار فيه ضعف ما، ولو انفك عن ذلك وصح لصح باتفاق.
قوله: وذكر أبو
الفرج ابن الجوزي أحاديث صلاة التسبيح وطرقها، ثم ضعفها كلها وبين ضعفها في
كتابه الموضوعات.
قلت: قد رد الأئمة والحفاظ على ابن الجوزي في ذلك وقد
سقت كلامهم في كتاب المصنوعة.
قال الحافظ ابن حجر في كتاب الخصال
المكفرة: قد أساء ابن الجوزي بذكره إياه في الموضوعات.
وقال
في أماليه: وردت صلاة التسبيح من حديث عبد الله بن عباس وأخيه الفضل
وأبيهما العباس، وعبد الله بن عمر، وأبي رافع، وعلي بن أبي طالب، وأخيه
جعفر، وابنه عبد الله بن جعفر، وأم سلمة، والأنصاري غير مسمى، وقد صححه
ابن خزيمة، والحاكم، وابن مندة، وألف فيه كتابا، والآجري، والخطيب، وأبو
سعيد السمعاني، وأبو موسى المديني، والديلمي، وأبو الحسن بن المفضل، وابن
الصلاح، والمنذري، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات، والسبكي وآخرون
انتهى.
وقال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي: غلط ابن الجوزي بلا شك
في إخراج حديث صلاة التسبيح في الموضوعات، وهو صحيح وليس بضعيف فضلا عن أن
يكون موضوعا، وابن الجوزي يتساهل في الحكم بالوضع انتهى.
رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
وصححه أيضا الحافظ صلاح الدين العلائي، والشيخ سراج الدين البلقيني في
التدريب، وأفردت فيه تأليفا سميته (التصحيح في صلاة التسبيح).
قوله:
هكذا الرواية حتى بالتاء المثناة من فوق.
قال
الحافظ ابن حجر: كأنه يريد الإشارة إلى أنها وردت بلفظ حين بدل المهذب من
حديث أبي أمامة فلم يذكر المصنف في شرحه من خرجه بل قال: حديث غريب غير
ثابت، وهو مخرج في المعجم الكبير للطبراني.
قوله: وأما المأثورة فهي
أفضل من القراءة.
قال الحافظ ابن حجر: المأثور يعني المرفوع والموقوف
على الصحابة والتابعين.
قوله: ومن الدعاء المنقول فيه (اللهم أنا عبدك
وابن عبدك أتيتك بذنوب كثيرة) إلى آخره.
ذكر في شرح المهذب: أن صاحب
الحاوي قال: روي عن جابر مرفوعا.
قال الحافظ ابن حجر: ولم أظفر بسنده
إلى الآن، وقد ذكره إبراهيم بن إسحاق الحربي في المناسك ولم يسق سنده.
قوله:
ومن الدعوات المأثورة (اللهم لك الحمد حمدا يوافي نعمك، ويكافىْ مزيدك)
إلخ.
قال الحافظ ابن حجر: لم أقف له على أصل.
قوله: ومن الدعاء
المأثور فيه (يا رب أتيتك من شقة بعيدة) الخ.
قال
الحافظ ابن حجر: روينا الأثر المذكور في المنتظم لابن الجوزي، وفي منير
العزم له بسند ضعيف، عن مليكة بنت المنكدر أخت محمد بن المنكدر أحد أئمة
التابعين.
قوله: يستحب إذا خرج من مكة متوجها إلى منى أن يقول: (اللهم
إياك أرجو) إلى قوله (ولا تخيبني) إلى قوله (إنك على كل شيء قدير).
قال
الحافظ ابن حجر: لم أره مرفوعا ووجدته في كتاب المناسك للحافظ أبي إسحاق
الحربي لكنه لم ينسبه لغيره.
قوله: (اللهم اغفر لي مغفرة تصلح بها شأني
في الدارين) إلى قوله (لا أزيغ عنها أبدا).
قال الحافظ: لم أقف عليه
مسندا.
قوله: ويستحب (اللهم كما وفقتنا فيه وأريتنا إياه فوقنا لذكرك)
إلخ.
قال الحافظ: لم أره ماثورا.
قوله: وإذا فرغ من الحلق كبر وقال
الحمد لله الذي قضىعنا نسكنا إلخ..
قال الحافظ: لم أقف عليه أيضا.
وقد
ذكر الشيخ في شرح المهذب، عن الماوردي أنه قال: في الحلق أربع سنن منها أن
يكبر عند الفراغ.
قال الشيخ: هذا غريب.
وهذه العبارة يستعملها فيما
لا يجده.
قوله: ثم أتى الملتزم فالتزمه ثم قال: اللهم البيت بيتك...
الخ.
قال البيهقي: هذا الدعاء من كلام الشافعي وهو حسن.
قال
الحافظ: وجدته بمعناه من كلام بعض من روى عنه الشافعي وهو عبد الرزاق،
أخرجه الطبراني في الدعاء عن إسحاق بن إبراهيم عنه، ثم وجدته مرويا عن بعض
مشايخ شيخ الشافعي منقولا عن من قبله، أخرجه أبو نعيم الحربي، عن سليمان
بن داود قال: كنت عند جعفر يعني الصادق فقال له رجل: ماذا كان يدعى به عند
وداع البيت؟ فقال جعفر: لا أدري فقال: عبد الله - يعني الرجل المذكور -
كان - يعني أحدهم - إذا ودع البيت قام بين الباب والحجر ومد يده اليمنى
إلى الباب واليسرى إلى الحجر ثم قال: اللهم إن هذا عبدك فذكره.
قوله:
روينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة).
قال الحافظ: لم يخرجاه
لا عن أبي هريرة ولا عن غيره إلا بلفظ (بيتي) بدل (قبري) وأخرجه البيهقي
بلفظ قبري.
قوله: وروينا في كتاب ابن السني عن جابر بن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: (لا تمنّوا لقاء العدو).
وقال
الحافظ: كذا وقع في النسخة يوم حنين بالمهملة المضمومة والنون وهو تصحيف
قديم، وإنما هو يوم خيبر.
قوله: وروينا في الحديث الذي قدمناه عن كتاب
ابن السني عن أنس قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة... الحديث.
قال
الحافظ: فيه وهم، وذلك أنه من رواية أنس، عن أبي طلحة عند ابن السّني
وغيره، فكأن ذكر أبي طلحة سقط من نسخة الشيه.
قوله:
باب أذكاره عند إرادته الخروج من بيته، يستحب له عند إرادته الخروج أن
يصلي ركعتين لحديث المقطم بن المقدام الصحابي أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: (ما خلف أحد عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد
سفرا) رواه الطبراني.
قال الحافظ في الأمالي: في هذا الموضع مؤخذات
أحدهما قوله: المقطم هكذا بخط المصنف بعد الميم قاف ثم طاء مهملة، وهو سهو
نشأ عن تصحيف وإنما هو المطعم بسكون الطاء وكسر العين المهملتين.
ثانيهما:
قوله:
(الصحابي) وإنما هو الصنعاني بنون ساكنة بعد الصاد ثم عين مهملة وبع
الألف نون نسبة إلى صنعاء دمشق، وقيل صنعاء اليمن كان منها ثم تحول إلى
الشام، وكان في عصر التابعين ولم يثبت له سماع من صحابي بل أرسل عن بعضهم،
وجل روايته ن التابعين كمجاهد، والحسن، وقد جمع الطبراني الموصولة في
ترجمته في مسند الشاميين وقال في أكثرها: المطعم بن المقدام الصنعاني كما
ضبطته.
ثالثها: قوله: (رواه الطبراني) يتبادر منه مع قوله الصحابي أن
المراد المعجم الكبير الذي هو مسند الصحابة وليس هذا الحديث فيه بل هو في
كتاب المناسك للطبراني، وأخرجه ابن عساكر في ترجمة المطعم بن المقدام
الصنعاني من تاريخه الكبير، فذكر حاله ومشايخه والرواة عنه، وتاريخ وفاته،
ومن وثقه، وأثنى عليه وأسند جملة من أحاديث منها هذا الحديث بعينه، وسنده
معضل، أو مرسل إن ثبت له سماع عن صحابي، وقد نبه على ما ذكرنا من التصحيف
وعلق الشيخ المحدث الواعظ زين الدين القرشي الدمشقي فيما قرأته بخطه في
هامش تخريج أحاديث الإحياء لشيخنا العراقي، وأقره على ذلك وبلغني عن
الحافظ زين الدين بن رجب البغدادي نزيل دمشق أنه نبه على ذلك أيضا انتهى.
قال
الحافظ
في الإصابة: المقطم بن المقدام، وهكذا أورده الشيخ محيى الدين
النووي في كتاب الأذكار، ووقفت على ذلك في عدة نسخ حتى في النسخة التي
بخطه مضبوطا بضم الميم وفتح القاف وتشديد الطاء المهملة، وقد تعقبه الحافظ
زين الدين بن رجب الحنبلي فقرأت بخطه ما نصه: هكذا قرأت بخط النووي وقد
وقع له فيه تصحيف عجيب، لأن الذي في المناسك للطبراني عن المطعم بن
المقدام الصنعاني فجعل المطعم المقطم، والصنعاني الصحابي، والمطعم بن
المقدام من اتباع التابعين روى عن مجاهد، وسعيد بن جبير ونحوهما مشهور
أرسل هذا الحديث فهو معضل فقد رواه أبو بكر بن المقدام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: فذكره ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والأمر كما قال
ابن رجب انتهى.
قوله: قال بعض أصحابنا: يستحب أن يقرأ في الأولى منهما
بعد الفاتحة (قُل يا أيُها الكافِرون) الخ.
قال
الحافظ: روى الحاكم في تاريخ نيسابور عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله من أربع ركعات
يصليهن في بيته إذا شد على ثياب سفره، يقرأ في كل واحدة بفاتحة الكتاب،
وقل هو الله أحد الحديث)، قال: وكأن الشيخ ما وقف على هذا الحديث فقاسه
على ركعتي الفجر.
قوله: فقد جاء من قرأ آية الكرسي قبل خروجه من منزلة
لم يصبه شيء يكرهه.
قال الحافظ: لم أجده بهذا اللفظ.
قوله: هكذا هو
في النسخ إذا ركبوا لم يقل السفينة.
قال
الحافظ: أخرجه ابن مردويه في التفسير، وقال فيه: إذا ركب السفينة، وعند
الطبراني في إحدى الروايتين إذا ركبوا السفينة، وفي الأحرى إذا ركبوا
الفلك فكأن الشيخ أراد كتاب ابن السني.
قوله: وأن يقول: اللهم اجعل لنا
بها قرارا ورزقا حسنا.
قال الحافظ: لم يذكر من خرجه، وقد أخرجه النسائي
في الكبير، والطبراني من حديث أبي هريرة.
قوله: قلت: وهذا وإن كان فيه
رواية عن مجهول.
قال
الحافظ فيه تجوز عن الاصطلاح لأن من لم يسم يقال له متهم، والمجهول إذا
أطلق يراد به من سمي ولم يرو عنه إلا واحدا ولم يعرف حاله والله أعلم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى