رضا السويسى
الادارة
لبيك يا الله
الرسائل
النقاط
البلد
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات مع السيرة النبوية - 20ـ الجهاد
التأريخ:27/11/1426هـ
المكان: جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
بقي النبي ع بعد دخوله فترة ليرسي قواعد الآمن في المدينة النبوية واختلف في مقدار تلك الفترة فقال الواقدي: ستة أشهر() وقال ابن هشام:عشرة أشهر()،وبعد ذلك بدأ في التخطيط للجهاد في سبيل الله،حيث أن في الجهاد اظهار للدين ونشر للإسلام كما قال الشاعر: دعا المصطفى دهرا بمكة لم يجب*وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلتا بكفه له أسلموا واستلسوا وأنابوا
فإن النفوس جبلت على الإعجاب بالقوي،وفي صحيح البخاري: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل).
عباد الله:
من خلال تنقلنا في السيرة النبوية سنقف في هذه الخطبة مع شبهة كثيرا ما تثار وقد يرددها بعض أهل الفضل،والشبهة هي: أن الجهاد شرع للدفاع عن الدولة الإسلامية ممن يغزوها فقط،بل لقد تسامع الناس بمن يفتي بتحريم حتى قتال الدفع!!
وهذا من أعجب العجائب.
عباد الله:
لقد مر الجهاد بمراحل أربعة و هي:()
الأولى: مرحلة الكف قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً...﴾ [النساء:77] قال الإمام ابن كثير /: ان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة، وإن لم تكن ذات النصب، وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين، وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة منها: قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم، ومنها: كونهم كانوا في بلدهم، وهو بلد حرام، أشرف بقاع الأرض()
الثانية: مرحلة صد العدوان وفيها نزل قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج:39] قال الشيخ الشنقيطي /: (وهذه الآية هي أول اية نزلت في الجهاد كما قال به جماعات من العلماء، وليس فيها من أحكام الجهاد إلا مجرد الإذن لهم فيه... وقد قالت جماعة من أهل العلم: إن الله تبارك وتعالى لعظم حكمته في التشريع، إذا أراد أن يشرع أمرا شاقا على النفوس كان تشريعه على سبيل التدريج، لأن إلزامه بغتة في وقت واحد من غير تدريج فيه مشقة عظيمة، على الذين كلفوا به قالوا فمن ذلك الجهاد، فإنه أمر شاق على النفوس لما فيه من تعريضها لأسباب الموت..)()
الثالثة:مرحلة مقاتلة من يقاتل المسلمين فقط: وفيها أنزل الله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة:190] قال ابن كثير /: أي كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم لتكون همتكم منبعثة على قتالهم، كما همتهم منبعثة على قتالكم، وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها قصاصاً، ولا تعتدوا في ذلك ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي، كما قاله الحسن البصري: من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ، الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم، والرهبان وأصحاب الصوامع، وتحريق الأشجار، وقتل الحيوان لغير مصلحة، كما قال ذلك ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومقاتل بن حيان وغيرهم)() وإن كان الله تعالى حرم الاعتداء على الكفار فكيف بالاعتداء على المسلمين بأعذار باردة سخيفة؟!! وأي عذر لمن يفجر بأطفال المسلمين ونساء المسلمين بدعوى الجهاد؟؟
المرحلة الرابعة: وهي آخر المراحل في تشريع الجهاد ألا وهي إيجاب قتال جميع الكفار وفيه نزل قوله تعالى: ((فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)) [التوبة:5] وهذه الآية يسميها العلماء آية السيف.
، و قد أخرج البخاري عن سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ع يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الأحْزَابَ عَنْهُ:"الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ".
قال ابن القيم /:. ولما نزلت سورة ((براءة)) نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها، فأمره فيها أن يُقاتِلَ عدوَّه مِن أهل الكتاب حتى يُعطوا الجزيَةَ، أو يدخلوا فى الإسلام، وأمره فيها بجِهَادِ الكُفَّارِ والمنافقين والغِلظة عليهم، فجاهد الكفار بالسيفِ والسنانِ، والمنافقين بالحُجَّةِ واللِّسان.
وقد اختلف أهل العلم هل نسخت المراحل السابقة أم أن مرجع الأمر لمصلحة الأمة الإسلامية،والراجح أن الأمر يرجع لمصلحة المسلمين.()
عباد الله:
من منطق الحديث عن الجهاد الحق ألا وهو جهاد الكافرين نعرج للحديث عما يحدث في البلاد الإسلامية من تفجير الأطفال والنساء و تعمد قتل رجال الشرطة بدعوى الجهاد في سبيل الله،وقد سبق الحديث عن هذا عدة مرات وأنه ليس من الجهاد في سبيل الله بل هو من الصد عن سبيل الله، ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ..﴾ [فاطر:8]
ثم أنني أذكر نفسي أولا وكل مسلم بوجوب التوبة والإنابة لله تعالى لأن هذا الأعمال الإجرامية هي عقوبة إلهية تستوجب التوبة ﴿فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:43].
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام.. وبعد:
عبادالله:
إنكم مقدمون على أيام عظيمة أقسم الله تعالى بها حيث قال: ((وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ))، و الراجح من كلام أهل العلم رحمهم الله أن العشرة هنا هي العشر من ذي الحجة() وقَالَ رَسُولُ اللَّه ع: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ()"
يدل هذا الحديث على أن العشر من ذي الحجة هي أفضل الأيام مطلقاً، و أن الله تعالى يضاعف فيها الأعمال، فكل عمل يضاعف فيها، و قد صح عن أم المؤمنين حفصة ل أن النبي - ع كان لا يدع صيام تسع من ذي الحجة(). و قد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصموها. قال الإمام ابن رجب - رحمه الله -: (و الصيام فيها قول كثير من العلماء).
حافظوا على الأعمال في أيام العشر و أكثروا من أعمال الخير و البر من إفشاء السلام و صلة الأرحام و الدعاء، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كثرة النوافل و ستحب الإمام الشافعي - رحمه الله - قيام أيام العشر() ويشرع فيها التكبير المطلق في الصباح و في المساء قبل الصلوات و بعدها سواء في المدارس أو الوظائف أو الشوارع().
وقفات مع السيرة النبوية - 20ـ الجهاد
التأريخ:27/11/1426هـ
المكان: جامع أبي بكر الصديق بالقطيف
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء:1] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70 و71]. أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد ص وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
بقي النبي ع بعد دخوله فترة ليرسي قواعد الآمن في المدينة النبوية واختلف في مقدار تلك الفترة فقال الواقدي: ستة أشهر() وقال ابن هشام:عشرة أشهر()،وبعد ذلك بدأ في التخطيط للجهاد في سبيل الله،حيث أن في الجهاد اظهار للدين ونشر للإسلام كما قال الشاعر: دعا المصطفى دهرا بمكة لم يجب*وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلتا بكفه له أسلموا واستلسوا وأنابوا
فإن النفوس جبلت على الإعجاب بالقوي،وفي صحيح البخاري: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل).
عباد الله:
من خلال تنقلنا في السيرة النبوية سنقف في هذه الخطبة مع شبهة كثيرا ما تثار وقد يرددها بعض أهل الفضل،والشبهة هي: أن الجهاد شرع للدفاع عن الدولة الإسلامية ممن يغزوها فقط،بل لقد تسامع الناس بمن يفتي بتحريم حتى قتال الدفع!!
وهذا من أعجب العجائب.
عباد الله:
لقد مر الجهاد بمراحل أربعة و هي:()
الأولى: مرحلة الكف قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً...﴾ [النساء:77] قال الإمام ابن كثير /: ان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة، وإن لم تكن ذات النصب، وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين، وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة منها: قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم، ومنها: كونهم كانوا في بلدهم، وهو بلد حرام، أشرف بقاع الأرض()
الثانية: مرحلة صد العدوان وفيها نزل قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج:39] قال الشيخ الشنقيطي /: (وهذه الآية هي أول اية نزلت في الجهاد كما قال به جماعات من العلماء، وليس فيها من أحكام الجهاد إلا مجرد الإذن لهم فيه... وقد قالت جماعة من أهل العلم: إن الله تبارك وتعالى لعظم حكمته في التشريع، إذا أراد أن يشرع أمرا شاقا على النفوس كان تشريعه على سبيل التدريج، لأن إلزامه بغتة في وقت واحد من غير تدريج فيه مشقة عظيمة، على الذين كلفوا به قالوا فمن ذلك الجهاد، فإنه أمر شاق على النفوس لما فيه من تعريضها لأسباب الموت..)()
الثالثة:مرحلة مقاتلة من يقاتل المسلمين فقط: وفيها أنزل الله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة:190] قال ابن كثير /: أي كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم لتكون همتكم منبعثة على قتالهم، كما همتهم منبعثة على قتالكم، وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها قصاصاً، ولا تعتدوا في ذلك ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي، كما قاله الحسن البصري: من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ، الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم، والرهبان وأصحاب الصوامع، وتحريق الأشجار، وقتل الحيوان لغير مصلحة، كما قال ذلك ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومقاتل بن حيان وغيرهم)() وإن كان الله تعالى حرم الاعتداء على الكفار فكيف بالاعتداء على المسلمين بأعذار باردة سخيفة؟!! وأي عذر لمن يفجر بأطفال المسلمين ونساء المسلمين بدعوى الجهاد؟؟
المرحلة الرابعة: وهي آخر المراحل في تشريع الجهاد ألا وهي إيجاب قتال جميع الكفار وفيه نزل قوله تعالى: ((فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)) [التوبة:5] وهذه الآية يسميها العلماء آية السيف.
، و قد أخرج البخاري عن سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ع يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الأحْزَابَ عَنْهُ:"الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ".
قال ابن القيم /:. ولما نزلت سورة ((براءة)) نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها، فأمره فيها أن يُقاتِلَ عدوَّه مِن أهل الكتاب حتى يُعطوا الجزيَةَ، أو يدخلوا فى الإسلام، وأمره فيها بجِهَادِ الكُفَّارِ والمنافقين والغِلظة عليهم، فجاهد الكفار بالسيفِ والسنانِ، والمنافقين بالحُجَّةِ واللِّسان.
وقد اختلف أهل العلم هل نسخت المراحل السابقة أم أن مرجع الأمر لمصلحة الأمة الإسلامية،والراجح أن الأمر يرجع لمصلحة المسلمين.()
عباد الله:
من منطق الحديث عن الجهاد الحق ألا وهو جهاد الكافرين نعرج للحديث عما يحدث في البلاد الإسلامية من تفجير الأطفال والنساء و تعمد قتل رجال الشرطة بدعوى الجهاد في سبيل الله،وقد سبق الحديث عن هذا عدة مرات وأنه ليس من الجهاد في سبيل الله بل هو من الصد عن سبيل الله، ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ..﴾ [فاطر:8]
ثم أنني أذكر نفسي أولا وكل مسلم بوجوب التوبة والإنابة لله تعالى لأن هذا الأعمال الإجرامية هي عقوبة إلهية تستوجب التوبة ﴿فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:43].
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام.. وبعد:
عبادالله:
إنكم مقدمون على أيام عظيمة أقسم الله تعالى بها حيث قال: ((وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ))، و الراجح من كلام أهل العلم رحمهم الله أن العشرة هنا هي العشر من ذي الحجة() وقَالَ رَسُولُ اللَّه ع: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ()"
يدل هذا الحديث على أن العشر من ذي الحجة هي أفضل الأيام مطلقاً، و أن الله تعالى يضاعف فيها الأعمال، فكل عمل يضاعف فيها، و قد صح عن أم المؤمنين حفصة ل أن النبي - ع كان لا يدع صيام تسع من ذي الحجة(). و قد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يصموها. قال الإمام ابن رجب - رحمه الله -: (و الصيام فيها قول كثير من العلماء).
حافظوا على الأعمال في أيام العشر و أكثروا من أعمال الخير و البر من إفشاء السلام و صلة الأرحام و الدعاء، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و كثرة النوافل و ستحب الإمام الشافعي - رحمه الله - قيام أيام العشر() ويشرع فيها التكبير المطلق في الصباح و في المساء قبل الصلوات و بعدها سواء في المدارس أو الوظائف أو الشوارع().
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى