رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع السيرة النبوية ـ 12 الهجرة إلى المدينة
التأريخ:7/5/1425هـ
الحمد لله الذي جعل الهجرة نجاة للمؤمنين المتقين من الكافرين الظالمين
الحمد لله الذي جعل الهجرة حجة على كل مستضعف فقال جل من قائل: ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً)) [النساء:97] وصلاة والسلام على خير الأنام محمد بن عبدالله الذي هاجر من أحب البقاع إليه وإلى ربه هربا بدينه، فأعزه الله وعوضه أهل خير من أهله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
بعد أن اطمئن الرسول غ من دخول الإيمان إلى قلب الأنصار ورأي عزمهم على نصرته وتأكد من صدقهم على ذلك أمر أصحابه بالهجره فقال: (إن الله قد جعل لكم اخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا اليها أرسالا) وأقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله من المهاجرين من قريش أبو سلمة عبدالله بن عبد الاسد وكانت هجرته اليها قبل بيعة العقبة بسنة، ثم عامر بن ربيعة معه امرأته ليلى بنت أبي حسنة العدوية ثم عبد الله بن جحش احتمل بأهله وبأخيه أبو أحمد عبد ونزلوا في قباء، وتتابعت جحافل المؤمنين تهب من دار الكفر إلى دار الإيمان، وكان ثمة رجل يتحرق قلبه للهجرة فكان يعد العدة ويجهز المتاع ثم يستأذن رسول الله ص فلا يأذن له،ألا وهو صاحبه الصديق".
وكان رسول الله غ يكرر دعاء دائما ((وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً)) [الإسراء:80] أرشده الله وألهمه أن يدعو بهذا الدعاء [و] أن يجعل له مما هو فيه فرجا قريبا ومخرجا عاجلا فاذن له تعالى في الهجرة إلى المدينة النبوية حيث الانصار والاحباب فصارت له دارا وقرارا وأهلها له انصارا.
قال ابن اسحاق:: وأقام رسول الله بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة إلا من حبس أو فتن إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله في الهجرة فيقول له لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا فيطمع أبو بكر أن يكونه، فلما رأت قريش أن رسول الله قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا له في دار الندوة ـ وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها ـ يتشاورون فيما يصنعون في أمر رسول الله حين خافوه وكان اليوم الذي تواعدوا فيه يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس ـ لعنه الله ـ في صورة شيخ جليل على باب الدار،فلما رأوه واقفا على بابها قالوا:من الشيخ؟،قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا،قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش عتبة وشيبة وأبو سفيان وطعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر بن نوفل والنضر بن الحارث وأبو البختري بن هشام وزمعة بن الاسود وحكيم بن حزام وأبو جهل بن هشام ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وأمية بن خلف وغيرهم ممن لا يعد من قريش. فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فاجمعوا فيه رأيا قال فتشاوروا ثم بدأ كل واحد منهم يأتي برأي والشيخ النجدي يقول: لا والله ما هذا لكم برأي حتى قال أبو جهل بن هشام:والله إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد،قالوا:وما هو يا أبا الحكم؟ قال:أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم، فقال الشيخ النجدي:القول ما قال الرجل هذا الرأي ولا رأي غيره. فأتى جبرائيل رسول الله فقال له: (لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه)، وعن عن عائشة أم المؤمنين ل قالت: (أتانا رسول الله في اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبو بكر،قال:ما جاء رسول الله في هذه الساعة إلا لأمر حدث، فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله وليس عند رسول الله أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله: اخرج عني من عندك قال يا رسول الله إنما هما ابنتاي،وما ذاك فداك أبي وأمي؟ فقال رسول الله غ:إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة،فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله،فقال رسول الله: الصحبة.قالت عائشة:فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي.
فلما كانت عتمة من الليل اجتمع الكفار على باب رسول الله يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلي بن أبي طالب":نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه فانه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم،وكان رسول الله ينام في برده ذلك إذا نام، ونام الإمام الهزبر الشجاع علي بن أبي طالب مكان رسول الله ص.
فلما اجتمعوا حول بيت رسول الله في الساعة التي تواعدوا فيها خرج عليهم رسول الله ص فأخذ حفنة من تراب في يده،أخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤسهم وهو يتلو ( يبق منهم رجل الا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون ههنا قالوا محمدا فقال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا الا وقد وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم قال فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فاذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي عن الفراش.
وهذا رسول الله يستمد العون من ربه سبحانه وتعالى وهو يردد: (الحمد لله الذي خلقني ولم أك شيئا اللهم أعني على هول الدنيا وبوائق الدهر ومصائب الليالي والأيام اللهم اصحبني في سفري واخلفني في أهلي وبارك لي فيما رزقتني ولك فذللني وعلى صالح خلقي فقومني واليك رب فحببني وإلى الناس فلا تكلني رب المستضعفين وأنت ربي أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السموات والأرض وكشفت به الظلمات وصلح عليه أمر الأولين والآخرين أن تحل على غضبك وتنزل بي سخطك أعوذ بك من زوال نعمتك وفجأة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك لك العقبى عندي خير ما استطعت لا حول ولا قوة إلا بك)
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله وآله الطيبين وبعد:
إن من تأمل في حركة رسول الله ص في الهجرة علم كيف يكون اتخاذ الأسباب وعدم التواكل وعلم أيضا كيف يكون اعتماد على الله جل وعلا، وصدق القائل:
إن لم يكن عونٌ من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
استأجر أبو بكر عبدالله بن أريقط دليلا يأخذهم من مكة إلى المدينة من غير الطريق الذي يسلكه الناس عادة، ثم أمر ابنته أسماء أن تحمل لهم الطعام، وأمر غلامه عامر بن فهيرة أن يرعى الغنم حولهم ليخفى أثرهم.
وبدأت الرحلة المباركة ولما بلغا آخر بيوت مكة وقف رسول الله ص ينظر إلى مكة بقلب مكلوم وهو يقول: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت)
وسنواصل ذكر الهجرة المباركة في خطب أخرى ونختم ببيان أثر هذه الهجرة على قلوب الصحابة الأخيار فهذا بلال بن رباح"وهو ليس من أهل مكة ولكن نشأ بها يقول متوجعا على فراق مكة:
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلةً بوادِ وحولي إذْخِرٌ وجَليلُ
وهل أرِدَنْ يوماً مياه مجنَّةٍ وهل يبْدونْ لي شامةٌ وطفيلُ
وهذه أماكن حول مكة، فلم يكن أمر الهجرة سهل على نفس رسول الله غ ولا على نفس الصحابة الأخيار ي ولكنه شرع الله الذي استجابوا له فأفلحوا.
وقفات مع السيرة النبوية ـ 12 الهجرة إلى المدينة
التأريخ:7/5/1425هـ
الحمد لله الذي جعل الهجرة نجاة للمؤمنين المتقين من الكافرين الظالمين
الحمد لله الذي جعل الهجرة حجة على كل مستضعف فقال جل من قائل: ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً)) [النساء:97] وصلاة والسلام على خير الأنام محمد بن عبدالله الذي هاجر من أحب البقاع إليه وإلى ربه هربا بدينه، فأعزه الله وعوضه أهل خير من أهله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
بعد أن اطمئن الرسول غ من دخول الإيمان إلى قلب الأنصار ورأي عزمهم على نصرته وتأكد من صدقهم على ذلك أمر أصحابه بالهجره فقال: (إن الله قد جعل لكم اخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا اليها أرسالا) وأقام رسول الله بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله من المهاجرين من قريش أبو سلمة عبدالله بن عبد الاسد وكانت هجرته اليها قبل بيعة العقبة بسنة، ثم عامر بن ربيعة معه امرأته ليلى بنت أبي حسنة العدوية ثم عبد الله بن جحش احتمل بأهله وبأخيه أبو أحمد عبد ونزلوا في قباء، وتتابعت جحافل المؤمنين تهب من دار الكفر إلى دار الإيمان، وكان ثمة رجل يتحرق قلبه للهجرة فكان يعد العدة ويجهز المتاع ثم يستأذن رسول الله ص فلا يأذن له،ألا وهو صاحبه الصديق".
وكان رسول الله غ يكرر دعاء دائما ((وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً)) [الإسراء:80] أرشده الله وألهمه أن يدعو بهذا الدعاء [و] أن يجعل له مما هو فيه فرجا قريبا ومخرجا عاجلا فاذن له تعالى في الهجرة إلى المدينة النبوية حيث الانصار والاحباب فصارت له دارا وقرارا وأهلها له انصارا.
قال ابن اسحاق:: وأقام رسول الله بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة إلا من حبس أو فتن إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله في الهجرة فيقول له لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا فيطمع أبو بكر أن يكونه، فلما رأت قريش أن رسول الله قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا له في دار الندوة ـ وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها ـ يتشاورون فيما يصنعون في أمر رسول الله حين خافوه وكان اليوم الذي تواعدوا فيه يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس ـ لعنه الله ـ في صورة شيخ جليل على باب الدار،فلما رأوه واقفا على بابها قالوا:من الشيخ؟،قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا،قالوا: أجل فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش عتبة وشيبة وأبو سفيان وطعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر بن نوفل والنضر بن الحارث وأبو البختري بن هشام وزمعة بن الاسود وحكيم بن حزام وأبو جهل بن هشام ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وأمية بن خلف وغيرهم ممن لا يعد من قريش. فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم وإننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فاجمعوا فيه رأيا قال فتشاوروا ثم بدأ كل واحد منهم يأتي برأي والشيخ النجدي يقول: لا والله ما هذا لكم برأي حتى قال أبو جهل بن هشام:والله إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد،قالوا:وما هو يا أبا الحكم؟ قال:أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم، فقال الشيخ النجدي:القول ما قال الرجل هذا الرأي ولا رأي غيره. فأتى جبرائيل رسول الله فقال له: (لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه)، وعن عن عائشة أم المؤمنين ل قالت: (أتانا رسول الله في اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبو بكر،قال:ما جاء رسول الله في هذه الساعة إلا لأمر حدث، فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله وليس عند رسول الله أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله: اخرج عني من عندك قال يا رسول الله إنما هما ابنتاي،وما ذاك فداك أبي وأمي؟ فقال رسول الله غ:إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة،فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله،فقال رسول الله: الصحبة.قالت عائشة:فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي.
فلما كانت عتمة من الليل اجتمع الكفار على باب رسول الله يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلي بن أبي طالب":نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه فانه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم،وكان رسول الله ينام في برده ذلك إذا نام، ونام الإمام الهزبر الشجاع علي بن أبي طالب مكان رسول الله ص.
فلما اجتمعوا حول بيت رسول الله في الساعة التي تواعدوا فيها خرج عليهم رسول الله ص فأخذ حفنة من تراب في يده،أخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤسهم وهو يتلو ( يبق منهم رجل الا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون ههنا قالوا محمدا فقال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا الا وقد وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم قال فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فاذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي عن الفراش.
وهذا رسول الله يستمد العون من ربه سبحانه وتعالى وهو يردد: (الحمد لله الذي خلقني ولم أك شيئا اللهم أعني على هول الدنيا وبوائق الدهر ومصائب الليالي والأيام اللهم اصحبني في سفري واخلفني في أهلي وبارك لي فيما رزقتني ولك فذللني وعلى صالح خلقي فقومني واليك رب فحببني وإلى الناس فلا تكلني رب المستضعفين وأنت ربي أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السموات والأرض وكشفت به الظلمات وصلح عليه أمر الأولين والآخرين أن تحل على غضبك وتنزل بي سخطك أعوذ بك من زوال نعمتك وفجأة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك لك العقبى عندي خير ما استطعت لا حول ولا قوة إلا بك)
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله وآله الطيبين وبعد:
إن من تأمل في حركة رسول الله ص في الهجرة علم كيف يكون اتخاذ الأسباب وعدم التواكل وعلم أيضا كيف يكون اعتماد على الله جل وعلا، وصدق القائل:
إن لم يكن عونٌ من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
استأجر أبو بكر عبدالله بن أريقط دليلا يأخذهم من مكة إلى المدينة من غير الطريق الذي يسلكه الناس عادة، ثم أمر ابنته أسماء أن تحمل لهم الطعام، وأمر غلامه عامر بن فهيرة أن يرعى الغنم حولهم ليخفى أثرهم.
وبدأت الرحلة المباركة ولما بلغا آخر بيوت مكة وقف رسول الله ص ينظر إلى مكة بقلب مكلوم وهو يقول: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت)
وسنواصل ذكر الهجرة المباركة في خطب أخرى ونختم ببيان أثر هذه الهجرة على قلوب الصحابة الأخيار فهذا بلال بن رباح"وهو ليس من أهل مكة ولكن نشأ بها يقول متوجعا على فراق مكة:
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلةً بوادِ وحولي إذْخِرٌ وجَليلُ
وهل أرِدَنْ يوماً مياه مجنَّةٍ وهل يبْدونْ لي شامةٌ وطفيلُ
وهذه أماكن حول مكة، فلم يكن أمر الهجرة سهل على نفس رسول الله غ ولا على نفس الصحابة الأخيار ي ولكنه شرع الله الذي استجابوا له فأفلحوا.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى